استطلاع
المسلمون في الفيليبين
* علوم الدين سعيد
(الفيليبين)
المسلمون ومؤامرات الاعداء
كانت الفيليبين في الاصل جزراً من جزر
ملايا التي تشمل الجزرالملايوية
والاندونيسية والفيليبينية. وعدد سكانها في
الوقت الحاضر نحو سبعين مليون نسمة. ونسبة
المسلمين الى عدد سكانها 11% (أي نحو ستة ملايين
نسمة).
وصل الاسلام إلى الفيليبين ضمن سلسلة
الدعوة الاسلامية التي قام بها دعاة من أحفاد
الامام جعفر الصادق(عليه السلام) منذ عام 270هـ ،
واستمرت هجرة الدعاة عاماً بعد عام، وفي عام
310هـ هاجر بعض من أحفاد الامام الصادق(عليه
السلام) العراق للدعوة الاسلامية، بينهم محمد
بن يحيى، وأحمد بن عبدالله ومحمد بن جعفر.
واستشهد هؤلاء الثلاثة عام 313هـ ، وبعد
أربع سنوات أي في عام 317هـ ، هاجر أحمد بن
عيسى الملقب بالمهاجر هو وجمع من أسرته
للدعوة الاسلامية، فتوجه إلى اليمن. ومنها
هاجر أحفاده إلى جنوب شرق آسيا عبر القارة
الهندية، وواصلوا الدعوة هناك، فأقبلت تلك
الشعوب على الاسلام، وتوطدت أركانه هناك،
فتأسست سلطنات ودول اسلامية. وقد استطاع
هؤلاء الدعاة المخلصون للاسلام أن يجعلوا من
هذه الشعوب الكبيرة بحضاراتها شعوباً مسلمة
تنبذ أديانها السابقة وتقبل على الدين الجديد
عن طيب خاطر وبعقيدة راسخة.
ويطلق على المسلمين اسم «مورو»*[1]وموطنهم
في الجنوب. ويطلق على غيرهم من سكان الفيليبين
اسم «انديوس» الذين هم الاكثرية، ويدينون
بعدة ديانات منها: المسيحية، والمجوسية،
والبوذية وغيرها.
وأرض الفيليبين خصبة، وحاصلاتها
كثيرة، منها جوز الهند، والنارجيل،
والبهارات، والفواكه التي تعد من أهم
صادراتها.
وقد ساد الاسلام في جميع أطرافها الى
أن جاء الاستعمار الاسباني في سنة 1521م بقيادة
ماجلاّن لغزو الفيليبين امتداداً للحروب
الصليبية، ودارت معارك دامية بينهم وبين
المسلمين في الجزر المختلفة. وعندما وصلوا
الى جزيرة ماكتان (من الجزر الوسطى من
الفيليبين) تصدى لهم المسلمون، ودارت بينهم
معركة عنيفة، أسفرت عن مصرع ماجلاّن ـ وهو
القائد للحملة العسكرية الاسبانية ـ وإبادة
جيشه الا عدداً قليلاً تمكنوا من الفرار
بإحدى سفنهم الثلاثة.
ثم توالت الحملات الاسبانية بعد
ماجلان. وهدف هذه الحملات هو تحويل هذه الجزر
الى جزر مسيحية تابعة للحكومة الاسبانية،
وكذلك جعلها بلداً مسيحياً.
فقد حققت الحملات أهدافها بعد أن
تغلبت على دولة إسلامية في بينشاياس (جزر في
وسط الفيليبين) ومملكة إسلامية في جزيرة
لوزون (شمال الفيليبين) التي يرأسها الملك
سليمان. ولم يبق من هذه الجزر الا جزيرة
مينداناو وجزر صولو وتاوي تاوي وباسيلان (جنوب
الفيليبين) نتيجة للمقاومات العنيفة من قبل
المسلمين بقوة إيمانهم.
ثم جاء الاستعمار الاميركي بعد أن
تغلب على الاستعمار الاسباني عام 1899م، ورأى
أن طريقة الاسبان للسيطرة على هذا البلد غير
مجدية في زمنهم، لذا سلكوا طريقة أخرى
للسيطرة على المسلمين وهي طريقة خفية، إلاّ
أنها تهدف كالاولى للسيطرة على المسلمين،
والقضاء عليهم وإطفاء نور الاسلام. وهذه
الطريقة هي طريقة الاستيطان او الهجرة وطريقة
التعليم.
