ترجمة الشهيد الثاني - أقل ما یجب معرفته من أحکام الحج و العمرة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أقل ما یجب معرفته من أحکام الحج و العمرة - نسخه متنی

الشهید الثانی؛ تحقیق: رضا المختاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



ترجمة الشهيد الثاني


:


وُلد العالم الجليل والفقيه النبيل،
بديعُ زمانه ونادرة أوانه، الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي الشامي
المعروف بالشهيد الثاني ـ أفاض الله على روحه المراحِمَ الربانية، وأسكنه في
جناته العلية ـ في يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر شوّال سنة 911، واستُشهد في شهر
رجب سنة 965 .


قال في وصفه المحقق التستري صاحب
المقابس:


أفضل المتأخرين وأكمل المتبحّرين، نادرة
الخلف وبقيّة السلف، مُفتي طوائف الأمم، والمرشد إلى التي هي أقوم، قُدوة
الشيعة ونور الشريعة، الذي قصرت الأكارم الأجلاء عن استقصاء مزاياه وفضائله
السنيّة، وحارت الأعاظم الألبّاء في مناقبه وفضائله العليّة .. المؤيَّد
المسدَّد بلطف الله الخفي والجلي .. وله كتبٌ ورسائل كثيرة فاخرة مهذَّبة في
فنون مختلفة ومطالب متشعِّبة ..1 .


ووصفه العلامة الأمين بقوله:


كان عالماً فاضلا جليل القدر رفيع
المنزلة تقياً نقياً ورعاً زاهداً عابداً، حائزاً لصفات الكمال، متفرّداً
منها بما لا يشاركه فيه غيره، مفخرة من مفاخر الكون وحسنة من حسنات الزمان ..
كان فقيهاً ماهراً في الدرجة العليا بين الفقهاء .. والفقه أظهر وأشهر فنونه،
وكتبه فيه .. مدار التدريس من عصره حتّى اليوم، ومحطّ أنظار المؤلّفين
والمصنّفين، ومرجع العلماء والمجتهدين .. .


وما ظنّك برجل يؤلّف مؤلّفاته الجليلة
الخالدة على مرور الدهور والأعوام في حالة الخوف على دمه، لا يشغله ذلك عنها
مع ما تقتضيه هذه الحالة من توزّع الفكر، واشتغال البال عن التفكير بمسألة من
مسائل العلم، يؤلّفها بين جدران البيوت المتواضعة وحيطان الكروم، لا في قصور
شاهقة ورياض ناضرة، ولا مساعدَ له ولا معين حتّى على تدبير معاشه ..
.


وما ظنّك برجل من أعظم العلماء وأكابر
الفقهاء يحرس الكرم ليلا ويطالع الدروس، وفي الصباح يلقي الدروس على الطلبة ـ
وكرمه الذي كان له في جُبَع معروف محلّه إلى الآن ـ ويَحْتَطِبُ لعياله ليلا
.. ويباشر بناء داره ومسجده الذي هو جنبها في قرية جبع ـ وقد رأيتهما ـ وداره
مفتوحة للضيوف والواردين وغيرهم، يخدمهم بنفسه، ويباشر أمور بيته ومعاشه ..
ولا يدع لحظة تمضي من عمره في غير اكتساب فضيلة وإفادة مستفيد ..2 .


وقال في وصفه تلميذه ابن
العودي:


... ولقد كان مع علوّ همّته وسموّ منزلته
على غاية من التواضع ولين الجانب، ويبذل جهده مع كلّ وارد في تحصيل ما يبتغيه
من المطالب. إذا اجتمع بالأصحاب عدَّ نفسه كواحد منهم، ولم تملْ نفسه إلى
التمييز بشيء عنهم .. .


ولقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته أنّه
كان ينقل الحطب على حمار في الليل لعياله، ويصلّي الصّبح في المسجد، ويشتغل
بالتدريس بقيّة نهاره .. .


وكان يصلّي العشاء جماعة، ويذهب لحفظ
الكرم، ويصلّي الصبح في المسجد، ويجلس للتدريس والبحث كالبحر الزاخر ..
.


... فقد كان غالب الزمان في الخوف الموجب
لإتلاف النفس، والتستّر والاختفاء الذي لا يسع الإنسان معه أن يفكّر
في مسألة من الضروريات البديهية ..
.


