دراسات
التكافل الجتماعي و النشاط الاقتصادي
العام في مدرسة اهل البيت (ع)
* السيد محمد باقر الحكيم( العراق )
التكافل الاجتماعي الخاص:
يعتبر التكافل الاجتماعي وتحمل الفردمسؤولية خاصة تجاه بقية المسلمين ، في
القضايا المالية المرتبطة بحياة الافراد
ومعيشتهم ، من المبادئ التي دعا إليها
الاسلام بشكل عام . كما دلّ على ذلك الكثير من
النصوص التي سوف نشير إلى بعضها قريباً .
منها ما رواه الكليني في الكافي بطريق
معتبر عن أبي عبد اللّه الصادق(عليه السلام)قال
: « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا
يخونه . ويحق على المسلمين الاجتهاد في
التواصل والتعاقد على التعاطف ، والمواساة
لاهل الحاجة ، وتعاطف بعضهم على بعض ، حتى
تكونوا كما أمركم اللّه عزّ وجلّ ، رحماء
بينكم متراحمين مغتمّين لما غاب عنكم من
أمرهم على ما مضى عليه معشر الانصار على عهد
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) »([1])
.
وأما في مجال الجماعة الصالحة فيمكن
أن نلاحظ أن أئمة أهل البيت(عليهم السلام)قد
أكّدوا هذا المفهوم والمبدأ بشكل خاص ،
واعتبروه مسؤولية خطيرة يتحملها القادرون من
أبناء الجماعة تجاه إخوانهم الاخرين .
ويمكن مشاهدة ذلك بوضوح ـ على مستوى
النصوص والاحاديث الواردة عنهم على الاقل ـ
في مجالين رئيسين :
أ ـ الصدقات العامة :
فقد ورد في الصدقات العامة نصوصوروايات تؤكد أهميتها والاثار المترتبة
عليها بشكل عام ، والمهم في هذه الروايات
بالخصوص ما ورد منها في بيان وجود واجب مالي
آخر عام غير الزكاة; مثل الاية الواردة في
وجوب دفع مقدار من أموال الغلاّت عند حصادها
قبل خرجها غير النسبة المئوية المرتبطة
بالزكاة، وهي قوله تعالى : (وآتوا حقه يوم
حصاده) مما أدى ببعض العلماء كالشيخ الطوسي
وغيره إلى الافتاء بوجوب هذا الدفع([2])
.
فقد روى الكليني في الكافي بطريق
معتبر عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير عن
أبي جعفر(عليه السلام) في قول اللّه عزّ وجلّ :
(وآتوا حقّه يوم حصاده) . قالوا جميعاً : «
قال أبو جعفر(عليه السلام) : هذا من الصدقة ،
يُعطى المسلمون القبضة بعد القبضة ومن الجداد
الحفنة بعد الحفنة حتى يفرغ ... »([3])
.
وكذلك الروايات التي وردت في تفسير
قوله تعالى : (وفي أموالهم حق معلوم *
للسائل والمحروم) والتي تؤكد أن هذا الحق واجب
مالي غير الزكاة يتسم بالمرونة، ويترك تعيينه
إلى صاحب المال يخرجه حسب وقت ومقدار معلومين
يشخصه صاحب المال نفسه . وردت في ذلك عدة نصوص
، منها ما رواه الكليني في الكافي بطريق معتبر
عن القاسم بن عبد الرحمان الانصاري قال : «سمعت
أبا جعفر(عليه السلام) يقول : إن رجلاً جاء إلى
أبي علي بن الحسين(عليهما السلام) فقال له :
أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ : (وفي أموالهم
حق معلوم * للسائل والمحروم) ما هذا الحق
المعلوم ؟ فقال له علي بن الحسين(عليهما
السلام) : الحق المعلوم الشيء يخرجه من ماله
ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضتين . قال
: فإذا لم يكن من الزكاة ولا من الصدقة فما هو ؟
فقال : هو الشيء يخرجه الرجل من ماله إن شاء
أكثر وإن شاء أقل على قدر ما يملك ، فقال له
الرجل : فما يصنع به ؟ فقال : يصل به رحماً ،
ويقوي به ضعيفاً ، ويحمل به كلاًّ ، أو يصل به
أخاً له في اللّه ، أو لنائبة تنوبه ، فقال
الرجل : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته »([4])
.
ولكن الفقهاء لم يفتوا بوجوب هذين
الامرين بالرغم من دلالة الروايات الصحيحة
المعتبرة على الثاني([5])
، وذلك بافتراض وجود المعارض لها ، الامر الذي
يصرفها إلى الاستحباب ، أو بالاضافة إلى ذلك
وجود الاجماع على الفتوى بعدم هذا الوجوب في
جميع الادوار ، باستثناء فتوى الشيخ الطوسي
بالوجوب بالنسبة إلى الاول في أحد أقواله .
ولذا يمكن تفسير هذه الظاهرة في
النصوص الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام)بأحد
أمرين :
الاول : هو التأكيد على استحباب هذا
النوع من الانفاق لتحقيق مبدأ التكافل
الاجتماعي بالقدر الممكن ، وبالشكل الذي
يتناسب مع الظروف المعاشة لكل فرد من أبناء
المجتمع الاسلامي .
الثاني : أن هذا الوجوب هو وجوب ولائي
أكده أئمة أهل البيت(عليهم السلام)تشخيصاً
لطبيعة الواجبات الاجتماعية التي لم يكن بدّ
لافراد المجتمع المعاصر من الالتزام بها ،
فهو ليس وجوباً ثابتاً في أصل الشريعة ، بل
واجب يضعه ولي الامر ضمن الصلاحيات
والمسؤوليات العامة التي يتحملها ، والمصالح
التي يشخصها لتحقيق الضمان الاجتماعي
للفقراء .
وعلى كلا الاحتمالين نجد أهل البيت(عليهم
السلام) قد اهتموا في بناء الجماعة الصالحة
بموضوع التكافل لاجتماعي ، لكونه أحد الاُسس
في تحقيق الوضع الاقتصادي الامثل .
ب : حقوق الاخوان
حيث نشاهد أن أئمة أهل البيت يؤكدونتأكيداً بالغاً على وجود مجموعة من الحقوق
والواجبات ، التي يتحملها الانسان المؤمن من
أعضاء الجماعة الصالحة تجاه إخوانه المؤمنين;
ومن جملة هذه الحقوق حق مساعدته مالياً
والانفاق عليه وسد حاجاته .
وقد جاء هذا التأكيد في عدة اساليب
وأشكال من التوجيهات :
الاول : بيان أن هذا من الواجبات
الحقيقية الواقعية التي يجب أن يتحملها
الانسان المؤمن ضمن الواجبات والحقوق الاخرى
.
ففي حديث معتبر رواه الكليني في
الكافي عن سماعة قال : «سألت أبا عبد اللّه(عليه
السلام) قلت : قوم عندهم فضول وبإخوانهم حاجة
شديدة وليس تسعهم الزكاة ، أيسعهم أن يشبعوا
ويجوع إخوانهم فإن الزمان شديد؟ فقال(عليه
السلام) : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا
يخذله ولا يحرمه ، فيحق على المسلمين
الاجتهاد فيه والتواصل والتعاون عليه ،
والمواساة لاهل الحاجة ، والعطف منكم ،
تكونون على ما أمر اللّه فيهم رحماء بينكم
متراحمين »([6])
.