الاستيطان
هو استيطان المسيحيين في أراضي
المسلمين إمّا بالقوة وإما بالخداع القانوني.
إن الحكومة قد خصصت جزءاً كبيراً من أراضي
جزيرة مينداناو كمستوطنات للذين يهاجرون من
شمال الفيليبين ومن الجزر الاخرى ـ وهم
مسيحيون ـ وان بعض هؤلاء المستوطنين استطاعوا
بقوة القانون استغلال خيرات البلاد بتأسيس
شركات الاخشاب، مهمتها قطع الاخشاب في
الغابات وبيعها في داخل الفيليبين وخارجها.
وإن هؤلاء المسيحيين استطاعوا تكوين ثروة
كبيرة من أرباح الشركات التي يؤسسونها تحت
حماية القانون الموضوع لهذا الغرض الذي فرضته
الحكومة، حتى وصلوا الى مستوى أصحاب الملايين.
وبهذه الطريقة انتشر المسيحيون في المناطق
الاسلامية، واستطاعوا فرض سيطرتهم على هذه
المناطق.
ومن العجيب أن سكان محافظة مورو (هذه
المحافظة تشمل جزيرة مينداناو كلها وجزر
باسيلان وصولو وتاوي تاوي) كان نصف مليون مسلم
مقابل خمسين ألف مسيحي أي بنسبة 10% [2]. وذلك في عام 1907م.
أما في الوقت الحاضر وبسبب الاستيطان
والهجرة فإن المسلمين في هذه الجزيرة بما
فيها جزر باسيلان وصولو وتاوي تاوي لم يبلغ
عددهم 25% بالنسبة إلى المسيحيين، ومساحة
الاراضي التي يحتلها المسلمون في هذه الجزيرة
بما فيها الجزر المذكورة لا تبلغ ربع المساحة
التي يحتلها المسيحيون والتي تحت سيطرتهم من
هذه الجزر.
واستطاع الاميركيون من سنة 1899م (وهي
سنة دخول الاستعمار الاميركي إلى الفيليبين
بعد أن تغلب على الاستعمار الاسباني) حتى سنة
1946م توطين المسيحيين من الجزر الاخرى في نصف
جزيرة مينداناو. ومن 4 يوليو 1946 ـ وهو يوم
استقلال الفيليبين من الحكومة الاميركية ـ
واصلت الحكومة الفيليبينية الخطط المدبرة
للقضاء على المسلمين وإطفاء نور الاسلام، وهي
جزء من الخطط التي رسمتها الحكومة الاسبانية
وتلقتها الحكومة الفيليبينية ـ مع الاختلاف
في بعض الوجوه ـ بعد استقلالها من أميركا
وتبعاً للسياسة التي رسمتها، قامت بتقسيم
أراضي المسلمين وأماكنهم الى محافظات،
وتحويل المحافظة إلى بلديات، يتولّى ادارة
شؤون المحافظة محافظ تعينه الحكومة
المركزية، وكذلك البلديات، يتولى ادارة شؤون
كل بلدية عمدة يعين من قبل الحكومة المركزية.
ونظراً لكثرة عدد السكان المسيحيين في هذه
الجزيرة فقد عين عددٌ كبير منهم في المناصب
المذكورة.
