من فقه مدرسة أهل البیت (ع) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من فقه مدرسة أهل البیت (ع) - نسخه متنی

السید کاظم الحائری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

من فقه مدرسة أهل البيت عليهم السلام


العدالة


سماحة السيد كاظم الحائري

العدالة لغةً بمعنى الاستقامة.
واصطلاحاً يُراد بها العدالة في الدين،
بقرينة ورودها في لسان مشرّع الدين، وبلحاظ
أحكام الدّين.

والبحث في معنى العدالة إنّما نحتاج
إليه لوجود التردّد من أحد أنحاء ثلاثة:

1 ـ هل يكفي لتحقيق العدالة عدم صدور
المعصية، بغضّ النظر عن وجود ملكة نفسانية أو
عدمها؟

2 ـ هل تخلّ المعاصي الصغيرة بالعدالة؟

3 ـ هل يوجد شرط آخر غير ترك الذنوب، أو
ملكة تركها باسم ترك ما ينافي المروءة؟

إشتراط الملكة


قد يُقال: إنّ مفهوم العدالة يعطي معنى
الملكة، فإنّ العدالة وصف بحسب الفرض لانسان
ما من إمام جماعة أو شاهد أو قاض ونحو ذلك.
واستقامة نفس الانسان ليست بمجرّد عدم صدور
معصية منه، ولو من باب عدم توفّر الفرص له، أو
عدم مضيّ مدّة من بلوغه سنّ التكليف، أو توبته
ليتورّط في المعصية، إنّما استقامتها تكون
بتطبّعها بترك المعاصي ووجود الرّادع النفسي
عن المعاصي والزلاّت. هذا في كل ما ثبت فيه شرط
العدالة بعنوانها.

أما مثل عنوان (من تثق بدينه وأمانته)
الذي جاء في بعض روايات صلاة الجماعة، فأيضاً
يدلّ على اشتراط الملكة، إذ بدونها لا يحصل
الوثوق. نعم كلّما ورد اشتراط ترك الفسق فحسب
لم يدلّ على اشتراط العدالة بمعنى الملكة.

وفي مقابل ذلك قد يُستدلّ على كفاية
عدم المعصية من دون شرط الملكة أو التطبّع
النفسي بالروايات الواردة في قبول شهادة من
يُقام عليه الحدّ بعد توبته([1]
وفيه رواية واحدة تامّة السند، وهي ما عن
عبداللّه بن سنان قال: سألت أبا عبداللّه عليه
السلام عن المحدود إذا تاب أتـُقبل شهادته؟
فقال: إذا تاب - وتوبته أن يرجع ممّا قال،
ويكذب نفسه عند الامام وعند المسلمين، فإذا
فعل ـ فإنّ على الامام أن يقبل شهادته بعد ذلك([2]).

ونحن نعلم أن مجرّد التوبة لا يستلزم
رجوع الملكة، وإنّما التوبة تجعل الذنب
كأنـّه لم يتحقّق، فيصبح حاله حال من هو قريب
العهد بالبلوغ الذي لم تصدر منه معصية لا على
أساس الملكة، بل على أساس الصدفة.

وقد يقال: إنّ هذه الروايات إنّما
تعارض ما دلّ على اشتراط العدالة في الشاهد،
لا أنـّها تُفسّر العدالة بمجرّد عدم الذنب.

وقد يُجاب على ذلك: بأنّ اُنس ذهن
المتشرّعة باشتراط العدالة في الشاهد يُعطي
لهذه الروايات ظهوراً في تفسير العدالة
بمجرّد عدم الذنب.

وقد يقال برأي وسط بين اشتراط الملكة
وكفاية عدم صدور الذنب، وهو: أنّ مجرّد عدم
صدور الذنب المجتمع مع عدم أي رادع نفسي عن
الذنب ـ كما قد يحصل لانسان قريب العهد ببلوغه
سنّ التكليف ـ لا يكون عدالة. والمحدود التائب
ليس حاله هكذا، فإنّ توبته تعني تحقّق الرادع
النفساني فيه. فالعدالة عبارة عن ترك المعاصي
عن رادع نفساني، أمّا وصول الرّادع النفساني
إلى مستوى الملكة بحيث لا ينكسر عادة إلاّ في
حالات نادرة جداً يتوفّر فيها مستوىً خاص من
المغريات فليس شرطاً في تحقّق العدالة، وذلك
بدليل هذه الروايات التي اقتصرت على مجرّد
التوبة.

والصحيح أنّ هذه الروايات ليست بصدد
إثبات العدالة الواقعية للمحدود الذي تاب،
بدليل أنـّها لم تفترض العلم بخلوّه عن باقي
الذنوب، رغم أنـّه عادةً لا يُعلم عن محدود
تاب كونه خالياً من الذنوب، وإنّما هي بصدد
بيان قبول شهادته المبتني في ظاهر الشرع على
حسن الظاهر الذي سيأتي أنـّه أمارة على
العدالة، والمفروض أنّ توبته تعيد إليه حسن
ظاهره الذي انكسر بفعل ما أوجب عليه الحدّ.

على أنّ الرواية الوحيدة التامّة
سنداً من تلك الروايات هي هذه الرواية التي
نقلناها، والتي تشتمل على أنّ توبته تكون
بتكذيب نفسه عند الامام وعند المسلمين.

ولا يبعد أن يُقال: إنّ الاستعداد
لتكذيب النفس عند الامام وعند المسلمين لا
يحصل من دون حصول الملكة.

وعلى أيّ حال، فقد يقول القائل: إنّنا
لسنا بحاجة في مقام نفي شرط الملكة إلى مثل
هذه الرواية، بل نقول من أوّل الامر: إنّ
المفهوم عرفاً من العدالة الاستقامة،
والاستقامة ليست بمعنى مجرّد عدم الذنب ـ ولو
من باب أنـّه لمْ تَسْنَح الفرصة للذنب ـ بل
هي ترك الذنب مع الرادع النفساني، لكن لا
يُفهم من ذلك ضرورة وصول الرادع إلى مستوى ما
يُسمّى بالملكة، وهي الرادع القويّ الذي يقف
أمام المغريات الاعتيادية في الحالات
الاعتيادية. إلاّ أنّ في صدق العدالة
والاستقامة وكذا الثقة نظراً، بلا وجود ملكة
من هذا القبيل عرفاً.

اشتراط ترك الصغيرة وعدمه


وأمّا إخلال المعصية الصغيرة
بالعدالة وعدمه، فمقتضى ما هو المفهوم من
كلمة العدالة بمعنى الاستقامة في الدين، ومثل
التعبير بالوثوق بالدين في قوله: «صلِّ خلف من
تثق بدينه وأمانته» هو كونه تاركاً للصغائر
أيضاً. فارتكاب الصغيرة وإن كان معفوّاً عنه
عند اجتناب الكبائر، لكنّه على أي حال خلاف
الاستقامة في الدين وانحراف عنه، لانـّه
محرّم حسب الفرض.

إلاّ أنـّه قد يُستدلّ على عدم إخلال
المعصية الصغيرة بالعدالة بما رواه الصدوق
بسنده عن عبداللّه بن أبي يعفور قال: «قلت
لابي عبداللّه عليه السلام: بِمَ تُعرف عدالة
الرجل بين المسلمين حتى تُقبل شهادته لهم
وعليهم؟ فقال: أن تعرفوه بالستر والعفاف وكفّ
البطن والفرج واليد واللسان، ويُعرف باجتناب
الكبائر التي أوعد اللّه عليها النار...»([3]).
حيث أنّ التقييد بالكبائر يدلّ على عدم إضرار
الصغيرة.

لا يُقال إنّ الرواية جعلت ترك
الكبائر طريقاً لمعرفة العدالة، وهذا يدلّ
على عدم إضرار الصغيرة بالعدالة. إذ لعلّ
مقصوده عليه السلام: إن ترك الكبيرة أمارة على
العدالة، فحتى لو كان ـ واقعاً ـ محكوماً
بالفسق لارتكاب الصغيرة يكون ـ ظاهراً ـ
محكوماً بالعدالة، لانّ العدالة ـ تُعرّف كما
ورد في هذا الحديث ـ بترك الكبائر.

بل يُقال: إنّ إطلاق الحديث لفرض العلم
بارتكابه للصغيرة دليل على عدم إضرار الصغيرة
بالعدالة، أي أنّ المقصود بالعدالة في لسان
الادلّة مستوىً من الاستقامة قد يجتمع مع
ارتكاب الصغيرة.

وقد يمكن التمسّك بالاية الكريمة على
عدم إخلال الصغيرة بالعدالة، وهي قوله تعالى:
(إنْ تَجتَنبوا كَبائر ما تُنْهَوْنَ عَنهُ
نكفّر عَنكُمْ سيّئاتِكُم ونُدخِلْكُمْ
مُدخلاً كريماً)([4]).

ووجه الاستدلال بهذه الاية المباركة
هو أن يقال: إنّ بيان تكفير السيّئات عند
اجتناب الكبائر وإدخاله مُدخلاً كريماً يدلّ
بدلالة إلتزامية عرفية على أنّ ترك الكبائر
يجعل باقي الذنوب كأن لم تكن وبحكم العدم في
كل الاحكام.

