نظام الجزائی، ضرورة اسلامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظام الجزائی، ضرورة اسلامیة - نسخه متنی

محمد مهدی الآصفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

النظام الجزائي ضرورة اسلامية

أ. الشيخ محمد مهدي الآصفي

عضو الهيئة العلمية للمجمع العالمي للتقريب بينالمذاهب الاسلامية

بالعقوبات نستدل على عدالة الله.. وبالعدالة نستدل على ضرورة وجود العقوبات في الدين.

تماماً مثل الانظمةالاجتماعية والحقوقية العادلة فإنها لابد ان تتضمن نطاقاً خاصاً للعقوبات.. ومن دون ذلك لا يمكن تحقيق العدالة في العلاقات الاجتماعية.

فلا يمكن في النظامالكوني القائم على العدالة والحكمة ان لا تضمن نطاقا للعقوبات في الدين، كما لا يمكن ان لا يكون لخالق هذا النظام القيّوم المدبر المهيمن نظام للعقوبات.

عن ابيرفعة، قال: ان أمير المؤمنين صعد المنبر فذكر الله وأثنى عليه، ثم قال: ايها الناس الذنوب ثلاثة، ثم أمسك فقال له حبة العرتي: يا أمير المؤمنين فسِّرها لي.

(14)

فقال ما ذكرتها إلا وانا اريد ان افسرها، ولكنه عرض لي بُهْر (انقطاع النفس بسبب الاعياء) حال بيني وبين الكلام.

نعم الذنوب ثلاثة، فذنب مغفور، وذنب غيرمغفور، وذنب نرجو لصاحبه ونخاف عليه.

قيل يا أمير المؤمنين فبينها لنا.

قال: نعم أما الذنب المغفور فعبد عاقبه الله على ذنبه في الله فالله أحكم وأكرم انيعاقب عبده مرتين.

وأما الذنب الذي لا يغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض.. ان الله تبارك وتعالى اذا برز لخلقه أقسم قسماً على نفسه، فقال وعزتي وجلالي لا يجوز في ظلمظالم ولو كف بكف.. فيقتص للعباد بعضهم من بعض، حتى لا يبقى لاحد على أحد مظلمة (1).

العقوبات التكوينية في الدنيا والآخرة

)مَن جَاء بِالْحَسَنَةِفَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ( (2).

أقصد بالعقوبات التكوينية ما يقع في مقابلالعقوبات التشريعية وهي العقوبات التي شرعها الاسلام في الدنيا لطائفة من الذنوب والجرائم، وتنظمها ثلاثة عناوين: القصاص، والحدود، والتعزيرات.

ونحن في هذاالمقال لا نريد ان نتحدث عن هذا العنوان ، لا إجمالاً ولا تفصيلاً.. ونقصد بهذه الكلمة العقوبات المترتبة على المعاصي في الدنيا والآخرة بصورة تكوينية ، كالابتلاءات التيتصيب الناس في الدنيا من جراء بعض الذنوب، وعذاب الاستدراج الذي يستدرج به الله تعالى عباده في الدنيا،

(15)

وكذلك عقوبات الآخرة.

كما ان العقوباتالتشريعية من ضرورات الدين، على نحو الإجمال، كذلك العقوبات التكوينية في الدنيا والآخرة من ضرورات الدين ، على نحو الإجمال، والذي ينكرها إجمالا ينكر ضرورة من ضروراتالدين.

أقسام العقوبات

العقوبة ثلاثة اقسام:

1- العقوبات التأديبية والتهذيبية.

2- عقوبة الاستدراج والمكر.

3- عقوبة التنكيل.

واليك توضيح هذه العقوبات الثلاثة :

1- عقوبة التأديب والتهذيب

العقوبات التأديبية والتهذيبية متقاربتان ولكنهما تختلفان عن بعضهما بعضالاختلاف.

فإن العقوبات التأديبية هي العقوبات التي تنبه العبد الى خطئه وزلته وتوجهه الى الاستغفار والتوبة.

والعقوبات التهذيبية هي الابتلاءات التييواجهها العبد في الدنيا او في سكرات الموت عند الاحتضار او في العقوبات التي يلقاها بعد موته..

وهذه الابتلاءات والعقوبات تزيل عنه أوضار الذنوب ورين المعاصي،فتهذبه وتصفيّه لدخول الجنة، فإن الجنة دار السلام، ولايدخلها المؤمنون الا بعد أن يتطهروا ويتخلصوا من كل مالصق بهم في دار الدنيا من اوضار الذنوب.