وفي حديث آخر رواه الكليني أيضاً في
الكافي عن فرات بن أحنف عن ابي عبد اللّه(عليه
السلام) قال : « أيما مؤمن منع مؤمناً شيئاً
مما يحتاج إليه وهو يقدر عليه من عنده أو من
عند غيره ، أقامه اللّه يوم القيامة مسودّاً
وجهه ، مزرقة عيناه ، مغلولة يداه إلى عنقه ،
فيقال : هذا الخائن الذي خان اللّه ورسوله ، ثم
يؤمر به إلى النار »([7]).
ويبدو من خلال هذين الحديثين ثبوت هذا
الواجب في الدائرة الخاصة المباشرة للاشخاص
الموسرين القادرين ، وذلك عندما تكون الحاجة
شديدة .
ولعل هذا الاجراء الواجب إنما هو فيما
إذا لم تسمح الظروف للدولة والمجتمع الاسلامي
بضمانه هؤلاء الفقراء المحتاجين بطريقة
اُخرى .
الثاني : أن هذا الواجب وإن كان ثابتاً
في نفس الامر والواقع ، إلاّ أنه من الواجبات
التي يصعب التكليف بها بشكل عام وشامل ، خوفاً
من الارتداد وعدم تحملها من قبل أبناء
الجماعة ، الامر الذي يعني أنها من الواجبات
الخاصة التي يجب الالتزام بها لاحكام البناء
التنظيمي للجماعة ، وتقوية العلاقات العامة
بينها ، وتصعيد درجة الشعور بالمسؤولية تجاه
هذا الموضوع بشكل عام ولو على مستوى
الاستحباب ، ويكون واجباً في موارد الحاجات
الشديدة كما اُشير إليه في النقطة الاولى .
عن مفضل بن يزيد قال : قال أبو عبد
اللّه(عليه السلام) : «انظر ما أصبت فعد به على
إخوانك ، فإن اللّه يقول : (إن الحسنات يذهبن
السيئات)».
وقال ابو عبداللّه(عليه السلام) : «قال
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : ثلاثة لا
تطيقها هذه الامة : المواساة للاخ في ماله ،
وإنصاف الناس من نفسه ، وذكر اللّه على كل حال
، وليس هو سبحان اللّه والحمد لله ولا إله
إلاّ اللّه واللّه أكبر فقط ، ولكن إذا ورد
على ما يحرم خاف اللّه »([8])
.
الثالث : بيان أن القيام بهذا النوع من
الواجبات يمثل صفة أخلاقية تكاملية في شخصية
الانسان المؤمن ، بحيث يصبح بدونها فاقداً
للخصوصيات المطلوبة في المؤمن الحقيقي الذي
هو هدف بناء الجماعة الصالحة .([9])
عن أبان بن تغلب قال : «كنت أطوف مع أبي
عبد اللّه(عليه السلام) ، فعرض لي رجل من
أصحابنا كان سألني الذهاب معه في حاجته ،
فأشار إليّ فرآه أبو عبد اللّه(عليه السلام)فقال
: يا أبان ، إياك يريد هذا ؟ قلت : نعم . قال : هو
على مثل ما أنت عليه ؟ قلت : نعم . قال : فاذهب
إليه واقطع الطواف . قلت : وإن كان طواف
الفريضة ؟ . قال : نعم . قال : فذهبت معه ، ثم
دخلت عليه بعد فسألته عن حق المؤمن فقال : دعه
لا ترده ، فلم أزل أردّ عليه . قال : يا ابان
تقاسمه شطر مالك ، ثم نظر إليّ فرأى ما دخلني
فقال : يا أبان ، أما تعلم أن اللّه قد ذكر
المؤثرين على أنفسهم ؟ . قلت : بلى . قال : إذا
أنت قاسمته فلم تؤثره*، إنما تؤثره إذا أنت
أعطيته من النصف الاخر »([10])
.
وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) : قال :
« ستّ خصال من كنّ فيه كان بين يدي اللّه وعن
يمينه : إن اللّه يحب المرء المسلم الذي يحب
لاخيه ما يحب لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه ،
ويناصحه الولاية ، ويعرف فضلي ويطأ عقبي
وينظر عاقبتي »([11])
.
وكما ذكرنا في المجال الاول لم يعرف عن
الفقهاء([12])
أنهم أفتوا بوجوب هذا النوع من الانفاق،
بالرغم من وجود عدد مناسب من الروايات
والنصوص، وإنما حملوا كل هذه النصوص على
الاستحباب المؤكّد . ولعل السبب في ذلك هو ما
أشرنا إليه في تفسير الظاهرة السابقة ، من
وجود الاستحباب المؤكد البالغ لتحقيق مبدأ
التكافل، أو أنه إجراء تنفيذي ولائي اتخذه
أهل البيت(عليهم السلام)تطبيقاً لمبدأ
التكافل الواجب بالاصل، حيث تركت صلاحية
المصاديق والتطبيق لولي الامر.
الثالثة: النشاط الاقتصادي العام
وسياسة اهل البيت(عليهم السلام) تجاهه:
يمثل النشاط الاقتصادي العامللجماعة، والقدرة المالية والدخل العام لها
قضية من أهم القضايا التي ترتكز عليها قدرة
الجماعة، وإمكانياتها في الحركة وحمايتها من
الاخطار والافات، وصمودها أمام المشكلات
والضغوط. ولا يمكن لاي جماعة أن تتكامل وتستمر
في الحياة بدون أن تأخذ هذا الموضوع بنظر
الاهمية والاعتبار.
وقد أشرنا سابقاً إلى أن الاسلام قد
اهتم بالجانب الاقتصادي من هذا المنطلق، وأن
الامكانيات المالية الكبيرة للسيدة خديجة
الكبرى سلام اللّه عليها، كان لها دور عظيم في
تمكّن المسلمين من تجاوز المحن، والحصار الذي
واجهوه في بداية الدعوة الاسلامية.
الاعتماد على اللّه والنفس في
المعيشة :
وتجسيداً لهذا الاهتمام وضع أهل البيت(عليهمالسلام) مبدأً عاماً لاتباعهم، واهتموا
بتربيتهم عليه وترسيخه في ثقافتهم وأوضاعهم
الاجتماعية، وهو مبدأ العمل وبذل الجهد في
طلب الرزق من أجل توفير المستلزمات
الاقتصادية للمعيشة، وعدم جواز الاتكال على
الاخرين في سد الاحتياجات المالية، واعتبروا
العمل في هذا السبيل من الاعمال المقدسة
اللازمة والمقربة إلى اللّه تعالى.
عن عمر بن يزيد قال: «قلت لابي عبد
اللّه(عليه السلام): رجل قال : لاقعدنّ في بيتي
ولاُصلينّ ولاصومنّ ولاعبدنّ ربي، فأما رزقي
فسيأتيني ، فقال أبو عبد اللّه(عليه السلام):
هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم»([13]).
وعن أيوب أخي اُديم بيّاع الهروي قال:
«كنا جلوساً عند أبي عبد اللّه(عليه السلام)
إذ أقبل العلاء بن كامل، فجلس قدّام أبي عبد
اللّه(عليه السلام) فقال: اُدع اللّه أن
يرزقني في دعة، فقال: لا أدعو لك. اطلب كما
امرك اللّه عزّ وجلّ»([14]).
وعن الحلبي عن أبي عبد اللّه(عليه
السلام) قال: «الكادّ على عياله كالمجاهد في
سبيل اللّه»([15]).
