محصول الثقافی لمنظمة المؤتمر الاسلامی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محصول الثقافی لمنظمة المؤتمر الاسلامی - نسخه متنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تقرير


المحصول الثقافي لمنظمة المؤتمر
الاسلامي


بمناسبة الذكرى الفضّية لتأسيس منظمة
المؤتمر الاسلامي، وافانا سماحة العلاّمة
الشيخ محمد علي التسخيري الامين العام للمجمع
العالمي لاهل البيت(عليهم السلام) وممثل
الجمهورية الاسلامية الايرانية في مجمع
الفقه الاسلامي التابع للمنظمة بالتقرير
التالي عن المحصول الثقافي لها.

مر ربع قرن على ذكرى إحراق المسجد
الاقصى بأيد صهيونية عام 1969م وقد ثارت لذلك
مشاعر المسلمين، وعمّ الغضب كلّ العالم
الاسلامي ضدّ كلّ الكيان الصهيوني الغاصب،
وكانت ردّة فعل المسؤولين في العالم الاسلامي
وبدوافع سياسية مختلفة قد تمثلت في إنشاء
منظّمة المؤتمر الاسلامي لتحقيق التضامن
الاسلامي، والعمل على ترشيد أحوال الاُمة
الاسلامية في مختلف المجالات.

وكمنظمة عالمية استطاعت هذه المنظمة
أن تعقد لحدّ الان 22 مؤتمراً لوزراء
الخارجية، وسبعة مؤتمرات للقمة، وعشرات
المؤتمرات الفرعية والتخصصية، وأنشأت بعض
المؤسسات الفرعية في مجالات تخصصية، وبذلت
مئات الملايين من الدولارات سعياً لتحقيق
أهدافها.

والسؤال المطروح هنا هو:


هل استطاعت هذه المنظمة أن تحقق الهدف
المعلن الذي اُنشئت لاجله؟

وفي مجال الاجابة ربّما نجد من يفرط في
التفاؤل فيتصورها من أنجح المنظمات، ومن يمعن
في التشاؤم فيراها لم تحقق أي شيء غير إهدار
الاموال والاوقات وتضييع الامال، ودعم
الاتجاهات الرجعية العميلة; إلاّ أن الحق
يقتضينا التأمل أكثر فأكثر لنقع على صخرة
الحقيقة.

وإذا درسنا الموقف من جوانبه، وتأملنا
النتائج والقرارات التي صدرت من الاجتماعات
العديدة، ووتتبعناها في مجال التطبيق
العملي، والاثار المترتبة عليها، نجد أن هناك
فرقاً شاسعاً بين المسارين السياسي
والاقتصادي من جهة، والمسار الثقافي من جهة
اُخرى، طبعاً كما نعتقد نحن، وللاخرين ما
يعتقدون.

ولسنا هنا بصدد التفصيل في دراسة
المسارين الثقافي والاقتصادي، غير أننا
نستطيع القول بإجمال إن المنظمة لعبت بعض
الادوار السياسية، ولم توفق في أكثرها لعوامل
عديدة.

فبالنسبة لفلسطين كانت قراراتها من
حيث المجموع أفضل من غيرها، وربما بلغت
قرارات بعض المؤتمرات العشرين صفحة، تناولت
فيها القضية الفلسطينية من جميع الجوانب،
وأعطت رأيها بصراحة فيها. إلاّ أن الملاحظ أن
هذه القرارات كانت تذوب عند التطبيق، فلا تجد
لها الاستجابة الكافية، فكل دولة كانت تتخذ
مسارها تجاه القضية، وتمشي لوحدها على ضوء
ارتباطها بالغرب، الامر الذي كان ينعكس حتى
على نفس هذه القرارات، فتعمل على التراجع عن
المواقف المبدئية السابقة، حتى عاد الامر كما
نشهده اليوم من الذل والمساومة والاذعان لكل
الضغوط، وبالتالي الاعتراف بالعدو الغاشم.