(16)

والقدر المشترك بين هاتين العقوبتين، أنهما من أبواب رحمة الله تعالى بعباده العاصين، فإن العقوبة التأديبية تنبه العبد الى الاقلاع عن الذنب وتوجهه الى الندموالاستغفار والتوبة .

وهذه رحمة من عند الله وفضل منه تعالى بعباده المؤمنين.

والعقوبة التهذيبية تخلص العبد من أوضار الذنوب والمعاصي، ليصلح لدخولالجنة، فإن الجنة لا يدخلها المؤمن الا بعد ان يتطهر ويتخلص من كل ذنوبه ومعاصيه فهما من أبواب رحمة الله تعالى بعباده وفضله عليهم.

وهاتان العقوبتان، في مقابلعقوبة المكر والاستدراج. ففي عقوبة الاستدراج يستدرج الله العبد العاصي من نعمة الى نعمة، فيتقلب في النعم وينسى الاستغفار، فيموت وهو محمّل بالذنوب، معرض عنالإستغفار، وفي عقوبة التأديب ينبه الله العبد الى الخطر المحدق، وضرورة الاقلاع عن الذنب والاسراع الى التوبة ليقلع عن الذنب ويتحرر من أوزاره قبل ان يموت.

والفارق بين العقوبتين ينشأ من الفارق بين الطائفتين من العصاة والمذنبين.

فإن الطائفة الاولى من المذنبين، رغم اقترافهم للذنوب وخروجهم عن دائرة الطاعة له لميخرجوا عن دائرة الرحمة الالهية الواسعة التي وسعت كل شيء فتشملهم رحمة الله، رغم ما يرتكبون من المعاصي والذنوب، فينبههم الله تعالى بما يلقون من الابتلاءات في الدنياالى الخطر وضرورة الاسراع الى الاستغفار والتوبة ويذهب الله تعالى بما يبتليهم في الدنيا، وبما يلقونه في سكرات الموت عند الاحتضار وبعده.. يذهب الله تعالى بذلك عنهمأوضار الذنوب، او يخففها عنهم وهو من رحمة الله وفضله.

واما الطائفة الثانية وهم الذين يعاقبهم الله عقوبة المكر والاستدراج، او

(17)

عقوبةالتنكيل.. فقد أخرجتهم ذنوبهم عن دائرة رحمة الله الواسعة التي لا تضيق بشيء، فيكلهم الله تعالى الى انفسهم وشهواتهم واهوائهم ويملي لهم بالنعمة بعد النعمة، حتى لايذكروا ذنوبهم، ولا يندموا على افعالهم، ولا يستغفروا الله، ولا يتخففوا من اوضارها، كما هم يشتهون…

وعليه، حتى اذا أذنب الانسان، يجب عليه ألاّ يقطع حبله عنحبل الله، ويبقى حبله موصولاً بحبل الله، لئلا تخرجه ذنوبه عن دائرة الرحمة، فتشمله رحمة الله، وتعيده الى الله، وترفع عنه اوضار الذنوب والمعاصي، ليدخل اخيراً الى دارالسلام.

العقوبات التأديبية

عن سفيان بن سمط قال ابو عبدالله (ع): (إذا أراد الله بعبد خيراً، فأذنب ذنبا، أتبعه بنقمة ، ويذكره الاستغفار، واذا ارادبعبد شراً، فأذنب ذنباً اتبعه بنعمة لينسيه الاستغفار، ويتمادى بها، وهو قول الله عزوجل: «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون») (3).

وعن الراوندي، قال الصادق(ع): (إتقواالذنوب ، وحذّروها اخوانكم ، فوالله ما العقوبة الى احد أسرع منها اليكم، لانكم لا تؤاخذون بها يوم القيامة) (4).

عقوبة التهذيب

وهذه العقوبة قد تكونفي الدنيا على شكل ابتلاءات تصيب الناس، وتتوالى عليهم في الدنيا لتخفف عنهم الذنوب التي تحملوها كالامراض والمصائب التي تصيب الناس.

فإن لم يخلص العبد فيها منذنوبه تهجم عليه عند الموت وفي سكرات

(18)

الموت عند النزع - اعاذنا الله منها -…

فإن لم يخلص العبد فيها من ذنوبه تدخل عليه قبره، فيعذب فيهليتخلص من ذنوبه ومعاصيه.

فان لم يتخلص منها رافقه العذاب الى البرزخ.

فإن لم يتخلص منها طال وقوفه عند الحساب حتى يخلص منها.

