نقد
مقدمة علم اصول الفقه
قراءة نقدية في ضوء المنهج العلمي
الحديث
* الدكتور بدالهادي الفضلي
(الحجاز)
منهجيـا وتبويبـاً تشتمـل المقدمـات
العلميـة للعلـوم علـى النقـط التالية:
1 ـ تعريف العلم.
2 ـ بيان موضوعه الذي يبحث فيه.
3 ـ الفائدة المتوخاة من دراسته وتعلمه.
4 ـ الحكم الشرعي لتعلمه وتعليمه.
5 ـ بيان علاقاته بالعلوم الاُخرى.
من هنا كان على الباحث الذي يريد أن
يتناول المقدمة الاُصولية أن تدور دراسته حول
المحاور المذكورة.
ولا بد أن نؤكد ان اكتمال تطور علم
اصول الفقه كان على يدي الاُصولي الكبير
الشيخ الاعظم مرتضى الانصاري، وذلك بإضافاته
المتمثلة في:
1 ـ تنظيم البحث الاُصولي.
2 ـ وضع مصطلحات اُصولية جديدة اقتضتها
طبيعة التطوير.
3 ـ توضيح وتركيز أبعاد وعناصر البحث
الاُصولي التي هي:
أ ـ الاصالة في مادة البحث.
ب ـ العمق في طريقة البحث.
ج ـ الاستقلالية في نتيجة البحث.
وعلى ضوء ذلك نقوّم المقدمة الاُصولية
بالقراءة النقدية التالية:
تعريفه
إذا قمنا باستعراض شامل للعلوم الاخرى
المماثلة لعلم اُصول الفقه أمثال: العلوم
اللغوية: كالنحو والصرف والبلاغة، والمعارف
العقلية: كالمنطق والفلسفة وعلم الكلام،
والعلوم الشرعية: كالفقه والحديث والرجال،
وخلافها، فسوف نرى أن تعريفاتها مستمدة من
واقع موضوعاتها التي تبحث فيها.
فعلى سبيل المثال: علم المنطق يدرس
موضوعين، هما: التعريف والاستدلال، فنستطيع
أن نقول في تعريفه: هو العلم الذي يبحث في
قواعد التعريف وقواعد الاستدلال.
وعلم النحو يدرس الجملة من حيث
تركيبها ووظيفة كل كلمة في التركيب،
فبإمكاننا أن نعرّفه بقولنا: هو العلم الذي
يبحث في قواعد تركيب الجملة ووظائف عناصرها...
وهكذا.
في ضوء هذا: إننا إذا أردنا أن نعرّف
علم أصول الفقه لا بد لنا من أن ننطلق إلى هذا
من معرفة موضوعه.
ولان موضوعه غير واضح الملامح في
مدوناته المعروفة بسبب اختلاف النظرة إلى
واقعه التي تتلخص في فروقها بالاجابة عن
التساؤلات التالية:
هل هذا العلم يبحث في الادلّة
مطلقاً؟
أو هو يبحث في خصوص أدلّة الفقه،
وبشكل عام، أي بما يشمل الامارات والاُصول
ايضاً؟
أو أنه يختص ببحث الادلّة الاربعة:
الكتاب والسنّة والاجماع والعقل؟
أو أنه لا موضوع خاصاً له، وإنما
يبحث في مسائل شتّى، تلتقي تحت سقف غرض واحد،
هو القاسم المشترك لها، والقدر الجامع بينها،
وذلك الغرض هو الوصول إلى الحكم الشرعي أو ما
يقوم مقامه من وظائف عقلية؟
بسبب هذا جاءت تعريفاته ـ هي الاخرى ـ
مختلفة أيضاً، وكأمثلة لهذا:
قال السيد المرتضى، (المتوفى سنة 436 هـ )
في (الذريعة): «إن الكلام في اُصول الفقه إنما
هو في الحقيقة كلام في أدلّة الفقه».