وبالنسبة لقضية الحرب العراقية
الايرانية، لم تستطع المنظمة أن تفعل شيئاً
رغم أنها اتخذت بعض الخطوات. وكذلك الامر
بالنسبة للاعتداء العراقي على الكويت.

أما بالنسبة لافغانستان، فقد بذلت
جهدها لكنها وقفت عاجزة أمام اختلاف مصالح
أعضائها، وعناد الفصائل الافغانية المتحاربة
سدىً.

وربما تحقق الاجماع الاسلامي تجاه
قضية البوسنة والهرسك كأقوى ما يكون،
واستطاعت المنظمة أن تتخذ منها بعض المواقف
القوية، إلاّ أنها لم تحقق المطلوب بشكل كامل.

أمـا على الصعيد الاقتصـادي فإن
إنجازاتها يمكـن أن تتلخص في القيام ببعض
المشاريع الاقتصادية المفيدة للعالم
الاسلامي، وفي طليعتها البنك الاسلامي
للتنمية، ومقرّه جدّة، وكذلك بعض المشاريع في
مجال مكافحة التصحّر وغيرها.

بعد هذا لنركز على المسار الثقافي
لهذه المنظمة لنعرف مدى ما حققته من نتائج.
ويمكن أن نقسم الانتاج الثقافي الى حقول:

الحقل الاول: المراكزالثقافية التي
تمّ إيجادها أو الدعوة لذلك وأهمهاما يلي:


أولاً ـ الجامعات الاسلامية: قرر
مؤتمر القمة الاسلامية الثاني المنعقد في
لاهور في الباكستان في فبراير 1974م إنشاء
جامعتين إسلاميتين في إفريقيا، إحداهما في
النيجر لتخدم البلدان الافريقية الناطقة
باللغة الفرنسية، والثانية في اوغندا لتخدم
البلدان الناطقة بالانجليزية. ويذكر أن في
لاهور جامعتين إسلاميتين.

كما قرّر المؤتمر العالمي الاول
للتعليم الاسلامي المنعقد بمكة المكرمة عام
1397هـ الموافق 1977م إنشاء الجامعة الاسلامية في
ماليزيا، وقرّر المؤتمر الاسلامي الرابع عشر
لوزراء الخارجية المنعقد في داكا في بنغلادش
في ديسمبر 1984م إنشاء الجامعة الاسلامية في
بنغلادش.

وأوضاع هذه الجامعات مختلفة، فجامعة
النيجر قبلت لحد الان 130 طالباً، ولكن لما
كانت الصعوبات المالية تواجهها بقوة مما أدى
الى حصول اضطرابات بين الطلبة، دعت السلطات
المحلية لاغلاقها في بداية السنة الدراسية
(1991 ـ 1992) وقد تمّ القيام ببعض الخطوات العملية
لاعادتها الى النشاط.

وجامعة أوغندا بدورها تمّ افتتاحها
عام 1988 أي بعد أربعة عشر عاماً، وتضمّ حالياً
ثلاث كليات، ويقدر عدد طلابها بـ 353 طالباً
وما زالت تعاني من نقص مالي. وكانت جامعة
ماليزيا العالمية هي المشروع الاكثر نجاحاً،
حيث افتتحت عام 1983م وفيها الان أكثر من 8000
طالب، كما أن هيئة التدريس فيها تزيد على 500
عضو، وأخيراً فإن جامعة بنغلادش الاسلامية
تحوي الان 135 طالباً، وتعاني من نقص مالي
أيضاً.

ثانياً: المراكز الاسلامية التابعة،
وهي:

أ ـ مسجد الملك فيصل والمؤسسات
التعليمية الثقافية التابعة له في انجامينا
في تشاد.

ب ـ المعهد الاقليمي للدراسات والبحوث
الاسلامية في تمبكتو في مالي.