فإن لم يتخلص منهاادخلته نار جهنم ونعوذ بالله حتى يخلص منها في نار جهنم، ويطهر فيها، ليصلح دخول الجنة.

والروايات في هذا الشأن كثيرة؛

فعن رسول الله(ص) انه قال: اذا مرضالمسلم كتب الله له كأحسن ما كان يعمل في صحته، وتساقطت ذنوبه، كما يتساقط ورق الشجر(5).

وهذه المصائب ابتلاءات تخفف عن المؤمن في الدنيا الذنوب التي ارتكبها فيغفلاته وسهوه.

وعن الامام زين العابدين(ع): ما من مؤمن تصيبه رفاهية في دولة الباطل الا أبتلي قبل موته ببدنه او ماله حتى يتوفر حظه في دولة الحق(6).

وعنأمير المؤمنين(ع): ما من الشيعة عبد يقارف أمراً نهيناه عنه فيموت حتى يُبتلى ببلية تمحص بها ذنوبه: إما في مال او في ولد وإما في نفسه حتى يلقى الله عزوجل وماله ذنب وانهليبقى عليه الشيء من ذنوبه، فيشدد به عليه عند موته.

وعن ابي محمد العسكري قال: دخل موسى بن جعفر(ع)(7) على رجل قد غرق في سكرات الموت، وهو لا يجب داعياً، فقالوا يابنرسول الله وددنا لو عرفنا كيف الموت وكيف حال صاحبنا.

فقال: الموت هو المصفاة تصفي المؤمنين من ذنوبهم، فيكون آخر ألم

(19)

يصيبهم كفارة آخر وزر بقيعليهم.

واما صاحبهم هذا فقد نخل (الغربال يزيل النخالة) من الذنوب نخلاً وصفّي من الآثام تصفية، وخلص حتى نقي كما يُنقى الثوب من الوسخ، وصلح لمعاشرتنا اهل البيتفي دارنا الى الابد (8).

قال رجل لامرأته اذهبي الى فاطمة بنت رسول الله(ص) فاسأليها عني: أنا من شيعتكم؟

فقالت: قولي: ان كنت تعمل بما امرناك وتنهى عمازجرناك، فأنت من شيعتنا، وإلا فلا .

فرجعت وأخبرته.

فقال: يا ويلا، ومن ينفك عن الذنوب والخطايا، فإذا أنا خالد في النار.

فرجعت المرأة فقالتلفاطمة(س) ماقال زوجها.

فقالت فاطمة قولي له ليس هكذا. ان شيعتنا من خيار اهل الجنة. وكل محبينا إذا خالفوا اوامرنا ونواهينا ليسوا من شيعتنا، وهو مع ذلك في الجنةبعد ما يطهّرون، ولكن انما يطهرون من ذنوبهم بالبلايا والرزايا، او عرصات القيامة بأنواع شدائدها، او في الطبق الاعلى في جهنم بعذابها.. الى أن يستنقذهم بحبنا منهم، اوننقلهم بحضرتنا(9 ).

عن محمد بن مسلم قال قال ابو عبدالله(ع): والله لا يصف عن هذا لامر فتطعمه النار.

قلت: ان فيهم من يفعل ويفعل.

فقال: انه اذا كانكذلك ابتلى الله احدهم في جسده، فإن كان ذلك كفارة لذنوبه، وإلا ضيق الله عليه في رزقه. فإن كان ذلك كفارة لذنوبه ، وإلا شدد عليه عند الموت، حتى يأتي الله ولا ذنب له ، ثميدخله الجنة(10).

(20)

وعن المفضل ، قال: قال أبو عبد الله(ع) يا فضل، إياك والذنوب، وحذرها شعيتنا ، فوالله ماهي الى أحد أسرع منها اليكم، إنّ احدكم لتصيبهالمعرّة من السلطان، وماذاك الا بذنوبه، وانه ليحبس عليه الرزق، وما هو الا بذنوبه، وانه ليشدد عليه عند الموت، وماهو الا بذنوبه.

فلما رأى ما قد دخلني قال: اتدريلم ذاك يا مفضل، قال، قلت لا ادري جعلت فداك.

قال: ذاك والله انكم لا تؤاخذون بها في الآخرة، وعجلت لكم في الدنيا(11).

وهذه العقوبة، رغم انها داخلة في دائرةرحمة الله الواسعة إلاّ أنها صعبة عسيرة.

وعن الامام الصادق(ع) عن رسول الله(ص): ان العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مأة عام، وانه لينظر الى ازواجه في الجنة يتنعمن(12).

