بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
ما لا يعلمه إلا الله، وقد قال جبرائيل (عليه السلام) كما ورد في روايات المعراج: "لو دنوت أنملة لاحترقت"، وقد ورد عنهم (عليهم السلام): "إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل". الأمر الثاني: أن هذه المقامات بأجمعها ثابتة لسيدة نساء العالمين (صلوات الله عليها). فمن يعتقد خلاف ذلك يعتبره الإمام (قدس سره) خارجاً عن مذهب الحق. يقول (قدس سره): "كما أن هذه المقامات المعنوية ثابتة للزهراء (عليها السلام) مع أنها ليست بحاكم ولا خليفة ولا قاض، فهذه المقامات شيء آخر غير وظيفة الحكومة"، ولذا عندما نقول أن الزهراء (عليها السلام) ليست بقاضي ولا خليفة، فهذا لا يعني أنها مثلي ومثلكم، أو أنها لا تمتاز عنا معنوياً. إن فاطمة (عليها السلام) إنسان بكل ما للكلمة من معنى. لو كانت رجلاً لكانت مكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وإضافة إلى ضرورة هذه المكانات لها فهي صلوات الله عليها على وجه خاص كان لها ما لم يكن لغيرها. فيجدر بنا أن نتعرف على قراءة الإمام (قدس سره) لمقامها المعنوي، نجوم كالفراشة حول مصباح النور الأبدي الذي لا يطفأ. المقام المعنوي للزهراء (عليها السلام): يقول (قدس سره): "إنني أعتبر نفسي قاصراً عن التحدث حول الصديقة (سلام الله عليها)، وأكتفي بذكر رواية واحدة ورد في الكافي الشريف ومنقولة بسند معتبر، وتلك الرواية هي أن الصادق (عليه السلام) قال: بأن فاطمة (عليها السلام) عاشت بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً في هذه الدنيا واشتد عليها الحزن، وكان جبرائيل الأمين يحضر عندها ويعزّيها ويخبرها بأمور عن المستقبل.. أنا أعتبر هذه الفضيلة فوق جميع الفضائل الأخرى التي ذكرت للزهراء (عليها السلام) ـ رغم عظمة الفضائل الأخرى ـ وهي لم تحصل لأي إنسان آخر سوى الأنبياء (عليهم السلام)، وليس كل الأنبياء، بل الطبقة الأولى منهم وبعض الأولياء الذين كانوا بمنزلتهم، وبهذا التعبير أي المراودة مع جبرائيل خلال خمسة وسبعين يوماً لم تحصل لحد الآن لأي إنسان آخر، وهذه من الفضائل الخاصة بالصديقة الزهراء (سلام الله عليها)". إن المعنويات والتجليات الملكوتية، الإلهية، الجبروتية، المُلكية والناسوتية مجتمعة كلها في هذا الموجود (السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)). ثمّ يفصح الإمام (قدس سره) من خلال رؤيته الثاقبة النابعة من عرفانه الكامل واتصاله الحقيقي بأهل البيت (عليهم السلام) بأن التجلي لقدرة الله عزّ وجلّ متمثلة بهم وعلى رأسهم الصديقة الطاهرة (صلوات الله عليها)، حيث يتفضل قائلاً: "إن ذلك البيت الصغير الذي ضمّ فاطمة (عليها السلام) وأولئك الخمسة الذين تربوا فيه والذين يمثّلون في الواقع التجلي لكامل قدرة الله تعالى قدموا من الخدمات ما أدهشنا وأدهشكم، بل وأدهش البشر جميعاً". المقام المعنوي لأمير المؤمنين (عليه السلام): إن كلامه (قدس سره) حول مقام الإمام علي (عليه السلام) غير محتاج إلى شرح وتعليق، بل هو بيان فصل ومعنى جامع، قلّما بلغ إلى ما قصده العظماء من أهل العلم، والأولون من أهل الفضل ويكفيك عبارته في مطلع وصفه للأمير (عليه السلام)، حيث يقول (قدس سره): "علي (عليه السلام) هو التجلي العظيم لله". ثم يتوجه (قدس سره) إلى الكشف عن الأبعاد الوجودية لأمير المؤمنين (عليه السلام)، قائلاً: "هذا العظيم يمتاز بشخصية ذات أبعاد كثيرة، ومظهر لاسم الجمع الإلهي الذي يحوي جميع الأسماء والصفات، فجميع الأسماء والصفات الإلهية في ظهورها وبروزها في الدنيا وفي العالم ظهرت في هذه الشخصية بواسطة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإن أبعاده الخفية هي أكثر من تلك الأبعاد الظاهرة، وإن نفس هذه الأبعاد التي توصل إليها البشر، ويتوصل إليها قد اجتمعت في رجل واحد، في شخصية واحدة جهات متناقضة ومتضادة.. يمتلك جميع الأوصاف وجميع الكمالات.. لم يكن حضرة الأمير (عليه السلام) من الجهة المعنية شخصاً مفرداً، بل كان كل العالم". بهذا الفهم البعيد في أعماقه والراقي في مبادئه بما يعطي لمقام الإمامة من جامعية وإحاطة أنكرها بعض الباحثين عن الحقيقية الذين لم يصلوا إلى ضالتهم اعتماداً على نظرتهم إلى الإمام (عليه السلام) باتجاه واحد وهو المقام الظاهري له، وهو ما دعاهم إلى الجرأة عليه في الماضي والحاضر مع إغفالهم لمقامه الباطني ومكانته المعنوية، وجهلهم بكل المقامات التي تحدّث عنها الإمام (قدس سره). فهل كانوا يفهمون عليً (عليه السلام) على أنه التجلي الإلهي العظيم أو أنه كل العالم يا ترى؟! لهذا يظهر الإمام (قدس سره) تأسفه قائلاً: "يجب علينا أن نأسف لأن الأيدي الخائنة والحروب التي أشعلوها ومثيري الفتن لم