وعن محمد بن مروان عن أبي عبد اللّه(عليه
السلام) قال: «إن في حكمة آل داود : ينبغي
للمسلم العاقل أن لا يُرى ظاعناً إلاّ في ثلاث
: مرمّة لمعاش ، أو تزوّد لمعاد ، أو لذّة في
غير ذات محرم ، وينبغي للمسلم العاقل أن يكون
له ساعة يفضي بها إلى عمله فيما بينه وبين
اللّه عزّ وجلّ ، وساعة يلاقي إخوانه الذين
يفاوضهم ويفاوضونه في أمر آخرته ، وساعة
يخلّي بين نفسه ولذّاتها في غير محرّم ، فإنها
عون على تلك الساعتين»([16]).
كما أنهم(عليهم السلام) ضربوا أروع
الامثلة في تأكيد وتوضيح هذا المبدأ ليكونوا
قدوة لاتباعهم في هذا المجال:
عن عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي عبد
اللّه(عليه السلام) قال : «إن محمد بن المنكدر
كان يقول : ما كنت أرى أن علي بن الحسين(عليهما
السلام) يدع خلفاً أفضل منه ، حتى رأيت ابنه
محمد بن علي(عليهما السلام) فأردت أن أعظه
فوعظني ، فقال له أصحابه : بأي شيء وعظك؟. قال:
خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة،
فلقيني أبو جعفر محمد بن علي، وكان رجلاً
بادناً ثقيلاً وهو متّكئ على غلامين أسودين
أو موليين، فقلت في نفسي: سبحان اللّه! شيخ من
أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في
طلب الدنيا؟ أما لاعظنّه، فدنوت منه فسلّمت
عليه ، فردّ علي السلام ... وهو يتصابّ عرقاً،
فقلت: أصلحك اللّه، شيخ من أشياخ قريش في هذه
الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا؟ أرأيت لو
جاء أجلك وأنت على هذه الحال ماكنت تصنع؟ فقال:
لو جاءني أجلي وأنا على هذه الحال جاءني وأنا
في ]طاعة من[ طاعة اللّه عزوجل ، أكفّ بها نفسي
وعيالي عنك وعن الناس ، وإنما كنت أخاف لو
جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي اللّه،
فقلت: صدقت يرحمك اللّه، أردت أن أعظك فوعظتني»([17]).
وعن محمد بن عذافر عن أبيه قال : «أعطى
أبو عبد اللّه(عليه السلام) أبي ألفاً وسبعمئة
دينار، فقال له: اتّجر بها، ثم قال: أما إنه
ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوباً
فيه ، ولكني أحببت أن يراني اللّه جلّ وعز
متعرّضاً لفوائده. قال : فربحت له فيها مئة
دينار ، ثم لقيته فقلت له: قد ربحت لك فيها
مائة دينار. قال: ففرح أبو عبداللّه(عليه
السلام) بذلك فرحاً شديداً فقال لي: أثبتها في
رأس مالي. قال : فمات أبي والمال عنده، فأرسل
إليّ أبو عبد لله(عليه السلام) فكتب: عافانا
اللّه وإياك. إن لي عند أبي محمد ألفاً
وثمانمئة دينار أعطيته يتّجر بها، فادفعها
إلى عمر بن يزيد: قال : فنظرت في كتاب أبي فإذا
فيه : لابي موسى عندي ألف وسبعمئة دينار
واتّجر له فيها مائة دينار ، عبد اللّه بن
سنان وعمر بن يزيد يعرفانه»([18]).
وقد وضع أئمه أهل البيت(عليهم السلام)
مجموعة من الضوابط والاُصول تشكل الرؤية
العامة لديهم في هذا المجال الاقتصادي المهم:
الاول : التصدي لطلب الرزق وبذل الجهد
والابلاء فيه دون كسل أو ضجر، وذلك بتوفير
الوسيلة لذلك والتهيّؤ له.
عن سدير قال: «قلت لابي عبد اللّه(عليه
السلام) أي شيء على الرجل في طلب الرزق؟ فقال:
إذا فتحت بابك وبسطت بساطك فقد قضيت ما عليك»([19]).([20])
وعن الطيار قال : «قال لي أبو جعفر(عليه
السلام): أي شيء تعالج ؟ أي شيء تصنع؟ فقلت: ما
أنا في شيء. قال: فخذ بيتاً واكنس فناه* ورشّه
وابسط فيه بساطاً ، فإذا فعلت ذلك فقد قضيت ما
وجب عليك. قال : فقدمت ففعلت فرزقت»([21])
.
وعن ابن القدّاح عن أبي عبد اللّه(عليه
السلام) قال : « عدوّ العمل الكسل »([22])
.
وعن أبي الحسن موسى(عليه السلام) قال :
«قال أبي(عليه السلام) لبعض ولده: إياك والكسل
والضجر فإنهما يمنعانك من حظّك من الدنيا
والاخرة»([23])
.
الثاني : الالتزام بأن يكون طلب الرزق
عن طريق الحلال ، حيث إن اللّه تعالى عندما
أخذ على الانسان أن يطلب رزقه ضمن له رزقه
بحدود معيّنة لابد من تحققها (وفي السماء
رزقكم وما توعدون)([24])
.
وقد أكد أهل البيت(عليهم السلام) على
ضرورة المحافظة على الموازنة في هذا الطلب
بين وجوبه وما قدر اللّه تعالى له ، وبذلك
فلابد للانسان أن يجمل في هذا الطلب ويلتزم
بالضوابط الاسلامية والقواعد العامة دون
تجاوز أو تعدّ .
عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر(عليه
السلام) قال : « قال رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) في حجه الوداع : ألا إن الروح الامين نفث
في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها،
فاتقوا اللّه عزوجل ، وأجملوا في الطلب ، ولا
يحملنّكم استبطاء شيء من الرزق أن تطلبوه
بشيء من معصية اللّه ، فإن اللّه تبارك وتعالى
قسّم الارزاق بين خلقه حلالاً ولم يقسّمها
حراماً ، فمن اتّقى اللّه عزّ وجلّ وصبر أتاه
اللّه برزقه من حلّه ، ومن هتك حجاب الستر
وعجّل فأخذه من غير حلّه قصّ به من رزقه
الحلال وحوسب عليه يومالقيامة »([25])
.
وعن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن
أبي جعفر(عليه السلام) قال : « ليس من نفس إلاّ
وقد فرض اللّه عزّ وجلّ لها رزقها حلالاً
يأتيها في عافية ، وعرض لها بالحرام من وجهآخر ، فإن هي تناولت شيئاً من الحرام قاصّها
به من الحلال الذي فرض لها ، وعند اللّه
سواهما فضل كثير ، وهو قوله عزّ وجلّ : (واسألوا
اللهَ من فضلهِ) »([26]).
الثالث : الاهتمام بإصلاح أمواله وحفظ
الموازنة في الانفاق بين الاسراف والتقتير ،
ورعاية الاموال ومداراتها والمباشرة بنفسه
في إدارتها ، خصوصاً الامور المهمة والكبيرة .
عن ثعلبة وغيره عن رجل عن أبي عبد
اللّه(عليه السلام) قال : « إصلاح المال منالايمان »([27])
.
وعن داود بن سرحان قال : «رأيت أبا عبد
اللّه(عليه السلام) يكيل تمراً بيده، فقلت:
جعلت فداك . لو أمرت بعض ولدك أو بعض مواليك
فيكفيك، فقال : يا داود ، إنه لا يصلح المرء
المسلم إلاّ ثلاثة : التفقّه في الدين ،
والصبر على النائبة ، وحسن التقدير في
المعيشة»([28]).
