فلسطين والحل الإسلامي - من آفاق القیادة الإسلامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من آفاق القیادة الإسلامیة - نسخه متنی

السید علی حسینی الخامنه ای

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فلسطين والحل الإسلامي

الحمد للّه الذي من علينا بهداية
الإسلام وشرّع لنا الجهاد الذيهو باب من
أبواب الجنة فتحه اللّه لخاصة أوليائه ..

و(سبحان الذي أسرى
بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد
الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه
هو السميع البصير) .

القضية الفلسطينية قضية إسلامية :

إن القضية الفلسطينية قضية
إسلامية .. وقضية كل العالم الإسلامي .. وإن
احتلال فلسطين واحد من أركان التآمر الشيطاني
، الذي عمدت إليه قوى الهيمنة العالمية ،
ممثلة ببريطانيا سابقاً وبأميركا حالياً
لإنهاك العالم الإسلامي وتمزيق صفوفه .

إن أعداء الإسلام كانوا جادين
دوماً في إقامة الحواجز القومية والمذهبية
بين المسلمين لإبعادهم عن توحدهم ومن ثم
للسيطرة على مقدراتهم .

في بدايات أعوام احتلال فلسطين نهض
علماء مجاهدون مثل «الشيخ عزالدين القسّام و
«الحاج أمين الحسيني» فرفعوا صوتهم يستنصرون
المسلمين لإنقاذ الوطن السليب ، وأصدر المرجع
الديني الكبير يوم ذاك: «الشيخ محمد حسين آل
كاشف الغطاء» حكم الجهاد ضد الصهيونية ، لكن
الطابع الإسلامي للقضية خف باستمرار لتنحصر
في الإطار القومي.

إن انتصار الثورة الإسلامية في
إيران بقيادة الإمام الخميني(قدس سره) هذا
الرجل الحكيم من ذرية رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله)كان له الدور الكبير في الصحوة
الإسلامية على الصعيد العالمي عامة ، وعلى
صعيد بلدان المنطقة بشكل خاص .

إن انتصار المقاومة الإسلامية في
حرب غير متكافئة على الظاهر في جنوب لبنان
دلالة اُخرى على مصداقية وأصالة الجهاد
الإسلامي ، وتأكيد آخر على أن النصر حليف
المسلمين حتماً إن وثقوا بوعد اللّه تعالى ،
وجاهدوا في سبيله سبحانه .

مما لا شك فيه أن الانتصار الباهر
الذي سجلته المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان
من جهة وفشل مشاريع الاستسلام من جهة اُخرى ،
لمن العبر الكبرى في منطقتنا ، وهي التي دفعت
بالشعب الفلسطيني المسلم لأن يعود إلى
الانتفاضة مرة اُخرى غير أنها عودة لا يمكن أن
يكون فيها لمحاولات الاستسلام داخل فلسطين أو
في المنطقة تأثير على أبناء الشعب الفلسطيني
الصبور والشجاع والمقاوم ، فلقد عزم هذا
الشعب بحول اللّه وقوته أن يواصل مسيرته حتى
النصر ..

فالانتفاضة الاُولى توقفت بسبب
ضغوط الانهزاميين والدوائر الأميركية
والغربية ، وبسبب الوعود المعسولة التي قدمها
الصهاينة وحماتهم زاعمين أنهم سيمنحون الشعب
الفلسطيني حقه في طريق المحادثات السلمية ،
ولكن السنوات العشر التي مرت على تلك الوقفة
أثبتت أن كل مساعي حماة الصهيونية في العالم
إنما كانت لإنقاذ دويلة الصهاينة من ضغط
النضال الإسلامي ، وأثبتت أن ما قدموه من وعود
للمفاوضين الفلسطينيين لم تكن سوى سراب بقيعة
يحسبه الظمآن ماءً .

إن مظاهر البطش والعنف والإرهاب
والاحتلال والتوسع المشاهدة اليوم بوضوح في
ممارسات الصهاينة كانت متوقعة منذ البداية
تماماً لكل ذي بصيرة ولكل المخلصين في
المجتمعات الإسلامية .

دويلة الصهاينة الغاصبة الخادعة
قامت أساساً على الاعتداء على الحقوق الحقة
للشعب الفلسطيني ، ولاقت دعماً من بعض
الحكومات الغربية وخاصة أميركا . والمحافل
الدولية أيضاً سعت ـ من خلال خلق المبررات
لتصرفات الكيان الصهيوني ـ إلى أن تضفي شرعية
على هويته واعتداءاته .

ش نديماه الخزايةَ والغد

إن الأرض الفلسطينية عامة والقدس
خاصة كانت على مر التاريخ مطمع بعض القوى
الغربية ، كما أن الحروب الصليبية المتواصلة
الطويلة ضد المسلمين كانت مظهراً بارزاً لتلك
الأطماع في هذه الأرض المقدسة ، ولا غرو أن
يقف ذلك القائد العسكري الغربي بعد انهزام
الدولة العثمانية ودخول الحلفاء إلى القدس ،
ويرفع عقيرته قائلاً : «الآن انتهت الحروب
الصليبية» !

إن احتلال هذه الأرجاء نتيجة
مشاريع متعددة الأطراف ومعقدة، وبهدف منع
المسلمين من الاتحاد والاحتلاف ومنع إعادة
تأسيس دول إسلامية مقتدرة . وثمة أدلة على أن
الصهاينة كانوا على علاقة وثيقة بالنازيين
الألمان ، وتقديم قوائم مبالغ فيها بمقتل
اليهود إنما كان يستهدف إثارة عواطف الرأي
العام العالمي ، وتهدئة الأجواء لاحتلال
فلسطين ، وتبرير جرائم الصهاينة ، بل إن ثمة
وثائق تثبت أن جمعاً من الأشرار وحثالات
البشر غير اليهود من شرق أوربا قد عبّأوهم
ودفعوهم إلى فلسطين على أنهم يهود ليقيموا
نظاماً معادياً للإسلام في قلب العالم
الإسلامي بحجة حماية ضحايا النازية ،
وليفصلوا بين شرق العالم الإسلامي وغربه ،
بعد وحدة استمرت ما يقرب من أربعة عشر قرناً .

