الثقافة الفقهية العامّة في حلقات - ثقافة الفقهیة العامة فی حلقات نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ثقافة الفقهیة العامة فی حلقات - نسخه متنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





الثقافة الفقهية العامّة في حلقات





نستهدف في هذا الباب المقتضب إيجاد ثقافة إجمالية عامة لدي القارئ الكريم ، إذ لابدّ للمسلم من أن يتوفّر علي الثقافة الدينية في الجانب النظري والعقائدي وما يسمّي باُصول الدين ، وأيضا لابدّ له من اكتساب الثقافة الشرعية في الجانب العملي لكي يتّضح له طريق طاعة اللّه‏ وكيفية امتثال أوامره واجتناب نواهيه . . ونحن هنا نعرض الفتاوي الشرعية طبقا لمذهب أهل البيت عليهم‏السلام الذين أبعد اللّه‏ عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا . . وبالنظر إلي انفتاح باب الاجتهاد فليرجع كل مكلَّف في التفاصيل إلي المجتهد الذي يقلِّده ويتّبعه . . كما وحاولنا ـ قدر المستطاع ـ الاشارة إلي آراء المذاهب الفقهية الاُخري لدي موارد الاختلاف .( التحرير )


( 2 )


طرق معرفة وامتثال التكليف


الاجتهاد والتقليد والاحتياط :


إنّ كلّ مكلّف يعلم بوجود عدّة تكاليف الزامية ـ أوامر ونواه ـ في الشريعة ، وهو مسؤول عنها يوم القيامة ، فيحكم عقله بلزوم امتثال كل ما يريده المولي سبحانه من عباده ، ولابدّ له من أن يتيقّن بالفراغ ممّا في عهدته من ذلك وأنّه قد أدّي حق ربّه وأطاعه في أمره واتقاه في نهيه ، ولا وسيلة لتحصيل هذا اليقين إلاّ إذا كان المكلّف في جميع أفعاله وتروكه مجتهدا في أحكام الشريعة ، أو مقلِّدا لمن هو أهل للتقليد والاقتداء به ، أو محتاطا علي أن يستند في احتياطه إلي علمه هو واجتهاده أو إلي تقليد مجتهد معين .


ولا وزن لعمل عامل غير مجتهد في أحكام اللّه‏ تعالي ولا محتاط فيها ولا مقتدٍ بمجتهد عادل ؛ فإنّه مع تركه لهذه الطرق الثلاثة لا يتيقّن بفراغ ذمّته أمام اللّه‏ سبحانه ، حتي ولو كان العامل جاهلاً بوجوب التقليد أو تستثني بعض الحالات النادرة حيث يحكم فيها بالصحة .


وسنوضّح هذه الطرق الثلاثة بتفصيل أكثر :


أوّلاً ـ الاجتهاد :


الاجتهاد : هو القدرة العلمية علي استخراج الحكم الشرعي من دليله المقرّر له .


ومن الواضح أنّ مصدر التشريع هو الكتاب الكريم والسنّة المطهّرة ، إلاّ أنّ جملة كبيرة من هذه الأحكام لم تبيَّن ضمن صيغ واضحة وصريحة ، وإنّما وردت منثورة في المجموع الكلّي للكتاب والسنّة بحيث صار استنباطها يتوقف علي بذل جهد علمي ، ويزداد هذا الجهد العلمي ضرورة كلّما ابتعدنا عن زمن صدور النص ؛ وذلك لعدّة أسباب :


1 ـ ضياع مجموعة من الأحاديث .


2 ـ تغيّر أساليب التعبير وتطوّر اللغة .


3 ـ تعرّض الأحاديث إلي الدسّ والافتراء والتحريف .


4 ـ تطوّر الحياة وبروز حوادث وموضوعات جديدة لم يرد فيها نص خاص .


وهذا ما جعل التعرّف علي الحكم الشرعي في كثير من الحالات عملاً علميا معقّدا وبحاجة إلي بحث وعناء كبيرين ، وإن لم يكن كذلك في بعض الحالات القليلة التي يكون الحكم الشرعي فيها واضحا كل الوضوح .


