وقال ابن فارس : لغةُ العرب يُحْتَجَّ بها فيما اختُلف فيه إذا كان التنازع في اسم أو صفة أو شيء مما
تستعملُه العرب من سُنَنها في حقيقةٍ أو مجاز أو ما أشبه
ذلك فأما الذي سبيلُه سبيلُ الاستنباط وما فيه لدلائل العقل مَجال أو من التوحيد وأصول الفقه
وفروعه فلا يحتجُّ فيه بشيءٍ من اللغة لأن موضوع ذلك على غير اللغات فأما الذي يختلف فيه الفقهاء من
قوله تعالى : ( أو لامستم النساء )
وقوله : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )
وقوله تعالى : (
فجزاء مثل ما قتل من النعم ) .وقوله تعالى : ( ثم يعودون لما قالوا ) فمنه ما يصلح الاحتجاجُ فيه بلغة العرب ومنه ما يُوكَل إلى غير
ذلك .
الفائدة الثانية-في العربي الفصيح ينتقل لسانه
قال ابن جنّي : العمل في ذلك أن تنظر حالَ ما انتقل إليه ( لسانه ) فإن كان فصيحاً مثل لغته أُخذَ بهاكما يؤخذ بما انتقل منها أو فاسداً فلا ويؤخد بالأولى .فإن قيل : فما يُؤْمنك أن يكون كما وجدتَ في لغته فساداً بعد أن لم يكن فيها ( فيما علمت ) أن يكون فيها
فسادٌ آخر ( فيما ) لم تعلمه
قيل : لو أخذ بهذا لأدَّى إلى ألاّ تطيب نفسٌ بلغة وأن تتوقَّف عن الأخذ عن كلّ أحدٍ مخافةَ أن يكون
في لغته زَيْغ ( حادث ) لا نعلمه الآن ويجوزُ أن يعلَم بعد زمان وفي هذا من الخَطَل ما لا يخفي
فالصوابُ الأخذُ بما عُرف صحته ولم يظهر فساده ولا يلتفت إلى احتمال الخلَل فيه ما لم يبيّن .