3- عقوبة الاستدراج والمكر

وهي النحو الثاني من العقوبات الالهية. ظاهرها النعمة، وباطنها النقمة ، بعكس عقوبة التأديب والتهذيب التي كان ظاهرهاالنقمة وباطنها الرحمة.

في هذه الطائفة من العقوبات يتقلب المجرمون، من عافية ونعمة الى عافية ونعمة. ويمدهم الله تعالى، ويمهلهم ويملي لهم.. وهذا الاملاءوالامهال نحو من مكر الله تعالى بالمجرمين، فيغفلوا عن ذكر الله والاستغفار، ويغلبهم الطيش والغرور، حتى يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

وانما يكلهم الله تعالى الىانفسهم، ويستدرجهم بالنعم وينسيهم الاستغفار والتوبة، لانهم إختاروا الإعراض عن رحمة الله.. ومن يعرض عن رحمة الله فلا تشمله الرحمة، لا لأنّ الرحمة الالهية تضيق بأحد،فإن رحمة الله لا تضيق

(21)

بشيء، والعبد شيء من الاشياء، وإنما لانهم - أي المجرمون - أصروا على الإعراض عن رحمة الله ، والدخول في دائرة مشاققة اللهومحاربته والتمرد عليه.. فيكلهم الله الى انفسهم، كما ارادوا، فلا تصيبهم معرة، او ابتلاء في الدنيا، كما يصيب المؤمنين، وانما يتقلبون في النعمة والعافية، حتى ينقضعليهم الأجل، فيأخذهم الله اخذ عزيز مقتدر.

وهذا هو الاملاء والاستدراج.

ومعنى الإملاء: الامهال؛ فلا يعجل الله بعذابهم كما يعجل بعذاب المؤمنينليتنبهوا من غفلاتهم، فيمهلهم، ليمعنوا في التمرد والاجرام والافساد.

ومعنى الاستدراج أن يفسح الله لهم الطريق الى المعاصي والذنوب، فيتدرجوا من عصيان الىعصيان ومن اجرام الى إجرام دون ان يعيقهم اليه عائق من ابتلاء او مصيبة، كما يصيب المؤمنين المذنبين وكأنما الله تعالى يستدرجهم الى ما يطلبونه من المعاصي والجرائماستدراجا.

يقول تعالى: ) وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ، وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ( (13).

كما يستخدم البوليس طريقة (استدراج المجرمين) لاثبات الجريمة بالجرم المشهود، فيراقبون المجرم عن كثب، في جميع مراحل ارتكاب الجريمة، دون ان ينتبه الى هذه المراقبةليلقوا عليه القبض، وهو متلبس بالجريمة… وذلك لغرض اثبات الجريمة بالجرم المشهود المحسوس.

ويجري نفس العمل في سنن الله تعالى، ولكن لغاية اخرى، وليس لاثباتالجريمة.. فان جوارحهم تشهد عليهم بما أجرموا يوم القيامة، ولا حاجة الى إستدراجهم لاثبات الجريمة عليهم بالحس والشهود يوم القيامة، وانما يجري استدراج المجرمين في سننالله لغرض تفعيل مافي نفوسهم ونياتهم من شر او

(22)

خبث، ونقصد بالتفعيل المعنى الفلسفي لهذه الكلمة، وهو الخروج من القوة الى الفعلية.

فإنالمجرمين يحملون في انفسهم ونياتهم شراً وخبثاً كثيراً، كما يحمل الصالحون في نفوسهم خيراً كثيراً… وكما يتمنى الصالحون ان يوفقهم الله لتفعيل هذا الخير وابرازهوتحقيقه، كذلك يتمنى المجرمون ان يحققوا ما في نفوسهم ونياتهم من شر وخبث ودناءة.

فيفعل الله لكل منهما ما يحبون ويتمنون.

والتفعيل الاول هو الاستدراج.

والتفعيل الثاني هو التوفيق. والتوفيق في مقابل الاستدراج، ومعنى الاستدراج بناء على ذلك هو تفعيل ما يريده ويطلبه المجرمون من إجرام وإفساد.

كما انالتوفيق هو تفعيل ما يطلبه الصالحون من صلاح وخير وإصلاح.

ويتم هذا او ذاك ضمن سنن الله تعالى فإن نواة التفاحة ونواة الشوكة تحملان بالقوة كل مافي التفاحة من نفعوفائدة، وكل ما في الشوكة من اذى وضرر… والله تعالى يفعل هذه وتلك في نظام الخلقة العام.

