بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
ورد في الإسرائيليات يقول الرب يا داود أنا الرب الودود أعامل الأبناء بما فعل الجدود ثم التحم القتال بين الطائفتين مناوشة لا مصاففة غير أن كلا من الطائفتين مصر على قتال الطائفة الأخرى والملك المؤيد في قلة عظيمة من المقاتلة ممن يعرف مواقع الحرب وليس معه إلا أجلاب وهذا شيء لم يقع لأحد غيره من السلاطين أولاد السلاطين فإن الناس لم تزل أغراضا ووقع ذلك للعزيز مع الملك الظاهر جقمق فكان عند العزيز جماعة كثيرة من الأمراء والأعيان لا تدخل تحت حصر وكذلك للمنصور عثمان مع الملك الأشرف إينال وكان عنده خلائق من أعيان الأمراء مثل الأمير تنم المؤيدي أمير سلاح ومثل الأمير قانى باى الجاركسى الأمير آخور الكبير وغيرهما من أعيان أمراء ابيه ولا زالت الدنيا بالغرض فقوم مع هذا وقوم مع هذا غير أن الملك المؤيد هذا لم يكن عنده أحد البتة فانقلب الموضوع في شأنه فإنه كان يمكن الذي وقع له يكون للعزيز والمنصور فإنهما كانا حديثي سن والذي وقع لهما -------------------- 244 أعني العزيز والمنصور كان يكون للمؤيد لأنه كبير سن وصاحب عقل وتدبير فسبحان الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قلت ولهذا لم تطل وقعة المؤيد هذا فإنه علم بذلك زوال ملكه وتركه برسباى البجاسي الأمير آخور وخير بك القصروي نائب قلعة الجبل ونزلا إلى الأتابك خشقدم فإن العادة في الحروب إذا كان كل من الطائفتين يقابل الأخرى في القوة والكثرة يقع القتال بين الطائفتين وكل من الطائفتين يترجى النصرة إلى أن يؤول النصر لإحدى الطائفتين وتذهب الأخرى إلا هذه الوقعة لم يكن عند المؤيد إلا من ذكرناه وأما عساكر الأتابك خشقدم فانتشرت على مفارق الطرق فوقف الأمير جانبك الظاهري نائب جدة بجماعة كثيرة من خجداشيته ومماليكه برأس سويقة منعم وتلقى قتال الملك المؤيد بنفسه وبحواشيه المذكورين وعظم أمر الأمير الكبير خشقدم به حتى تجاوز الحد واجتهد جانبك المذكور في حرب المؤيد حتى أباده وكان الملك المؤيد أولا يقرب جانبك هذا في إبتداء سلطنته تقريبا هينا مع عدم التفات إليه ولا إلى غيره لأنه كان يقول في نفسه إن إبتداءه كإنتهاء أبيه في العظمة ولما تسلطن أخذ في الأمر والنهي أولا بغير حساب عواقب استعزازا بكثرة ماله وبحواشيه ومماليك أبيه فسار في الناس بعدم استمالة خواطرهم وسار على ذلك مدة أيام وجعل جانبك هذا في أسوة من سلك معهم هذه الفعلة فاستشارني جانبك في أن يداخله لعله يرقع عليه أمره فإنه ما كان حمولا للذل وإنما كان طبعه أن يبذل -------------------- 245 المال الجزيل في القدر اليسير في قيام الحرمة فأشرت عليه بالمداخلة فداخله وكنت أنا قبل ذلك داخلته أياما فإذا به جامد نفور بعيد الإستمالة إلا لمن ألفه وحدثته بما رأيته منه قبل أن أشير عليه بصحبته فقال ما معناه إني أنا آخذ الشيء بعزة وتمهل وهو يدور مع الدهر كيفما دار ثم اجتمع بي بعد مدة أيام في يوم الجمعة بعد أن صلى معه الجمعة وقلع ماعليه من قماش الموكب ودخل إليه في الخلوة بقاعة الدهيشة ثم خرج من عنده وهو غير منشرح الصدر وقال لي القول ما قلته ثم شرعنا فيما نحن في ذكره مجلسا طويلا وقمنا على غير رضاء من الملك المؤيد ووقع في أثناء ذلك ما ذكرناه من أمر الوقعة والفتنة ووقوف جانبك ومن معه برأس سويقة منعم هذا مع ما كان بلغ المؤيد في هذا اليوم وفي أمسه أن القائم بهذا الأمر كله جانبك نائب جدة وأنه هو أكبر الأسباب في زوال ملكه وفي اجتماع الناس على الأتابك خشقدم ثم رأى في هذا اليوم بعينه من قصر القلعة وقوف جانبك على تلك الهيئة فعلم أن كل ما قيل عنه في أمسه ويومه صحيح فأخذ عند ذلك يعتذر وكتب كتابا للأمير جانبك بخطه يعده فيه بأمور منها أنه يجعله إن دخل في طاعته أتابك العساكر بالديار المصرية وأنه لا يخرج عن أوامره وأنه يكون هو صاحب عقده وحله ويترقق له وبسط الكلام في معنى ما ذكرناه أسطرا كثيرة وهو يكرر السؤال فيه ويحلف له فيما وعده به ورأيت أنا الكتاب بعيني وفيه لحن كثير كأنه كان ما مارس العربية ولا له إلمام بالمكاتبات على أنه كان حاذقا فطنا غير أن الفضيلة نوع آخر كما كانت رتبة المقام الناصري محمد ابن الملك الظاهر جقمق رحمهما الله تعالى فلم يرث جانبك لما تضمن هذا الكتاب