وعرّفه الشيخ الطوسي (المتوفى سنة 460هـ )
في (العدّة) بقوله: «اُصول الفقه هي أدلّة
الفقه».
ويعني بالادلّة ـ كما يظهر من شرحه
للتعريف ـ : الكتاب والسنّة.
ومن بعده عرّفه الفخر الرازي (المتوفى
سنة 606هـ ) في (المحصول): بأنه «عبارة عن
مجموع طرق الفقه على سبيل الاجمال، وكيفية
الاستدلال بها، وكيفية حال المستدلّ بها».
وفسّر الرازي (طرق الفقه) بما يتناول
الادلّة والامارات.
ومن بعده حدّد القاضي علاء الدين
المقدسي (المتوفى سنة 885 هـ ) في (الكوكب
المنير المسمّى بمختصر التحرير) موضوعه بـ «الادلّة
الموصلة إلى الفقه».
وبعد تطوّر الدرس الاُصولي في المذهب
السنّي يحدّه الاُستاذ المعاصر الشيخ
عبدالوهاب خلاف المتوفى سنة 1376هـ في كتابه
(علم اصول الفقه) بـ «الدليل الشرعي الكلّي من
حيث ما يثبت به من الاحكام الكلية».
وهي ـ كما ترى ـ تعريفات استمدّت
مادّتها من تحديد موضوعه بالدليل الفقهي.
ويبدو أن تعريفاً آخر وازى التعريف
المذكور، وسايره جنباً الى جنب منذ عهد ابن
الحاجب المالكي (المتوفى سنة 646هـ ) حيث
عرّفه في كتابه (منتهى الوصول والامل) بـ : «العلم
بالقواعد التي يتوصل بها الى استنباط الاحكام
الشرعية الفرعية من أدلّتها التفصيلية».
ونلمس صدى هذا التعريف عند الميرزا
القمي (المتوفى سنة 1231هـ ) في كتابه (القوانين)
حيث عرّفه بـ : «العلم بالقواعد الممهدة
لاستنباط الاحكام الشرعية».
ولما لاحظه عليه الشيخ الخراساني (المتوفى
سنة 1329هـ ) في كتابه (الكفاية) من عدم
شموليته للاُصول العملية التي تعيّن الوظيفة
للمكلّف عند عدم وصوله إلى الحكم الواقعي،
عرّفه بقوله: «صناعة يعرف بها القواعد التي
يمكن أن تقع في طريق استنباط الاحكام، أو التي
ينتهى إليها في مقام العمل»، ويريد بهذه
الاخيرة الاُصول العملية.
وما في هذه التعريفات من عدم تبيان
هوية القواعد آت من عدم الايمان بوحدة موضوع
هذا العلم كما هو واضح.
ولعلّ تعريف الميرزا البوجنوردي في
كتابه (المنتهى) يشير الى هذا بوضوح حيث يقول:
«علم الاُصول عبارة عن جملة من القضايا التي
تصلح لان تقع كل واحدة منها كبرى قياس تكون
نتيجته الحكم الكلي الشرعي الفرعي، أو البناء
العملي العقلي كالبراءة والتخيير العقليين».
ويختصره اُستاذنا الشهيد الصدر(قدس
سره) في (الحلقة الثالثة) بما هو أكثر دقّة
وأبعد عن المآخذ التي سجّلت على تعريف صاحب
القوانين بقوله: «علم الاُصول: هو العلم
بالعناصر المشتركة لاستنباط جعل شرعي»، ذلك
أن (العناصر المشتركة) تشمل كل ما له دخل مباشر
في عملية الاستنباط الفقهي، من الظواهر
اللغوية الاجتماعية العامة، والمدركات
العقلية الاجتماعية العامة.
وعلى هدي منه حدّد موضوع علم الاصول بـ
«الادلّة المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصة».
