نظرية المعرفة في فلسفة - نظریة المعرفة فی فلسفة الشهید السید محمد باقر الصدر (قدس سره) (2) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظریة المعرفة فی فلسفة الشهید السید محمد باقر الصدر (قدس سره) (2) - نسخه متنی

عائشة یوسف المناعی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

نظرية المعرفة في فلسفة

الشهيد السيد
محمد باقر الصدر(قدس سره) ( 2 )

* الدكتورة
عائشة يوسف المناعي (قطر)

نظرية
المعرفة في الفلسفة الإسلامية :

بعد دراسته
المستفيضة لمجمل المذاهب الفلسفية في
المعرفةونقدها ، يستخلص السيد محمد باقر
الصدر ما يسميه بالخطوط العريضة لنظرية
المعرفة في الفلسفة الإسلامية ، وذلك على
الترتيب التالي :

الخط الأول :
تقسيمها للإدراك إلى تصور وتصديق ، والتصور
بمختلف ألوانه ليس له قيمة موضوعية لأنه
عبارة عن وجود الشيء في مداركنا فقط . أما
التصديق أو المعرفة التصديقية فهي المعرفة
التي لها خاصة الكشف الذاتي عن الواقع
الموضوعي . والفلسفة الإسلامية في هذه النقطة
لا تخرج عن المنطق الأرسطي .

الخط الثاني :
ترجع المعارف التصديقية جميعاً إلى معارف
أساسية ضرورية يسلّم العقل بها ويعتقد صحتها
دون برهنة أو دليل ، وقيمة المعرفة تكون
بمقدار اعتمادها على تلك الاُسس ومدى
استنباطها منها ، ولذلك فمن الممكن الحصول
على معارف صحيحة في الميتافيزيقا والرياضيات
والطبيعيات إذا التزمت بتلك المبادئ العقلية
الضرورية ، وتأتي نتائج الميتافيزيقا
والرياضيات قطعية في الغالب دون النتائج
العلمية في الطبيعيات وذلك لأن الميتافيزيقا
والرياضيات في التطبيق لا تحتاج
إلى تجربة خارجية بعكس الطبيعيات المتوقفة
على التجربة .

الخط الثالث :
يبحث في مدى تطابق الصورة الذهنية ـ فيما إذا
كانت دقيقة ـ مع الواقع الموضوعي الذي صدّقنا
بوجوده ، وفيها يرى السيد محمد باقر الصدر أن
الصورة الذهنية التي نكوّنها عن شيء معيّن
بالرغم من وجودها في أذهاننا إلاّ أنها تختلف
عن الواقع الموضوعي اختلافاً أساسيا لأنها لا
تملك خصائص الواقع التي يتمتع بها الواقع
الموضوعي لذلك الشيء .

وهذا الشيء
المتمثل في الذهن فاقد لكل الفاعلية والنشاط
الذي يتمتع بها الشيء في مجاله الخارجي .
وبتعبير آخر يؤكد السيد محمد باقر الصدر على
أن الشيء الموجود في الصورة الذهنية هو الشيء
الموجود في الخارج ، ولكنه يختلف في لون وجوده
في الصورة الذهنية عن لون وجوده الخارجي .
وهذا الفارق بين الفكرة والواقع هو ما يسمّى
في الفلسفة بالفارق بين الماهية والوجود [1]
.

المبحث
الثالث : الدليل الاستقرائي ومكانته من نظرية
المعرفة :