إلاّ أنـّه لو تمّ ذلك فهذا لا يعني
دلالة الاية على عدم دخل ترك الصغائر في
العدالة، وإنّما يعني عدم إضرار الصغائر
بأحكام العدالة، وتعارضها حينئذ أدلّة
اشتراط تلك الاحكام بالعدالة. ولم تكن الاية
بصدد بيان هذا اللازم ابتداءً كي تكون حاكمة ـ
بملاك النظر ـ على أدلّة اشتراط العدالة. نعم
قد يقال: إنّها تُقدَّم على تلك الادلّة
باعتبار تقدُّم القرآن على ما يعارضه من
الحديث، بمثل العموم من وجه([5]).

هذا والدلالة الالتزامية التي
ذكرناها لهذه الاية المباركة يمكن أن تُذكر
لايتين اُخريين أيضاً، وهما قوله تعالى:

1 ـ (فَما أوتيتُم مِنْ شيء فمتاعُ
الحياة الدّنيا وَما عِنْدَ اللّهِ خيرٌ
وأبْقى للذين آمنوا وَعَلى رَبِّهم يتوكّلون*
وَالَّذين يَجْتَنِبونَ كَبائِرَ الاثمِ
وَالفواحشَ وإذا ما غَضِبوا هُمْ يَغْفِرون*
وَالّذين اسْتَجابوا لِرَبّهم وأقاموا
الصَّلاةَ وأمرُهم شورى بَيْنَهم وَممّا
رَزَقناهم يُنْفِقون)([6]).

2 ـ (وَللّه ما في السموات وَما في
الارض ِ لِيَجْزي الّذين أساؤوا بما عَمِلوا
وَيجزي الّذين أحسنوا بالحسنى* الذين
يَجْتَنِبون كَبائِر الاثم وَالفواحش إلاّ
الّلمَمَ إنّ رَبّك واسعُ المغفرةِ وهو
أعلَمُ بِكُم إذ أنشأكم من الارض وإذ أنتُم
أجنّة في بطونِ أمّهاتِكم فلا تزكّوا أنفسكم
هو أعلم بمن اتّقى)([7]).

معنى الكبيرة والصغيرة


وثمرة هذا البحث تظهر في العدالة
بناءً على أنّ الصغيرة لا تخلّ بالعدالة. وقد
يقال بظهور الثمرة أيضاً في وجوب التوبة.

ولكنّ الصحيح أن وجوب التوبة لم يكن
لاجل الفرار من النار كي يفترض أنّ الصغيرة
المعفوّ عنها في من ترك الكبائر لا تحتاج إلى
التوبة، بل هو: إمّا وجوب شرعي مستفاد من
الاوامر الواردة بالتوبة من الذنب، وإطلاقها
يشمل التوبة عن الكبيرة والصغيرة، أو وجوب
عقلي سنخ وجوب الطاعة، فكما إن العقل حكم بأن
مقتضى العبودية للمولى امتثال أوامره وترك
نواهيه، كذلك حَكمَ بأن مقتضى العبودية له
الندم على معصيته. وهذا أيضاً لا يفرق فيه بين
أن يكون الذنب معفوّاً عنه أو لا. ويُحتمل كون
أوامر التوبة إرشاداً إلى هذا الحكم العقلي.

وعلى أيّ حال فقد أنكر بعضٌ انقسام
المعاصي إلى الصغائر والكبائر فقال: إنّ
المعاصي كلّها كبائر باعتبار المعصيّ جلّ
وعلا، إلاّ أن بَعضها أكبر من بعض في سلّم
الدرجات المتفاوتة. وقال استاذنا المرحوم
آية اللّه الشاهرودي قدّس سرّه: «إن المعاصي
لا تنقسم إلى صغائر وكبائر وإنّما تنقسم إلى
الذنوب المكفِّرة ـ بالكسر ـ أي التي يكون
تركها مكفِّراً لباقي الذنوب، والذنوب
المكفَّرة ـ بالفتح ـ أي الذنوب التي تُغفر
بترك باقي الذنوب».

أقول: كلّ هذا يرجع إلى نزاع لفظيّ،
إلاّ أنْ يُنكر أحدٌ أصلَ كون ترك بعض الذنوب
مكفِّراً للبعض الاخر، فذلك يكون نزاعاً
حقيقياً، وهو خلاف ما يستفاد من الاية
المباركة والروايات. وتفسير الاية بمعنى إن
تجتنبوا الذنوب الكبيرة الواردة في هذه
السورة، مثلاً، نكفِّر عنكم ما وقع منكم منها
في ما سلف ـ سنخ قوله تعالى: (قُلْ للّذين
كَفَروا إنْ يَنْتَهوا يُغْفَر لَهُم ما قَدْ
سَلَف)([8])
وقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحوا ما نَكَحَ
آباؤكُم مِن النِّساءِ إلاّ ما قَدْ سَلَف)([9])
وقوله تعالى: (وأن تَجْمَعوابَيْنَ
الاُخْتَين إلاّ ما قَدْ سَلَف)([10])
وقوله تعالى: (عَفا اللّهُ عمّا سَلَف ومَنْ
عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْه)([11])
ـ خلاف الظاهر.

فالمعاصي وإن كانت متدرّجةً في
الكِبَر والصِّغَر، فليس هناك حدّ معيّن
يفترض أنها إلى هذا الحدّ تكون كبيرة وما دونه
تكون صغيرة. فإنّ الكبر والصغر نسبيّان
بالنسبة لكلّ المعاصي، لكنْ قد عرفنا أنّ
قسماً منها لو تركه أحد كُفّر عنه القسمُ
الاخر الاصغر من الاوّل، فسمّي الاوّل
بالكبيرة والثاني بالصغيرة، فيقع الكلام
فيما هو المقياس لمعرفة الكبيرة والصغيرة.
وقد اختلفت الاراء كثيراً بهذا الصدد، وقد
نُسب رأيان إلى المشهور:

الاوّل ـ أن الكبيرة هي كلّ ذنب توعّد
اللّه تعالى عليه بالعقاب في الكتاب العزيز.

الثاني ـ أنها كلّ ذنب توعّد اللّه
عليه النار.

والاوّل أعمّ من الثاني، من حيث أنّ
العقاب قد يتجسّد في غير النار، والثاني أعمّ
من الاوّل من حيث عدم التقييد بكون الوعيد في
الكتاب. ومن الممكن افتراض اتّحاد كلا
الرأيين بأنْ يكون المقصود بالعقاب ما يشتمل
على النار، أو يكون المقصود بالنار مطلق
العقاب، وذُكرت النار على سبيل المثالية،
وبأن يكون المقصود من توعّد اللّه عليه النار
توعّده في الكتاب.

وقد يُجمع بين عموم الاوّل لغير
النار، وعموم الثاني لغير الكتاب، حيث قيل:
إنّها كلّ ذنب تُوعدّ عليه بخصوصه. قال
العلاّمة الكنيّ في قضائه: «اختاره الشهيدان
في القواعد والدروس والروضة، وزاد في الاخير
قوله: في كتاب أو سنّة» فما يصلح دليلاً على
أحد الرأيين هو جملة من الروايات من قبيل:

1 ـ ما ورد ـ بسند تام ـ عن أبي بصير عن
أبي عبداللّه عليه السلام قال: سمعته يقول في:
(وَمَنْ يُؤتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ اُوتي
خَيْراً كَثيراً) قال: معرفة الامام واجتناب
الكبائر التي أوجب اللّه عليها النار([12]).

2 ـ ما عن الحلبي عن أبي عبداللّه عليه
السلام في قول اللّه عزّوجلّ: (إن تَجْتَنِبوا
كَبائِر ما تُنْهَونَ عنهُ نُكفّرْ عَنْكُم
سَيّئاتِكم ونُدخِلْكُم مُدْخَلاً كَريماً)
قال: «الكبائر التي أوجب اللّهُ عزّوجلّ
عليها النار»([13]).

3 ـ ما عن محمد بن الفضيل (الفضل ـ خ ل ـ)
عن أبي الحسن عليه السلام في قول اللّه
عزّوجلّ: )إن تَجْتَنبوا كَبائِر ما
تُنْهَوْن عَنْهُ نكفّر عَنْكُم سيّئاتِكُم(
قال: «من اجتنب الكبائر ـ ما أوعَدَ اللّهُ
عليه النار ـ إذا كان مؤمناً كفّر اللّه عنه
سيّئاته»([14]).

4 ـ ما عن عبّاد بن كثير النوا، قال: «سألت
أبا جعفر عليه السلام عن الكبائر، فقال: كلّ
ما أوعد اللّه عليه النار»([15]).

5 ـ ما عن الحسن بن زياد العطّار، عن
أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: «قد
سمّى اللّه المؤمنين بالعمل الصالح مؤمنين،
ولم يسمّ من ركب الكبائر، وما وعد اللّه
عزّوجلّ عليه النار مؤمنين في قرآن ولا أثر،
ولا نسمّيهم بالايمان بعد ذلك الفعل»([16]).
وفي سنده ودلالته ضعف.

6 ـ ما عن ابن محبوب ـ بسند تامّ ـ قال: «كتب
معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السلام
يسأله عن الكبائر: كم هي؟ و ما هي؟ فكتب:
الكبائر من اجتنب ما وعد اللّه عليه النار
كفّر عن سيّئاته إذا كان مؤمناً، والسبع
الموجبات: قتل النفس الحرام، وعقوق الوالدين،
وأكل الربا، والتعرّب بعد الهجرة، وقذف
المحصنة، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف»([17]).

7 ـ ما عن عليّ بن جعفر في كتابه عن موسى
بن جعفر عليه السلام، قال: «سألته عن الكبائر
التي قال اللّه عزّوجلّ: (إنْ تَجْتَنِبوا
كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عنْهُ) قال: التي أوجب
اللّهُ عليها النار»([18]).