فوجئ المسلمون في بداية الأمر ،
لأنهم كانوا في غفلة من حقيقة مشاريع
الصهاينة وحماتهم الغربيين . وانهزم
العثمانيون ، وأبرمت اتفاقية سايكس ـ بيكو
سراً لتقسيم البلدان الإسلامية في الشرق
الأوسط بين الفاتحين .. عصبة الاُمم أناطت
الوصاية على فلسطين بالبريطانيين ! وهؤلاء
قدموا وعود المساعدة للصهاينة ، وفي إطار
مجموعة من المشاريع المدروسة استقدموا
اليهود إلى فلسطين وشردوا المسلمين من ديارهم
.

وفي هذه المواجهة الطويلة التي كان
أحد طرفيها الغرب والصهاينة والطرف الآخر
الدول العربية الفتية ، استخدم أعداء الإسلام
آليات متنوعة ومعقدة ومنها وسائل الإعلام
والمحافل الدولية ; إذ كانوا يدعون المسلمين
من جهة إلى الصبر وضبط النفس والاشتراك في
محادثات السلام والتسوية ، ومن جهة اُخرى
يغدقون السلاح على إسرائيل .

هدفهم الاستراتيجي في هذا التعامل
المزدوج وغير المتكافئ بين البلدان
الإسلامية ; وإسرائيل إنما هو حفظ التفوق
العسكري الإسرائيلي على البلدان الإسلامية ،
ومساندة الكيان الصهيوني في المحافل الدولية
، واستخدام أبواقهم الإعلامية لتبرير جرائم
الصهاينة وترسيخ فكرة «إسرائيل التي لا تقهر»
بين المسلمين .

الكيان الصهيوني ومنذ أن أقرت
منظمة الاُمم المتحدة تأسيسه قبل أكثر من نصف
قرن وحتى العام

الماضي كان يصول دونما مانع أو
رادع، غير أن المقاومة الإسلامية في لبنان ،
وبعدة آلاف من شبابها المسلحين بسلاح الإيمان
قضّت مضجع هذا الكيان وحماته .

هؤلاء الشباب الأعزاء طردوا
إسرائيل وهي ذليلة من جنوب لبنان دون تقديم أي
امتياز ، وأصبح انتصار هؤلاء الفتية الأعزاء
مشعلاً يضيء الطريق أمام غيرهم من المجاهدين
المسلمين .. ونحن اليوم نشهد انتفاضة المسجد
الأقصى ، وهي نموذج موسع للمقاومة الإسلامية
في لبنان .

المسؤولية الثقيلة للمسلمين :

واليوم إذا اجتمعتم أنتم أيها
الأعزة ، من منطلق الفريضة الإسلامية ، لدعم
الانتفاضة ، تتحملون مسؤوليات ثقيلة قبل كل
شيء ، وفي ظل الصحوة الإسلامية يجب أن تعلنوا
عن إرادة العالم الإسلامي في العودة إلى
السنن الحسنة في تاريخه المجيد ، وهذه السنن ـ
وعلى رأسها تضامن المسلمين ـ كانت وراء كل ما
حققوه من انتصار في الماضي أمام المعتدين
الصليبيين .

لقد كان المجاهدون في تلك
المواجهات التاريخية يهبّون من كل أرجاء
العالم الإسلامي لنصرة إخوانهم والالتحاق
بالحرب المصيرية الطويلة الأمد بين الكفر
والإيمان .

المسلمون في كل العالم اليوم
منشدون إلى النضال المصيري في الساحة
الفلسطينية ، ويعقدون الأمل عليه أكثر من
الانتفاضة الاُولى ; إذ كانت تلك الفترة ـ
أعني قبل عشر سنوات ـ فترة هيمنة جو التسوية
بالتدريج على المنطقة ، فقد كانت قلوب البعض
مع أميركا ، وكان آخرون يعتقدون بعدم إمكانية
الوقوف بوجه الضغوط السياسية الدولية ، وبعدم
وجود طريق سوى التسوية ، ولو بثمن الرضوخ
للشروط الأميركية والاسرائيلية ! كما أن
التطورات التي شهدتها المنطقة يومئذ عملت على
ترسيخ هذه النظرية .. لكن مؤتمركم ينعقد في
عامنا هذا وقد وصلت الدول الإسلامية إلى طريق
مسدود ، وحتى اولئك الذين كانت ولا تزال
قلوبهم مع أميركا يقرون بأن هذا الطريق مسدود
.

في بداية التسعينات ساد العرب
والمسلمين جو من الإحباط على أثر سلسلة من
الهزائم المتتالية خلال أحداث حرب الخليج
الفارسي ، وتعرضت وحدتهم الداخلية أيضاً لخطر
انهيار جدي ، واستشرت فيهم الفرقة والتشتت .
غير أن آمالاً جديدة حيوية سطعت في قلوب
المسلمين في الظروف الراهنة خاصة بعد
الانتصارات العظيمة للمقاومة في جنوب لبنان .

كان الاُسلوب المطروح يومئذ في
التعامل مع إسرائيل ينحصر في مسلكين :

الأول : مواجهة عسكرية بين الجيوش
العربية وإسرائيل ، وكان يقال: إن كل التجارب
منيت بالفشل في هذه المواجهة .

