تلقیح الصناعی بین العلم و الشریعة (2) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تلقیح الصناعی بین العلم و الشریعة (2) - نسخه متنی

السید شهاب الدین الحسینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید











التلقيح الصناعي بين العلم والشريعة

السيد شهاب الدين الحسيني

القسم الثاني
2 ـ التلقيح بين الرجل وامرأة غير حليلته
وليعلم أنّ التلقيح بين نطفة الرجل وبويضة المرأة الأجنبية أمر نادر الوقوع في مجتمعاتنا الاسلامية ، وهو منتشر جداً في الدول الغربية أو الدول التي لاتتبني الدين أو الاسلام منهجاً لها في الحياة ، فقد بلغ عدد النساء الملقحات بهذا الاسلوب في الولايات المتحدة مئة ألف امرأة حتي سنة 1967 وفق احصاءاتها الرسمية ، أما في بريطانيا حيث لا تتوفر مثل تلك الاحصاءات فيقدر أهل الخبرة عدد الذين تم انجابهم بحيوانات منوية من متبرعين من أبناء الانجليز بحوالي عشرة آلاف طفل ، وهذه العملية مباحة في كثير من الدول غير الاسلامية كفرنسا والمانيا الغربية ، والاطفال الناتجون شرعيون تماماً في هذه الدول باستثناء بريطانيا لاتعتبرهم شرعيين وإن كانت القوانين تجيز العملية أصلاً ، ويبقي الأطفال شرعيين في المانيا ما لم يطعن في شرعيتهم ( 1 ) .


أمّا في المجتمعات الاسلامية فقد حكم أغلب الفقهاء بتحريم هذه العملية ؛ لعدم وجود رابطة زوجية بين صاحب النطفة وصاحبة البويضة ، وفيما يلي نستعرض آراء بعض من الفقهاء :


السيد روح اللّه‏ الخميني : لا يجوز التلقيح بماء غير الزوج ، سواء كانت المرأة ذات بعل أو لا ، رضي الزوج أو الزوجة بذلك أو لا ، كانت المرأة من محارم صاحب الماء كاُمّه واُخته أو لا ( 2 ) .


السيد علي السيستاني : إذا أدخلت المرأة مني رجل أجنبي في فرجها أثمت ( 3 ) .


الشيخ جواد التبريزي : لايجوز تلقيح المرأة بماء الرجل الأجنبي ، سواء أكان التلقيح بواسطة رجل اجنبي أو بواسطة زوجها ( 4 ) .


السيد محمد سعيد الحكيم : أمّا تلقيحها بنطفة اجنبي فهو حرام إذا كان التلقيح في الرحم بطريق الوط‏ء المحرم أو بمجرد ادخال المني ، بل الاحوط وجوباً تركه مطلقاً وان كان التلقيح خارج الرحم ، إذا استتبع دخول البويضة بعد التلقيح في الرحم ، بل مطلقاً إلاّ ألاّ يستتبع التلقيح تكوّن آدمي ، بل كان لمحض التجارب العلمية في مرحلة بدائية ( 5 ) .


السيد محسن حرم پناهي : انّ انعقاد النطفة من ماء الرجل ونطفة المرأة التي تحرم عليه حرام ( 6 ) .


الشيخ محمود شلتوت : إذا كان التلقيح البشري بغير ماء الزوج علي هذا الوضع وبتلك المنزلة كان ودون شك أفظع جرماً وأشد نكراً من التبني في أشهر معناه . . . وهو أن ينسب الانسان ولداً يعرف أنّه ابن غيره إلي نفسه ، وإنّما كان التلقيح افظع جرماً من التبني ، لأنّ الولد المتبني المعروف للغير ليس ناشئاً عن ماء أجنبي عن عقد الزوجية ، إنّما ولد ناشئ عن ماء أبيه ألحقه به رجل آخر باسرته وهو يعرف أنّه ليس حلقة من سلسلتها ، غير أنّه أخفي ذلك عن الولد ، ولم يشأ أن يشعره بأنّه أجنبي فجعله في عداد اسرته وجعله أحد ابنائه زوراً من القول ، واثبت له ما للأبناء من أحكام .


أمّا ولد التلقيح فهو يجمع بين نتيجة التبني المذكورة ـ وهي إدخال عنصر غريب في النسب ـ وبين خسة اُخري وهي التقاؤه مع الزنا في اطار واحد ، تنبو عنه الشرائع والقوانين ، وينبو عنه المستوي الانساني الفاضل ، وينزلق به إلي المستوي الحيواني الذي لاشعور فيه للافراد برباط المجتمعات الكريمة ، وحسب من يدعون إلي هذا التلقيح ويشيرون به علي ارباب العقم تلك النتيجة المزدوجة التي تجمع بين الخستين : دخل في النسب أو عار مستمر إلي الأبد ( 7 ) .


الشيخ عز الدين الخطيب ، مفتي المملكة الاردنية الهاشمية :


أمّا إذا كان التلقيح بين غير الزوجين فشيء لاتبيحه الشريعة الاسلامية ، ويكون زناً مقنعاً ، فهو أمر حرام وتعتبره الشريعة الاسلامية خطراً علي الانسان والأرحام والأعراض ( 8 ) .


وجاء في فتاوي دائرة الإفتاء المصرية : تلقيح الزوجة بمني رجل آخر غير زوجها سواء لأن الزوج ليس به مني ، أو كان به ولكنه غير صالح محرم شرعاً ؛ لما يترتب عليه من الاختلاط في الانساب ، بل ونسبة ولد إلي أب لم يخلق من مائه ، وفوق هذا ففي هذه الطريقة من التلقيح إذا حدث بها الحمل معني الزنا ونتائجه ، والزنا محرم بنصوص القرآن والسنة ( 9 ) .


وقد تقدمتُ إلي بعض الفقهاء ببعض الأسئلة فأجابوا عليها في خصوص هذه المسألة :


السؤال الأول : هل أنّ إقرار النطفة في رحم امرأة أجنبية محرّم آخر زائد علي أصل الجماع ؟
السؤال الثاني : هل يستفاد من روايات إقرار النطفة في رحم امرأة أجنبية حرمة إدخال مني الأجنبي في فرج الأجنبية ولو بآلة ؟
السيد علي الخامنئي :


ج 1 : الجماع مع الأجنبية حرام ، وكذا إدامته لتخرج النطفة منه وتستقر في رحمها ، وأمّا مجرد جعل النطفة في رحمها فليس حراماً في نفسه ما لم يستلزم أمراً محرماً .


ج 2 : لا يستفاد منها ذلك .


السيد عليّ السيستاني :


ج 1 : نعم .


ج 2 : نعم .


الشيخ حسين نوري الهمداني :


ج 1 : لا ، لا يكون محرّماً آخر زائداً علي أصل الجماع .


ج 2 : نعم يستفاد ذلك .


الشيخ لطف اللّه‏ الصافي :


ج 1 : يمكن أن يقال إن إقرار النطفة في رحم أجنبية ذات بعل والمكرهة علي الزنا محرم آخر غير الزنا ، وفي غير المكرهة إن لم تكن ذات بعل فالحرمة تدور مدار حرمة إقرار النطفة في رحم أجنبية برضاها بدون جماع ، ومع الجماع يكون مثله بل أشد حرمة منه بطريق اولي ، بل يمكن أن يقال : إنّ الاستيلاد عن طريق الزنا بنفسه مبغوض ومحرم .


ج 2 : لا يستفاد من الروايات عدم جواز إقرار النطفة ولو بإذن صاحبها وعدم توقف ذلك علي ارتكاب فعل محرم ، وهل يمكن القول باستفادة ذلك من وجوب محافظتهن علي فروجهن بالاطلاق ولا سيما إذا كنّ ذوات بعل بدون رضا ازواجهن بل معه ؟ وعلي الجملة فالحكم بالجواز في جميع هذه الصور بالأصل محل إشكال ، واللّه‏ العالم .


حكم زرع بويضة المرأة في رحم اُخري
وحكم التلقيح في الرحم الصناعي
طرحنا هذه الاسئلة علي بعض الفقهاء فأجابوا عليها كل حسب أدلته .


السؤال الأوّل : هل يجوز إدخال بويضة امرأة في رحم امرأة اُخري لغرض التلقيح إن كانت إحداهما :


أ ـ ضرّة للاُخري ؟
ب ـ اُختاً ؟
ج ـ أجنبية ؟
السؤال الثاني : هل يجوز إدخال البويضة الملقحة في رحم امرأة اُخري أجنبية عن صاحب المني ؟
السؤال الثالث : لو أمكن التلقيح الصناعي علمياً في رحم صناعي أو رحم حيوان ، هل يجوز التقاء المني مع بويضة الاجنبية إذا كانا :


أ ـ معلومين ؟
ب ـ مجهولين ؟
ج ـ أحدهما مسلم والآخر كافر ؟
السيد عليّ الخامنئي :


ج 1 : يجوز إذا لم يستلزم أمراً محرّماً من دون فرق بين الصور .