الاستقراء هو
كل استدلال يسير من الخاص إلى العام ، ولما
كانت هذه الطريقة هي الاُسلوب المستخدم في
التجارب العلمية ; فقد أطلق على «الاستنتاج
العلمي القائم على أساس الملاحظة والاستنتاج
العلمي القائم على أساس التجربة بالمفهوم
الحديث للملاحظة والتجربة» [2]
. والفرق بين الملاحظة والتجربة : أن الملاحظة
تتمثل في اقتصار المستقرئ على مشاهدة الظواهر
على ماهي عليه في الطبيعة . أما التجربة فتعني
التدخل الفعلي العملي في تعديل سير الطبيعة
لتبديل ظواهرها ومشاهدة ما ينشأ عن هذا
التبديل [3] . وقد أراد
السيد محمد باقر الصدر من تعريفه للاستقراء
أن يدخل فيه الملاحظة والتجربة ، وهذا أمر
يخالف فيه المنطق الأرسطي الذي لم يميز ـ
بصورة أساسية ـ بين الملاحظة والتجربة في
موضوع الاستقراء ، ومن هنا جاء تقسيمه
للاستقراء إلى استقراء كامل واستقراء ناقص ،
فالكامل هو تتبع جميع الجزئيات ، والناقص
تتبع بعض الجزئيات وفي الحالين ينتقل
المستقرئ من الجزئيات إلى الحكم الكلي العام
الذي يشملها جميعاً . وفلاسفة الإسلام ينهجون
نهج أرسطو في هذه المسألة ، فابن سينا ـ مثلاً
ـ يقول عن الاستقراء : «الحكم على كلي بما وجد
في جزئياته الكثيرة ، مثل حكمنا بأن كل حيوان
يحرّك فكه الأسفل عند المضغ استقراء للناس
والدواب والطير» [4]
فالاستقراء التام ـ إذن ـ هو مسح شامل ودقيق
لجميع الجزئيات ثم تعميم الحكم الثابت على كل
جزئي ، ولذلك تكون نتيجته يقينية ، ولكنه لا
يفيد علماً جديداً ـ كما يرى بعض الباحثين ـ
لأن النتيجة فيه مساوية لمقدماتها ، ولذلك
يعد الاستقراء التام استنتاجاً لا استقراء ،
وفائدته تنحصر في مجرد الاختصار «فهي إذن
عملية إحصائية لا تفيد في تقدم العلوم
الطبيعية، ولهذا لم يعره المناطقة اهتماماً
كبيراً» [5] .

والسيد محمد
باقر الصدر يرى خلاف ذلك بمعنى أن الاستقراء
الكامل ليس من قبيل الاستدلال الكامل في منطق
أرسطو ، فهو لا يعد استقراء واحداً بل يعد
استقراءين : أحدهما يحصر الأفراد كقطع الحديد
مثلاً كلها ، والآخر يفحص أفراد تلك المجموعة
قطعة قطعة . والنتيجة التي يخرج بها هي قضية
جديدة وهي (كل الحديد يتمدد بالحرارة) ، يقول
الصدر : «والاستدلال الاستقرائي على هذا
الأساس صحيح من الناحية المنطقية لأنه
استدلال على قضية جديدة مستنتجة من القضايا
التي عرفت خلال استقراءين مزدوجين» [6].

وبالرغم من
ذلك يوجه السيد محمد باقر الصدر نقده لموقف
أرسطو من الاستقراء الكامل ، ولا يتسع المجال
هنا لأن نستقصي نقده ذلك ، إلاّ أن الأساس
الذي بنى عليه نقده هو أن الاستقراء الكامل لا
يمكنه أن يستخدم للاستدلال على القضايا
الكلية في العلوم استخداماً منطقياً على أساس
مبدأ عدم التناقض . ويلخص ذلك في حكمه على أن
الدليل الاستقرائي في المنطق الأرسطي يستبطن
قياساً «فهو في الحقيقة دليل قياسي من العام
إلى الخاص ، وليس دليلاً استقرائياً يسير من
الخاص إلى العام» [7]
يؤكد هذا رأي ابن سينا واتفاقه مع وجهة أرسطو
، يقول د . ابراهيم مدكور في حديثه عن ابن سينا
: «ويكاد يلتقي مع أرسطو ... فهو يقول
بالاستقراء التام الذي ورد في كتاب (التحليلات
الاُولى) على صورة قياس من الشكل الأول ... وقد
زعم بعض الشرّاح أن النوع الأول لا يعد
استقراء» [8] .

ويرى الصدر أن
المنطق الأرسطي يسمّي هذا الدليل الاستقرائي
بما يستبطن من قياس (تجربة) وهي أحد مصادر
المعرفة اليقينية عند أرسطو ، وذلك «خلافاً
للاستقراء الناقص الذي يمثّل أحد عنصري
التجربة ، ويعطي صغرى القياس المستبطن فيها ،
فالتمييز بين التجربة والاستقراء الناقص في
المنطق الأرسطي يقوم على أساس أن الاستقراء
الناقص مجرد تعبير عددي عن الأمثلة التي
لوحظت خلال الاستقراء ، وأما التجربة فهي
تتألف من ذلك الاستقراء ومن مبدأ عقلي مسبق ،
يتكون منهما معاً قياس منطقي كامل» [9]
.