ثم إن الحكومة وضعت قانون الانتخاب،
بدون مراعاة ظروف المسلمين ومصالحهم، وقد
تبين أن هذا القانون كان خداعاً للمسلمين،
ومنشأً لنزاعات بين القبائل في المجتمعات
الاسلامية في الفيليبين. إن المسلمين قد
أهملوا المشاكل التي يعانونها والصعوبات
التي يواجهونها بانشغالهم واهتمامهم الشديد
بهذه اللعبة، ولم يهتموا بمعرفة أهم أسباب
هذه المشاكل والصعوبات التي يواجهونها، وهي
إبعادهم عن التعاليم الاسلامية الاصيلة،
وفرض القوانين الوضعية عليهم بدلاً من
القوانين الاسلامية، فحكومة الفيليبين التي
شكلت على أساس النظام الغربي، وعلى اساس
الحياة المسيحية المحرّفة وهو الفصل بين
الكنيسة والدولة اعتماداً على قول المسيح (وهو
قول ابتدعه بعض الاحبار تقربا الى القيصر): «إعط
للّه ما للّه واعط لقيصر ما لقيصر» هو الذي
يسيطر على عقول سكان الفيليبين، ومنهم
المسلمون الذين لا يعرفون عن دينهم إلاّ كونه
علاقة بين الخالق والمخلوق، وهذه العلاقة
تتجسد في ممارسة الطقوس العبادية فقط، فالدين
لا دخل له في السياسة وتدبير الشؤون
الدنيوية.
بناء المدارس:
الطريقة الثانية هي بناء المدارس
وإكراه أبناء المسلمين على الدخول فيها
للتعلم. إن هذه المدارس تدرس فيها المواد
المختلفة التي دُسّت فيها التعاليم
المتناقضة مع التعاليم الاسلامية، وبهذه
المدارس استطاع الاميركيون تغيير بعض عادات
أبناء المسلمين من العادات الاسلامية الى
عاداتهم المتناقضة مع الاسلام، وغرس الشكوك
الدينية في قلوب أبناء المسلمين.
إن الحكومة الفيليبينية واصلت هذه
السياسة التعليمية، فالمؤسسات العلمية من
الابتدائية إلى الجامعية، سواء كانت حكومية
أو أهلية، فإنها في الحقيقة تبشيرية إدارياً،
وعلمياً. فالمواد التي تدرس في هذه المؤسسات
العلمية تتضمن بعضاً من التعاليم المسيحية
والعبارات التي تنطوي على الاهانات ضد
الاسلام، وتوجد في بعض سطور كتب التاريخ
عبارات يفهم منها أن الاسلام دخل الفيليبين
بالقوة، وهي تتنافى مع الحقائق التاريخية،
لان الاسلام كما ذكرنا دخل الفيليبين عن
طريق تجار عرب وملايويين واندونيسيين وغيرهم
قاموا بالدعوة الاسلامية بجانب أعمالهم
التجارية.
وجدير بالذكر أن عمدة مدينة باسيلان (محافظة
في الوقت الحاضر بناء على القرار الرئاسي)
أصدر قراراً عام 1970م بحظر تدريس اللغة
الاجنبية (يقصد اللغة العربية). وبناءً على
هذا القرار تم إغلاق جميع المدارس العربية
والاسلامية في هذه المدينة. ولولا جهود
المسلمين في هذه المنطقة وبمساعدة إخوانهم
المسلمين في المناطق الاخرى بتقديم
الاحتجاجات الى الحكومة المركزية ضد هذا
القرار لما أعيد فتح المدارس العربية
والاسلامية المنتشرة في هذه المنطقة الواسعة.
أتباع أهل البيت(عليهم السلام)
ومؤامرات الاعداء
انتشر مذهب أهل البيت(عليهم السلام) في
الفيليبين بعد نجاح الثورة الاسلامية في
ايران ويزداد أتباع مذهب أهل البيت يوماً بعد
يوم حتى بلغ عددهم في الوقت الحاضر قرابة
العشرين ألفاً، وهم منتشرون في أماكن مختلفة،
من المحافظات والمدن.
كما انتشر مذهب أهل البيت بين
المسلمين الذين كان أصلهم مسيحيين، وبين
السنيين من المذهب الشافعي. وإن اعتناق هؤلاء
مذهب أهل البيت نتيجة لدراستهم. فقد اقتنعوا
بعد الدراسة والبحث عن المذهب أن الشيعة هم
الذين يقتدون بأهل البيت(عليهم السلام)
ويسيرون على نهجهم. وإن أهل البيت(عليهم
السلام) معصومون من الخطأ والذنوب. استناداً
الى قوله تعالى: (إنّما يريدُ اللهُ لِيُذهبَ
عنكمُ الرّجس أهل البيتِ ويطهّركم تطهيراً)[3].