ج ـ المعهد الاقليمي للتعليم التكميلي
في اسلام آباد في الباكستان.

د ـ المركز الاسلامي في غينيا بيساو.

و ـ المنظمة الاسلامية الدولية للمرأة
ودورها في المجتمع الاسلامي.

ز ـ المعهد الاسلامي للترجمة في
الخرطوم.

والملاحظ أن هذه المراكز تمّت
الموافقة على إنشائها في أحد المؤتمرات
الاسلامية، لهدف نشر الثقافة الاسلامية، وهي
عادة ما يتم التعاون في تمويلها بين المنظمة
ودولة المقر، ولكنها لم تصل بعد إلى الحد
المطلوب، طبعاً على اختلاف بينها فيما حققته
من خطوات.

وكمثال على ذلك نجد أن موضوع المنظمة
الاسلامية الدولية للمرأة ـ رغم أهمية موضوعه
إذ يتناول قضية ترشيد دور المرأة في المجتمع
الاسلامي ـ بقي خلال سنتين قيد الدرس
والمداولة.

فقد طرح لاول مرة في الاجتماع العاشر
للجنة الاسلامية للاُمور الاقتصادية
والثقافية والاجتماعية باقتراح من
الباكستان، وأوصى المؤتمر الرابع عشر
والمؤتمر الخامس عشر لوزراء الخارجية بتشكيل
لجنة متخصصة لدراسته، واجتمعت اللجنة في
اكتوبر 1985م في إسلام آباد ودرست الموضوع،
وقدّمت النتائج الى الاجتماع السادس عشر
لوزراء الخارجية، الذي كلّف الامانة العامة
بتهيئة مشروع الميثاق، وقد قامت الامانة
العامة بذلك، وعرضته على الاجتماع الثامن عشر.
وتتابعت تأييدات وزراء الخارجية في
مؤتمراتهم التالية: (التاسع عشر، والعشرين،
والحادي والعشرين) مع الترحيب باقتراح مقدّم
من الجمهورية الاسلامية الايرانية لاستضافة
اجتماع للخبراء لدراسة هذا الموضوع.

وقد سعت الامانة العامة في الاجتماع
الحادي والعشرين لطرح مشروع قرار يخلط بين
هذه المنظمة، وموضوع دور المرأة في المجتمع
الاسلامي، مما يؤدّي إلى حذف الفكرة في
النهاية، إلاّ أن نشاط الوفد الاسلامي
الايراني حال دون ذلك.

والحقيقة أن هناك دولاً في طليعتها
السعودية خالفت منذ البدء طرح مثل هذا
الموضوع، لاسباب معلومة ناتجة من وضعها
الداخلي، ونظرتها للمرأة. وهذه المخالفة
تمثلت في ضغوط مختلفة، للمنع والحيلولة من
إنشاء هذه المنظمة المهمة. في حين عملت
الجمهورية الاسلامية الايرانية على متابعة
هذا الموضوع، إيماناً منها بأهمية الموضوع،
بل وقد سعت الى كسب الدول الاسلامية لايجاد
رياضة نسوية اسلامية عالمية، تستطيع فيها
المرأة أن تقوم بدورها الرياضي دون أن تبتلى
بتبعات الانحراف الاخلاقي. ولكن ما أشرنا
إليه حال دون الوصول إلى قرار حاسم، حتى في
هذا المؤتمر وهو الثاني والعشرين من مؤتمرات
وزراء الخارجية، مما لم يسمح لمؤتمر القمة
السابع أن يتخذ قراراً بذلك.

وقد تحدّثت بإسهاب عن هذا الموضوع،
واعتبرته من نقاط الضعف في مسيرتنا، وألقيت
باللوم على الجميع في التقصير، إلاّ أن قوة
الطرف المقابل، وانسجام الامانة العامة معه
منعا من الوصول الى نتائج مرضية.