... كانت أصابع يديه أقلام فضة، إذا نظر
الناظر في وجهه، وسمع عذوبة لفظه لم تسمح نفسه بمفارقته، وتسلّى عن كلّ شيء
بمخاطبته، تمتلئ العيوم من مهابته، وتبتهج القلوب لجلالته. وأيمُ الله، إنّه
لفوق ما وصفتُ، وقد اشتمل من حميد الخصال على أكثر مما ذكرت3.


وتحدّث عنه الشيخ علي العاملي صاحب الدر
المنثور حفيد الشهيد، فقال:


مما سمعته في بلادنا مشهوراً، ورأيته
أيضاً مشهوراً في غيرها أنّه ـ قدّس الله روحه ـ لمّا سافر إلى اصطنبول، ووصل
إلى المكان الذي قُتِلَ به تغيّر لونه. فسأله أصحابه عن ذلك، فقال ما معناه:
«إنّه يقتل في هذا المكان رجل كبير ـ أو عظيم ـ له شأن» . فلمّا أُخذ قتل في
ذلك المكان4.


وقال العلامة الأميني أعلى الله مقامه في
ترجمته:


... في رسالة مسائل السيد بدر الدين ...
الحسيني المدني التي سألها عن الشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا البهائي ما
صورته:


سؤال: «ما يقول مولانا فيما يروى عن
الشهيد الثاني أنّه مرّ بموضع في اصطنبول، ومولانا الشيخ معه، فقال: يوشك أن
يُقتل في هذا الموضع رجلٌ له شأن ـ أو قال شيئاً قريباً من هذا المعنى ـ ثمّ
إنّه استشهد (رحمه الله) في ذلك الموضع، ولا ريب أنّ هذه من
كراماته».


الجواب: «نعم، هكذا وقع منه قدّس الله
روحه، وكان الخطاب للفقير، وبلغنا أنّه استُشهِدَ في ذلك الموضع، وذلك ممّا
كُشِفَ لنفسه الزكيّة، حشره الله مع الأئمة الطاهرين»5.


وفي بعض المصادر توجد بعد الجواب هذه
الزيادة: «كتبه حسين بن عبد الصمد الحارثي ثامن عشر ذي الحجّة سنة 983 في
مكّة المشرّفة زادها الله شرفاً وتعظيماً»6.


ونقل عن بعض مؤلفات شيخنا البهائي (رحمه
الله) أنّه قال:


أخبرني والدي (قدس سره) أنّه دخل في
صبيحة بعض الأيّام على شيخنا الشهيد المعظّم عليه [كذا] فوجده متفكراً، فسأله
عن سبب تفكّره، فقال: «يا أخي، أظنّ أنّي أكون ثاني الشهيدين ـ وفي رواية:
ثاني شيخنا الشهيد في الشهادة ـ لأنّي رأيت البارحة في المنام أنّ السيد
المرتضى علم الهدى (رحمه الله) عمل ضيافة جمع فيها علماء الإماميّة بأجمعهم
في بيت، فلمّا دخلتُ عليهم قام السيد المرتضى ورحّب بي، وقال لي: يا فلان
اجلس بجنب الشيخ الشهيد. فجلست بجنبه، فلمّا استوى بنا المجلس انتبهتُ من
المنام، ومنامي هذا دليل ظاهر على أنّي أكون تالياً له في الشهادة»7.


ورثاه ابن العودي بقصيدة مُفجعة مؤلمة
لمّا بلغه خبر شهادته ـ وكان تلميذه الملازم له، كان وروده إلى خدمته في عاشر
ربيع الأول سنة 940، وانفصل عنه بالسفر إلى خراسان في عاشر ذي القعدة سنة
962 8 ـ وإليك
بعضها:







  • هذي المنازلُ والآثارُ والطلَلُ
    ساروا وقد بَعُدت عنّا منازلهم
    فسرت شرقاً وغرباً في تطلّبهم
    فحين أيقنت أن الذكرَ منقطعٌ
    رجعت والعين عبرى والفؤاد شج
    وعاينت عينيَ الأصحاب في وجل
    هل نالكم غيرُ بعد الإلف عن وطن؟
    أتى من الروم لا أهلا بمقدمه
    ناع نعاه فنارُ الحزن تشتعلُ



  • مُخبِّرات بأنّ القوم قد رحلوا
    فالآن لا عوضٌ عنهم ولابدل
    وكلّما جئت ربعاً قيل لي: رحلوا
    وأنّه ليس لي في وصلهم أملُ
    والحزن بي نازل والصبرُ مرتحلُ
    والعين منهم بميل الحزن تكتحلُ
    قالوا: فُجعنا بزين الدين يا رجلُ
    ناع نعاه فنارُ الحزن تشتعلُ
    ناع نعاه فنارُ الحزن تشتعلُ