8 ـ ما عن أحمد بن عمر الحلبي ـ بسند فيه
موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، ولم تثبت
وثاقته ـ قال: «سألت أبا عبداللّه عليه السلام
عن قول اللّه عزّوجلّ: (إن تَجْتَنِبوا
كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكفِّرْ
عَنْكُم سيّئاتِكُم) قال: مَنِ اجتَنَبَ ما
أوْعَدَ اللّهُ عَليه النار ـ إذا كان مؤمناً
ـ كفّر عن سيّئاته وأدخله مُدْخَلاً كريماً،
والكبائر السبع الموجبات: قتل النفس الحرام،
وعقوق الوالدين، وأكل الربا، والتعرّب بعد
الهجرة، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم،
والفرار من الزحف»([19]).

وقد تحصّل بهذا العرض وجود بعض روايات
تامّة سنداً ودلالةً دالة على أنّ المقياس هو
كون المعصية ممّا أوعد اللّه عليها النار،
فكلّ معصية كذلك، فهي كبيرة، وغيرها صغائر.

ولو ورد في القرآن الوعيد بالعذاب،
فاللازم انصرافه إلى عذاب جهنّم وفيه النار،
ولا يشمل أهوال يوم القيامة ـ مثلاً ـ الّتي
ليست منها النار، فالوعيد بالعذاب وعيد
بـالنار أيضاً.

والظاهر من عنوان (أوعد اللّه عليها
النار) كون الوعيد في القرآن الكريم، والنكتة
في ذلك أنَّ ظاهر إعطاء مقياس للمخاطبين
للكبيرة والصغيرة هو إرادة إعطاء مقياس مضبوط
ومفهوم عند المخاطبين يمكن الرجوع إليه
لتشخيص الحال، بينما السنّة ليست محصورة
وموجودة بتمامها عند المخاطبين عادةً، كي
يمكن إرجاعهم إليها كضابط، وهذا بخلاف القرآن
الكريم. فهذه هي نكتة الانصراف إلى ما قلناه.

إلاّ أنـّه قد يُقال: إنّه لو كان
المقياس هو الوعيد في القرآن بالنار لانتقض
ذلك ببعض المعاصي والتي لم يرد في القرآن وعيد
بالنار عليها، ولا شكّ فقهيّاً، او إسلاميّاً
في كونها من الكبائر: من قبيل اللواط، وشرب
الخمر.

وقد يُقال في الجواب: إنّ عنوان ما
أوعد اللّه عليه النار الوارد في الروايات
إشارة إلى مفهوم عرفيّ راجع إلى تفسير
الكبيرة والصغيرة ومتعارف بين الموالي
والعبيد العرفيّين. توضيحه: أنّ أوامر المولى
ونواهيه لها محرّكية ذاتيّة للعبد إذا كان
يحبّ مولاه، وهي محرّكيّة عاطفيّة، ولها
محرّكيّة ذاتيّة عقليّة للعبد إذا كان يعترف
لمولاه بالمولويّة الحقيقيّة ووجوب الطاعة،
أو اجتماعيّة إذا كان يعترف له بالمولويّة
الاجتماعية، وهذه المحرّكيّات الذاتيّة قد
لا تكفي لتحريك العبد، وعندئذ إن كان اهتمام
المولى بالقضيّة كبيراً يوعده بالعذاب على
تقدير عدم الامتثال، وقد يعذّبه بالفعل عند
المخالفة، وإن كان اهتمامه بها ليس كبيراً
يغضّ النظر عن العبد حينما يراه مخالفاً ولا
يعاقبه، إلاّ إذا رأى منه إصراراً على ذلك، أو
رآه يضمّ هذه المخالفة إلى المخالفات الكبيرة.
فقد يعاقبه على الصغيرة أيضاً، والمفهوم
عرفاً من العفو عن الصغائر عند اجتناب
الكبائر وعدم الاصرار هو هذا المعنى، فلا
ينبغي أن نجمد في فهم مقياس ما أوعد اللّه
عليه النار على فرض الوعيد الصريح، بل تهويله
تعالى في كتابه لمعصية ما يفهم منه بناءً على
هذا الفهم العرفي الذي شرحناه، الوعيد
بالنار، وعليه فمثل اللواط الذي تكرّر في ذكر
قصّة لوط عليه السلام في القرآن الكريم،
وتأنيبه الشديد لقومه على هذا العمل القبيح،
ثمّ ذكر نزول العذاب عليهم وإهلاكهم، دليل
كاف بهذا النمط من الفهم على الوعيد بالنار،
وكون المعصية كبيرة. وضمُّ النهي عن الخمر إلى
النهي عن الاوثان وجعلُهما معاً رِجْساً من
عمل الشيطان في قوله تعالى: (يا أَيُّها
الّذين آمَنوا إنّما الخَمْرُ والميسِرُ
والانْصابُ والازْلامُ رجسٌ منْ عَمَلِ
الشيطانِ فاجْتَنِبوهُ لعلَّكُم تُفلِحون)([20])
دليلٌ كاف على الوعيد بالعذاب والنار، وكون
شربه معصية كبيرة. ولعلّه إلى هذا أشار ما جاء
في حديث عبد العظيم الحسني رحمه اللّه التامّ
سنداً عن أبي جعفر الثاني عليه السلام عن أبيه
عليه السلام عن أبيه موسى عليه السلام عن
الامام الصادق عليه السلام في تعداد الكبائر
من قوله: «وشرب الخمر لانّ اللّهَ عزَّ وجلَّ
نهى عنها كما نهى عن عبادة الاوثان»([21]).

وقد يُقال: إنّ نفس حديث عبد العظيم
الحسني يشهد لعدم كون المقياس في فهم الكبائر
في قوله تعالى: )إن تَجْتَنِبوا كَبائِر ما
تُنْهَوْنَ عنهُ...( خصوص الوعيد بالنار في
القرآن الكريم; حيث جاء فيه في تعداد الكبائر:
«وترك الصلاة متعمّداً، أو شيئاً مما فرض
اللّه عزّوجلّ، لان رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وآله قال: من ترك الصلاة متعمّداً فقد
برئ من ذمّة اللّه وذمّة رسوله...»، فتراه
استدلّ على كون ترك الصلاة كبيرة بالسنّة لا
بالوعيد بالنار في القرآن، هذا بناءً على
دعوى أنّ هذا الحديث وإن كان وارداً بشأن آية
أُخرى، ولكن يفترض أنّ معنى الكبائر في
الايتين واحد.

ويمكن الجواب عن ذلك على ضوء ما شرحناه
من الفهم العرفيّ لجعل المقياس هو الوعيد
بالنار; بأنـّه لا فرق في الدلالة على روح
المطلب الذي أشرنا اليه ـ من كون الغرض مهمّاً
إلى مستوىً لا يكتفي المولى بأَمره المولوي،
بل يوعد العذاب على تقدير المخالفة ـ بين أن
تدلّ آية قرآنيّة على ذلك أو يدلّ نصّ الرسول
صلّى اللّه عليه وآله، أو الامام عليه
السلام على ذلك، فالاستشهاد بنصّ الرسول صلّى
اللّه عليه وآله أن تارك الصلاة بريء من ذمّة
اللّه ورسوله صحيح، وهذا لا ينافي ما نفهمهُ
من روايات ما أوعد اللّه عليه النار الّتي
قلنا: إنّ ظاهرها إرادة الوعيد في الكتاب،
فنحن نفهم منها أنـّه ما من معصية كبيرة إلاّ
وهي مذكورة في القرآن، ولو كانت مذكورة في
السنّة أيضاً. ومن الواضح دلالة القرآن على
كون ترك الصلاة كبيرة; حيث جعله سبباً من
أسباب السلوك في سقر في قوله تعالى: (كلُّ نفْس
بما كَسَبَتْ رهينَةٌ * إلاّ أصحابَ اليَمين*
في جنّات يتَساءَلونَ * عن المُجْرمينَ * ما
سَلَكَكُمْ في سَقَر * قالوا لَمْ نَكُ مِن
المُصلّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ
المِسْكينَ * وَكُنّا نَخوضُ مَعَ الخائضينَ *
وَكُنّا نكذّبُ بِيَوْمِ الدّينِ * حتى أتانا
اليَقينُ * فَما تَنْفَعُهم شَفاعةُ
الشّافعينَ)([22]).

وقد يُورد على جعل المقياس الوعيد
بالنار سواء خصّ ذلك بالكتاب أو لم يخصّ بأحد
إيرادين:

الاوّل ـ أنـّه ما من معصية إلاّ وقد
ورد عليها الوعيد بالنار في القرآن. قال اللّه
تعالى: (وَمَنْ يعص ِ اللّهَ وَرَسولَهُ
وَيَتَعدَّ حُدودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً
خالِداً فيها وَلَهُ عَذابٌ مُهينٌ)([23]).

وقال تعالى: (بَلى مَنْ كَسَبَ سيّئةً
وَأحاطَتْ بِهِ خَطيئَتُهُ فأولئِكَ أصْحابُ
النّارِ هُمْ فيها خالِدونَ)([24]).

وقال تعالى: (قال اخرُجْ مِنها
مذْؤُوماً مَدْحوراً لَمَنْ تَبِعَكَ
مِنْهُمْ لاََملانَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ
أَجْمَعينَ)([25]).

وقال تعالى: (قال فالْحقُّ والْحقَّ
أَقولُ * لاََملانَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وممَّن
تَبِعَكَ منهُمْ أَجْمَعينَ)([26]).