والثاني : التسوية التي تحقق مآرب
إسرائيل بالطرق السلمية .. ومقابل الانسحاب من
بعض الأراضي المحتلة يتقرر ضمان عدم تطوير
القدرة العسكرية للبلدان العربية ، كما حدث
في كمب ديفيد .

لم يكن نموذج المقاومة مطروحاً
يومئذ ، وكان يقال : إنه لا يحظى بقبول عام ،
لكننا اليوم أمام نموذج أثبت نجاحه واستطاع
لأول مرة أن يحرر أرضاً محتلة دون أن يعطي أي
امتياز لإسرائيل ، وحال دون تحقيق مآرب
الصهاينة في رفع علمهم على عاصمة هذا البلد
العربي ; أعني لبنان .

في كمب ديفيد كان شرط انسحاب
إسرائيل عدم إرسال جيش مصري إلى شمال سيناء ،
ولكن ها هي إسرائيل القلقة من قدرة المقاومة
الإسلامية في جنوب لبنان تتوسل لإرسال الجيش
اللبناني إلى الحدود الفلسطينية اللبنانية ،
وهذا يعني أن المقاومة استطاعت إعادة السياسة
التامة إلى الجنوب اللبناني والمناطق
المحتلة الاُخرى .

هذه الانتفاضة هي ثورة شعب نفض يده
من كل أساليب التسوية، وفهم أن النصر رهين
مقاومته .. لقد

تكبد الشعب الفلسطيني في انتفاضته
السابقة خسائر جسيمة وقدم على طريق الإسلام
وتحرير الأرض الإسلامية كثيراً من الشهداء
والجرحى ، لكن محادثات اُوسلو قضت بإيقافها
في النهاية .

وماذا كانت نتيجة اُوسلو ؟ حتى
المخططون الفلسطينيون لتلك المحادثات لا
يدافعون عنها اليوم ، لأنهم أدركوا عملياً أن
إسرائيل كانت تريد فقط أن تتخلص من ورطتها ; أي
أن تتخلص من مواجهة ثوار الحجارة وتقلل ممّا
يواجهها من أخطار ، وإذا ما أعطت شيئاً شحيحاً
للجانب الفلسطيني وسمّته إعطاء امتياز ;
فإنما كان لغرض إخماد شعلة الانتفاضة
والتقليل من احتمالات الأخطار .. وما أن رأت أن
مشكلتها قد انحلت وأحست ـ خطأً ـ أن الشعب
الفلسطيني لم يعد قادراً على استئناف
الانتفاضة والمقاومة والمواجهة حتى أوقفت
ذلك الضئيل من الامتيازات وكشفت عن أهدافها
الذاتية التوسعية .. إن مسيرة الاستسلام في
مشروع اُوسلو وضعت الشعب الفلسطيني أمام طريق
واحد لا غير هو طريق الانتفاضة .

المحور الأساس في الانتفاضة
الثانية هو المسجد الأقصى ; أي أن الشرارة
التي فجرت غضب الشعب الفلسطيني هي تدنيس
الصهاينة للأقصى .. والشعب الفلسطيني انطلق من
إحساسه بالرسالة الخطيرة التي يحملها في
حراسة واحد من أقدس الأماكن الدينية
الإسلامية ، ودخل الساحة بقوة وأضرم شعلة
المقاومة في النضال ضد المحتلين الصهاينة .

لقد أدت مسيرة الاستسلام وبشكل خاص
في اُوسلو إلى تشتيت الفلسطينيين ; لكن هذه
الانتفاضة المقدسة استطاعت أن تعيد الوحدة
الوطنية إلى الساحة الفلسطينية ، وتلاحظون أن
كل فئات الشعب حاضرة في هذا النضال ، والفصائل
الإسلامية والوطنية متكاتفة ، بل حتى اولئك
الذين لا تزال قلوبهم في مكان آخر مضطرون إلى
مماشاة هذا التحرك العظيم .

القضية الفلسطينية محور الصحوة
الإسلامية :

لقد برزت «النهضة الإسلامية» أو
بعبارة اُخرى «حركة الصحوة الإسلامية» على
ساحة المنطقة والعالم الإسلامي بقوة وصلابة
في العقدين الأخيرين بعد انتصار الثورة
الإسلامية في إيران وظهور حركة الإمام
الخميني(رحمه الله) .

إن المحور الأساس لهذه النهضة
والصحوة اليوم هو القضية الفلسطينية . وقد
استطاعت انتفاضة الأقصى أن تتجاوز حدود
فلسطين الجغرافية وتستقطب عامة الشعوب
العربية والإسلامية .. إن مسيرات الملايين من
أبناء الشعوب الإسلامية من شرق العالم
الإسلامي حتى غربه أوضحت أن الشعب الفلسطيني
يستطيع أن يعتمد على دعم هذه الشعوب ، وأنه
قادر في الوقت ذاته أن ينهض بدور مهم في توحيد
صفوف المسلمين .

ويوم انبثقت «المقاومة الإسلامية»
في لبنان بسواعد الأبطال اللبنانيين وبتوصية
الإمام الخميني(رحمه الله)ودعمه كانت إسرائيل
تحتل العاصمة اللبنانية وكانت تسيطر على
المقدرات السياسية لهذا البلد . يومها حين
كانت المقاومة الإسلامية ترفع شعار : «زحفاً
زحفاً نحو القدس» كان هناك من المغفلين من
يعتقد أن هؤلاء اُناس سذج بسطاء ! وكانوا
يسألون كناية : هل من الممكن التحرك نحو القدس
، وأنتم اللبنانيون يتعذر عليكم دخول عاصمة
بلدكم ؟! والزمان بين ذلك اليوم والانتصار
التاريخي للمقاومة الإسلامية على إسرائيل
ثمانية عشر عاماً فقط .. وتعلمون أن ثمانية عشر
عاماً ليست بالزمان الطويل في تاريخ نضال

الشعوب .

