دراسات - أسس المبدئیة للوحدة الإسلامیة فی مدرسة أهل البیت (ع) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أسس المبدئیة للوحدة الإسلامیة فی مدرسة أهل البیت (ع) - نسخه متنی

فؤاد کاظم المقدادی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

دراسات

الاسس المبدئية للوحدة الاسلامية
في مدرسة أهل البيت (ع )

الاساس الثاني: التشريع الاجتماعي
والسياسي العام

* الشيخ فؤاد كاظم المقدادي
( العراق )

وينطلق هذا الاساس المبدئي من الاية
الكريمة: (إنّ هذه اُمتكُم اُمةًواحدةً وأنا
ربُّكم فاعبدونِ)([1]
وتؤكّد آية كريمة اُخرى ذات المفهوم فتقول: (وإنَّ
هذه اُمتكُم اُمّةً واحدةً وأنا ربُّكم
فاتّقون)([2])
.

ومن ظاهر الايتين الكريمتين نجد أن
علّة وحدة الامة الاسلامية هي وحدة الرب
والمعبود ، وأن هذه الوحدة لا تتحقق في اطارها
الاجتماعي والسياسي إلاّ إذا تجسّدت هذه
العقيدة عبادةً للّه ، وتقوى على هديه
وشريعته التي ارادها حياةً للاُمّة ،
وتوحيداً لها في سيرها الشامل نحو اللّه
تعالى .

ونجد مخطط هذه الوحدة الشاملة لجميع
جوانب حياة الاُمّة وحركتها الالهية في
الجوانب التالية :

1 ـ وحدة الشعائر الاسلامية :

كالقبلة الواحدة والصلاة والحج
وغيرها ; ولهذا الجانب أثرٌ كبير في إبراز
الصفة القدسية لمظهريّة وحدة الامة من خلال
الشعائر الاسلامية الواحدة ، فالقبلة
الواحدة ، وهي الكعبة المشرّفة ، بيت اللّه
الذي أقام قواعده نبيا اللّه ابراهيم
واسماعيل(عليهما السلام) بأمر اللّه ووحيه : (وإذْ
يَرفعُ إبراهيمُ القواعدَ من البيتِ
وإسماعيلُ ربَّنا تقبّلْ منّا إنّكَ انتَ
السميعُ العليمُ)([3]).

والقيمة الرسالية المميّزة لقبلة
المسلمين هذه أنها لم تكن قبلتهم بادئ الامر،
إلى أن أمر اللّه رسوله أن يتحوّل إلى الكعبة
المشرّفة ويتخذها قبلة خاصة للمسلمين ، فقد
روى علي بن إبراهيم بإسناده عن الصادق(عليه
السلام) قال: «تحوّل القبلة إلى الكعبة بعدما
صلّى النبي(صلى الله عليه وآله) بمكة ثلاث
عشرة سنة إلى بيت المقدس، وبعد مهاجرته إلى
المدينة صلّى إلى بيت المقدس سبعة أشهر ، قال :
ثم وجهه اللّه إلى الكعبة ، وذلك أن اليهود
كانوا يعيّرون رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
ويقولون له: أنت تابع لنا، تصلي إلى قبلتنا ،
فاغتمَّ رسول اللّه من ذلك غمّاً شديداً،
وخرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء ،
ينتظر من اللّه تعالى في ذلك أمراً، فلما أصبح
وحضر وقت صلاة الظهر كان في مسجد بني سالم قد
صلّى من الظهر ركعتين، فنزل جبرئيل(عليه
السلام)فأخذ بعضديه وحوّله إلى الكعبة ،
وأنزل عليه : (قد نَرى تَقلُّبَ وجهِكَ في
السَّماءِ فلنُولّينَّكَ قِبلةً تَرضاها
فولِّ وَجهَك شَطرَ المسجدِ الحَرامِ) وكان
صلّى ركعتين إلى بيت المقدس وركعتين إلى
الكعبة ، فقالت اليهود والسفهاء : (ما ولاّهُم
عَن قِبلتِهم الّتي كانوا عَليها)»([4]).

وبذلك تميّز المسلمون عن اليهود وكانت
الكعبة قبلتهم دون سواهم، وحّدوا اللّه
باستقبالها في صلاتهم وشعائرهم المتعلقة
بها، فعن الامام الباقر(عليه السلام) قال : «إذا
استقبل المصلّي القبلة استقبل الرحمن بوجهه
لا إله غيره»([5])، فكانت بحق احدى
عوامل شعورهم بالاُمة الواحدة في مبدئها
ومسارها وغايتها، وكذلك الامر في الصلاة ،
فهي مبدأ بناء امة التوحيد والعدل ، وذلك مفاد
قوله تعالى على لسان نبيّه إبراهيم(عليه
السلام) : (ربِّ اجعَلني مُقيمَ الصَّلاةِ
ومِن ذُرّيتي رَبَّنا وتَقبَّلْ دُعاءِ)([6]).

وشأن الصلاة توحيد المسلمين، لكونها
رأس الاسلام بعد الاقرار بالدين ، فعن رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) قال : « ليكن همّك
الصلاة ، فإنّها رأس الاسلام بعد الاقرار
بالدين»([7]).
ولكونها أيضاً وجه الدين ، فعن الامام الصادق(عليه
السلام) قال : « لكل شيء وجه، ووجه دينكم
الصلاة »([8])
. وكونها خير العمل وعمود الدين ، فعن رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله): « الصلاة عمود
الدين »([9])
. وعن امير المؤمنين(عليه السلام) قال : «
اُوصيكم بالصلاة وحفظها ، فإنها خير العمل ،
وهي عمود دينكم »([10]).

وعنه(عليه السلام) أيضاً : « اللّه
اللّه في الصلاة ; فإنها عمود دينكم »([11])
، ولكون إقامتها إقامة للملّة ، بل هي الملّة
كما ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام) حيث
قال : « عباد اللّه إن أفضل ما توسّل به
المتوسّلون إلى اللّه جلَّ ذكره الايمان
باللّه وبرسله وما جاءت به من عند اللّه
وإقامة الصلاة ، فإنها الملّة »([12]) ، وهل أدلُّ من
ذلك في شأنية الصلاة على وحدة المسلمين في
الدين والملّة ؟ خصوصاً إذا تُوّج أداؤها
بالجماعة، ففي ذلك إظهار للحجة ، وإعلان
للتوحيد في العبادة ، وبناء لامّة الاسلام
الواحدة.

فعن صلاة الجماعة قال الامام الرضا(عليه
السلام) : « إنما جعلت الجماعة لئلاّ يكون
الاخلاص والتوحيد والاسلام والعبادة للّه
إلاّ ظاهراً مكشوفاً مشهوراً ، لانَّ في
إظهاره حجّة على أهل الشرق والغرب للّه وحده ،
وليكون المنافق والمستخفّ مؤدياً لما أقرَّ
به، يظهر الاسلام والمراقبة ، وليكون شهادات
الناس بالاسلام بعضهم لبعض جائزة ممكنة، مع
ما فيه من المساعدة على البرّ والتقوى ،
والزجر عن كثير من معاصي اللّه عزَّوجل »([13]).

والحج هو الاخر شعيرة من شعائر اللّه
الكبرى التي تعبر تعبيراً عظيماً عن وحدة
المسلمين وتواصلهم وتعارفهم وتناصرهم ، من
خلال الاجتماع الهائل للحجّاج المسلمين في
مكّة المكرّمة على اختلاف قومياتهم وأوطانهم
واجتهاداتهم الاسلامية ، ومن خلال أدائهم
الواحد وتناسقهم الفريد في أعمال الحج
وشعائره الموحّدة ، وجعْل الشارع الحجّ فريضة
واجبة على المستطيع، يبرز أهميته وأثره في
تحقيق أهداف الاسلام السياسية والاجتماعية
الكبرى، تصديقاً للاية الكريمة : (وللّهِ على
الناسِ حِجُّ البيتِ من استطاعَ إليهِ سبيلاً)([14]);
وهي بعد ذلك نداء وأذان للناس المسلمين
للاجتماع : (وأذِّنْ في الناسِ بالحجِّ يأتوكَ
رجالاً وعلى كلّ ضامر يأتينَ من كلِّ فجّ عميق)([15])
ليتداولوا شؤونهم وينظّموا أمرهم ،
وليتشاوروا فيما يحقق وحدتهم وعزّتهم ، ويقيم
دينهم ويديل دولتهم ، ويقوي شوكتهم سياسياً
واقتصادياً .

كل ذلك يتم في أجواء شعائر الحجّ
الالهية المقدسة ، وفي إطار المناخ الروحي
لهذه الفريضة العبادية المشهودة ، فعن هشام
بن الحكم قال : « سألت أبا عبداللّه(عليه
السلام) فقلت له : ماالعلّة التي من أجلها كلّف
اللّه العباد الحجّ والطواف بالبيت؟ فقال : إن
اللّه خلق الخلق ... وأمرهم بما يكون من أمر
الطاعة في الدين ، ومصلحتهم من أمر دنياهم ،
فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب ليتعارفوا
، ولينزع كل قوم من التجارات من بلد إلى بلد ،
ولينتفع بذلك المكاري والجمّال ، ولتعرف آثار
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وتعرف أخباره
ويذكر ولا ينسى .