وأن من اقتدى بهم وأخذ أحكام دينه منهم
فقد فاز ونجا، وأن من تركهم وأخذ أحكام دينه
من غيرهم فقد خاب وهلك. بناء على الحديث
الشريف:
«مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها
نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى».
إن الاحاديث الكثيرة الدالة على وجوب
اتّباع أهل البيت(عليهم السلام) موضع اتفاق
بين المذاهب الاسلامية ولا سبيل لاحد الى
إنكارها، وكلها ثابتة من كتب الاحاديث
للفريقين وقد انتشرت الاحاديث الدالة على
وجوب اتّباع أهل البيت(عليهم السلام) في
المجتمعات الاسلامية في الفيليبين بفضل جهود
العلماء والمثقفين الذين اتخذوا التشيع
مذهباً لهم، وقد ساعد في انتشار مثل هذه
الاحاديث الباحثون الذين قرأوا كثيراً عن
مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وعرفوا كثيراً
من الايات والاحاديث مما ادى الى ميلهم الى
التشيع واتخاذه مذهباً لهم.
أعداء الاسلام وأساليبهم في تحريف
التعاليم الاسلامية
ان من الاعمال التي يقوم أعداء أهل
البيت(عليهم السلام) ويساندهم فيها بعض
المثقفين والمتخصصين في الفروع العلمية هي
إنشاء المؤسسات في المجالات المختلفة، وكل من
هذه المؤسسات لها عمل خاص. ومن جملة هذه
المؤسسات المؤسسة العلوية التي تقوم بنشاطات
وأعمال في ميدانها مثل عقد مؤتمرات يحضر فيها
الذين يباشرون اعمالهم في المحافظات والمدن
في الفيليبين إجباريا. وهذه المؤتمرات تعقد
ست مرات أو أكثر في السنة حسب مقتضيات الامور.
ويدعى إليها أيضا العلماء المحليون ـ
المتخرجون في الفيليبين ـ والمثقفون
بالثقافة الانجليزية. وتقوم هذه المؤسسة أيضا
بعقد الندوات (Senenars) كل أسبوع مرة أو مرتين حسب
الظروف، وتدعى إليها النساء والفتيات،
ويتولى القاء المحاضرات في هذه الندوات
العلماء المتخرجون من الجامعات الاسلامية في
بعض الدول العربية. وتتولى أيضاً مسؤولية
تعيين المدرسين من بين خريجي المعاهد
الاسلامية في الفيليبين. وإعطاء المنح
الدراسية للحاصلين على الشهادة الثانوية في
المدارس الانجليزية، وإرسالهم الى الجامعات
المختلفة في الفيليبين، ليواصلوا دراساتهم
الجامعية ويتخصصوا في فرع من فروع العلم.
وتتولى هذه المؤسسة أيضا انشاء المباني
للمعاهد والكليات.
ومن هذه المؤسسات المؤسسة التجارية
التي تقوم بالاعمال التجارية مثل إنشاء
المحلات لبيع المواد الغذائية والادوية
والمواد اللازمة للبناء مثل الحديد والاسمنت
والاخشاب، وتوزيع البضائع للتجار[4].
وللمؤسسة أيضا مطحنة كبيرة للارز تدعى مطحنة
الصحابة، وثلاث سيارات حمل وسيارات ركاب (تسع
لثمانية عشر راكباً) وسيارات للخدمات.
ومن هذه المؤسسات أيضا المؤسسة
الخيرية التي تتولى مسؤولية رعاية الايتام،
وتوزيع المساعدات المالية من الخارج للارامل
والفقراء، وبناء المستشفيات لعلاج المرضى،
ولها حالياً مستشفى داخل مجمع يشمل معهد
الكويت الاسلامي ومسجداً وقاعة للمحاضرات.
ومن النشاطات الاخرى التي تقوم بها
هذه المؤسسات هي تدريب الشباب في الرياضة
البدنية وحرب العصابات. وجدير بالذكر أن هذا
التدريب بدأ عمله بعد مذبحة مكة التي استشهد
فيها كثير من الحجاج عام 1987م.