والواقع: أن هذا الاشكال لو تمّ لكان
إشكالاً على أصل تقسيم المعاصي إلى الكبائر،
والصغائر، والوعد الجزميّ بالعفو عن الصغائر
على تقدير ترك الكبائر، لانّ الوعيد بالنار
لا يجتمع عرفاً مع الوعد الجزميّ بالعفو غير
المعلّق على التوبة.

ومن الواضح أنّ المقصود بهذه الايات
ليس من يرتكب الصغيرة، بل ولا من يرتكب
الكبيرة، فليس مجرّد ارتكاب كبيرة موجباً
للخلود، أو سبباً لملءِ جهنّم به، وإنّما
تنظر هذه الايات إلى الملحدين والمنافقين
والاشقياء والمستهترين بالمعاصي وأمثالهم.

الثاني ـ أنّ هناك روايات عديدة وردت
في حصر الكبائر في عدد قليل كسبع، أو خمس، أو
تسع، أو عشر، بينما لو كانت الكبائر عبارة
عمّا أوعد اللّه عليه النار، فهي كثيرة وغير
منحصرة في عدد قليل، ولعلّ المنصرف من كلمة
الكبائر في الروايات هو المعنى المقصود في
قوله تعالى:( إن تَجْتَنِبوا كَبائِر ما
تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ
سيِّئاتِكُمْ). فليس المقصود من الكبائر في
هذه الروايات معنىً آخر غير المعنى المبحوث
عنه.

والواقع: أنّ هذا ينبغي أن يكون
إشكالاً على تلك الروايات، ويفحص عن جوابه،
لا أن يكون إشكالاً على المقياس الماضي
للكبائر وهو الوعيد بالنار، وذلك لانّ الوعد
الجزميّ بالمغفرة على تقدير ترك قسم من
الذنوب، وغير المعلّق على التوبة لا يجتمع
عرفاً مع الوعيد بالنار; إذن فكلّ ما أوعد
اللّه عليه النار ينبغي أن يكون داخلاً في
المكفِّرات ـ بالكسر (أي ما يكون تركه
مكفِّراً) ـ لا المكفَّرات ـ بالفتح ـ وإذا
شككنا في صحّة هذا المقياس، ينبغي أن يكون ذلك
على أساس احتمال كون دائرة الكبائر أوسع من
دائرة ما أوعد عليه النار، لا على أساس احتمال
كونها أضيق منها. إذاً، فينبغي حمل هذه
الروايات على بيان أكبر الكبائر، لا الكبائر
بالمعنى الوارد في القرآن الكريم، فإنّ
الكبيرة عنوان نسبيّ ومشكّك، فيمكن أن تحصر
بمستوىً معيّن وببعض معانيها ودرجاتها في عدد
قليل، كما يمكن أن توسّع ببعض الدرجات. وممّا
يلفت النظر أنّ الروايات الحاصرة للكبائر في
عدد قليل لم ترد غالبيّتها بعنوان تفسير
الاية، إلاّ بمجرد دعوى الانصراف إلى إرادة
المعنى المذكور في الاية. نعم قد يدّعى في
بعضها القرينة على النظر إلى الاية الكريمة،
وهي غير تامّة السند، بينما الروايات السابقة
ـ المفسِّرة للكبيرة بأنـّها ما أوعد اللّهُ
عليهِ النّار ـ جملة منها كانت صريحة في تفسير
الاية، وفيها ما هو تامّ السند.

هذا وبعض روايات الحصر في عدد قليل
مشتمل على ما يشهد لهذا الجمع الّذي أشرنا
إليه ـ من حمل تلك الروايات على إرادة أكبر
الكبائر، لا على إرادة الكبيرة بمعنى الذنوب
المكفِّرة ـ والروايات التامة سنداً في هذا
الباب كما يلي:

1 ـ ما ورد ـ بسند تامّ ـ عن ابن محبوب،
قال: «كتب معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه
السلام يسأله عن الكبائر كم هي؟ وما هي؟ فكتب:
الكبائر، من اجتنب ما وعد اللّه عليه النّار
كفّر عنه سيّئاته إذا كان مؤمناً، والسبع
الموجبات: قتل النفس الحرام، وعقوق الوالدين،
وأكل الربا، والتعرُّب بعد الهجرة، وقذف
المحصنة، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف»([27]).
وقد مضى منّا ذكر هذا الحديث في عداد أحاديث
تفسير الكبيرة بما أوعد اللّه عليه النار،
وهذا الحديث ـ كما ترى ـ فيه دلالة على ما
ذكرنا من أنّ السبع هي عدد من المعاصي أكبر من
سائر الذنوب، لا أنّ الكبائر المشار إليها في
الاية الشريفة محصورة في هذا العدد، فإنّ هذا
الحديث ـ كما ترى ـ قد جمع بين ذكر ذاك المقياس
في صدر الحديث ـ وهو ما أوعد عليه النّار ـ
وذكر العدد السبع من المعاصي.

2 ـ ما عن عبيد بن زرارة ـ بسند تامّ ـ
قال: «سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن
الكبائر، فقال: هنّ في كتاب عليّ عليه السلام
سبع: الكفر باللّه، وقتل النفس، وعقوق
الوالدين، وأكل الربا بعد البيّنة، وأكل مال
اليتيم ظلماً، والفرار من الزحف، والتعرّب
بعد الهجرة. قال: فقلت: هذا أكبر المعاصي؟ فقال:
نعم، قلت: فأكل الدرهم من مال اليتيم ظلماً
أكبر، أم ترك الصلاة؟ قال: ترك الصلاة قلت: فما
عددت ترك الصلاة في الكبائر: قال: أيّ شيء أوّل
ما قلت لك؟ قلت: الكفر. قال: فإِنّ تارك الصلاة
كافر; يعني من غير علّة»([28]).

3 ـ ما عن محمد بن مسلم ـ بسند تامّ ـ عن
أبي عبداللّه عليه السلام قال: «الكبائر سبع:
قتل المؤمن متعمّداً، وقذف المحصنة، والفرار
من الزحف، والتعرّب بعد الهجرة، وأكل مال
اليتيم ظلماً، وأكل الربا بعد البيّنة، وكلّ
ما أوجب اللّه عليه النّار»([29]).
وما في هذا الحديث من عدّ عنوان ما أوجب اللّه
عليه النار في عداد الكبائر السبع شاهد لما
ذكرناه من الجمع.

4 ـ ما عن محمد بن أبي عُمير ـ بسند تامّ
ـ عن بعض أصحابه عن أبي عبداللّه عليه السلام
قال: «وجدنا في كتاب عليّ عليه السلام الكبائر
خمسة: الشرك، وعقوق الوالدين، وأكل الربا بعد
البيّنة، والفرار من الزحف، والتعرّب بعد
الهجرة»*([30]).
وقد ورد حديث تامّ السند ظاهر في عدم كون
الزنا والسرقة من الكبائر. وهو ما عن محمد بن
حكيم قال: «قلت لابي الحسن موسى عليه السلام:
الكبائر تُخرج من الايمان؟ فقال: نعم وما دون
الكبائر قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله:
لا يزني الزاني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق وهو
مؤمن»([31]).
فهذا ظاهره أنّ الزنا والسرقة ممّا دون
الكبائر مع ضرورة كونهما من الكبائر بالمعنى
المخلّ بالعدالة، أو بمعنى الذنوب المكفِّرة
ـ بالكسر ـ فهذا بنفسه شاهد على أنّ الكبائر
قد تُستعمل بمعنى أكبر الكبائر، بل نفس عدم
شمول الروايات الحاصرة للكبائر في عدد قليل
لكثير من المعاصي الّتي هي من الكبائر ـ
بالمعنى الفقهي ـ بضرورة من الفقه دليل واضح
على حملها على بيان أكبر الكبائر; إذاً
فالروايات المفسّرة للكبائر بما أوعد اللّه
عليها النار لا معارض لها.

ونفس الاختلاف في التعداد قد يكون
شاهداً على عدم إرادة الحصر بالمعنى الحقيقيّ
للكلمة أو على كون الحصر حصراً إضافيّاً،
وأنـّها ليست بصدد تعريف الكبيرة بمعناها
العامّ الواردة في الاية الكريمة.

بقي الكلام في الروايات الّتي ذكرت
عدداً كثيراً من المعاصي تحت عنوان الكبائر،
أي عدداً أكثر من العدد الذي حصرت فيه الكبائر
في الروايات السابقة، وهي ثلاث روايات:

1 ـ رواية عبدالعظيم الحسني، وهي تامّة
سنداً، وواردة في الوسائل([32]).

2 ـ رواية الفضل بن شاذان عن الرضا عليه
السلام وهي واردة في نفس الباب([33]
وهي غير تامّة سنداً.

3 ـ رواية الاعمش عن جعفر بن محمد عليه
السلام في حديث شرائع الدّين الواردة في نفس
الباب([34]
وهي غير تامّة سنداً.

والروايتان الاخيرتان تقبلان الحمل
على إرادة ذكر عدد من المعاصي أكبر من سائر
المعاصي، وأن لا تكونا ناظرتين إلى تفسير
الاية الكريمة، فإن وجدت في هاتين الروايتين
معصية لم يوعد عليها النار، قلنا في مقام
الجمع: إن هذه كبيرة بالاضافة لما هي أصغر
منها، وليست كبيرة بالمعنى المقصود بالاية
المباركة، كي تعارض الروايات المفسّرة للاية
بما أوعد اللّه عليه النّار، وإن وجدنا معصية
أوعد عليها النّار غير مذكورة في هاتين
الروايتين قلنا: إنّهما لم تكونا بصدد الحصر
الحقيقيّ للكبيرة بالمعنى الوارد في الاية
الكريمة.

