المهذب
كتاب حظر الغصب والتعدي
وتحريم ذلك معلوم من جهة العقل والشرع،فأما من جهة العقل فهو معلوم مناستحقاق الذم لمن غصب مال غيره وتصرف فيهبغير إذنه وتعدى عليه فيه، وهذا وغيره
مما يدل على ذلك قد تضمنه كتب الأصول ولامعنى لإيراد كل ذلك هاهنا لأن ذكره
في كتب الأصول أولى من ذكره في كتاب من كتبالفروع، وأما من جهة الشرع
فإجماع المسلمين منعقد على حظره وتحريمهوقول الله سبحانه: لا تأكلوا أموالكمبينكم
بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكموالغصب لا يكون عن تراض من صاحب
المال المغصوب منه والغاصب له، وروي عنرسول الله (ص) أنه قال:
لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه،وروي أيضا عنه (ص)
قال: حرمة مال المسلم كحرمة دمه، ورويأيضا عنه (ص) أنه قال: من
أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه الله يومالقيامة من سبع أرضين.
فإذا كان حظر ذلك وتحريمه ثابتا بماذكرناه فكل من كان له مال فهو أحق به
وبالتصرف فيه من غيره ولا يحل لغيره أنيأخذ منه إلا ما أعطاه صاحبه عن طيب
نفس منه، ومن أخذ مال غيره بغير طيب نفسمنه وجب رده عليه إن كان باقيا، فإن
كان تالفا كان عليه عوضه أو قيمته على مايأتي تفصيله، فإن لم يعرف صاحبه أودعه في
بيت مال المسلمين إلى أن يحضر صاحبه أووارثه ويأخذه، فإن كان زمانه سلاطين
الجور وولادته تصدق به عنه وكان عليهالقيام لصاحبه بالعوض إن حضر ولم يرض