الحقل الثاني: المواضيع العامة:


وتندرج تحت هذا العنوان المواضيع
التالية:

1 ـ مشروع المبنى الجديد لجامعة
الزيتونة بتونس.

2 ـ وضع تقويم هجري موحّد، وتوحيد
الشهور القمرية والاعياد الاسلامية.

3 ـ مشروع إنشاء مركز إسلامي للتدريب
والبحوث الطبية المتقدمة في بنغلادش.

4 ـ مشروع الاستراتيجية الثقافية
للعالم الاسلامي.

5 ـ مشروع اللائحة الاسلاميه لحقوق
الانسان.

6 ـ مشروع القيام بخطّة لمكافحة
المفاسد الاخلاقية.

7 ـ موضوع الموقف الموحّد تجاه
الاستهانة بالمقدّسات والقيم الاسلامية.

8 ـ مشروع استراتيجية العمل الاسلامي
المنسّق في مجال الدعوة.

9 ـ موضوع رعاية الطفل وحمايته في
العالم الاسلامي.

10 ـ التآخي بين الجامعات الفلسطينية
في الاراضي المحتلّة والجامعات في الدول
الاعضاء.

11 ـ تدريس مادة تاريخ وجغرافية فلسطين
في الدول الاعضاء.

12 ـ الوضع التعليمي في الاراضي
الفلسطينية المحتلّة والجولان السوري.

13 ـ تقوية وضع الجامعات في الاراضي
المحتلّة.

14 ـ دراسة مشكلات التعليم في الاراضي
المحتلّة.

15 ـ المحافظة على الهوية العربية
والطابع الاسلامي لمدينة القدس الشريف.

16 ـ تدريس المعلومات حول الجماعات
المسلمة في البلقان والقوقاز في مادتي
التاريخ والجغرافيا.

17 ـ تقديم مساعدات لمسلمي كوسوفو
وسنجق.

18 ـ حماية التراث الثقافي والمؤسسات
التعليمية في البوسنة والهرسك.

والملاحظ في هذه المشاريع قبل كل شيء
أنها تناولت في أغلبها قضايا مهمة جداً، ولها
آثارها الواسعة على مستوى العالم الاسلامي..
إلاّ أنها بدورها اختلفت من حيث حماس الدول
الاعضاء لانشائها وتنفيذها، وبالتالي اختلفت
من حيث المصير والنتيجة، وها نحن نذكر بعض
الامثلة على ذلك:

أ ـ مشروع اللائحة الاسلامية لحقوق
الانسان:


فمشروع اللائحة الاسلامية لحقوق
الانسان في الاسلام مرّ بكثير من اللجان
والمؤتمرات منذ بدأت فكرة كتابته رسمياً عام
1979م، حيث قرر المؤتمر الاسلامي العاشر لوزراء
الخارجية تشكيل لجنة مشاورة لاعداد لائحته،
وقد اُحيلت الى المؤتمر الحادي عشر، حيث قام
بدوره بإحالتها الى لجنة قانونية، وعرض النصّ
المعدّل على مؤتمر القمة الثالث، ولكن هذا
المؤتمر أحاله الى لجنة اُخرى، ووافق المؤتمر
الرابع عشر للخارجية في داكا على المقدمة
وأول مادة فيه، وأحال باقي المواد على لجنة
ثالثة، ثم تتابعت المؤتمرات مؤكّدة عليها،
إلى أن عقد اجتماع طهران في ديسمبر 1989م وأعدّ
الصيغة النهائية التي تمّت الموافقة عليها
نهائياً في المؤتمر التاسع عشر بالقاهرة.
وهكذا تكون قد مرّت بعشرة مؤتمرات للخارجية،
وثلاثة للقمة، بالاضافة لجلسات الخبراء التي
كان آخرها في طهران، وقد تشرّفت برئاسة هذه
الجلسة الاخيرة، كما شاركت في جلسات غيرها
كرئيس مناوب أو كعضو مسؤول.

