من آفاق القیادة الاسلامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من آفاق القیادة الاسلامیة - نسخه متنی

السید علی الحسینی الخامنئی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

من آفاق القيادة الاسلامية

الوحدة بين الحوزات العلمية (الدينية)
والجامعات

* ولي أمر المسلمين آية اللّه
السيدالخامنئي «دام ظلّه»

إنّ قضية الجامعة في ذاتها قضية مهمة،
كما أنّ قضية الحوزة في حدّ ذاتها قضية
رئيسة ومهمة، وعندما نطرح مسألة الوحدة بين
الحوزة والجامعة، فمن البديهي أنّنا لا نقصد
تحويلهما إلى شيء واحد في الواقع الخارجي،
لانّه لو فرضنا أنّ تلك الدروس التي كانت
تدرّس في الحوزات العلميّة في العهود السابقة
والتي تدرس حالياً في الجامعات كانت قد
تطوّرت كل هذا التطوّر اليوم، لوجب على كلّ
فرع وقسم وبمقتضى التخصص والتشعّب في العلوم،
لوجب عليه متابعة دروسه وعمله أيضاً.

حذار أن يغضَّ بعض الافراد النظر عن
مسألة بهذا الوضوح ويحاولوا خدش وتخطئة مسألة
الوحدة بين الحوزة والجامعة.

لكنّ القضية هي أنّ لدينا مؤسّستين
جامعيّتين أصليتين، إحداهما: تتّجه نحو
اكتساب العلوم المرتبطة بمعرفة وتبليغ الدين
والبحث عن المستجدّات في مجال البحوث الدينية.
وهذه وظيفة المؤسسة التي تسمى الحوزة
العلمية، وهي التحقيق في شؤون الدين، وتعلّم
الاحكام الالهيّة المرتبطة بجميع شؤون
الحياة، وليس ما يرتبط بالمحراب والعبادة
فقط، وكذا فهم واكتساب العلوم والبحث عن
الاحكام المستجدة وتصفيتها من الشوائب
والزوائد، وتبليغها بالتي هي أحسن وبما يناسب
المجتمع والزمان والمخاطب.

وهناك مؤسسة جامعيّة اُخرى ناظرة إلى
شؤون الحياة العامّة باستثناء ما يرتبط
بالدين.

فالناس بحاجة إلى معاش، كسب، مبان،
طرقات و...، فيلزم لذلك علوم وبحوث وتحقيقات
متعدّدة ومختلفة في مجال شؤون الحياة. ولان
العلوم متشعبة، وهناك حاجة إلى أنواع العلم
للنهوض بمستويات الحياة العامة، فالجامعة
مسؤولة عن توفير هذا الامر، عليها اكتساب هذه
العلوم والتحقيق فيها وتمحيصها لتقديمها
للمجتمع وتخريج المتخصّصين والخبراء في هذا
المجال، والاستفادة من البحوث المستجدّة في
العالم، وبدورها تقوم بإبداعات واختراعات
علمية لتقديمها للبشرية أيضاً.

فإذا قامت هاتان المؤسستان
بوظيفتيهما بصورة صحيحة وجيدة، وكانت بينهما
علاقات ودّ وتعاون متقابلة، صلح دين المجتمع
ودنياه.

فعلى الحوزة تحديد مسار الحياة في
المجتمع، وعلى الجامعة توفير سبل الحياة. على
الحوزة صقل الفكر والذهن والروح والارتقاء
بها عن الرذائل لتحديد المسار الصحيح إلى
الهدف، وعلى الجامعة توفير الوسيلة اللازمة
للتحرّك نحو هذا الهدف. فينبغي وجود وسيلة
للتحرّك بها، كذلك ينبغي وجود رؤية وبصيرة
ثاقبة لمعرفة الهدف الذي يتحرّك نحوه. فهذه
دنيا وتلك آخرة، و إذا اجتمعتا تحققت إرادة
الانبياء، وهي سعادة الدنيا والاخرة.