ولابد في نظام الخلقة العام من التفاحة والشوكة والصحة والمرض والخيروالشر معاً.

وفي نفس الانسان الخير والشر، والعدل والظلم، فإذا كان الغالب عليه هو الخير وفّقه الله تعالى للخير، وخلّصه مما في نفسه من شر بما في نفسه من الخير.

واذا كان الشر غالباً أعانه الله على ما في نفسه من شر للتخلص منه، ووفّقه إلى ما في نفسه من خير.

(23)

فإذا تمادى الانسان في الشر والضلال وَكَلَهُالله الى نفسه… عندئذ يتمكن الشر من نفسه ، ويطغى الشر على نفسه ونيته وعمله، وهذا هو موضع الاستدراج في سنن الله تعالى.

فيملي له الله تعالى فيما يريد من ذنبوعصيان، ويمهله ليتمادى في عمله، ولا يبتليه فإن الابتلاء يصد صاحبه عن التمادي في الغي والشر. وحيث ان هؤلاء المجرمين أعرضوا عن رحمة الله، وخرجوا من دائرة الرحمةالالهية الواسعة التي وسعت كل شيء، فلا ينالون هذه الرحمة بالضرورة.

وعليه فإن الله يمهلهم ليتمادوا في غيهم ويحققوا كل ما يطلبون من شر وفساد.

سئل ابوعبدالله الصادق(ع) عن الاستدراج، فقال: هو العبد يذنب الذنب، فيملى له، ويجدَّد له هذه النعم، فيلهيه عن الاستغفار من الذنوب، فهو مستدرج من حيث لا يعلم(14).

ورويعن امير المؤمنين(ع): (ايها الناس ليراكم الله من النعمة وجلين، كما يراكم من النقمة فرقين. انه من وسّع عليه في ذات يده ، فلم ير ذلك استدراجا فقد أمن مخوفاً ومن ضيّق عليهفي ذات يده، فلم ير ذلك اختباراً فقد ضيّع مأمولا) (15).

والامام عليه السلام يشير هنا الى أمن وخوف في غير موضعهما.

اما الأمن فهو ان يتقلب الانسان فيالنعم، فيأخذه الغرور، ولا يحسب انه قد يكون ذلك استدراجاً له.. وهذا هو الأمن الخاطئ.

واما الخوف والقلق الخاطئ فهو ان يواجه الانسان ابتلاء فيقلق فيها ويخافمنها ولا ينظر اليها من منظار الاختبار الالهي لعبده، فيخسر وعي باب من ابواب رحمة الله تعالى بعباده، وهو الابتلاء والاختبار.

(24)

وهذا هو النحو الثانيمن العقوبات الالهية ، التي يشير اليها الامام زين العابدين عليه السلام في دعاء الاسحار حيث يقول(ع): (ولا تمكرني في حيلتك).

فإنه، وان كان ظاهره النعمة، فانباطنه النقمة والعذاب، وعلى العبد ان يعوذ بالله تعالى ان يمكره في حيلته، ويستدرجه الى معصيته ومخالفته.

3- عقوبة التنكيل والاستئصال

نقرأ في دعاءالافتتاح: (وأيقنت انك انت ارحم الراحمين في موضع العفو والرحمة، وأشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة، واعظم المتجبرين في موضع الكبرياء والعظمة).

فنتساءللماذا كان الله تعالى (ارحم الراحمين) في موضع العفو والرحمة، وكان (أشد المعاقبين) في موضع النكال والنقمة؟ وكان يناسب رحمته ان يكون ارحم الراحمين في موضع العفووالرحمة، وأخفّ المعاقبين في موضع النكال والنقمة.

والجواب: ان الله تعالى مطلق في كل شيء شديد في كل شيء، وهو فعّال لما يريد… فإذا اراد الرحمة كان شديدالرحمة، ارحم الراحمين، واذا غضب وسخط على عبده - معاذ الله - كان اشد المعاقبين ورحمته اوسع من غضبه.

ولذلك فلا يأمن العبد عقاب الله، لانه اشد المعاقبين، ولايخيب عن رحمة الله، لانه ارحم الراحمين ويتردد العبد بين رجاء الرحمة ومخافة العقوبة.. بين الخوف والرجاء، وهذه هي العلاقة الصحيحة بالله تعالى.

والاستدراج فيالدنيا، والعقوبة في الآخرة كل منهما حاصل عن غضب الله تعالى، إلا أن عذاب الاستدراج في الدنيا وعذاب التنكيل في الدنيا والاخرة. وهذا

(25)

هو الفرق الاولبين العذابين.