ولو كان كل قوم (إنّما) يتّكلون على
بلادهم وما فيها هلكوا وخربت البلاد، وسقطت
الجلب والارباح ، وعميت الاخبار ، ولم تقفوا
على ذلك ، فذلك علّة الحج »([16]) .

وفي باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان
أنه سمعها من الامام الرضا(عليه السلام)جاء : «
فإن قال ]قائل[ : فلم أمر بالحج ؟ قيل : لعلّة
الوفادة إلى اللّه عزّ وجلّ وطلب الزيادة...،
مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع في شرق
الارض وغربها ... وقضاء حوائج أهل الاطراف في
المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها ، مع ما فيه
من التفقّه ونقل أخبار الائمة(عليهم السلام)
إلى كل صقع وناحية ، كما قال اللّه تعالى : (فَلولا
نفرَ مِن كُلِّ فِرقة منهم طائفةٌ
ليَتفقَّهوا في الدِّينِ وليُنذِروا قَومَهم
إذا رَجَعوا إليهم لعلَّهم يَحذَرونَ)و(ليَشهدوا
منافعَ لهم)»([17]).

وهكذا لو تتبعنا باقي الشعائر
الاسلامية لوجدناها طافحة بدلالات التوحيد
العقائدي والوحدة الاجتماعية والسياسية بين
المسلمين ، مفعمة بروح التواصل والتناصر
والتآخي في اللّه فيما بينهم .

2 ـ وحدة الشأن الاسلامي :

وفي هذا الجانب يظهر أبرز صور التكافل
وأقوى الاواصر الاخوية بين أبناء الامة
الاسلامية ، وتنشأ منه حالة اجتماعية فريدة
ومعبّرة عن شوكة المسلمين ومنَعَتهم ، مما
يؤهّلهم لتمثّل الوحدة السياسية فيما يتعلّق
بكيانهم الاسلامي الواحد ، ومجمل حركته
العامة ، وهو يخوض صراع إثبات الوجود وأصالة
البقاء عقائدياً وحضارياً . وبنظرة فاحصة إلى
ما ورد في القرآن الكريم والسنّة الشريفة
نجدها قد جاءت نصّاً جلياً في بيان هذا الاصل
الاسلامي الشامخ ، منها الاية الكريمة التي
تحكي قوّة الارتباط بين المؤمنين ، وتعبّر
عنها بالولاية ، حيث تقول : (والمُؤمنونَ
والمُؤمناتُ بَعضُهمْ أولياء بَعض يأمُرونَ
بالمعروفِ ويَنهَونَ عن المُنكَرِ ويُقيمون
الصَّلاةَ ويُؤتونَ الزَّكاةَ ويُطيعون
اللّهَ ورَسولَهُ أُولئكَ سَيَرحَمُهم
اللّهُ إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ)([18])
.

ويحدثنا الرسول(صلى الله عليه وآله) عن
وحدة الشأن الاسلامي فيما بين المؤمنين ،
وضرورة اهتمام بعضهم بقضايا البعض الاخر
وأموره ، تحقيقاً لتلك الوحدة فيقول : « مَنْ
أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم »([19])
، ويضيف(صلى الله عليه وآله)أيضاً مؤكّداً أن
كل ذلك مرتبط باللّه ، رافض للذل ، محقق
للعزّة ، مصدّق قوله تعالى : (وللّهِ العِزّةُ
ولِرسولهِ وللمُؤمنينَ)([20])
فيقول(صلى الله عليه وآله) : « مَنْ أصبح من
أمتي وهمّته غير اللّه فليس من اللّه ، ومن لم
يهتمّ بأمور المؤمنين فليس منهم ، ومن أقرَّ
بالذلّ طائعاً فليس من أهل البيت »([21]).

ويؤكّد حفيده الامام الصادق(عليه
السلام) ذلك بقوله : « من لم يهتم باُمور
المسلمين فليس بمسلم »([22]).

ثم يسلّط الرسول(صلى الله عليه وآله)
الضوء على حالة الاهتمام باُمور المؤمنين ،
ويصفها بأنها حالة تواد وتراحم ، ويعلل ذلك
بأن المؤمنين هم كالجسد في ترابطه وإحساسه
الواحد ، فيقول : « مثل المؤمنون في توادّهم
وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى
سائره بالسهر والحمّى »([23])
.

ويقول الامام الصادق(عليه السلام) في
ذلك أيضاً : « المؤمن أخو المؤمن كالجسد
الواحد ، إن اشتكى شيئاً منه وجد ألم ذلك في
سائر جسده ... »([24])
.

ويقول(عليه السلام) أيضاً : « إنما
المؤمنون إخوة بنو أب وأمٍّ ، وإذا ضرب على
الرجل منهم عرق سهر له الاخرون »([25])
.

إذن فوحدة الشأن الاسلامي أصل وحقيقة
مبدئية مقوّمة للوحدة والاخوّة بين المسلمين
، وأساس بنّاء في قيام الامة الاسلامية
الواحدة .

3 ـ الولاية والتناصر بين المسلمين :

إنَّ اول ما أسّسه الرسول(صلى الله
عليه وآله) بأمر اللّه سبحانه في بناء كيان
الامة الاسلامية ، وعمل لتجسيده واقعاً
محسوساً هو مبدأ الولاية والتناصر بين
المسلمين ، الذي عبّر عنه القرآن الكريم أروع
تعبير حين قال : (والمُؤمنونَ والمُؤمناتُ
بعضُهم أولياءُ بعض يأمُرونَ بالمعروفِ
ويَنهَون عن المُنكرِ ويُقيمونَ الصَّلاةَ
ويُؤتونَ الزَّكاةَ ويُطيعونَ اللّهَ
ورسولَه أولئكَ سيَرحَمهم اللّهُ إنّ اللّهَ
عزيزٌ حكيمٌ)([26]).
وبذل الرسول(صلى الله عليه وآله) الكثير لشدّ
المسلمين نحو تمثلهم صورة حاكيةً معبرةً في
جميع جوانب الحياة ، سواء في بعدها الفردي أو
الاجتماعي والسياسي، حتى أصبحت السمة
البارزة والمميّزة لهم ، ولدرجات قربهم إلى
اللّه ورسوله، وتكشف لنا الايات القرآنية
الكريمة عن هذا المبدأ الاساسي بتفصيل رائع،
حيث يقول تعالى فيها : (إنّ الّذينَ آمَنوا
وهاجَروا وجاهَدوا بأموالِهم وأنفُسِهم في
سبيلِ اللّه والّذين آوَوا ونَصَرُوا أولئكَ
بعضُهم اولياءُ بعض والّذينَ آمَنوا ولم
يُهاجِروا مالكم من وَلايتِهم مِن شيء حتّى
يُهاجِروا وإنْ استَنصَروكم في الدِّينِ
فعلَيكم النَّصرُ إلاّ على قوم بينَكم
وبينَهم مِيثاقٌ واللّهُ بما تَعمَلونَ
بصيرٌ * والّذينَ كفروا بعضُهم أولياءُ بعض
إلاّ تفعلوه تكُنْ فِتنةٌ في الارضِ وفسادٌ
كبيرٌ * والّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في
سبيل اللّه والذين آووا ونصروا أولئك هم
المُؤمنونَ حقّاً لهم مغفرةٌ ورِزقٌ كريمٌ *
والّذين آمَنوا مِن بَعدُ وهاجَروا وجاهَدوا
معكم فأولئكَ مِنكم وأولو الارحامِ بعضُهم
أولى ببعض في كتابِ اللّهِ إنَّ اللّهَ بكلِّ
شيء عليمٌ)([27]).

وقد جعل رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
أمر التناصر بين المسلمين معياراً لانتماء
المسلم وارتباطه العضوي بالامة الاسلامية
وكيانها الواحد ، فعن أبي عبداللّه(عليه
السلام) أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال : «
من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ،
ومن يسمع رجلاً ينادي : يا للمسلمين ، فلم يجبه
فليس بمسلم »([28]).

ثم جعل لدماء المسلمين حرمة أوجب
حفظها، وشرّع القصاص لمن يتجاوز عليها، بل
جعل المسلمين ـ كل المسلمين ـ قوة واحدة
متكافئة متكافلة في الدفاع عن كل فرد ينتمي
مبدئياً إليهم، فعن الصادق(عليه السلام) قال:
«خطب رسول الله(صلى الله عليه وآله) بمنى (إلى
أن قال) : المسلمون أخوة تتكافأ دماؤهم، ويسعى
بذمتهم أدناهم، هم يد على من سواهم»([29]).

وعن إبراهيم بن عمر اليماني عنه(عليه
السلام) قال : « حق المسلم على المسلم أن لا
يشبع ويجوع أخوه ، ولا يروى ويعطش أخوه ، ولا
يكتسي ويعرى أخوه ، فما أعظم حق المسلم على
أخيه المسلم ! » .