ومن قبل ذلك عرّفه السيد البروجردي بـ
«القانون الذي يعد حجّة في الفقه».
وأخيراً نقف عند تعريف الشيخ محمد أبو
زهرة في كتابه (اُصول الفقه) القائل: «اُصول
الفقه: هو العلم بالقواعد التي ترسم المناهج
لاستنباط الاحكام العملية من أدلّتها
التفصيلية».
ومن المفيد أن أستطرد ـ هنا ـ فأشير
الى أن الاُصوليين إنما اختاروا كلمة (استنباط)،
ولم يستخدموا كلمة (استخراج) أو (استفادة)، لما
تحمل هذه الكلمة من معنى يلتقي وطبيعة
الاجتهاد، الذي هو بذل الجهد الفكري في
الوصول إلى المطلوب، ذلك أن كلمة (استنباط)
تعني في لغتنا العربية: الاستخراج ولكن ببذل
جهد ومعاناة فكر، فهي ـ باختصار ـ تعني
الاجتهاد.
وقد نلمس هذا الفرق بينها وبين
الاستخراج في الاستعمالات اللغوية
الانجليزية، فإنها إذا كانت بمعنى الاستخراج
هي Extracting وإذا كانت بمعنى الاكتشاف الذي لا
يحصل ـ غالباً ـ إلاّ بالاجتهاد، هي Discovory .
وكما رأينا: تَطوّرَ موضوع هذا العلم:
1 ـ من أدلة الفقه:
وهي كلّ ما يصلح لان يكون مستنداً
للفتوى من دليل أو أمارة أو أصل.
2 ـ الى القواعد:
وهي القضايا الكلية التي تقع كبرى في
قياس الاستنباط الفقهي.
3 ـ الى القانون:
والقانون هو القاعدة.
4 ـ الى العناصر المشتركة:
وهي أعم من القواعد بما يشمل كلّ عنصر
مشترك له دخل مباشر في عملية الاستنباط
الفقهي.
ومع هذا لا يزال الغموض يظلّل منطلقات
البحث في الموضوع، ومن ثم الموضوع نفسه، حيث
لم تقيد القواعد بإضافتها إلى ما يوضح
حقيقتها، كما في تعريفات العلوم الاخرى،
وكذلك العناصر المشتركة، والقانون، فبقيت
غير واضحة الهوية، يحوطها شيء من الضباب،
ويلفها شيء من التعتيم.
ومـا ذهب إليه الرواد الاوائل مـن أن
موضوع اُصول الفقـه هو أدلّة الفقـه، أقرب
الـى طبيعة المسألـة، إلاّ أن نظرتهم انصبّت
علـى جانب التطبيـق دون النظرية.
ويرجع هذا ـ فيما أرى ـ الى شيء من
التلابس الذي وقع بين النظرية والتطبيق أثناء
البحث.
ذلك أن هذا العلم من حيث النظرية يبحث
في الدلالة مطلقاً: الدلالة الالسنية بأية
لغة كانت، والدلالة العقلية في كل المجتمعات
البشرية.
ولكن لاضافة الاصول (التي هي الادلّة
أو القواعد أو القانون أو العناصر) إلى الفقه،
والمراد به الفقه الاسلامي، التمست الامثلة
وأخذت من النصوص الشرعية، فتلابست وأُلبست
النظرية بالتطبيق.
وبعد هذا العرض المقتضب نستطيع أن
نقول: إن موضوع علم اُصول الفقه هو الادلّة
مطلقاً.
ولكن لانّا من خلاله نحاول معرفة
الدلالة الفقهية، شرعية كانت أو عقلية،
لاستفادة الجعل الشرعي حكماً كان أو وظيفة،
يكون موضوعه ـ بشكل خاص ـ الدلالة الفقهية.
وعلى هدي منه يمكننا أن نعرفه بأنه:
العلم الذي يبحث في الدلالة بعامة، والدلالة
الفقهية بخاصة. أو قل ـ باختصار ـ علم الاصول:
هو دراسة اُصول الاستنباط.