أمّا الرواية الاُولى فهي أيضاً غير
واردة بصدد تفسير قوله تعالى: (إن تَجْتَنِبوا
كبائِر ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكفّر عنكُمْ
سيّئاتكُمْ)، وإنّما هي واردة بالنظر إلى آية
أُخرى، وهي قوله: (الّذين يَجْتَنِبونَ
كبائِرَ الاثمِ والفَواحِشَ)، إلاّ إذا جزمنا
بوحدة المعنى في الايتين كما ليس ببعيد، وعلى
أيّ حال فلو وجدنا معصية ممّا أوعد عليها
النار غير مذكورة في هذا الحديث الشريف، قلنا:
إنّ هذا الحديث لا ينفي كونها من الكبائر، بل
يثبت ذلك، وذلك لما جاء في هذا الحديث الشريف
من التعليل لاثبات كون المعاصي المذكورة فيها
كبائر بالايات القرآنية المنذِرة، بل
وبالسنّة بالنسبة لترك الصلاة.

يبقى أنّ هذا الحديث الشريف ـ أعني
المروي عن عبدالعظيم الحسني ـ رضي اللّه عنه
فرض ترك أيّ شيء ممّا فرض اللّه عزّوجلّ كبيرة;
بينما لم نجد في القرآن الوعيد بالنار على ترك
كلّ ما فرض اللّه. ثمّ ماذا نقول في ترك الصوم؟
أيُحتمل فقهيّاً عدم كونه من الكبائر؟!! طبعاً
لا، مع أنـّه لا يوجد في القرآن الوعيد عليه
بالنار، وهذا كلّه قد يشهد لكون المقصود
بروايات تعريف الكبيرة بما أوعد اللّه عليه
النار، هو الوعيد بالنار في الشريعة لا في
خصوص القرآن.

وقد يُقال: إنّ النظر في آية التكفير
إلى المحرّمات فقط، دون ترك الواجبات بقرينة
قوله تعالى: (ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ)، فإنّ ترك
الواجب ترك للمأمور به، وليس منهيّاً عنه،
إلاّ بالمعنى الاُصوليّ القائل: إنّ الامر
بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه; فالمعنى: أنّ
اجتناب المحرّمات الكبيرة يوجب تكفير
السيّئات، وليس المقصود بالسيّئات ما يشمل
ترك الواجبات، وإلاّ للزم أن يكون ترك الصلاة
الّتي هي عمود الدين مكفَّراً بترك المحرّمات
الكبيرة، وهذا غير محتمل، فكأنّ الاية
الكريمة تنظر مسبقاً إلى من هو ملتزم
بالواجبات فتقول: لو ترك المحرمات الكبيرة
كفّرنا عنه صغائر المحرّمات.

ويؤيّد هذا الاستظهار أنّ أكثر روايات
تعداد الكبائر غير مشتملة على ترك الصلاة، أو
ترك أيّ واجب آخر في حين لا يحتمل كون ترك
الصلاة الّتي هي عمود الدين أصغر من كلّ
الكبائر المعدودة في تلك الروايات.

نعم توجد روايتان ذكرتا ذلك:

الاولى ـ ما مضى من رواية عبيد بن
زرارة ـ بسند تامّ ـ عن أبي عبداللّه عليه
السلام; حيث جاء في ذيلها قوله: «فقلت: هذا
أكبر المعاصي؟ قال: نعم. قلت: فأكل الدرهم من
مال اليتيم ظُلماً أكبر أم ترك الصلاة؟ قال:
ترك الصلاة، قلت: فما عددت ترك الصلاة في
الكبائر، قال: أيّ شيء أوّل ما قلت لك؟ قلت:
الكفر. قال: فإنّ تارك الصلاة كافر، يعني من
غير علّة»([35]).
إلاّ أنـّك عرفت أنّ مثل هذه الرواية لا تُحمل
على النظر إلى تفسير الكبيرة بالمعنى الوارد
في آية التكفير.

الثانية ـ ما أشرنا إليه من رواية
عبدالعظيم الحسني رضي اللّه عنه حيث جاء فيها
ذكر ترك الصلاة متعمداً أو شيء مما فرض اللّه
عزّوجلّ وهذه الرواية ليست واردة في تفسير
آية التكفير، بل هي واردة في تفسير آية
اللّمم، ولم ترد كلمة النهي في آية اللّمم،
وإنّما قال: (الّذين يَجْتَنِبونَ كبائِرَ
الاثمِ وَالفواحِشَ...) بينما وردت في آية
التكفير حيث قال: (إنْ تَجْتَنبوا كبائِر ما
تُنْهَوْنَ عَنْهُ)، فمن المحتمل أنّ فرض فعل
الفرائض كان مفروغاً عنه في آية التكفير،
بينما في هذه الاية يكون ترك الفريضة داخلاً
في الاثم. وهذه الرواية تؤيّد ما استظهرناه من
آية التكفير من أنّ موضوع الوعد بالتكفير هو
من لم يكن عليه شيء من ناحية الواجبات، فإنّ
هذه الرواية فرضت ترك الفرائض داخلاً في
المقصود بالكبائر في آية اللّمم، وهذا يعني
أنّ اللّه تعالى إنّما وعد في هذه الاية
بالمغفرة لمن أتى بالفرائض، فيتّحد أو يتقارب
مفاد الايتين.

إلاّ أنّ الذي يبعِّد استظهارنا
لاختصاص آية التكفير بالنظر إلى المحرّمات،
أنّ كلمة (ما تُنْهَوْنَ عنهُ) وإن كانت ـ
لعلّها ـ مُختصَّة بالمحرّمات بحسب حاقّ
اللّغة، ولكن حسب مناسبات الحكم والموضوع لا
فرق في المعصية من حيث كونها صغيرة أو كبيرة،
ومن حيث نكتة المكفِّريّة ـ بالكسر ـ
والمكفَّريّة ـ بالفتح ـ بين أن تكون فعلاً
لحرام، أو تركاً لواجب. وعلى أيّ حال فلا بدّ
من افتراض أحد اُمور ثلاثة: إمّا افتراض أنّ
الاية ناظرة إلى خصوص المحرّمات، أو افتراض
أنّ المقصود بوعيد اللّه بالنار الوعيد في
الشريعة، لا الوعيد في خصوص القرآن، أو
افتراض أنّ مقياس الوعيد بالنار في القرآن
إنما ذكر للمحرّمات، وأما ما فرضه اللّه من
الواجبات فهي جميعاً يعتبر تركها كبيرة.
ولعلّ هذا الوجه الاخير أقوى الوجوه. وأما
استبعاد كون تمام الواجبات تركها كبيرة فيمكن
الجواب عنه بأن المقصود ما ورد في رواية
عبدالعظيم الحسني من عنوان ما فرضه اللّه ليس
هو تمام الواجبات بل الواجبات الواردة في
القرآن، ويشهد لذلك ما في صدر الرواية من أن
سؤال السائل كان عبارة عن طلب معرفة الكبائر
من كتاب اللّه، فكأنّ مقصوده عليه الصلاة
والسلام أن الواجبات على قسمين: منها ما فرضه
اللّه وهو وارد في كتابه ويكون تركه كبيرة،
ومنها ما فرضه رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وآله في سنّته بإذن اللّه أو بإمضائه ولا
يعتبر ترك ذلك كبيرة.

بقي الكلام في شيء واحد، وهو أنـّنا
وإن قلنا: إن ارتكاب الصغيرة لا يضرّ بالعدالة
ولكنّنا نقول: إنّ الاصرار([36])
على الصغيرة يجعلها كبيرة لعدّة روايات، كما
ورد عن عبداللّه بن سنان عن أبي عبداللّه عليه
السلام قال: «لا صغيرة مع الاصرار، ولا كبيرة
مع الاستغفار»([37])
إلاّ أنّ سنده ضعيف بعمّار بن مروان القندي
الذي روى هذا الحديث عن عبداللّه بن سنان، ولم
تثبت وثاقته. وما ورد عن محمد بن أبي عمير عن
موسى بن جعفر عليه السلام في حديث..... قال
النبي صلّى اللّه عليه وآله: لا كبيرة مع
الاستغفار، ولا صغيرة مع الاصرار..... إلخ([38]);
وهذا الحديث تامّ سنداً([39]).
وما عن الفضل بن شاذان ـ والسند غير تامّ ـ عن
الرضا عليه السلام في تعداد الكبائر وفيه: (الاصرار
على الذنوب)([40]).
وعن تحف العقول مرسلاً (والاصرار على الصغائر
من الذنوب)، والظاهر أن هذا هو المقصود حتى مع
حذف كلمة (الصغائر)، فإنّ الكبائر هي كبائر
بلا حاجة إلى إصرار. وما عن الحسين بن زيد عن
الصادق عن آبائه عليهم السلام في حديث
المناهي: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وآله قال: لا تحقّروا شيئاً من الشرِّ وإن
صَغُر في أعينكم، ولا تستكثروا شيئاً من
الخير وإن كثر في أعينكم، فإنّه لا كبير مع
الاستغفار، ولا صغير مع الاصرار»([41]
وسنده غير تامّ. وما عن أبي بصير بسند تامّ،
قال: سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول: لا
واللّه لا يقبل اللّه شيئاً من طاعته على
الاصرار على شيء من معاصيه([42]).
ومقتضى اطلاق الحديث أنّ الاصرار على المعصية
الصغيرة أيضاً يمنع قبول الطاعة، وافتراض
بقائها صغيرة ـ وكونها معفوّاً عنها عفواً
جزميّاً لو لم يقترن بالكبائر ـ لا يجتمع
عرفاً مع المانعيّة عن قبول الطاعة. وأدلّة
حصر الكبائر في أعيان المعاصي الكبيرة لو
تمّت تحمل على ذوات الذنوب دون الاصرار عليها.
وقد يقال: إنّ إطلاق هذا الحديث يعارض إطلاق
الاية الكريمة: )إنْ تَجْتَنِبوا كَبائِر ما
تُنْهَوْنَ عَنْهُ نكفّر عنْكُم سيّئاتكُمْ (الظاهر
في اجتناب أعيان الذنوب الكبيرة لا الاصرار
على معصية هي في نفسها صغيرة.

