مستند الشیعه فی احکام الشریعه جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مستند الشیعه فی احکام الشریعه - جلد 3

احمد بن محمد مهدی النراقی؛ تحقیق: مؤسسة آل البیت (ع) لاحیاء التراث

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



البحث الخامس: في دفنه و ما يتبعه


و الكلام اما فيما يتعلق بما قبل الدفن، او المدفن، او الدفن، او بما بعده.

فهاهنا اربعة مقامات:

المقام الاول: فيما يتعلق بما قبل الدفن


و هي امور:

الاول: حمل الجنازة.و هو واجب كفاية مع توقف الدفن الواجب عليه، و بدونه
مستحب اجماعا.و فضله كثير و ليس فيه دناءة و لا سقوط مروة، فقد حمل النبي جنازة
سعد بن معاذ (1) ، و لم يزل كذلك اكابر الصحابة و التابعين و من لحقهم من سلفنا
الصالحين.

و يستحب ان يجعل له النعش و ان كان رجلا، على الاشهر، لعمل المسلمين في عصر
الحجج الى الآن.

و ان يحملها الرجال و ان جاز الحمل على الدواب، لعمل الناس في الاول، و الاصل في
الثاني، و المروي في الدعائم فيهما: «رخص في حمل الجنازة على الدابة اذا لم يوجد
من يحملها او من عذر، فاما السنة ان يحملها الرجال » (2) الخبر.

و ان يقول الحامل ما رواه عمار، و هو: «بسم الله (3) صل على محمد و آل محمد، اللهم
اغفر للمؤمنين و المؤمنات » (4) .

و المشاهد لها ما رواه عنبسة، و هو: «الله اكبر هذا ما وعدنا الله و رسوله و صدق
الله و رسوله، اللهم زدنا ايمانا و تسليما، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة و قهر
عباده بالموت » (5) .

و ما رواه الثمالي و النهدي، و هو: «الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم » (6) .

و ان يسرع بها، ذكره في المنتهى ناسبا له الى العلماء (7) ، مؤذنا بدعوى الاجماع،
للمستفيضة المصرحة بتعجيلهم الى مضاجعهم (8) .

و فسره في الكتاب المذكور بالمشي المعتاد، لكراهة الزائد عنه بالاجماع كما عن
الشيخ (9) ، للعامي: عن المشي بالجنازة، قال: «ما دون الخبب » (10) و المروي في مجالس
ابن الشيخ: «عليكم بالقصد في المشي بجنائزكم » (11) .

و عن الجعفي افضلية العدو (12) ، و عن الاسكافي الخبب (13) .و هما ضعيفان، لما مر.

و يكره قول الحامل بل غيره ايضا: ارفقوا به و ترحموا عليه، للرضوي (14) .

و الامر بايقاف الجنازة، ذكره في المنتهى (15) ، لمخالفته الامر بالتعجيل.

و حمل ميتين على سرير، على الاظهر الاشهر، وفاقا للمحكي عن الوسيلة و التذكرة و
المختلف و المنتهى و نهاية الاحكام و المعتبر (16) ، للرضوي: «و لا تجعل ميتين على
جنازة واحدة » (17) .و في مكاتبة الصفار: «لا يحمل الرجل و المراة على سرير واحد» (18) .

خلافا للمحكي عن النهاية و السرائر (19) و الوسيلة (20) و القواعد (21) ، و محتمل كلام
الجعفي (22) و المهذب و الجامع (23) ، فحرموه، لما ذكره، و لانه بدعة.

و يجاب عن الاول: بعدم الدلالة على الحرمة، مع ضعف الرضوي الخالي عن الجابر، و
اخصية المكاتبة عن المدعى.

و عن الثاني: بانها مع قصد الشرعية.

و القيام لجنازة الا مع ارادة حملها و تشييعها، اجماعا كما في اللوامع،
لصحيحة زرارة (24) و خبر الحناط (25) .

و اصرح منهما المروي في الدعائم: «انه نظر الى قوم مرت بهم جنازة، فقاموا قياما
باقدامهم، فاشار اليهم ان اجلسوا» (26) و فيه عن الحسن بن علي صلوات الله
عليهما: «انه مشى مع جنازة فمر على قوم، فذهبوا ليقوموا، فنهاهم » (27) .

و اتباعها بالنار بالاجماع، و في المنتهى: انه قول كل من يحفظ عنه العلم (28) ، و هو
الدليل له، لا النهي عن اتباع المجمرة في المعتبرة (29) ، لاخصيته عن المطلوب.

و لا كراهة في اتباع المصابيح اذا كان ذلك في الليل، لمرسلة الفقيه و رواية العلل
المصرحتين باتباعها جنازة البتول عليها السلام (30) .

و رفع الصوت عند الجنازة، ذكره في المنتهى و قال: ان به رواية عامية (31) .

و لا باس به في مقام المسامحة.

الثاني: تربيعها بمعنيين مستحبين اجماعا.

احدهما: حملها باربعة رجال من جوانبها الاربعة، لانه ادخل في توقير الميت و
اسهل من الحمل بين العمودين كما استحبه بعض العامة، و تحتمله رواية جابر:

«السنة ان يحمل السرير من جوانبه الاربعة، و ما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع » (32) .

و ثانيهما: التناوب اي دوران الحامل في الجوانب الاربعة، و حمل الواحد كلا
من جوانبها، للاخبار المتضافرة:

منها صحيحة جابر: «من حمل جنازة من اربع جوانبها غفر الله له اربعين كبيرة » (33) .

و مرسلة الفقيه: «من حمل اخاه الميت بجوانب السرير الاربعة محا الله عنه اربعين
كبيرة من الكبائر (34) و مرسلة سليمان: «من اخذ بقائمة السرير غفر الله له خمسا و
عشرين كبيرة، فاذا ربع خرج من الذنوب » (35) و غير ذلك.

و يحصل التربيع المستحب بهذا المعنى باي نحو فعله، لمكاتبة ابن سعيد:

عن سرير الميت اله جانب يبدا به في الحمل من جوانبه الاربعة او يحمل الرجل
من ايها شاء؟ فكتب: «من ايها شاء» (36) .

و لا خلاف في ذلك، كما لا خلاف في ان الافضل فيه ان يبدا بمقدم السرير، ثم بما
يليه من مؤخره، و يدور عليه دوران الرحى اي لا يرجع حتى يتم الدور فيختمه بالمقدم
الآخر، و تضافرت بذلك الروايات ايضا كما تاتي.

و انما الخلاف في موضعين:

احدهما: فيما يبتدا به من طرفي المقدم.و الاظهر ان يبتدا الطرف الذي يقابل
يسار المشيع في الخلف و عليه اليد اليمنى للميت، و هو ظاهر المحكي عن الخلاف و صريح
المنتهى و الدروس و البحار و الكفاية و الاردبيلي (37) ، و الهندي ناسبا
له-كسابقه-الى المشهور (38) ، بل عن صريح الاول و في ظاهر الثاني الاجماع عليه.

لموثقة فضل بن يونس و فيها: «و ان لم يكن يتقي فيه فان تربيع الجنازة ان يبدا
باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم بالرجل اليسرى ثم باليد اليسرى حتى يدور
حولها» (39) .

و دلالتها على هذه الكيفية ظاهرة غاية الظهور، فان المراد باليمنى ليس يد الحامل
بقرينة الرجل، فليس الا يد الميت، و لا تطلق اليد على الجنازة، و صحته مجازا-لو
سلمت-لا تفيد.و الاستدلال بها للكيفية الآتية-كما في شرح القواعد (40) -غريب.

و رواية ابن يقطين: «السنة في حمل الجنازة ان تستقبل جانب السرير بشقك الايمن،
فتلزم الايسر بكتفك الايمن، ثم تمر عليه الى الجانب الآخر و تدور خلفه الى
الجانب الثالث من السرير، ثم تمر عليه الى الجانب الرابع مما يلي يسارك » (41) .