ج 2 : لا مانع منه في حدّ نفسه ويحرم إذا توقف علي المقدمات المحرمة كاللمس والنظر المحرّمين .


ج 3 : لا مانع منه شرعاً في الصور المذكورة .


الشيخ لطف اللّه‏ الصافي :


ج 1 : إن كانت إحداهما ضرّة للاُخري ولم يستلزم ارتكاب محرم جاز واللّه‏ العالم .


ج 2 : إن كان ذلك بجعل رحم الاُخري وعاءً للبيضة الملقحة ولم يستلزم ارتكاب محرم جاز واللّه‏ العالم .


ج 3 : يمكن أن يقال بجوازه بالأصل إن لم يستلزم ارتكاب محرم واللّه‏ العالم .


الشيخ حسين نوري الهمداني :


ج 1 : يجوز في الضرّة إذا لم يستلزم محرماً آخر ولا يجوز في غيرها ممّا ذكرتم .


ج 2 : لا يجوز .


ج 3 : لا يجوز في جميع ما ذكرتم .


السيد محمد صادق الروحاني :


ج 1 : لا أري وجهاً لحرمته بنفسه مالم يستلزم محرماً آخر ، من غير فرق بين الضرّة ، والاُخت ، والأجنبية .


ج 2 : الظاهر جوازه . . . والأحوط الترك .


ج 3 : الأظهر هو الجواز بجميع فروضه .


ويري السيد محمد الصدر أنّ هنالك عدة محاذير في الفروض المذكورة ومنها :


1 ـ التقاء بويضة مع حويمن ليس بين صاحبيهما زواج شرعي أو تحليل ، حتي ولو كان الالتقاء في رحم صناعية أو حيوانية ، وهذا غير واضح الحرمة فقهياً ، لعدم انطباق عنوان الزنا عليه ، وافتراض عدم انطباق بعض المحاذير عليه ، ومقتضي أصالة البراءة جوازه ، إلاّ أنّ القول بجوازه لا يخلو من صعوبة فقهياً يبقي معها مخالفاً للاحتياط ، وخاصة إذا كانا متزوجين بالغير .


2 ـ إنّ اخراج البويضة من المرأة لايمكن أن يكون حلالاً إلاّ بفعل نفسها أو زوجها ، فإذا لم تكن متزوجة انحصر الأمر بها فقط ليكون فعلها حلالاً ، ولا احسب أنّ هذا أمر ممكن طبياً اصلاً ، بل هو ضرر حقيقي ، فيكون محرماً بدوره ( 10 ) .


ومن مقرّرات مجلس مجمع الفقه الاسلامي بعمّان أنّ هناك ست حالات منها أربع محرّمة وممنوعة شرعاً لما يترتب عليها من اختلاط الانساب ، وشيوع الامومة ، وهذه الحالات المحرّمة هي :


1 ـ أن يُجري التلقيح بين نطفة من زوج وبويضة مأخوذة من امرأة اجنبية ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة او العكس .


2 ـ أن يُجري تلقيح خارجي بين لقيحة زوجين ثم تزرع في رحم امرأة متطوعة بحملها .


3 ـ أن يُجري تلقيح خارجي بين نطفة من رجل أجنبي وبويضة امرأة أجنبية وتزرع اللقيحة في رحم الزوجة .


4 ـ ان يجري تلقيح خارجي بين نطفة وبويضة زوجين ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجة اُخري ( 11 ) .


أنواع التلقيح الصناعي المحرّم وصوره
المجموعة الاُولي
الرحم البويضة المني الرقم
امرأة اجنبية متزوجة الزوجة الزوج 1
امرأة اجنبية غير متزوجة الزوجة الزوج 2
امرأة محرم علي الزوج الزوجة الزوج 3
الزوجة امرأة أجنبية متزوجة الزوج 4
الزوجة امرأة اجنبية غير متزوجة الزوج 5
الزوجة امرأة مجهولة الزوج 6
الزوجة امرأة محرم علي الزوج الزوج 7
المجموعة الثانية
الرحم البويضة المني الرقم
طالبة التلقيح طالبة التلقيح رجل اجنبي متزوج 1
زوجة الأجنبي طالبة التلقيح رجل اجنبي متزوج 2
امرأة أجنبية متزوجة طالبة التلقيح رجل أجنبي متزوج 3
امرأة أجنبية غير متزوجة طالبة التلقيح رجل أجنبي متزوج 4
امرأة محرم علي الرجل طالبة التلقيح رجل أجنبي متزوج 5
طالبة التلقيح امرأة أجنبية متزوجة رجل أجنبي متزوج 6
طالبة التلقيح امرأة‏اجنبية‏غير متزوجة رجل أجنبي متزوج 7
امرأة ثالثة متزوجة امرأة اجنبية متزوجة رجل أجنبي متزوج 8
امرأة ثالثة غير متزوجة امرأة اجنبية متزوجة رجل أجنبي متزوج 9
امرأة ثالثة متزوجة امرأة‏اجنبية‏غير متزوجة رجل أجنبي متزوج 10
امرأة ثالثة غير متزوجة امرأة‏اجنبية‏غير متزوجة رجل أجنبي متزوج 11
طالبة التلقيح امرأة مجهولة رجل أجنبي متزوج 12
امرأة ثالثة متزوجة امرأة مجهولة رجل أجنبي متزوج 13
امرأة ثالثة غير متزوجة امرأة مجهولة رجل أجنبي متزوج 14
المجموعة الثالثة
الرحم البويضة المني
طالبة التلقيح طالبة التلقيح رجل اجنبي غير متزوج 1
امرأة اجنبية متزوجة طالبة التلقيح رجل اجنبي غير متزوج 2
امرأة اجنبية غير متزوجة طالبة التلقيح رجل اجنبي غير متزوج 3
طالبة التلقيح امرأة اجنبية متزوجة رجل اجنبي غير متزوج 4
طالبة التلقيح امرأة اجنبية غير متزوجة رجل اجنبي غير متزوج 5
امرأة ثالثة متزوجة امرأة اجنبية متزوجة رجل اجنبي غير متزوج 6
امرأة ثالثة غير متزوجة امرأة اجنبية متزوجة رجل اجنبي غير متزوج 7
امرأة ثالثة غير متزوجة امرأة اجنبية غير متزوجة رجل اجنبي غير متزوج 8
امرأة ثالثة غير متزوجة امرأة اجنبية غير متزوجة رجل اجنبي غير متزوج 9
طالبة التلقيح امرأة مجهولة رجل اجنبي غير متزوج 10
امرأة متزوجة امرأة مجهولة رجل اجنبي غير متزوج 11
امرأة متزوجة امرأة مجهولة رجل اجنبي غير متزوج 12
طالبة التلقيح امرأة محرم رجل اجنبي غير متزوج 13
امرأة محرم طالبة التلقيح رجل اجنبي غير متزوج 14
المجموعة الرابعة
الرحم البويضة المني الرقم
طالبة التلقيح طالبة التلقيح رجل مجهول 1
امرأة متزوجة طالبة التلقيح رجل مجهول 2
امرأة غير متزوجة طالبة التلقيح رجل مجهول 3
رحمها امرأة غير متزوجة رجل مجهول 4
امرأة ثانية متزوجة امرأة غير متزوجة رجل مجهول 5
امرأة ثانية غير متزوجة امرأة غير متزوجة رجل مجهول 6
طالبة التلقيح امرأة مجهولة رجل مجهول 7
امرأة غير متزوجة امرأة مجهولة رجل مجهول 8
المجموعة الخامسة
الرحم البويضة المني الرقم
زوجته اخته ـ امّه رجل محرم شرعاً 1
امرأة اجنبية متزوجة اخته ـ امّه رجل محرم شرعاً 2
امرأة اجنبية غير متزوجة اخته ـ امّه رجل محرم شرعاً 3
اخته ـ امّه زوجته رجل محرم شرعاً 4
اخته ـ امّه مجهولة رجل محرم شرعاً 5
اخته ـ امّه اخته ـ امّه رجل محرم شرعاً 6
الآثار المترتّبة علي التلقيح الصناعي
أوّلاً : نسب طفل التلقيح الصناعي
مقدمة :


النسب في الشريعة الاسلامية له أهمية خاصة ولهذا جاءت الارشادات والتعاليم الاسلامية لتؤكد الاحتياط في هذه القضية المهمة والحساسة في حياة الانسان والمجتمع . والحفاظ علي الأنساب أحد أهم الواجبات الملقاة علي الانسان فردا كان أم مجتمعا ، وهو مسؤولية شرعية من مسؤوليات الجميع وبالخصوص السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في المجتمع والدولة الاسلامية .