ولا مجال للتشكيك في مشروعية عملية الاجتهاد ، واستنباط الأحكام للقادر علي ذلك ؛ باعتبار أنّ ذلك أحد الطرق التي من خلالها يتوصّل المكلّف إلي معرفة حكمه ووظيفته الشرعية ؛ ليتسنّي له عملية الامتثال والطاعة للّه‏ سبحانه .


وبما أنّ الاجتهاد قضية ضرورية ولازمة في الشريعة الاسلامية ، فقد فُتح باب الاجتهاد والبحث الفقهي علي مصراعيه في مذهب أهل البيت عليهم‏السلام لكل قادر عليه ، ولا يزال مفتوحا إلي الآن ، ممّا أكسب هذا المذهب عمقا وثراء علميا حيث تلاقح الأفكار والنظريات .


ومع الأسف الشديد برزت في التأريخ الاسلامي بعض المواقف غير السليمة وغير المبرّرة ـ من الناحية الشرعية ـ تبريرا مقنعا أدّت إلي غلق باب الاجتهاد وحصره في المذاهب الأربعة المعروفة : الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي . وتباطأت حركة البحث الفقهي أو توقّفت في إطار هذه المذاهب .


إلاّ أنّ الغياري من أهل السنّة أخيرا أخذوا يطالبون وينادون بفتح باب الاجتهاد ، قال أحدهم : « إنّ القول بحرمة الاجتهاد وإقفال بابه جملة وتفصيلاً لا يتفق مع الشريعة نصّا وروحا ، وإنّما القولة الصحيحة هي إباحته ، بل وجوبه علي من توفّرت فيه شروطه ؛ لأنّ الاُمّة في حاجة إلي معرفة الأحكام الشرعية فيما جدّ من أحداث لم تقع في العصور القديمة » ( 1 ) .


وهذا الكلام متين جدّا وإن كان التعليل المذكور لا يمثّل إلاّ جانبا واحدا من جوانب الحاجة إلي الاجتهاد ؛ فإنّ الاجتهاد مبدأ مستمرّ باستمرار الشريعة وما دام هناك مكلّف وتكليف في مختلف العصور والظروف ، مضافا إلي أنّ بقاء الشريعة وإحياء أمرها يتوقف علي الاجتهاد ، وإلاّ فسوف لا يبقي من الإسلام والفقه إلاّ الاسم وبعض الأحكام التي يتداولها العامة من دون دليل والتي تتحوّل بالتدريج إلي تقاليد اجتماعية موروثة لا روح فيها .


ثانيـا ـ التقليد :


والتقليد : قدوة واُسوة ، ويتحقق بمجرّد العمل ، أو بمجرّد الجزم والعزم علي العمل ـ عند الحاجة ـ بقول مجتهد معيّن ، فأحد هذين كافٍ في صحة التقليد ( 2 ) ووافٍ في جواز البقاء عليه بعد موت المقلَّد علي ما يأتي .


1 ـ إنّ التقليد هو الطريق المتيسر عادة لجلّ الناس ، فقد اعتاد الناس في كلّ مجال علي الرجوع إلي ذوي الاختصاص والخبرة بذلك المجال وهو واجب علي كلّ مكلف لا يتمكن من الاجتهاد .


2 ـ لا تقليد في البديهيات الدينية والمسلمات الواضحة كوجوب الصوم والصلاة وحرمة الزنا والربا وكالمسائل القطعية التي يمكن العلم بها بلا جهد ودرس ، كبعض الواجبات وكثير من المستحبات وأكثر المباحات التي يعرف حكمها الكثير من الناس الذين يعيشون في البيئات الدينية ، ومنها ـ علي سبيل المثال ـ وجوب العدّة علي زوجة الميت وعلي المطلّقة الشابة بعد المقاربة ، واستحباب الأذكار والدعوات ، وإباحة أكل الرمان ؛ فإنّ هذا النوع من الأحكام لا اجتهاد فيه ولا تقليد ولا احتياط ؛ فإنّ حكم العقل بلزوم أحد هذه الطرق إنّما هو بالنسبة للحكم غير المعلوم .