فان الظاهر من الايسر ايسر السرير بقرينة قوله: «جانب السرير» و لانه
الملتزم للكتف.و جانب ايسر السرير، و ان احتمل بان يكون ما عليه يسار الميت،
الا ان الظاهر منه المقابل ليسار المشيع في الخلف.و يؤكده الحمل بالكتف الايمن،
اذ حمل الطرف الآخر باليمين غير منفك عن مشقة تامة في الدخول تحت الجنازة و عن
مزاحمة مقابل له فيه، بل لا يتيسر غالبا كما لا يخفى.

و اصرح منه قوله: «مما يلي يسارك » اذ المرور مما يلي يسار الحامل الى الجانب
الرابع لا يكون الا بالختم بيسار الميت.

و ايضا: ليس الجانب الرابع مما يلي يسار الحامل الا على حمل الرابع على يمين
السرير الذي عليه يسار الميت.

و كون الآخر مقابلا ليسار المشيع لا يفيد، لانه ما يقابله لا مما يليه.

و المروي في الدعائم عنه عليه السلام: «كان يستحب لمن بدا له ان يعين في حمل
الجنازة ان يبدا بياسرة السرير، فياخذها ممن هي في يديه بيمينه، ثم يدور
بالجوانب الاربعة » (42) .

خلافا لصريح روض الجنان (43) و ظاهر جمع آخر (44) ، فقالوا: يبدا بمقدم السرير
الايمن و هو الذي يلي يسار الميت، لرواية العلاء: «يبدا في حمل السرير من جانبه (45)
الايمن، ثم يمر عليه من خلفه الى الجانب الآخر، ثم يمر عليه حتى يرجع الى
المقدم، كذلك دور الرحى عليه » (46) .

و المروي في مستطرفات السرائر: السنة ان تستقبل الجنازة من جانبها
الايمن و هو مما يلي يسارك، ثم تسير الى مؤخره و تدور عليه حتى ترجع الى مقدمه » (47) .

و الرضوي: «فاذا اردت ان تربعها فابدا بالشق الايمن فخذه بيمينك، ثم تدور
الى المؤخر فتاخذه بيمينك، ثم تدور الى المؤخر الثاني فتاخذه بيسارك، ثم تدور
الى المقدم الايسر فتاخذه بيسارك، ثم تدور على الجنازة كدور كفي الرحي » (48) .

و يجاب عن الاول: بجواز رجوع المجرور في «جانبه » الى الميت او الى الحامل
البادي، لجواز كون الصيغ للغيبية، فلا يدل على ما ذكروه.بل و كذلك لو ارجع الى
السرير، اذ ليس للسرير نفسه يمين و يسار، فاعتبارهما فيه اما باعتبار
المشيع خلفه، او توهمه شخصا ماشيا، او باعتبار المستقبل اياه كما هو الاكثر
في اطلاق اليمين و اليسار في غير الحيوانات، او بمجاورة يدي الميت، او توهمه
شخصا مستلقيا على قفاه ماشيا كالميت.و على الاولين و ان ثبت ما ذكروه من
الرواية، و لكن على الثلاثة الاخيرة يثبت فيها خلافه.و ان لم يكن الاخير اظهر
فلا اقل من التساوي المسقط للاستدلال.

و اما التشبيه بدور الرحى فالغرض منه مجرد الدوران و عدم الرجوع في الاثناء
و ذكره علماؤهم في كتبهم (50) ، لا
الدور من اليمين الى اليسار.و مع انه ايضا لا يختص بذلك، لاختلاف يمين الميت
و الحامل.

و مما ذكر يظهر الجواب عن الباقين.

مضافا في الثاني الى ان تفسير جانبها الايمن بقوله: «مما يلي يسارك » يؤكد
ارادة ما ذكرنا، لان ما يلي يساره في بدء الامر المتصل بحالة التشييع، هو جانب
يمين الميت.

و في الثالث الى ان الامر باخذ اليمين باليمين يبين ما بيناه، لما تقدم
من صعوبة حمل يمين السرير الذي هو يسار الميت، بل عدم تيسره في الاغلب، و لذلك
جعله بعضهم (51) دليلا للاول.

بل يظهر الوهن العظيم فيما ادعي من الشهرة على القول الاخير (52) ، اذ ليس في
كلامهم غالبا الا مقدمة السرير اليمنى، و هي لما عليه يمين الميت محتملة، و لذا
ترى المنتهى بعد ما عبر بذلك فسره بيمين الميت (53) .

و قال بعض شراح القواعد في بيان قوله: و الافضل البداة بمقدم السرير الايمن: و
هو الذي يلي يمين الميت (54) .

و لذا صرح جمع من المتاخرين (55) بموافقة الشيخ في المبسوط و النهاية (56) مع القول
الاول.

التصريح باتحاد قولي الشيخ فيهما و في الخلاف (58) ، و يؤكده دعواه
الاجماع عليهما.

و منه يظهر ما في الاستظهار للاخير بالاجماع المحكي عن المبسوط (59) .

و لطائفة من متاخري المتاخرين-منهم والدي رحمه الله (60) -فحكموا بالتخيير بين
الطريقين، جمعا بين الروايات.و هو فرع الدلالة، و قد عرفت فيها الحالة.

و ثانيهما (61) : فيما يؤخذ به من كتفي الحامل.فالحق المشهور اخذ طرفي ميامن
الميت بالميامن و مياسره بالمياسر، لروايتي ابن يقطين (62) و الدعائم (63) ، و للامر
ببداة الاخذ بالميامن فيهما و في الرضوي (64) ، المستلزمة لما ذكرنا، بعد ثبوت
البداه باخذ ميامن الميت بالموثقة (65) ، و لصعوبة العكس و مشقته او عدم تيسره و
عدم تعارفه، و الالفاظ تحمل على المعاني المتعارفة.

خلافا لمن عكس، و هو بين من يبدا بمياسر الميت (66) ، و دليله الرضوي و روايتا ابن
يقطين و الدعائم، بضميمة الاستلزام المذكور، و قد عرفت ضعف الملزوم.و من يبدا
بميامنه (67) ، و لا دليل له اصلا.

الثالث: تشييع الجنازة، و هو مستحب باجماع العلماء كافة، و النصوص في فضله
متواترة (68) .

و الظاهر-كما صرح به الاردبيلي (69) -تحققه بالمشي معها في الجملة، كما تدل عليه
مطلقات المرغبات في متابعة الجنازة، و ان كان الافضل المتابعة الى ان يصلى
عليها، و الاكمل الى ان يدفن كما في روايتي جابر (70) و ابي بصير (71) .

و في المنتهى و عن روض الجنان: ان ادنى التشييع الى موضع الصلاة (72) . و لا دليل
عليه، و اثبات ثواب زائد له لا ينفي مطلقه عن غيره.

و يستحب للمشيع التفكر في مآله و ما يؤول اليه عاقبة حاله، و التخشع و الاتعاظ
بالموت، كما ذكره الجماعة و قالوا بوروده في الاخبار (73) .

و السير من ورائها او احد جانبيها بالاجماع، كما في المنتهى و شرح القواعد (74)
و اللوامع، و في المدارك: انه المعروف من مذهب الاصحاب (75) ، له، و للنصوص.

منها: موثقة اسحاق: «المشي خلف الجنازة افضل من المشي بين يديها، و لا باس بان
يمشي بين يديها» (76) .

و خبر السكوني: «اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم، خالفوا اهل الكتاب » (77) .

و خبر سدير: «من احب ان يمشي مع الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير» (78) .

و الرضوي: «و اذا حضرت جنازة فامش خلفها و لا تمش امامها، و انما يؤجر من
تبعها لا من تبعته، اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم، فانه من عمل المجوس، و افضل
المشي في اتباع الجنازة ما بين جنبي الجنازة، و هو مشي الكرام الكاتبين » (79) .

و عن المقنع و الخلاف الاقتصار على الاول (80) ، و لعلهما ارادا مقابل الامام منه
لجعلهما اياه مقابلا له.

ثم مقتضى اطلاق الرضوي افضلية الثاني عن الاول.و صرح بعض المتاخرين بالعكس (81) .

و لعله كونه اولى بمعنى الاتباع و التشييع، و لما روي من مشي النبي صلى الله عليه و
آله خلف جنازة (82) .

و الاول ممنوع و الثاني غير دال.

