الاعتراض السلمي
بعد أن تمخّض
اجتماع السقيفة عن إعلان بيعة أبي بكر اعترض الإمام علي(عليه السلام)على هذا
الاعلان اعتراضاً سلمياً بحدود تبيان وجهة نظره طبقاً للأُسس والموازين
المساعدة لهذا الاعتراض ، وكان يقول : «أنا أحقّ بهذا الأمر منكم لا أُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة
لي»1
.
وكان يوجّه
أنظار المهاجرين إلى خصائص من هو أهلا للخلافة طبقاً للثوابت الشرعية
والعقلية ، حيث يقول : «والله يا
معشر المهاجرين ، لنحن أحقّ الناس به ، لأنّا أهل البيت ،
ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم ما كان فينا إلاّ القارئ لكتاب الله ، الفقيه
في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ،
المدافع عنهم الأمور السيّئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنّه
لفينا . . .»2
.
وكان اعتراضه
حقّاً طبيعياً طبقاً للظروف الموضوعية واستناداً للمبرّرات التي تمنحه الحقّ
في الاعتراض والدعوة إلى نفسه ، وإذا غضضنا النظر عن نقاط الاختلاف في
هذه المبررات من حيث التفسير والتأويل ، وتمسّكنا بالنقاط المشتركة التي
لا يختلف فيها بين الصحابة نجد أنّ اعتراضه على الشورى أو نتائجها لا يخرج عن
المألوف من أُسس وموازين ثابتة لدى الجميع وأهمّها : غياب بني هاشم
وأغلب الصحابة عن اجتماع السقيفة ، وبروز القبلية في الحوار الساخن مع
المغالبة والتهديد ، واعتراف المشاركين بفقدان أسس الشورى ، وعدم
اختيار الأعلم والأفقه ، والاحتجاج بالقرابة من رسول الله(صلى الله عليه
وآله) على الرغم من قرب بني هاشم والإمام علي(عليه السلام) له(صلى الله عليه
وآله) .
وفي جميع موارد
ومواقع الاعتراض كان الإمام علي(عليه السلام) محافظاً على القواعد الشرعية في
أدب الحوار والنقاش والاعتراض ، وكان موقفه سلمياً لا يتعدّى تبيان حقّه
بالخلافة ، وممّا جاء في ذلك قوله لأبي بكر : «كنّا نرى أنّ لنا في هذا الأمر حقّاً ، فاستبدتم به
علينا»3
.