عقوبة الاستدراج ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وعقوبة التنكيل ظاهرها العذاب وباطنها العذاب وهذا هو الفرق الاول بين عقوبة الاستدراج وعقوبةالتنكيل.

والفرق الثاني بينهما ان عقوبة الاستدراج في الدنيا وعقوبة التنكيل في الدنيا والآخرة.

يقول تعالى في تعميم عقوبة التنكيل للدنيا والآخرة :)فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَأَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَالْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ((16).

ويقول تعالى فيما نزل على قوم لوط من العقوبة والعذاب فيالدنيا.

) فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ، مُّسَوَّمَةً عِندَرَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ((17).

ويقول تعالى عن العقوبة التي انزلها بإبرهة وجيشه من اصحاب الفيل:

) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَرَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ، تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ،فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ( (18).

ويقول تعالى عن العذاب الذي اُنزل على ثمود: ) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْيَنظُرُونَ( (19).

والفرق بين عقوبة التنكيل والعقوبات التأديبية التي تنزل على المذنبين من المؤمنين في الدنيا، ان الاولى عذاب استئصال كما نزل بقوم لوط وثمود

(26)

واصحاب الفيل والسبت وقوم صالح، والثانية عذاب تنبيه وتذكير واذا نزل عذاب التنكيل والاسئصال بقوم، فلا ينفعهم ايمانهم ودعاؤهم لرد العذاب الا ما كانمن قوم يونس.. فقد نزل بهم العذاب، ولكنهم لما لجأوا الى الله تعالى بالدعاء والتضرع والتوبة، دفع الله عنهم العذاب.

) فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْفَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ((20).

وهذه العقوبة كالعقوبة السابقة لاتنزل بقوم الا عندما يعرضوا عن رحمة الله إعراضا كاملا، وعندئذ يخرجوا عن دائرة رحمة الله.

وحسبك في هذه العقوبة انهاتنزل بالانسان عن غضب الله وسخطه، نعوذ بالله من غضبه وسخطه.

وعن هذه العقوبة ومقارنتها بما يبتلي الله تعالى عباده في الدنيا من انواع الابتلاء… يقول اميرالمؤمنين (ع) كما في رواية كميل بن زياد رحمه الله في دعاء كميل:

(وانت تعلم ضعفي عن قليل من بلاء الدنيا وعقوباتها، وما يجري فيها من المكاره على اهلها.. على ان ذلكبلاء ومكروه قليل مكثه، يسير بقاؤه، قصير مدتّه، فكيف احتمالي لبلاء الآخرة وجليل وقوع المكاره فيها، وهو بلاء تطول مدته، ويدوم مقامه، ولا يخفف عن اهله، لانه لا يكونالا عن غضبك وانتقامك وسخطك، وهذا مالا تقوم له السماوات والارض، يا سيدي ، فكيف لي ، وانا عبدك الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين).

ثم يذكر الامام (ع) اناعظم مافي هذه العقوبة هو شعور العبد، وهو في نار جهنم، ان الله ابعده عنه، وحكم بفراقه له، وانه تعالى لا يحب جواره وقربه، وانه يمقته وغاضب عليه، ان هذا الاحساس لدىالعبد، وهو يعذب في نار

(27)

جهنم أشد شيء في هذه العقوبة رغم كل قساوة وضراوة نار جهنم وعذابها، فاستمع إليه عليه السلام، كيف يصور حالة العبد في نارجهنم، وهو يشعر بأن الله غاضب ساخط عليه، مفارق له، وحاشره مع اعدائه في مكان واحد.

(فلئن صيرتني للعقوبات مع اعدائك وجمعت بيني وبين أهل بلائك وفرقت بيني وبيناحبائك واوليائك فهبني يا الهي وسيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك وهبني صبرت على حرّ نارك فكيف اصبر عن النظر الى كرامتك، ام كيف اسكن في النار ورجائيعفوك..).

ثم يقسم عليه السلام… ان لو تركه الله مع اعدائه في نار جهنم واقصاه عن قربه وعن احبائه… ان يعلن في وسط نار جهنم، ومن بين اعدائه ومناوئيه - لو تركهناطقا - عن حبه له، وعظم رجائه به، وامله في رحمته ويضج اليه في وسط نار جهنم ضجيج الآملين، ويطلبه بصراخه وعويله، ويبكي لفقده وفراقه، بكاء الفاقدين… استمع اليه عليهالسلام .