النضال دون شك مقرون بخسائر مؤسفة
.. الناس يستشهدون والبيوت تهدم ، والضغوط
الاقتصادية تثقل كاهل المواطنين ، وعشرات
المصائب الاُخرى التي نشعر بمرارتها وآلامها
من أعماق القلب . لكن المهم أن ننظر في نتائج
هذه التضحيات . الانتصار له قيمته الكبرى
ولابد من دفع ثمنه ; «ومن خطب الحسناء لم يغله
المهرُ» .

إسرائيل التي كانت يوماً تعربد
ثملة في هذه المنطقة وتملي كل شروطها على
الشعوب العربية ، هي اليوم راكعة بضعف وكآبة
أمام عظمة المقاومة الإسلامية ! وهذا جزء يسير
من ثمار تفعيل طاقات الشعوب العربية
والإسلامية .. ثقوا أن طاقات العالم الإسلامي
جميعاً ، بل بعضها ، لو سخرت في هذا الاتجاه ;
لرأينا زوال إسرائيل وفناءها .

إسرائيل هزمت في جنوب لبنان من
مقاومة بضعة آلاف من الرجال .. صحيح أن حزب
اللّه يتمتع بعمق شعبي واسع ، وأنه استطاع في
الأوقات الضرورية أن يعبئ الآلاف بل عشرات
الآلاف ، ولكنه على طول الخط كان يعتمد على
بضعة آلاف بل بضع مئات في محاور المواجهة مع
الصهاينة المحتلين ; أي أن إسرائيل بكل
معداتها العسكرية وتقنياتها الحربية
المتطورة المتصلة بالترسانة الحربية
الأميركية قد انهزمت أمام بضع مئات من الشباب
المؤمنين المتحمسين المزودين بسلاح بسيط
للغاية .. وطبعاً بسلاح قوي للغاية هو سلاح
الإيمان .

حزب اللّه سند قوي لانتفاضة الشعب
الفلسطيني :

إذن نحن أمام نموذج واضح جلي
للمقاومة أي يمكن تحقيق النصر بالمقاومة
والنضال ; وطبعاً مع تحمل مشاق طريق ذات
الشوكة .. كما أن نموذج الهزيمة ماثل أمامنا
أيضاً وهو عقد الآمال على أساليب التسوية
واستجداء السلام . ونتيجته واضحة أيضاً هي
الوهن .. والذل .. وبالتالي فرض إسرائيل من جانب
واحد ، وقد رأينا ذلك باُم أعيننا .. فهل من
مدّكر؟!

إن حزب اللّه وانتصاراته
التاريخية يشكّلان اليوم سند انتفاضة الشعب
الفلسطيني وهو حتماً سند قوي في غاية القوة .

إن الكيان الصهيوني لا يمتلك
إطلاقاً القدرة على المواجهة المستمرة
الطويلة مع الفلسطينيين . لقد خدع اليهود وزج
بهم في فلسطين على أمل أن يكف العرب عن الحرب
ويلقوا السلاح ، وعلى أمل أن الغرب سوف لا
يسمح للعرب بمواجهة طويلة .. ومن هنا فإن
اليهود المستقدمين إلى فلسطين ليسوا على
استعداد أن يضحوا بوجودهم من أجل تحقيق أهداف
مؤسسي الصهيونية ، والتقارير تؤكد هبوط
السياحة اليهودية في أرض فلسطين بشدة ، بل بدء
الهجرة العكسية منها .

لقد نهض مؤتمر فلسطين الأول في
طهران بدور أساسي ، ووفر محطاً لآمال معارضي
الاستسلام ، كما بث روح الأمل في شعب فلسطين
ورفع من معنوياته .. لقد استطاعت مواقف إيران
الإسلام وصمودها الفريد أيضاً أن تشع بالأمل
في قلوب أبناء هذا الشعب المقدام ، والشعب
الفلسطيني يحتاج الآن أيضاً إلى

الدعم المعنوي وإلى المواقف
الصامدة .. صحيح أنه بحاجة إلى المال أيضاً ،
ولابد لهذا الأمر من إجراءات جادة ; لكن
المواطنين الفلسطينيين أنفسهم يقولون لمن
يقابلهم : نحن نحتاج بالدرجة الاُولى إلى
مواقف وقرارات قوية عربية وإسلامية .

المسار العام للنضال ضد الكيان
الصهيوني :

إن الدفاع عن الشعب الفلسطيني
المظلوم وعن نهضته الباسلة المظلومة واجبنا
الإسلامي جميعاً ، وهو شعب مسلم مضمخ بالجراح
يرفع صوته اليوم من وسط ساحة المعركة داعياً
الاُمة الإسلامية إلى نصرته .. لا أنسى أبداً
صرخة تلك المرأة الفلسطينية التي وقفت أمام
عدسات المراسلين تنادي بصوت مبحوح «يا
للمسلمين» !

على كل المسلمين والعرب أن يدعموا
شرعية النضال الشعب الفلسطيني ، ولابد من
التأكيد في المحافل الدولية على أن شعباً
أعزل قد اغتصبت حقوقه ويقبع تحت الاحتلال له
الحق أن يناضل لاستعادة حقوقه .

لذلك فإن استمرار انتفاضة الشعب
الفلسطيني ومقاومته حق مشروع لهذا الشعب ،
والقوانين الدولية أيضاً تحترم ذلك ، مع أن
هذه القوانين تفسر ـ مع الأسف ـ في اتجاه
إرادة الاستكبار وقوى الهيمنة العالمية .

إن الكيان الصهيوني متآكل من داخله
، والجيل الصهيوني الحالي ليس على استعداد
للفداء والتضحية من أجل حفظ ذلك الكيان .