يقول:





  • إنّ أولي العدوان قد شهروا
    سيف الضلال وللمذكور قد



  • سيف الضلال وللمذكور قد
    سيف الضلال وللمذكور قد




قتلوا




  • لما سمعت كلام القوم خامرني
    وصار حزني أنيسي والبكا سكني
    لهفي له نازح الأوطان منجدِلا
    مضرّجاً بالدما لا غُسل لا كفن
    لا بلّغ الله عيني طيب رؤيته
    أشكو إلى الله رُزْءاً ليس يُشبههُ
    لكن تسلّت همومي مذ رأيتهم
    منعّمين مع الأصحاب قاطبةً
    هذا، وحُزني عليهم لا انقضاء له
    حتى أراهم عياناً حيثما نزلوا 9



  • وجد وحلّ بقلبي المبتلى وجلُ
    والنوح دأبي ودمع العين ينهملُ
    فوق الصعيد عليه الترب مشتملُ
    لا قبر فيه يوارى ذلك البطلُ
    ان حلّ في خاطري يوماً له بدلُ
    الاّ مصيبة من في كربلا قُتلوا
    في النوم في جنّة الفردوس قد نزلوا
    في جنّة الخلد لا بؤس ولا وجلُ
    حتى أراهم عياناً حيثما نزلوا 9
    حتى أراهم عياناً حيثما نزلوا 9





* *
*


تتلْمَذَ الشهيد الثاني على عدد كبير من
علماء عصره من الخاصّة والعامّة في مختلف العلوم، منهم: والده علي بن أحمد،
والشيخ علي بن عبد العالي الميسي، والسيد بدر الدين حسن بن السيد جعفر
الأعرجي الحسيني الكركي، والمحقق الفيلسوف شمس الدين محمد بن مكّيّ، وشهاب
الدين أحمد الرملي الشافعي، والشيخ أبو الحسن البكري، وشمس الدين ابن طولون
الدمشقي الحنفي.


وتتلْمَذَ عليه جمع غفير من العلماء
منهم: الشيخ عزّ الدين حسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي، والشيخ علي بن
زهرة الجبعي، والسيد عليّ العاملي والد صاحب المدارك، والسيد عطاء الله بن
السيد بدر الدين الحسيني الموسوي، والمولو محمود بن محمد اللاهجاني، والسيد
جمال الدين حسن بن السيد نور الدين، وابن شعير العاملي، والسيد علي بن الصائغ
العاملي، والسيد نور الدين بن السيد فخر الدين عبد الحميد الكركي، وبهاء
الدين محمد بن عليّ بن الحسن العودي الجزيني وهو من خواصّ تلاميذه، وهو الذي
ألّف كتاباً في ترجمة الشهيد وسمّاه «بغية المريد في الكشف عن أحوال الشيخ
زين الدين الشهيد».


ألّف الشهيد الثاني في عمره القصير (54
سنة) زهاء ستّين كتاباً ورسالةً في مختلف الموضوعات، كان الكثير منها ولا
يزال المورد الصافي لإفادة العلماء. منها: الروضة البهيّة في شرح اللمعة
الدمشقيّة، وهو أشهر مصنّفاته، مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، وهو
أكبر مصنّفاته، رَوْض الجنان في شرح إرشاد الأذهان، المقاصد العليّة في شرح
الرسالة الألفية، الفوائد الملية لشرح الرسالة النفلية، وتمهيد القواعد
الأصولية والعربية، وهذه الكتب طبعت طبعة حجرية.


ولقد فقد عدد من آثار الشهيد مثل: غُنْية
القاصدين في معرفة اصطلاحات المحدّثين، منار القاصدين في أسرار معالم الدين،
بغية المريد مختصر منية المريد، مبرّد الأكبار مختصر مسكّن الفؤاد، ورسالةٌ
في عشرة مباحث من عشرة علوم.


وهناك عددٌ من آثار الشهيد الموجوة لم
يطبع بعد مثل: تقليد الميت، رسالة في النيّة، مناسك الحج، نيّات الحجّ
والعمرة، تحقيق الإجماع في زمن الغيبة، حاشية الألفيّة، تفسير آية البسملة،
أجوبة المسائل السماكية وحاشية خلاصة الأقوال.


