أغنية الصياد الصغير نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أغنية الصياد الصغير - نسخه متنی

محمد شاكر السبع

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عشرة الماضية، تلك السنوات التي انقضت من
دون أن يرى ساهرة، من دون أن يمر من أمام
باب بيتها، فهذه الفتاة خلفت في قلبه
الخوف بعد أن رمته من فوق كتف النهر إلى
الصخور الخرسانية.
لم يكن ذلك الخوف من النوع الذي يمر
بالإنسان تاركاً بصمة سرعان ما يمحوها
تعاقب الزمان، بل هو مزق بسالة قلبه
الجريء وهو في تلك السن الصغيرة. وهكذا
تحولت ساهرة من كائن صغير يمكن اللعب معه
بسعادة إلى مصدر فزع دائم. إذن، ماذا حدث
اليوم؟.. ماذا حدث بحيث أنني أحب النظر
إليها؟... أحب أن أراها في كل وقت، في كل
لحظة... هل أحببتها؟..
فزع من تساؤله الأخير، وازداد فزعه حين
تذكر إنها هي مَنْ صنع له حدبته.. كرع كأسين
سريعتين، فطارت أشجار الجانب الآخر من
النهر نحو السماء، وهدر النهر مرتفعاً
نحوه.
تناول زجاجة العرق والكأس الفارغة كلاً
بيد، ونهض واقفاً وهو يتمايل أماماً
وخلفاً. استدار بصعوبة إلى الخلف، ثم سار
بساقين مهتزتين، ومر بالمفوضين الثلاثة
ورفاقهم. من دون أن يراهم، لأنه كان يسير
مغمض العينين. سار كما لو أن قدميه اللتين
تعرفان الطريق يقودهما شخص آخر غيره، وغاب
في الظلمة وراء مخزن الأسماك بعيداً عن
بيته.
استيقظ في عصر اليوم الثاني والدوار يطن
في رأسه. استيقظ من دون أن ينهض من
استلقائه، يعني أنه فتح عينيه فقط،
فطالعته أضلاع زورق مقلوب على جانبه. وجد
صعوبة في تمرير لسانه على شفتيه
المتيبستين، وكان فمه جافاً. تذكر زجاجته
وكأسه، فأدار رأسه إلى الجانب الآخر،
فواجهه سطح أسود لزروق مقلوب بطناً إلى
ظهر. انقلب على جانبه لينهض، وحين وقف على
ساقيه جفل نجرس الجالس مقرفصاً أمام قارب
مقلوب آخر وهو يحشر فتائل القطن بين شقوق
ألواحه.
ـ ماذا تفعل؟..
ـ كنت نائماً..
ـ منذ متى؟..
ـ منذ ليلة أمس..
ـ بدأت تشرب العرق أيها الأحدب الملعون؟..
خرج من بين الزورقين واتجه إلى الساحل.
نزع بدلته الفضفاضة ونفضها عدة مرات ثم
طواها بعناية وحشرها في مقدمة زورق مربوط
إلى الضفة. بدا لنجرس وهو في لباسه الداخلي
فقط وحدبته المكورة في أعلى ظهره وبشرته
السوداء، بدا للمندائي وكأنه قادم من مكان
يعج بالجن والشياطين. غطس في النهر فشعر
ببرودة الماء تلسعه غير أن الطنين والدوار
ازدادا في رأسه، فأغطسه عدة مرات وبسرعة
تحت الماء: خلال ماكان واقفاً على رمال قاع
النهر المتماسكة القوية، خلال ماكان
التيار الضعيف لمياه الجرف المار بصدره
وبطنه ومابين ساقيه، أحس أن المياه
الباردة لم تنعش جسمه الذي أذبلته سكرة
ليلة أمس، على العكس، كان يحس أنه بدأ يذوب
بالتدريج كما لو أن تيار الماء المار به،
يمتص قوته شيئاً فشيئاً.
جاءه صوت نجرس من فوق مؤخرة القارب التي
وضع فيها بدلته وحذاءه:
ـ حدث هذا اليوم أمر سيغير الكثير من
الأمور.
رفع رأسه إليه فرأى سيجارة تشتعل بين
أصابعه. أضاف نجرس:
ـ صادر المفوضون الثلاثة سيارة سمك تعود
إلى وهابي.
ـ سيأكلهم وهابي.
ـ هذا ما سمعته من كل شخص صادفته اليوم في
الماجدية.
ـ وقبل أن يبدأ بلوكهم سيجعل النجمات
البيض الصغيرة تطير من فوق ياقاتهم.
ـ هذا ما سمعته أيضاً.
فجأة، هبطت غيمة سوداء صغيرة على عيني
ملوكي. تذكر المفوض عدنان شقيق ساهرة. كان
قد شعر أن خيطاً جديداً، خيطاً حساساً
يتعلق بحياته وبقلبه قد ربطه به منذ هوت
تلك المطرقة على رأسه أمس، وآمن في لحظة
خوف وسخط، إن وهابي ملك الصفاطين الذي لا
ينازع لديه مقدرة لا حدود لها في قطع هذا
الخيط الحيوي بالنسبة إليه في الأقل. تقدم
نحو المندائي وطلب منه سيجارة فقد تحول
الطنين في رأسه إلى صدام. عاد إلى حيث كان
قبل قليل مبقياً رأسه ويده اليمنى التي
تحمل السيجارة فوق الماء.
ـ عاد المندائي يقول:
ـ وبعد الساعة الواحدة ظهراً وضعوا وهابي
في الحبس.
تدفق الماء في عيني ملوكي المفتوحتين
الشاخصتين على المندائي، رأى المندائي من
وراء غشاء الماء يتلوى مثل ورقة رقيقة
يموجّها الماء بهدوء. رمى سيجارته وفرك
عينيه ليخرج منهما الماء. تساءل:
ـ وضعوا وهابي في الحبس؟.. صادروا أسماكه
ثم وضعوه في الحبس؟.. لن يرضى وهابي إلا
بضرب الماجدية بالمدافع..
ومثلما قال ملوكي كان قاطنوا الماجدية

/ 56