وقد حصرت الشريعة الاسلامية النسب في دائرة الولادة الناشئة عن العقد الصحيح وما هو بحكمه . فلم تقرّ النسب الناشئ عن الزنا طبقا للمبدأ المعروف الولد للفراش وللعاهر الحجر . ولم تسمح الشريعة بظاهرة التبنّي أيضا .


1 ـ نسب المتولد من التلقيح بين الزوجين :


لم يترك الإسلام واقعة إلاّ ووضع لها حكما ، وقد وضع قواعد كلية يستند اليها في استنباط الحكم الشرعي ، وهذه القواعد ترفد الفقيه أو المتخصص بالمقدمات الموصلة إلي الحكم تبعا لتطور حركة الحياة والمجتمع ، ومن هذه الوقائع التلقيح الصناعي ، فانّه وإن كان واقعة حادثة بهذا الترتيب فإنّ هنالك بعض الوقائع الشبيهة به والتي لا تختلف عنه إلاّ شكلاً وظاهرا ، ومن ذلك واقعة العزل بعد المباشرة الجنسية وتكوّن الولد من المني المقذوف خارج المهبل أو خارج الرحم .


سئل رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم عن العزل فقال : « لو أنّ الماء الذي يكون منه الولد أهرقته علي صخرة لأخرج اللّه‏ منها ولدا » ( 12 ) .


وعن الامام علي عليه‏السلام في رجل أتاه ، فقال : اني كنت أعزل عن جارية فجاءت بولد ، فقال له الإمام عليه‏السلام : « انّ الوكا قد ينفلت » فأمره أن يلحقه ( 13 ) .


فالولد ينسب إلي صاحب المني وهو الزوج هنا غاية الأمر انّ المني قد اُدخل بآلة .


وإذا رجعنا إلي اللغة وجدنا أنّ الأب يرادف الوالد ، ويسمي كلّ من كان سببا في إيجاد شيء أو إصلاحه أو ظهوره أبا ( 14 ) .


والزوج هو السبب في ايجاد الولد فيكون أباه ووالده لأنّه صاحب المني المتكون منه .


وعلي ضوء قاعدة الفراش فإنّ الوليد ينسب إلي صاحب الفراش ما لم ينفه بلعان أو يأتي بقرائن أنّه ليس منه ، وفي التلقيح الصناعي لايمكن للزوج المتيقن من تكوّن الوليد من منيّه أن ينفيه عنه ، ولا توجد قرائن علي النفي لانّ المني منيّه ، واللعان إنّما يأتي بعد أن يتيقن أنّه ليس منه ، وهكذا فالوليد ينسب إليه حسب قاعدة الفراش .


وفيما يلي نستعرض آراء فقهاء المذاهب في قضايا ومسائل النسب لنصل إلي المطلوب :


الامامية :


* من وطأ زوجة له أو جارية في الفرج وظهر بها حمل ، وجب عليه الاعتراف به ، سواء كان قد عزل الماء عنها أو لم يعزل ، ولا يجوز له نفيه عنه ، لانه كان يعزل الماء ( 15 ) .


* لا يجوز نفي الولد لمكان العزل ( 16 ) .


* إذا تزوج بكراً فحبلت فإنّ النسب يلحقه ، لامكان أن يكون وطأها دون الفرج فسبق الماء إلي الفرج فحملت منه . . . وإذا كان الزوج بالغاً مجبوباً فأتت امرأته بولد لحقه نسبه ( 17 ) .


* يلحق الولد بصاحب النطفة التي انعقد منها ، سواء كان الانعقاد عن طريق الوط‏ء أم بدونه ، كما لو سال مني الرجل فدخل فرج المرأة ، أو اُدخل بآلة ، أو لقحت بويضتها بحيمن الرجل خارج الرحم ثمّ اُدخلت البويضة في الرحم ( 18 ) .


* إنّما يلحق ما ولدته المرأة بزوجها بشروط :


1 ـ الدخول مع الانزال .


2 ـ أو الانزال في الفرج وحواليه .


3 ـ أو دخول منيّه باي نحو كان ( 19 ) .


ومن خلال ما تقدم اتضح نسب الوليد المتكون من التلقيح الصناعي فهو ينتسب لوالده صاحب النطفة وصاحب الفراش وينتسب لوالدته التي ولدته كما سيأتي .


وقد تسالم علي هذا الرأي جملة من فقهاء الامامية ومراجعهم ومنهم : السيد علي الخامنئي ، السيد محمد الصدر ، السيد محمد صادق الروحاني ، السيد علي السيستاني ، الشيخ لطف اللّه‏ الصافي ـ الشيخ نوري الهمداني ، وغيرهم ( 20 ) .


وذهب السيد محسن الحكيم إلي خلاف ذلك ، فلم ينسب الوليد إلي الزوج حيث يقول : إذا أدخلت المرأة مني رجل في فرجها أثمت ولحق بها الولد ولم يلحق بصاحب المني ، وكذا الحكم لو أدخلت مني زوجها في فرجها فحملت منه ولكن لا اثم عليها في ذلك ( 21 ) .


وهنالك فتوي له مؤرخة بتاريخ 7 رمضان 1377 هـ ، جواباً علي سؤال يتعلق بالموضوع نقلاً من رسالة أحكام الصغير للسيد عبد الرزاق السامرائي ، حيث ذكر أن النسب لايثبت إلاّ بواسطة العضو التناسلي أو سبق الماء أثناء المباشرة الجنسية ( 22 ) .


الحنفية :


* لو أنّ مجبوباً خلا بامرأته ثم طلّقها . . . فان جاءت بولد يثبت النسب ( 23 ) .


* المولود من فراش يلزم الزوج فحلاً كان أو خصياً مجبوباً أو عنيناً ، إلاّ إذا كان الزوج صغيراً لايتصور من مثله الاحبال ( 24 ) .


المالكية :


* إذا أنزل الخصي أو المجبوب اعتدّت زوجتهما حين حصلت خلوة ، والذي قاله الاشياخ : إن المقطوع ذكره يسئل فيه أهل الطب إن كان ينزل ، فان قالوا : تحمل زوجته اعتدت .


وإذا ثبتت العدة علي زوجة المجبوب ثبت نسب الولد منه ، لأنّها شرعت لصيانة مائه من أن يخالطه ماء غيره فتختلط الأنساب ( 25 ) .


ولا يندفع الحمل عنه بعزل ؛ لأنّه متي وطأ وأنزل خارج الفرج ربما سبق الماء في الرحم ، فإذا حملت وأنكر أنّ الحمل منه ؛ لكونه كان يعزل لاينفعه ويلحق به . . . أو وطأ بدبر فلا يندفع الحمل عنه لان الماء قد يسبق للفرج ، أو وطأ بين فخذين ان انزل ( 26 ) .


وروي مالك باسناده عن عبد اللّه‏ بن عمر ، أنّ عمر بن الخطّاب قال : ما بال رجال يعزلون عن ولائدهم ، لا تأتيني وليدة فيعترف سيدها أنه قد الم بها إلاّ الحقت به ولدها ، فاعزلوا بعد أو اتركوا ( 27 ) .


* إذا كان ممسوح القضيب والخصيتين فلا عدّة عليها من طلاقه ، وإن جاءت بولد لم يلحق به وحدّت ، وإذا بقي معه انثياه أو اليسري أو بقي معه من عسيبه بعضه فالولد لاحق به ( 28 ) .


الشافعية :


* إن قال كنت أطؤها وأعزل لحقه ، وإن قال كنت أطؤها دون الفرج ، فقيل يلحقه ، وقيل لايلحق ( 29 ) .


* إن أتت بولد وكان يجامعها فيما دون الفرج ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز له النفي لانّه قد يسبق الماء إلي الفرج فتعلق به ، والثاني أنّ له نفيه لأنّ الولد من أحكام الوط‏ء فلا يتعلق بما دونه كسائر الأحكام .


وإن أتت بولد وكان يطؤها في الدبر ففيه وجهان : أحدهما لا يجوز له نفيه لأنّه قد يسبق من الماء إلي الفرج ما تعلق به ، والثاني له نفيه لأنّه وضع لا يبتغي منه الولد ( 30 ) .