وقال(عليه السلام): « أحِبّ لاخيك
المسلم ما تحب لنفسك ، وإذا احتجت فسله ، وإن
سألك فأعطه لا تمله خيراً ولا يمله لك . كن له
ظهراً فإنه لك ظهر ، إذا غاب فاحفظه في غيبته
وإذا شهد فزره وأجلّهُ وأكرمه فإنه منك وأنت
منه ، فإن كان عليك عاتباً فلا تفارقه حتى
تسأل سميحتهُ ، وإن أصابه خير فاحمد اللّه وإن
ابتلي فاعضده ، وإن تمحل له فأعِنه ، وإذا قال
الرجل لاخيه : اُف انقطع ما بينهما من الولاية
، وإذا قال : أنت عدوي كفر أحدهما ، فإذا
اتهمهُ انماث الايمان في قلبه كما ينماث
الملح في الماء ».

وقال: «بلغني أنه(عليه السلام) قال : إن
المؤمن ليزهر نوره لاهل السماء كما تزهر نجوم
السماء لاهل الارض ».

وقال(عليه السلام): « إن المؤمن ولي
اللّه يعينه ويصنع له ولا يقول عليه إلاّ الحق
ولا يخاف غيره »([30]).

وبذلك تُحكم أركان الولاية والتناصر
في الامة الاسلامية ، معبّرة عن أفضل وأهم
عوامل قيام الوحدة الاجتماعية والسياسية بين
ابنائها ، على أُسـس عقائدية وطريقة عملية
تكاملية ، تجسد مبدأ التوحيد في منهجيّته
لتوحيد الامة وجوداً وحركةً وهدفاً ، ليصدق
فيها قول اللّه عزّ وجلّ في كتابه الكريم : (كُنتُم
خَيرَ أُمّة أُخرجتْ للنّاسِ تأمُرون
بالمعروفِ وتَنهَون عن المُنكرِ وتُؤمِنونَ
باللّهِ)([31])
.

4 ـ التواصي بالحق والتواصي بالصبر :

لا شكّ أن عظمة هذا المبدأ وقيمته في
تكوين عصبة الايمان ، وتقوية شوكة المسلمين
ورص صفوفهم ، وخلق المنعة والاقتدار في
كيانهم هي العلّة في أن يُقسِم اللّه لاجله في
قرآنه الكريم ، وينصّ فيه على أنّ النجاة من
الخسران المبين ، والفوز بمراتب التسليم له
سبحانه رهين بالتزامهم به محتوىً ومنهجاً في
حياتهم الاجتماعية والسياسية ، حيث يقول عزّ
من قائل : (والعصرِ * إنَّ الانسانَ لفي خسر *
إلاّ الّذينَ آمَنوا وعَمِلوا الصّالحاتِ
وتَواصَوا بالحقِّ وتَواصَوا بالصَّبرِ)([32])
.

إن التواصي بالحق والتواصي بالصبر على
حمله والعمل به يوجب تحقق رتب للمؤمن تترتّب
علاقته بالحقّ على ضوئها كالاتي :

أ ـ أولى هذه الرتب هي معرفة الحق ، وقد
حدد الاسلام طريقة معرفته، وحصرها بما جاء به
الرسول(صلى الله عليه وآله) من عند اللّه
قرآناً ، إرشاداً ، وسنّةً للعقول، وتشريعاً
للحياة ، حيث خاطب اللّه رسوله(صلى الله عليه
وآله) في محكم كتابه الكريم قائلاً: (إنّا
أرسلناكَ بالحقِّ بشيراً ونذيراً)([33])
، وجعل معيار الايمان وميزانه معرفة الحق من
اللّه عزّ وجلّ عن طريق رسوله الكريم(صلى الله
عليه وآله) حيث قال : (... فأمّا الّذينَ آمَنوا
فيعلَمونَ أنّه الحقُّ مِن ربِّهم)([34])
، ورفض المنهج الارضي الذي يقرر أن معرفة الحق
بالرجال ، وأثبت العكس في أن معرفة الرجال
تكون بالحقِّ ليس إلاّ ، فعن أمير المؤمنين(عليه
السلام) قال : « إنَّ دين اللّه لا يُعرف
بالرجال ، بل بآية الحق ، فاعرف الحق تعرف
أهله »([35])
وقال(عليه السلام) أيضاً «إنّ الحق والباطل لا
يعرفان بأقدار الرجال. اعرف الحق تعرف أهله،
واعرف الباطل تعرف أهله»([36]).

وقد رسم الامام الصادق(عليه السلام)
منهج معرفة الحق ، وردع عن سواه فقال : «مَنْ
دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال
كما أدخلوه فيه ، ومَنْ دخل فيه بالكتاب
والسنّة زالت الجبال قبل أن يزول »([37])
، كما حثَّ الاسلام على طلب الحق مهما كانت
الموانع والعقبات ، حيث لا يكون من أهل الحق
إلاّ مَنْ وجده وسلّم له وعمل به ، فعن أمير
المؤمنين(عليه السلام) قال : « خُض الغمراتِ
إلى الحقِّ حيث كان»([38]
وقال(عليه السلام) في ضرورة لزوم الحق عند
معرفته ليكون من أهله : « الزم الحق يُنزلك
منازل أهل الحق يوم لا يُقضى إلاّ بالحق »([39]).

ب ـ وثاني هذه الرتب التسليم للحق
والعمل به ، وهو أول مصاديق معرفة الحق وآثاره
الحقّة.

فقد جاء عن رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) قوله : « السابقون إلى ظل العرش طوبى لهم
، قيل: يا رسول اللّه ومن هم ؟ فقال : الذين
يقبلون الحق إذا سمعوه ويبذلونه إذا سُئلوه
ويحكمون للناس كحكمهم لانفسهم »([40])
.

وقد تألّق أمير المؤمنين في وصف هذه
الرتبة ، فقال ببلاغته الفريدة وفصاحته
السديدة : « ألا وإنّ الحقَّ مطايا ذلل ، ركبها
أهلها وأعطوا أزمّتها ، فسارت بهم الهوينى
حتى أتت ظِلاًّ ظليلاً »([41])
، وعن الامام الصادق(عليه السلام) قال : «
العزُّ أن تذلّ للحق إذا ألزمك »([42])
، وفي العمل بالحق قال أمير المؤمنين(عليه
السلام) : « إنَّ أفضل الناس عند اللّه من كان
العمل بالحق أحبّ إليه وإن نقصه وكرثه*([43])من
الباطل وإن جرّ فائدة وزاده»([44])
.

وفي بيان الثمار الوفيرة والاثار
العظيمة للتسليم للحق والعمل به يقول الامام
الصادق(عليه السلام) : « إن اللّه إذا أراد
بعبد خيراً شرح صدره للاسلام ، فإذا أعطاه ذلك
أنطق اللّه لسانه بالحق فعمل به ، فإذا جمع
اللّه له ذلك تمّ له إسلامه ... ، وإذا لم يُردِ
اللّه بعبد خيراً وكله إلى نفسه ، وكان صدره
ضيّقاً حرجاً ، فإن جرى على لسانه حق لم يعقد
قلبه عليه ، وإذا لم يعقد قلبه عليه لم يُعطه
اللّه العمل به ... »([45]).

ج ـ وثالث الرتب الصبر على الحق ، لانّ
الحق ثقيل مبدأً يحمله الانسان المؤمن
والجماعة المؤمنة، ومنهج حياة وعمل وجهاد
يتنكّبه العاملون في طريق اللّه ، ويقارعون
به الجبت والطاغوت من أعداء اللّه
والمستكبرين في الارض ، وقد نزلت في بيان شدة
الحق وثقله على الانسان آيات كريمة منها قوله
تعالى : (لقدْ جِئْناكُم بالحَقِّ ولكنَّ
أكثركم للحَقِّ كارهونَ)([46])
، وتكرر في أكثر من آية قوله تعالى : (وأكثرُهم
للحقِّ كارهونَ)([47]).

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) في ذلك
، وفي أن العاقبة في الصبر على الحق قال: «الحق
ثقيل ، وقد يخفّفه اللّه على أقوام طلبوا
العاقبة ، فصبّروا نفوسهم ، ووثقوا بصدق
موعود اللّه لمن صبر واحتسب ، فكن منهم
واستغنِ باللّه»([48]) ، وقال(عليه
السلام)أيضاً : « لا يصبر للحقِّ إلاّ من يعرف
فضله »([49]
وقال(عليه السلام) أيضاً : « اصبر على مرارة
الحق ، وإياك أن تنخدع لحلاوة الباطل »([50])
، وعن الامام الباقر(عليه السلام) قال: « لما
حضرت أبي عليّ بن الحسين(عليه السلام) الوفاة
ضمّني إلى صدره ثم قال : أي بُنيّ، أوصيك بما
أوصاني أبي حين حضرته الوفاة ، وبما ذكر أنّ
أباه(عليه السلام) أوصاه به : أي بنيّ، اصبر
على الحق وإن كان مرّاً »([51])
. وعن الامام الصادق(عليه السلام) قال : «...
اصبر على الحق فإنه لم يصبر أحدٌ قط لحقٍّ
إلاّ عوّضه اللّه ما هو خير له»([52]).