و ان يكون ماشيا، كما عن النهاية و الجامع و المعتبر و ظاهر المقنع و المقنعة (83) و
جمل العلم و شرحه للقاضي، و الغنية و الوسيلة و الشرائع (84) ، لفتوى هؤلاء.

مضافا الى كونه لازما لما في الركوب من الكراهة باجماع العلماء كافة-كما في
المنتهى (85) -و للنصوص المعتبرة كصحيحة البصري: «اني لاكره ان اركب و الملائكة
يمشون » (86) .

و مرسلة ابن ابي عمير: «راى رسول الله صلى الله عليه و آله قوما خلف جنازة ركبانا،
فقال: ما استحيى هؤلاء ان يتبعوا صاحبهم ركبانا و قد اسلموه على هذه الحالة » (87) .

و خبر غياث: «كره ان يركب الرجل مع الجنازة في بداته الا من عذر» و قال: «يركب
اذا رجع » (88) .

و مقتضاه انتفاء الكراهة في الرجوع.و هو كذلك، للاصل.

و من المكروهات ايضا: المشي امام الجنازة مطلقا، كما في المنتهى و عن صريح
السرائر و الوسيلة و البيان (89) ، و التذكرة (90) ، و ظاهر المقنع و المقنعة و الاقتصاد (91) ،
و المراسم و جمل العلم (92) ، بل في المنتهى الاجماع عليه (93) ، لخبر السكوني و الرضوي
السابقين (94) .

و النهي فيهما و ان كان ظاهرا في الحرمة، الا ان عدم القول بها مطلقا، مع ضعف
الثاني، مضافا الى النصوص المصرحة بالجواز المصرحة بالجواز، كموثقة اسحاق
السابقة (95) ، و صحيحة محمد: عن المشي مع الجنازة، فقال: «بين يديها و عن يمينها و عن
و روايته: «امش بين يدي الجنازة و خلفها» (97) اوجب الحمل على
الكراهة اي المرجوحية الاضافية، كما هي مراد القائلين بالكراهة-على ما صرح به
والدي رحمه الله-دون المعنى المصطلح، لظهور دلالة الموثقة على ثبوت فضل للمشي في
الامام ايضا.

و اظهر منها المروي في الدعائم: «فضل الماشي خلفها على الماشي امامها كفضل
الصلاة المكتوبة على التطوع » (98) .

فهما قرينتان على تعيين ارادة المرجوحية الاضافية دون الكراهة المصطلحة،
فانهما مجازان لا بد في تعيينهما من معين.و لا يصلح نفي الاجر في الرضوي (99)
لتعيين الثاني، لضعفه، و المسامحة انما هي في اثبات الاجر دون نفيه.

خلافا للمحكي عن صريح المعتبر و الذكرى و ظاهر المبسوط و النهاية و موضع من
المنتهى (100) ، فلا كراهة مطلقا، للامر به، و اثبات الفضل له، و نفي الباس عنه فيما
تقدم (101) .

و يجاب بعدم منافاة شي ء منها للمرجوحية الاضافية.

نعم، لو ارادوا نفي الكراهة المصطلحة فالاولان ينفيانها، و لكن لا نقول بها و
نطالب من ادعاها بالدليل.

فان تمسك بالنهي، نجيب بانه مجاز قطعا في احد المعنيين، و اثبات الفضل يعين
ما ذكرنا، فلو عين الآخر بنفي الاجر نرده بما مر، او بكونه طريقة اهل الكتاب نرده
بعدم دلالته على الزائد بهما على المرجوحية الاضافية.

مع انه مع تسليم تكافؤ المعينين يتكافا المعنيان ايضا، لعدم المرجح، و ما
ذكرناه ثابت اجماعا، و الآخر ساقط بالاصل و ورود الامر.

و للمحكي عن الاسكافي (102) ، فخص الكراهة بغير صاحب الجنازة، و قال باستحباب مشيه
بين يديها، للاخبار المصرحة بتقديم مولانا الصادق عليه السلام على سرير
اسماعيل (103) .

و يضعف بانه غير مناف لافضلية التاخر، مع انه يحتمل التقية، لان افضليته
مذهب العامة (104) .

هذا كله في جنازة المؤمن، و اما غيره فالحق في التقديم عليها الكراهة المصطلحة،
بل عن العماني فيه الحرمة (105) ، للنهي عنه في المعتبرة (106) ، و عدم دليل فيه على
الراجحية المطلقة، لاختصاص اكثر المرغبات و الاوامر صريحا، و الجميع ظاهرا
بجنازة المؤمن.

و منه يظهر عدم استحباب التشييع لجنازة غيره ايضا، الا مع مصلحة داعية، و معها قد
يجب.

و منها: رجوع المشيع حتى يدفن او ياذن الولي، الا من ضرورة، لمرفوعة البرقي:
«اميران و ليسا باميرين: ليس لمن شيع جنازة ان يرجع حتى يدفن او يؤذن له » (107)
الخبر.

ثم لو اذن له الولي في الانصراف لم يسقط استحباب اتمام التشييع،
للاستصحاب، و حسنة زرارة و فيها: فلما صلى على الجنازة قال وليها لابي جعفر: ارجع
ماجورا رحمك الله، فانك لا تقوى على المشي، فابى ان يرجع-الى ان قال-: «فليس
باذنه جئنا و لا باذنه نرجع، و انما هو فضل و اجر طلبناه، فبقدر ما يتبع
الجنازة الرجل يؤجر على ذلك » (108) .

و منها: جلوس المشيع حتى يوضع الميت في لحده، كما عن العماني (109) و ابن حمزة، و
الفاضلين، و الذكرى (110) ، لصحيحة ابن سنان: «ينبغي لمن شيع ان لا يجلس حتى يوضع في
لحده، فاذا وضع في لحده فلا باس » (111) .

و في الدعائم: «ان الحسن بن علي مشى مع جنازة، فلما انتهى الى القبر وقف يتحدث
مع ابي هريرة و ابن الزبير حتى وضعت الجنازة، فلما وضعت جلس و جلسوا» (112) .

و عن الشيخ و الاسكافي: عدم الكراهة (113) ، لحسنة داود: رايت ابا الحسن يقول: «ما
شاء الله لا ما شاء الناس » فلما انتهى الى القبر تنحى فجلس فلما ادخل الميت
قام فحثا عليه التراب (114) .

و خبر ابن الصامت: كان رسول الله صلى الله عليه و آله اذا كان في جنازة لم
يجلس حتى توضع في اللحد، فقال يهودي: انا لنفعل ذلك، فجلس و قال:

«خالفوهم » (115) .

و يجاب عن الاول: بعدم منافاته الكراهة.

و عن الثاني: بعدم الثبوت، و لو ثبت فمرجوح بالنسبة الى ما ذكر بالضعف و
الاقدمية.

و الظاهر اختصاص الكراهة بالمشيع، فلا يكره لمن لحق حين وضع الجنازة.

و منها: الضحك له، لقول امير المؤمنين عليه السلام في النهج حين تبع جنازة
فسمع رجلا يضحك: «كان الموت فيها على غيرنا كتب » (116) .

و في تنبيه الخاطر للورام، عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال: «من ضحك على
جنازة اهانه الله يوم القيامة على رؤوس الاشهاد، و لا يستجاب دعاؤه » (117) .

و منها: خروج النساء معها و اتباعها، كما عن الشيخ (118) ، و الفاضلين و الشهيد (119) ،
لخبر غياث: «لا صلاة على جنازة معها امراة » (120) .

و المرويين في المجالس مسندا، و الدعائم:

الاول: «ان رسول الله صلى الله عليه و آله خرج فراى نساء قعودا فقال: ما اقعدكن
هاهنا؟ قلن: للجنازة، قال: افتحملن مع من يحمل؟ قلن: لا، قال:

اتغسلن مع من يغسل؟ قلن: لا، قال: افتدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا، قال:

فارجعن مازورات غير ماجورات » (121) و نحوه روى السيد الحيدر في غرر الدرر مرسلا (122) .