وقد يُجاب بأنّ هذا الحديث يمكن
تفسيره بافتراض كون نفس الاصرار على الذنب
المقترن بالعمل من المعاصي الكبيرة، فيصبح
مصداقاً لـ (كبائر ما تُنْهَوْن عنهُ)، وإنّما
قيّدنا الاصرار بكونه مقترناً بالعمل كي لا
ينافي ما دلّ على العفو عن النيّة البحتة.

معنى اللّمم


وفي ختام هذا البحث لا بأس بالاشارة
إلى معنى اللّمم، والّذي يستفاد من كتاب لسان
العرب([43]) أنّ المحتملات
في اللّمم ثلاثة:

1 ـ أن يكون بمعنى صغار الذنوب، وقد نقل
في لسان العرب عن أبي إسحاق أنـّه قال: اللّمم
نحو القُبلة والنظرة وما أشبهها. وإلى هذا
يرجع ما نقله عن الجوهري أنـّه قال في تفسير
قول وضّاح اليمن:

إذا قلت يوماً: نوّليني تبسّمتْ
وقالت: معاذ اللّه من نيل ما حَرُمْ

فما نوّلتْ([44])
حتى تضرّعْتُ عندَها
وأنبأْتـُها ما رخّص اللّه في اللّممْ

قال الجوهري في تفسير ذلك يعني
التقبيل.

2 ـ أن يكون بمعنى مقاربة المعصية من
غير مواقعة.

3 ـ أن يكون بمعنى أنـّك تأتي بشيء في
وقت، ولا تقيم عليه، ولا تصرّ.

وكأنـّما المقصود أنـّك تُبتلى صدفة
بمعصية ثمّ تتركها وتتوب عنها، وقد تُبتلى
صدفة بها مرّة أُخرى من دون إصرار، وهذا
المعنى الثالث هو المستفاد من الروايات
الواردة في معنى اللّمم([45]).

هذا ولو لم نقبل دلالة هذه الايات
بالالتزام العرفيّ على عدم إضرار الصغائر
بالعدالة أو بحكم العدالة، فلا أقلّ من
أنـّها تصنع جوّاً متشرّعيّاً يمنع عن فهم
معنى ترك جميع الذنوب من أدلّة شرط العدالة أو
مانعيّة الفسق، ويصرف الكلمتين إلى النظر إلى
خصوص الكبائر دون الصغائر المجرّدة عن
الكبائر، فجوّ متشرّعي يعرف فيه أنّ مرتكب
الصغيرة التارك للكبائر يكفّر اللّه سيّئاته
ويدخله مدخلاً كريماً، وله ما عند اللّه
الّذي هو خير وأبقى، ويجزيه بالحسنى، لا يسمح
لفهم أكثر من ترك الكبائر من شرطيّة العدالة
أو مانعيّة الفسق. وعلى أيّة حال فسواء تمّت
هذه التقريبات أو لم تتم كفتنا رواية
عبداللّه بن أبي يعفور الماضية لاثبات عدم
إضرار ارتكاب الصغيرة بالعدالة.


([1])
وسائل الشيعة 18، باب 36 و37 من أبواب الشهادات:
282 ـ 284.

([2])
المصدر، باب 37 من أبواب الشهادات: 283.

([3])
وسائل الشيعة 18، باب 41 من الشهادات: 288.

([4])
النساء: 31.

([5])
ولو قيل: إنّ هذا الحكم يختصّ بما لو تعارض
خبران، وكان أحدهما يوافق القرآن، والاخر
يخالفه بمثل العموم من وجه، فيرجّح ما وافق
الكتاب، ولم يُقبل بتقدّم القرآن فيما إذا
كان التعارض بينه وبين القرآن بالعموم من
وجه، قلنا فيما نحن فيه أيضاً: توجد بعض
الروايات المصرّحة بنفس مضمون الاية
الكريمة،فلها نفس الدلالة الالتزامية،
فتقدّم على أدلّة اشتراط العدالة بموافقة
الكتاب من قبيل ما عن محمد بن أبي عمير بسند
تام قال: سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول:
من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يُسأل عن
الصغائر، قال اللّه تعالى: إنْ تَجتَنبوا
كَبائِر ما تُنْهَونَ عَنهُ نكفّر عَنْكُم
سيّئاتِكُم ونُدخلْكُم مُدخلاً كريماً.(وسائل
الشيعة 11، باب 47 من جهاد النفس: 266). ومرسلة
الصدوق: قال الصادق عليه السلام: من اجتنب الكبائر
يغفر اللّه جميع ذنوبه، وذلك قول اللّه
عزّوجلّ: «إنْ تَجْتَنبوا كَبائِرَ ما
تُنْهَوْنَ عنهُ نُكفّر عنكُمْ
سَيئاتِكُمونُدخِلْكُم مُدخلاً كريماً». (وسائل
الشيعة 11، باب 45 من جهاد النفس: 250). ورواية
محمد بن فضيل، أومحمد بن الفضل عن أبي الحسن
عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ: إنْ
تَجْتنبوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عنهُ
نُكفّر عنْكُم سيّئاتِكم قال: من اجتنب
الكبائر ـ ما أوعد اللّه عليه النار - إذا كان
مؤمناً كفّر اللّه عنه سيّئاته.(وسائل الشيعة
11، باب 45 من جهاد النفس: 249). وسند هذا الحديث
ضعيف بالراوي المباشر، ومحمدبن الفضيل قد روى
عنه البزنطي، وصفوان بن يحيى إلاّ أن الشيخ
رحمه اللّه قد ضعّفه.

([6])
الشورى: 36 ـ 38.

([7])
النجم: 31 ـ 32.

([8])
الانفال: 38.

([9])
النساء: 22.

([10])
النساء: 23.

([11])
المائدة: 95.

([12])
وسائل الشيعة 11، باب 45 من جهاد النفس ح 1 : 249
والاية في البقرة: 269.

([13])
وسائل الشيعة 11، باب 45 من جهاد النفس ح 2 : 249
والاية في النساء: 31. ولا عيب في السند من
غيرناحية أبي جميلة، وهو المفضّل بن صالح،
وقد روى الثلاثة الذين لا يروون إلاّ عن ثقة
عنه، ومقتضى ذلكوثاقته، ولا عبرة بتضعيف ابن
الغضائريّ حيث قال عنه: «ضعيف كذّاب يضع
الحديث، حدّثنا أحمد بن عبدالواحد، قال:
حدّثنا عليّ بن محمد بن الزبير، قال: حدّثنا
عليّ بن الحسن بن فضّال، قال: سمعت معاوية
بن حكيم يقول: سمعت أبا جميلة يقول: أنا وضعت
رسالة معاوية إلى محمد بن أبي بكر»، ولكن المهم
أنّ النجاشي قال في ترجمة جابر بن يزيد: «روى
عنه جماعة غُمِز فيهم وضُعِّفوا، منهم عمرو
بن شمر والمفضّل بن صالح ومنخل بن جميل
ويوسُف بن يعقوب» واستفاد السيّد الخوئيّ من
هذا التعبير: أنّ ضعف المفضّل بن صالح كان
من المتسالم عليه عند الاصحاب. فإن صحّت هذه
الاستفادة كان هذامعارضاً لدلالة نقل
الثلاثة عنه على توثيقه، كما جعله السيّد
الخوئيّ معارضاً لدلالة وروده في أسانيدكامل
الزيارات على توثيقه حسب ما يعتقده. إلاّ أنّ
هذه الاستفادة غير واضحة عندي، وعلى أيّ حال ففي
النفس شيء ممّا يرويه أبو جميلة.

([14])
نفس المصدر ح 5:250 والاية في النساء:31. ولا
اِشكال فيه من حيث السند من غير جهة الراوي
المباشر،أمّا الراوي المباشر، فإن كان هو
محمد بن الفضيل ـ كما يقال: إنّه ورد كذلك في
ثواب الاعمال، وصاحب الوسائل نقل هذا
الحديث عن ثواب الاعمال ـ فقد ضعّفه الشيخ،
ولكن روى عنه بعض الثلاثة، وإن كان هومحمد بن
الفضل، فهو مشترك بين من وثّق ومن لم يوثّق.
وبالتالي السند لا يخلو من ضعف.

([15])
نفس المصدر ح 6 ، وأيضا باب 46 من جهاد النفس
ح 24 : 258. والسند ضعيف على الاقل بمجهولية ==
عباد بن كثير النوّا.

([16])
وسائل الشيعة 11، باب 45 من جهاد النفس ح 7 : 251.

