بالإضافة إلى أن مجتمع أهل العلم كان يوحي بالزهد والإعراض عن بهارج الحياة العاجلة الفانية، وحيث كان أقرباؤنا كلهم تقريباً من رجال العلم، فالجو العام بالنسبة لنا كان جوّاً زهديّاً بمختلف ألوانه(6).
مطالعة سيرة النبي (ص) وأهل بيته(ع)
هذا بالإضافة إلى ما كان يحفّزني نحو الزهد، من مطالعة أحوال النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة الطاهرين(عليهم السلام) ، ومطالعة أحوال علمائنا السالفين، والاشتياق الأكيد إلى قراءة قصص العبّاد والزهّاد(7).
أعلام الأسرة وسيرتهم
وكان من طموحي أن أنال مثل مقام جماعة من كبراء عشيرتنا: كالميرزا الكبير(8) صاحب المقامات الرفيعة.والميرزا محمد تقي الشيرازي(9) خال الوالد، الذي كان لديه بعض الكرامات، وذلك من جرّاء زهده في الحياة الدنيا..حتى أن الوالد كان ينقل عن عمّي السيد ميرزا عبد الله، أنه قال: (إني مع طول ملازمتي للمرحـــوم الشيرازي(10)، لــم أرَ داخل عينيه إلاّ مرتين فقط، وذلك لمواظبته على الإغضاء، وعلى التفكّر والذكر، والتوجّه إلى عالم آخر).وكان والدي ينقل: (أن المرحوم لم يكن يطلب شيئاً من أحد إطلاقاً، حتى من زوجته وأولاده، فلم يُسمع أن قال ـ ولو مرّة واحدة ـ :أعطني ماءً، أو لماذا الأكل كذا؟ أو ما أشبه..).
الكتب المرغبة للزهد
وزاد في حبّي للزّهادة مطالعتي لكتاب (النجم الثاقب) للحاج النوري (قدس سره)(11) ، حيث كان من أسباب تطلّعي إلى رجاء الوصول والتشرّف بخدمة ولي الله الأعظم الإمام المهدي المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، حيث كنت أعلم أنّ ذلك لا يتسنّى إلاّ لمن أخلص لله إخلاصاً كاملاً وزهد في الحياة الدنيا زهداً يعلمه الله تعالى من قلبه، وكنت أعلم كم هو صعب أن يتقبّل الله سبحانه إنساناً تقبّلاً كاملاً (فإن الناقد بصير بصير)(12).وكذلك أخذت في مطالعة كتاب (مجموعة ورّام)(13) و (جامع السعادات)(14) وما أشبه(15)..، لعلّي أتمكن من الوصول إلى تلك المقامات العالية.
اثر الصديق
وكان لي صديق(16) يحبّب إليّ الزهد، ويحبّب لي الدراسة، وكنت أتلمّذ عنده ويتلمَّذ عندي ـ متبادلاً ـ، كنت أجتمع به كل يوم ثلاث ساعات تقريباً، وأتذكر منه إلى الآن توجيهات وقضايا وقصص، أذكر منها هذا البيت: