و التحق برکب النهار نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

و التحق برکب النهار - نسخه متنی

عبدالمجید فرج الله

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فنون وآداب


قصة: والتحق بركب النهار


الشيخ عبدالمجيد فرج اللّه (العراق)

تصفّح ملامحه المتموّجة في طيّات
الماء الازرق. وراح يمسح شاربَيْهِ بزهو
كبير،وهو يتذكّر رعيلاً من بطولات الامس،
سطّرها على أحداق الايام..

على طول قامته الممتدّة بعيداً على
وجه الماء، كان يراقب انحناءات صورته، التي
سرعان ما بَدَتْ مهزوزةً مرتعشة، وكأنها
أنفاسُ ضفادعَ آسنةٌ في مستنقع مسموم. وما بين
شاربيه الطويلين، وبين صدره المضطرب على
صفحات المرآة الزرقاء، كانت خيول الامس تعبث
بحوافرها القاسية، تارة تُمرّغهما بوحل قديم
واخرى تركل صدره المتكسّر..

تنهّد بكبرياء، ولملم رداءه بعصبية،
ثم استدار راكباً جواده الابيض، قاصداً قلب
الصحراء الممتدّة الى أشفار عيون الافق
الغائم.

تلقّفته الكثبان الرملية، وهو غائر
بفرسه بعيداً عن جنوده المبهورين بشجاعته
وفروسيته وقامته الطويلة الممتلئة، وبريق
عينيه السوداوين.

كانت الشمسُ الصغرى قد اشرفت على
الغروب، وفي كلّ لحظة يستطيل ظلّه على وجع
الكثبان الرملية..

توقّف حتى غابت تماماً، وهو يتأمّل
انكسارات ظلِّهِ القاتمة.

... إنّه الظلام، يتسلّل خلف عروق
الشمس، ليقتطع العالم عن نورها الجميل .. وغطّ
في تفكير عميق.

إنّه يواجه ظلامين .. ويفارق شمسين،
وليس إلاّ هذه الليلة ا..

ترى، إلى أيّ مآل تصير الامور؟..

أحسّ بشاربيه يتآزران مع الظلامين
القاسيين، فيطوّقان عنقه الغليظ، لعلّه ينسى
ضياء الشمس.

لم يستطع اعتقال الشمس، فهي أسمى من أن
تُعتقل .. لكنّه حاصر العالم من حولها، وهي
تنطلق مشرقة حانية في الارجاء. وبين فينة
واُخرى تجود عليه بالتفاتة نديّة تُنبتُ
مزيداً من العشب والعشق في روحه القائظة.

هربت من رئتيه عشرات الزفرات، لتأخذ
لها حيّزاً بين اللهاث المرّ، فيما ظلّت
ألسنةُ اللهب تستعر في ضلوعه العرجاء.

الشيء العجيب الذي أنهك تفكيره، هو
سرّ خلود الشمس، وألفى نفسه منبهراً من ضحالة
حلك الليل مهما ادلهمّ أمام الذاكرة المليئة
بخيوط النهار.

تركّزت ألوان الصورة في روحه أكثر
فأكثر، متجسّمة في شَبَح هزيل ميّت في كل
ميلاد جديد له، أمامَ نور متدفّقِ البهجةِ
والحياة والعطاء، على طول الزمن وعرضه.

أوجعه المشهد كثيراً، وهو يرى حشرات
الارض تتجمّع بأعداد هائلة قبيحة، لتحجب ضياء
الشمس المنبعث من خلف نافذة الغروب وإلى آخر
ساعة من العَتَمة ليلتحق ثانية بركب النهار.

أذهلته المفاجأة، وهو يرى نفسه خنفساء
مقزّزة تدور حولها ألف ذبابة، هي مجموع فرقته
البائسة.

لم تزل الشمس محتفظة بهدوئها
وابتسامتها الوادعة، فيما تعالى لغط الحشرات
الغبيّة في دائرة تافهة الصغر، أمام النور
العملاق.

أحسّ باضطراب كبير يتفجّر هذه المرّة
من كل ذرّة في روحه وجسمه.

انتفض أخيراً ... حطّم القالب
الخنفسائي المقزّز، وانطلق إلى الخفّاش
الكبير قائلاً بتشنّج:

أمقاتلٌ أنت هذِهِ الشمس؟..

أجاب الخفّاش:

نعم .. قتالاً أيسره أن تطيح فيه
الرؤوس، وتتقطع فيه الايدي.

ارتعش جسمه خاشعاً، وهو يحدّق بالنور
الباسم.

اقتربت منه حشرة، أذهلها العَجَبُ من
ارتعاشه وهو البطل المغوار، فسألته بتلكّؤ:

أهو الجُبن يا سيدي؟.

فقال مغضباً:

ويلك، إني اُخيّر نفسي ما بين
النور والظلمة، ما بين الجنّة والنار ... ويحك
كأنـّني أرى الجنّة ومن ينعّم بها، وأرى
النار ومَنْ يعذّب بها .. واللّه لا أختار على
الجنّة بدلاً.

ثم انطلق بفرسه يريد الجانب الاخر من
الحياة.

في محراب الضراعة والتوبة، انحنى
نادماً باكياً معتذراً، من غفلته المهزومة،
حينما ظنّ أنَّ بامكانه أن يحاصر الشمس.

لمسته أشعّة دافئة منها، فنهض
مستأذناً ليقاتل على ضوئها الحشرات، التي لا
تستحق العيش في النهار.

تمكّن أن يسحق منها أعداداً، ولكنّ
أعداداً اُخرى استطاعت أن تمزّق جسده.

التفت الى الشمس مسلّماً، فأرسلت اليه
أشعةً دافئةً حانية، ومنحته جناحين ليطير
بهما في سماء الحرّية، وكان النور يهمس في
قلبه:

أنت كما سمّتك اُمّك .. حرٌّ في الدنيا،
وسعيدٌ في الاخرة.

انتهت


/ 1