د ـ ورابع الرتب إعلان الحق والدعوة له
تخلّقاً بأخلاق اللّه في ذلك حيث يقول عزَّ من
قائل في كتابه الكريم : (واللّهُ يقولُ الحقَّ
وهُو يهدي السبيلَ)([53])
، وهذه الرتبة هي اعلى الرتب وأسماها لما فيها
من إقامة الحق وإرساء قواعده في الامة ، وردع
الباطل وأهله ومواجهة الجور وسلاطينه . وقد
تواصلت آيات القرآن الكريم يؤكّد بعضها الاخر
على ضرورة اضطلاع الامة المؤمنة بمهمة بيان
الحق والدعوة إليه ، منها قوله تعالى : (ومِن
قوم موسى أمةٌ يهدونَ بالحقِّ وبهِ يَعدِلونَ)([54])
، وقوله تعالى : (ومِمَّن خَلقْنا أمةٌ يهدونَ
بالحقِّ وبهِ يعدِلونَ)([55])
، كما أن هذه المهمة تعتبر من ممحصات الايمان
ومحكّات اختباره ، لا يفرق فيها من يتحملها
بين أن تكون له وللاقربين منه أو عليه وعليهم (يا
أيُّها الّذينَ آمَنوا كُونوا قَوّامينَ
بالقِسطِ شُهداءَ للّهِ وَلَو على أنفُسِكُم
أو الوالدَينِ والاقربينَ إنْ يكُنْ غنياً أو
فقيراً فاللّهُ أولى بِهما فلا تتَّبِعوا
الهَوى أنْ تعدِلُوا وإنْ تَلْووا أو تُعرضوا
فإنَّ اللّهَ كانَ بما تعمَلونَ خَبيراً)([56]) ، كما لا يفرق
فيها بين رضاً أو غضب ، فعن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) قال : « ما أنفق مؤمن نفقة هي
أحبّ إلى اللّه عزّ وجلّ من قول الحق في الرضا
والغضب »([57]) وعن أمير
المؤمنين(عليه السلام) في وصيته لابنه الحسين(عليه
السلام) قال : « يا بنيّ، أوصيك بتقوى اللّه في
الغنى والفقر ، وكلمة الحقّ في الرضا والغضب »([58]) .

بل إن مهمة اعلان كلمة الحق والصدع بها
هي من أفضل الجهاد عند اللّه ، فعن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) قال : « ألا لا يمنعنَّ رجلاً
مهابة الناس أن يتكلّم بالحق إذا علمه . ألا إن
افضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطان جائر »([59])
، وعن حفيده الامام الصادق(عليه السلام) قال :
« كان أبي يقول : قم بالحق ولا تعرّض لما نابك »([60])
.

وهكذا فلو ترقّت الامة وتسامت في رتب
التواصي بالحق والتواصي بالصبر هذه تكامل
بناؤها ، ورُصَّت صفوفها ، واشتد عودها ،
ولاصبحت امة الحق والعدل ، يتوحّد فيها هدفها
ومسارها ومصيرها ولتسنّمت بذلك رتبة الشهادة
على الناس أمماً وشعوباً بعد اللّه ورسوله ،
ليصدق بحقها قوله تعالى: (وكَذلكَ جعَلْناكُم
أُمّةً وَسَطاً لتَكونوا شُهَداءَ على
النّاسِ ويَكونَ الرَّسولُ عليكُم شَهيداً...
)([61]) . ولا يتم ذلك
جزافاً ، بل لابد من الجهاد في اللّه حق
الجهاد ، والاعتصام به سبحانه في هذا السبيل
لنيل هذه الرتبة السامية والشرف العظيم : (وجاهِدوا
في اللّه حقَّ جِهادِه هُوَ اجتَباكُم وما
جعَلَ علَيكُم في الدّينِ مِنْ حَرَج مِلّةَ
أبيكُم إبراهيمَ هُوَ سَمّاكُم المسلمينَ
مِنْ قَبلُ وفي هذا ليكونَ الرَّسولُ شهيداً
علَيكُم وتكونوا شُهَداءَ على النّاسِ
فأقيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ
واعتَصِموا باللّهِ هُوَ مَولاكم فنِعمَ
المَولى ونِعمَ النَّصيرُ)([62])
.

وقد بيّن اللّه سبحانه أنّ كل ما يصيب
الامة الراشدة من قرح وفتن فهو سنّة قائمة في
الناس لا تختص بالمؤمنين منهم، فيجب أن لا
تثنيهم عن تنكّب طريق الحق والعدل والوصول
إلى رتبة الشهادة الكبرى: (إنْ يَمسَسْكُم
قَرْحٌ فقَدْ مسَّ القومَ قَرْحٌ مِثلُه
وتِلكَ الايامُ نُداولُها بينَ النّاسِ
ولِيعلَمَ اللّهُ الّذينَ آمَنوا ويتَّخِذَ
مِنكُم شُهداءَ واللّهُ لا يُحبّ الظالمينَ)([63]) .

5 ـ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر :

إنّ هذه الوظيفة الالهية والمبدأ
الاسلامي ذات مفاد شامل لكل أبعاد الحياة
الفكرية والعملية ، وتكاد تنحصر ثمارها
بممارستها على صعيد الامة خصوصاً ، حيث لا نجد
آية كريمة في القرآن الكريم لا يكون فيها خطاب
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مرتبطاً
بالمؤمنين ، بوصفهم أمّة واحدة وجماعة متحدة
يوالي بعضهم البعض الاخر ، كما نجد أن طبيعة
الارتباط بين وحدة الامة الاسلامية ، بما
تتحلى به من إيمان وخير ورشاد ، وبين الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر هو ارتباط الموصوف
بصفته والمعلول بعلته ، فقد جعل اللّه سبحانه
وتعالى الامة الاسلامية خير الامم التي اخرجت
للناس ، بوصفها تأمر بالمعروف وتنهى عن
المنكر وتؤمن باللّه : (كُنتُم خَيرَ أمَة
أُخرِجتْ للنّاسِ تأمُرونَ بالمعروفِ
وتنهَونَ عن المُنكرِ وتُؤمِنونَ باللّهِ)([64])
، كما أن ارادة اللّه سبحانه وتعالى شاءت أن
تكون سُنَّة التمكين في الارض للامة المؤمنة
معلّلة لاقامة الصلاة وايتاء الزكاة والامر
بالمعروف والنهي عن المنكر: (الّذينَ إنْ
مكّناهُم في الارضِ أقامُوا الصَّلاةَ
وآتَوا الزَّكاةَ وأمَروا بالمعروفِ ونهَوا
عن المنكرِ وللّهِ عاقبةُ الاُمورِ)([65])
، وهكذا الامر في غيرها من الايات الكريمة وما
جاء في السنّة الشريفة.

وقد روي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)
أنه قال : « لا تزال امتي بخير ما أمروا
بالمعروف ونهوا عن المنكر ، وتعاونوا على
البر ، فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات
وسلط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في
الارض ولا في السماء »([66]).

وللاحاطة بهذا المبدأ الاسلامي المهم
، ودوره الخطير في بناء وتوحيد الامة
الاسلامية ، نعرض له باختصار في ثلاثة جوانب
أساسيّة :

أولاً : أهلية الامة للامر بالمعروف
والنهي عن المنكر.

فلو لم تكن الامة مؤهلة للقيام بهذه
الوظيفة الالهية الخطيرة ، فإنها ستفقد أهم
عامل من عوامل قوة شوكتها ودوام وحدتها ، ذلك
أن الامام الباقر(عليه السلام)قال: « الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق
اللّه عزّ وجلّ فمن نصرهما أعزه اللّه ومن
خذلهما خذله اللّه »([67]).

وأهلية الامة هنا تعني توفرها على
خصائص معينة بما هي أمة ، وهذه الخصائص هي:

أ ـ الايمان باللّه ورسوله والتسليم
والطاعة لهما ، وهذه الصفة هي المنبع الاول
والاساسي لمعرفة كل معروف يراد الامر به ،
ومعرفة كل منكر يراد النهي عنه ، والاستقامة
في أداء الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
وتحقيق ثماره في الامة : (يومَ نبعَثُ في كلِّ
أمّة شهيداً عليهِم مِن أنفُسِهم وجِئنا بكَ
شهيداً على هؤلاءِ ونزّلْنا عليكَ الكِتابَ
تِبياناً لكلِّ شيء وهُدىً ورحمةً وبُشرى
للمسلمينَ)([68])
، ولذا نجد أن اللّه سبحانه قد جعل الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر في سياق الايمان
باللّه واليوم الاخر ، ليحقَّ في القائمين به
أنّهم من الصالحين : (ليسُوا سَواءً مِن أهلِ
الكتابِ أمّةٌ قائمةٌ يتلونَ آياتِ اللّهِ
آناءَ اللّيلِ وهُم يسجُدونَ * يُؤمنونَ
باللّهِ واليوم الاخرِ ويأمرونَ بالمعروفِ
وينهَونَ عن المُنكرِ ويُسارعونَ في
الخيراتِ وأولئكَ مِن الصالحينَ)([69])
. وفي آية اخرى جعل اللّه سبحانه الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر في سياق الايمان
بالرسول واتّباعه واتّباع النور الذي اُنزل
معه ، وبذلك يصدق وصف اللّه لهم بالمفلحين : (الّذينَ
يتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبيَّ الامّيَّ
الّذي يجِدونَه مكتوباً عِندهم في
التَّوراةِ والانجيلِ يأمُرهم بالمعروفِ
ويَنهاهم عن المُنكرِ ويُحلُّ لهُم
الطيِّبات ويُحرِّمُ عليهِم الخَبائثَ
ويضَعُ عَنهم إصْرَهم والاغلالَ الّتي كانتْ
عليهِم فالّذينَ آمَنوا بهِ وعزَّروهُ
ونَصروهُ واتَّبعوا النُّورَ الّذي أُنزلَ
معَه أولئكَ هُم المُفلحونَ)([70])
.