3 ـ وأيضا لا تقليد في تطبيق المعاني الكلية علي أفرادها الخارجية والتمييز بينها ، من قبيل أنّ هذا المائع السائل أمامك هل هو خمر أو خلّ ؟ فقد يجهل المرجع أنّه خمر ولكنك تعلم أنّه خمر فعليك أن تتصرّف وفقا لعلمك .


4 ـ وكذلك لا تقليد في اُصول الدين والعقائد الأساسيّة من الايمان باللّه‏ ورسوله والأئمة من بعده والمعاد ، فلابدّ لكل إنسان أن يبذل جهدا مباشرا في البحث عنها واكتشاف حقائقها . والنصوص الشريفة قد نهت عن التقليد في العقائد ، فقد عنّف القرآن الكريم اُولئك الذين يعتمدون في اعتقاداتهم علي تقليد الآخرين تقليدا أعمي بدافع التعصّب وبدافع الكسل عن البحث والهروب من تحمّل المسؤولية ، قال تعالي : « وإذا قيل لهم تعالوا إلي ما أنزَلَ اللّه‏ُ وإلي الرسول قالوا حسبُنا ما وجدنا عليه آباءَنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون »( 3 ) .


والاجتهاد في اُصول الدين ليس بالتكليف الصعب ، بل أمر متيسَّر لأغلب الناس ؛ وذلك : لأنّ العقائد الأساسية محدودة عددا ، ولكونها منسجمة مع الفطرة .


ولو واجهت الانسان أحيانا صعوبات في هذا السبيل فإنّه جدير ببذل الجهد لتذليل تلك الصعوبات ؛ لأنّ عقيدة الانسان هي أهم شيء لديه .


5 ـ إنّ التقليد ومراجعة ذوي الخبرة والاخصائيين في الأحكام الفرعية سنّة من سنن الحياة التي تشمل جميع المجالات ، ففي المجال الصحي نري كثيرا من أساليب الوقاية والعلاج لا يعرفها الانسان غير المتخصص إلاّ بالرجوع إلي الطبيب الذي لم يعرفها إلاّ بعد البحث وبذل الجهد . وقد جري الإسلام علي ذلك فوضع مبدأي الاجتهاد والتقليد ، فالاجتهاد هو التخصص في علوم الشريعة والتقليد هو الاعتماد علي قول الأخصّائيين وخبرتهم ، وليس ذلك من التقليد الأعمي ، بل هو من التقليد الواعي .


وأصل مشروعية التقليد ليس أمرا يثبت بالتقليد ، فالواجب علي كلّ مكلَّف ـ لم يقدر علي الاجتهاد ـ أن يفتّش عن فقيه يقطع بأنّ قوله حجة بينه وبين ربّه لكي يتيقّن من امتثال التكاليف الموجّهة إليه .


ولا يجوز التساهل في هذا الأمر والتقليد من غير فحص ولا بصيرة استرسالاً مع الوضع الموروث أو مجاراة لبني قومه ؛ فإنّ المسلم أجلّ شأنا من أن يكون كذلك ، ولابدّ له من أن يهتمّ بأمر دينه قبل أيّ شيء آخـر .


ومن هذا المنطلق يلزم في المرجع أن يكون واجدا لبعض المواصفات حتي يصح تقليده وأخذ الأحكام منه .


6 ـ شروط مرجع التقليد :


إنّ المرجعية في الفتوي مذهب إلهي مقدّس وخطير جدّا ، وهذا الأمر واضح ومرتكز في أذهان المؤمنين والمتشرّعة . ومن هنا اعتبرت بعض الشروط في من يرجع إليه في الفتوي :


1ً ـ الاجتهاد .


2ً ـ البلوغ .


3ً ـ العقل .


4ً ـ الذكورة .


5ً ـ طيب الولادة ، أي كون ولادته بصورة مشروعة .