* اعلم أنّ زوجة المجبوب الذكر الباقي الانثيين لا عدة عليها إن كانت حائلاً لاستحالة الايلاج ، وان كانت حاملاً لحقه الولد وعليها العدة ( 31 ) .


* وكالدخول استدخال الماء المحترم عندنا ولو في الدبر ، فلو استدخلت المرأة ماء زوجها المحترم حرم عليه بنتها . . . واعلم أنّ استدخال الماء المحترم كالوط‏ء في ثبوت المصاهرة والنسب والعدة والرجعة ( 32 ) .


الحنابلة :


* من اعترف بوط‏ء أمته في الفرج أو دونه فولدت لنصف سنة أو أزيَد لحقه ولدها إلاّ أن يدعي الاستبراء ويحلف عليه .


وإن قال وطأتها دون الفرج أو فيه ولم اُنزل أو عزلت لحقه ( 33 ) .


* إن كان يطؤها ويعزل لم يكن له نفي ولدها ، وإن كان يجامعها دون الفرج أو في الدبر ليس له نفيه ؛ لأنّه قد يسبق من الماء إلي الفرج مالا تحس به ( 34 ) .


* من كان مجبوباً مقطوع الذكر والانثيين ، لم يلحق به نسب لأنّه لا ينزل مع قطعهما ، وإن قطع أحدهما يلحق به النسب ؛ لأنّه إذا بقي الذكر أولج فأنزل ، وإن بقيت الانثيان ساحق فأنزل ، والصحيح أنّ مقطوع الانثيين لا يلحق به نسب ؛ لأنّه لا ينزل إلاّ ماءً رقيقاً لايخلق منه ولد ولا تنقضي به شهوة فاشبه مقطوع الذكر والانثيين ( 35 ) .


* إذا استدخلت مني زوج أو أجنبي ثبت النسب والعدة ( 36 ) .


الأباضية :


* إذا طلّق الخصي أو مات ، فهو والصحيح ـ في الولد والعدة ـ سواء ، وكذلك المجبوب إذا كان ينزل الماء ( 37 ) .


وخلاصة ما تقدم تنص علي أنّ الوليد ينتسب إلي صاحب المني أو النطفة سواء تمت عملية التلقيح بطريقها الطبيعي عن طريق المباشرة الجنسية والانزال داخلاً ، أو عن طريق العزل ، أو الانزال بين الفخذين ، أو ادخال الزوجة مني الزوج ولو لم ينتج عن المباشرة الجنسية ، والتلقيح الصناعي أحد مصاديق ادخال المني ، فالوليد ينتسب إلي صاحب المني وهو الزوج مهما كانت طريقة وصول المني إلي البويضة ، واضافة إلي ما تقدم فإنّ ضم الاُمور التالية بعضها لبعض يدلنا علي المطلوب وهي :


1 ـ أهمية النسب في الشريعة الاسلامية .


2 ـ حرمة التبني .


3 ـ انطباق شروط النسب علي التلقيح الصناعي .


4 ـ انطباق قاعدة الولد للفراش علي التلقيح الصناعي .


وسيتضح المطلب أكثر فأكثر عند الانتهاء من بعض البحوث القادمة .


نسب الوليد من جهة الأُم :


الاُم في اللغة هي الوالدة ( 38 ) .


ويقال : ولدت الأنثي تلد ولادة : وضعت حملها فهي والد ، ويقال : ولدت الجنين ، أولدت القابلة المرأة : تولّت ولادتها ( 39 ) .


والولادة : وضع الوالدة ولدها ، ووالد أيّ حامل بيّنة الولادة ، ومنهم من يجعلهما بمعني الوضع ، واستولدتها : أحبلتها ، وأمّا أولدتها بالألف بمعني استولدتها ( 40 ) .


والاُم بازاء الأب وهي الوالدة القريبة التي ولدته والبعيدة التي ولدت من ولدته . . . ويقال لكل ما كان أصلاً لوجود شيء أو تربيته أو إصلاحه أو مبدئه اُم ( 41 ) .


ولا نقاش في أنّ الزوجة التي لقحت بويضتها بنطفة الزوج وحملت بالجنين هي الاُم وإليها ينتسب الوليد ، وإنّما النقاش والاختلاف فيما إذا كانت هناك امرأتان من إحداهما البويضة ومن الاُخري الرحم ، فهل الاُم هي صاحبة البويضة أم صاحبة الرحم أم كلّ منهما ؟
وفيما يلي نستعرض آراء بعض الفقهاء في هذه المسألة :


السيد روح اللّه‏ الخميني : لو انتقل الحمل في حال كونه علقة أو مضغة أو بعد ولوج الروح من رحم امرأة إلي رحم امرأة اُخري فنشأ فيها وتولد هل هو ولد الاولي أو الثانية ؟ لاشبهة في انّه من الاولي إذا انتقل بعد تمام الخلقة وولوج الروح ، كما أنّه لا اشكال في ذلك إذا اُخرج وجعل في رحم صناعية وربي فيها ، وأمّا لو اخرج قبل ذلك حال مضغته مثلاً ففيه إشكال ، نعم لو ثبت أنّ نطفة الزوجين منشأ للطفل ، فالظاهر إلحاقه بهما سواء انتقل إلي رحم المرأة أو رحم صناعية ( 42 ) .


السيد علي الخامنئي : اُمّه هي صاحبة البويضة وأما صاحبة الرحم فالأحوط ترتيب الآثار أيضاً احتياطاً استحبابياً .


السيد عبد الأعلي السبزواري : لو نقل الحمل من رحم امرأة إلي امرأة اُخري بعد ولوج الروح فيه كان للاُولي ( 43 ) .


السيد علي السيستاني : لايترك الاحتياط بالنسبة إليهما .


الشيخ لطف اللّه‏ الصافي : لاينتسب الولد إلي حامل البويضة لأنّها كانت وعاءً لها .


السيد كاظم الحائري : الظاهر أنّ الاُم هي صاحبة البويضة ( 44 ) .


الشيخ ناصر مكارم الشيرازي : الولد يخص أصحاب النطفة ويكون من محارمهم وورثتهم ، أمّا فيما يتعلق بالاُم البديلة فيكون بمثابة ابنها بالرضاعة ، بل إنّ لها الأولوية عليه من بعض الجهات لأنّ جميع لحمه وعظمه نامٍ منها ، لذا يحرم عليه الزواج فيما بعد من هذه المرأة أو أبنائها ( 45 ) .


السيد محسن حرم بناهي : انّ الأقوي التحاق الولد بالاُم . . . فقضية الفحوي التحاقه بالمرأة ، مضافا إلي انّه ولدها عرفا ولغة ، ويدل علي ذلك أيضا قوله تعالي : « إنْ اُمّهاتُهُم إلاّ اللائي ولَدنَهُم »( 46 ) ، فانّه يدل علي أنّ المناط هو الولادة من المرأة ( 47 ) .


ومن القائلين بانتساب الوليد إلي صاحبة البويضة : عبد الحافظ حلمي ، ونعيم يس ، ومحمد فوزي فيض اللّه‏ .


ومن القائلين بانتساب الوليد إلي الحامل به : عبد الحميد السائح ، واسامة عبد العزيز ، وعلي الطنطاوي ، وبدر المتولي ( 48 ) .


2 ـ نسب وليد التلقيح بين أجنبيين :


حث المنهج الاسلامي علي رعاية الاحتياط في الفروج لكي لا تهدر الأنساب أو تتداخل وبالتالي تتفكك الأواصر الاُسرية التي هي ركيزة المجتمع الفاضل ، ولهذا حرّم الزنا وحرّم إجراء التلقيح الصناعي بين رجل وامرأة لايرتبطان برباط الزوجية حفاظاً منه علي الأنساب وعلي استقرار العلاقات . ومع هذا التحريم فإنّه وضع لكل واقعة حكماً ، فلو أنّ انساناً خالف هذا التحريم وأجري عملية التلقيح الصناعي وتكون وليد من هذه العملية ، فهل يترك هذا الوليد بلا أبٍ ويبقي نسمة سائبة منعزلة عن الروابط الاُسرية ؟ ! أم وضع له أحكاماً من حيث النسب والاُبوة والاُمومة .


وفي التلقيح الصناعي لايمكن الحاق الوليد بالزوج العقيم تبعاً لقاعدة « الولد للفراش » لانّ الالحاق انّما يتم في حال الشك دون العلم ، وفي هذه العملية هنالك علم ويقين بانّ الوليد قد تكوّن من نطفة الاجنبي ، وعلي هذا الاساس فانّه لايلحق بالزوج العقيم ، وهل يلحق بصاحب النطفة ؟ وهذا هو بحثنا المراد اثبات ذلك من خلاله .


