هجرة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

هجرة - نسخه متنی

السید محمد حسین فضل الله

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

رأي


الـهجـرة


* السيد محمد حسين فضل اللّه

( لبنان )الهجرة واللجوء على المستوى
الفقهي والواقع


عندما نريد ان ننطلق في هذهِ القضية من
خلال الخطوط العامة، فمن الطبيعي أن نثير
المسألة على أساس العنوان الفقهي الكبير وهو:
أن السفر الى بلاد يضعف فيها الدين، يمثل «التعرب
بعد الهجرة» ولذلك فهوَ لا يجوز حدوثاً ولا
يجوز بقاءً.

ولكن عندما نريد أن ندرس القضية في
بعدها الواقعي، نجد أن هناك ضرورة بالمعنى
العام للكلمة، لا بالمعنى الحرفي لها، حيث أن
هناك حالات كثيرة تدفع المسلمين للعيش في
بلاد الاخرين، باعتبار الضرورات الاقتصادية
والعلمية والعسكرية، وما الى ذلك من الدوافع
المتنوعة، لان الحياة الان تختلف عن الحياة
سابقاً بالنسبة للمسلمين، باعتبار أن دار
الاسلام كانت تمثل الحضن الرئيس للمسلمين،
باعتبارها المجال الذي يمكن للمسلم ان يجد
فيه نفسهُ ويُلبي حاجاته ويحصل على ما يريد،
لذلك فقد كان الاتجاه الى دار الكفر لا يمثل
إلاّ حالات فردية شاذة، لم تتعد الى ظاهرة
عامة أو حالة اجتماعية تثير الاهتمام
والانتباه. أما الان فنلاحظ أن الظروف
والاوضاع الاجتماعية والازمات بمختلف
أشكالها التي تعصف بالبلدان الاسلامية،
وتؤثر بشكل أو بآخر على المسلمين، أدّت الى
دفع المسلمين الذين هم في موقع الازمات الى
إيجاد حلول للضيق الذي هم فيه، وبالتالي
تلمّس فرصة للتنفس خارج النطاق المحدود في
بلادهم، لان الانسان المسلم الذي يملك فكراً
حركياً أو رفضاً لواقع معين لا يستطيع أن يجد
الحرية في بلادِه الاسلامية للتعبير عن آرائه
وأفكاره، أو لا يمكنهُ التصدّي والوقوف بوجه
الازمات السياسية أو الاقتصادية أو
الاجتماعية التي تعصف بمجتمعه، مما يؤدي الى
نشوء جو ضاغط باتجاه سلوك الهجرة، فأصبحت
مشكلة حية ومفروضة لا نستطيع أن نمنعها،
لاننا لا نمتلك البدائل التي تُعين الانسان
المسلم لكي يجد حلاً لمشكلته خارج نطاق
الهجرة.

اذن هناك هجرة واقعية تواجهنا
بمشاكلها، علينا ان ندرسها لا بطريقةِ
الفتاوى المطلقة، مثلاً: «يحرم البقاء في
أوربا أو في أميركا أو... أو يجوز في بلد آخر»،
فهذهِ لا تحل المشكلة، لاننا عندما نريد أن
نُصدر الفتوى الشرعية فلا بد أن ندرس
موضوعاتها بواقعية، هل بالمستطاع تطبيقها
والالتزام بها أم لا؟ تماماً كما يتحدث البعض
أنه تجب الهجرة من بلاد لا يستطيع فيها المسلم
المحافظة على أوقات الصلاة، ففي البلاد التي
تغرب فيها الشمس لمدة ستة أشهر وتشرق لمدة ستة
أشهر مثلاً، لا يمكن أن نقول لاهلها من
المسلمين أن يهاجروا منها، فهذا لا يحلّ
المشكلة.

لذلك نعتقد أنه من الضروري لحل مشكلة
المهاجرين واللاجئين حلاً اسلامياً ومنطقياً
أن نهيّئ مجتمعات صغيرة في كل موقع من مواقع
الهجرة، تعيش المظاهر الاسلامية، وتتعامل
وفق المعايير الاسلامية والشرعية، كالمساجد
والمراكز الثقافية الاسلامية، وأن نساعد في
صناعة أجواء إسلامية تحتضن المجتمع المسلم
ضمن الموقع الذي يعيش فيه بمختلف أبعاده،
فمثلاً علينا أن نهيّئ الفرصة لاطفال
المسلمين هناك أن يتعلموا لغتهم واُصول دينهم
ومبادئ اسلامهم، وما الى ذلك من الامور
الاخرى لاننا إذا استطعنا أن نحقق ذلك فقد
تتحول الاجواء اليائسة والاوضاع المُتعبة
الى أجواء اسلامية ملؤها الامل والتفاؤل.
وهناك تجارب متفرقة في اكثر من موقع من مواقع
الهجرة الاسلامية، سواء في أوربا أو في
أميركا لاحظنا فيها كيف أن حركة ونشاط
المراكز الاسلامية ولو بشكل جزئي استطاعت أن
تجعل من اُناس لم يكونوا متدينين في بلادهم
الاسلامية، اُناساً صالحين ملتزمين ومن خيرة
المؤمنين هناك.

