بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
والبارادغما والفارماكوس.. وغير ذلك من المصطلحات الكثيرة جداً. فقد حاولت الاقتصار على الأهم منها، مما اعتقدت أنه يخدم الغرض الذي من أجله كتبنا هذا البحث. كان في مقدورنا الاستفادة من الجهد الكبير الذي بذله الباحث المصري المتخصص محمد حمدي إبراهيم في كتابه "دراسة في نظرية الدراما الإغريقية "وهي دراسة متأنية ودقيقة لجانب كبير مما يفيدنا في بحثنا، فقد قدم ترجمة لكثير من المصطلحات اليونانية، إلا أننا لم نرغب في توسيع دائرة المصطلحات حتى لا يكون البحث متسيباً، أو عرضا للمصطلحات، ولكن الشيء الذي نرغب إلى القارئ أن ينتبه إليه هو أننا عندما نقول تراجيدياً وكوميدياً، فإننا لا نقصد الدراما أو المسرح. إننا نقصد نوعين أدبيين كبيرين يندرج تحتهما الشعر والقصة والرواية والمسرحية وبقية الأنواع الأدبية، فالمنظور هنا هو منظور طقسي، كما سوف يرى القارئ.. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الرومانس أو السخرية والهجاء. ومع أن رواية "يوليسيس" لجيمس جويس تعتبر من أشهر روايات القرن العشرين، ومن أصدقها نمذجة للنقد الأسطوري، فإننا لم نقف عندها طويلاً في شرحنا لنظرية الانزياح، لأن مؤلفها كتبها عن سابق تصور وتصميم، إذ كان الرجل صديقاً حميماً ليونغ، وكان من أشد أنصاره حماسة. وقد خصه يونغ بدراسة تعتبر فريدة من نوعها. وقد عرجنا عليها تعريجاً حتى لا يقال أن الباحث يؤيد البرهان بالدعوى ذاتها، وكان لنا في غيرها مندوحة واسعة. ليس لنا من وراء بحثنا أي غرض للمفاضلة، بل إن ما نصبو إليه هو التعرف على "النظام الأدبي" الذي تؤكد عليه النظرية الأدبية الحديثة. والمهمة الأولى لكل نقد هي الوصول إلى "نظام" الظاهرة التي يتعامل معها، ومدى قدرة هذا النظام على تحدي المتغيرات إما باستيعابها ضمن هيكله أو بإفساح المجال أمامها لترسم معالمها ضمن هذا الهيكل، أو يعدل من بعض أجنحة هيكله ليتكيف مع هذه المتغيرات وقد وضع النقد الأسطوري نظريته في الانزياح والتعديل، ليكون أفقاً مفتوحاً أمام كل الانتاج الأدبي الحديث، مع تأكيده الشديد على الأنماط الأولية التي صاغتها البشرية عبر مسيرتها، والتي تعتبر راسخة جداً ووطيدة جداً. *** يونغ وصخب التطور يعتبر الإغريق أول شعب هندس الأدب. وإذا قورن أدبهم ببقية آداب شعوب البحر الأبيض المتوسط يمكن اعتباره أدباً يمثل الحداثة الأولى، أو حداثة المرحلة الزراعية، مع أن الإغريق لم يكونوا متطورين في الزراعة ولا في الصناعة.. كانوا شغوفين بالفن والأدب والرياضة والموسيقى.. وحتى الآن ما تزال حداثتهم تفعل فعلها في أدب هذه الأيام(1). كان الإغريق يؤمنون بالسمو والتفوق، ولكن ليس في النواحي المادية بمقدار ما هو في النواحي الإنسانية الرفيعة التي تغني جوهر الإنسان ولا تقف عند العرض. وقد اهتموا بالعمق الإنساني الذي لا يمكن تربيته إلا بالجماليات. كانوا يشعرون بالوحوش الهاجعة في النفس البشرية. القضاء عليها مستحيل. وحتى تبقى هاجعة لا بد من الاهتمام بالسمو لتمكين الإنسان من السيطرة عليها وترويضها، أو لابقائها هاجعة على أقل تقدير وقد نشدوا هذا السمو في الأدب والفن والفكر. ومن هنا برز تباين مذهل بين البناء الفوقي والبناء التحتي عندهم. وهذا ما يطلق عليه اسم /المعجزة اليونانية/ التي كثرت تفاسيرها بعدد المفكرين والدراسين. إذن هناك انخلاع أو ما يشبه الانخلاع للآثار الفنية والأدبية عن ظروفها المادية. لكن ماركس يرى أن الظروف المادية أقوى فيتساءل: هل ينسجم اخيلوس مع البارود والرصاص، أو بكلمة موجزة هل تنسجم الالياذة مع الصحافة أو مع آلة الطباعة؟ ألا تختفي الأغنية والقصيدة الملحمية وربة الشعر بالضرورة أمام مسطرة عامل الطباعة؟ أفلا تتلاشى الشروط الضرورية للشعر الملحمي؟ (2).معنى ذلك أن ظاهرة الانخلاع عابرة وليست مستديمة فالمعول أخيراً هو الشروط المادية. وقد كان في هذه النقطة متساوقاً مع دارون في التفاعل الحاصل بين البيئة ومن فيها بحيث تفرض شروطها حتى على البناء الفوقي مهما كان منخلعاً عن ظرفه. إن التطور لا يرحم وسوف يغير كل شيء. لقد أحدثت الداروينية ثورة حقيقية في عالم الفكر، مع أن دارون لم يتطرق إلى التميز بين البنية التحتية والبنية الفوقية على النحو الذي سيسير فيه ماركس والماركسية فيما بعد، وقد اقتصر على التطور البيولوجي فقط. لكن الفكر عندما يلتقط حقيقة من الحقائق أو أطروحة من الأطروحات فإنه يعمل فيها تشريحاً وتفكيكاً إلى ما لا نهاية. فهل