وفي ضرورة احاطة من يأمر بالمعروف
وينهى عن المنكر بأحكام الاسلام ، وعلمه
بتفصيلاتها واستقامته عليها وحكمته في أداء
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يقول
الامام الصادق(عليه السلام) : « إنّما يأمر
بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلاث
خصال : عالِمٌ بما يأمر عالِمٌ بما ينهى ،
عادلٌ فيما يأمر عادلٌ فيما ينهى ، رفيقٌ بما
يأمر رفيقٌ بما ينهى »([71])
، وقال(عليه السلام) عندما سُئل عنهما : « إنما
هو على القوي المطاع العالم بالمعروف من
المنكر ، لا على الضعفة الذين لا يهتدون
سبيلاً إلى أي من أي . يقول : إلى الحق أم إلى
الباطل ، والدليل على ذلك من كتاب اللّه قول
اللّه عزّ وجلّ (ولتَكُن مِنكُم أُمّةٌ
يَدعونَ إلى الخَيرِ ويأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر)...»([72]).

ب ـ الولاية فيما بين أبناء الامة
المؤمنة، فلو لم يكن بين ابناء الامة الواحدة
موالاة الايمان لكان ثلماً في طاعتهم للّه
ورسوله ، ومن ثم تخلّفاً في اقامتهم للدين،
وقوامه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
وهو ظاهر تفريع اللّه سبحانه وتعالى الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإقامة الصلاة
وإيتاء الزكاة وطاعة اللّه ورسوله على
الولاية فيما بين المؤمنين والمؤمنات في قوله
عزَّ من قائل : (المُؤمنونَ والمُؤمناتُ
بعضُهم أولياءُ بعض يأمرونَ بالمعروفِ
وينهَونَ عن المُنكرِ ويُقيمون الصَّلاة
ويُؤتونَ الزَّكاةَ ويُطيعونَ اللّهَ
ورسولَه أولئكَ سيَرحَمُهم اللّهُ إنَّ
اللّه عزيزٌ حكيمٌ)([73])
.

وقد جاء عن أمير المؤمنين(عليه السلام)
ما يؤكّد أنَّ أهم عوامل الولاية بين
المؤمنين والمؤمنات هو الامر بالمعروف ، حيث
قال : « من أمر بالمعروف شدَّ ظهور المؤمنين»([74]
وقال(عليه السلام) أيضاً : « الامر بالمعروف
أفضل أعمال الخلق»([75]
أما ضعف الايمان الذي يبغضه اللّه سبحانه،
وهو أخطر الوهن في الفرد المؤمن والامة
المؤمنة، فهو لازم لعدم النهي عن المنكر، وهو
قول رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): «إن اللّه
ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له، فقيل:
وما المؤمن الضعيف الذي لا دين له؟ قال: الذي
لا ينهى عن المنكر»([76]).

ج ـ الخلافة للّه ولرسوله في الارض ،
التي يعتبر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
من أهم مستلزماتها وواجباتها ; لقوله تعالى في
محكم كتابه الكريم: (الّذينَ إنْ مكّنّاهم في
الارضِ أقامُوا الصَّلاةَ وآتَوا الزَّكاةَ
وأمروا بالمعروفِ ونهَوا عن المُنكرِ وللّهِ
عاقبةُ الاُمورِ)([77])
، وقال الامام الباقر(عليه السلام) « إن اللّه
جعل للمعروف أهلاً من خلقه حبب اليهم فعاله ،
ووجّه لطلاب المعروف الطلب اليهم ويسر لهم
قضاءه ، كما يسر الغيث للارض المجدبة »([78]). والخلافة عهد
وبيعة بايع بها المؤمنون ربّهم اللّه ورسوله
على حمل الامانة الالهية وأدائها في الارض ،
وإقامة الدين وإعلاء كلمته ، وإن من أهم
مقوماتها الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
وذلك قوله تعالى : (إنَّ اللّهَ اشترى مِن
المؤمنينَ أنفُسَهم وأموالَهم بأنَّ لهم
الجَنَّةَ يُقاتلونَ في سبيلِ اللّهِ
فيَقتُلون ويُقتَلون وعداً عليهِ حقّاً في
التّوراةِ والانجيلِ والقرآن ومَنْ أوفى
بعهدِه مِن اللّهِ فاستَبشروا ببَيعِكم
الّذي بايَعتُم بهِ وذلكَ هُوَ الفوزُ
العظيمُ * التّائبونَ العابدونَ الحامدونَ
السّائحونَ الرّاكعونَ السّاجدون الامرونَ
بالمعروفِ والنّاهونَ عَن المُنكرِ
والحافظونَ لحدودِ اللّهِ وبَشِّرِ
المُؤمنينَ)([79]).

والخلافة هنا خلافة الامة المؤمنة
الواحدة التي يسعى لتحقيقها الرسل وأتباعهم
من المؤمنين الصالحين ، فهي خلافة الدين
ورسالته في الارض التي وعدها اللّه عباده
الصالحين(وَعدَ اللّهُ الّذينَ آمَنوا
وعَمِلوا الصّالحاتِ لَيَستَخلِفنّهم في
الارضِ كما استَخلفَ الّذينَ مِن قبلِهم
ولَيُمَكِّننّ لهم دينَهم الّذي ارتَضى
لَهُم وليُبدِّلَنَّهم مِن بَعدِ خَوفِهم
أمْناً يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بيْ شَيئاً
ومَنْ كفَرَ بَعدَ ذلكَ فأولئِكَ هُم
الفاسِقونَ)([80])
، وقال الرسول(صلى الله عليه وآله) : « من أمر
بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة اللّه في
الارض ، وخليفة كتابه ، وخليفة رسوله »([81]).

ثانياً : دوائر الامر بالمعروف والنهي
عن المنكر.

وللامر بالمعروف والنهي عن المنكر
ثلاث دوائر هي :

أ ـ الدائرة الاولى هي دائرة الامة
داخلياً ، سواء أكان الامر بالمعروف والنهي
عن المنكر على صعيد فردي فيها ، أو على صعيد
جماعي ، كما لو استشرت حالة المنكرات
والاعراض عن المعروف استشراءً اجتماعياً
عاماً ، أو كانت هناك منظمات خاصة تقبع وراء
انتشار المنكرات والاعراض عن المعروف بشكل
مباشر أو غير مباشر ، لذا جعل الاسلام غايته
وقوامه في هذه الدائرة الامر بالمعروف والنهي
عن المنكر . فعن الرسول(صلى الله عليه وآله)
أنه قال : « لا ينبغي لنفس مؤمنة ترى من يعصي
اللّه فلا تنكر عليه »([82])
، وقال أمير المؤمنين(عليه السلام) : « فرض
اللّه تعالى النهي عن المنكر ردعاً للسفهاء »([83])
، وعنه(عليه السلام)ايضاً قال : « غاية الدين
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإقامة
الحدود »([84])
، وقال أيضاً : « قوام الشريعة الامر بالمعروف
، والنهي عن المنكر ، وإقامة الحدود»([85]). كما أن في
الامر بالمعروف تحقيقاً لمصلحة العامة في
المجتمع الاسلامي الموحَّد ، وذلك قول أمير
المؤمنين(عليه السلام) : « فرض اللّه تعالى ...
الامر بالمعروف مصلحة للعوام »([86]) .

ب ـ الدائرة الثانية هي دائرة حكّام
الجور التي طالما جاهدها المؤمنون المجاهدون
في أغلب أدوار المسيرة الاسلامية عبر تاريخها
الطويل ; والامر بالمعروف والنهي عن المنكر في
هذه الدائرة من أفضل الجهاد لقول رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) : « ألا لا يمنعن رجلاً مهابة
الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه ، ألا إن أفضل
الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطان جائر »([87])
.

وقال الامام علي(عليه السلام) : « ان
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان
من أجل ولا ينقصان من رزق ، ولكن يضاعفان
الثواب ويعظمان الاجر، وأفضل منهما كلمة عدل
عند امام جائر »([88])
. بل إن البرَّ كلّه والجهاد في سبيل اللّه لا
يعدلان قيمة ودور الامر بالمعروف والنهي عن
المنكر ; لقول امير المؤمنين(عليه السلام) : «
ما اعمال البرّ كلّها، والجهاد في سبيل اللّه
عند الامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلاّ
كنفثة في بحر لجّي »([89]) ، وما نهضة
الامام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته الكرام
، وثورته على يزيد المنحرف الجائر إلاّ تصديق
لهذا الامر الالهي ، وصدعٌ بكلمة الحق في وجه
السلطان الجائر الذي رام حرف الدين ،
والاجهاز على أصوله وتعطيل فروعه ومحو صورته
الالهية التي جاهد رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) ، وأهل بيته الطاهرون(عليهم السلام)وأصحابه
الكرام(رضوان اللّه تعالى عليهم) لتثبيتها
وتوحيد الامة عليها ، وهو القائل(عليه السلام)
في ذلك : « وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا
مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب
الاصلاح في أمّة جدّي ، أريد أن آمر بالمعروف
وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي وأبي »([90])
.