إنّ عملية التلقيح الصناعي بين نطفة رجل وبويضة امرأة أجنبيين لا تعتبر نكاحاً شرعياً ولا تعتبر زنا ، ولهذا لا تترتب أحكام النسب المثبتة في الحالتين عليها ، لأنّها غير داخلة في واحدة منهما .


لذا علينا أن نبحث عن نسب ابن الزنا المتولد من زواج غير شرعي لنتوصل من خلاله إلي الرأي النهائي في نسب الوليد الناتج من التلقيح بين أجنبيين .


الامامية :


* النسب يثبت شرعاً بالنكاح الصحيح والشبهة دون الزنا ، لكن التحريم يتبع اللغة ، فلو ولد له من الزنا بنت حرمت عليه وعلي الولد وط‏ء اُمه وإن كان منفياً عنهما شرعاً ( 49 ) .


* لا يثبت النسب مع الزنا . . . فلو زني فانخلق من مائه ولد علي الجزم لم ينسب إليه شرعاً ، ويحرم لأنّه مخلوق من مائه . . . يسمي ولداً لغة ( 50 ) .


* لو زني بامرأة فولدت منه ذكراً وانثي حرمت المزاوجة بينهما وكذا بين كل منهما وبين أولاد الزاني والزانية الحاصلين بالنكاح الصحيح ، وكذا حرمت الزانية واُمها وأم الزاني واختها علي الذكر ، وحرمت الانثي علي الزاني وأبيه وأجداده وأخواته وأعمامه ؛ لصدق العناوين النسبية في جميع ذلك لغة وعرفاً ، فيترتب عليها الاحكام إلاّ ما خرج بالدليل ولا دليل علي الخروج في المقام ، بل ظاهر إجماعهم ترتب حرمة النكاح ، فلو زني بامرأتين مثلاً فولد من إحداهما ذكراً ومن الاُخري انثي فهما أخ واُخت من أب واحد لا يجوز الازدواج بينهما ( 51 ) .


* يحرم علي الزاني نكاح المخلوقة من مائه ، وعلي الزانية نكاح المتولد منها بالزنا ؛ قالوا : لانّه من مائه فهو يسمي ولداً لغة ، لانّ الولد لغة حيوان يتولد من نطفة آخر من نوعه ( 52 ) .


* لم يعثر في شيء من الاخبار المعتبرة منها وغير المعتبرة ما يدل علي انتفاء النسب بين الزاني أو الزانية والولد ؛ إذ غاية ما ورد في النصوص إنّما هو نفي التوارث بينهما ، ومن الواضح أنّه لا يدلّ علي انتفاء النسب .


ومن هنا كان التزامنا بترتب جميع أحكام الاُبوة والبنوة ـ عدا الارث ـ عليهما ، فلا يجوز للزاني أن يتزوج من البنت المخلوقة من مائه ( 53 ) .


وذهب الزيدية إلي نفس الرأي في كل ما تقدم وخصوصاً في حرمة المصاهرة تبعاً للانتساب لغة أو عرفاً ( 54 ) .


الحنفية :


* بنت الانسان اسم لانثي مخلوقة من مائه حقيقة والكلام فيه فكانت بنته حقيقة إلاّ أنّه لا تجوز الاضافة شرعاً إليه لما فيه من إشاعة الفاحشة ، وهذا لا ينفي النسبة الحقيقية لأنّ الحقائق لا مرد لها ( 55 ) .


* هذا الفعل زنا . . . ولكنّه مع ذلك حرث للولد ويصلح أن يكون سبباً لثبوت الحرمة والكرامة باعتبار أنه حرث للولد ألا تري انّه في جانبها الفعل زنا . . . وإذا حبلت به كان لذلك الولد من الحرمة ما لغيره من بني آدم ، فيثبت نسبه منها وتحرم هي عليه ، وثبوت هذا كله بطريق الكرامة لأنّه حرث لا لأنّه زنا فكذا هنا .


ومن فروع هذه المسألة بنت الرجل من الزنا بأن زني ببكر وأمسكها حتي ولدت بنتاً حرم عليه تزوجها عندنا ( 56 ) .


المالكية :


* من زني بامرأة جاز له أن يتزوج باُصولها وفصولها ما لم تكن فصولها من زناه ، فإن كانت من زناه فلا تحلّ له ولا لاصوله وفصوله ( 57 ) .


* وفي تحريم البنت المتخلقة من ماء الزنا علي الزاني واصوله وفروعه خلاف والمعتمد الحرمة ( 58 ) .


* وولد الزنا لاحق باُمّه ، فإذا مات ورثت منه حقها ( 59 ) .


الشافعية :


* المخلوقة من زناه تحل له ، ويحرم علي المرأة ولدها من زنا ( 60 ) .


* المخلوقة من ماء زناه تحلّ له لأنّها أجنبية عنه ؛ إذ لا يثبت لها توارث ولا غيره من أحكام النسب ، وإن أخبره صادق كعيسي صلّي اللّه‏ عليه وسلم وقت نزوله بأنها من مائه لأنّ الشرع قطع نسبها عنه ، فلا نظر لكونها من ماء سفاح .


ويحرم علي المرأة وعلي سائر محارمها ولدها من زنا إجماعاً لأنّه بعضها وانفصل منها إنساناً ، ولا كذلك المني ( 61 ) .


الحنابلة :


* تحرم عليه بنته من الزنا ، لدخولها في عموم اللفظ ، ولأنّها مخلوقة من مائه فحرمت كتحريم الزانية علي ولدها ، وتحرم المنفية باللعان لأنّها ربيبته ، ولاحتمال أنّها بنته ( 62 ) .


* يحرم علي الرجل نكاح بنته من الزنا ، لانّ هذه بنته فإنّها اُنثي مخلوقة من مائه ، وهذه حقيقة لاتختلف بالحل والحرمة ( 63 ) .


الاباضية :


الوط‏ء الحرام والزنا والشبهة ، انه يحرم في ذلك مايحرم في النسب والرضاع ( 64 ) .


خلاصة الأقوال والنتيجة النهائية :


وخلاصة الأقوال : انّ ابن الزنا يسمي ابناً لغة فهو ابن للزاني والبنت بنته ، وهو ابن للزانية والبنت بنتها ، وان لم يصدق عليه شرعاً الانتساب اليه ، وفي الجانب الواقعي الذي تترتب عليه آثار عملية ، فإنّ آثار البنوة والابوة مترتبة عليه باستثناء التوارث حيث إنّ الوليد يرث اُمّه دون أبيه ، وهذا محل اتفاق الفقهاء باستثاء فقهاء الشافعية .


والمتولد من التلقيح الصناعي لا يعتبر ابن زنا ، فهو من باب أولي يلحق بصاحب النطفة وبمن حملت به ، وعلي أقل التقادير انه يلحق به لغة وتترتب عليه سائر الأحكام .


وقد تسالم فقهاء الشيعة علي نسبة الوليد لصاحب النطفة ( 65 ) .


ونحو ذلك ما لو أدخلت المرأة مني أجنبي في فرجها فإنها تؤثم ويلحق الولد بها وبصاحب المني ، وهو الرأي المشهور عند فقهاء الشيعة الإمامية ( 66 ) .


وفي خصوص التلقيح الصناعي صرّح الفقهاء بانتساب الوليد إلي صاحب المني أو النطفة .


* السيد روح اللّه‏ الخميني : لو حصل عمل التلقيح بماء غير الزوج وكانت المرأة ذات بعل وعلم أنّ الولد من التلقيح فلا إشكال في عدم لحوق الولد بالزوج ، كما لا إشكال في لحوقه بصاحب الماء والمرأة إن كان التلقيح شبهة . . . وأمّا لو كان مع العلم والعمد ففي الالحاق إشكال ، وإن كان الأشبه ذلك ، لكن المسألة مشكلة لابد فيها من الاحتياط ( 67 ) .


* الشيخ جواد التبريزي : لا يجوز تلقيح المرأة بماء الرجل الأجنبي ، سواء أكان التلقيح بواسطة رجل أجنبي أو بواسطة زوجها ، ولو فعل ذلك وحملت المرأة ثم ولدت فالولد ملحق بصاحب الماء ويثبت بينهما جميع أحكام النسب . . . كما أن المرأة اُم له ويثبت بينهما جميع أحكام النسب ونحوها ( 68 ) .