لقد بدأتُ قبل عدّة أعوام تحقيق رسائل
الشهيد الثاني، والله أسأل أن يوفّقني لإتمام هذا العمل، وقد تجلّت أُولى
عنايات الربّ لي أنْ ثقفتُ مصورة عدد من رسائل الشهيد كتبها بخطه الشريف (قدس
سره).


وهذه الرسالة هي إحدى رسائله في الحجّ،
ولم تطبع بعدُ ـ سوى طبعتنا هذه ـ .


وقد حقّقناها اعتماداً على مخطوطتين
منها، إحداها ضمن مجموعة محفوظة في مكتبة الأستاذ حجّة الإسلام والمسلمين
الحاج السيّد محمد علي الروضاتي دامت افاضاته، وثانيتها ضمن مجموعة محفوظة في
مكتبة الفاضل المعاصر فخر الدين النصيري الأميني دام بقاه.


ولم أعثر لهذه الرسالة على مخطوطة غير
هاتين سوى مخطوطة محفوظة في المكتبة الوطنيّة بطهران برقم 3/2573، مذكورة في
فهرسها ج 12، ص 502 ـ 503، ولكن لم يعلم مفهرس المكتبة أنّها من تأليف الشهيد
الثاني (قدس سره).


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله مُسَهِّلِ
الصعاب وميسّر الحساب، والصلاة على أشرف الأحباب وعلى آله وأصحابه خير آل
وأصحاب.


وبعد، فهذه جملةٌ كافلةٌ ببيان أقلّ ما
يجب معرفته من أحكام الحجّ والعمرة; تسهيلا على المكلَّفين وتيسيراً على
المتعلِّمين، فإنّ التيسيرَ مُرادُ الله تعالى، وهو حسبنا ونعم
المعين.


اِعلم أنّ الواجب على الآفاقي ـ وهو من
نأى منزلُهُ عن مكّةَ بمرحلتين مع استطاعته إلى الحجّ ـ حجُّ الَّتمَتُّع،
وهو الذي يقدِّم عمرتَه على حجّه.


والواجب إذا وصل إلى ميقات الإحرام ـ وهو
مسجد الشجرة لمن حجّ على طريق المدينة، والجُحْفَةُ لمن حجّ على طريق مصر،
ويَلَمْلَمْ لأهل اليمن ولمن قربه، والعَقيقُ لأهل العراق ومن في معناهم،
ومحاذي أحد المواقيت ولو ظنّاً لمن لم يصادف طريقه أحدها ـ أن يحرم منه بأن
ينزع المخيط ويكشف رأسه وقدمَيْه إلاّ ما يتوقّف عليه لبس النعلين إن كان
رجلا، ويزل ما على بدنه من رائحة الطيب.


ثمّ ينوي العمرة، وصفتها: «أُحْرِمُ
بعمرة التمتّع لوجوبه قربة إلى الله»، ولو اقتصر على قوله ـ ناوياً ـ :
«أُحرِمُ بالعمرة لله» كفى ـ ثمّ يُلبّي ناوياً: «أُلبّي لوجوبه قربة إلى
الله»، ويكفي «ألبّي لله» ويقول: «لبّيك اللّهمّ لبيك، لبيّك، إنّ الحمد
والنعمة والملك لك، لا شريك لك لبّيك».


ويُسَنُّ قبل الإحرام توفير شعر الرأس من
أول ذي القعدة، والتنظيف عنده بإزالة شعر العانة والإبط، وقصّ الأظفار،
والغسل، ثمّ يصلّي سنّة الإحرام، وهي ستّ ركعات، وأقلّه ركعتان، ونيّتها:
«أُصلّي ركعتين من سنّة الإحرام لله تعالى».


فاذا نزع المخيط لبس ثوبي الإحرام، يأتزر
بأحدهما ويرتدي بالآخر أو يتوشّح به. ويعتبر كونهما من جنس ما تصحّ الصلاة
فيه اختياراً، وتجوز الزيادة عليهما، ويسنّ كونهما من القطن الأبيض
الخالص.


فاذا عقد الإحرام بالتلبية حرم عليه صيد
البرّ الممتنع بالأصالة المحلّل، وستّة من المحرّم: الأسد والثّعلب والأرنب
والضبُّ واليربوعُ والقنفذ، وأكله والإعانة عليه، والاستمتاع بالجماع
ومقدّماته، وعقد النكاح، واستعمال الطيب مطلقاً، والاكتحال بالسواد،
والادِّهان بالدهن المطيَّب وغيره، واخراج الدم وازالة الشعر اختياراً فيهما،
وقلْمُ الأظفار، وقطع الشجر والحشيش النابتين في الحرم إلاّ الإذخِر وما في
معناه، والفسوق وهو الكذب مطلقاً، والجدال وهو الحلف مطلقاً، ولبس الخاتم
والحناء للزينة لا للسنّة ـ فيهما ـ والفارِقُ القصد، وقتل القمل وغيره من
هوامّ الجسد، والنظر في المرآة، ولبس المخيط للرجل وإن قلّت الخياطة ـ عدا
المنطقة والهميان ـ وفي معناها الزَرّ، والخِلال ولبس ما أحاط بالبدن من
اللِبْد والدِرْعِ، والتظليلُ سائراً اختياراً، وتغطية الرأسِ ولو بالارتماس،
وستر ظهر القدم بالخفّ ونحوه، وتغطية المرأة وجهها إلاّ القدر الذي يتوقّف
عليه تغطية رأسها، ويجوز لها سُدْلُ ثوب على وجهها على وجه لا يصيبه، ويحرم
عليها لبس ما لم تعتده من الحَلْي، وما اعتادته بقصد الزينة أو مع إظهاره
للزوج.


فإذا فعل المحرم شيئاً من هذه المحرّمات:
فإنْ كان جاهلا أو ناسياً فلا شيءَ عليه إلاّ في الصيد، فلا يفرُقُ فيه بين
العامد وغيره، وإنْ كان عامداً أثِمَ ووجبت عليه الكفّارة إلاّ في الاكتحال
والادِّهان بغير المطيَّب وإخراج الدم ولبس الخاتم والحنّاء والنظر في المرآة
والفسوق ولبس الحَلْي، فلا شيء فيها سوى الإثم. والكفّارة في الباقي مفصّلةٌ
في بابها.


فإذا وصل إلى مكّة وجب أنْ يبتدئ بطواف
العمرة فيتطهّر من الحدث والخبث على حدّ ما يعتبر في الصلاة، ويستر عورته،
«ويختتن إن كان رجلا مع المُكْنة» كالصلاة.


وكيفيّة الطواف: أن يقف بإزاء الحجر
الأسود مستقبلا له، جاعلا أوّل جزء منه ممّا يلي الركن اليماني، محاذياً
لأوّل كتفه الأيمن ولو ظنّاً، ثمّ ينوي: «أطوف طواف العمرة لوجوبه قربةً إلى
الله» ثمّ ينتقل ويجعل البيت على يساره، ويطوف به سبعة أشواط من غير زيادة
ولا نقصان في القدر الذي بين البيت والمقام، مدخلا للحِجْرِ في الطواف،
مخرِجاً لجميع بدنه عن البيت، فلا يَمُسُّ الحائط ماشياً بل يقف إن أراده،
ولا ينتقل حتّى يخرج يده عنه.


فإذا فرغ من الطواف وجب عليه صلاة ركعتيه
خلف المقام أو مع أحد جانبَيْه ونيّتهما: «أُصلِّي ركعتي طواف العمرة لوجوبه
قربةً إلى الله».


فإذا فرغ من الصلاة خرج إلى السعي بين
الصفا والمروة سبعة أشواط بادئاً بالصفا خاتماً بالمروة، مستقبلا للمطلوب
بوجهه، ذاهباً بالطريق المعهود، ونيّته ـ وهو على الصفا ـ : «أسعى سعي العمرة
لوجوبه قربة إلى الله».


فإذا فرغ من السعي قصّر من ظفره أو من
شعره مسمّاه ناوياً: «أُقصِّرُ لوجوبه قربةً إلى الله».


وبالتقصير يتحلَّلُ من عمرة التمتّع ـ لا
الحلق ـ وهو آخر أفعالها، ويبقى على إحلاله إلى أن يحرم بالحج.


ويُستحبّ كونه يوم الثامن من ذي الحجّة
من المسجد الحرام، وأفضلُه المقام أو الحِجْرُ تحت الميزاب، ونيّته:
«أُحْرِمُ بحجّ التمتّع لوجوبه قربةً إلى الله» ثمّ ينوي التلبية: «أُلبّي
لوجوبه قربةً إلى الله» [ويقول:] «لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك، إنّ الحمد
والنعمة والملك لك، لا شريك لك لبّيك».


فإذا وصل إلى عرفات وجب عليه الكونُ بها
من زوال الشمس يوم التاسع إلى غروبها ناوياً ـ قبل الزوال أو بعده بغير فصل
تقريباً ـ : «أقِفُ بعرفةَ لوجوبه قربةً إلى الله».