كما أن الشعوب العربية والمسلمة هي
اليوم أكثر قوة وحيوية من أي وقت مضى في
السنوات الخمسين الماضية ، وإذ أصبحت ذات
قدرة في شتى المجالات .

لم يعد المسلمون قادرين على السكوت
أمام مشهد القمع اليومي للشعب الفلسطيني ،
ولابد من افهام إسرائيل أن استمرار قمع الشعب
الفلسطيني وقصف المناطق الفلسطينية سيواجه
من كل العرب والمسلمين رداً جاداً وبكل شدة .

يجب تعزيز أمل الشعب الفلسطيني في
استمرار مقاومته . كما أن الشعب الفلسطيني
يعلم جيداً أن الذي صد إسرائيل عن الممارسات
القمعية في لبنان هو قدرة المقاومة في الرد
عليها وفي انزال الضربات القاصمة بها ، لا
الاعتماد على المساعي المسماة بالسلمية ولا
على وساطة هذا وذاك !

إن وحدة الصف الداخلي الفلسطيني
بفصائله المختلفة مسألة أساسية ، وكل ما من
شأنه أن يؤدي إلى انحراف المسير وإلى عدم
التوجه إلى العدو الأصلي لا يصب حتماً في خدمة
القضية الفلسطينية .

إن الفلسطينيين قد خرجوا والحمد
للّه من امتحانهم خلال الأعوام الخمسين
الماضية فائزين فخورين ، وأثبتوا جدارتهم
ونضجهم في شتى المواقف .. ولقد رأينا أن كل
مساعي إسرائيل لتوسيع شقة الخلاف بين
المجاهدين باءت بالفشل ، فكل التيارات
الأصيلة والحركات الجهادية والمجموعات
المناضلة على اختلاف اتجاهاتها وانتماءاتها
قد حالت دون تحقق آمال العدو بصبر ثوري . ولابد
أن تستمر الحالة على هذا المنوال أيضاً .

لقد اتضح الآن بشكل لا لبس فيه أن
اولئك الذين كانوا يرون القضية الفلسطينية
حالة مرحلية وإقليمية

محدودة بقسم صغير من العالم
الإسلامي هم على خطأ تماماً .. إن ترسانات
الأسلحة الذرية وأسلحة الدمار الشامل
المخزنة في مستودعات العدو الصهيوني ليست
لمواجهة الفلسطيني الأعزل ، بل لغرض السيطرة
على العالم الإسلامي ، وخاصة على منطقة الشرق
الأوسط .

إن ما نشاهده اليوم من هجوم
إسرائيلي على القوات السورية للانتقام من
عمليات حزب اللّه الرامية لتحرير الأرض
المحتلة ، إنما هو دليل واضح على هذه النوايا
الشيطانية الشريرة لإسرائيل وحماتها
الغربيين .

وإن المسار العام للنضال ضد الكيان
الغاصب يجب أن يكون على النحو التالي :

أولاً : فرض الحصار على الكيان
الغاصب داخل حدود الأرض المحتلة وتضييق
الخناق عليه في المجال الاقتصادي والسياسي
وقطع ارتباطه بمحيطه الخارجي .

وثانياً : استمرار نضال الشعب
الفلسطيني ومقاومته داخل الأرض المحتلة
وتزويده بالمساعدات اللازمة التي تمكنه من
الاستمرار حتى تحقيق النصر .

التعبئة الإسلامية في فلسطين :

إن في فلسطين تعبئة أيضاً ، تلك
التعبئة الفلسطينية التي شدت إليها أنظار
العالم اليوم ، وذلك في وقت تتحكم فيه أيادي
حفنة من السياسيين في مصير القضية الفلسطينية
، حيث لا دور للشعب فيها ولا صوت للشباب ، ممّا
يجعل عواقب الاُمور كما رأيتم ، مذلةً بعد
أُخرى ، وانسحاباً إثر انسحاب ، فتركوا
الساحة للأعداء ، وتخلّوا عن خنادقهم الواحد
بعد الآخر لصالح عدو متجبر معتد صفيق ، ووقح ،
بينما قد أبعدوا الشعب عن الساحة . لقد
تجاهلوا الشعب ، وتناسوا الأهداف الحقيقية ـ
أي الهدف العقائدي ـ التي تشدّ إليها الشعب ،
وجعلوا القضية الفلسطينية ترتدّ على أعقابها
إلى عشرات السنين الخالية . لقد قلت لأحد
اولئك القادة الفلسطينيين عندما جاء إلى هنا
في بداية الثورة : لماذا لا ترفعون شعار
الإسلام ؟ فأتى بأعذار واهية ! بأنهم لم
يشاؤوا ذلك ، لأن قلوبهم لم تكن تنبض بالإسلام
. واليوم ، ومنذ اثني عشر أو ثلاثة عشر عاماً
نزل الشعب الفلسطيني إلى الساحة باسم الإسلام
ورافعاً شعار الإسلام ، فأدرك العدو فوراً
أصل القضية . فعندما اشتعلت شرارة الانتفاضة
في العقد الماضي في فلسطين فإن الأعداء ـ أي
الصهاينة وحلفاءهم الأميركيين ـ أحسّوا
بالخطر قبل أي أحد آخر . فقرروا القضاء عليها
لأنها تفجرت باسم الإسلام . ثم حاولوا معالجة
الاُمور لكنهم وجدوا أنفسهم عاجزين ، لأنهم
في الواقع لا يعرفون سوى منطق القوة .

