بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله الذي أوجد الأشياء شرها وخيرها وهو في عين أهل الحق يكون غيرها و صلى الله عليه وسلم على من بين نفعها وضرها وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحزابه السائرين في السلوك سيرها أما بعد فيقول الملتجئ إلى حرم ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري إنه ورد سؤال من صاحب حال مضمونه أنه قال بعض المتصوفة للمريد عند تلقينه كلمة التوحيد اعتقد أن جميع الأشياء باعتبار باطنها متحد مع الله تعالى وباعتبار ظاهرها مغاير له وسواه فقلت هذا كلام ظاهر الفساد مائل إلى وحدة الوجود أو الإتحاد كما هو مذهب أهل الإلحاد فالتمس مني بعض الإخوان أن أوضح هذا الأمر وفق الإمكان من البيان فأقول وبالله التوفيق وبيده أزمة التحقيق إن الله سبحانه وتعالى كان ولم يكن قبله ولا معه شيء عند أهل السنة والجماعة بإجماع العلماء خلافا للفلاسفة وبعض الحكماء ممن يقول بقدم العالم ووجود بعض الأشياء وهو مردود لقوله تعالى الله خالق كل شيء أي موجود ممكن في عالم مشهود ومن المحال أن يكون الحادث بباطنه متحدا بالقديم الموجد مع أنه مخالف لمذهب الموحد فإن الإثنينية تنافي الوحدة اليقينية قال الله تعالى لا تتخذوا إلهين اثنين فكيف بالآلهة المتعددة والذي يعرف من السادة الصوفية أنهم يقولون ينبغي للسالك أن ينظر حال تكلمه كلمة التوحيد عند لا إله بنظر النفي والفناء إلى السوى وعند إلا الله الثبوت والبقاء إلى المولى وقد تقرر في علم العقائد أن الله سبحانه وتعالى ليس محلا للحوادث فإن الحدوث عبارة عن وجود لاحق لعدم سابق فيكون مع القديم غير لائق ثم المقصود من كلمة التوحيد نفي كون الشيء يستحق العبودية وإثبات الربوبية لمن له استحقاق الألوهية وإلا فالكفار كانوا عارفين للوجود ومغايرته لما سواه كما أخبر به سبحانه وتعالى عنهم بقوله ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض أي أوجد العلويات والسفليات من حيز العدم إلى صفحة الوجود ليقولن الله أي الذات الواجب الوجود المستجمع لصفات الجلال والكمال من الكرم والجود ثم اعلم أن حقائق الأشياء ثابتة كما قال أهل الحق لأن في نفيها ثبوتها حاصلة خلافا للسوفسطائية حيث حملوها على الأمور الخيالية ويلحق بهم الطائفة الوجودية حيث رتبوها مما عدا خالقها على الفضولات الاعتبارية نظرا إلى جهاتها الباطنية والظاهرية فتبعوا طائفة من السوفسطائية حيث يزعمون أن حقائق الأشياء تابعة لاعتقاد المعتقدين في القضية فهم بحكم هذه المسائل خرجوا عن الطوائف الإسلامية حيث أنكروا الأمور الحسية والأدلة الشرعية الإنسية ثم الإجماع على حدوث العالم وهو ما سوى الله ذاتا وصفة فإن الصفات لا عين الذات ولا غيرها عند أهل السنة وقد نفت المعتزلة أصل الصفات والأسماء تحرزا من تعدد القدماء فتبين أن مقال هذا الجاهل مع أنه ليس تحته طائل مخالف لإجماع أهل الإيمان إذ يلزم من قوله قدم باطن الأشياء وهو واضح البطلان وكلامه هذا قول بعض الفلاسفة إن الأشياء قديمة بذواتها محدثة بصفاتها شبيه بشبهة الدهرية المدفوعة بلزوم دوام الممكنات بدوام بارئ المخلوقات ووجوب أن لا يحصل شيء في العالم من التغيرات فسبحان من يغير ولا يتغير لا في الذات ولا في الصفات ثم التوحيد في اللغة الحكم أو العلم بأن الشيء واحد وفي الاصطلاح هو تجريد الذات الإلهية عن كل ما يتصور في الأفهام ويخيل في الأذهان والأوهام وهذا معنى قول علي كرم الله وجهه لما سئل عن التوحيد ما معناه فقال التوحيد أن تعلم أن ما خطر ببالك أو توهمته في خيالك أو تصورته في حال من أحوالك فالله تعالى وراء