والحقيقة فإن النتيجة كانت رائعة من
حيث الجانب النظري، إلاّ أن المشكلة الاساسية
تكمن في التطبيق على صعيد العالم الاسلامي،
تماماً كما هي المشكلة في الاعلان العالمي
لحقوق الانسان، ولكن على الصعيد العالمي كلّه.

فلقد أصرّت بعض الدول الاعضاء على أن
يقيّد تنفيذ هذا الاعلان بما إذا كان ينسجم مع
القوانين الداخلية لها!! وهذا أمر غريب حقاً.

وعلى أي حال; ينبغي السعي الجاد لضمان
التنفيذ بمختلف الطرق، ولا يتمّ ذلك إلاّ من
خلال إنشاء لجنة محايدة لمراقبة حقوق الانسان
على ضوء اللائحة الاسلامية.

ب ـ الاستراتيجية الثقافية للعالم
الاسلامي:


وهو مشروع مهم جداً انطلق من مؤتمر
القمة الثالث، وأكّد عليه مؤتمر القمة
الاسلامي الخامس في الكويت عام 1989م عبر مشروع
قدّمته السنغال، وشكّلت لذلك لجنة للخبراء
الحكوميين، حيث عقدت ثلاثة اجتماعات شاركت في
بعضها، بل وقمت بتهيئة الفصل الثاني من
المشروع، وهو فصل (الاهداف). وهكذا قامت هذه
اللجنة في اجتماعها المنعقد بالقاهرة عام 1990م
بدراسة الخطّة، وتوالت الاجتماعات حتى تمّ
وضع مشروع متكامل رفع إلى مؤتمر القمة السادس
في دكار، فصادق على المشروع بأكمله، وتمّ
العمل على ملاحظة السبل الكفيلة بتطبيقه عبر
خطّة تنفيذية، ولم تصل هذه الخطة بعد إلى الحد
الكامل.

وقد قام المؤتمر السابع بالدار
البيضاء بالمصادقة على مشروع قرار برقم CS/DR/15
تمّت فيه التوصية على وضع هذه الاستراتيجية
موضع التنفيذ، عبر دراسة الخطة التنفيذية من
قبل اللجنة الدائمة للاعلام والشؤون
الثقافية، وطلب من الدول اتخاذ الخطوات
اللازمة لادخال هذه الاستراتيجية ضمن
سياساتها الوطنية في المجالات الثقافية
والتعليمية والتربوية.

وعلـى أي حال فما زال هـذا المشروع
باقياً على الصعيد النظري ينتظر صياغته بشكل
مشروع عملي تنفيذي، مثله تماماً كمثل اللائحة
الاسلامية لحقوق الانسان.

ج ـ مشروع وضع خطة لمكافحة المفاسد
الاخلاقية:


مرّ هذا المشروع بعقبات كثيرة وضعتها
بعض الدول الاعضاء، لانه يتنافى مع ما هي عليه
من تبّن لبعض السلوكات اللاأخلاقية وسماح
لبيع الخمور، وترويج للسفور، وفسح المجال
للقمار والبلاجات الخليعة، وأمثال ذلك من
أنماط الانحراف السائد في أرجاء العالم
الاسلامي.

ورغم كل العقبات، فقد أصررنا على طرحه
في العديد من المؤتمرات، حتى تمّت الموافقة
على صيغة معدّلة منه، حذفت كل عبارات الامر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وخفّفت من مواده
حتى كادت تفقده فاعليته.

إلاّ أن الغريب أن الامانة العامة ومن
ورائها بعض الدول عملت على حذفه من قائمة
مشاريعها، حتى لم نعد نشهد له أثراً في
القرارات التالية، الامر الذي يشكك تماماً في
مصداقية الكثير من نشاطات المنظمة مع الاسف
الشديد.