و الثاني ان رسول الله صلى الله عليه و آله مشى مع جنازة، فنظر الى امراة تتبعها،
فوقف و قال: «ردوا المراة » فردت، و وقف حتى قيل: قد توارت بجدار المدينة يا رسول
الله، فمضى (123) .

و بهما تخصص عمومات التشييع و تقيد اطلاقاتها.

خلافا لبعض الثالثة فلم يكرهه (124) ، لما روي من خروج البتول على جنازة اختيها (125) .

و اجاب عما ذكر بالحمل على التقية.

و يجاب: بعدم منافاته للكراهة، مع ان المذكور فيه صلاتها عليها.و الحمل على
التقية انما يكون مع المعارضة.

نعم، في خبر ابي بصير: «ليس ينبغي للمراة الشابة ان تخرج الى الجنازة و تصلي
عليها الا ان تكون امراة دخلت في السن » (126) .

و مقتضى خصوصيته تخصيص ما مر بالشابة، الا ان الظاهر عدم قائل بالفرق.

المقام الثاني: فيما يتعلق بالمدفن


و الواجب فيه ان يكون مع الامكان حفيرة في الارض، فلا يجوز وضعه في بناء او
تابوت بدون ضرورة، تاسيا بالنبي صلى الله عليه و آله و الائمة الطاهرين، و
اقتداء بالصحابة و التابعين، و جريا على الطريقة المستمرة بين المسلمين، و
للامر بالدفن كما في رواية العلل، الآتية و غيرها (127) .

و المتبادر منه المواراة في عمق الارض، و في العامي المروي في المنتهى و غيره
عن النبي صلى الله عليه و آله: «احفروا و اوسعوا و عمقوا» (128) .

و ان تكون سعته بقدر يسع جثته نائمة على القبلة على الوجه الآتي، لوجوبه المتوقف
على ذلك.

و عمقا على نحو يحرسها عن السباع غالبا، و يكتم رائحته عن الانتشار، باجماع
المسلمين، و لانهما العلة في شرع الدفن كما في المروي في العلل: «امر بالدفن لئلا
يظهر للناس فساد جسده و قبح منظره و تغير رائحته، و لا يتاذى الاحياء بريحه » (129)
الى آخره.

و الوصفان متلازمان غالبا، و لو فرض الانفكاك بينهما وجب مراعاتهما.

و السرداب من المحفورات، فيجوز الدفن فيه و سد بابه.

و لو تعذر الحفر اجزا مواراته في البناء بما يحصل الوصفين.

و يكره دفنه في الارض بالتابوت اجماعا، كما عن المبسوط و الخلاف (130) .

و يجب ان تكون الارض مما يجوز التصرف فيها لذلك، اما بكونها مباحة، او
مرخصا فيها من قبل المالك، خالية من ميت آخر حيث يحرم النبش.

و هل يجوز الدفن في ملك الميت مع عدم رضا الوارث او كونه صغيرا فيكون من
المستثنيات كمؤن التجهيز، ام لا؟

الظاهر: الثاني، للاصل.

و مستحباته:


حفر القبر الى الترقوة او قدر قامة معتدلة، اجماعا، كما في ظاهر المدارك (131) ، و
القواعد (132) ، و عن الخلاف و الغنية و التذكرة (133) ، و هو الحجة فيهما.

مضافا في الاول الى مرسلة الصدوق: «حد القبر الى الترقوة » (134) .

و فيهما الى مرسلة ابن ابي عمير، عن بعض اصحابه، عن الصادق عليه السلام قال:
«حد القبر الى الترقوة، و قال بعضهم: الى الثدي، و قال بعضهم:

قامة الرجل حتى يمد الثوب على راس من في القبر» (135) .

و مرسلة سهل: «روى اصحابنا ان حد القبر الى الترقوة » (136) الى آخر ما سبق.

و القدح في الاستدلال للقامة بهما بعدم معلومية القائل (137) غير جيد، اذ الظاهر ان
المعنى: ان ابن ابي عمير روى عن بعض اصحابه عن الصادق عليه السلام انه الى
الترقوة، و عن بعض آخر عنه انه الى القامة.فهو خبر مرسل آخر، و مثل ذلك شائع في
المجاورات مع تعدد الروايتين.

نعم يتم ذلك القدح في المرسلة الاولى، فان فيها: قال الصادق عليه السلام كذا، و
قال بعضهم كذا، و اما في[الاخريين] (138) فلا، و لو سلم الاحتمال الضعيف فهو لا
يضر في مقام المسامحة سيما مع الانضمام بالاجماعات المنقولة.

و لعل لذلك مع ضميمة عدم القائل لم يلتفتوا الى التقدير بالثدي، او لاجماله
لترديده بين الثاء المثلثة، و النون ليكون المراد الرشح، فلا يصلح دليلا لشي ء منهما.
كما لا يصلح آخر المرسلة الاخيرة من قول السجاد عليه السلام:

«احفروا لي حتى يبلغ الرشح » دليلا للاخير، لجواز كون ارض البقيع بحيث يصل الى
الندى قبل الترقوة.

ثم بما مر من دليل القامة يخصص عموم خبر السكوني: «نهي النبي صلى الله عليه و آله
و سلم ان يعمق القبر فوق ثلاثة اذرع » (139) حيث انها اقل منها، مع احتمال اختصاص
النهي ببلده-اي المدينة-لقرب الرطوبة.

و جعل لحد له، بالاجماع كما عن الكتب الثلاثة الاخيرة (140) ، له، و للتلحيد لرسول
الله صلى الله عليه و آله و سلم و لسعد بن معاذ بحضوره كما في العلل (141) ، و لتوقف
الوضع في اللحد المامور به-كما في المستفيضة منها: المروي في العلل: «ثم ضعه في
لحده » (142) و نحوه في الرضوي (143) -عليه، و ما يتوقف عليه المستحب مستحب.

و هو ان يحفر بعد البلوغ الى ارض القبر في حائطه مما يلي القبلة حفيرة، بالاجماع،
له، و للمروي ظاهرا في الدعائم عن الصادق عليه السلام قال:

«اللحد هو ان يشق للميت في القبر مكانه الذي يضجع فيه مما يلي القبلة مع حائط القبر،
و الضريح ان يشق له وسط القبر» (144) الى آخره.

يسع الميت طولا و عرضا، لانها معدة له.و يتمكن الجالس من الجلوس فيه عمقا
اجماعا، لمرسلة ابن ابي عمير، و فيها: «و اما اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس » (145) .

و اللحد افضل من الشق-الذي هو الضريح، و هو ان يحفر في ارض القبر شقا يوضع فيه
الميت و يسقف-اجماعا، و في المنتهى انه قول العلماء (146) ، لما ذكر.

و لا ينافيه ما دل على امر مولانا الباقر عليه السلام بالشق له، لاحتمال
الاختصاص به، لكونه جسيما و كون ارض البقيع رخوة، فلا يحتمل الحفيرة الواسعة
فينهدم، صرح بذلك في خبر الحلبي: «و شققنا له الارض شقا لانه كان بادنا» (147) .

و في الدعائم: ان الصادق عليه السلام ضرح لابيه عليه السلام، احتاج الى ذلك
لانه كان جسيما (148) .

و كذا لا ينافيه امر مولانا الرضا عليه السلام ايضا بالتضريح و قوله: «فان
ابوا الا ان يلحدوا فتامرهم ان يجعلوا اللحد ذراعين و شبرا، فان الله سيوسعه
ما شاء» (149) لما ذكر، كما يرشد اليه ذيله، او لمانع آخر من التلحيد الوسيع فيه
من مدفون و نحوه.

و منه تظهر افضلية الشق في صورة المانع كما صرح به جماعة (150) ، و عن الاسكافي (151) و
المعتبر (152) : انه يعمل حينئذ شبه اللحد من بناء في قبلته.

و تشريج (153) اللحد و تنضيده بعد وضع الميت فيه، باللبن و الطين، على وجه يمنع دخول
التراب فيه، بالاجماع كما في المدارك (154) و اللوامع، و في المنتهى: لا نعلم فيه
خلافا (155) ، و هو الحجة فيه، مضافا الى المستفيضة:

كصحيحة ابن تغلب: «جعل علي على قبر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لبنا» (156) .