(فبعزتك يا سيدي ومولاي اقسم صادقا لئن تركتني ناطقا لأضجنّ اليك بين اهلها ضجيج الاملين، ولأصرخنّ اليك صراخ المستصرخين، ولأبكينّ عليك بكاء الفاقدين،ولاُنادينّك: اين كنت يا ولي المؤمنين يا غاية آمال العارفين، يا غياث المستغيثين، يا حبيب قلوب الصادقين.

العلاقة بين الذنب والعقوبة يبقى ان نشير الىالعلاقة بين العمل والجزاء، في سياق الحديث عن الذنوب والعقوبات… وهذا البحث من رقائق الثقافة القرآنية.

قد تكون العلاقة بين العمل والجزاء من نوع العلاقاتالتشريعية كالعلاقة بين جريمة شرب الخمر والجلد، والعقوبات الواردة في التشريع كلها من هذا

(28)

القبيل… وهذه العقوبات تخص الحياة الدنيا.

النوع الاخر من العقوبات؛ العقوبات التي تقع موقع النتيجة والجزاء الطبيعي من الجريمة. والعلاقة بينهما من نوع العلاقة بين الاسباب والمسببات كالعلاقة بين الظلم ومايصيب الظالم من سوء العاقبة… فإن الظالمين يلاقون في هذه الدنيا نتائج اعمالهم قبل الآخرة… وقد عاصرنا كثيراً من الظالمين اخذهم الله اخذ عزيز مقتدر، ولقوا في هذهالدنيا نتائج عدوانهم وظلمهم… يقول تعالى: ) ولا يَحيقُ المَكرُ السيّئُ إلاّ بأهلِه((21). ) فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون((22).) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ((23).

وهذه العقوبات تعم الدنيا والآخرة، وهي بحكم نتائج اعمالالانسان في سنن الله تعالى.

والنوع الثالث من العقوبات؛ عقوبة المجرمين بجرائمهم.. فان لاعمال الانسان ظاهرا في هذه الدنيا، وباطنا في الآخرة، فإذا انتقلالانسان من الدنيا الى الآخرة وجد اعماله امامه قد سبقته إليها، غير أن هذه الاعمال اُحضرت له هذه المرة بصورة اخرى غير التي كان يعرفها في الدنيا، وهي باطن الاعمالوجوهرها.

فإن لاعمال الانسان صورة ظاهرة في الدنيا، وحالة باطنة هي جوهر العمل وروحه، والذي يحضر للانسان من عمله في الاخرة هو باطن العمل وليس ظاهره.

يقول تعالى : ) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًابَعِيدًا((24).

ويقول تعالى: ) وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا( (25).

(29)

ويقول تعالى:) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُالنَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ، فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ( (26).

وهذهالآيات وامثالها في القرآن ظاهرة في ان اعمال الانسان نفسها تنتقل الى الآخرة(27) وان الانسان عندما يحشر يواجه عمله الذي قدمه بين يديه الى اللـه )يومَ تَجدُ كُلُّ نفس ماعَمِلت من خير مُحضَراً( والذي يحضر للانسان في الآخرة هو عمله من خير او شر.

غير ان الذي يعرفه الانسان من عمله في الدنيا هو ظاهر عمله. ولأعمال الانسان ظاهريعرفه في الدنيا، وباطن يلقاه في الآخرة، وهو يختلف اختلافا نوعياً عما يعرفه من ظاهر عمله في الدنيا.

فالذي يأكل أموال اليتامى ظلما، لا يعرف من عمله الا هذهالصورة التي ترغبه وتشهيه في هذا الاثم، وهو التمتع بأموال الايتام… ولهذا الاثم صورة اخرى، هي باطن العمل، يظهر له في الاخرة، وتلك قوله تعالى:

)إِنَّالَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا((28).

وهذه النار التي يلقاهاالانسان في الاخرة هي باطن هذا الاثم، ولو كان يشهد باطن عمله في الدنيا لم يرتكبه قط.

ويقول تعالى: )وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنيَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ((29).

ان للغيبة ظاهراً وباطنا… اما الظاهر منها فهو الذي يُشهّي الناس ويُرغّبهم فيها، واما باطنها فهو اكللحوم الاموات. وفي الحياة الدنيا لا يرى الناس الا هذا الظاهر الذي يشهيهم في الغيبة، ولو كانوا يرون باطن الغيبة، ويعرفون انهم يلوكون بالغيبة لحوم اخوانهم لاشمأزواونفروا من الغيبة.