وعن يونس عن رجل عن أبي عبد اللّه(عليه
السلام) أنه قال: « باشر كبار أمورك بنفسك،
وكِلْ ما شفّ إلى غيرك. قلت: ضرب أي شيء؟. قال:
ضرب أشرية العقار وما أشبهها»([29]).
الرابع : الالتزام بسياسة الادّخار ،
مثل أن يحرز الانسان مؤنة سنته، وبذلك يحقق
الانسان الغنى الشرعي والاستغناء عما في أيدي
الناس.
عن الحسن بن الجهم قال : «سمعت الرضا(عليه
السلام) يقول: إن الانسان إذا أدخل طعام سنته
خفّ ظهره واستراح . وكان أبو جعفر وأبو عبد
اللّه(عليهما السلام) لا يشتريان عقدة حتى
يحرزا طعام سنتهما»([30]).
وعن ابن بكير عن ابي الحسن(عليه السلام)
قال : «قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : إن
النفس إذا أحرزت قوتها استقرت»([31]).
الخامس : ترجيح تصدّي الانسان للاعمال
بشكل مستقل، بحيث تكون فوائد عمله له لا لغيره.
عن المفضّل بن عمر قال : سمعت أبا عبد
اللّه(عليه السلام) يقول : « من آجر نفسه فقد
حظر على نفسه الرزق » وفي رواية اُخرى : «كيف
لا يحظره وما أصاب فيه فهو لربّه الذي آجره»([32]).
وعن عمار الساباطي قال : «قلت لابي عبد
اللّه(عليه السلام) : الرجل يتّجر فإن هو آجر
نفسه أعطى ما يصيب في تجارته، فقال : لا يؤاجر
نفسه ولكن يسترزق اللّه عزّ وجلّ ويتّجر، فإن
آجر نفسه حظر على نفسه الرزق»([33]).
السادس : سياسة توزيع الاموال على عدة
محاور اقتصادية ، وعدم جمعها في محور واحد .
عن معمر بن خلاّد قال : «سمعت أبا الحسن(عليه
السلام) يقول : إن رجلاً أتى جعفراً صلوات
اللّه عليه شبيهاً بالمستنصح له فقال له : يا
أبا عبد اللّه ، كيف صرت اتخذت الاموال قطعاً
متفرقة؟ ولو كانت في موضع ]واحد[ كانت أيسر
لمؤونتها وأعظم لمنفعتها، فقال أبو عبد اللّه(عليه
السلام) : اتّخذتها متفرقة فإن أصاب هذا المال
شيء سلم هذا المال ، والصرّة تجمع بهذا كله »([34])
.
السابع : عدم ادخار المال أو كنزه
وتحويله إلى مجرّد نقود أو ذهب وفضة، بل
الافضل هو تحريك الاموال في السوق ، أو
تحويلها إلى عقارات سكنية أو زراعية أو
تجارية .
عن زرارة قال: «سمعت أبا عبد اللّه(عليه
السلام) يقول: ما يخلّف الرجل شيئاً أشدّ عليه
من المال الصامت. قلت : كيف يصنع به ؟ قال:
يجعله في الحائط ، يعني في البستان أو الدار»([35]).
ومن خلال هذه الضوابط والاهتمامات
تتكون لدينا صورة عامة عن المنهج العام ، الذي
وضعه أهل البيت(عليهم السلام) لاتباعهم في
ممارسة النشاط الاقتصادي العام .
توجيه النشاط الاقتصادي
ولكـن أهل البيت(عليه السلام) لميكـتفوا بهذا القدر مـن التوجيه العام، وإنما
اهتمـوا ـ بالاضافة إلى ذلك ـ بتوجيه النشاط
الاقتصادي للجماعة الصالحة ، واخذوا بنظر
الاعتبار مجمل الظروف الاجتماعية والسياسية
، والاوضاع الاقتصادية التي يعيشها المجتمع
الاسلامي بشكل عام ، والجماعة الصالحة بشكل
خاص .
وفي نظرة عامة لمجمل النشاط الاقتصادي
الذي كان يعيشه المجتمع الاسلامي، أو الاعمال
التي كانت تدرّ أموالاً على الافراد نجد
الاُمور التالية :
أ ـ الزراعة بمعناها العام ، سواء كانت
على مستوى زراعة أراضي الدولة المحياة (الاراضي
الخراجية) ، أو إحياء الاراضي الموات ، أو
الدخول في عقد المزارعة ، أو توفير المياه
الزراعية كحفر الابار والقنوات .
ب ـ تربية الحيوانات ، سواء كانت عن
طريق الرعي والسوم ، أو عن طريق العلف
واقتنائها في البيوت .
ج ـ التجارة وتسهيل عملية التبادل
والتوزيع العام ، سواء كان ذلك في داخل المدن
، أو عن طريق نقل البضاعة إلى المناطق الاُخرى
.
د ـ الصناعات اليدوية كالحياكة
والسراجة والحدادة والعمارة (البناء) وغيرها .
هـ ـ النشاط الانتاجي في مجال حيازة
الثروات الطبيعية ، مثل الصيد البري والبحري
، واستخراج المعادن والغوص .
و ـ الحرف والمهن مثل الخياطة
والصياغة والدباغة والحجامة والطبابة وغيرها
.
ز ـ الوظائف الادارية كالكتابة
والعرافة والشرطة والجيش والجباية والعمالة
والامارة وغيرها .
وتختلف هذه الانشطة الاقتصادية من حيث
اهميتها الاقتصادية ومدخولاتها المالية
وموقعها الاجتماعي ، بحسب الظروف والاوضاع
الاجتماعية . وتعتبر جميع هذه الانشطة ضرورية
للمجتمع الانساني ، وسبباً في تكامله ،
وأحياناً تكون واجبة بالمقدار الذي يحقق
الكفاية وسدّ الفراغ في الحاجات الانسانية
الاجتماعية .
وقد كان أتباع أهل البيت(عليهم السلام)
في زمانهم يمارسون مختلف هذه الانشطة ، كما
يبدو ذلك واضحاً عند مراجعة الاخبار الواردة
بشأن الاحكام الشرعية ذات العلاقة بهذه
الانشطة ، حيث تتحدث هذه الاخبار أيضاً عن
ممارسة أتباعهم ، وكانوا يتقدمون بالاسئلة
إلى الائمة(عليهم السلام) حول تفاصيل أحكامها
بسبب هذه الممارسة .
ولكن أهل البيت(عليهم السلام) ـ بالرغم
من ذلك كله ـ قاموا بتوجيه النشاط الاقتصادي
لاتباعهم ، فمنعوا أتباعهم عن ممارسة بعض هذه
الانشطة ، كما هو الحال في المنع عن ممارسة
القسم الاخير من هذه الانشطة الاقتصادية .
عن أبي بصير قال: «سألت أبا جعفر(عليه
السلام) عن أعمالهم ، فقال لي: يا أبا محمد، لا
ولا مَدّة قلم . إن أحدهم لا يصيب من دنياهم
شيئاً إلاّ أصابوا من دينه مثله أو قال: حتى
يصيبوا من دينه مثله»([36]).