ولولا ثورة الامام الحسين(عليه السلام)
والمواقف الجهادية المتواصلة لائمة أهل
البيت(عليهم السلام) وأتباعهم المخلصين ،
لوجدنا أن الامة الاسلامية الواحدة أمم
متعددة بعدد سلاطين الجور والضلال ، ولما حصل
هذا الانفصال والتقابل بين الامة المؤمنة
وهؤلاء السلاطين ، ولما جعل منها أمة واحدة في
مواجهة ألوان الجاهلية والتجبّر والطغيان ،
رغم الحدود والموانع المختلفة بين شعوبها
وأوطانها .

ج ـ الدائرة الثالثة هي الدائرة
الخارجية التي تدفع فيها الامة الاسلامية عن
نفسها من جهة كل منكر يغزوها من الامم الضالة
، وكل معروف مزوّر يفدها من المجتمعات
الجاهلية ، وذلك قول الامام الباقر(عليه
السلام) : « إن الامر بالمعروف والنهي عن
المنكر سبيل الانبياء ومنهاج الصلحاء ، فريضة
عظيمة بها تقام الفرائض ، وتأمن المذاهب ،
وتحلّ المكاسب ، وتردّ المظالم ، وتعمّر
الارض ، وينتصف من الاعداء ، ويستقيم الامر ،
فأنكروا بقلوبكم ، والفظوا بألسنتكم ، وصكّوا
بها جباههم ، ولا تخافوا في اللّه لومة لائم »([91])
.

ومن جهة أخرى تتحمل الامة الاسلامية
مسؤوليتها الكبرى في دعوة الامم والشعوب
الاخرى إلى الاسلام وبيانه لهم عقيدة حق ،
ونظام سعادة ، وحضارة كمال للانسان على الارض
لقوله تعالى : (وَما أَرسلْناكَ إلاّ كافّةً
للنّاسِ بَشيراً ونَذيراً)([92]) . وقوله تعالى
أيضاً (وَما أَرسلْناكَ إلاّ رحمةً
لِلعالَمينَ)([93])
، ولكون الامة الاسلامية تنفرد دون غيرها
بأنها خير الامم ، لشرف انتمائها للاسلام
الذي وحّدها وميّزها عن الامم الاخرى ، وعظمة
الرسالة التي تحملها للناس : (كُنتُم خَيرَ
أُمّة أُخرِجَتْ لِلنّاسِ تَأمُرونَ
بالمَعروفِ وتَنهَونَ عن المُنكرِ
وتُؤمِنونَ باللّهِ ولَوْ آمنَ أهلُ
الكِتابِ لَكانَ خَيراً لهمْ مِنهُم
المُؤمنونَ وأكثَرُهُم الفاسِقونَ)([94])
.

ثالثاً : أثر الامر بالمعروف والنهي
عن المنكر في بناء الامة الاسلامية والحفاظ
على كيانها الواحد.

إن للامر بالمعروف والنهي عن المنكر
آثاراً عظيمة على صعيد بناء الامة الاسلامية
، والحفاظ على وحدتها قوية شامخة ، ومن أبرزها
:

أ ـ تحقيق الوحدة والتماسك الداخلي
على أساس التقوى والعدل ، وامتلاك القدرة على
الحد من حالات الطغيان والظلم التي قد تظهر في
اوساط الامة ، سواء أكان على صعيد أفراد أو
قوىً أو قيام دول وبروز حكّام ينزون على
السلطة فيها ويجنحون إلى الجور والفساد ،
وبعكسه سوف ينتشر الفساد في أوساطها ، وتذهب
ريحها وتتمزّق أوصالها ، وتتفرق شيعاً
وأحزاباً يلعب بمقدّراتها أهل الفجور
والفساد ، ويملك المستكبرون أمرها ، ويسومها
الطغاة الظلم والجور ، ويجرّعها المتجبرون
الذلّ والهوان ، وينهش أطرافها ويستحوذ على
ثرواتها العتاة والشذّاذ من الامم الاخرى ،
فقد جاء في كتاب اللّه الحكيم : (فلَولا كانَ
مِن القُرون مِن قَبلِكُم أولُو بَقيّة
يَنهَونَ عَن الفَسادِ في الارضِ إلاّ قليلاً
مِمَّن أنجَينا مِنهُم واتَّبَع الّذين
ظَلمُوا ما أُترِفوا فيهِ وكانوا مُجرمينَ)([95])
.

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال : «
اعتبروا أيّها الناس بما وعظ اللّه به
أولياءه من سوء ثنائه على الاحبار إذ يقول: (لَولا
يَنهاهُم الرَّبّانيّونَ والاحبارُ عَن
قَولِهم الاثمَ)([96])
، وقال: (لُعنَ الّذينَ كفَروا مِن بَني
إسرائيلَ ـ إلى قوله ـ لَبِئسَ ما كانُوا
يَفعَلونَ)([97])وإنما
عاب اللّه ذلك عليهم لانهم كانوا يرون من
الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد ،
فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون
منهم ، ورهبةً مما يحذرون ; واللّه يقول: (فَلا
تَخشَوا النّاسَ واخشَوني)([98])
، وقال: (المُؤمنونَ والمُؤمناتُ بعضُهم
أولياءُ بعض يأمُرونَ بالمَعروفِ ويَنهَونَ
عَن المُنكرِ)([99])
فبدأ اللّه بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر
فريضةً منه ، لعلمه بأنها إذا أُدّيت وأقيمت
استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها ، وذلك أن
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى
الاسلام ، مع ردِّ المظالم ، ومخالفة الظالم ،
وقسمة الفيء والغنائم ، وأخذ الصدقات من
مواضعها ووضعها في حقها »([100])
.

بل تفقد الامة لطف اللّه سبحانه
باستجابة دعائها للخلاص مما هي فيه من بلاء ،
إن هي تركت فريضة الامر بالمعروف والنهي عن
المنكر ولم تعد اليها ، فعن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) قال : « إذا لم يأمروا بمعروف
ولم ينهوا عن منكر ولم يتبعوا الاخيار من أهـل
بيتي ، سلّط اللّه عليهم شرارهم ، فيدعـو عند
ذلك خيارهم فلا يستجـاب لهـم»([101]
وعن أمير المـؤمنين(عليه السلام) قال : «
لتأمـرنّ بالمعـروف ولتنهُنّ*([102])عن
المنكر، أو ليستعملنّ عليكم شراركم ، فيدعو
خياركم فلا يستجاب لهم»([103]).

ب ـ تقوية شوكة الامة الاسلامية أمام
الامم الاخرى ، وظهورها بمظهر القوّة الواحدة
التي تُرهب أعداء اللّه والاسلام ، ذلك أن
قوّة شوكتها امام الاعداء ناشئة من قوّة
بنائها الداخلي ، وتماسكها الذاتي الذي
حصّنها من نفوذ قوى الكفر والجاهلية ، وجعلها
قوّة تُرهب أعداء اللّه ورسوله ، مضافاً إلى
كونها تترصد العدو ، وتحذره بما تملك من الحس
بالمنكر فتنكره قبل أن ينفذ إلى أوساطها ،
والحس بالمعروف فتعلنه وتأمر به لينشأ منه
رأي عام يملك الافاق والنفوس ، فعن الرسول(صلى
الله عليه وآله) أنه قال : « لا يزال الناس بخير
ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ،
وتعاونوا على البر»([104]).

ثم إن الامة الاسلامية قد تحمّلت
مسؤولية دعوة الناس للدخول في دين اللّه الحق
، ورفع الحجب التي وضعها المستكبرون والطغاة
ليحولوا بين البصائر ورؤية الحق حقّاً فيتبع
والباطل باطلاً فيجتنب ، والصبر على ما
يصيبها من كيد الاعداء وفتنتهم ، فقد جاء على
لسان لقمان(عليه السلام) في القرآن الكريم : (يا
بُنيَّ أقِم الصَّلاةَ وأمُرْ بالمعروفِ
وانهَ عن المُنكرِ واصبِرْ على ما أصابكَ
إنَّ ذلكَ مِنْ عَزْمِ الاُمورِ)([105])
، كما أن النصر الالهي في تحقيق هذه الاهداف
أثر من آثار الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
على هذا الصعيد ، لقول رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) : « يا أيها الناس ، إن اللّه يقول
لكم : مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن
تدعوا فلا أجيب لكم، وتسألوني فلا اعطيكم
وتستنصروني فلا انصركم »([106])
، كما ربط اللّه تعالى حرمان بركات الوحي ونزع
هيبة الاسلام من الامة ، بتركها للامر
بالمعروف والنهي عن المنكر وتعظيم الدنيا ،
فعن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) قال : «إذا
عظّمت أمتي الدنيا نُزعت منها هيبة الاسلام ،
وإذا تركت الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حرمت بركة الوحي »([107])
. وعنه(صلى الله عليه وآله) ايضاً : « لا يزال
الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن
المنكر ، وتعاونوا على البر ، فإذا لم يفعلوا
نُزعت عنهم البركات وسلّط بعضهم على بعض ،
وليس لهم ناصر في الارض ولا معين »([108]
كما ربط ذهاب قوّة الامة وفقدها لعزّتها
بتركها الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،

فعن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)قال : «
لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنَّ عن المنكر([109])أو
ليلحينّكم* اللّه كما لحيت عصاي هذه»([110])
، وعنه(صلى الله عليه وآله) ايضاً : « لتأمرنّ
بالمعروف وتنهنّ عن

المنكر أو ليبعثنَّ اللّه عليكم العجم
فليضربنَّ رقابكم، وليكونّن أشداء لا يفرّون»([111]) .