موضوعه:
تبينا من خلال بحثنا في تعريف علم
اُصول الفقه موضوعه أيضاً، وهو الدلالة عامة
والدلالة الفقهية خاصة.
ولنأخذ لذلك مثالاً توضيحياً: (الظهور
في اللفظ) ـ كلمة كان اللفظ أو جملة أو سياقاً
ـ هل يعتبر دليلاً يستدلّ به، وحجّة يحتجّ
بها؟.
إن النتيجة التي يتوصل إليها البحث
الاُصولي، سلباً أو إيجاباً، لا يقتصر بها
على لغة من اللغات البشرية، كما لا يقتصر بها
على مجتمع من المجتمعات البشرية، وإنما تؤخذ
على نحو الشمولية لكل اللغات ولكل المجتمعات،
لان الظهور اللفظي من الظواهر اللغوية
الاجتماعية المشتركة بين كل اللغات، وفي جميع
المجتمعات.
فدراسة ظاهرة الظهور ـ هنا ـ عامة،
ونتيجتها التي تتوصل إليها الدراسة ـ أيضاً ـ
عامة.
ولكن لانّا نهدف من دراستنا لقاعدة
الظهور المشار إليها، محاولة استفادة الحكم
من ظواهر الالفاظ الشرعية، يأتي الامر هنا
تطبيقاً للنظرية العامة على اللغة العربية
بشكل خاص، وفي مجال الالفاظ الشرعية بشكل
أخص، فكأنا بحثنا في دلالة الالفاظ الشرعية
بصورة خاصة.
ولنأخذ مثالاً آخر: (لزوم الامر بالشيء
النهي عن ضده)، إن هذه القضية تبحث في علم
اُصول الفقه كظاهرة اجتماعية عامة لكل
مجتمعات البشر، فما يدركه العقل ـ هنا ـ أو ما
عليه سيرة العقلاء في هذه القضية مما يتوصل
إليه البحث الاصولي من نتيجة، سلباً أو
إيجاباً، تعدّ ظاهرة عامة لكل المجتمعات
البشرية.
ولكن لانّا طبقنا هذه القاعدة (قاعدة
لزوم الامر بالشيء النهي عن ضده) على الاوامر
الشرعية في المجتمع الاسلامي نكون كأننا
بحثنا هذه الظاهرة في المجتمع الاسلامي خاصة،
وفي الامتثالات الشرعية بشكل أخص.. وهكذا.
ونخلص من هذا كلّه الى أن علم اُصول
الفقه يدرس الموضوعين التاليين:
1 ـ الظواهر اللغوية الاجتماعية
العامة، أي المشتركة بين جميع لغات البشر.
2 ـ المدركات العقلية العامة، أي
المشتركة بين جميع مجتمعات البشر.
ويتحرك في بحثه داخل دائرة التشريعات،
شرعية وعرفية وقانونية. وكأصول للفقه
الاسلامي يقتصر في دراساته على قضايا التشريع
الاسلامي.
فائدته:
من الواضح أن فائدة هذا العلم مهمة
جداً، لانه المدخل المباشر لمعرفة الاحكام
الشرعية.
وكل اُمة لا بدّ أن يكون لها تشريعها
الذي هو نظام حياتها، ولا بدّ أن يكون
لتشريعها علماؤه المتخصصون به.
والاُمة الاسلامية تشريعها هو الفقه
الاسلامي، والمتخصصون به هم الفقهاء،
والفقيه لا يكون فقيهاً إلاّ بعد تخصصه بعلم
اُصول الفقه، لانه منهج الفقه والمدخل اليه.