وعن ابن أبي يعفور قال: «كنت عند أبي
عبد اللّه(عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من
أصحابنا فقال له: أصلحك اللّه. إنه ربما أصاب
الرجل منا الضيق أو الشدة فيُدعى إلى البناء
يبنيه أو النهر يكريه أو المسنّاة يصلحها ،
فما تقول في ذلك ؟ فقال ابو عبد اللّه(عليه
السلام): ما اُحب أني عقدت لهم عقدة أو وكيت
لهم وكاءً وإن لي ما بين لابتيها، لا ولا مدّة
بقلم . إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق
من نار حتى يحكم اللّه بين العباد »([37])
.
وكذلك بالنسبة إلى بعض الانشطة
المحرّمة التي كانت متداولة في ذلك العصر،
مثل تربية جواري الغناء واستخدامهن أو بيعهن،
أو ما يشبه ذلك من المكاسب المحرّمة، كبيع
الميتة أو الدم أو النجاسات مما يذكره
الفقهاء في رسائلهم العملية.
وفي جانب آخر من التوجيه الاقتصادي
طلب أهل البيت(عليهم السلام) الابتعاد عن بعض
الانشطة الاُخرى، التي تحتاج إلى دقة عالية
في أدائها إذا اُريد إنجازها بشكل مقبول من
الناحية الشرعية، مع إن الانسان عادة قد
يتسامح في ذلك، أو لان النشاط الاقتصادي مسبب
وموجب للوهن عند الناس، أو لاسباب أخلاقية ،
وذلك مثل بعض الحرف والصناعات ، كالصيرفة
والصياغة والقصابة والنخاسة والحياكة وغيرها.
عن اسحاق بن عمار قال : «دخلت على أبي
عبد اللّه(عليه السلام) ... فقلت : جعلت فداك. في
أي الاعمال أضعه؟ قال: إذا عدلته عن خمسة
أشياء فضعه حيث شئت، لا تسلّمه صيرفياً فإن
الصيرفي لا يسلم من الربا ، ولا تسلّمه بيّاع
الاكفان فإن صاحب الاكفان يسرّه الوبا إذا
كان ، ولا تسلّمه بيّاع الطعام فإنه لا يسلم
من الاحتكار ، ولا تسلّمه جزّاراً فإن
الجزّار تُسلب منه الرحمة ، ولا تسلّمه
نخّاساً فإن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)قال:
شرّ الناس من باع الناس»([38]).
وعن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد(عليهما
السلام) قال : « إن رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) قال : إني أعطيت خالتي غلاماً ونهيتها أن
تجعله قصاباً أو حجّاماً أو صائغاً »([39])
.
وعن اسماعيل الصيقل الرازي قال : «دخلت
على أبي عبد اللّه(عليه السلام) ومعي ثوبان،
فقال لي: يا أبا إسماعيل ، يجيئني من قبلكم
أثواب كثيرة ، وليس يجيئني مثل هذين الثوبين
اللذين تحملهما أنت، فقلت : جعلت فداك .
تغزلهما اُم اسماعيل وأنسجهما أنا، فقال لي:
حائك؟. قلت: نعم، فقال: لا تكن حائكاً. قلت : فما
أكون؟ قال: كن صيقلاً. وكانت معي مائتا درهم
فاشتريت بها سيوفاً ومرايا عُتقاً، وقدمت بها
الري فبعتها بربح كثير»([40]).
ومن أجل توضيح أن هذه الاعمال في نفسها
غير مكروهة وإنما لاقترانها ببعض الملابسات،
نجد أئمة أهل البيت(عليهم السلام) يفسّرون
نهيهم بالملابسات الاخلاقية أو الشرعية
المقترنة بها ، كما أنهم يؤكدون في موضع آخر
على جانب الامانة في هذا المجال ، كما روي
بطريق معتبر عن أمير المؤمنين(عليه السلام)أنه
قال: «إن اللّه عزّ وجلّ يحب المحترف الامين»([41]).
الانشطة الاقتصادية المختارة :
وفي جانب ثالث نجد أهل البيت(عليهمالسلام) يختارون لشيعتهم مجموعة من الانشطة
الاقتصادية، لتكون موضع اهتمامهم وتركيز
نشاطهم. ويمكن أن نشير بهذا الصدد إلى ثلاثة
من هذه الانشطة، وهي: التجارة والزراعة
بمعناها العام والعقار.
1 ـ التجارة:
تعتبر التجارة الخط الرئيسي في عمليةالتبادل الاقتصادي ، وفي تشخيص القيمة
السوقية والتوازن في الاسعار في إطار قانون
العرض والطلب وكذلك في تشجيع الانتاج ، ومن ثم
تساهم مساهمة أساسية في الحاجات المهمة
الضرورية للمجتمع الانساني.
ومن هذا المنطلق كانت التجارة لها
اهميتها الخاصة في النظرية الاسلامية، ولها
التقدم والامتياز بالنسبة إلى الانشطة
الاقتصادية الاُخرى في نظر الاسلام.
وقد ورد عن أهل البيت(عليهم السلام)
الحث على التجارة خصوصاً بأساليب مختلفة،
منها التأكيد على أن تسعة أعشار الرزق أو
البركة في التجارة([42]).
ومنها أن في التجارة عزّ الانسان; فقد
روى الصدوق عن المعلّى بن خنيس قال: «رآني أبو
عبد اللّه (الصادق(عليه السلام)) وقد تأخرت عن
السوق، فقال: اغدُ إلى عزّك».
وفي حديث آخر قال المولى له: « يا عبد
اللّه احفظ عِزّك. قال : وما عِزّي جعلت فداك؟.
قال: غدوّك إلى سوقك وإكرامك نفسك ... »([43]).
ومنهاأن «التجارة تزيد عقل الانسان»،
وفي حديث آخر معتبر عن أبي عبد اللّه الصادق(عليه
السلام) قال: «ترك التجارة ينقص العقل»، وكذلك
حديث معاذ بيّاع الاكسية قال: «قال لي ابو عبد
اللّه(عليه السلام): يا معاذ، أضعفت عن
التجارة، أو زهدت فيها؟ قلت : ما ضعفت عنها ولا
زهدت فيها. قال: فما لك؟ قلت: كنا ننتظر أمراً
وذلك حين قتل الوليد ، وعندي مال كثير ، وهو في
يدي وليس لاحد عليّ شيء، ولا أراني آكله حتى
أموت، فقال: لا تتركها ، فإن تركها مذهبة
للعقل. اسع على عيالك ، وإياك أن يكونوا هم
السعاة عليك»([44]).
وعن محمد بن مسلم وكان ختن بريد
العجلي، قال بريد لمحمد: «سل لي أبا عبد اللّه(عليه
السلام) عن شيء اُريد أن أصنعه . إن للناس في
يدي ودائع وأموالاً أتقلّب فيها ، وقد أردت أن
اتخلّى من الدنيا وأدفع إلى كل ذي حق حقه. قال:
فسأل محمد أبا عبد اللّه(عليه السلام) عن ذلك ،
وخبّره بالقصة ، وقال : ما ترى له؟ فقال: يا
محمد ، أيبدأ نفسه بالحرب ؟ لا ولكن يأخذ
ويعطي على اللّه عزّ وجلّ»([45]).
ومنها : أن التجارة فيها غنى للجماعة
عما في أيدي الناس . فقد روى الكليني عن محمد
بن مسلم عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال: «
قال أمير المؤمنين(عليه السلام): تعرّضوا
للتجارة فإن فيها غنىً لكم عما في أيدي الناس
» .