([17])
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 1 : 252.

([18])
نفس المصدر ح 21 : 258.

([19])
نفس المصدر ح 32 : 260.

([20])
المائدة : 90.

([21])
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 2 : 253.

([22])
المدّثر: 38 ـ 48.

([23])النساء:
14.

([24])
البقرة: 81 .

([25])
الاعراف: 18.

([26])
ص: 84 ـ 85 .

([27])
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 1 : 252.

([28])
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 4 : 254.

([29])
نفس المصدر ح 6 : 254.

(*)
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 27 : 259.

وهناك روايات غير تامة سنداً
وهي:

1 ـ ما عن مسعدة بن صدقة قال: «سمعت
أبا عبداللّه عليه السلام يقول: الكبائر:
القنوط من رحمة اللّه، واليأس من رَوْحِ
اللّه، والامن من مكر اللّه، وقتل النفس التي
حرّم اللّه، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم
ظلماً، وأكل الربا بعد البيّنة، والتعرُّب
بعد الهجرة، وقذف المحصنة، والفرار بعد الزحف»
الحديث.(وسائل الشيعة، باب 46 : 256).

2 ـ ما عن أبي بصير عن أبي
عبداللّه عليه السلام قال: «سمعته يقول:
الكبائر سبعة، منها: قتل النفس متعمّداً،
والشرك باللّه العظيم، وقذف المحصنة، وأكل
الربا بعد البيّنة، والفرار من الزحف،
والتعرُّب بعدالهجرة، وعقوق الوالدين، وأكل
مال اليتيم ظلماً. قال: والتعرّب والشرك واحد»
(وسائل الشيعة،باب 46 : 256). وقوله: «سبعة،
منها» دليل عدم الحصر، وشاهد للجمع الذي
ذكرناه، إلاّ إذا افترضنا أنّ الضمير في (منها)
يرجع إلى نفس كلمة سبعة.

3 ـ ما عن أبي هريرة أنّ رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: «إجتنبوا
السبع الموبقات. قيل: وما هنّ؟قال: الشرك
باللّه، والسِّحر، وقتل النفس التي حرّم
اللّه إلاّ بالحقّ، وأكل الربا، وأكل مال
اليتيم، والتولّي يوم الزحف، وقذف
المحصنات الغافلات المؤمنات» (وسائل الشيعة،
باب 46 : 261). ويلحظ أنّ الرواية لاإشارة فيها
إلى الحصر، ولم تعبّر بالكبائر كي توحي إلى
أنـّها تفسّر الكبائر بمعناها الوارد في
الاية المباركة،وإنّما قالت: إجتنبوا السبع
الموبقات.

4 ـ ما عن أبي الصامت عن أبي
عبداللّه عليه السلام قال: «أكبر الكبائر سبع:
الشرك باللّه العظيم، =

= وقتل النفس الّتي حرّم
اللّه إلاّ بالحقّ، وأكل أموال اليتامى،
وعقوق الوالدين، وقذف المحصنات، والفرارمن
الزحف، وإنكار ما أنزل اللّه عزّوجلّ. فأمّا
الشرك باللّه العظيم، فقد بلغكم ما أنزل
اللّه فينا وما قال رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وآله فردّوه على اللّه وعلى رسوله،
وأمّا قتل النفس الحرام، فقد قُتل الحسين عليه
السلام (فقتل الحسين عليه السلام خ ل)
وأصحابه، وأمّا أموال اليتامى فقد ظُلِمنا
فيئَنا وذهبوا به، وأمّاعقوق الوالدين فإنّ
اللّه عزّوجلّ قال في كتابه: «النبيُّ أَولى
بالمُؤمِنينَ مِن أنْفُسِهم وأزواجُهُ
أُمّهاتُهم»، وهوأبٌ لهم، فعقّوه في ذرّيته
وفي قرابته، وأمّا قذف المحصنات فقد قذفوا
فاطمة عليها السلام على منابرهم، وأمّا
الفرار من الزحف، فقد أعطوا أمير المؤمنين
عليه السلام البيعة طائعين غير مكرهين، ثمّ
فرّواعنه وخذلوه، وأمّا إنكار ما أنزل اللّه
عزّوجلّ فقد أنكروا حقّنا، وجحدوا له، وهذا
ممّا لا يتعاجم فيه أحد،واللّه يقول: إنْ
تَجْتنبوا كبائِر ما تُنْهَونَ عنْهُ نكفّر
عَنكُم سيّئاتكم ونُدْخِلكمْ مُدْخَلاً
كريماً» (وسائل الشيعة11، باب 46 من جهاد النفس:
257 ـ 258) كما أن ذيل الرواية وارد في هامش
الصفحة 257. وقد يُقال: إنّ ذيله مشعر بكون
الكبائر السبع، هي نفس الكبائر الّتي جاءت
الاشارة إليها في الاية الكريمة. ولكن لا يخفى أنـّه
لا يدلّ ذيله على أكثر من أنّ الكبائر السبع
هي من جملة الكبائر المشار إليها في الاية
الكريمة، أمّاالحصر فلا، على أنّ صدر الحديث
قد عبّر بعنوان (أكبر الكبائر) لا بعنوان (الكبائر).

5 ـ ما رواه الصدوق بإسناده عن
عليّ بن حسّان عن عبدالرحمن بن كثير عن أبي
عبداللّه عليه السلام قال: «إنّ الكبائر
سبع، فينا نزلت ومنّا استُحلّت فأوّلها الشرك
باللّه، وقتل النفس الّتي حرّم اللّه، وأكل مال
اليتيم، وعقوق الوالدين، وقذف المحصنة،
والفرار من الزحف، وإنكار حقّنا. فأمّا الشرك
باللّه العظيم،فقد أنزل اللّه فينا ما أنزل،
وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فينا ما
قال، فكذّبوا اللّه، وكذّبوا رسوله،فأشركوا
باللّه وأمّا قتل النفس الّتي حرّم اللّه،
فقد قتلوا الحسين بن عليّ عليهما السلام
وأصحابه، وأمّا أكل مال اليتيم، فقد ذهبوا
بفيئنا الذي جعله اللّه عزّوجلّ لنا فأعطوه
غيرنا، وأمّا عقوق الوالدين، فقد أنزل اللّه تبارك
وتعالى في كتابه فقال عزّوجلّ: «النبيُّ أولى
بالمؤمِنين مِنْ أنفُسِهِم، وأزْواجُهُ
أُمّهاتهم»، فعقّوا رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وآله في ذرّيّته، وعقّوا أُمّهم خديجة
في ذرّيّتها، وأمّا قذف المحصنة فقد قذفوا
فاطمة عليها السلام على منابرهم، وأمّا
الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين
عليه السلام بيعتهم طائعين غير مكرهين،
ففرّوا عنه، وخذلوه، وأمّا إنكار حقّنا فهذا
ممّا لا يتنازعون فيه» (الفقيه 3 ح 1745 :366 و367)
وصدره جاء في وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد
النفس ح 22 : 258. ولعلَّ هذا أوضح من سابقه في
الدلالة على حصر الكبائر الواردة في الاية
الكريمة في السبع، ولكنّه ـ على أيّ حال ـ
قابل للتوجيه بالحمل على كون السبع أكبر
الكبائر.

وعلى أيّ حال فالسند ساقط
أوّلاً: بعبد الرحمن بن كثير، وثانياً: بعليّ
بن حسّان، وعليّ بن حسّان مشترك بين
الواسطي الثقة والهاشميّ، والتعبير بعليّ بن
حسّان إنّما هو في وسائل الشيعة، أمّا في
الفقيه،فقد جاءهكذا: (روى عليّ بن حسّان
الواسطيّ عن عمّه عبدالرحمن بن كثير)، ومن هنا
قد يتراءى أنّ عليّ بن حسّان في المقام هو
الثقة، وقال أيضاً الصدوق في مشيخة الفقيه: «وما
كان فيه عن عليّ بن حسّان، فقدرويته عن محمد
بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن
الصفار عن عليّ بن حسّان الواسطيّ»وقال أيضاً
رحمه اللّه في مشيخة الفقيه: «وما كان فيه عن
عبدالرحمن بن كثير الهاشميّ، فقد رويته عن محمد
بن الحسن، رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن
الصفّار عن علي بن حسّان الواسطيّ عن عمّه عبدالرحمن
بن كثير الهاشميّ» إلاّ أنّ الخطأ الواقع في
كلام الصدوق رحمه اللّه انّه فرض عبدالرحمن
بن == كثير الهاشميّ عمّاً لعليّ بن حسّان
الواسطيّ، بينما هو عمّ لعليّ بن حسّان
الهاشميّ، فلا ندري هل كان خطؤه في فرض هذا
عمّاً لذاك، أو كان خطؤه في تخيّل أنّ عليّ بن
حسّان الهاشميّ الذي هو ابن أخي عبدالرحمن
يلقّب بالواسطيّ، وأنّ عليّ بن حسّان
الواسطيّ ليس إنساناً آخر، فبالتالي نبقى
مردّدين في المقام بين كون عليّ بن حسّان هو
الواسطيّ أو الهاشميّ، وبالتالي لا تثبت
وثاقته.

