لأبي القاسم الحسين بن علي المغربي الوزير المتوفى 418 هـبسم الله الرحمن الرحيمحق على من رسم رسما في السياسة أن يجعله في غاية الاختصار لأن المقصود بفائدته العظماء وهم مخصوصون بكثرة الأشغال والتسرع إلى الضلال على أن أفضل ما في الناس عموما وفي السلطان خصوصا محبة العلم والتشوق إلى استماعه والتقريب لجملته فإن ذلك دليل على قوة الإنسانية ومن أعظم ما يتحبب به إلى الرعية ثم فيه مع ذلك استعراض للتجارب والاستعداد للنوائب إذ كانت أخبار الأولين تدل على آراء تجلت لهم أوائلها واحتجبت عنهم عواقبها ونحن بتأملنا ما آلت إليه أمورهم وأثمر لهم تدبيرهم نعلم من آرائهم الأول والآخر والهوادي والصدور
أنواع السياسات
والسياسات ثلاث سياسة السلطان لنفسه وسياسته لخاصته والثالثة لرعيته فالسائس الفاضل إنما يصلح نفسه أولا ثم يصلح بسياستها خاصته وما يحملها عليه من الآداب الصالحة لرعيته فينشأ الصلاح على تدريج وتسود الاستقامة على تدريج
باب إصلاح السايس نفسه
فمن إصلاح نفسه إصلاح بدنه أنه كالقالب لنفسه والوعاء لجنسه وأول ما يلزمه من إصلاح جسمه تمرينه على إيذاء القر والحر فإن الإنسان في هذه الدنيا على جناح سفر وبإزاء غرر وغير والرئيس متى اتصل نعيمه ورق أديمه بأن أثر المشقة عليه وظهر الجور والعجز منه الطعام ومن مصالح الجسم تجويد صنعة الطعام فإن استطابة المأكل تقوي الطبيعة على الاستمرار والهضم وبالضد أن لا يتناول منه شيئا إلا بعد استمراء ما أكله قبله ونقاء المعدة منه وقال لنا صاعد استعمل الرياضة اللائقة بك ولا تكظ المعدة وقد أمنت الأمراض كلها ومن الحكمة في الغذاء أن يكون لونا أو لونين متجانسين فإن اختلاف الألوان يؤدي إلى سوء الاستمرار ويجب أن يتعود الحكيم على ذلك ويوفر غيره مما تزين به الموائد على ندمائه وجلسائه