وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل استوصاه .
إن الارض فخرت و قالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الجبال فأثبتها على ظهرها أوتادا من أن تميد ( 1 ) بما عليها فذلت الارض و استقرت ، ثم إن الجبال فخرت على الارض فشمخت ( 2 ) و استطالت و قالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الحديد فقطعها فقرت الجبال و ذلت ، ثم إن الحديد فخرت على الجبال و قال : أي شيء يغلبني ؟ فخلق النار فإذا بت الحديد فذل الحديد ، ثم إن النار زفرت و شهقت ( 3 ) و فخرت و قالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الماء فأطفأها فذلت ، ثم إن الماء فخر و زخر و قال : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الريح فحركت أمواجه و أثارت ما في قعره ( 4 ) و حبسته عن مجاريه فذل الماء ، ثم إن الريح فخرت و عصفت و ارخت أذيالها ( 5 ) و قالت : أي شيء يغلبني ؟ فخلق الانسان فبنى و احتال و اتخذ ما يستتر به من الريح و غيرها فذلت الريح ، ثم إن الانسان طغى و قال : من أشد مني قوة ؟ فخلق الله له الموت فقهره فذل الانسان ، ثم إن الموت فخر في نفسه فقال الله عز و جل : لا تفخر فإني ذابحك بني الفريقين : أهل الجنة و أهل النار ثم لا احييك أبدا فترجى أو تخاف ( 6 ) ، و قال : أيضا و الحلم يغلب الغضب و الرحمة تغلب السخط و الصدقة تغلب الخطيئة ، ثم قال أبو عبد الله ( ع ) : ما أشبه هذا مما قد يغلب غيره .130 - عنه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ( ع )1 - ماد الشيء يميد ميدا : تحرك .2 - شمخ شموخا اي ارتفعت ، و شمخ بأنفه تكبر .3 - الزفير : اغتراق النفس للشدة و أيضا أول صوت الحمار و الشهيق آخره لان الزفير إدخال النفس و الشهيق إخراجه . و زفر النار : سمع لتوقدها صوت .4 - اثارت اي هاجت .5 - عصفت اي اشتدت . و ارخت اي وسعت و في بعض النسخ ( لوحت اذيالها ) اي رفعتها و حركتها تبخترا و تكبرا و هذا من أحسن الاستعارات . ( آت ) 6 - اي لا احييك فتكون حياتك رجاء ا لاهل النار و خوفا لاهل الجنة و ذبح الموت لعل المراد به ذبح شيء مسمى بهذا الاسم ليعرف الفريقان رفع الموت عنهما على المشاهدة و العيان إن لم نقل بتجسم الاعراض في تلك النشأة لبعده عن طور العقل . ( آت ) .