إن الكيان الصهيوني كيان عنصري في
فلسطين المحتلة ، فهل يمكن أن نتوقع العدالة
من كيان عنصري ؟ إنه كيان جاء إلى الوجود عن
طريق قوى السيطرة السياسية والاقتصادية
العالمية ، وذلك بغية الحيلولة دون اتحاد
العالم الإسلامي ، وتجريده من العزة والكرامة
، وإعاقة المسلمين عن الظهور كقوة عظيمة
متحدة كي لا يستطيعوا تشكيل أي خطر يُذكر ،
فهل يمكن توقّع العدل والإنصاف من كيان جاء
لتحقيق مثل هذه الأهداف ؟! إنهم لسذّج اولئك
الذين يتصورون أنه بالإمكان عقد مباحثات مع
هذا الكيان ، فإن أية محادثات مع الكيان
الصهيوني تعدّ بمثابة فتح ميدان جديد له
للتقدم . لقد ساعدوه في المحادثات بالأمس ،

فما كان من أمره إلاّ أن جاء اليوم
مطالباً بالمسجد الأقصى ! وهكذا تكون العاقبة
عندما لا يدري المرء كيف يتصرف مع هكذا كيان
متجبر ، وعندما يريد اتخاذ قرار تحت تأثير
ضغوط الأميركيين والصهاينة المتنفذين ذوي
السيطرة على اقتصاد العالم ، فما كان من أمر
الجماهير إلاّ النزول بنفسها إلى الساحة .

إن دخول عنصر صهيوني نجس وبغيض إلى
المسجد الأقصى منذ ثلاثة أسابيع أثار مشاعر
الجماهير ، فلو كان مدعوّ القضية الفلسطينية
أو حكام البلدان العربية قد احتجوا على هذا
التصرف ; لشعرت الجماهير أن هناك من يتحدث
باسمها ، ولربما تغير مسير الأحداث ، ولكن
الجماهير أدركت بأن عليها الحضور في الساحة ،
فنزلت إلى الميدان . لقد مضت ثلاثة أسابيع منذ
أن التهبت شعلة المقاومة في فلسطين ، ولقد قلت
لهؤلاء الفتية الفلسطينيين : اعلموا بأن
جيلاً قد استيقظ وأن جيلاً قد نزل إلى الساحة
، فهل يمكن إطفاء شعلته بمثل هذه المقولات ؟ !
إن هناك شرذمة تقوم بارتكاب الجرائم
وقتل عدة من الشباب والمظلومين ، إلاّ
أن دماءهم تروّي شجرة النهضة الفلسطينية
والثورة الفلسطينية .

إن المشكلة ليست بتلك الصورة التي
يمكن للسلطة الاستكبارية الأميركية أو
عميلتها ـ الدويلة الصهيونية ـ معالجتها
ببساطة ، فالحال أنه لا يمكن معالجتها ، إن
شعباً أخرجوه من دياره ووطنه وبلاده ، عدا
اولئك الذين يعيشون هناك تحت السيطرة
الأجنبية ، ممّا أدى بهم إلى هذا الوضع ، فهل
بالإمكان إخماد لهيب مثل هذا الشعب ؟ إن
الأجهزة الاستكبارية تشكو من إيران بسبب
معارضتها لمشروع الاستسلام ، وإننا لمعارضون
طبعاً ، ولكن اعلموا أنه من السذاجة أن
تتصوروا أنه بالإمكان حذف شعب من صفحات
التاريخ والإتيان بشعب آخر مزيّف ليحتل موقعه
حتى لو لم تكن إيران الإسلامية معارضة ، وحتى
لو لم يقم أي شعب أو دولة في العالم بتقديم
العون والمساعدة .. إن الشعب الفلسطيني شعب
لديه ثقافة ، وتاريخ ، وتجربة ، وحضارة ، ولقد
عاش في هذه الأرض آلاف الأعوام ، ثم تأتون
أنتم لتخرجوا هذا الشعب من دياره وأرضه
وتفصلوه عن تاريخه ، وتجمعوا شرذمة من
المشردين والضائعين والمزيفين والخلطاء
والانتهازيين من بلدان العالم ثم تخلقون
شعباً مزيفاً من العدم ! فهل هذا ممكن ؟! ثم
تقومون بممارسة الضغوط واستخدام القوة لفترة
من الوقت ، فهل من الممكن مواصلة ذلك ؟
إنه لا يمكن مواصلته للأبد ، وقد تبدّت اليوم
علائم ذلك .

الحل الوحيد لقضية فلسطين :

إن كلمتي الاُولى حول فلسطين هي
أنه لا توجد قوة في العالم بوسعها إخماد شعلة
الحرية ولهيب عودة فلسطين إلى أصحابها
الأصليين في نفس كل العالم وفي صدور الشعوب
الإسلامية ، ولا سيما في صدر الشعب الفلسطيني
، وليس هناك سوى طريق واحد للحل ، ونحن نقول
لاولئك الذين يعتبرون مشكلة الشرق الأوسط
أزمة دولية ويقولون بأنه لابد من السعي
للتغلب على أزمة الشرق الأوسط وإنهائها ،
نقول لهؤلاء جميعاً : بأنه لا يوجد سوى طريق
واحد وهو استئصال شأفة الأزمة . فما هي جذور
هذه الأزمة ؟ إنها الكيان الصهيوني المفروض
على المنطقة . فما زالت جذور الأزمة لم تقتلع
فإن الأزمة ستظل قائمة . إن طريق الحل هو
السماح للمشردين الفلسطينيين في لبنان وفي أي
مكان آخر بالعودة إلى فلسطين ، فليعد الشعب