و خبر ابن عمار: «ثم تضع الطين و اللبن » (157) .

و نحوه المروي في دعوات الراوندي (158) و المعتبرة (159) المشعرة بالمداومة عليه (160) .

و يقوم مقام اللبن ما يساويه في المنع من تعدي التراب اليه، كالحجر و القصب
و الخشب، كما عن الغنية و المنتهى و المهذب (161) .

و يدل عليه المروي في العلل: «نزل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قبر سعد بن معاذ،
و لحده، و سوى عليه اللبن، و جعل يقول: ناولني حجرا ناولني ترابا رطبا، يسد به ما
بين اللبن » (162) الحديث.

و لا يستفاد منه اطلاق اللبن على ما يعم الحجر، لجواز ان يكون الحجر لسد الخلل.

و يبتدا في التشريج من جانب الراس، للمحكي عن الراوندي: انه عمل العارفين من
الطائفة (163) .

و تسطيح القبر بعد طمه، اجماعا منا كما في شرح القواعد (164) ، و صرح به جماعة، و في
المنتهى: «انه قول علمائنا اجمع (165) ، له، و لاستحباب التربيع المستلزم له.

و للرضوي: «و السنة ان القبر يرفع اربع اصابع مفرجة من الارض، و ان كان اكثر فلا
باس، و يكون مسطحا، و لا يكون مسنما» (166) .

و المروي في المحاسن: «لا تدع قبرا الا سويته » (167) و في آخر: «و لا قبرا مشرفا الا
سويته » (168) و التسوية هو التسطيح.

و يؤيده قول القاسم بن محمد كما في المنتهى: رايت قبر النبي و القبرين عنده مسطحة
لا مشرفة (169) .

و تربيعه، بالاجماع كما في المدارك (170) ، و اللوامع، للرضوي المتقدم، و خبر ابن
مسلم: «تربع قبره » (171) .

و الروايات في الخصال، و العلل، و الدعائم:

الاول: «القبور تربع و لا تسنم » (172) .

و الثاني: لاي علة يربع القبر؟ قال: «لعلة البيت لانه نزل مربعا» (173) .

و الثالث: عن امير المؤمنين عليه السلام لما دفن رسول الله صلى الله عليه و
آله و سلم ربع قبره (174) .

و رفعه اربع اصابع باتفاق الاصحاب، كما عن المعتبر (175) ، بل العلماء كما في
المنتهى (176) ، بل بالاجماع كما في المدارك (177) ، لخبري محمد و عقبة:

الاول: «يرفع القبر فوق الارض اربع اصابع » (178) .

و الثاني: «قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: و ارفع قبري من الارض اربع اصابع » (179) .
الحديث.

مفرجات او مضمومات مخيرا بينهما، كما في المنتهى، و شرح القواعد، و عن الذكرى (180) ،
و يحتمله كلام من اطلق، كما في الشرائع، و القواعد، و عن التحرير و الارشاد (181) ،
بل حكي عن الاكثر (182) .

لورود الاولى في الرضوي المتقدم و خبر ابن مسلم: «و تلزق القبر بالارض الا قدر
اربع اصابع مفرجات » (183) و حسنة حماد: «و ارفع قبري اربع اصابع مفرجات » (184) .

و الثاني في موثقة سماعة: «و يرفع قبره من الارض اربع اصابع مضمومة » (185) .

و اقتصر جماعة-كما عن المفيد و الديلمي و الاقتصاد (186) ، و الحلبيين (187) ، و ابني حمزة
و ادريس (188) ، و النافع و التذكرة و نهاية الاحكام (189) -على الاولى، بل نسب الى
الاشهر (190) ، و العماني على الثانية (191) .و كل منهما يرد برواية الآخر.

و لا يستحب الرفع زائدا و لو كان شبرا، بل يكره، لدعوى الاجماع في المنتهى على
كراهة الزائد عن الاربع (192) ، و المروي في العيون: «لا ترفعوا قبري اكثر من اربع
اصابع مفرجات » (193) .

خلافا للمحكي عن ابن زهرة، فخير بين الشبر و بين الاولى (194) ، و عن القاضي فبينه و
بين الثانية (195) ، و عن بعض آخر فبين الثلاثة (196) ، و اختاره والدي قدس الله روحه،
لخبر ابراهيم: «ان قبر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم رفع شبرا من الارض » (197) .

و يجاب: بانه لا يعارض ما مر، لجواز الاختصاص، و لسقوطه بنقل خلافه كما مر.

و وضع حجر او خشب عند الراس، فيه اسم الميت علامة ليزار و يترحم عليه، لفعل النبي
صلى الله عليه و آله ذلك بقبر ابن مظعون، كما في الدعائم (198) ، و الكاظم عليه
السلام بقبر ابنة له، كما في خبر يونس: لما رجع من بغداد الى المدينة ماتت ابنة
له في رجوعه بفيد، فامر بعض مواليه ان يجصص قبرها، و يكتب على لوح اسمها و يجعله
في القبر» (199) و وجوده على قبر ام المهدي عليه السلام في حياة ابي محمد عليه
السلام، كما في اكمال الدين (200) .

و وضع الحصباء عليه، لفعل النبي صلى الله عليه و آله ذلك بقبر ابنه، و في مرسلة ابان:
«قبر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم محصب حصباء حمراء» (201) .

و مكروهاته:


فرش القبر بالساج و شبهه، كما عن الوسيلة (202) ، و في الشرائع و النافع (203) ، و
القواعد (204) .

و علل بكونه لازما لوضع خده على التراب (205) .

و فيه: منع الملازمة، لامكان وضع التراب على الساج.

و باستلزامه الاتلاف المنهي عنه من دون رخصة (206) .

و هو-لو تم-لدل على الحرمة.

مع ان عموم «الناس مسلطون على اموالهم » (207) [و ما مر في كتابة الكفن من عمل
العمري-رضي الله عنه-الساجة (208) ، و مرسلة الفقيه: روي عن ابي الحسن الثالث اطلاق في
ان يفرش القبر بالساج و يطبق على الميت الساج (209) ، بل المكاتبة الآتية-حيث ان
التقييد فيها في السؤال-تفيد الرخصة.

و لا كراهة مع الضرورة اتفاقا، و منها النداوة، لمكاتبة ابن بلال: ربما مات
الميت عندنا و تكون الارض ندية فيفرش القبر بالساج او يطبق عليه، هل يجوز ذلك؟
فكتب: «ذلك جائز» (210) .

و المراد بتطبيق الساج عليه جعله حواليه كانه وضع في تابوت] (211) .

و في كراهة وضع الفرش عليه مطلقا، او عدمها كذلك، او الثاني مع النداوة و الاول
بدونها، اوجه، بل اقوال، و الاصل مع الثاني، و تؤيده الاخبار الواردة في فرش قبر
النبي صلى الله عليه و آله و سلم بالقطيفة (212) و ان احتمل كونه لاجل النداوة.

و جعل تراب غير القبر فيه و نقله اليه، لمرسلة الفقيه: «كل ما جعل على القبر من غير
تراب القبر فهو ثقل على الميت » (213) .

و خبري السكوني: احدهما: «نهى ان يزاد على القبر تراب لم يخرج منه » (214) .

و الآخر: «لا تطينوا القبر من غير طينه » (215) .

و اطلاقها يتناول حال الدفن و بعده، فتخصيص الاسكافي بالاول (216) لا وجه له، و هو
بدليل الفرق مطالب.

و تجصيصه، باجماعنا، كما في المنتهى و التذكرة و عن المبسوط و نهاية
الاحكام (217) .

للمستفيضة الناهية عنه، كموثقة علي: «لا يصلح البناء على القبر، و لا الجلوس عليه، و لا
تجصيصه، و لا تطيينه » (218) .

و في حديث المناهي المروي في الفقيه: «و نهى ان يجصص القبور» (219) .

و المروي في معاني الاخبار عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم: «انه نهى عن تقصيص
القبور» قال: و هو التجصيص (220) .

و اطلاقها يقتضي عدم الفرق بين الظاهر و الباطن.