وفي رواية اُخرى : « من طلب التجارة
استغنى عن الناس »([46])
.
وبالنظر لاهمية التجارة وفضلها نجد
النبي(صلى الله عليه وآله) مارس التجارة سواء
كانت بأموال خديجة أو بشكل مستقل، وكذلك وردت
الاشارة في الاية الكريمة إلى الصالحين من
الناس بأنهم كانوا تجاراً في قوله تعالى: (رجال
لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلّب
فيه القلوب والابصار)([47]).
فقد روى الكليني بسند معتبر عن أسباط
بن سالم قال: «دخلت على أبي عبد اللّه(عليه
السلام)، فسألنا عن عمر بن مسلم ما فعل، فقلت:
صالح. ولكنه قد ترك التجارة، فقال أبو عبد
اللّه(عليه السلام): عمل الشيطان (ثلاثاً). أما
علم أن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)اشترى
عيراً أتت من الشام فاستفضل فيها ما قضى دينه
، وقسّم في قرابته؟ يقول اللّه عزّ وجلّ: (رجال
لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه ...) (إلى
آخر الاية) . يقول القصّاص: إن القوم لم يكونوا
يتّجرون . كذبوا ، ولكنهم لم يكونوا يدعون
الصلاة في ميقاتها، وهم أفضل ممن حضر الصلاة
ولم يتّجر»([48]).
كما أنه روي عن الامام الصادق(عليه
السلام) أنه كان يتاجر بالاموال عن طريق
المضاربة ، بالرغم من عدم وجود حاجة له في
المال([49]).
ولكن أهل البيت(عليهم السلام) في الوقت
الذي حثّوا شيعتهم على ممارسة هذا النشاط
الاقتصادي (التجارة) لاهميته، حذّروهم من
المشكلات الاخلاقية والدينية التي قد تصاحب
هذا النشاط.
عن الاصبغ بن نباتة قال: «سمعت أمير
المؤمنين(عليه السلام) يقول على المنبر: يا
معشر التجّار، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم
المتجر، الفقه ثم المتجر، واللّه للربا في
هذه الاُمة أخفى من دبيب النمل على الصفا.
شوبوا إيمانكم بالصدق . التاجر فاجر ، والفاجر
في النار ، إلاّ من أخذ الحق وأعطى الحق»([50]).
وعن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال : «
قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : من باع
واشترى فليحفظ خمس خصال وإلاّ فلا يشترين ولا
يبيعن : الربا والحلف وكتمان العيب والحمد إذا
باع والذم إذا اشترى »([51])
.
ولعل تأكيد أهل البيت(عليهم السلام)
على هذا النشاط الاقتصادي ـ بالاضافة إلى
أهميته الخاصة ـ كان بلحاظ أهداف خاصة
بالجماعة الصالحة ، يمكن أن نوجزها بالاُمور
التالية :
1 ـ الجانب المعنوي والروحي في هذا
النشاط الاقتصادي الذي أشارت إليه بعض هذه
الاحاديث ، حيث كان هذا النشاط ولازال من أهم
النشاطات الاجتماعية التي يحظى اصحابها
بالاحترام والتقدير ، وكان يمارسه الاشراف من
الناس .
2 ـ المرونة والحرية والحركة في النشاط
التجاري ، حيث لم تسمح طبيعة العمل التجاري
بالحركة والتنقّل والعلاقات الواسعة بمختلف
الاوساط الاجتماعية ، وكذلك المرونة في
اختيار الوقت والاموال التي يتّجر بها
والاوساط التي يتم التعامل معها .
3 ـ المردود المالي الواسع للنشاط
التجاري الذي عبّرت عنه الروايات بتسعة أعشار
الرزق ، حيث يحقق ذلك قدرة مالية كبيرة على
مستوى الجماعة، وكذلك يؤمّن مصدراً كبيراً
على مستوى نظام الجماعة من خلال الخمس .
2 ـ الزراعة :
تعتبر الزراعة بمعناها العام الشامللتربية الحيوانات واستثمارها من أهم الخطوط
الاقتصادية للامم والجماعات ، حيث تكون
المصدر الرئيس للغذاء، كما أنها في نفس الوقت
تعتبر مصدراً مهماً للمواد الاولية التي تدخل
في كثير من الصناعات خصوصاً اليدوية منها .
ومن هذا المنطلق نجد النظرية
الاسلامية في الاقتصاد تعطي الزراعة أهمية
خاصة، ولعلّها تأتي في المرتبة الثانية بعد
التجارة ، أو أنها تحتل المرتبة الاولى بلحاظ
بعض الظروف الاقتصادية أو الاوساط
الاجتماعية ، خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار
تقييم المال الناتج عن الزراعة وطهارته
ونقائه ، وبُعده عن الشبهات والاشكالات
الشرعية .
فقد ورد عن أهل البيت(عليهم السلام) أن
الزراعة أحلّ وأطيب الاعمال. روى الكليني في
الكافي بطريق معتبر عن سيّابة عن أبي عبد
اللّه(عليه السلام) قال: «ساله رجل فقال له:
جعلت فداك. أسمع قوماً يقولون: إن الزراعة
مكروهة، فقال(عليهم السلام): ازرعوا واغرسوا ،
فلا واللّه ما عمل الناس عملاً أحلّ ولا أطيب
منه ... »([52]).
وفي رواية اُخرى : « خير الاعمال الحرث
يزرعه فيأكل منه البرّ والفاجر ... »([53])
.
وفي رواية ثالثة : « الزارعون كنوز
الانام يزرعون طيباً أخرجه اللّه عزّ وجلّ،
وهم يوم القيامة أحسن الناس مقاماً وأقربهم
منزلة. يُدعون المباركين»([54]).
وعن أبي عبد اللّه الصادق(عليه السلام)
قال : « سئل النبي(صلى الله عليه وآله) : أي
المال خير؟ قال : زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدّى
حقه يوم حصاده. قال: فاي المال بعد الزرع خير؟
قال : رجل في غنم له قد تبع بها مواضع القطر
يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ... »([55])
.
وبالنظر لهذه الاهمية والخير والصلاح
في الزراعة ، نجد أن الانبياء والائمة
الطاهرين(عليهم السلام) كانوا يمارسون هذا
العمل الشريف في مختلف الادوار .
فقد ورد في الحديث الشريف ، عن أبي عبد
اللّه(عليه السلام): « إن اللّه جعل رزق
أنبيائه في الزرع والضرع لئلاّ يكرهوا شيئاً
من قطر السماء »([56])
.
وفي حديث آخر : « ... مابعث اللّه نبياً
إلاّ زراعاً إلاّ إدريس فإنه كان خياطاً »([57])
.
وقد باشر رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) الزراعة كما باشرها أمير المؤمنين(عليه
السلام) ، فقد ورد في الحديث عن الامام الصادق(عليه
السلام) أنه قال : « كان أمير المؤمنين صلوات
اللّه عليه يضرب بالمر (وهو شيء يشبه المسحاة)
ويستخرج الارضين ، وكان رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله)يمصّ النوى بفيهِ ويغرسه فيطلع من
ساعته ، وإن أمير المؤمنين أعتق ألف مملوك من
ماله وكدّ يده »([58]) .
كما روى الكليني في الكافي بسند معتبر
عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) قال : «لقي
رجل أمير المؤمنين(عليه السلام) وتحته وسق من
نوىً فقال له : ما هذا يا أبا الحسن تحتك ؟ فقال:
مئة ألف عذق إن شاء اللّه ، قال : فغرسه فلم
يغادر منه نواة واحدة »([59])
.