الفلسطيني من مسلمين ومسيحيين
ويهود من أصحاب فلسطين الأصليين إلى بلادهم ،
ويقوموا بإجراء استفتاء وانتخاب نظام للحكم
في فلسطين . إن الغالبية العظمى من أبناء
الشعب الفلسطيني هم من المسلمين بالإضافة إلى
عدة من اليهود والمسيحيين الذين هم من سكان
فلسطين الأصليين والذين كان آباؤهم يعيشون
هناك ، فليقم هؤلاء بتقرير مصير نظام الحكم في
بلادهم ، ثم يتخذ هذا النظام قراراً بشأن
اولئك الذين احتلّوا فلسطين طوال أربعين أو
خمسة وأربعين أو خمسين عاماً ، فهل يبقي عليهم
، أو يعيدهم من حيث جاؤوا ، أو يسكنهم في منطقة
اُخرى ، فهذا كلّه يرتبط بالنظام الجديد الذي
يحكم في فلسطين ، وهذا هو سبيل حل الأزمة . فما
دام هذا الحل لم يُنفّذ ; فلن يكون هناك حل
عملي آخر ، ولن يكون باستطاعة الأميركيين
القيام بشيء آخر مع كل ما لديهم من استعراض
للعضلات ; لقد فعل هؤلاء كل ما كان بوسعهم ،
وهذه هي النتيجة . وبالطبع فإنهم يشعرون
بالسخط والاستياء إزاء أحداث الأسابيع
الثلاثة الأخيرة في فلسطين المحتلة ، وحيال
ثورة الشباب ، وشجاعة الرجال والنساء ، وتلك
الإرادة القوية والعزم الراسخ الذي أظهره ذلك
الشعب المظلوم ، فراحوا ينحون باللائمة على
هذا وذاك ! كلا أيها السادة !! إن الجمهورية
الإسلامية ليست هي السبب في نهضة فلسطين ، وإن
الشعب اللبناني ليس هو الذي يقف خلف ثورة
فلسطين ، بل هو الشعب الفلسطيني نفسه ; سبب
نهضة فلسطين ، هو تلك الآلام والهموم
المتراكمة في عمق هذا الجيل الشاب الذي نزل
اليوم إلى الميدان بكل أمل ونشاط . وإننا
بالطبع نشدّ على أيدي هؤلاء ، ونعتبرهم جزءاً
منّا ، ونعدّ فلسطين قطعة من لحم الإسلام ودمه
، ونشعر بالاُخوة والقرابة تجاه الشعب
الفلسطيني وشباب فلسطين ، إلاّ أنهم هم اولئك
الذين يتقدمون بالانتفاضة ويقودونها .

إن تلك الاتفاقيات التي عُقدت في «شرم
الشيخ» وما إلى ذلك بين الأطراف اللا مسؤولة
في القضية لا جدوى لها ولا تأثير ، وستكون
مدعاة لخجل المشاركين فيها والموقعين عليها ،
ولن تكون لها أدنى فائدة أو تأثير .

مناشدة للإخوة المجاهدين في
فلسطين :

إنني اُناشد الاخوة والأخوات
الفلسطينيين : أن واصلوا جهادكم ، واستمروا في
صمودكم ، واعلموا أنه ما من شعب يستطيع الحفاظ
على شرفه واسترداد هويته واستقلاله إلاّ
بالصمود والنضال . وإن أي شعب لن يكون بوسعه
تحقيق أي إنجاز عن طريق التصاغر والانحناء
أمام العدو ، فالعدو لا يمنح شيئاً بوسيلة
الضعة والتذلل والرجاء . إن كل شعب بلغ
طموحاته وحقق أهدافه في هذا العالم لم ينجز
ذلك إلاّ بالعزم والإرادة والصمود والمواجهة
ورفع الرأس عالياً . وإن بعض الشعوب تفتقر
إلى هذه الإمكانية ، ولكنّ شعباً يؤمن
بالإسلام والقرآن والوعد الإلهي وقوله تعالى
: (لينصرن اللّه من ينصره)
لخليق بهذه الإمكانية .

إن نصيحتي الاُخرى هي أن العدو
يبذل قصارى جهده اليوم لإشعال فتيل الاختلاف
بين الأوساط الفلسطينية ، حتى إن تلك العناصر
الفلسطينية الخائنة تسعى هي الاُخرى لزرع
جذور الخلافات ; فكونوا على حذر من هذه
المؤامرة التي ينسج العدو خيوطها . وعلى عناصر
حماس ، والجهاد الإسلامي ، وفتح ـ شباب فتح
الذين نزلوا إلى الساحة حديثاً ـ ألاّ
يغادروا الميدان ، وأن يكونوا جميعاً يداً
بيد . كما ينبغي عليهم ألاّ يُلقوا سمعاً
لاولئك الرؤساء والزعماء الذين يتحدثون
لصالح العدو ويقومون بتوجيه الأوامر . وعلى
أبناء الشعب

الفلسطيني أن يجتمعوا حول محور
العناصر المخلصة والمؤمنة والمضحية . وليعلم
الشعب الفلسطيني ـ الذي يستقطب اليوم انتباه
العالم الإسلامي ـ أن قلوب الاُمة الإسلامية
معه ، وأنها تدعو له ، ولو كان هناك طريق لمد
يد العون والمساعدة لما تأخرت الاُمة
الإسلامية لحظة في تقديمه ، شاءت الحكومات أم
أبت .. إن الاُمة الإسلامية لن تتخلّى عن
فلسطين ، ولن تجفو شعب فلسطين ، ولن تتجاهل
شباب فلسطين .