6ً ـ الإيمان بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم‏السلام .


7ً ـ العدالة .


8ً ـ الحياة ، أي يجب في سائر الأحوال أن يبدأ التقليد بالعمل أو الالتزام بقول الحيّ دون الميت ؛ فإنّ النصوص الدالّة علي مشروعية التقليد ظاهرة في الفقيه الحيّ لا الميّت كقوله تعالي : « فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون »( 4 ) . واشتراط الحياة في مرجع التقليد يجعل الرابطة بين المقلِّد والمرجع الديني رابطة حيّة متجدّدة باستمرار .


وقد ذهب فقهاء أهل السنّة إلي اشتراط العلم والعدالة .


9ً ـ الأعلمية : إذا تعدّد المجتهدون الذين تتوفر فيهم الشروط السابقة وعلم المقلِّد بأنّهم مختلفون في آرائهم فيجب عليه أن يقلِّد الأعلم من المجتهدين في هذه الحالة .


7 ـ طرق معرفة الاجتهاد والأعلمية

:


1ً ـ شهادة عدلَين من المجتهدين الأكفاء أو الأفاضل القادرين علي التقييم العلمي .


2ً ـ الخبرة والممارسة الشخصية من المقلِّد إذا كان له من الفضل والعلم ما يتيح له ذلك وإن لم يكن مجتهدا .


3ً ـ وأخيرا كلّ سبب يؤدّي إلي يقين المقلِّد وإيمانه بأنّ فلانا أعلم ـ مهما كان السبب ـ فإنّ ذلك يحتّم عليه أن يقلّده دون سواه ، ومن ذلك الشياع بين أهل العلم والفضل ، أو الشياع في صفوف الاُمّة إذا أدّي إلي يقين المقلِّد بأنّ من شاع أنّه أعلم هو الأعلم حقّا .


ويجب علي المقلِّد الفحص والبحث عن الأعلم في كلّ مظنّة وسبيل ممكن ، وأيضا يجب علي المكلَّف أن يحتاط في أعماله مدّة البحث والفحص .


8 ـ كيفية أخذ فتوي المقلَّد :


يستطيع المقلِّد أن يتعرف علي فتوي مقلَّده باحدي الوسائل التالية :


أوّلاً : أن يستمع منه مباشرة .


ثانيـا : أن ينقل الفتوي إليه شاهدان عادلان [ = البينة ] .


ثالثـا : أن يخبره بها شخص واحد عادل أو ثقة يعرفه بصدق اللهجة والتحرّج عن الكذب حتي لو لم يكن عادلاً وملتزما دينيا في كلّ سلوكه .


رابعـا : أن يجد الفتوي في كتاب ألّفه المرجع أو أقرّه ، كالرسالة العملية الصادرة منه .


9 ـ موقف المكلَّف عند موت المرجع :


إذا مات المرجع في التقليد فما هو تكليف من كان مقتديا به ومقلِّدا له ؟


والجواب : إنّ لذلك عدّة حالات ، أهمها :


1 ـ قد يكون الميّت المقلَّد أعلم من كلّ الأحياء الموجودين بالفعل .


وفي هذا الفرض يستمر المكلَّف علي تقليد الميّت تماما كما لو كان المرجع حيّا ، بلا أدني فرق فيما عمل به من أقوال المرجع وفيما لم يعمل .


2 ـ وقد يكون الحيّ أعلم من الميت ، وعلي هذا يجب العدول إلي تقليد الحيّ في كلّ المسائل دون استثناء .


ومن الضروري الاشارة إلي أنّه في الحالات التي يسوغ للمقلِّد أن يستمر علي تقليد المرجع الميت لا يحق له أن يستمر هكذا بصورة اعتباطية ، وإنّما يسوغ له الاستمرار كذلك بعد أن يتعرف علي الأعلم من المجتهدين الأحياء ويرجع إليه في التقليد ، فيسمح له بالاستمرار علي العمل بفتاوي المرجع الميت ، وإذا لم يصنع ذلك واستمر علي تقليد الميت بصورة اعتباطية كان كمن يعمل بدون تقليد .