كما باشر الامام الباقر ـ كما سبقت
الاشارة ـ والامام الصادق والامام الكاظم(عليهم
السلام) الزراعة كما نصّت على ذلك الروايات
العديدة([60])
. ولا نشك أن بقية الائمة كانوا قد مارسوا هذا
العمل عندما تسنح لهم الفرصة ، حيث تشير هذه
الروايات إلى خط عام في هذا المجال كان
يتبنّاه أئمة أهل البيت(عليهم السلام).
ومن الواضح أن الشرط العام في هذا
النشاط هو التزام الانسان بالتقوى فيه، وأداء
الحقوق الشرعية من الزكاة وغيرها، كما أشارت
إلى ذلك بعض الروايات السابقة، وذكرت أن
النجاج والفلاح فيه مرهونان بهذا الالتزام
الشرعي.
وقد ورد في الحديث الشريف : « من زرع
حنطة في أرض فلم يزك زرعه، أو خرج زرعه كثير
الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة الارض، وبظلم
لمزارعه أو أكرته، لان اللّه يقول : (فبظلم من
الذين هادوا حرّمنا عليهم طيبات اُحلّت لهم
...)»([61]).
ولعلّ سبب اهتمام أهل البيت بهذا
النشاط الاقتصادي ـ بالاضافة إلى أهميته في
اصل الشريعة ونظريتها الاقتصادية ـ وجود
أهداف خاصة للجماعة الصالحة، وانسجامه مع
ظروفها السياسية والاجتماعية. ويمكن أن نشير
إلى بعض هذه الاهداف بالاُمور التالية:
1 ـ الجانب الروحي والمعنوي في هذا
النشاط الذي اشارت إليه بعض الروايات السابقة
، من أنه خير الاعمال واطيب الاموال وأحلّها
واطهرها; حيث كان أئمة أهل البيت(عليهم السلام)
يهتمون اهتماماً خاصاً بهذا الجانب ، ولعلّه
الجانب الاهم في ممارساتهم .
2 ـ تحقيق الاكتفاء الذاتي لابناء
الجماعة والاعتماد على اللّه تعالى والنفس في
إدارة شؤونهم ، حيث يكون المزارع ـ خصوصاً في
الظروف الاجتماعية السابقة ـ مستغنياً غنىً
مطلقاً عن الاخرين ، وقادراً على إدارة شؤون
حياته وممارسة عباداته وأعماله مستقلاً عنهم
.
3 ـ المثابة الامنة لابناء الجماعة ،
والابتعاد عن الاحتكاك بالسلطة الجائرة
وعمالها وأزلامها ، لان سيطرة السلطة ونفوذها
في الارياف يكون ضعيفاً نسبياً بطبيعة الحال .
ولذلك وجدنا المناطق الريفية والعشائرية
تمثل ملجأً مهماً للمطاردين من أبناء أهل
البيت وأتباعهم .
4 ـ المردود المالي الجيد لهذا النشاط
الاقتصادي ، فإن الزراعة هي من أفضل وسائل
الانتاج ، وفي نفس الوقت من أفضل طرق
الاستثمار ، وتمثل مصدراً مالياً على مستوى
أفراد الجماعة ، وكذلك على مستوى الجماعة من
خلال الخمس والزكاة .
3 ـ العقار :
يعتبر العقار من الاموال المهمة فينظر أهل البيت ، حيث أنهم حثّوا شيعتهم على
اتخاذ العقار والاحتفاظ به ، وفضّلوه على
الاموال الصامتة (النقود) .
ذلك لان العقار يمثل جانباً من إعمار
البلاد وإحيائها ، وبالتالي يكون وسيلة
للانتاج فيما إذا كان مزرعة أو بستاناً،
وكذلك وسيلة للخدمات وسد الحاجات فيما إذا
كان سكناً أو مكاناً لتقديم الخدمات
الانسانية أو التجارية أو غيرها، مثل:
المنازل، والفنادق، والمستشفيات، أو
الدكاكين والمحلاّت التجارية، ومن ثم فهو
يقوم بدور مهم في الحياة الانسانية.
ونجد في الروايات الواردة عن أهل
البيت(عليهم السلام) ثلاثة أبعاد يتم التأكيد
عليها فيما يتعلّق بالعقار .
الاول : أهمية العقار في تحقيق
الاستقرار المعاشي وضمانه للانسان في العمل
التجاري والحركة التبادلية ، وهو بذلك أفضل
من الاموال الصامتة (النقود).
فقد روى الكليني بطريق معتبر عن
الامام الصادق(عليه السلام) أنه قال لمصادف
مولاه: «اتخذ عقدة أو ضيعة، فإن الرجل إذا
نزلت به النازلة أو المصيبة فذكر أن وراء ظهره
ما يقيم عياله كان أسخى لنفسه»([62]).
وقد روى الصدوق بسند معتبر عن الامام
الصادق(عليه السلام) أنه كان يقول : « ما يخلّف
الرجل بعده شيئاً أشدّ عليه من المال الصامت،
قال : كيف يصنع به؟ قال: يجعله في الحائط ، يعني
البستان أو الدار »([63])
.
الثاني : النهي عن بيع العقار إلاّ إذا
كان يريد أن يستبدله بعقار غيره ، ومن ثم الحث
على الاحتفاظ به باعتبار أن مال العقار مبارك
ومرزوق وفيه النمو ، بخلاف ثمن العقار فإنه
ممحوق وذاهب تالف .
وقد ورد هذا المعنى في عدة نصوص عن
أئمة أهل البيت(عليهم السلام) : « ثمن العقار
ممحوق إلاّ أن يجعله في عقار مثله » . « من باع
الماء والطين ولم يجعل ثمنه في الماء والطين
ذهب ماله هباءً » . « بائع الضيعة ممحوق
ومشتريها مرزوق »([64])
.
الثالث : أن الافضل في العقارات أن
تكون متفرّقة لا مجتمعة ، فقد تقدمت رواية
الكليني بطريق معتبر عن معمر بن خلاد عن أبي
الحسن(عليه السلام) بشأن شراء الاموال
العقارية المتفرّقة .
ومن الواضح أن أحد مميّزات الاموال
العقارية هو أنها أموال طيبة بعيدة عن
الشبهات والملابسات الشرعية والاخلاقية ،
التي تنشأ من الاعمال التجارية في البيع
والشراء ، أو الاعمال الحرفية والصناعات
اليدوية كما أشرنا إلى ذلك آنفاً .
الخطوط العامة للسياسات الاقتصادية
ومن خلال هذا الاستعراض العام للنظامالاقتصادي والمالي يمكن أن نستخلص الاُسس
والتصورات التي تشكل الاطار العام لهذا
النظام بالنقاط التالية :
1 ـ العمل على الاستفادة من جميع الفرص
والامكانات التي يوفّرها النظام الاقتصادي
العام في المجتمع الاسلامي; مثل إباحة إحياء
الاراضي أو النشاطات الاقتصادية العامة
كالتجارة والزراعة، وتملّك العقارات والمهن
والصناعات والاعمال وغيرها من الانشطة
الاُخرى ، باستثناء الانشطة المحرمة، مثل
العمل مع الظالمين ومعونتهم في ظروف
المواجهة، إلاّ في الحالات الاستثنائية.