إن جمهورية ايران الاسلامية
بإمكانياتها المادية والعلمية والمعنوية
وبقيادتها الاسلامية وباهتمامها البالغ
بالامة الاسلامية في أي مكان هي جديرة بتحمل
مسؤولية وضع خطة لمواجهة المؤامرات التي
يدبرها أعداء الاسلام، وإزالة العقبات في
مسيرة الدعوة الاسلامية وتقدمها، وعلى أبناء
الامة الاسلامية التعاون مع المسؤولين في
جمهورية ايران الاسلامية في تحمل هذه
المسؤولية.
وبصفتي مسلما أعيش في هذا البلد (الفيليبين)
أرى ان من الواجب أن أسجل في هذا التقرير بعضا
من مطالب المسلمين السائرين على نهج أهل
البيت(عليهم السلام)وهي:
1 ـ إن المسلمين في الفيليبين السائرين
على نهج أهل البيت(عليهم السلام) يحتاجون الى
الحوزات العلمية، حتى يتمكن أبناؤهم من
التعلم ومعرفة العقائد الاسلامية الاصيلة
للائمة المعصومين(عليهم السلام).
2 ـ كما أنهم في حاجة الى فتح أبواب
الحوزات العلمية في الجمهورية الاسلامية وفي
البلاد الاسلامية الاخرى لابنائهم الذين
يرغبون الدراسة فيها.
3 ـ تأسيس مساجد في أماكنهم لاداء
الشعائر الاسلامية وكذلك تأسيس الحسينيات.
4 ـ ارسال العلماء المتخصصين في العلوم
الاسلامية للتدريس في الحوزات العلمية
وإلقاء المحاضرات في المناسبات الدينية وفي
المؤتمرات التي تعقد لاجل رفع المستوى العلمي
للمسلمين.
5 ـ بناء مجمع ثقافي مركزي، وهذا
المركز يشمل المسجد والحوزة العلمية
والمكتبة والحسينية، والمباني لسكنى الطلبة
والطالبات والمحل التجاري، ويشمل أيضاً
ملعباً كبيراً[5].
المفاوضات بين الحكومة الفيليبينية
وجبهة تحرير مورو الوطنية
من أعقد الامور التي يواجهها المسلمون
في الوقت الحاضر هي «المفاوضات الجارية بين
الثوار المسلمين المتمثلين في جبهة تحرير
مورو الوطنية، وبين الحكومة الفيليبينية.
إن الحكومة الفيليبينية ـ كما يراها
المتتبعون لحركات الثورة ـ تهدف من وراء هذه
المفاوضات الى القضاء على الحركة الاسلامية
الثورية التي انتشرت في كل مكان بفضل الثورة
الاسلامية التي قادها الامام الخميني(رحمه
الله).
وقد أدركت مدى خطورة الثورة الاسلامية
وامتدادها طولاً وعرضا في الفيليبين. ورأت أن
من أحسن الوسائل لصد الثورة والقضاء عليها هو
اعادة فتح المفاوضات السلمية التي بدأت في
مدينة طرابلس بليبيا في عام 1976م وتدعى
باتفاقية طرابلس.
وهي إنما تهدف من وراء هذه المفاوضات
السلمية ـ كما ذكرنا ـ فرض الاستسلام على
المسلمين وفرض السيطرة التامة على المناطق
الاسلامية المتبقية للمسلمين بعد أن يتجردوا
من الاسلحة التي يحملونها.
وعلى هذا فان نجاح المفاوضات الجارية
بين الحكومة وجبهة تحرير مورو الوطنية هو
نجاح حكومة فيدل راموس الذي هو أحد الخمسة[6]
الذين قاموا بتخطيط الحكم العرفي، وفرض هذا
الحكم على الشعب بعد أن أعلنه الرئيس ماركوس
في 21 سبتمبر 1972م. وكاد هذا أن يقضي على
المسلمين قضاءً تاماً في هذا البلد. ومع هذا
فقد استطاعت الحكومة ـ بفرض الحكم العرفي ـ حط
المستوى الاخلاقي عند بعض المسلمين وسيطرة
المادة على عقولهم، حتى تخلّى بعضهم عن
العادة الاسلامية الاصيلة التي يعتز بها
المسلم في أي مكان ألا وهي حفظ كرامة المرأة
المسلمة. فمنذ بداية الحكم العرفي وحتى الان
هناك المئات من الفتيات المسلمات سافرن إلى
بعض الدول العربية كخادمات بسبب الضغط
المعيشي، وتدهور أحوال المسلمين في الحياة
الاقتصادية نتيجة للحروب الدامية التي
استمرت طوال فترة الحكم العرفي بين الثوار
المسلمين والجيش الحكومي في المناطق
الاسلامية المختلفة. وفي هذه الحروب تم إحراق
الالاف من بيوت المسلمين والمئات من المساجد.