ثالثـا ـ الاحتياط :


والاحتياط : أن يأتي المكلف بكل شيء يحتمل فيه الأمر والوجوب ولا يحتمل تحريمه علي الاطلاق ، وأن يترك كلّ شيء يحتمل فيه النهي والتحريم ولا يحتمل فيه الوجوب بحال .


ويشترط في العمل بالاحتياط العلم بموارده ، وربما يتعذّر في بعض الحالات ، ولهذا فإنّ الاحتياط ليس ميسورا لأغلب الناس .


آثار عامة للتكليف الشرعي :


إنّ ثبوت الأحكام الشرعية سواء كان بطريق الاجتهاد أو التقليد يترتّب عليه بعض الآثار ، منها :


1 ـ إذا ثبت تكليف شرعي وكان أمرا كالأمر بالصلاة والأمر بالصدقة ترتب علي ذلك أنّ كل مقدّمة يتوقّف عليها ذلك الواجب الذي أمرت به الشريعة تصبح واجبة ، ولابدّ للمكلّف من القيام بها ، من قبيل وجوب الطهارة للصلاة الواجبة .


2 ـ وإذا ثبت التكليف وكان نهيا وتحريما كالنهي عن شرب الخمر أو قتل النفس ترتب علي ذلك أنّ المكلف لابدّ له ـ حذرا من الوقوع في الحرام ـ أن يجتنب كل موقف أو عمل يؤدي بطبيعته إلي وقوع الحرام وصدوره منه .


3 ـ وإذا وجب علي إنسان القيام بفعل حرم علي أيّ إنسان آخر أن يحاول صرفه عن القيام به ، وإذا حرم علي إنسان القيام بفعل حرم علي أيّ إنسان آخر أن يسعي من أجل أن يقوم بذلك الفعل .


ومثاله : إذا حرم علي الجنب أن يدخل المسجد حرم عليك أن تُدخله ، وإذا حرم علي إنسان أن يأكل النجس حرم عليك أن تقدّم له طعاما نجسا وتستدرجه إلي أكله ، وهكذا .


4 ـ وإذا وجب علي الإنسان شيء يقينا وشكّ في أنّه هل أتي به أو لا ؟ وجب عليه أن يأتي به ما دام في الوقت متّسع .


ومثال ذلك : أن يشك في أنّه هل صلّي أو لا ، ولا يزال وقت الصلاة باقيا .


ومثال آخر : أن يشك المدين في أنّه هل وفّي زيدا وسدّد له دينه .


ومثال ثالث : أن يشك من وجبت عليه الزكاة في أنّه هل أدّي الزكاة .


ففي كلّ هذه الحالات يجب عليه أن يأتي بالواجب ليكون علي يقين بالطاعة .


5 ـ المكلّف الذي لم يمتثل التكليف وعصي ، يجب عليه شرعا وعقلاً أن يتوب عن معصيته ويؤوب إلي ربّه ولا يتمادي أكثر ، وإذا لم يتب كان ذلك معصية اُخري منه .


والتوبة تتلخّص في أن يندم علي ما وقع منه من ذنب ، ويتّخذ قرارا بالتحفّظ وعدم تكرار ذلك في المستقبل ؛ فإنّ اللّه‏ يحبّ التوّابين ويقبل العذر من عبده ، قال تعالي : « قلْ يا عباديَ الذينَ أسرَفوا علي أنفسِهم لا تقنطوا من رحمةِ اللّه‏ إنّ اللّه‏َ يغفر الذنوبَ جميعا إنّه هو الغفورُ الرحيمُ »( 5 ) .


6 ـ المسلم الذي لم يراعِ أحكام اللّه‏ ولم يتب يعتبر فاسقا ومنحرفا .