اننا في الوقت الذي نشعر فيه بثقل
الهجرة على الخط الاسلامي وعلى الالتزام بهذا
الخط، حيث الضغط الذي تمثله الحضارة الغربية
بكل اشكالهِ قد يجعل من الصعب على الكثيرين ان
يثبتوا أمامهُ. نأمل ان لا نكتفي بتوجيه النصح
والموعظة للاخرين، لان البعض منهم لا يستطيع
ان يتفاعل مع هذا النصح نتيجة لبعض الظروف
القاهرة، فعلينا أن نقدم حلاً لمشكلتهم
ومعاناتهم لاقامة الحجة عليهم.

الهجرة واخلاء الساحة من الكفاءات:


تعتبر هذهِ القضية من القضايا الحساسة
التي ترتبط بظاهرة الهجرة، لذلك فيجب أن
تُدرس دراسة ميدانية وواقعية. فهناك كفاءات
لا تستطيع حتى لو أرادت أن تبقى دون طرق باب
الهجرة إلاّ أن تكون جزءاً من حالة الانحراف،
بحيث تسقط سقوطاً كلياً في كل ما تمثلهُ من
طاقة إسلامية. إننا عندما نواجه الكثير من
الكفاءات الاسلامية التي أُخرجت أو خرجت من
بلادها، نلاحظ أنها فقدت أية فرصة للعمل،
وأية فرصة للحرية أو إبداء الرأي، بل حتى
التزام الصمت والعيش بكرامة، فكان معنى ان
يبقى الانسان ـ من الكفاءات الواعية المنفتحة
على القضية الاسلامية ـ في هكذا بلد يعني ان
يقضي حياته في السجن، لذلك فإن المسألة لا
تكون مسألة أن أمة حُرمت من طاقة، بل إنه
قَتلٌ لتلكَ الطاقة. وقد قرأنا قول الله تعالى:
(إنّ الذينَ توَفّاهم الملائكةُ ظالمي
أَنفسهم قالوا فيمَ كنتمْ قالوا كُنّا
مستضعفين في الارض قالوا ألم تكنْ أرضُ اللهِ
واسعةً فتهاجِروا فيها فاولئك مأواهم جهنمُ
وساءَت مَصيراً * إلا المستضعفين من الرجالِ
والنساءِ والوِلدانِ لا يستطيعون حيلةً ولا
يهتدونَ سبيلاً * فأُولئك عسى الله أن يعفو
عنهم وكان اللهُ عفوّاً غفوراً)[1].

فالهجرة هنا تصبح ضرورة إذا دار الامر
بين أن يقتل الانسان طاقته أو ينحرف، أو أن
يحرك طاقته ويقويها باتجاه آخر، ويبقى في خط
الاستقامة، يأخذ القوة من جديد ليرجع الى
موقعه من موقع قوة فيغير الواقع (وَمن يهاجِر
في سبيلِ اللهِ يجدْ في الارضِ مُراغَماً
كثيراً وسَعَةً ومَن يَخرجْ من بيتهِ
مُهاجراً الى اللهِ ورسولهِ ثمّ يدركهُ
الموتُ فقد وقعَ أجرُهُ على اللهِ وكانَ
اللهُ غفوراً رحيماً)[2].

الهجرة الى أين؟


من الطبيعي انه عندما تكون هناك ساحة
اسلامية مستعدة لاستقبال الكفاءات والطاقات
الاسلامية، وتوظيفها وتحريكها في الاتجاه
الذي تتفجر فيه لتُبدع وتتسخر لخدمة الاسلام،
فإنه قد يتوجب على الانسان المسلم ان يهاجر
الى ذلك البلد. أما إذا كانت هناك بلاد
اسلامية ليست مستعدة لاستقبال هذهِ الطاقات،
ولا الاستفادة منها لظروف داخلية، سياسية أو
اقتصادية أو نفسية، وما إلى ذلك، فمعناه أن
الساحة الاسلامية لا تتسع لهذهِ الكفاءة،
لوجود حواجز وموانع معينة فإنه من الطبيعي أن
يسلك سبيل الهجرة، وإذا كان من المستطاع
البقاء على الخط الاصيل وعلى الالتزام الديني
مع تحريك الكفاءة في خدمة الامة والاهداف
الاسلامية فان عليه البقاء وعدم الهجرة.