فاذا غربت الشمس أفاض إلى المشعر الحرام،
ووجب عليه المبيتُ به بقيّة تلك الليلة ناوياً: «أبيتُ بالمشعر لوجوبه قربةً
إلى الله»، فإذا أصبح وجب عليه الكونُ به إلى طلوع الشمس ناوياً بعد الفجر أو
قبله ـ كما مرّ ـ : «أقِفُ بالمشعر لوجوبه قربةً إلى الله». ولو اقتصر على
نيّة واحدة حين الوصول إليه ليلا تشتملُ على قصد الكونِ به إلى طلوع الشمس
كفى.


فإذا طلعت الشمس أفاض إلى منى، ووجب عليه
بها ثلاثة أفعال: رمي جمرة العقبة بسبع حصيات حرمية أبكار، مبتدئاً به عند
وصوله إلى منًى، ثمّ ذبح الهدْي، وهو ثَنيٌّ من النعم تامُّ الخلقة سمينٌ
بحيث يكون على كليتيه شخمٌ ولو ظنّاً، وتفريقه ثلاثة أجزاء: فيأكل شيئاً منه،
ويُهْدِي ثُلْثَه لبعض إخوانه من المؤمنين، ويتصدّق بثُلْثِه على فقير من
فقرائهم. ونيّة الرمي: «أرمي هذه الجمرة بسبع حصيات لوجوبه قربةً إلى الله».
ونيّة الذبح: «أذبَحُ هذا الهَدْيَ لوجوبه قربةً إلى الله» . ونيّة الأكل
والإهداء والصدقة: «آكُلُ من هذا الهَدْي لوجوبه قربةً إلى الله، أُهْدِي
ثُلثَ هذا الهَدْي لوجوبه قربةً إلى الله، أتصدّقُ بثُلْثِ هذا الهدي لوجوبه
قربةً إلى الله».


فإذا فرغ من ذلك حلق رأسه أو قصّر من
شعره أو ظفره ـ كما مرّ ـ ناوياً: «أَحلِقُ رأسي ـ أو أُقصِّرُ ـ لوجوبه
قربةً إلى الله».


فإذا فعل ذلك أحلَّ من كلّ شيء عدا
النساء والطيّب والصيد، فإذا طاف للحجّ وسعى حلّ له الطيب، فإذا طاف للنساء
حللن له.


ثمّ يخرج إلى مكّة من يومه إنْ أمكنه
الرجوع قبل الغروب، وإلاّ فمن غده أو بعد انتصاف الليل.


فإذا وصل إلى مكّة وجب عليه طواف الحجّ
وصلاة ركعتيه، ثمّ السعي بين الصفا والمروة سبعاً ـ كما مرّ ـ ثمّ طواف
النساء ثمّ صلاةُ ركعتيه، وكيفيّاتها وواجباتها كما مرّ، إلاّ أنّه ينوي طواف
الحجّ وسعيه وطواف النساء، وصفته: «أطوف طواف الحجّ لوجوبه قربةً إلى الله،
أصلّي ركعتي طواف الحجّ لوجوبه قربةً إلى الله، أسعى سعي الحجّ لوجوبه قربةً
إلى الله، أطوف طواف النساء لوجوبه قربةً إلى الله، أصلّي ركعتي طواف النساء
لوجوبه قربةً إلى الله».


فإذا فرغ من ذلك وجب عليه الرجوع إلى
منًى للمبيت بها ليالي التشريق الثلاث، وهي الحادية عشرة والثانية عشرة
والثالثة عشرة.


ويجوز لمن اتّقى الصيد والنساء الاقتصار
على مبيت الليلتين الأُوليين ما لم تغرب عليه الشمس في الليلة الثالثة، فيجب
عليه مبيتها مطلقاً ناوياً عند الغروب: «أبيتُ هذه الليلة بمنًى لوجوبه قربةً
إلى الله».


ويجب رميُ الجمرات الثلاث كلّ واحدة بسبع
حصيات في كلّ يوم يجب مبيت ليلته. ونيّة الرمي: «أرمي هذه الجمرة بسبع حصيات
لوجوبه قربةً إلى الله».


ولو اقتصر في جميع هذه النيّات على قوله:
«أفعل كذا لله» من غير تعرّض للوجوب ولفظ القربة كفى.


والنائب عن غيره يُضِيفُ إلى ذلك:
«نيابةً عن فلان» أو «عمّن استؤجرت عنه».


وحسبنا الله وكفى، والحمد لله ربّ
العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله أجمعين.


/ 3