و ربما تخص الكراهة بالباطن دون الظاهر، جمعا بينه و بين ما تقدم من امر
مولانا الكاظم عليه السلام بتجصيص قبر ابنته (221) ، فان الظاهر منه تجصيص
الظاهر، و لا باس به.

و ربما يجمع بتخصيص التجصيص المباح بهم و باولادهم، لجوازه في قبور
الانبياء و الائمة و اولادهم و العلماء و الصلحاء، لاستمرار الناس عليه من غير
نكير، مع كونه تعظيما لشعائر الله و تحصيلا لكثير من المصالح الدينية، مضافا الى
ورود اخبار المنع مورد الغالب، و هو ما عداهم.

و فيه: ان الجمع بما ذكر و ان كان ممكنا، الا انه لا دليل على تعيينه حتى يوجب
تخصيص المانع، لجواز الجمع بما مر، او بالفرق بين الابتداء و الاندراس، كما عن
الشيخ و الكركي (222) ، او بوجود داع آخر لم نطلع عليه.

و اما تجويزه في قبور من ذكر، فان اريد عدم الحرمة فغيرهم ايضا كذلك
اجماعا، و ان اريد عدم الكراهة فالاطلاقات تشملها، و ما ذكروه لا يصلح لتقييدها،
لان استمرار الناس-لو سلم-فانما هو في التعمير و البناء دون التجصيص، بل لا
ندري منهم قبرا مجصصا، سيما باطنه.

و كونه تعظيما ممنوع، و لا مصلحة دينية فيه، و كون الغالب غير من ذكر بحيث ينصرف
الاطلاق اليه ممنوع.

فالاظهر تعميم الكراهة في التجصيص، مع احتمال قريب في انتفائها في الظاهر.

و البناء عليه، اجماعا، كما عن المبسوط و التذكرة (223) ، سواء كان القبر في ارض
مباحة مسبلة او مملوكة.

لاستفاضة النصوص على النهي عنه المحمول على الكراهة اجماعا:

منها: الموثقة المتقدمة (224) ، و رواية يونس: «نهى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم
ان يصلى على قبر، او يقعد عليه، او يبنى عليه » (225) .

و رواية المدائني: «لا تبنوا على القبور» الى ان قال: «فان رسول الله صلى الله عليه
و آله و سلم كره ذلك » (226) .

و التخصيص بالارض المباحة-كبعضهم (227) -لا وجه له.

و المتبادر منها كراهة البناء على القبر، فلا يكره الدفن في موضع فيه بناء و لو
على قبر آخر.

و التعليق ينبى ء على العلية، فالمكروه البناء عليه لاجل القبر، فلا يكره بناء بيت
فيه قبر لو خرب.

و استثنى الشهيد (228) ، و جماعة (229) من ذلك الحكم قبور الانبياء و الائمة، مدعيا فيه
اطباق الامامية على ان يبنوا عليها، مخصصا للعمومات باجماعهم على البناء في
عهود كانت الائمة ظاهرة بينهم و بعدهم من غير نكير، و بكون قبر الرسول صلى الله عليه
و آله و سلم مبنيا عليه، و بالاخبار الدالة على تعظيم قبورهم و عمارتها.

اقول: اما اطباقهم على البناء ففيه كلام، فان الاكثر من السلاطين و الذين
لا يمكن مخالفتهم، سيما مع عدم الاهتمام بالمخالفة، اذ غايته الكراهة.

و اما قبر الرسول فهو وقع في البناء لكونه بيته لا البناء عليه.

و اما تعظيم القبور فهو غير البناء عليه.

نعم، يحسن التخصيص بما دل على فضل تعمير قبورهم، كرواية [الساجي] (230) -كما في
التهذيب-و فيها: «و جعل قلوب نجباء من خلقه و صفوة من عباده تحن اليكم، و تحتمل
المذلة و الاذى فيكم، فيعمرون قبوركم » الى ان قال:

«اولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي، و الواردون حوضي، و هم زواري غدا في الجنة، يا علي
من عمر قبوركم و تعاهدها فكانما اعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس » (231) و
رواه في فرحة الغري ايضا بسندين (232) .

و تدل على فضل البناء عليها الروايات المتكثرة المصرحة بالامر بالوقوف على
باب الروضة او القبة او الناحية المقدسة، و الاستئذان، و تقبيل العتبة، و الدعاء عند
ترائي القبة الشريفة، و نحو ذلك مما وردت فيه الاخبار الغير العديدة -المؤذنة
برضاهم، بل ميلهم الى هذه الابنية الشريفة-و الآمرة بآداب متوقفة على وجود الباب و
القبة و العتبة الموقوفة على البناء (233) .

فلا ينبغي الريب في تخصيص عمومات المنع بغير قبورهم، و استحباب البناء عليها
مؤكدا.

و يحتمل قويا التعدي الى قبور من علم انتسابه بالولادة اليه من الابرار من
اولادهم، لاحتمال دخوله في ضمير الجمع في قوله: «قبوركم » .

و اما من لم يعلم انتسابه اليهم، و كذا غير اولادهم من العلماء و الصلحاء، فلا
ارى لاخراجهم من عمومات الكراهة وجها.و القول بعدم انصرافها اليهم فاسد،
فالقول بالكراهة فيها اظهر.

ثم المراد بالبناء المكروه ما يسمى بناء عرفا، و اما مطلق التظليل-و لو
بالصناديق و الضرائح و الخيام و الفساطيط-فلا دليل على كراهته، الا انه ذكرها
جماعة، كما في القواعد و عن النهاية و المصباح و الوسيلة و السرائر (234) .و لا باس
به، لفتاواهم، مع استثناء ما اذا تعلق به غرض صحيح، كما صرح به بعضهم (235) .

و تجديده بعد الاندراس، كما في القواعد و عن النهاية و المبسوط و المصباح و
مختصره و السرائر و المهذب و الوسيلة (236) و الاصباح، بل على الاشهر، كما صرح به
بعض من تاخر (237) .

لخبر الاصبغ، و مرسلة الفقيه: «من جدد قبرا او مثل مثالا فقد خرج عن ربقة الاسلام » (238)
بناء على ما هو المشهور و المنقول عن الصفار انه بالجيم (239) ، و ان احتمل فيه
احتمالات اخر، و لكن الاحتمال الاول-لكونه قريبا، مع اعتضاده بفتوى
الفحول-يكفي في المطلوب، لكونه مقام التسامح.و لكنه مخصوص بقبور غير المعصومين،
لما مر.

و الجلوس عليه، بلا خلاف ظاهر، لما مر من موثقة علي و خبر يونس (240) .

و المشي عليه، عند جماعة، بل عن الخلاف (241) ، و المعتبر و التذكرة (242) الاجماع ظاهرا.

للمروي في المنتهى عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم: «لان اطا على جمرة او سيف
احب الي من ان اطا على قبر مسلم » (243) .

و لكن تعارضه مرسلة الفقيه: «اذا دخلت المقابر فطا القبور، فمن كان مؤمنا
استروح الى ذلك و من كان منافقا وجد المه » (244) .

و لذلك مال في المعتبر الى عدم الكراهة، و قال به في المدارك (245) .

و خصص جماعة الكراهة بما اذا لم يدخل لاجل الزيارة.

و ظاهر المنتهى التوقف (246) ، و هو في محله جدا.

و هاهنا مسائل اخر متعلقة بالمدافن و المقابر لا بد من ذكرها:

المسالة الاولى:


يكره جعل المدفن في البيت، للمروي في المحاسن و كنز الكراجكي، عن ابي الدنيا
المعمر، عن امير المؤمنين عليه السلام، قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله
و سلم يقول: لا تتخذوا قبري عيدا، و لا تتخذوا قبوركم مساجد، و لا بيوتكم قبورا» (247) .

و لو اوصى بدفنه في بيته اعتبرت الاجازة او الثلث.

و لو كان في البلد او القرية مقبرة يدفن فيه الموتى كان الدفن فيها اولى،
لما فيها من زيادة الزيارة و الدعاء.

و يستحب ان يجعل الاقارب في مقبرة واحدة، لقول النبي صلى الله عليه و آله و سلم
لما دفن ابن مظعون: «ادفن اليه من مات من اهله » (248) .