كما وأقول أيضاً لشعبنا العزيز بأن
عليه أن يعرف قدر هذه الملحمة التي سطرها في
مساندة إخوانه الفلسطينيين الأعزاء والتضحية
من أجلهم فهي ملحمة رائعة ، حيث عبر بوضوح
والحمد للّه عن دعمه العظيم ومساندته الواسعة
لإخوانه الفلسطينيين ، ممّا يمثل نموذجاً
باهراً في العالم الإسلامي . إن كل العالم
يدري مدى حب بلدنا الإسلامي العزيز إيران
رجالاً ونساءً واهتمامه البالغ وعزمه الراسخ
إزاء القضية الفلسطينية ، ولو كان بوسعه
المساعدة لما توانى في تقديمها ، ويا له من
أمر رائع أن يبادر المستطيعون بتقديم
مساعداتهم المالية ; فحتى لو لم يكن
باستطاعتنا تقديم العون العسكري والبشري ولم
يكن بإمكان شعبنا وشبابنا الالتحاق بصفوف
المواجهة ، فإن بالإمكان تقديم الدعم المادي
وتسكين بعض آلامهم وتضميد بعض جراحهم وإظهار
المحبة والودّ لاُمهاتهم وآبائهم .

لقد شاهدتم ذلك الصبي الذي قتلوه
وهو في أحضان والده ، فهذه لم تكن الحالة
الوحيدة ، بل إن ثمة حالات اُخرى مشابهة . إن
عظمة هذه الحركة بلغت ذلك القدر الذي يجعل كل
هذه التضحيات ضئيلة في أنظارهم ، كما حدث معكم
أثناء الحرب المفروضة ، إلاّ أن تضحياتكم
أذهلت كل العالم . وهكذا هو الشعب الفلسطيني
اليوم ، حيث راح يستصغر الصعاب والتضحيات ،
ولكنه أدهش الألباب وحيّر عقول العالم . إن
حادث شهادة ـ كشهادة ذلك الصبي على صدر والده
ـ يفجر عواصف المشاعر في صدور شعوب العالم ،
وهو أمر يستحق فائق التقدير .

دعم القضية الفلسطينية من الأركان
الاستراتيجية للجمهورية الإسلامية :

إن كل الضغوط الشاملة التي يوجهها
الاستكبار العالمي وعلى رأسه أميركا لإيران
إنما سببها مواقف إيران المساندة لفلسطين .

قالوها بكل صراحة : إن المشكلة
الأصلية بين أميركا وإيران هي معارضة
الجمهورية الإسلامية لمشاريع التسوية
والاستسلام المذلة في فلسطين .

أما بقية الاُمور ، كالادعاء
السخيف بشأن انتهاك حقوق الإنسان وتصنيع
أسلحة الدمار الشامل ، فلا تعدو أن تكون ذريعة
.. وإذا كفت إيران عن دعمها لنضال الشعبين
اللبناني والفلسطيني فإنهم سيكفون عن
مواقفهم العدائية تجاه إيران .. نحن نعلم
طبعاً بوضوح أن مشكلتهم الأصلية هي الإسلام
والحكم الإسلامي .

وهم أيضاً يعرفون جيداً حقيقة هذا
الاتجاه في سياسات الجمهورية الإسلامية .. كان
جوابنا لهم هو الرفض ، وإننا نعتبر دعم
الشعبين الفلسطيني واللبناني من واجباتنا
الإسلامية المهمة ، لذلك فإنهم يوجهون إلينا
ضغوطهم من كل حدب وصوب .. إن سياستهم الأصلية
والاستراتيجية هي بث بذور التفرقة بين الصفوف
المتحدة المتراصة للشعب المسلم الثوري
الإيراني . فهم يطلقون على جماعة اسم
الاصلاحيين وعلى آخرين اسم المحافظين ..
يساندون جماعة ويركزون هجومهم على جماعة
اُخرى .

هؤلاء يسعون عن طريق تضخيم بعض
الاشكاليات ليصوروا عدم فاعلية النظام
الإسلامي وليبثوا اليأس في القلوب من النظام
الديني ويروجوا لفصل الدين عن السياسة .

إن الإيمان الديني العميق في نفوس
الجماهير أكبر سد في طريقهم .. إنهم يحاولون
بخططهم الإعلامية أن يبثوا اليأس في نفوس
الشباب ، وأن يصوروا المشاكل الاقتصادية
المتعارفة الرائجة بدرجة واُخرى في كل أرجاء
العالم بأنها من المشاكل المستعصية على الحل
في الجمهورية الإسلامية الإيرانية .. إنهم
بخطتهم الإعلامية يسعون إلى التشكيك في
مصداقية الإمام وأركان الثورة ، وسبب ذلك
يعود إلى أن مصالحهم تضررت من نهوض المسلمين
والثورة الإسلامية .

إنهم يشعرون بالخطر من الصحوة
الإسلامية في العالم ويحسون بقلق شديد من
اتساع نطاق النضال الإسلامي في لبنان وفلسطين
، ولذلك شمروا عن ساعد الجد لاستئصال جذور
الفكر الإسلامي ووجهوا سهامهم الاعلامية
السامة صوب الإسلام والدين .. وكلما اتسع نطاق
النضال في لبنان وفلسطين ازدادت الصهيونية
وأميركا غضباً وحنقاً على نظام الجمهورية
الإسلامية الإيرانية وازداد تآمرهم علينا ،
ولكنهم يجب أن يعلموا أنه على الرغم من كل
تضليلهم فإن الانسجام يسود بين المسؤولين
والرؤساء في بلدنا ، وأن الشعب الإيراني
المسلم يقف بكل قطاعاته وراء أهداف الثورة
والإسلام والنضال ضد الصهاينة وحماتهم من
الأركان الأساسية والاستراتيجية للجمهورية
الإسلامية الإيرانية .

نحن على يقين بأن فلسطين ستتحرر
بمواصلة نضال الشعب الفلسطيني ودعم العالم
الإسلامي ، وستعود القدس ويعود الأقصى إلى
حضيرة العالم الإسلامي بإذن اللّه (واللّه
غالب على أمره) .

والسلام عليكم ورحمة اللّه
وبركاته .

/ 1