حكم تعلّمه:
وحكم تعلّمه يترشّح من حكم تعلّم
الفقه، ولان تعلّم الفقه من الواجبات
الكفائية، وهو متوقّف على علم الاُصول، وعلم
الاُصول هو المقدّمة المباشرة للاجتهاد فيه،
يصبح تعلّمه ـ هو الاخر ـ واجباً كفائياً من
باب وجوب ما لا يتم الواجب الاّ به.
علاقته بالعلوم الاخرى:
لعلم الاُصول علاقة وثيقة بالعلوم
التالية:
1 ـ علوم اللغة العربية:
الاصوات والتصريف والنحو. وذلك ليعرف
الدارس الاُصولي دلالات الحرف والكلمة
والجملة. ليمكنه الانطلاق في دراسة النص
العربي وبخاصة الشرعي منه.
2 ـ علم اللغة العام Linguistics (عليهم
السلام)
ذلك أن علم اللغة العام يعنى بدراسة
الظواهر اللغوية المشتركة بين كل اللغات.
يقول الدكتور السعران في كتابه (علم اللغة:
مقدمة للقارئ العربي): «واللغة التي يدرسها
علم اللغة ليست الفرنسية أو الانجليزية أو
العربية، ليست لغة معينة من اللغات، إنما هي (اللغة)
التي تظهر وتتحقق في أشكال لغات كثيرة ولهجات
متعددة وصور مختلفة من صور الكلام الانساني،
فمع أن اللغة العربية تختلف عن الانجليزية،
وهذه الاخيرة تفترق عن الفرنسية، إلاّ أن ثمة
أصولاً وخصائص جوهرية تجمع ما بين هذه
اللغات، وتجمع ما بينها وما بين سائر اللغات
وصور الكلام الانساني، وهو أن كلاً منها لغة،
أن كلاً منها نظام اجتماعي معين تتكلّمه
جماعة معينة، بعد أن تتلقاه عن المجتمع،
وتحقق به وظائف خاصة، ويتلقّاه الجيل الجديد
عن الجيل السابق، ويمرّ هذا النظام بأطوار
معينة، متأثراً بسائر النظم الاجتماعية
والسياسية والاقتصادية والدينية وبسوى ذلك...
إلخ، وهكذا فعلم اللغة يستقي مادته من النظر
في اللغات على اختلافها، وهو يحاول أن يصل الى
فهم الحقائق والخصائص التي تسلك اللغات
جميعاً في عقد واحد».
وهذا الذي يدرسه علم اللغة كان يدرس
ضمن الفلسفة ثم انسرب منها إلى مباحث الالفاظ
في اُصول الفقه، واستقلّ أخيراً عن عالم
الفلسفة بما يعرف حديثاً بـ (علم اللغة
العام).
وأضاف إليه علم اللغة ما يرتبط باللغة
من معطيات الدراسات الانسانية في علم
الاجتماع وعلم النفس، ومؤديات البحوث
الطبيعية في علم الفيزياء وعلم الوراثة وعلم
الاحياء وعلم وظائف الاعضاء وعلم التشريح،
وكذلك استعان بالجغرافية والتاريخ.
ففي علم اللغة موضوعات مشتركة بينه
وبين علم اُصول الفقه، أمثال: نشأة اللغة،
وعلاقة اللفظ بالمعنى، والكلمة في مادتها
وهيئتها والجمل في دلالاتها منطوقاً
ومفهوماً.. وإلخ.
3 ـ علم الدلالةSemantics (عليهم السلام)
ذلك أن علم الدلالة يدرس وسائل نقل
المعاني من ذهن الملقي الى ذهن المتلقّي.
ولان علم الاُصول ـ كما ذكرنا ـ يدرس
الدلالة تكون العلاقة بينهما جد وثيقة وجد
حميمة.
ولان أهم وسيلة لنقل المعاني هي (الالفاظ)
تكون علاقة علم اُصول الفقه بدلالة الالفاظ
ألصق آصرة وأشد وثاقة.