وقد ترك المدنيون المسلمون أماكنهم خوفاً على
حياتهم وحياة عوائلهم، وهربوا الى اماكن اخرى
كلاجئين. وكان من الصعب جدا لهؤلاء المسلمين
اللاجئين ـ نتيجة للعمليات العسكرية ـ أن
يجدوا ما يسدّ حاجتهم من الطعام والملابس بعد
أن تركوا أموالهم ينهبها الاعداء من الجيش
الحكومي وجماعة الفئران[7].
ثم يقوم الاعداء بإشعال النار في بيوت هؤلاء
المساكين بعد أن تجرّدت من كل ما فيها من
امتعة واموال.
إن الحالة المأساوية التي عاناها
المسلمون اثناء الحكم العرفي وما زالوا
يعانون آثارها المؤلمة يجب أن تكون عبرة
للمسلمين، ويتخذوا موقفاً ثابتاً تجاه أعداء
الاسلام.
إن قول الامام الحسين(عليه السلام) سيد
شباب أهل الجنة وريحانة الرسول(صلى الله عليه
وآله) عندما تألبت عليه قوى البغي في كربلاء:
«والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل
ولا أقر إقرار العبيد هيهات أن نؤثر طاعة
اللئام على مصارع الكرام».
يجب أن يتخذه المسلم موقفا له في مثل
هذه الحالة.
(*)
إن كلمة «مورو» عند المسيحيين وغيرهم في
الفيليبين تعني «مسلم» ولذا اُطلق على الجزر
الجنوبية في الفيليبين اسم «مورولاند» أي
أرض المسلمين. كما أطلق الاسبان على
المغاربة المسلمين اسم «موروكو». وجزر جنوب
الفيليبين جزر إسلامية، وتعد جزيرة
مينداناو من أكبر وأجمل الجزر الفيليبينية.
وللمسلمين في هذه الجزيرة وغيرها تاريخ مليء
بالبطولات، تأسست فيها حكومات إسلامية، بل
إن الاسلام كانت له دولة في «مانيلا» نفسها
عاصمة الفيليبين حالياً وذلك حتى عام 1565م.
حيث انهارت بعد حرب شنها الاسبان ضد
المسلمين.
([2])
راجع كتاب Rovoltin minlanal.
([3])
الاحزاب: 33.
([4])
هذه المؤسسة خاصة لمركز الشباب المسلم.
([5])
هنالك عشرات من أبناء المسلمين في الحوزات
العلمية في الجمهورية الاسلامية يتلقون
العلم وبعد عودتهم سيكونون دعاة ومدرسين في
الحوزات التي ستقام في المستقبل.
([6])
هؤلاء الخمسة هم: 1 ـ الرئيس
المخلوع فرديناند ماركوس. 2 ـ راميلدا ماركوس
زوجة الرئيس المخلوع. 3 ـ هوان فونيس وزير
الدفاع في حكومة الرئيس المخلوع. 4 ـ جنرال
قابيان ينز. 5 ـ الرئيس فيدل راموس وهو القائد
العام للقوات المسلحة في حكومة الرئيس
المخلوع.
([7])
هذه الجماعة منظمة سرية للمسيحيين
المتعصبين تم تكوينها سنة 1969م قبل الحكم
العُرفي بثلاث سنوات لقتل المسلمين وطردهم
واغتصاب أراضيهم على الاقل، ولاجل إثارة
الفتن بين المسلمين والمسيحيين لتكون احدى
المبررات لاعلان الحكم العرفي. وقد تعاونت
الحكومة مع هذه المنظمة في المعارك التي
تدور بين المسلمين والقوات الحكومية.