الثانية: صلاة التسبيح و تسمى بصلاة جعفر عليه السلام، و صلاة الحباء
و استحباب هذه الصلاة ثابت باجماع علماء الاسلام، كما صرح به جمع من
الاعلام (1) ، و استفاضت به نصوص ائمة الانام، و ثوابها عظيم، و اجرها جسيم،
كفارة للآثام. ففي الصحيح: «متى ما صليتهن غفر الله لك ما بينهن، ان استطعت كل يوم، و الا فكل
يومين، او كل جمعة، او كل شهر، او كل سنة، فانه يغفر لك ما بينهما» (2) . و في صحيحة ابن ابي البلاد: اي شي ء لمن صلى صلاة جعفر؟ قال: «لو كان عليه مثل رمل
عالج و زبد البحر ذنوبا لغفرها الله له » قلت: فهذه لنا؟ ! قال: «فلمن هي الا لكم خاصة؟ ! » (3) . و في رواية ابي بصير: «ان انت صنعته كل يوم كان خيرا لك من الدنيا و ما فيها، و
ان صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما، او كل جمعة، او كل شهر، او كل سنة غفر لك ما
بينهما» (4) . و في رواية ابراهيم بن عبد الحميد: قلت: فما ثوابها؟ قال: «لو كان عليه مثل رمل
عالج ذنوبا غفر له » (5) . و في رواية الثمالي: «اذا انت صليتها لو كنت فررت من الزحف و كان عليك مثل
رمل عالج و زبد البحر ذنوبا غفرت لك » . و في آخرها: «و يكتب لك بها اثنتي عشرة الف حسنة، الحسنة منها مثل جبل احد و اعظم » (6) .
و في رواية اسحاق: من صلى صلاة جعفر هل يكتب له من الاجر مثل ما قال رسول الله صلى
الله عليه و آله و سلم لجعفر؟ قال: «اي و الله » (7) . و في الفقه الرضوي: «من صلى صلاة جعفر كل يوم لا تكتب عليه السيئات، و تكتب له بكل
تسبيحة فيها حسنة، و ترفع له درجة في الجنة » الى ان قال: «فانك ان صليتها محي عنك
ذنوبك، و لو كانت مثل رمل عالج، او مثل زبد البحر» (8) الى غير ذلك. و هي: اربع ركعات، بالاجماع نصا، و فتوى. بتسليمتين، على الحق المشهور، كما صرح به في الذكرى و غيره (9) .بل الظاهر كونه
اجماعيا، اذ لم ينقل الخلاف فيه الا عن المقنع (10) ، مع انه قال في البحار بعد نقل
كلام المقنع و الذكرى: لا دلالة في عبارة المقنع، الا من حيث انه لم يذكر التسليم،
و لعله احاله على الظهور، كما في التشهد و القنوت و غيرهما (11) . انتهى. الا انه قال في المقنع-على ما نقله في المختلف-: و روي انها بتسليمتين (12) . و هو يشعر بما في الذكرى. و كيف كان فخلافه غير قادح في الاجماع، فهو الدليل عليه. مضافا الى مرسلة المقنع المذكورة المنجبرة. و رواية الثمالي، و فيها بعد ذكر كيفية الركعتين الاوليين: «ثم تتشهد، و تسلم،
ثم تصلي ركعتين اخراوين، تصنع فيهما مثل ذلك، ثم تسلم » (13) . و الرضوي و فيه بعد ذكر الركعتين: «ثم تشهد و تسلم، فقد مضى لك ركعتان، ثم تقوم،
و تصلي ركعتين اخريين على ما وصفت لك » الحديث (14) . يقرا بعد الفاتحة في الركعة الاولى سورة «الزلزلة » و في الثانية «و العاديات »و في
الثالثة «النصر» و في الرابعة «التوحيد» . اختاره الصدوق و السيد و الاسكافي و القاضي و الحلبي و الديلمي (15) ، بل هو المشهور،
كما صرح به جماعة (16) ، و عليه كافة المتاخرين، لروايتي ابراهيم بن عبد الحميد (17) ،
و المفضل بن عمر (18) . و عن علي بن بابويه العكس في الاوليين (19) ، للرضوي: «يقرا في اولاهما فاتحة الكتاب
و العاديات، و في الثانية: اذا زلزلت، و في الثالثة: اذا جاء نصر الله، و في