وموضوعات علم الدلالة ـ هي الاُخرى ـ
كانت تدرس ضمن البحوث المنطقية والدراسات
الفلسفية، ومنها انداحت الى علم الاصول، ثم
استقلّت حديثاً بما يعرف بـ (علم
الدلالة) وبما يعرف بـ (دلالة الالفاظ).
4 ـ علم الاجتماع اللغوي:Sociolinguistics (عليهم
السلام)
لانه يضع أمام الباحث الاُصولي خصائص
وسمات الظاهرة اللغوية الاجتماعية، ويساعده
على بحثها والطريق إلى تعرّف شموليتها.
5 ـ علم النفس اللغوي:Psycholinguistics (عليهم
السلام)
لما له من ارتباط في معرفة آثار
الظواهر النفسية على الظواهر اللغوية.
6 ـ علم الاسلوب:
وهو من العلوم الحديثة التي تقوم بدور
علم البلاغة بتعرف الاسلوب في خصائصه
ومميزاته، مما يلقي الضوء على معرفة أساليب
النصوص الشرعية التي يتعامل معها الباحث
الاُصولي، وكذلك معرفة مستوى ونمط دلالاتها
كقرائن تساعد على كشف شرعيتها وصدورها عن
المعصوم.
7 ـ علم المنطق Logic (عليهم السلام)
لما ألمحت من أن المنطق يدرس موضوعي
التعريف والاستدلال، وفي علم الاُصول
مصطلحات ومفاهيم لا بدّ ان تعرّف، ولان فيه
قضايا لا بدّ أن يستدلّ على صحتها أو حجّيتها،
كانت له العلاقة به لمعرفة طرق وقواعد
التعريف وطرق وقواعد الاستدلال.
يضاف إليه أن الدلالة التي هي موضوع
علم الاصول هي من مباحث علم المنطق، ومنه
امتدّت إلى علم الاُصول كما أشرت الى ذلك.
8 ـ علم الرجال:
ذلك أن في اُصول الفقه، وفي المجال
التطبيقي منه والاستدلالي لقاضاياه التي
ترتبط بالجانب الاسلامي قد يستدلّ برواية
فتحتاج لمعرفة قيمة سندها من حيث القبول
والرفض، وأحوال الرجال هو الكفيل بذلك.
9 ـ علم الحديث:
وذلك لمعرفة مستوى الحديث الذي قد
يستدلّ به هنا في قيمته من حيث الاعتبار
واللاعتبار، فيصحّ الاستدلال به أو لا يصحّ.
10 ـ علم الكلامTheology :
وبخاصة في موضوع التحسين والتقبيح
العقليين، حيث يثبت هذا الموضوع وجود قيم
عقلية لظواهر اجتماعية تطابقت آراء العقلاء
عليها، كحسن العدل وقبح الظلم ولزوم الاتيان
بما لا يتم الواجب إلاّ به، واستلزام الامر
بالشيء النهي عن ضده.
وكذلك لاثبات شرعية ومشروعية الكتاب
والسنّة كمصدرين للفقه الاسلامي.
11 ـ الفلسفة القديمة:
حيث كانت التربة الخصبة التي نبتت
فيها النظريات اللغوية الاجتماعية التي
يتناولها علم الاُصول بالدرس والنظر فيها.
وكذلك منها استمدّ البحث الاُصولي
المبادئ العقلية العامة، أمثال: مبدأ
العلّية، ومبدأ استحالة التناقض وامتناع
الدور والتسلسل.
12 ـ علم الفقه:
ذلك أن نتائج الفقه تمرّ في مراحلها من
النص ودلالته، والرواية ورواتها، ومعطيات
العقل وسيرة العقلاء لتصبح نتائج فقهية عبر
اُصول الفقه الذي بدوره يهيّئ كبرياته
لجزئياتها بغية الكشف عن حجيّتها ومدى قدرتها
على النهوض بالدلالة الفقهية.