(30)

إنَّ ما يلقاه المجرمون في نار جهنم من عذاب وعسير إنما هي أعمالهم تجسدت لهم في الآخرة بهذه الصورة.. وكذلك العكس ما يلقاه المؤمنوناصحاب التقوى والعمل الصالح من نعيم ورحمة في الجنة هو اعمالهم الصالحة تلقوها في الآخرة بهذه الصورة الجديدة التي لم يألفوها من قبل في الدنيا.

ان عمل الانسانلا ينعدم، من خير او شر، فإذا مات الانسان واجه عمله، بعينه، غير انه في الاخرة يظهر له بشكل آخر غير ما كان يعرفه في الدنيا.

العفو والرحمة

ولا يسعناالحديث عن العقوبة والعذاب الالهي الا ان نشفعه بالحديث عن عفوه ورحمته تعالى، فإن رحمته وسعت كل شيء، مهما بلغ ذنب العبد.

روى الكراجكي في (الكنز) عن عطاء بن يسارعن امير المؤمنين(ع).

قال: يوقف العبد بين يدى الله تعالى، فيقول: قيسوا (قارنوا) بين نعمي عليه وبين عمله.

فيستغرق النعم العمل.

فيقولون قد استغرقالنعم العمل.

فيقول هبوا له النعم، وقيسوا بين الخير والشر منه. فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير، وأدخله الجنة، وان كان له فضل (أي كانت حسناته تغلبسيئاته) اعطاه الله بفضله.

وان كان عليه فضل (أي كانت سيئاته تغلب حسناته) وهو من اهل التقوى، ولم يشرك بالله تعالى، واتقى الشرك فهو من اهل المغفرة، يغفر الله لهبرحمته ان شاء، ويتفضل عليه بعفوه) (30).

1ـ والحديث يتناول اولاً الابعاد الثلاثة للحساب. وهذه هي القاعدة، فيقاس

(31)

عمل العبد لله تعالى: بنعمالله تعالى على عبده.

فان فضل عمل العبد عن فضل الله عليه، يقاس الفضل (من حسناته) بذنوبه وسيآته، ويغطّيها، وان استغرقت نعم الله عمل العبد، كما هو الواقع بقيتذنوبه وسيآته مكشوفة، لا يغطّيها شيء.

2- وحيث تستغرق النعم الحسنات، فلا محالة تبقى السيئات مكشوفة، لا يغطيها شيء، فيأمر الله تعالى ملائكته بإلغاء المقارنةالاولى، والحساب على المقارنة الثانية.

فيقول: (هبوا له النعم، وقيسوا بين الخير والشر منه) وهناك المقارنة تكون بين حسناته وسيآته.

وهي لا تخلو من ثلاثحالات.

فإما ان تفضل حسناته على سيآته، او تتساوى سيآته وحسناته او تفضل سيآته على حسناته.

فإن تساوت حسناته وسيآته، أذهب الله الخير بالشر، كما فيالرواية.

وإن فضلت حسناته على سيآته وكان له فضل اعطاه الله بفضله.

وان فضلت سيآته على حسناته (وان كان عليه فضل) وكان صاحبها من اهل التقوى، ويتقي الشركبالله غفر الله له برحمته.

(32)


1 - الكافي 8/106.

2-الانعام/ 16.

3- بحار الانوار 5/217 ، ح 9.

4- بحار الانوار 6، 57، ح 8 .

5- مكارم الاخلاق/ 195.

6- نفس المصدر ح 9.

7- بحار الانوار 6/ 157، ح 4.

8- بحار الانوار 6/155، ح 10.

9- لئالي الاخبار، ص 458.

10- بحار الانوار 6/160، ح 26.

11- بحارالانوار 6/157 ، ح 15.

12-الكافي 2/272.

13- الاعراف/ 182 - 183.

14- بحار الانوار، 5/218، ح 11.

15- نهج البلاغة ، تحقيق صبحي الصالح، ص 536، الكلمة 358 من الكلمات القصار.

16-فصلت/ 15 - 16.

17- هود / 82 - 83 .

18- سورة الفيل.

19- الذاريات / 44.

20- يونس/ 98.

21- فاطر/ 43.

22- الانعام/ 10.

23-النحل/ 34.

24- ال عمران/ 30.

25- الكهف/ 49.

26-الزلزلة / 7 - 8 .

27- راجع في توضيح وتفصيل هذا البحث الكتاب القيم (العدل الالهي) للشهيد الشيخ مرتضى المطهري فصل (عذاب الآخرة).

28- النساء/ 10.

29- الحجرات/ 12.

30-بحار الانوار 5/334 - 335.

/ 1