لذا نشاهد أنّ النبي الاكرم صلّى
اللّه عليه وآله جاء بالدين واعتمد على
الجانب المعنوي، لكنّه في الوقت نفسه وفّر
الوسيلة الماديّة، وذلك إمّا مباشرة
بتعليمهم إدارة شؤون الحياة، وإمّا بفرض
التعلّم عليهم وأمرهم بالتبصّر والاكتشاف في
الموارد التي تحتاج إلى تخصّص. وكان نتيجتها
عظمة واقتدار هذين الامرين في صدر الاسلام،
وببركة الاسلام صار المسلمون في قمّة العلوم
البشرية المادّية، ولا يمكن للغرب إنكار هذا
التاريخ وسلبه من الدول الاسلامية.

لو اجتمعت الدنيا والاخرة كان الامر
هكذا، و إن أُخذ بأحدهما دون الاخر واجه
إشكالات.

إنّ ما يلاحظ اليوم في الانظمة التي
أوجدتها الثقافة الغربية ـ سواء في الغرب أو
في سائر بقاع العالم ـ هو تقدّم الجانب
الدنيوي في شؤون الحياة المادّية. إنّهم
استطاعوا الوصول إلى الكواكب، وتمكّنوا من
تصليح و إعمار التلسكوبات وهي في الفضاء،
ويعتبر هذا تقدّماً علمياً عظيماً وخارقاً
للعادة، ولا أحد ينكر ذلك، لكنّها تخلّفت
كثيراً في تحديد مسار الحياة الانسانية
الصحيحة التي هي بحاجة إلى تلك الوسائل
المادّية، فبدون تحديد المسار تكون هذه
الوسائل مضرّة بالبشر، ومن هنا يلاحظ أنّ
الدنيا ملئت ظلماً وجوراً.

وللاسف فإنّ البعض لا يفهم مسألة بهذا
الوضوح، أليست هذه الدنيا خلقت للبشر؟ أليس
التقدّم العلمي لاجل أن يستفيد الانسان منه؟
ألا يكفي ما نراه اليوم من الاوضاع المأساوية
السائدة في العالم، في حين أنّ زمرة تُقْدِم
على ظلم الانسانيّة بهذه الصورة وبالوسائل
العلمية التي خلقت لها؟ ألا يكفي هذا الامر
لمعرفة أنّ أحد جناحي الانسانيّة ـ أي جناح
المعنويّة ـ مكسور؟

إذا غضضنا النظر عن البعد المعنوي
وسعينا إلى إبعاده عن مجتمعنا وصار المطلوب
في المجتمع وسائل الحياة أي ما نعبّر عنها
بالدنيا، وأبدينا اهتماماً بهذا الجانب
وغفلنا عن الجانب الاخر، أصبح أحد بُعدي
الحياة ناقصاً وهو البعد المعنوي. نعم قد
يلاحظ تطوّر وتقدم في جانب من العلوم
المرتبطة بوسائل الحياة في مجتمع ما
كالمجتمعات الغربية، وقد لا يلاحظ أيّ تطور
حتّى في هذا الجانب، كالحاصل اليوم لكثير من
المجتمعات المنقادة للغرب والتي تركت الجانب
المعنوي ولم تتمكّن من الفوز بالماديات،
وكوضعنا المعيشي في عصر الحكومة البهلوية،
أبعدنا المعنويات ولم نتمكن من اكتساب
المادّيات بالكيفية المتطوّرة والعلمية
الحديثة والحقيقية فأصبحنا كالّذي (خسر
الدنيا والاخرة).

والطرف الاخر للقضية: هي أن يبدي
المجتمع اهتماماً بالبعد المعنوي فقط، ويغفل
عن التقدّم العلمي وعن الاكتشافات
والاختراعات العلمية وعن تحصيل العلوم بين
أبناء الوطن، وعن تخريج اُناس لادارة شؤون
الحياة، من إبداع الوسائل المناسبة
لاحتياجات البشر بالسهولة والسرعة المطلوبة
في عصرنا الحاضر، وحيئذ فالامر كالاول، أي
انّ الجناح الاخر مكسور. فلا تتصوّروا أنّ
الاسلام يؤيّد حصر جميع الامور في الجانب
الروحي والمعنوي ولا ينظر إلى المادّيات
نهائياً، إنّ هذا انحراف كالانحراف الاوّل،
إنّ الاسلام يرفض الانزواء والانعزال عن
الدنيا وعن الحياة بصورة واضحة كما ورد في
كلمات أمير المؤمنين عليه السلام في «نهج
البلاغة»[1].