ونسب الوليد إلي صاحب المني من المتسالم عليه لدي فقهاء الشيعة ، وهذا يظهر من أجوبة الأسئلة التي قدمناها إلي بعض منهم وهم : السيد علي الخامئني ، السيد محمد صادق الروحاني ، السيد محمد الشاهرودي ، السيد عليّ السيستاني ، الشيخ لطف اللّه‏ الصافي ، الشيخ حسين نوري الهمداني ، وغيرهم .


وخالف السيد محسن الحكيم في ذلك ، حيث ألحق الوليد بالمرأة دون صاحب المني كما هو الظاهر من كلامه ( 69 ) .


وإذا تابعنا رأي بقية المذاهب من خلال أقوال فقهائهم في نسب ولد الزنا ، فمن ألحقه بالزاني صاحب النطفة ، فمن باب أولي أن يلحق وليد التلقيح الصناعي بصاحب النطفة ، باستثناء الشافعية ، فيمكن أن نقول : إنّهم لا ينسبون وليد التلقيح الصناعي لصاحب النطفة وإنّما ينسبونه للمرأة .


وهنالك تصريح واضح الدلالة في ثبوت الالحاق بصاحب النطفة كما ورد في بعض كتب الحنابلة : « إذا استدخلت مني زوج أو أجنبي . . . ثبت النسب والعدة » ( 70 ) .


ومن آراء الاباضية : « في من قذف النطفة بين فخذي امرأة لا زوج لها ، فجري الماء في الفرج فحملت ، ما الحكم ؟ امّا إذا حملت المرأة فلا يجوز له تزويجها ، وامّا الولد فهو ولده . . . » ( 71 ) .


وذهب الشيخ عبد اللّه‏ بن زيد آل محمود إلي أنّه إذا حملت امرأة ذات زوج بالتلقيح الصناعي أو الزنا أو الغصب أو الوط‏ء بشبهة فإنّ حملها يعتبر للزوج ، ولا علاقة للغاصب أو الزاني أو المأخوذ منه المني فيه ( 72 ) .


ثانيـا : نفقة طفل التلقيح الصناعي
إذا كان الفقهاء يوجبون النفقة علي الوليد وإن كان ابن زنا ، ويكون الزاني مسؤولاً عن نفقته كما ورد في كلماتهم : « نفقة ابن الزنا علي الزاني » ، « ابن الزنا كابن الحلال من حيث حق الحضانة والرعاية » ( 73 ) .


فمن الأولي أن يكون صاحب المني مسؤولاً عن الوليد والطفل المتكوّن منه فإنّه ابنه لغة وعرفاً . وقد سبق وإن تطرقنا لهذا الموضوع واثبتنا لحوق الوليد به .


سـؤال : لو تم التلقيح الصناعي بين أجنبي وأجنبية بلا عقد شرعي ، فما حكم الوليد من حيث النسب ومتعلقاته : النفقة ، والتبني ، والحضانة ، والزواج ، والإرث ، والولاية ؟
وقد تقدّمنا بهذا السؤال إلي جمع من الفقهاء والعلماء ، فأجابونا بوجوب نفقة الطفل علي صاحب المني ، ومنهم : السيد علي الخامنئي ، والسيد محمّد صادق الروحاني ، والسيد علي السيستاني .


واحتاط الشيخ حسين نوري الهمداني وكذلك الشيخ لطف اللّه‏ الصافي في هذا الأمر ، لأنّهما يريان أنّ حكم النفقة يترتب علي النكاح الشرعي والعلاقة الزوجية فقط . وإليك جوابهما :


جواب الشيخ حسين نوري الهمداني : لو كان عن جهل فحكمه حكم ولد الشبهة ويرثهما ويرثانه ، ويحرم عليهما نكاحه ، وتكون الحضانة والولاية علي الأب ، أمّا لو كان عن علم وعمد فلا توارث بينهم ، ويلزم الاحتياط في سائر الاُمور المذكورة .


جواب الشيخ لطف اللّه‏ الصافي : يمكن القول بالبناء علي إلحاق الولد بصاحبي النطفة وترتب سائر الأحكام عليه ، ويمكن القول بأنّ هذه الأحكام إنّما ثبت ترتبها علي النكاح الشرعي والتوالد والتناسل به ، واللّه‏ العالم .


ثالثـا : إرث طفل التلقيح الصناعي
الطريقة المشروعة :


إذا كان الطفل متولداً من التلقيح بين مني الزوج وبويضة زوجته ، وكان الرحم رحمها أو رحم زوجة اُخري ـ أي ضرتها ـ وتمت الولادة من الزوجة نفسها ، فلا اشكال في شرعية انتساب الطفل لوالديه ، وعلي ذلك يثبت الارث لانّه تابع للنسب ، كما دلت عليه ثوابت الشريعة وفتاوي الفقهاء من جميع المذاهب والطوائف الاسلامية .


حكم الإرث إذا كان التلقيح بين الأجنبيين :


اختلف الفقهاء في مسألة إرث طفل التلقيح الصناعي بين الجواز وعدمه وبين الاحتياط .


ومن المثبتين للارث : السيد علي الخامنئي ، السيد محمد صادق الروحاني ، السيد عليّ السيستاني .


ويري الإمام روح اللّه‏ الخميني أنّ « مسائل الارث في باب التلقيح شبهة كمسائله في الوط‏ء شبهة ، وفي العمدي المحرم لابد من الاحتياط » ( 74 ) .


أمّا الشيخ لطف اللّه‏ الصافي فأجاب : يمكن القول بالبناء علي الحاق الولد بصاحبي النطفة وترتب سائر الاحكام عليه ، ويمكن القول بانّ هذه الأحكام إنّما ثبت ترتبها علي النكاح الشرعي والتوالد والتناسل به واللّه‏ العالم .


ويري الشيخ جواد التبريزي حرمة التلقيح بمني الرجل الأجنبي « ولو فعل ذلك وحملت المرأة ثم ولدت فالولد ملحق بصاحب الماء ، ويثبت بينهما جميع أحكام النسب ويرث كل منهما الآخر ، لأنّ المستثني من الارث هو الولد عن الزنا ، وهذا ليس كذلك ، وإن كان العمل الموجب لانعقاد نطفته محرماً ، كما أنّ المرأة اُم له ، ويثبت بينهما جميع أحكام النسب ونحوها ، ولا فرق بينه وبين سائر أولادهما أصلاً » ( 75 ) .


وكان جواب الشيخ حسين نوري الهمداني كالتالي : « لو كان عن جهل فحكمه حكم ولد الشبهة ويرثهما ويرثانه ، ويحرم عليهما نكاحه ، وتكون الحضانة والولاية علي الأب ، أمّا لو كان عن علم وعمد فلا توارث بينهم » .


التلقيح بعد وفاة الزوج :


لو قامت الزوجة بتلقيح بويضتها بنطفة زوجها المتوفي سواء كانت العملية أثناء العدة أو بعدها فإنّ الطفل المتولد منها لا يرث ، لأنّ الارث يتحدد بعد وفاة الزوج مباشرة ، فاذا كانت المرأة حاملاً فيقدر له بعض المال بأعلي حصة ـ أي حصة ذكر ـ أو يتفق الورثة علي تأجيل التقسيم لحين الولادة ، امّا التلقيح بعد الوفاة فلا دليل علي ثبوت الارث للطفل المتكوّن منه ، إلاّ إذا أراد الورثة تخصيص حصة من الارث له فالأمر عائد لهم « والناس مسلطون علي أموالهم » ولهم الحق في التبرع للوليد المستقبلي .


وفيما يلي نستعرض رأي اثنين من الفقهاء المعاصرين :


السيد علي الخامنئي : « يلحق الولد بصاحبة البويضة والرحم ولا يبعد إلحاقه بصاحب النطفة ولكن لا يرث منه » ( 76 ) .


وسئل السيد عبد الأعلي السبزواري هذا السؤال : « في فرنسا تدهورت صحة رجل فأخذت زوجته لسبب من الأسباب وبالاتفاق معه من منيّه وحفظته في ثلاجة طبية تحت اشراف الأطباء ، ثمّ توفي الزوج وبعد مدة من وفاته وفي وقت وجدته الزوجة والأطباء مناسبا تم تلقيح بويضتها بحيامن الزوج المتوفي فكان أن حملت ووضعت مولودا سويا وطالبت بحق مولودها من إرث زوجها ، ورفع الأمر إلي القضاء الفرنسي فثار جدلاً حادا حول هذا الموضوع في المحاكم وقضاة الشرع واختلفت آراء الفقهاء الفرنسيين وتباينت الاجتهادات . والمرجو من سماحتكم بيان موقف الشرع الحنيف في هذا الموضوع فإنّ الأمر من الأهمية بمكان لم تكن في غيره . . . » .