7 ـ المسلم الذي يستقيم علي شرع الإسلام وطريقته يسمّي عادلاً ، قال تعالي : « فاستَقِم كما اُمرْتَ ومَنْ تابَ معَكَ »( 6 ) ، وقال : « وأَنْ لَوِ استقامُوا علي الطَّرِيقَةِ لأسقيناهم ماءً غدقا »( 7 ) شريطة أن تكون هذه الاستقامة طبيعة ثابتة للعادل تماما كالعادة ، ولا فرق من هذه الجهة بين ترك الذنب الكبير والذنب الصغير ، ولا بين فعل الواجب المتعب وغيره ما دام الاذعان والاستسلام ركنا من أركان السمع والطاعة لأمر اللّه‏ ونهيه أيّا كان لونهما ووزنهما .


أمّا من استثقل شرع اللّه‏ وأحكامه فهو من الذين أشارت اليهم الآية الكريمة : « وإنَّها لَكبيرَةٌ إلاّ علي الخاشعينَ »( 8 ) .


ومن الجدير بالذكر الاشارة إلي أنّ العدالة شرط أساسي في مواقع شرعية متعددة ؛ فالمرجعية العليا للتقليد ، والولاية العامة علي المسلمين ، والقضاء ، وإمامة صلاة الجماعة ، وإقامة الشهادة التي يأخذ بها القاضي ، والشهادة علي الطلاق ، كلّ هذه المسؤوليات يشترط فيها عدالة الانسان الذي يتحمّلها ، والعدالة في الجميع بمعني الاستقامة علي الشرع كما تقدّم .


وهذه الاستقامة تستند إلي طبيعة ثابتة في الانسان المستقيم ، وكلّما كانت المسؤولية أكبر وأوسع وأجلّ خطرا كانت العدالة في من يتحمّلها بحاجة إلي رسوخ أشدّ وأكمل في طبيعة الاستقامة لكي يعصم بها من المزالق ، ومن أجل ذلك صحّ القول بأنّ المرجعية تتوقّف علي درجة عالية من العدالة ورسوخ أكيد في الاستقامة والاخلاص للّه‏ سبحانه وتعالي .


8 ـ طرق معرفة العدالة :


أوّلاً ـ الحس والممارسة .


ثانيـا ـ شهادة عادلين بها .


ثالثـا ـ شهادة الثقة .


رابعـا ـ حسن الظاهر والسيرة الحسنة بين الناس ، بمعني أن يكون معروفا عندهم بالاستقامة والصلاح والتديّن ؛ فإنّ ذلك دليل علي العدالة وإن لم يحصل الوثوق والاطمئنان بسبب ذلك .


9 ـ إذا مارس العادل في لحظة ضعف أو هوي ذنبا زالت عنه العدالة ، فإذا ندم وتاب فهو عادل ما دام طبع الطاعة والانقياد ثابتا في نفسه .


10 ـ يجب علي كلّ مكلَّف ـ رجلاً أو امرأة ـ أن يكون علي بصيرة من دينه ومعرفة بالأحكام التي من الممكن أن يتعرّض لها ولا يمكن أن يعطيها حقّها إلاّ بتعلّمها .


ولا عذر للمكلّف في ترك الفرائض والواجبات جهلاً بما يجب عليه منها ، ولا عذر له في الاتيان بها بصورة غير صحيحة جهلاً منه بخصائصها وأجزائها وشروطها ، بل يتحتّم عليه أن يتعلّم ذلك ، حتي إذا صلّي أو صام ـ مثلاً ـ علم أنّه أدّي للّه‏ ما عليه من هذه العبادة الواجبة علي النهج المطلوب ، لأنّه متفقّه بقدر ما يعلم بصحتها والاكتفاء بها والخروج عن عهدة أمرها ووجوبها .





( 6 ) هود : 112 .


( 1 ) الموسوعة الفقهية ( الكويتية ) 1 : 43 .


( 3 ) المائدة : 104 .




( 8 ) البقرة : 45 .


( 4 ) التوبة : 122 .


( 5 ) الزمر : 53 .




( 7 ) الجن : 16 .


( 2 ) يري بعض المجتهدين عدم كفاية الثاني في تحقق التقليد .

/ 1