6 ـ التعاون على البرِّ والتقوى :

البرّ هو أوسع صور الاحسان وأصدقها ،
وما اقترانه بالتقوى في كثير من الايات
الكريمة والروايات الشريفة ، إلاّ دليل على
أن البرّ يفتقر في ديمومته ونموّه في الكيف
والكم إلى تقوى البارّ للّه تعالى ; كما أنهما
لا ينهضان ولا يظهران حالة اجتماعية وسلوكاً
عاماً لابناء الامة ، إلاّ إذا تناجى
المسلمون بهما وتعاونوا عليهما ، والتعاون
عليهما عمل جماعي يجب أن يمارس على صعيد الامة
، لتتحقق بذلك الاخوّة بأفضل صورها وأعلى
رتبها ، وتكون عاملاً حاسماً في رفع ودفع كل
صور الاثم والعدوان والعصيان من واقع الامة ،
وتوحيدها في المبدأ والمسار والمصير ، ورصّ
صفوفها على صراط اللّه المستقيم وسبيله
القويم ، وفي ذلك قال اللّه تعالى في محكم
كتابه المجيد : (يا أيُّها الّذينَ آمَنوا إذا
تَناجَيتُم فلا تَتَناجَوا بالاثمِ
والعُدوانِ ومَعصِيةِ الرَّسولِ وتَناجَوا
بالبِرِّ والتَقوى واتّقوا اللّهَ الّذي
إليهِ تُحشَرونَ)([112])
، وفي آية أخرى قال اللّه تعالى : (تَعاوَنوا
على البِرِّ والتَقوى ولا تَعاونوا على
الاثمِ والعُدوانِ واتَّقوا اللّهَ إنَّ
اللّهَ شديدُ العِقابِ)([113])
، وجاء عن الامام الصادق(عليه السلام) في
وصيته لاحد أصحابه قوله : « من صالح الاعمال
البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم ، ففي ذلك
مرغمة للشيطان ، وتزحزح عن النيران ، ودخول
الجنان. أخبر بهذا غرر أصحابك ... هم البررة
بالاخوان في العسر واليسر »([114]) .

ويؤكّد المضمون المبدئي للبر
وارتباطه المعنوي بالتقوى أن علامات وصفات
البارّ هي نفس علامات وصفات التقي ، كما في
قوله تعالى : (وليسَ البِرُّ بأنْ تَأتوا
البُيوتَ مِن ظُهورِها ولكنَّ البرَّ مَن
اتَّقى وأْتُوا البُيوتَ مِن أبوابِها
واتَّقوا اللّهَ لعلَّكم تُفلِحونَ)([115])
، كما جاء في الحديث عن الرسول(صلى الله عليه
وآله) في علامات البارّ قوله : « يحبّ في اللّه
، ويبغض في اللّه ويصاحب في اللّه ، ويفارق في
اللّه ، ويغضب في اللّه ، ويرضى في اللّه ،
ويعمل للّه ، ويطلب اليه ويخشع خائفاً مخوفاً
، طاهراً مخلصاً ، مستحيياً مراقباً ، ويحسن
في اللّه »([116])
.

وهكذا فإن أمة هذه صفات أبنائها ،
واللّه الواحد الاحد محورها في كل شيء ، هي لا
شك أمة التوحيد والوحدة في عقيدتها وحياتها
وحركتها .

ويؤكد الامام الصادق(عليه السلام) دور
التعاون على البر وأثره في بناء الامة
الصالحة وتوحدها في اللّه ، وأنه يُثمر الحب
في اللّه ، والتواصل والتراحم فيما بين أبناء
الامة ، وهذا هو أعلى صور الاخوّة والتوحّد في
اللّه ومن أجل اللّه، وذلك لتفريعه(عليه
السلام) كل ذلك على البرِّ في قوله : « اتقوا
اللّه ، وكونوا إخوة بررة، متحابّين في اللّه
، متواصلين ، متراحمين »([117])
، وجاء عنه(عليه السلام) أيضاً : « تواصلوا،
وتبارّوا، وتراحموا، وتعاطفوا »([118])
، وجاء عنه(عليه السلام) ايضاً : « تواصلوا
وتبارّوا وتراحموا ، وكونوا إخوة بررة كما
أمركم اللّه عزَّوجل »([119]).

بل إن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
يرى أن بذل النفس في سبيل اللّه من أعلى درجات
البر ، فقد قال(صلى الله عليه وآله) : « فوق كل
ذي برّ برّ حتى يقتل في سبيل اللّه فليس فوقه
برّ»([120]).
وبذلك يكون التعاون على البر جهاداً يدفع عن
الامة كيد الاعداء ، ويحفظ بيضة الاسلام من
الخطر ، وهو عمل أمة متحدة على أسس الايمان
والتقوى والبذل والتضحية والصبر في البأساء
والضرّاء وحين البأس ، لقوله عزَّ من قائل في
كتابه الكريم : (ليسَ البِرَّ أنْ تُولّوا
وجُوهَكم قِبَلَ المشرِقِ والمغرِبِ ولكنَّ
البِرَّ مَن آمن باللّهِ واليومِ الاخرِ
والملائكةِ والكِتابِ والنَبيّينَ وآتى
المال على حُبّهِ ذَوي القُربى واليتامى
والمساكينَ وابنَ السبيلِ والسائلينَ وفي
الرِّقابِ وأقامَ الصَّلاةَ وآتى الزَّكاةَ
والمُوفونَ بعهدهم إذا عاهَدوا والصَّابرينَ
في البأساءِ والضَّرّاءِ وحِينَ البأسِ
أُولئكَ الّذينَ صَدَقوا وأُولئكَ هُم
المُتَّقونَ)([121]).

7 ـ الاستباق إلى فعل الخير وإشاعته :

لقد طفح القرآن الكريم والسنّة
الشريفة بالدعوة إلى فعل الخير والاستباق
إليه وإشاعته ، فقد قال الامام علي(عليه
السلام) : « عليكم باعمال الخير فبادروها ، ولا
يكن غيركم أحق بها منكم »([122])
، وذلك لكونه أعم الاسس الاخلاقية في تكوين
الانسان الصالح والامة الصالحة ، وبناء
وحدتها وتطبيق مبدأ الاخوّة بين أبنائها ،
لاجتماع حقيقة الدين فيه ، لقول أمير
المؤمنين(عليه السلام) فيه : « جماع الخير في
الموالاة في اللّه ، والمعاداة في اللّه ،
والبغض في اللّه ، والمحبّة في اللّه »([123])
. وقال الامام الصادق(عليه السلام) : «جعل الشر
كله في بيت وجعل مفتاحه حب الدنيا ، وجعل
الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا»([124]).

وقد صرّح القرآن الكريم بالسبب الكامن
وراء الاختلاف والتفرّق وهو اتباع الاهواء ،
كما صرّح بالعلاج لهذا الداء الوبيل وهو
الحكم بما أنزل اللّه واستباق الخيرات ،
فإنّها الاساس الاخلاقي الامثل لتوحيد الامة
ورفع الاختلاف فيما بينها ، ومن آيات ذلك قوله
تعالى : (وأَنزلْنا إليكَ الكِتابَ بالحقِّ
مصدِّقاً لما بَينَ يدَيهِ مِن الكِتابِ
ومُهَيمِناً عَليهِ فاحكُمْ بينَهُم بِما
أنزلَ اللّهُ ولا تتَّبِعْ أهواءَهُم عَمّا
جاءكَ مِن الحقِّ لكلّ جَعلْنا مِنكُم شِرعةً
ومِنهاجاً ولو شاءَ اللّهُ لجَعَلَكُم
أُمّةً واحِدةً ولكنْ ليَبلُوَكم فيما
آتاكُم فاستَبِقوا الخَيراتِ إلى اللّه
مَرجِعُكم جَميعاً فيُنبِّئُكم بِما كُنتُم
فيهِ تَختَلِفونَ)([125]).

كما جعل اللّه سبحانه من أبرز أعمال
أوليائه ـ رسلاً وأئمة ـ فعل الخيرات ، وأنها
أحد اركان العبادة له سبحانه وتعالى ، حيث قال
في محكم كتابه الكريم : (وجَعلْناهُم أئِمّةً
يَهدونَ بأمرِنا وأوحَينا إليهِمْ فِعلَ
الخَيراتِ وإقامَ الصَّلاةِ وإيتاءَ
الزَّكاةِ وكانُوا لنا عابِدينَ)([126])
.

ومن أبرز سنن الخير التي تضفي على
الامة الاسلامية روح الاخوّة والسلام ، وتخلق
فيها أجواء الحب والوئام ، وتميّزها عن غيرها
من الامم هي سنّة افشاء السلام ، فقد ورد عن
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أنه قال : « ألا
أخبركم بخير أخلاق أهل الدنيا والاخرة ؟
قالوا : بلى يا رسول اللّه ، فقال : إفشاء
السلام في العالم»([127]
وورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال:
«سُنّة الاخيار لين الكلام وإفشاء السلام»([128]).