لقد سعت أيادي المستعمرين الذين
حاولوا الهيمنة سياسياً وثقافياً واقتصادياً
بإبعاد الدين عن المجتمع، وبالخصوص من أجواء
الجامعات وذلك بإبعاد الدين وأهله أو جعل
علماء الدين أجساداً خامدة إنْ لم يتمكّنوا
من القضاء عليهم. ولذا كان الدين غريباً في
الاجواء الجامعية، كان هدفهم واضحاً
وبرنامجهم دقيقاً، لانّه بإبعاد الدين من هذه
الاجواء ستُسلَّم دفّة شؤون الحياة وزمام
الامور في المستقبل لعناصر قد ترعرعت في هذه
الاجواء، وبالتالي يتحقق إبعاد الدين عن
المجتمع. لقد نجحوا نسبياً في فترة طويلة من
الزمن، وليس معنى ذلك أنَّ المتدينين
والمؤمنين لم يتواجدوا في الجامعات في ذلك
العصر، بل معناه أنّ المتديّن والمتديّنة
التي كانت تحاول المحافظة على عفّتها وحجابها
ـ وكذا الاستاذ الجامعي ـ كانوا غُرباء في
الجامعة، فلم ينسجموا مع الوضع العام لها، بل
كانوا معارضين ومخالفين له في كثير من
الاحيان. لكن إذا كان الطالب الجامعي أو
الاستاذ لا يبالي بالدين كان المجال مفسوحاً
له، ولا يجد أيّة معارضة من الوضع العام في
الجامعة.

وهذا هو الامر الذي كان إمامنا العظيم
يشتكي منه وعلى أساسه طرح شعار الوحدة بين
الحوزة والجامعة، ومن هنا يفهم معنى الوحدة
بين الحوزة والجامعة.

الوحدة في الاهداف العامة، الوحدة في
إيصال الشعب والبلاد إلى الكمال، الوحدة في
التحرّك على خطين متوازيين وصولاً إلى هدف
مشترك واحد.

يجب أن تكون جامعاتنا معقلاً للدين.
وعلى الطلبة المتديّنين أن يستشعروا الاجواء
الدينيّة والمعنوية والاخلاقية في الجامعة
ومنها الشعور الثوري اليوم. وعلى التجمعات
والاتحادات الطلابية الاستمرار في عملها
بصورة مطلوبة خصوصاً مع وجود علماء الدين في
الجامعات، وبالصورة والكيفية الجديدة كما
اُفضّله وأتمنّاه، لتحقيق البعد المعنوي
والروحي في الجامعات.

كذلك على الحوزات أن تكون عصرية
وتواكب الزمن، على الحوزات العلمية العمل على
سوق الناس إلى دين اللّه بكلّ شوق ورغبة،
وعليها إبلاغ الدين إلى الناس كما أراده
اللّه، وهذا الامر بحاجة إلى تحقيق ونتاج
وفكر واطلاع على قضايا العالم ومخالفة الهوى
والشهوات الدنيوية ـ إن لم نقل في الجميع لكن
في عدد كبير منهم أو على الاقل في الذين
يمسكون بزمام الامور في الحوزات ـ .

لذا يلاحظ كيف أنّ الاسلام يشدّد على
شرائط مرجعية التقليد «صائناً لنفسه، حافظاً
لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لامر مولاه»[2].

على الحوزات العلمية والجامعات تبادل
الخبرات والتجارب العلمية والدراسيّة فيما
بينها لاستكمال مستلزمات استقلال الشعب
وتحويل المجتمع إلى مجتمع نموذجي في جميع
مناحي الحياة.

([1])
الخطبة 209 من نهج البلاغة.

([2])
التفسير المنسوب إلى الامام الحسن العسكري(عليه
السلام)عن أمير المؤمنين(عليه السلام)، وعنه
في الاحتجاج على أهل اللجاج للشيخ الطبرسي 2 :
458.



/ 1