و قيل: الاولى ان يكون للانسان مقبرة ملك يدفن فيها اهله و اقاربه.و لو كان
فيها مقبرة بها قوم صالحون كان الاحسن اختيارها، لتناله بركتهم.

و يؤيده: ما روي في كتاب اختيار الرجال من امر مولانا الرضا عليه السلام
بحفر قبر يونس بن يعقوب-حين مات في المدينة-بالبقيع (249) .

الثانية:


لا يجوز دفن الكفار و اولادهم باصنافهم في مقبرة المسلمين، بالاجماع المحقق،
و المحكي في شرح القواعد و الشرائع (250) ، و عن التذكرة و نهاية الاحكام و الذكرى و
روض الجنان (251) .و لا دفن المسلم في مقبرة الكفار كذلك.

و يستثنى من الاول الكافرة الحامل من مسلم، بالاجماع، كما عن الخلاف (252) .

الثالثة:


يكره نقل الموتى عن بلد موتهم الى غير المواضع المكرمة و المشاهد المشرفة،
بالاجماع المحقق، و المحكي عن نهاية الاحكام (و المعتبر) (253) و التذكرة و
، و غيرها (255) ، له، و لمنافاته للتعجيل في الدفن المستحب بالاجماع، و
الروايات المحمولة عليه (256) ، لعدم القول بالوجوب.

و المروي في الدعائم-المانع ضعفه عن اثبات الحرمة به-: رفع الى امير المؤمنين
عليه السلام ان رجلا مات بالرستاق فحملوه الى الكوفة، فانهكهم عقوبة، و قال:
«ادفنوا الاجساد في مصارعها، و لا تفعلوا كفعل اليهود ينقلون موتاهم الى بيت
المقدس » (257) .

و اما اليها فمستحب، اجماعا منا، كما عن الكتب الثلاثة الاخيرة (258) ، و في
اللوامع و غيرها (259) ، و عليه عمل الاصحاب من زمن الائمة الى الآن، و هو مشهور بينهم
لا يتناكرون، له، و للمروي في ارشاد القلوب و فرحة الغري من حكاية امير المؤمنين و
جنازة اليماني التي رآها في طرف الغري (260) .

و للمرويين في عزية المفيد و مصباح الشيخ مرسلا:

الاول: و قد جاء حديث يدل على رخصته في نقل الميت الى بعض مشاهد آل الرسول ان وصى
الميت بذلك (261) .

و الثاني: و قد وردت رواية بجواز نقله الى بعض مشاهد الائمة (262) .

و المرويين في الكافي و التهذيب:

الاول: خبر علي بن سليمان: عن الميت يموت بعرفات، يدفن بعرفات او ينقل الى
الحرم، فايهما افضل؟ فكتب: «يحمل الى الحرم و يدفن فهو افضل » (263) .

و الثاني: خبر سليمان، و هو ايضا مثله.

و المروي في المجمع و قصص الانبياء للراوندي: «ان يعقوب لما مات حمله يوسف في
تابوت الى ارض الشام فدفنه في بيت المقدس » (264) .

و فحوى المرويين في كامل الزيارة، و في الكافي و الفقيه و العلل و العيون و
الخصال:

الاول: «ان نوحا استخرج تابوتا من الحرم فيه عظام آدم، فدفنه في الغري » (265) .

و الثاني: «ان موسى استخرج عظام يوسف من شاطى ء النيل و حمله الى الشام » (266) .

و كون الاول عمل اليماني، و التعبير في الثانيين بالرخصة و الجواز
المجتمعين مع الكراهة ايضا، و الاختصاص في الرابعين بالحرم، و وقوع
الاخيرين في الشرع السالف، غير ضائر، لان المناط في الاول تقرير الامير بل
تحسينه المستفاد من قوله: «انا و الله ذلك الرجل » .

و المراد بالرخصة و الجواز في الثانيين ليس معناهما الاعم، لتحققه في غير
المشاهد ايضا، بل اقلهما الاباحة المستلزمة للاستحباب في المقام، لعدم القائل
بها.

و الثبوت في النقل الى الحرم بالرابعين يستلزمه في غيره-من المواضع التالية
له في الفضل-بالاجماع المركب.

و كفاية الوقوع في شرع و عدم النسخ لنا للاستصحاب.

الا انه يرد على الاخيرين: ان مع ورود الاوامر بالتعجيل في شرعنا لا يتم
الاستصحاب.

و قد يتمم دلالتهما بنقلهم عليهم السلام مع التقرير عليه.

و فيه ما فيه، اذ ليس هاهنا موضع التقرير و لا حجيته.

و يؤيد المطلوب بل يثبته: قولهم عليهم السلام: «لكل امرى ء ما نوى » و «انما
الاعمال بالنيات » (267) فيصل القاصد بذلك تمسكه بمن له مرتبة الشفاعة و له بمن
توسل به العناية، الى ما قصده و نواه، و هل يتوسل العبد الا بمولاه؟

بل يدل على المطلوب اتم دلالة، و يبينه كتبيان النور على الطور: ما ورد في
الروايات المعتبرة المتواترة المملوءة منها كتب المزار في الزيارات
المتكثرة-خصوصا الواردتين عن الرضا و الهادي عليهما السلام (268) -القائلة بنحو
قوله: و امن من لجا اليكم، و فاز من تمسك بكم، و من اعتصم بكم فقد اعتصم بالله،
و من اتاكم فقد نجا.و قوله: و اشهد ان المتوسل بكم غير خائب، و ان من وصل حبله
بحبلكم فقد وصل بالعروة الوثقى، الى غير ذلك مما ملى ء منه الكتب.

و اي لجا و تمسك و اعتصام و توسل و وصل اعلى و آكد و اظهر و اشد من طرح الجسم
في فناهم، و القاء القالب في حماهم، و تعفير الخدود في سددهم السنية، و وضع الرؤوس على
اعتابهم العلية، بل الظاهر ان اهل العرف يعدون ذلك اعلى اصناف الالتجاء و
التمسك، و اقصى مراتب الاعتصام و التوسل.رزقنا الله سبحانه التوسد في
ترابهم، و عفر وجوهنا في اعتابهم.

و بما ذكرنا كله تخصص عمومات المنع، بل لا اعتبار بها عند ما ذكر اصلا.

ثم بعض ما تقدم و ان كان مختصا بصورة وصية الميت، الا ان كثيرا منها اعم، و
منها حديث التوسل و الاعتصام.

بل مما ذكر يظهر عدم استثناء صورة خوف انفجار الميت و تقطعه لبعد المسافة،
فان دليل استثنائها ما يدل على حرمة الميت، و الا فالانفجار و التقطع حاصلان لا
محالة، و لا ينافي التقطع في سبيلهم و الانفجار في طريق الالتجاء الى حرمهم
للحرمة، بل هو عين الاحترام و العزة.

هذا كله قبل الدفن، و اما بعده فذهب جماعة-منهم: القواعد و عن المنتهى و التلخيص و
التذكرة و المختلف و نهاية الاحكام و العزية و السرائر و الاصباح و الذكرى و
البيان (269) -الى الحرمة.

و لا دليل عليها سوى استلزامه النبش المحرم.و هو غير المدعى، اذ الكلام بعد
النبش و قد يحصل بفعل غير المكلف.مع منع حرمة اللازم هنا، اذ ليس دليلها الا الاجماع
المنتفي هاهنا.

فاذا الجواز اقوى، وفاقا لوالدي رحمه الله، و هو المحكي عن ظاهر النهاية و
المبسوط و المصباح (270) ، و مختصره، و الاسكافي (271) ، و ابن حمزة (272) ، و الكركي (273) .

و يؤيده ما تقدم من نقل آدم و يوسف (274) ، بل ما نقل من نقل جماعة من العلماء بعد دفنهم،
كالمفيد و المرتضى و شيخنا البهائي، لان الظاهر ان ذلك لم يكن الا بتجويز فقهاء
العصر.

و هل يكره ذلك-كما عن اكثر من ذلكر-لاشتهار الحرمة، اولا، لما ذكر من ادلة
الفضيلة؟ فيه تردد و ان كان الاخير اولى[لقصور] (275) مستند الحرمة و ضعفه.