والحقيقة أن القرار لم يترك أي أثر على
صعيد إصلاح الاوضاع الاخلاقية، نظراً لفقدان
العزيمة اللازمة لتحويل هكذا مشروع الى واقع
التنفيذ.

د ـ موضوع الموقف الموحّد من التجديف
والاستهانة بالمقدسات الاسلامية:


وهذا الموضوع انطلق من خلال الاثار
العالمية التي تركتها الفتوى التاريخية
الخالدة للامام الخميني(رحمه الله) بحق
المرتد المجرم سلمان رشدي، الذي عمل من خلال
كتابه المشؤوم (الايات الشيطانية) على
الاستهانة بأهم المقدسات الاسلامية، وقد
ساندته في موقفه التآمري كل الدول الغربية،
معبرة عن حقدها ضد الاسلام والمسلمين. إلاّ أن
فتوى الامام التاريخية أفشلت هذه المؤامرة،
بل حوّلت الموقف إلى تجل جديد للوحدة
الاسلامية بوجه أعداء الاُمة الاسلامية... وقد
عرض الموضوع على المؤتمر الثامن عشر لوزراء
الخارجية بالرياض عام 1989م فأصدر بيانه
التاريخي حول (العمل المشترك إزاء أنماط
الاستهانة بالقيم الاسلامية) وقد أيّد
المؤتمر الاسلامي التاسع عشر عبر أحد قراراته
هذا الاتجاه، وطالب بالوقوف أمام نشر هذا
الكتاب الضال.

إلاّ أن ضغط الدول الغربية وتقاعس
البعض من الاعضاء أضعف هذا الموقف، الامر
الذي تجلّى في إدخال عناصر اُخرى لهذا
القرار، مثل مؤامرة الكيان الصهيوني لتدمير
المسجد الاقصى، والضغوط الهندية الهادفة الى
هدم مسجد البابري، فضمّت الى موضوع كتاب
الايات الشيطانية، وهذه المواضيع وإن كانت
بنفسها مهمة، إلاّ أن ضمّها لهذا القرار
يضعفه بلا ريب.

هذا وقد صدر عن كل من المؤتمرين
العشرين والحادي والعشرين للخارجية قرار
يطالب الامين العام بدراسة إمكانية إعداد
وثيقة قانونية دولية لكفالة احترام القيم
والمقدسات الاسلامية في برنامج عمل مجمع
الفقه الاسلامي.

وفي المؤتمر الثاني والعشرين
للخارجية الذي تبعه مباشرة المؤتمر السابع
للقمة تمّ تأكيد البيانات السابقة، وبعد
التنديد بالاعتداءات الصهيونية على المسجد
الاقصى والمسجد الابراهيمي، والاعتداءات
الهندية التي أدّت الى تدمير مسجد البابري،
والاعتداءات الصربية على الاماكن المقدّسة
في البوسنة والهرسك، تم التأكيد على ضرورة
إبرام الوثيقة القانونية الانفة الذكر.

وهكذا نجد أن المنظمة تتردّد بين
الاقدام والاحجام في كثير من المواضيع، ومنها
هذا الموضوع، وبدلاً من تقوية موقف المؤتمر
الثامن عشر، راحت المسيرة تضعف سواء من خلال
التقليل من عبارات التنديد الشامل بالذين
يدعمون المرتد سلمان رشدي، أو من خلال ضمّ
موضوعات مهمّة اُخرى كلّها تستحق قرارات
مستقلة إليه حتى يمكن تغطيته بالاحداث، وصرف
الانظار المركّزة على الغرب في ذلك.

هذا في حين يصعّد الغرب من دعمه لهذه
المؤامرة، ويستقبل رؤساؤه هذا المجرم، ويمنح
المكافآت والاوسمة كبطل للحرية التعبيرية،
بل ويحاول تشجيع أمثال تسلميه نسرين المعتدية
أيضاً على المقدّسات في هذه المسيرة، دون أن
يأبه بالموقف الاسلامي الرافض.