الرابعة: قل هو الله احد، و ان شئت كلها بقل هو الله احد» (20) . و عن العماني: العكس في الوسطيين (21) .و عن المقنع: التوحيد في الجميع (22) . و لم نقف
لهما على مستند. و في صحيحة بسطام (23) ، و رواية ابن المغيرة (24) : انه يقرا في كل ركعة بالتوحيد، و
الجحد. و في صحيحة ابن ابي البلاد (25) : الزلزلة، و النصر، و القدر، و التوحيد. و الظاهر ان المراد الترتيب في هذه السور بالنسبة الى الركعات. و الظاهر التخيير بين كل ما روي، و ان كان المشهور اولى. و يجوز التوحيد في الجميع، للرضوي المتقدم.بل كل سورة، لاطلاق رواية الثمالي، و
عدم دلالة غيرها على الشرطية. ثم بعد الفراغ من القراءة في كل ركعة يقول قائما: سبحان الله و الحمد لله و لا اله
الا الله و الله اكبر، خمس عشرة مرة، ثم يركع و يقولها عشرا، ثم يرفع راسه و
يقولها عشرا قائما، ثم يسجد و يقولها عشرا في السجدة، ثم يرفع راسه و يقولها
كذلك جالسا، ثم يسجد و يقولها كذلك ساجدا، ثم يرفع راسه و يقولها كذلك جالسا،
فيكون الجميع ثلاث مائة تسبيحات اربع، في كل ركعة خمس و سبعون، و الف و مائتا
ذكر، في كل ركعة ثلاث مائة. بالاجماع نصا و فتوى في ما عدا محل التسبيح الذي قبل الركوع، و ترتيب
الاذكار الاربعة، و التسبيح الذي بعد السجدة الثانية من الركعتين الاولى و
الثالثة. و على الحق المشهور قديما و حديثا-بل ظاهر الاجماع-فيها ايضا. لصحيحة بسطام، و رواية ابي بصير، و الرضوي في الجميع، مضافة الى رواية
الثمالي في الاخير. و ظاهر الصدوق في الفقيه (26) : التخيير في الاولين (27) ، بين ما ذكر و بين ما في
رواية الثمالي: «تفتتح الصلاة، ثم تكبر خمس عشر مرة تقول: الله اكبر و سبحان الله
و الحمد لله و لا اله الا الله.ثم تقرا الفاتحة ثم سورة و تركع، و كذا في سائر
الركعات » . و عن العماني: كون التسبيح بعد السجدة الثانية في الركعتين بعد القيام قبل
القراءة (28) .و لا مستند له. و العمل على المشهور، لاشتهاره رواية و فتوى، بل كونه مجمعا عليه.
فروع:
ا: الحق المشهور جواز احتساب هذه الصلاة من النوافل الليلية و النهارية
، و رواية ابي بصير (30) ، و في العيون: ان مولانا
الرضا عليه السلام كان يصلي في آخر الليل اربع ركعات بصلاة جعفر و يسلم في كل
ركعتين، و يقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع و بعد التسبيح، و يحتسب بها
من صلاة الليل (31) . و في الذكرى عن بعض الاصحاب جواز جعلها من الفرائض ايضا (32) . و ظاهره قبوله.و اليه مال بعض المحققين من متاخري المتاخرين. و ربما يدل عليه اطلاق قضاء الصلاة في احدى روايتي ذريح.و يثبته ايضا جواز هذه
الاذكار في الصلاة قطعا. و رده بعض مشايخنا الاخباريين بايجابه التغيير الفاحش في الفريضة، مع ان
العبادات توقيفية (33) . و فيه: منع التغيير، و ثبوت التوقيف بجواز كل ذكر و دعاء في الصلاة. ب: يستحب القنوت فيها في الركعتين الثانية و الرابعة قبل الركوع بعد القراءة و
التسبيح اجماعا، للعمومات، و خصوص روايتي العيون (34) ، و الاحتجاج (35) . الا ان في الاخيرة: «و القنوت فيها مرتان في الثانية قبل الركوع، و في الرابعة
بعده » . و لم ار قائلا به، و العمل على الاول. ج: اذا كانت له حاجة يستعجل بها يصلي الاربع ركعات مجردة عن التسبيح، ثم
يقضي التسبيح و هو ذاهب في حوائجه، كما صرح به في روايتي ابي بصير (36) ، و ابان (37) .
