الموقف من الشورى
حينما طعن عمر
جعل أمر الخلافة بيد ستّة من الصحابة يختارون أحدهم ، وأمر بقتل كلّ من
خالف الاختيار ، وكان الإمام(عليه السلام) يتوقّع النتائج ، وكان
يقول : «فسعد لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن صهر
عثمان لا
يختلفون»39 .
ومع علمه
بالنتائج إلاّ أنّه قبل بالاجتماع واشترك فيه ، فحينما قال له عمّه
العبّاس لا تدخل معهم كان جوابه : «إنّي أكره
الخلاف»40
.
وحينما تمخّضت
النتائج بترشيح عثمان خليفة من قبل عبدالرحمن بن عوف اكتفى الإمام(عليه
السلام) بالقول : «ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه
علينا ، { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ
وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا
تَصِفُونَ}41 . . .»42 .
فقد عبّر عن رأيه
بلا موقف سلبي ، وقال لعبد الله بن عبّاس : «إنّي رأيت الجميع راضين به فلم أحبّ مخالفة المسلمين حتّى
لا تكون فتنة بين
الأمّة»43
.
ووضع(عليه
السلام) ميزاناً ثابتاً في التعامل مع السلطة والخلافة ، فقدّم مصلحة
الإسلام العليا على جميع المصالح ، وقدّم الوحدة الإسلامية على جميع
المغانم والمكاسب الآنية والذاتية ، فخاطب أهل الشورى قائلا :
«لقد علمتم أنّي أحقّ بها من غيري ،
ووالله لأُسلمنَّ ما سلمت أُمور المسلمين; ولم يكن فيها جور إلاّ عليَّ
خاصّة، التماساً لأجر ذلك وفضله ، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه
وزبرجه»44
.
وكان يقول :
«فنظرت في أمري ، فإذا طاعتي قد سبقت
بيعتي ، وإذا ميثاقي قد أخذ لغيري ، فبايعت عثمان فأديت له
حقّه»45
.
فقد تعالى(عليه
السلام) على كثير من الاُمور حفاظاً على المصلحة الإسلامية العليا ،
وعلى وحدة الدولة والأمّة ، ووقف بجانب الخليفة الجديد لتحقيق الهدف
الأكبر وهو تقرير مبادئ الإسلام في واقع الحياة ، وممّا نسب إليه في هذا
الأمر قوله : «لو سيّرني عثمان عنه إلى
صرار لسمعته وأطعت
الأمر»46
. وصرار موقع على بعد عدّة أميال من
المدينة .