الحقل الثالث: المؤسسات المتفرعة:


وهي مؤسسات شكّلتها المنظمة، وتعتبر
الدول الاعضاء بشكل طبيعي أعضاء أيضاً في هذه
المؤسسات، وتبلغ في الحال الحاضر سبع مؤسسات
في المجالات الثقافية والاقتصادية، وتقع
مقرّاتها في بلدان مختلفة. وها نحن نقدّم نبذة
مختصرة عن أهم مؤسستين ثقافيتين فيهما وهما:

اولاً: (الارسيكا) مركز الدراسات
التاريخية والفنية والثقافية الاسلامية
باستانبول.

انشئ هذا المركز بقرار من المؤتمر
السابع لوزراء الخارجية، وتمّت الموافقة على
نظامه الاساسي في المؤتمر التاسع، وبرنامجه
العملي في المؤتمر العاشر، وافتتح عام 1982م
وأمينه العام هو الاستاذ إحسان اوغلو.
وللمركز نشاطات متعددة منها:

* إصدار 41 كتاباً في الشؤون التي يختص
بها.

* إصدار 34 نشرة إخبارية.

* إنتاج شريطين وثائقيين حول الفنون
الاسلامية.

* إقامة 89 معرضاً في مجالات الفنون
والصور التاريخية.

* شارك في أو نظّم 24 ندوة في مختلف
المناطق.

* نظّم 88 محاضرة علمية في مركزه
باستانبول.

* يقوم بأعمال اللجنة التنفيذية للجنة
الدولية للحفاظ على التراث الحضاري.

هذا ويعتبر المركز من المراكز
الناجحة، إلاّ أنه ما زال يعاني من النقص
المالي، وكذلك ما زال يهتمّ بكثير من الاُمور
الجانبية، في حين توجد قضايا مهمّة جداً لم
يتطرّق إليها بعد.

ثانياً: مجمع الفقه الاسلامي:

وهو مجمع فقهي عالمي، تشترك فيه كل
الدول الاسلامية على مستويات رفيعة، وتتمثل
فيه كل المذاهب الاسلامية السبعة (الحنفي
والحنبلي والشافعي والمالكي والامامي
والزيدي والاباضي) وتسوده روح حرّة الى حد
جيد، ويدرس في كل عام قضايا مستجدّة مهمّة،
وأتشرّف بتمثيل الجمهورية الاسلامية
الايرانية فيه، بل وتمثيل كل أتباع ومدارس
المذهب الامامي في العالم... وقد عقد لحدّ الان
ثماني دورات في مدن مختلفة، درس فيها عشرات
المواضيع المهمة، وأمينه العام هو الشيخ محمد
الحبيب بن الخوجه.

ونظراً لاهمية هذا المجمع، وبطلب من
مندوب الجمهورية الاسلامية الايرانية فيه،
فقد تفضّل سماحة قائد الثورة الاسلامية فأصر
على تشكيل «مجمع فقه أهل البيت(عليهم السلام)»
ليقوم الى جانب دراسة القضايا المستجدة دراسه
معمّقة بالاشراف على الدراسات المعدّة لهذا
المجمع وأمثاله.

ويعدّ هذا المجمع من أفضل المشاريع
التي أقدمت عليها المنظمة على الاطلاق.

الحقل الرابع : المؤسسات التخصصية
التابعة لمنظمة المؤتمر الاسلامي:


وهي مراكز متخصصة تعمل في إطار
المنظمة، لكن انتماء الدول الاعضاء لا يتمّ
بشكل طبيعي، بل هي حرّة في الانتماء وعدمه،
ولها مقرّات في بلدان متنوعة، وها نحن فيما
يلي نشير إلى أهم مؤسسة فيها وهي:

(الاسيسكو) المنظمة الاسلامية للتربية
والعلوم والثقافة.