هذا كله مع عدم الوصية، و اما معها و مخالفتها لمانع او بدونه فالنقل واجب، عملا
بعمومات الوصية.

الرابعة:


يحرم نبش القبر بالاجماع المحقق، و المحكي في المنتهى و اللوامع و عن المعتبر
و التذكرة و نهاية الاحكام و الذكرى (276) ، و غيرها (277) .

و هو الدليل عليه، لا ما قيل من انه مثلة بالميت و هتك لحرمته (278) ، لمنعه.

و لا اخبار قطع النباش، لظهورها في كون القطع للسرقة او للمجموع، و في خبر الجعفي:
«تقطع يده لنبشه و سلبه الثياب » (279) .

و على هذا فيقتصر في الحكم بالتحريم على موضع الاجماع، فلا يحرم فيما لا
اجماع فيه، كان يقع في القبر ما له قيمة و ان قلت، او يدفن في ارض بغير اذن
مالكها، او بلا غسل او كفن، او الى غير القبلة، او يكفن في ثوب مغصوب، او لان
يستشهد على عينه، او لصيرورة المدفون رميما، و غير ذلك.

المقام الثالث: فيما يتعلق بالدفن


و الواجب منه ثلاثة:

الاول: مواراته في الارض على الوجه المتقدم في اول المقام الثاني (280) .

و الثاني: دفنه مستقبلا بوجهه الى القبلة، كما في المنتهى و القواعد و عن المقنعة
و النهاية و المبسوط و الغنية و الجامع و النافع و الشرائع و المعتبر (281) ، و في
اللوامع، و غيرها (282) .بل هو المشهور كما صرح به جماعة (283) ، بل بلا خلاف كما عن شرح
الجمل للقاضي (284) ، و في المدارك: انه مذهب الاصحاب (285) ، مؤذنا بدعوى الاجماع، بل عن
ظاهر التذكرة اجماعنا عليه (286) .

لا لما دل على وجوبه حال الاحتضار الموجب له هنا بالاولوية، لمنع الاولوية،
مضافا الى الاختلاف في الكيفية.

و لا لصحيحة معاوية الحاكية لوصية البراء بجعل وجهه الى رسول الله صلى الله عليه
و آله الى القبلة فجرت به السنة (287) ، لان السنة فيها و ان لم تكن ظاهرة في الندبية
بل الظاهر منها ارادة الطريقة، الا انها تحتمل الاعمية.

بل للرضوي، و المروي في الدعائم، و دعوات الراوندي، المنجبر ضعفها بما مر:

الاول: «ثم ضعه في لحده على يمينه مستقبل القبلة » (288) .

و الثاني، و فيه: «قال: اضجعوه في لحده على جنبه الايمن مستقبل القبلة، و لا تكبوه
لوجهه و لا تلقوه على ظهره، ثم قال للذي وليه: ضع يدك على انفه حتى يتبين لك استقبال
القبلة » (289) الى آخره.

و الثالث: «فاذا وضعته في قبره فضعه على يمينه مستقبل القبلة » (290) .

المعتضدة بخبر ابن سيابة في حديث الرجل الذي قطع راسه: «اذا صرت الى القبر
تناولته مع الجسد و ادخلته اللحد و وجهته الى القبلة » (291) .

خلافا للمحكي عن ابن حمزة فاستحبه (292) ، و قد ينسب الى جمل الشيخ، و الديلمي ايضا،
لحصر الاول الواجب في واحد هو دفنه (293) ، و عدم تعرض الثاني لذكره (294) ، للاصل
الواجب تركه بما مر.

و الثالث: اضجاعه على جنبه الايمن، فيكون رجلاه شرقيين و راسه غربيا، وفاقا
لغير الجامع ممن ذكر، و عليه نفي الخلاف، و الاجماع عن شرح الجمل و التذكرة (295) ،
للروايات المتقدمة المنجبرة.و خلافا للمحكي عن الجامع، فجعله سنة (296) .

و يستثنى من الاول-و هو مواراته في الارض-ما اذا مات في سفر البحر، فانه
يلقى في البحر بعد الغسل و التكفين و الصلاة، اما مثقلا بحجر و نحوه، او مستورا
في وعاء ثقيل كالخابية، مخيرا بين الامرين كما في النافع و الشرائع و المنتهى و
القواعد (297) و اللوامع و غيرها (298) .بل هو الاشهر كما صرح به بعض من تاخر (299) .

لورود الاول في مرسل ابان، و مرفوع سهل، و خبر ابي البختري:

الاول: «الرجل يموت مع القوم في البحر، يغسل و يكفن و يصلى عليه و يثقل و يرمى في
البحر» (300) .

و الثاني: اذا مات الرجل في السفينة و لم يقدر على الشط قال: «يكفن و يحنط و يلقى في
الماء» (301) .

و الثالث: «اذا مات الميت في البحر غسل و كفن و حنط، ثم يوثق في رجليه حجر و
يرمى به في الماء» (302) و بمضمونها الرضوي (303) .

و الثاني في صحيحة ابن الحر: عن رجل مات و هو في السفينة في البحر كيف يصنع به؟
قال: «يوضع في خابية و يوكى راسها و يطرح في الماء» (304) .

و عن الشيخ تقديم الثاني، لصحة مستنده، و صونه الميت عن الحيوانات و هتك الحرمة،
فان تعذر فالاول (305) .

و ليس بشي ء، لحجية مستند الاول ايضا، و وجوب الصون و الاحترام مادام ظاهرا،
لا بعد الدفن، و لذا لا يصان في القبر عن الحشرات.

و في وجوب الاستقبال حين الالقاء، كما عن الاسكافي و الشهيدين (306) ، و اضيف الى
المشهور (307) .او استحبابه، كما نسبه في اللوامع الى الاكثر، قولان، و الثاني
موافق للاصل، فهو الاجود.

و هل الالقاء انما هو بعد تعذر النقل الى البر في زمان لا يعتريه الفساد، كما هو
ظاهر الاكثر و مقتضى مفهوم المرفوع، او يجوز ابتداء كما عن بعضهم (308) ،
لاطلاق البواقي؟ الظاهر: الاول، حملا للمطلق على المقيد، كما يقيد اطلاق المقيد في
الالقاء بتقييد المطلقات بالتثقيل او الستر.

و يستثنى من الثاني ما اذا التبست القبلة، او تعذر صرف الميت اليها، كان
يموت في بئر و نحوه و تعذر الاخراج و الصرف.و وجهه ظاهر.

و من صور التعذر: ما اذا ولد توامان ملصقا ظهر احدهما بالآخر-كما اتفق في
بلدتنا-فيستقبل باحدهما مخيرا.و اما القطع و الاستقبال بهما فتنفيه حرمة القطع
و عدم دليل وجوب الاستقبال، لانحصاره في المرويين (309) الخاليين عن الجابر في
المقام، المنصرفين الى الشائع.

و قد يستثنى ايضا الكافرة الحاملة من المسلم بنكاح او ملك او شبهة خاصة -كما عن
جماعة (310) -او مطلقا و لو بالزنا كما عن بعضهم (311) ، فيستدبر بها القبلة في مقبرة
المسلمين حتى يكون الولد الى القبلة، على المشهور، بل عليه الاجماع عن الخلاف و
التذكرة (312) ، لرواية يونس (313) .

و لا دلالة فيها اصلا، كما لا حجية للاجماع المنقول، الا ان يقال مقتضى الرواية:
دفن الولد معها من غير اخراج، و يجب الاستقبال به و الدفن في مقبرة المسلمين،
و هو موقوف على ما ذكر.

و لكن يخدشه ايضا: عدم انصراف ادلة الاستقبال و الدفن في مقبرتهم الى مثل ذلك،
و لذا تردد بعضهم في الحكم (314) ، و نسبه في النافع الى القيل مشعرا بالتردد (315) ، و
هو في موقعه.و لو ثبت الحكم ايضا فليس محلا للاستثناء، اذ لا يجب دفن الكافرة
فضلا عن الاستقبال بها.

/ 28