رسالة التوحید نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

رسالة التوحید - نسخه متنی

محمد اسماعیل بن عبدالغنی دهلوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وقد نكب هؤلاء الجهال عن طريق الحق وأعرضوا عن الله الذي كان أقرب إليهم من كل أحد وأقبلوا على غير
الله واتخذوه ظهيرا ونصيرا و وليا من دون الله وحرموا نفوسهم النعمة الكبيرة التي أنعم الله بها
عليهم فإنه يحقق جميع المطالب ويرد جميع الآفات من غير واسطة فلم يشكروا هذه النعمة ولم يقدروها
قدرها وأقبلوا على خلقه يطلبون منهم قضاء الحاجات ورفع الآفات فعسروا الميسور وفضلوا ملتوى الطريق
وجاهدوا في غير جهاد وبدلوا نعمة الله كفرا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ويبتغون في ذلك عند الله بل
بالعكس من ذلك كلما أمعنوا في هذا الطريق واستمروا في هذا الطريق ازدادوا من الله بعدا و قد وضح من
ذلك أن من اتخذ وليا من دون الله كان مشركا بالله كاذبا كافرا بنعمة الله وقال الله تعالى في سورة
المؤمنون قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون
--------------------
32
وقد تبين من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى لم يمنح أحدا من خلقه قدرة التصرف في العالم وأنه لا
طاقة لأحد أن يدافع عن أحد حقيقة شرك أهل الجاهلية و ضلالهم وكذلك تبين أن الكفار الذين كانوا في عصر
النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يعدلون آلهتهم بالله ويرونهم مع الله بمنزلة سواء بل كانوا
يقرون بأنهم مخلوقون وعبيد ولم يكونوا يعتقدون أبدا أن آلهتهم لا يقلون عن الله قدرة وقوة وهم والله
في كفة واحدة فما كان كفرهم وشركهم إلا نداءهم لآلهتهم والنذور التي كانوا ينذرون لها والقرابين
التي كانوا يقربونها بأسمائهم واتخاذهم لهم شفعاء و وكلاء فمن عامل أحدا بما عامل به الكفار آلهتهم
وإن كان يقر بأنه مخلوق وعبد كان هو وأبو جهل في الشرك بمنزلة سواء خلال الشرك وأعماله فاعلم أن
الشرك لا يتوقف على أن يعدل الإنسان أحدا بالله ويساوي بينهما فلا فرق بل إن حقيقة الشرك أن يأتي
الإنسان بخلال وأعمال خصها الله بذاته العلية وجعلها شعارا للعبودية لأحد من الناس كالسجود لأحد
والذبح باسمه والنذر له
--------------------
33
والاستغاثة به في الشدة واعتقاد أنه حاضر ناظر في كل مكان وإثبات قدرة التصرف له وكل ذلك يثبت به
الشرك ويصبح الإنسان به مشركا وإن كان يعتقد أن هذا الإنسان أو الملك أو الجني الذي يسجد له أو يذبح
أو ينذر له أو يستغيث به أقل من الله شأنا وأصغر منه مكانا وأن الله هو الخالق وهذه عبده وخلقه لا فرق
في ذلك بين الأولياء والأنبياء والجن والشياطين والعفاريت والجنيات فمن عاملها هذه المعاملة كان
مشركا لذلك وصف الله اليهود والنصارى الذين غلوا في أحبارهم و رهبانهم مثل ما غلا المشركون في
آلهتهم بما وصف به عباد الأوثان والمشركين وغضب على هؤلاء الغلاة المنحرفين كما غضب على غلاة
المشركين فقال اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا
إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون وقد ذكر أن جميع الخلق سواءا كانوا علماء أو
عبادا حكاما أو ملوكا كلهم عبيد خاضعون عاجزون ضعفاء لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ولا يملكون
إذا بعثهم الله وطلبهم إلا أن يقفوا أمام ربهم خاضعين مستسلمين طائعين
--------------------
34
منقادين يقول الله تعالى في سورة مريم إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم
وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا فظهر أنه هو المتصرف وحده وأنه لا يملك أحدا غيره ولا يمكنه
فيه وأن الناس يأتون ربهم فرادى لا يمنع أحدا آخر وقد تظافرت الآيات على ذلك وكثرت ومن تأمل في آيتين
أو ثلاث من الآيات الكثيرة التي سردناها والتي لم يتسع المجال لذكرها عرف الفرق بين الشرك والتوحيد
وتجلت له حقيقتهما وقد آن الأوان لأن نذكر الخلال والأعمال التي خصصها الله بذاته العلية ولم يأذن
لغيره أن يكون له نصيب منها وهي كثيرة يطول ذكرها ولكن لابد أن نخص بالذكر منها ما يستطيع القارئ
الفهم الذكي أن يقيس عليها ويميز بين الحق والباطل والهدى والضلال العلم المحيط الشامل من خصائص
الله تعالى وفي مقدمة هذه الأمور أنه من شأن الله وحده أن يكون وحاضرا وناظرا في كل مكان يعلم مادق

/ 33