6 ـ ما عن عبيد بن زرارة ـ بسند
غير تامّ ـ قال: «قلت لابي عبداللّه عليه
السلام: أخبرني عن الكبائر،فقال: هنّ خمس،
وهنّ ممّا أوجب اللّه عليهنّ النار; قال اللّه
تعالى: «إنّ اللّه لا يَغْفِر أنْ يُشْرَكَ
بِه» النساء:48.وقال: «إنّ الّذين يأكُلون
أمْوالَ اليتامى ظُلماً إنّما يأكُلون في
بطونِهم ناراً، وسيَصْلَوْنَ سَعيراً»
النساء:10.وقال: «يا أيّها الّذين أمنوا إذا
لَقيتم الّذين كَفَروا زَحْفاً فلا تُولّوهم
الادبار» الانفال: 15. إلى آخر الاية، وقال عزّوجلّ:
«يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذَروا
ما بَقِيَ مِن الرّبا» البقرة: 278. إلى آخر
الاية، ورمي المحصنات الغافلات المؤمنات،
وقتل مؤمن متعمّداً على دينه» وسائل الشيعة11،
باب46 من جهاد النفس ح 28 : 259.ولعلّ قوله: «وهنّ
ممّا أوجب اللّه عليهنّ النّار» يؤيّد حملنا
لهذه الروايات على بيان أكبر الكبائر، فإنّ افتراض
كون عنوان ما أوجب اللّه عليه النّار أوسع من
الخمس في الوقت الذي يراد فرض الخمس هي المكفِّرات
ـ بالكسر ـ وما عداها مكفَّرات ـ بالفتح ـ غير
عرفيّ.

7 ـ ما مضى في عداد أحاديث تعريف
الكبيرة بما أوعد اللّه عليه النّار من حديث
أحمد بن عمرالحلبي قال: سألت أبا عبداللّه
عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ: «إن
تَجْتَنبوا كَبائِر ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ
نكفّرعَنكُمْ سيّئاتِكُم» قال:

«من اجتنب ما أوعد اللّه عليه
النار إذا كان مؤمناً، كفّر عنه سيّئاته،
وأدخله مدخلاً كريماً، والكبائرالسبع
الموجبات: قتل النفس الحرام، وعقوق الوالدين،
وأكل الربا، والتعرّب بعد الهجرة، وقذف
المحصنة،وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف».
(وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 32 : 260).
وهذاالحديث من الشواهد على الجمع الذي ذكرناه
بين الروايات لانّ صدره مشتمل على تعريف
الكبائر بماأوعد اللّه عليها النار، وذيله
مشتمل على تعداد الكبائر السبع الموجبات وسند
الحديث غير تامّ.

8 ـ المرسل المنقول عن كنز
الفوائد، قال عليه السلام: «الكبائر تسع،
أعظمهنّ الاشراك باللّه عزّوجلّ، وقتل
النفس المؤمنة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم،
وقذف المحصنات، والفرار من الزحف،وعقوق
الوالدين، واستحلال البيت الحرام، والسحر،
فمن لَقِيَ اللّه عزّوجلّ وهو بريء منهنّ كان
معي في جنّة مصاريعها الذهب». ورواه
الطبرسيّ في مجمع البيان مرسلاً، إلاّ أنـّه
قال: «سبع وترك الاخيرتين»وسائل الشيعة 11،
باب 46 من جهاد النفس ح 37 : 263. وقوله: «فمن
لَقِيَ اللّه ـ إلخ ـ» قد يكون قرينة على أنّ
الكبائر في هذا الحديث هي الكبائر الواردة في
قوله تعالى: «إن تَجْتَنبوا كَبائِرَ ما
تُنْهَوْنَ عنْهُ * نُكفّرعَنْكُم
سيّئاتِكُم»; إذ فرض أنّ اجتناب هذه التسع، أو
السبع يستوجب كون تاركها مع المعصوم عليه
السلام في جنّة مصاريعها الذهب، إلاّ أنّ
الحديث مرسل لا قيمة له سنداً.

9 ـ ما عن محمد بن مسلم ـ بسند غير
تامّ ـ عن أبي عبداللّه عليه السلام قال: «قلت
له: ما لنا نشهدعلى من خالفنا بالكفر. وما لنا
لا نشهد لانفسنا، ولاصحابنا أنـّهم في
الجنّة؟ فقال: من ضعفكم أن لم يكن فيكم شيء
من الكبائر، فاشهدوا أنـّكم في الجنة. قلت:
فأيّ شيء الكبائر؟ قال: أكبر الكبائر الشرك باللّه،
وعقوق الوالدين، والتعرّب بعد الهجرة، وقذف
المحصنة، والفرار من الزحف، وأكل مال
اليتيم،ظُلماً، والربا بعد البيّنة، وقتل
المؤمن. فقلت له: الزنا والسرقة. فقال: ليسا من
ذلك» وسائل الشيعة 11، == باب 46 من
جهاد النفس ح 35 : 261 و262. فقوله: «إن لم يكن فيكم
شيء من الكبائر فاشهدوا أنـّكم في الجنّة»
يشهد لكون المقصود هي الكبائر الّتي من تركها
كُفِّرت عنه سيّئاته، لكن حينما يأتي إلى
التعداديقول: «أكبر الكبائر كذا وكذا»، ولا
يقول: «الكبائر كذا وكذا»، ثمّ يصرّح بأنّ
الزنا والسرقة ليسا منها، بينما لاشكّ
فقهيّاًفي دخولهما في الكبائر بمعنى الذنوب
المكفِّرة ـ بالكسر ـ ، أو بمعنى ما يخلّ
بالعدالة.

([31])
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 18 : 258.

([32])
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 2 : 252.

([33])
نفس المصدر ح 33 : 260.

([34])
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 36 : 262.

([35])
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس ح 1 : 252.

([36])
يبدو من بعض الروايات أنّ معنى الاصرار ليس هو
التكرار، بل معناه عدم الندم، أو عدم حديث
النفس بالتوبة، وإن كانت تلك الروايات غير
واردة في الصغيرة، وما شاهدت من ذلك روايتان:

1 ـ ما جاء في رواية محمد بن أبي
عمير عن موسى بن جعفر عليه السلام من قوله: «يا
أبا محمد، مامن أحد يرتكب كبيرة من المعاصي
وهو يعلم أنـّه سيعاقب عليها إلاّ ندم على ما
ارتكب، ومتى ندم كان تائباً مستحقّاً
للشفاعة، ومتى لم يندم عليها كان مصرّاً،
والمصرّ لا يغفر لهُ، لانـّه غير مؤمن بعقوبة
ماارتكب، ولو كان مؤمناً بالعقوبة لندم... إلخ»
وسائل الشيعة 11، باب 48 من جهاد النفس، ح 4 : 268.

2 ـ ما عن جابر عن أبي جعفر عليه
السلام في قول اللّه عزّوجلّ: «ولم يصرّوا على
ما فعلوا وهم يعلمون»، قال: «الاصرار أن
يذنب الذنب فلا يستغفر اللّه ولا يحدّث نفسه
بالتوبة، فذلك الاصرار». وسندالحديث كما يلي:
الكليني عن أبي علي الاشعري عن محمد بن سالم
عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن
أبي جعفر عليه السلام، والسند ضعيف بعمرو بن
شمر على الاقلّ.

هذا والظاهر أنّ التفسير الاول
ـ أي الوارد في الحديث الاول ـ لا يمكن تسريته
إلى باب الصغيرة، لانّ الاصرار لو كان
بمعنى عدم التوبة فالصغيرة بلا إصرار مغفورة
بالتوبة سواء اجتنب الكبائر أو لا، فما معنى قوله:
«إن تَجْتَنِبوا كَبائِر ما تُنْهَوْنَ عنه
نكفّر عَنْكُم سيّئاتكُم»، فالظاهر أنّ
المقصود بالاصرار إمّا هو التكرارالكثير، أو
الاصرار النفسي، والاصرار النفسي هو الذي
أُشير إليه في الحديث الثاني وهو المفهوم
عرفاً من كلمة الاصرار، فالاصرار حالة
نفسية بمعنى كون الانسان مرتكباً للذنب لا
كصدفة عابرة على النفس بل بإقبال نفسيّ
ثابت.

([37])
وسائل الشيعة 11، باب 48 من جهاد النفس، ح 3 : 268.

([38])
وسائل الشيعة 11، باب 47 من جهاد النفس، ح 11 : 266.

([39])
لان الصدوق رواه عن أحمد بن زياد بن جعفر
الهمداني عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن محمد
بن أبي عمير، ومن قبل الهمداني لا إشكال
فيهم، وأمّا الهمداني فهو وإن لم يرد في كتب
الرجال توثيقه، لكن يكفي في توثيقه ما ذكره
الصدوق رحمه اللّه في كتاب (كمال الدين وتمام
النعمة) من قوله بعد ذكرحديث: «لم أسمع هذا
الحديث إلاّ من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني
رضي اللّه عنه بهمدان عندمنصرفي من حجّ بيت
اللّه الحرام، وكان رجلاً ثقة ديّناً فاضلاً
رحمة اللّه عليه ورضوانه». كمال الدين وتمام النعمة،
آخر باب ما روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر في
النصّ على القائم: 369، بحسب طبعة دار ==
الكتب الاسلامية بطهران.

([40])
وسائل الشيعة 11، باب 46 من جهاد النفس، ح 33 : 261.

([41])
نفس المصدر، باب 43 من جهاد النفس، ح 8 : 246.

([42])
نفس المصدر، باب 48 من جهاد النفس، ح 1 : 268.

([43])
لسان العرب 12 : 549 وما بعدها.

([44])
نوّل: أي أعطى شيئاً يسيراً.

([45])
راجع: أُصول الكافي 2 : 441 و442.


/ 1