و إياكم و ما نهاكم الله عنه أن تركبوه و عليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من أمر آخرتكم و يأجركم عليه و أكثروا من التهليل و التقديس و التسبيح و الثناء على الله و التضرع إليه و الرغبة فيما عنده من الخير الذي لا يقدر قدره و لا يبلغ كنهه أحد ، فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما نهى الله عنه من أقاويل الباطل التي تعقب أهلها خلودا في النار من مات عليها و لم يتب إلى الله و لم ينزع عنها ، و عليكم بالدعاء فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء و الرغبة إليه و التضرع إلى الله و المسألة ] له [ فارغبوا فيما رغبكم الله فيه و أجيبوا الله إلى ما دعاكم إليه لتفلحوا و تنجوا من عذاب الله و إياكم أن تشره أنفسكم ( 1 ) إلى شيء مما حرم الله عليكم فإنه من انتهك ما حرم الله عليه ههنا في الدنيا حال الله بينه و بين الجنة و نعيمها و لذتها و كرامتها القائمة الدائمة لاهل الجنة أبد الآبدين .
و اعلموا أنه بئس الحظ الخطر لمن خاطر الله بترك طاعة الله و ركوب معصيته فاختار أن ينتهك محارم الله في لذات دنيا منقطعة زائلة عن أهلها على خلود نعيم في الجنة و لذاتها و كرامة أهلها ، ويل لاولئك ما أخيب حظهم و أخسر كرتهم و أسوأ حالهم عند ربهم يوم القيامة ، استجيروا بالله أن يجيركم ( 2 ) في مثالهم ابدا و أن يبتليكم بما ابتلاهم به و لا قوة لنا و لكم إلا به .
فاتقوا الله أيتها العصابة الناجية إن أتم الله لكم ما أعطاكم به ( 3 ) فإنه لا يتم الامر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم و حتى تبتلوا في أنفسكم
1 - في بعض النسخ ( لتفلحوا و تنجحوا من عذاب الله الخ ) . و شره كفرح : غلبه حرصه .
2 - اي استعيذوا بالله من ان يكون اجارته تعالى إياكم على مثال اجارته لهم فانه لا يجيرهم من عذابه في الاخرة و انما اجارهم في الدنيا . و في بعض النسخ ( ان يجريكم ) و في بعضها ( من مثالهم ) فالمراد استجيروا بالله لان يجيركم من مثالهم اي من ان تكونوا مثلهم . ( آت ) .
3 - لعل المراد : اتقوا الله و لا تتركوا التقوي عن الشرك و المعاصي عند إرادة الله إتمام ما أعطاكم من دين الحق ، ثم بين عليه السلام الاتمام بانه انما يكون بالابتلاء و الافتتان و تسليط من يؤذيكم عليكم .
فالمراد الامر بالتقوى عند الابتلاء بالفتن و ذكر فائدة الابتلاء بانه سبب لتمام الايمان فلذا يبتليكم . ( آت ) .