فكان جوابه : « في مفروض السؤال إذا كانت الزوجة مؤتمنة ولم تتزوج بعد وفاة زوجها ولم يدخل بها أحد وكان المني محفوظا ولم يشتبه بغيره يلحق المولود بالرجل المتوفي ، وأمّا الارث فلا يرثه لأنّ المستفاد من الآيات المباركة وسنن المعصومين عليهم‏السلام انّ الوارث لابدّ أن يكون موجودا ـ حملاً كان أو وجودا خارجيا ـ حال انتقال تركة المورّث إلي الوارثين ، والمفروض انّه لم يكن كل واحد منهما ، فلا يرث لانتفاء الشرط ، هذا إذا اُريد تطبيق حكم الشرع المبين عليهم ، وإلاّ فتتبع أحكامهم ونحن نلزمهم بما ألزموا به أنفسهم واللّه‏ العالم . . . » ( 77 ) .


التلقيح الصناعي بين أجنبيين :


تقدم انّ بعض الفقهاء جوزوا عملية التلقيح الصناعي بين منيّ الأجنبي وبويضة الأجنبية ، وحرّمها آخرون دون أن يلحقوها بالزنا ، وكان بعض من الفقهاء يري أنّ العملية فيها معني الزنا ، وانّ التلقيح الصناعي « يلتقي مع الزنا المباشر في اتجاه واحد ؛ إذ أنّه يؤدي مثله إلي اختلاط الأنساب » ( 78 ) .


وعلي أساس هذه الآراء ينبغي التطرّق إلي بعض المواضيع التي لها صلة تشابه مع عملية التلقيح الصناعي بين أجنبيين ، ومن هذه المواضيع إرث ابن الملاعنة وإرث ابن الزنا .


ورد عن رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم أنّه قال : « من عاهر أمة أو حرّة ، فولده ولد زنا ، لا يرث ولا يورث » ( 79 ) .


وعن الامام الصادق عليه‏السلام أنّه قال : « أيّما رجل وقع علي جارية حراما ثمّ اشتراها وادعي ولدها فانّه لا يورث منه ، فإنّ رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ولا يورث ولد الزنا إلاّ رجل يدعي ولد جاريته » ( 80 ) .


وعن الامام محمّد الجواد عليه‏السلام في رجل فجر بامرأة فحملت ثمّ إنّه تزوجها بعد الحمل ، فجاءت بولد وهو أشبه خلق اللّه‏ به .


فكتب : « الولد لغية لا يورث » ( 81 ) .


وبعد هذه المقدمة نستعرض آراء فقهاء المذاهب لنصل إلي المطلوب :


الامامية :


* إنّ ولد الزنا لا يرث ولا يورث منه الوالدان ومن يتقرب بهما ، ويكون ميراثه لمن يضمن جريرته أو لامام المسلمين ، لانّ الميراث إنّما يثبت بالانساب الصحيحة في شريعة الاسلام وولد الزنا لانسب له صحيحاً ( 82 ) .


* لا يرث ولد الزنا أبويه ولايرثانه إن كان الزنا منهما معاً ، أمّا لو كان أحدهما جاهلاً بالزنا أو مكرهاً عليه أو صغيراً أو مجنوناً فانّ المعذور يرث غير المعذور ولا عكس ( 83 ) .


* إن كان الزنا من الأبوين لا يكون التوارث بين الطفل وبينهما ، ولا بينه وبين المنتسبين إليهما ، وإن كان من أحدهما دون الآخر ، كما كان الفعل من أحدهما شبهة لا يكون التوارث بين الطفل والزاني ولا بينه وبين المنتسبين إليه .


والمتولد من الشبهة كالمتولد من الحلال ، يكون التوارث بينه وبين أقاربه أباً كان أو اُماً ( 84 ) .


* ولد الزنا لا ترثه اُمّه ولا غيرها من الأنساب ، ويرثه ولده وإن نزل والزوج أو الزوجة ( 85 ) .


* التولد من الزنا لا ارث به بخلاف الشبهة . . . وامّا ولد الزنا من الطرفين فلا نسب له ولا يرثه الزاني ولا التي ولدته ولا أحد من أنسابهما ولا يرثهم هو ( 86 ) .


* لا توارث بين ابن الملاعنة وبين الملاعن لاُمّه ، وإنّما يرثه ورثته من قِبل اُمّه ( 87 ) .


* أجمع العلماء علي أنّ ولد الملاعنة وولد الزنا لايرثان من الأب ولا من قرابته ، ولا يرثونهما وإنّ ميراثهما يكون لاُمهما ولقرابتها ، وهما يرثان منهم ( 88 ) .


والثابت في هذه النصوص أنّ الارث يتبع النسب ، وعلي هذا الاساس فإنّ الطفل لا يرث زوج الحامل ولايرث منه ، وأنّه لا توارث بين صاحب النطفة وصاحبة الرحم ؛ إذ لا زوجية بينهما ، والحكم الثابت أنّ الطفل يرث اُمّه الحامل به في جميع أوجه التشبيه سواء أُلحق التلقيح الصناعي بالشبهة أو بالزنا ، ويكون الاختلاف في مسألة الارث من صاحب المني .


الحنفية :


* عصبة ولد الزنا وولد الملاعنة مولي اُمهما ، لأنّه لا نسب لهما من قبل الأب ، فيكون ولاؤهما لمولي الاُم .


إذا كانت الاُم حرة الأصل يكون الميراث لمواليها وهم عصبتها ( 89 ) .


* ذهب أبو حنيفة إلي أنّ ولد الزنا يرث اُمّه وإخوته من الاُم بالفرض لا غير ، وكذا ترثه اُمه وإخوته من اُمّه فرضاً لا غير ( 90 ) .


فالطفل يرث اُمّه وإن كانت زانية ، وعلي أساس هذا الرأي فإنّ القدر المتيقن هو ثبوت الإرث بين الطفل المتولد من التلقيح الصناعي واُمّه .


المالكية :


* جعل النبي صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم ميراث ابن الملاعنة لامّه ولورثته ( 91 ) .


* لا يرث ولد الزنا والده ، ولا يرثه هو ؛ لأنّه غير لاحق به وإن أقرّ به ( 92 ) .


الشافعية :


ثبت أنّ رسول اللّه‏ صلي‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم فرق بين المتلاعنين ، وألحق الولد بالمرأة ، وإذا ثبت ذلك أن لا عصبة له من قبل أبيه ترثه ، فان مات ابن الملاعنة وخلف اُمه وزوجته وولداً ذكوراً أو اناثاً فماله مقسوم بين ورثته علي قدر مواريثهم .


وميراث ولد الزنا كميراث ابن الملاعنة سواء ( 93 ) .


الحنابلة :


* إذا لم يكن لولدها أب لكونه ولد زنا أو منفياً بلعان ، فانّه منقطع تعصيبه من جهة من نفاه ؛ لأنّه لا ينقطع تعصيبه من غير جهة من نفاه ( 94 ) .


* كل من ولد الزنا وولد اللعان يرث بجهة الاُم فقط ( 95 ) .


الأباضية :


* جابر بن زيد : نسبه من جهة الاُم فثابت ، ولذلك يتوارثان ( 96 ) .


* سئل أبو عبد اللّه‏ عن ميراث ولد الملاعنة ، فقال : إذا كان دخل بها فالولد ولده . . . وإن لم يكن دخل بها فالولد لاُمه والميراث لعصبة اُمه ( 97 ) .


* قال أبو الحواري : قال بعض الفقهاء : إنّ مَن أقرّ بولد من زنا ، لحق به وورثه .


* وقال أبو عبد اللّه‏ : قال بعض الخراسانيين : لا ميراث لولد الزنا ، ممّن اقرّ به ، كان علي فراش أحد أو لم يكن ، كان للمرأة زوج أو لم يكن ( 98 ) .


والقدر المتيقن من آراء الزيدية والمذاهب الأربعة والأباضية أنّ ولد الملاعنة وولد الزنا يرث من اُمّه دون من تولّد من مائه .


قال الشيخ عبد اللطيف حمزة مفتي مصر سنة 1402 ه·· : « عندما يتكون طفل من ماء غير ماء الزوج ففيه معني الزنا ، لايرث من اُمه شيئاً لأنه ابن غير شرعي » .


وقد ردّ عليه الشيخ مصطفي الزرقاء : « انّ قول الشيخ عبد اللطيف حمزة فيه تسرع وانخطاف ذهن إلي حالة ولد الزنا وأبيه ، فانّه لا يثبت نسبه من أبيه ، ولا توارث بينهما ، أمّا اُمّه فان النسب والميراث بينهما ثابتان إجماعاً ( 99 ) .