وقد طرح مشروع تأسيس هذه المنظمة في
الاجتماع العاشر للخارجية، وتمّت الموافقة
على نظامها الاساس في الاجتماع الحادي عشر،
ووافق مؤتمر القمّة الثالث عام 1981م على
تأسيسها، وعقدت اجتماعها التأسيسي عام 1992م
وانضمّت إليها آنذاك 23 دولة وتستهدف ما يلي:

أ ـ تمتين أواصر التعاون التعليمي
والعلمي والثقافي بين الدول الاعضاء.

ب ـ إقامة السلام والتفاهم عبر
الاستفادة من مختلف الوسائل.

ج ـ تجسيد معالم الثقافة الاسلامية في
البرامج الدراسية في مختلف المستويات.

د ـ إحياء الثقافة الاسلامية الاصيلة
وردّ الشبهات.

هـ ـ الدفاع عن الهوية الاسلامية
للمسلمين في الدول غير الاسلامية.

هذا وقد انضمّت الجمهورية الاسلامية
الايرانية إليها عام 1994م فبلغت الدول
المنتمية 39 دولة.

أما المؤسسات الاُخرى فهي:

الاتحاد الرياضي للتضامن الاسلامي
ـ ومقرّه في الرياض.

اللجنة الاسلامية للهلال الدولي ـ
ومقرّها في بنغازي بليبيا.

الاتحاد العالمي للمدارس الدولية
ـ العربية الاسلامية.

لجنة تنسيق العمل الاسلامي
والدعوة.

وخلاصة الامر:


أننا نجد للمنظمة تأثيراً لا بأس به في
المجالات الثقافية، وربما فاق هذا التأثير
بكثير آثارها الاقتصادية والسياسية، إلاّ
أنه لم يصل مع هذا الى الحد المطلوب من منظمة
عالمية تحمل أهدافاً كبرى، وتعمل على الرقي
بمستوى أبناء الاُمة في مختلف المجالات، ذلك
أن التوعية الحقيقية تتطلّب العمل على تعميق
المفاهيم الاسلامية الاصيلة حول الوحدة
الاسلامية، وتطبيق الشريعة الاسلامية، ونشر
الفضائل، وإيجاد التوازن المطلوب على مختلف
المستويات، وحذف كل مظاهر الفساد الاخلاقي
والسياسي والثقافي والاقتصادي، وإحياء
الشعائر الاسلامية بما لها من روح حقيقية،
وبالتالي العمل على إيجاد المجتمع الاسلامي
الاصيل الواحد والفرد المسلم الملتزم. وهذه
اُمور لم تستطع المنظمة القيام بها مع الاسف،
ولعلّ أهم الاسباب التي أقعدتها عن تحقيق أهم
وظائفها تكمن في أنها تستمدّ قوّتها من
أعضائها، والكثير من هؤلاء الاعضاء يصوغون
سياساتهم على أساس التبعية للغرب أو للشرق،
بالاضافة للمصالح الوطنية الضيقة أو الحزبية
أو القومية المغلقة، مكتفين من الاسلام ببعض
الصفات السطحية.

هذا بالاضافة إلى أن المنظمة تسير
عادة وفق المجالات المسموح بها من قبل الدول
المموّلة، وبعض هذه الدول محكومة تماماً
لعاملين أساسيين: التبعية السياسية للغرب،
والاُفق الضيق للثقافة القشرية الرجعية
والتصوّر الجامد للاسلام، وكل ذلك يمنع
المنظمة من القيام بدورها الفعال في مجال
التوعية الاسلاميـة الثورية، أو الارتفاع
بمستوى المرأة، أو محاربة الفساد الاخلاقي
وأمثال ذلك.

وختاماً نسأل الله جلّ وعلا أن يوفّق
اُمتنا لحمل مسؤوليتها الحقيقية، والعمل على
تطبيق شريعته الغرّاء في مختلف المجالات
الحياتية. والله الموفق.

/ 1