أمّا أنه كيف تعرف الخير وأهله فقد ورد
وصفهم في حديث المعراج على لسان رب العزة قال :
« يا أحمد، إن أهل الخير وأهل الاخرة رقيقة
وجوههم كثيرٌ حياؤهم ، قليل حمقهم كثيرٌ
نفعهم ، قليل مكرهم، الناس منهم في راحة
وانفسهم منهم في تعب ، كلامهم موزون، محاسبين
لانفسهم متعبين لها، تنام أعينهم ولا تنام
قلوبهم، اعينهم باكية وقلوبهم ذاكرة ، إذا
كتب الناس من الغافلين كتبوا من الذاكرين ...
ولا يشغلهم عن اللّه شيء طرفة عين . ولا يريدون
كثرة الطعام ولا كثرة الكلام ولا كثرة اللباس
. الناس عندهم موتى واللّه عندهم حيّ قيوم ... »([129])
.

وأمّا أنه كيف تنتمي إلى أهل الخير
واُمته وذلك قول أمير المؤمنين(عليه السلام) :
«ألا وإنّ اللّه سبحانه قد جعل للخير أهلاً ،
وللحق دعائم ، وللطاعة عصماً ; وإن لكم عند كل
طاعة عوناً من اللّه سبحانه يقول على الالسنة
، ويثبّت الافئدة فيه كِفاءٌ لمكتف ، وشفاءٌ
لمشتف »([130])
، فقد ورد في معرفة خير الناس أنه : « قال رجلٌ
للنبي(صلى الله عليه وآله)... : أحبّ أن اكون خير
الناس ، فقال : خير الناس مَنْ ينفع الناس فكن
نافعاً لهم »([131]).
وقال(صلى الله عليه وآله) أيضاً : « خير الناس
من انتفع به الناس »([132])
، وعن أمير المؤمنين(عليه السلام)أنّه قال: «خيرُ
الناس من نفع الناس»([133]
وعنه(عليه السلام) أيضاً : « خير الناس من
تحمّل مؤنة الناس »([134])
وعن معرفة الخير والشر وأهلهما يقول أمير
المؤمنين(عليه السلام) : «إن الخير والشر لا
يُعرفان إلاّ بالناس ، فإذا أردت أن تعرف
الخير فاعمل الخير تعرف أهله ، وإذا اردت أن
تعرف الشر فاعمل الشر تعرف أهله »([135])
.

أمّا خير الاخيار وأفضلهم فقد عرّفه
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بقوله : «
خيركم مَنْ دعاكم إلى فعل الخير »([136])
، وقال(صلى الله عليه وآله) أيضاً : « خيرٌ من
الخير معطيه »([137])
، وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه قال : «
افعلوا الخير ما استطعتم فخيرٌ من الخير
فاعله »([138]
وعنه أيضاً قال : « فاعل الخير خيرٌ منه وفاعل
الشر شرٌ منه »([139]).


([1])
الانبياء: 92.

([2])
المؤمنون: 52.

([3])
البقرة: 127.

([4])
مجمع البيان 1 : 223.

([5])
البحار 82 : 206.

([6])
ابراهيم : 40 .

([7])
البحار 77 : 127 .

([8])
البحار 82 : 310 .

([9])
كنز العمال ح 18889 .

([10])
البحار 82 : 209 .

([11])
شرح نهج البلاغة 17:5.

([12])
البحار 77 : 290 .

([13])
وسائل الشيعة 5 : 372 نقلاً عن العلل وعيون
الاخبار.

([14])
آل عمران: 97.

([15])
الحج : 27.

([16])
وسائل الشيعة 8 : 9 .

([17])
عيون اخبارالرضا2 : 126.

([18])
التوبة : 71.

([19])
الكافي 2 : 163.

([20])
المنافقون : 8 .

([21])
البحار 77 :162، ح 181.

([22])
الكافي 2 : 164.

([23])
البحار 61 : 150 .

([24])
الكافي 2 : 166 .

([25])
البحار 74 : 264 .

([26])
التوبة : 7 .

([27])
الانفال : 72 ـ 75 .

([28])
الكافي 2 : 164.

([29])
وسائل الشيعة 29: 75.

([30])
الكافي 2 : 170 ـ 171.

([31])
آل عمران : 110 .

([32])
العصر: 1 ـ 3.

([33])
البقرة : 119 .

([34])
البقرة : 26 .

([35])
أمالي المفيد : 5 .

([36])
ميزان الحكمة 2: 473 نقلاً عن كتاب علي وبنوه.

([37])
البحار 2 : 105 .

([38])
البحار 77 : 200 .

([39])
غرر الحكم: 465 ح 4089.

([40])
غرر الحكم 2 : 471، ح 4121.

([41])
نهج السعادة 3 : 294 .

([42])
البحار 78 : 229 .

(*)
كرثه الامر: ساءه واشتد عليه وبلغ منه المشقة
/ راجع لسان العرب، مادة «كرث».

([44])
البحار 70 : 107 .

([45])
البحار 78 : 224.

([46])
الشورى : 24 .

([47])
المؤمنون: 70 والزخرف: 78.

([48])
البحار 77 : 258 .

([49])
غرر الحكم 2 : 358.
.

([50])
غرر الحكم 2 : 468، ح 4105.

([51])
البحار 70 : 184 .

([52])
البحار 70 : 107 .

([53])
الاحزاب : 4 .

([54])
الانعام : 159 .

([55])
الانعام: 181.

([56])
النساء : 135 .

([57])
البحار 71 : 358.

([58])
البحار 77: 236.

([59])
كنز الفوائد ح43588.

([60])
البحار 74 : 196.

([61])
البقرة : 143.

([62])
الحج : 78.

([63])
آل عمران : 140 .

([64])
آل عمران : 110 .

([65])
الحج : 41 .

([66])
وسائل الشيعة 11 : 398.

([67])
البحار 100 : 75.

([68])
النحل : 89 .

([69])
آل عمران : 113 ـ 114 .

([70])
الاعراف : 157 .

([71])
تحف العقول : 358 .

([72])
البحار 100: 93.

([73])
التوبة : 71 .

([74])
نهج البلاغة، الحكمة : 31.


([75]) غرر الحكم: 256، ح12394.

([76])
وسائل الشيعة 11: 399.

([77])
الحج: 41.

([78])
الكافي 4 : 25.

([79])
التوبة:111 ـ 112.

([80])
النور: 55.

([81])
كنز العمال، ح5564.

([82])
كنز العمال، ح5614.

([83])
البحار6: 111.

([84])
مستدرك الوسائل2 : 359.

([85])
غرر الحكم 2 : 80 .

([86])
البحار 6 : 111 .

([87])
كنز العمال ح43588.

([88])
غرر الحكم 6 : 262 .

([89])
شرح نهج البلاغة 19 : 306 .

([90])
البحار 44 : 329 .

([91])
الكافي 5 : 55 ـ 56 .

([92])
سبأ : 28 .

([93])
الانبياء : 107 .

([94])
آل عمران : 110 .

([95])
هود : 116 .

([96])
المائدة : 66 .

([97])
المائدة : 81 .

([98])
المائدة : 47 .

([99])
التوبة : 72 .

([100])
تحف العقول : 237 .

([101])
البحار 100 : 72 .

(*)
هكذا وردت في المصدر، وصوابها (ولتنهَونّ)،
وكذا فيما يأتي من أحاديث.

([103])
الهذيب 6 : 176 .

([104])
البحار 100 : 94 .

([105])
لقمان : 17 .

([106])
الترغيب 3 : 233 ، رواه ابن ماجة وابن حبّان .

([107])
كنز العمال ح 607.

([108])
البحار 100 : 94 .

(*)
والمراد لينقصنكم اللّه في النفوس
والاموال، وليصيبنكم بالمصائب العظام
فتكونون كالاغصان التي جرّدت من اوراقها،
وعريت من ألحيتها وأليافها فصارت قضباناً
مجرّدة، وعيداناً مفردة.

([110])
البحار 100 : 71 .

([111])
كنز العمال ح5563.

([112])
المجادلة : 9.

([113])
المائدة : 2 .

([114])
البحار 74 : 312 .

([115])
البقرة : 189 .

([116])
تحف العقول : 23.

([117])
الكافي 2 : 175.

([118])
الكافي 2 : 175.

([119])
الكافي 2 : 175.

([120])
البحار 74 : 61.

([121])
البقرة : 177 .

([122])
غرر الحكم.

([123])
غرر الحكم.

([124])
مشكاة الانوار : 264 .

([125])
المائدة : 48 .

([126])
الانبياء : 73 .

([127])
البحار: 76: 12.

([128])
غرر الحكم.

([129])
البحار 77 : 24 .

([130])
نهج البلاغة خ 214.

([131])
كنز العمال ح 44155.

([132])
البحار 75 : 23 .

([133])
غرر الحكم.

([134])
غرر الحكم .

([135])
البحار 78 : 41 .

([136])
تنبيه الخواطر : 362 .

([137])
البحار 77 : 161 .

([138])
غرر الحكم .

([139])
نهج البلاغة، الحكمة 32.



/ 1