بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
أدباء مكرمون [IMAGE: 0x08 graphic] 20 [IMAGE: 0x08 graphic] عبد الله أبو هيف أدباء مكرمون 20 عبد الله أبو هيف الصوت الإبداعي والناقد القومي مقدمة: للدكتور علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتاب لم أكن قد زرت الرقة ولا منطقة الفرات عندما عرفت ذلك الشاب الذي يحمل سمة المنطقة وبقايا وشمٍ مما عُرفت به. في منتصف الستينيات من القرن العشرين كان يتردد على المسرح، ويكتب المتابعات الصحفية والمقالات النقدية في الصحف. في العمق كنت أراه يبحث عن شيء خاص، ويحاول التفلّت من ضغط تيار مارس ما أسميه الإرهاب الفكري عقوداً من الزمن على من لا يسلكون السبل التي يريد، ولا يرددون في مقالاتهم وكلماتهم ومواقفهم ما يمليه من آراء وأفكار ومواقف ليست صحيحة وسليمة ومنتمية بالضرورة. حاول عبد الله أبو هيف أن يكون ذاته، وأن يملك صوته، وأن يبحث وفق منهج يختاره ويصل إلى ما يقنعه من آراء وتوجهات سياسية وفكرية.. وتحمل في سبيل حرية رأيه واستقلالية رؤيته في ذلك الزمن وما تلاه عنتاً، وتطاول عليه من لا يحق لهم التطاول من حيث المبدأ على أحد، ولكنه تابع طريقه بهمة الشاب الريفي المتوحد الذي ألقي به في بيئة ليست بيئته، وكان أمامه إمّا أن يسبح وإمّا أن يغرق وإمّا أن يعتمد على سند يبقيه على سطح الماء بين السباحة والغرق.. ومن ثم يبقى معرضاً للغرق أو التهديد بالإغراق إذا حاد عن جادة ذلك السند.. لا أعرف إذا كان قد جرّب السباحة من قبل في ماء الفرات، ولكنني أفترض بكل صبي عرف النهر وأحبه أن يكون سباحاً، ولكن صاحبنا خرج من هذه المعادلة إلى حيز المتابعة الثقافية متوحداً. دخل أبو هيف معتركاً جديداً في عمله بعد تخرجه من جامعة دمشق، وكانت منظمة طلائع البعث مختبَراً صعباً لشاب مثله ذي طموح مشروع، أحبّ الحياة، ورأى حبها مجسداً في نوع من الرغبات والمهام والتطلعات. لم يسلم من الألسنة، ولكنه لم يستسلم للضعف ولم ينهزم... بقي يقابل فتك الفتاك بالعزيمة والملاينة ونوع من الإقرار بأنه ابن الحياة الذي اختطفته المدينة من براءة الريف، وأدخلته في بحورها، وأملت عليه أن يختار بين أن يكون أو لا يكون فاختار أن يكون. ولكل اختيار ثمن. لم ينقطع عن الكتابة قاصاً وباحثاً، ولم يكف عن خوض معارك نقدية، وأخرى على هامش السياسة والعمل في المنظمات، وقيّض له ذلك منعة أو ممانعة جعلتا صوته ذا وقع وصدى وتمايز. في اتحاد الكتاب العرب كنا معاً في مجلس الاتحاد ومكتبه التنفيذي لسنوات عدة، وعمل في رئاسة تحرير " الموقف الأدبي" و"الأسبوع الأدبي"، وفي هيئتي التحرير للموقف والأسبوع، وفي مجلة الكاتب العربي أميناً للتحرير، ومقرراً لجمعية القصة والرواية في الاتحاد لدورات متتالية، وكنا معاً في سفر طويل، وما شكوت من قدرته على العمل والمتابعة والحكم على ما يتناوله من مواضيع، ولم آخذ عليه سوى أن المودة قد تحكمه أحياناً فتضعه في دائرة تضيّق عليه الخيارات الواسعة. وفي سفرنا معاً، والسفر كشاف كما يقولون، كان منضبطاً ودوداً وملتزماً بأداء يعود على بلده واتحاده بنتائج إيجابية. ولمست فيه وفاء عزّ بين الناس، وهي نقطة أحسبها له على الرغم من كثرة تلوّن الأشخاص وكثرة المتغيرات والمغيرات في هذا الزمان. يوم تكريمه في الرقة، الرافقة، حيث للتاريخ مواقع ومرابع وللحضارة حضور، وقفت على بعض معالم طفولته وصباه.. وبدا لي أنه ترك بصمات أصابعه وآثار قدميه على أعلى قناطر سور الرقة ومداميكه العليا. في صغره حكمته أمه كما لم يحكمه سواها، وجعلته يشعر بسلطة معرفية لهذه السيدة التي لا تعرف القراءة والكتابة وهي "تسمِّع" له دروسه وعصاها إلى جانبها تخيفه بها إن لم يكن على درجة جيدة من الحفظ والفهم. وقد أيقن بأنها تعرف كل شيء في كتبه، وما ظهر وبطن من سلوكه، فانصاع لإرادة خيرة جعلته يستقيم في دراسته. إنه يتمتع الآن بموقع جيد في الحركة الثقافية العربية وله حضور فيها، ويشارك في الكثير من الملتقيات والندوات الأدبية في عواصم عربية عدة، وله مؤلفات في ثقافة الطفل ونقد الرواية والتأريخ للمسرح تسجل إطلاعا ومتابعة ووعياً، وتستشرف رؤية، ويُعتمَد على ما فيها من معلومات واستنتاجات. يضم هذا الكتاب الذي يصدر عن اتحاد الكتاب العرب بمناسبة تكريمه، دراسات عن كتبه وإنتاجه الإبداعي، وبعض ملامح سيرته،