و مقتضى اطلاقهما انه لا يشترط قصد تعيين المحل مما يقضي. و لو عرضت الحاجة في الاثناء فهل يجوز تجريد الباقي و قضاء ما بقي؟ الظاهر نعم، لفحوى الروايتين. د: لو صلى ركعتين فعرضت له حاجة جاز ان يذهب الى حاجته، ثم يصلي الباقيتن، كما
صرحت به صحيحة ابن الريان (38) .و مقتضى مفهومها انه لو لم يكن هاهنا امر لا بد منه
يصلي الاربع في مقام واحد، و هو الاحوط. ه: لو سها عن بعض التسبيحات او كلها في محل، و تذكر في محل آخر من هذه الصلاة
قضاه فيه، رواه الشيخ في كتاب الغيبة، و الطبرسي في الاحتجاج، عن مولانا
الصاحب عليه السلام، و فيه بعد السؤال عن سهو التسبيح في قيام او قعود او
ركوع او سجود، و تذكره في حالة اخرى من هذه الصلاة: «اذا سها في حالة من ذلك، ثم
ذكر في حالة اخرى، قضى ما فاته في الحالة التي ذكره » (39) . و مقتضى اطلاق الجواب القضاء لو تذكر بعد الصلاة ايضا. و: قد تكرر في الاخبار انه يجوز فعلها في اي وقت شاء من ليل او نهار، سفر او حضر،
الا انه ورد في التوقيع المروي في كتاب الاحتجاج: ان افضل اوقاتها صدر
النهار من يوم الجمعة (40) . ز: يستحب ان يقول في آخر سجدة من صلاة جعفر بعد التسبيح ما في مرفوعة السراد:
يا من لبس العز و الوقار، يا من تعطف بالمجد، و تكرم به، يا من لا ينبغي
التسبيح الا له، يا من احصى كل شي ء علمه، يا ذا النعمة و الطول، يا ذا المن و
الفضل، يا ذا القدرة و الكرم، اسالك بمعاقد العز من عرشك، و منتهى الرحمة من
كتابك، و باسمك الاعظم الاعلى، و كلماتك التامات، ان تصلي على محمد و آل محمد،
و ان تفعل بي كذا و كذا (41) . او بما في رواية المدائني (42) ، و هو ايضا قريب مما ذكر. و يتخير بينهما، و يجوز
الجمع ايضا. تعليقات: 1) كالعلامة في المنتهى 1: 359، و المجلسي في البحار 88: 212. 2) التهذيب 3: 186-420، الوسائل 8: 50 ابواب صلاة جعفر ب 1 ح 3. 3) الفقيه 1: 348-1539، التهذيب 3: 186-421، ثواب الاعمال: 40، الوسائل 8: 54
ابواب صلاة جعفر ب 2 ح 2. 4) الكافي 3: 465 الصلاة ب 96 ح 1، الوسائل 8: 49 ابواب صلاة جعفر ب 1 ح 1. 5) الكافي 3: 466 الصلاة ب 96 ذ.ح 1، التهذيب 3: 187-423، المقنع: 43، الوسائل 8:54
ابواب صلاة جعفر ب 2 ح 3. 6) الفقيه 1: 347-1536، الوسائل 8: 51 ابواب صلاة جعفر ب 1 ح 5. 7) الكافي 3: 467 الصلاة ب 96 ح 7، الفقيه 1: 349-1540، التهذيب 3: 188-426، الوسائل
