بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید -------------------- * *العبادة* حدّها ومفهومها * تأليف: آية الله الشيخ جعفر السبحاني -------------------- *( 2 )* *مقدّمة المؤلف: * بسم الله الرحمن الرحيم *في ظلال التوحيد ونبذ الشرك* التوحيد ونبذ الشرك من أهمّ المسائل الاِعتقاديّة التي تصدّرت المفاهيمَ والتعاليمَ السماويّة، ويُعدُّ أساساً للمعارف العليا التي جاء بها سفراؤه سبحانه وأنبياؤه. إنّ للتوحيد مراتب متعدّدة النظير: أ: التوحيد في الذات: إنّه واحد لا ثاني ولا نظير له. ب: التوحيد في الخالقية: إنّه لا خالق للكون إلاّ الله سبحانه. ج: التوحيد في الربوبيّة: إنّه لا مدبّر للعالم سواه. د: التوحيد في العبادة: إنّه لا معبود إلاّ هو. إلى غير ذلك من مراتب التوحيد المطروحة في كتب العقائد. وقد أولى الذكر الحكيم مزيداً من الاهتمام بالمرتبة الرابعة، أعني: التوحيد في العبادة، ولذلك نجد المسلمين يشهدون خلال صلواتهم اليوميّة بالتوحيد في العبادة، حيث يتلون قوله سبحانه: (*إِيَّاكَ نَعْبُدُ *) وبالتالي أصبح التوحيد في العبادة شعاراً للمسلمين، ولا يدخل أحد حظيرة الاِسلام إلاّ بالاعتقاد به، وتطبيق العمل على وفقه، فمن رفضه اعتقاداً أو خالفه عملاً فهو مشرك وليس بمسلم. إنّه سبحانه يركّز على أنّ الهدف من وراء بعث الاَنبياء هو دعوة الناس إلى التوحيد في العبادة، ونبذ عبادة الطاغوت، يقول سبحانه: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ -------------------- *( 3 )* *رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت َ *)^(1). إنّه سبحانه جعل التوحيد في العبادة أصلاً مشتركاً بين الشرائع السماويّة التي أنزلها على المصطفين من عباده، وأمر النبيّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن يدعو أهل الكتاب إلى كلمة سواء بينه وبينهم ألا وهي التوحيد في العبادة، وقال:( *قُلْ يا أهلَ الكتابِ تَعالو إلى كلمةٍ سواءٍ بينَنا وبيْنَكُم ألاّ نَعْبُدَ إلاّ اللهَ وَلا نشرِكْ بِهِ شَيئاً ولا يَتَّخِذُ بَعْضُنا بَعْضاً أرباباً مِنْ دونِ اللهِ فإنْ تَوَلّوا فَقُولُو اشْهَدوا بِأنّا مُسلِمون *)^(2). إنّ الحدّ الفاصل بين الموحد والمشرك هو أنّ الموحّد يستبشر بذكر الله سبحانه خلافاً للمشرك الذي يستبشر بذكر غيره. قال سبحانه: (*وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ *)^(3). نعم هذا هو حال المشرك فهو يستكبر عن عبادته سبحانه، كما يقول تعالى: (*إنّهم كانوا إذا قيلَ لهُمْ لا إلهَ إلاّ الله يَسْتَكْبِرون *)^(4). فعلى ضوء ذلك فلا اختلاف بين المسلمين في التوحيد في العبادة، وهو أصل اتّفقت عليه كافّة مذاهبهم،