بذل الإخلاص في المشورة في جميع الجوانب
كان عمر يستعين
برأي الإمام(عليه السلام) في جميع جوانب الحياة وفي جميع المرافق التي تحتاج
إلى مشورة وإلى تسديد وتوجيه ، وكان الإمام(عليه السلام)يبدي توجيهاته
ونصائحه المنسجمة مع المصلحة الإسلامية العليا .
حينما أراد عمر
كتابة التاريخ ارتأى أن يكتبه من مبعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) ،
وارتأى بعض الصحابة أن يكتبه من تاريخ وفاته(صلى الله عليه وآله) ، فكان
رأي الإمام(عليه السلام) أن يكتب من يوم الهجرة إلى المدينة ، واستقرّ
الأمر على
ذلك32 .
وأراد عمر بيع
أهل السواد فقال الإمام(عليه السلام) : «دعهم شوكة للمسلمين» فتركهم على
أنّهم
عبيد33 .
وبلغ عمر أنّ أحد
عمّاله باع ما يحرم بيعه وجعل الثمن في بيت المال ، فاستشار الإمام
بذلك ، فقال : «امّا أن تعزله وإمّا أن تكتب إليه أن لا
يعود»34 .
وكان يستقي من
آراء الإمام(عليه السلام) ويتقبّلها ، ففي أحد أيّام الحجّ قبّل الحجر
الأسود ، ثمّ قال : (إنّي لأعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع ،
ولولا انّي رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقبِّلك ما
قبّلتك) .
فقال الإمام(عليه
السلام) : « . . . بل هو يضرّ وينفع ، فهو يشهد
للمؤمن بالوفاء ويشهد على الكافر
بالجحود»35 .
واستعان بأنصار
الإمام(عليه السلام) في أعماله ـ إيماناً منه بإخلاص الإمام(عليه
السلام)وإخلاص أنصاره ـ فعيّن سلمان والياً على المدائن ، وعمّاراً على
الكوفة ، وأسند بعض المناصب الحسّاسة لأنصاره الآخرين ، فكان بعضهم
حلقة الوصل بين الخليفة وقادة
الجند36 .
وقد أخلصوا في
أعمالهم كما أخلص الإمام(عليه السلام) في مشورته ، فكانوا ينظرون إلى
المصلحة الإسلامية العليا وإلى وحدة الدولة والأمّة .
وقد عبّر عمر بن
الخطّاب عن تلك السيرة وذلك الحرص من قبل الإمام(عليه السلام)على المصلحة
الإسلامية ، وعلى حفظ وحدة الكيان الإسلامي ووحدة المسلمين; بأقواله
بحقّه ، تقديراً منه للجهود التي بذلها في تسيير الأحداث والوقائع
المختلفة ، ومن أقواله بحقّ الإمام(عليه السلام) قوله : «لا أبقاني
الله بعدك يا أبا الحسن» و«أعوذ بالله أن أعيش في يوم لست فيه يا أبا الحسن»
و«لولا علي لهلك
عمر»37 .
وقال لعبد الله
بن عبّاس : «إنّ عليّاً ابن عمّك لأحقّ الناس بها ، ولكنّ قريشاً
لا تحتمله ، ولئن وليهم ليأخذنّهم بمرّ الحقّ لا يجدون عنده
رخصة»38 .