8: 50 ابواب صلاة جعفر ب 1 ح 2. 8) فقه الرضا «ع » : 155، مستدرك الوسائل 6: 224 ابواب صلاة جعفر ب 1 ح 2. 9) الذكرى: 249، و انظر: ايضا المختلف: 127. 10) لم نعثر عليه في المقنع، و الموجود فيه: صل اربع ركعات (ص 43) و قد حكى الخلاف عنه
في المختلف: 127. 11) البحار 88: 212. 12) المختلف: 127. 13) الفقيه 1: 347-1536، الوسائل 8: 51 ابواب صلاة جعفر ب 1 ح 5. 14) فقه الرضا «ع » : 156، مستدرك الوسائل 6: 224 ابواب صلاة جعفر ب 1 ح 2. 15) الصدوق في المقنع: 43، السيد في جمل العلم و العمل (رسائل الشريف المرتضى 3) : 43،
حكاه عن الاسكافي في المختلف: 127، القاضي في المهذب 1: 149، الحلبي في الكافي:
161، الديلمي في المراسم: 85. 16) 17) المتقدمة في ص 369. 18) مصباح المتهجد: 275. 19) حكاه عنه في المختلف: 127. 20) فقه الرضا «ع » : 155، مستدرك الوسائل 6: 228 ابواب صلاة جعفر ب 2 ح 1. 21) حكاه عنه في المختلف: 127. 22) المقنع: 43. 23) التهذيب 3: 186-420، الوسائل 8: 50 ابواب صلاة جعفر ب 1 ح 3. 24) الفقيه 1: 348-1538، الوسائل 8: 53 ابواب صلاة جعفر ب 2 ح 1. 25) المتقدمة في ص 369. 26) الفقيه 1: 348. 27) اي: محل التسبيح الذي قبل الركوع، و ترتيب الاذكار الاربعة. 28) حكاه عنه في المختلف: 127. 29) الاولى: التهذيب 3: 187-422، الوسائل 8: 57 ابواب صلاة جعفر ب 5 ح 1. الثانية: الكافي 3: 466 الصلاة ب 96 ح 2، الوسائل 8: 58 ابواب صلاة جعفر ب 5ح 3. 30) الفقيه 1: 349-1542، الوسائل 8: 58 ابواب صلاة جعفر ب 5 ح 5. 31) عيون اخبار الرضا «ع » 2: 178-5، الوسائل 4: 55 ابواب اعداد الفرائض و
نوافلها ب 13 ح 24. 32) الذكرى: 250. 33) انظر: الحدائق 10: 507. 34) عيون اخبار الرضا «ع » 2: 178-5، الوسائل 4: 55 ابواب اعداد الفرائض نوافلها
ب 13 ح 24. 35) الاحتجاج: 491، الوسائل 8: 56 ابواب صلاة جعفر ب 4 ح 1. 36) الفقيه 1: 349-1543، الوسائل 8: 60 ابواب صلاة جعفر ب 8 ح 2. 37) الكافي 3: 466 الصلاة ب 96 ح 3، التهذيب 3: 187-424، الوسائل 8: 59 ابواب صلاة
جعفر ب 6 ح 1. 38) الفقيه 1: 349-1541، التهذيب 3: 309-957، الوسائل 8: 59 ابواب صلاة جعفر ب 6 ح 1.
39) الغيبة: 230، الاحتجاج: 482، الوسائل 8: 61 ابواب صلاة جعفر ب 9 ح 1. 40) الاحتجاج: 491، الوسائل 8: 56 ابواب صلاة جعفر ب 4 ح 1. 41) الكافي 3: 466 الصلاة ب 96 ح 5، الفقيه 1: 349-1544، الوسائل 8: 56 ابواب صلاة
جعفر ب 3 ح 2. 42) الكافي 3: 467 الصلاة ب 96 ح 6، التهذيب 3: 187-425، الوسائل 8: 55 ابواب صلاة
جعفر ب 3 ح 1.