والرأي المشترك هو التوارث بين طفل التلقيح الصناعي وبين اُمّه ، سواء قلنا بأنّها صاحبة البويضة أو قلنا بانها صاحبة الرحم الحامل .


وعلي العموم فإنّ مسألة التوارث من المسائل المهمة في الحياة الانسانية ، وهي مسألة تستحق عناية إضافية ومزيد اهتمام من قبل الفقهاء والقادة الدينيين أو السياسيين ، ولهذا ينبغي تشكيل مجلس فقهي للافتاء يقوم بتوحيد الأفكار والآراء والمواقف ، ويعمل علي وضع مادة قانونية في القانون المدني تكون مرجعاً لجميع الأفراد والاُسر علي اختلاف طبقاتهم وشرائحهم ، بل حتي مذاهبهم ، لأنّ المسألة ليست مسألة فردية أو جزئية يجاب عليها بالجواز أو الحرمة ، بل إنّها مسألة حسّاسة تترتب عليها آثار وضعية نفسية واجتماعية ، بل تترتب عليها مشاكل عصيبة إن لم تعالج علاجاً جذرياً .











( 57 ) تبيين المسالك 3 : 74 .


( 45 ) الفتاوي الجديدة 1 : 427 .


( 54 ) الروض النضير 4 : 321 .


( 52 ) الحدائق الناضرة 23 : 311 .


( 69 ) منهاج الصالحين 2 : 300 ، وخالف الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ذلك في جوابه المخطوط (التلقيح بالنطفة الاجنبية حرام يوجب التعزير والولد الحاصل منه لايلحق في النسب ولايرث ولايورث منه) رقم الاستفتاء 14 . 39 .


( 5 ) منهاج الصالحين 2 : 51 .


( 44 ) الفتاوي المنتخبة 1 : 259 .


( 12 ) نيل الأوطار 3 : 616 .


( 99 ) أطفال الأنابيب : 189 .


( 33 ) زاد المستقنع : 80 .


( 67 ) تحرير الوسيلة 2 : 622 .


( 60 ) منهاج الطالبين وعمدة المفتين : 210 .


( 32 ) غاية المقصود : 19 ، 21 .


( 90 ) اطفال الانابيب : 185 .


( 22 ) العلاقات الجنسية غير الشرعية 1 : 108 .


( 98 ) المصدر السابق : 109 .


( 63 ) المغني 7 : 485 .


( 51 ) مهذب الاحكام 25 : 11 .


( 11 ) الانسان هذا الكائن العجيب 2 : 154 .


( 35 ) المصدر السابق : 188 .


( 13 ) كتاب العلوم 3 : 33 .


( 65 ) اللعمة الدمشقية : 274 ، منهاج الصالحين ـ المعاملات ـ للسيد الخوئي : 41 ، مهذب الأحكام 27 : 316 .


( 62 ) الكافي في فقه الإمام أحمد 3 : 27 .


( 72 ) الحكم الاقناعي في إبطال التلقيح الصناعي : 9 .


( 39 ) المعجم الوجيز : 681 .


( 36 ) الفروع 5 : 410 .


( 88 ) الروضة الندية 2 : 328 .


( 68 ) المسائل المنتخبة : 425 .


( 84 ) تحرير الوسيلة 2 : 369 .


( 47 ) مجلة فقه أهل البيت ، العدد 10 : 90 .


( 76 ) أجوبة الاستفتاءات 2 : 71 .


( 85 ) المختصر النافع 2 : 274 .


( 89 ) اللباب 4 : 198 .


( 66 ) منهاج الصالحين ـ تعليق السيد محمد باقر الصدر ـ 2 : 300 ، منهاج الصالحين ـ المعاملات ـ للسيد الخوئي : 284 ، للسيد السيستاني 2 : 115 .


( 59 ) التفريع : 337 .


( 74 ) تحرير الوسيلة 2 : 622 .


( 61 ) نهاية المحتاج إلي شرح المنهاج 6 : 272 ، غاية المقصود : 10 ، أحكام الزواج علي المذاهب الأربعة : 16 .


( 75 ) المسائل المنتخبة : 425 ، ونحوه في : نهج الرشاد : 467 .


( 34 ) الكافي في فقه الامام أحمد 3 : 191 .


( 79 ) سنن ابن ماجة 2 : 917 ، ونحوه في : سنن الترمذي 4 : 428 .


( 73 ) الفتاوي الجديدة 1 : 221 و 228 .


( 28 ) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 5 : 472 .


( 41 ) مفردات الفاظ القرآن : 22 .


( 40 ) المصباح المنير 2 : 671 .


( 29 ) التنبيه في فقه الإمام الشافعي : 191 .


( 42 ) تحرير الوسيلة 2 : 623 .


( 49 ) جامع المقاصد 12 : 189 و 190 .


( 48 ) أطفال الانابيب : 136 وما بعدها .


( 82 ) المصدر السابق 9 : 344 .


( 18 ) منهاج الصالحين ـ المعاملات ـ لمحمد سعيد الحكيم : 51 .


( 81 ) تهذيب الأحكام 8 : 183 .


( 96 ) فقه الامام جابر بن زيد : 592 .


( 56 ) كتاب المبسوط 4 : 206 ، ونحوه في : وسائل الاسلاف : 123 ، بدر المنتقي في شرح الملتقي 1 : 323 .


( 31 ) كفاية الاخيار : 426 .


( 30 ) المهذب في فقه الشافعي 2 : 123 .


( 27 ) موطأ الإمام مالك ـ رواية الشيباني ـ : 185 .


( 16 ) اللمعة الدمشقية : 201 ، جواهر الكلام 31 : 244 ، تحرير الوسيلة 2 : 308 .


( 83 ) فقه الإمام جعفر الصادق 6 : 193 .


( 24 ) النتف في الفتاوي 2 : 898 .


( 50 ) جواهر الكلام 29 : 256 ، 257 .


( 64 ) مختصر الخصال : 159 .


( 78 ) أطفال الأنابيب : 87 ، 189 .


( 7 ) العلاقات الجنسية غير الشرعية 1 : 110 ، عن فتاوي المرحوم شلتوت : 328 ، 329 .


( 21 ) منهاج الصالحين ـ قسم المعاملات : 300 .


( 80 ) الاستبصار 4 : 253 .


( 71 ) مكنون الخزائن 6 : 76 .


( 97 ) منهج الطالبين 17 : 112 .


( 25 ) بلغة السالك لاقرب المسالك 2 : 459 .


( 19 ) تحرير الوسيلة 2 : 308 .


( 9 ) الفتاوي الاسلامية من دائرة الإفتاء المصرية 9 : 3220 .


( 26 ) بلغة السالك لاقرب المسالك 2 : 459 ، التفريع : 46 .


( 20 ) جواب خطي علي أسئلة وجهت إليهم .


( 2 ) تحرير الوسيلة 2 : 621 .


( 10 ) ماوراء الفقه 6 : 14 و 18 .


( 6 ) مجلة فقه أهل البيت عليهم‏السلام ، العدد 10 : 76 .


( 58 ) الكواكب الدرية في فقه المالكية 2 : 177 .


( 3 ) منهاج الصالحين 2 : 115 .


( 14 ) مفردات ألفاظ القرآن : 7 .


( 46 ) المجادلة : 2 .


( 8 ) الانسان هذا الكائن العجيب 2 : 153 .


( 23 ) عيون المسائل في فروع الحنفية : 55 .


( 15 ) المقنعة : 539 .


( 53 ) مستند العروة الوثقي 2 : 81 .


( 36 ) الفروع 5 : 410 .


( 94 ) الانصاف 7 : 309 .


( 38 ) لسان العرب 3 : 467 .


( 37 ) منهج الطالبين وبلاغ الراغبين 16 : 240 .


( 1 ) مجلة العربي ـ العدد 242 : 56 .


( 87 ) كتاب الاحكام 2 : 356 .


( 77 ) مهذب الأحكام 30 : 327 .


( 91 ) بداية المجتهد 2 : 353 .


( 86 ) جواهر الكلام 39 : 7 ، 274 .


( 93 ) الاقناع : 142 .


( 55 ) بدائع الصنائع 2 : 257 .


( 17 ) المبسوط في فقه الامامية 5 : 186 .


( 4 ) المسائل المنتخبة : 425 .


( 70 ) الفروع 5 : 410 .


( 95 ) الفقه الاسلامي وأدلته 8 : 431 .


( 92 ) القوانين الفقهية : 390 .


( 43 ) مهذب الاحكام 25 : 252 .

/ 1