نحن لا نتصور أن الذين يعيشون في
البلاد التي يضغط فيها الحاكم على شعبه
معذورون في الهجرة اذا استطاعوا البقاء مع
الالتزام بدينهم، حتى ولو بَقوا دون ان
يمارسوا عملهم الحركي، مع ضمان انهم يستطيعون
أن يخدموا اُمتهم بطريقة أو باُخرى، فإن ذلك
قد يكون متعيناً.

انني أتصور أن وجود المتدينين
المثقفين الرساليين في بلدهم حتى لو لم
يتحدثوا ولم يتحركوا، يمثّل قوة وزخماً لمن
يريد أن يلتزم بالاسلام ويسلك السبيل الصحيح.
إن مثل هؤلاء لا يجوز لهم الهجرة إذا كانت
اُمتهم تحتاجهم، وكان وجودهم باعثاً للامل
والمستقبل الاسلامي المشرق.

الهجرة والمشكلة الامنية:


كثيرةٌ هي المشاكل والعقبات التي تقف
أمام المهاجرين من الاسلاميين في بلاد
المهجر، ولكن الاهم منها هي المشكلة الامنية،
بالخصوص في أوربا وأميركا، حيث إن أجهزة
المخابرات ترصد هؤلاء المهاجرين بشكل مزعج،
وإن كان هذا الرصد لا يصل الى مستوى ما يحصل في
بعض البلاد الاسلامية التي تمنعهم أن يتنفسوا
حتى الهواء. لذلك فإن المشكلة التي تعيش في
ذهن الغرب هي مشكلة أمنية وليست سياسية،
باعتبار أن الحريات السياسية تمثل اُسلوباً
في الحياة الغربية. وعلى هذا الاساس يمكننا
القول إننا إذا استطعنا أن نركّز المؤسسات
الاسلامية ـ الثقافية والدينية ـ على أساس
ثقافي منفتح على التطلّعات السياسية
للمسلمين، وأن نحرّك المسألة السياسية
للمسلمين في مهاجرهم بما لا يتنافى مع أمن
البلد الذي يعيشون فيه، فإنه بإمكاننا أن
نحقّق الكثير في هذا المجال على مستوى الواقع
الداخلي لتلك البلدان، ومن خلال الناس الذين
يعيشون هناك.

إن هناك نقطة يجب أن نفهمها بالنسبة
الى الانسان في الغرب، وهي أن طبيعة الحرية
التي عاشها الانسان هناك أضعفت عنده حالة
التعصّب، مع عدم نكراننا أن هناك عنصرية
يمينية في فرنسا أو المانيا أو بلدان اُخرى
مثلاً، ولكننا نجد الى جانب هذهِ العنصرية
فئات اُخرى لا تعيش مثل هذهِ الحالة الخانقة
في هذا المجال. لذلك نجد أنه في فرنسا مثلاً
يبلغ عدد المسلمين ما يقرب من 4 ملايين نسمة،
حيث يُعتبر الاسلام الدين الثاني في فرنسا
بعد الكاثوليكية. وهكذا المسلمون في
بريطانيا، يزيد عددهم على المليوني نسمة،
وأما في أميركا فالعدد أكبر. لذلك نعتقد أن
علينا أن نلاحق المسلمين في مهاجرهم، لنستطيع
أن نكوّن منهم جاليات تملك الحصانة الاسلامية
من خلال المؤسسات الثقافية والعبادية
والدينية بشكل عام، فإن ذلك يمكن أن يحقق
للمسلمين الكثير، كما أن علينا أن نوجّه
المسلمين هناك لكي يتوصلوا للنفوذ الى الواقع
السياسي من أجل التأثير على القرار السياسي،
وذلك بأن نعمل على أن نجمع المسلمين الذين
يحملون الجنسية الاميركية أو الفرنسية او
البريطانية من أجل ان يشاركوا في المؤسسات
السياسية هناك بالطريقة التي يستطيعون فيها
أن يؤثروا إيجاباً لمصلحة القضايا الاسلامية.



([1])
النساء: 97 ـ 99 .

([2])
النساء: 100.

/ 1