2 ـ الموازنة في التكاليف المالية
والحقوق الشرعية المفروضة على الجماعة
الصالحة بين التكاليف المالية العامة
والتكاليف المالية الخاصة ، فأداء الزكاة إلى
السلطة القائمة يبرئ الذمة.
وكذلك قاموا بإباحة الخمس مما يقع في
أيدي الناس من أموال غنائم الحرب أو المعادن
والغوص ، وطالبوا بالخمس على أرباح المكاسب
موازنة للزكاة في التجارة التي يقول بها
جمهور الناس إلى غير ذلك من الموارد .
3 ـ توجيه النشاط الاقتصادي والمالي في
المكاسب أو الانفاق ، حيث حثّوا على التجارة
والزراعة وتملّك العقارات، كما أكدوا على
إنفاق الزكاة على خصوص أبناء الجماعة الصالحة
والاهتمام بالصدقات العامة.
4 ـ توظيف التشريعات الاسلامية
المالية العامة بما يخدم أبناء الجماعة
الصالحة ، وتحقيق الموازنة والاكتفاء
الذاتي، كما لاحظنا ذلك في الخمس .
5 ـ اتخاذ الاجراءات المالية
الاستثنائية مثل جعل واجبات التكافل
الاجتماعي المتمثل بحقوق الاخوان.
6 ـ وضع السياسات الاقتصادية وإرشاد
أبناء الجماعة إلى العمل والاقتصاد، وإصلاح
المال وكيفية التعامل به، والاهتمام
بالجوانب الروحية والمعنوية لابناء الجماعة
في كسب الاموال، والاستغناء عمّا في أيدي
الناس.
( يتبع )
([1])
وسائل الشيعة 8 : 542 ، ح2 .
([2])
الخلاف 2 : 5. وذهب إلى ذلك أيضاً الجواد
الكاظمي كما يظهر عند دفاعه عن مذهب الشيخ
الطوسي. راجع: مسالك الافهام إلى آيات
الاحكام 2 : 70.
([3])
الكافي 3 : 565 ، ح2.
([4])
وسائل الشيعة 6 : 29، ح6 .
([5])
راجع: وسائل الشيعة 6 : 27 ـ 32. باب الحقوق في
المال سوى الزكاة.
([6])
وسائل الشيعة 11 : 597، ح1.
([7])
وسائل الشيعة 11 : 599، ح1.
([8])
وسائل الشيعة 8 : 415، ح4.
(*)
هكذا وردت بالفاء، والصواب «لم تؤثره»، لان
جواب الشرط هنا لا يقتضي الفاء.
([10])
وسائل الشيعة 8: 547 ـ 548، ح16.
([11])
وسائل الشيعة 8: 549، ح23.
([12])
الظاهر من العنوان الذي ذكره صاحب الوسائل
في الموردين الاولين أنه يقول بالالزام
والوجوب، حيث ذكر باب تحريم منع المؤمن
شيئاً من عنده أو من عند غيره عند ضرورته،
وكذلك باب تحريم ترك معونة المؤمن عند
ضرورته، كما أن الظاهر من كلام الشهيد الصدر
في اقتصادنا أنه يقول بالوجوب في الغرض
الاول، ولكن بالقيد الذي ذكرناه. والله هو
العالم.
([13])
الكافي 5: 77، ح1.
([14])
الكافي 5: 78، ح3.
([15])
الكافي 5: 88، ح1. وفي هذا الباب والابواب
الاُخرى التالية له أخبار مفيدة في توضيح
هذه الرؤية.
([16])
الكافي 5: 87 ، ح1.
([17])
الكافي 5: 73 ـ 74، ح1. ومحمد بن المنكدر كان من
كبار علماء العامة ومن ثقاتهم، مات سنة مئة
وثلاثين أو إحدى وثلاثين، وفي هذا الباب
مجموعة من الاحاديث تؤكد هذه القدوة.
([18])
الكافي 5 : 76 ، ح12.
([19])
الكافي 5: 79، ح1.
(*)
هكذا وردت، والصواب «فناءه» بالمد.
([21])
الكافي 5: 79، ح2.
([22])
الكافي 5: 85، ح1.
([23])
الكافي 5: 85، ح2.
([24])
الذاريات: 22.
([25])
الكافي 5: 80 ، ح1.
([26])
الكافي 5: 80، ح2.
([27])
الكافي 5: 87، ح3.
([28])
الكافي 5: 87، ح4.
([29])
الكافي 5: 90 ـ 91، ح1. باب مباشرة الاشياء بنفسه.
([30])
الكافي 5: 89، ح1. باب إحراز القوت.
([31])
الكافي 5: 89، ح2. باب إحراز القوت.
([32])
الكافي 5: 90، ح1. باب كراهية إجارة الرجل نفسه.
([33])
الكافي 5: 90، ح3. باب كراهية إجارة الرجل نفسه.
([34])
الكافي 5: 91، ح1. باب شراء العقارات.
([35])
الكافي 5: 91، ح2. باب شراء العقارات.
([36])
الكافي 5: 106 ـ 107، ح5.
([37])
الكافي 5: 107، ح7. وقد أشرنا إلى ذلك في بحث
نظام أمن الجماعة، مع العلم أن هذا النشاط
إنما كان ممنوعاً في ظروف وجود الحكام
الظلمة والجائرين.
وأما إذا لم يكن الحكم كذلك
فهذه الاعمال لا تكون ممنوعة، كما أن
الاعمال الممنوعة ـ كما أشرنا ـ إنما هي
خصوصاً الاعمال التي تكون ممارسة للظلم، أو
يكون فيها عون للظالم في الاستمرار في
القدرة والهيمنة، بالاضافة إلى وجود
الاستثناءات في هذا المجال، كما ذكرناه
آنفاً.
([38])
الكافي 5: 144، ح4.
([39])
الكافي 5: 114، ح5.
([40])
الكافي 5: 115، ح6.
([41])
الكافي 5: 113، ح1.
([42])
وسائل الشيعة 12 : 3 ـ 5، ح3 و4 و5 و8 و12.
([43])
وسائل الشيعة 12 : 3 ـ 5 ، ح2 و 10 و 13.
([44])
وسائل الشيعة 12: 6، ح4.
([45])
وسائل الشيعة 12: 7، ح9.
([46])
وسائل الشيعة 12: 4، ح11 و8 .
([47])
النور: 37.
([48])
وسائل الشيعة 12: 6، ح5.
([49])
وسائل الشيعة 12: 26، ح1.
([50])
الكافي 5: 150، ح1.
([51])
الكافي 5: 150 ـ 151، ح2.
([52])
وسائل الشيعة 13: 193، ح1.
([53])
وسائل الشيعة 13: 194، ح6 .
([54])
الكافي 5: 261، ح7.
([55])
الكافي 5: 261، ح6 .
([56])
الكافي 5: 260، ح2.
([57])
بحار الانوار 103: 69، ح25.
([58])
الكافي 5: 74، ح2.
([59])
الكافي 5: 75، ح6 .
([60])
الكافي 5: 73، باب ما يجب الاقتداء بالائمة، ح1
و3 و7 و9 و10 و11 و13 و14 و15.
([61])
بحار الانوار 103: 66، ح15، عن تفسير العياشي.
([62])
وسائل الشيعة 12: 44. ح3.
([63])
جامع أحاديث الشيعة 15: 136، ح8 . عن الكافي، وح7
عن من لا يحضره الفقيه.
([64])
جامع أحاديث الشيعة 15: 35، ح3 و2 و4.