إذن فأرسطو
يثق تماماً بالاستقراء الكامل بل ويتخذ «منه
الأساس لكل الأقيسة والبراهين ، لأن كل هذه
البراهين تستمد من المقدمات الأولية، وهذه
المقدمات تثبت بالاستقراء لا بالقياس» [10]
.

ويفهم من هذا
أن الصدر في تعريفه للاستقراء أخرج منه
التقسيم الأول في مفهوم أرسطو ، وهو
الاستقراء التام ، ولم يسمه استقراء ، بل سماه
استنباطاً . واعتبر هذا تجاوزاً من أرسطو
لمفهوم الاستقراء الذي حدده الصدر بالتعريف
السابق ، ويقول استيفاء لكلامه : «وهذا يعني
أن الاستقراء الذي ندرسه في بحوث هذا الكتاب
هو أحد قسمي الاستقراء الأرسطي» [11]
ويقصد به الاستقراء الناقص ، وهو الذي يستحق
معالجة الصدر له ـ كما يرى ـ .

لذلك يرى كثير
من الباحثين وشرّاح المنطق الأرسطي ينكر
التعميمات الاستقرائية ولا يعترف بالقضايا
المستدلة بالاستقراء الناقص . وكان هذا
ناتجاً عن فهمهم الخاطئ ـ على حد قول الصدر ـ
في تفسيرهم وتمييزهم بين الاستقراء الناقص
والتجربة في مفهوم المنطق الأرسطي ، بأن
الاستقراء الناقص هو ملاحظة الأشياء الجاهزة
الموجودة في الطبيعة ، وهي من هذا القبيل
ملاحظة منظمة في لغة المنهج العلمي الحديث .
وهي لا تصلح أساساً للعلم ، أما التجربة فهي
عمل إيجابي يقوم به الإنسان وفيه تأثير وتأثر
ولذلك فهي قادرة على إثبات التعميم .

هذا
الاستقراء الذي يؤكد المنطق الأرسطي ومن
تابعه من الفلاسفة على أن تعميم الظاهرة
والمستنتجة فيه من استقراء حالات تختلف في
بعض الخصائص الملحوظة والمقومات ; يؤكدون على
أنه تعميم خاطئ، لأن الحالات التي لم يشملها
الاستقراء تختلف عن التي شملها في بعض تلك
الخصائص ، ولذلك «فليس من حقنا أن نستنتج
استقرائياً أنها جميعاً تشترك في إيجاد ظاهرة
واحدة ، لأن من الممكن أن يكون اختلافها في
الخصائص والمقومات سبباً لاختلاف نوع
علاقتها بتلك الظاهرة» [12]
ويستشهد الصدر بنصين في الموضوع لابن سينا
والإمام الغزالي تابعا فيهما المنطق الأرسطي
، يقول ابن سينا : «وأما الاستقراء فهو الحكم
على كلي بما وجد في جزئياته الكثيرة ، مثل
حكمنا بأن كل حيوان يحرّك عند المضغ فكه
الأسفل ، استقراءً للناس والدواب والطير ،
والاستقراء غير موجب للعلم الصحيح ، فإنه
ربما كان مالم يستقرأ بخلاف ما استقرئ مثل
التمساح في مثالنا ، بل ربما كان المختلف فيه
والمطلوب ، بخلاف حكم جميع ما سواه» ، والإمام
الغزالي يقول : ولا يكفي في تمام الاستقراء أن
تتصفح ما وجدته شاهداً على الحكم إذا أمكن أن
ينتقل عنه شيء ، كما لو حكم إنسان بأن كل حيوان
يحرّك عند المضغ فكه الأسفل ، لأنه استقرأ
أصناف الحيوانات الكثيرة ، ولكنه لم يشاهد
جميع الحيوانات ، لم يأمن أن يكون في البحر
حيوان هو التمساح يحرّك عند المضغ فكه الأعلى
ـ على ما قيل ـ .. فإذن حصل من هذا أن الاستقراء
التام يفيد العلم ، والناقص يفيد الظن» [13]
.

وينكر الصدر
هذا الفهم الأرسطي ـ في عدم إفادة الاستقراء
الناقص التعميم ـ ويرى أن أرسطو ومن تابعه
يلزمهم الإيمان بإمكان التوصل عن طريق
الاستقراء الناقص إلى التعميم ، بشرط أن
يشترك فيه مبدأ عقلي قبلي «لأن المنطق
الأرسطي لم يرد بالتجربة التي اعتبرها أساساً
للعلم بالتعميم كما تقدم ، إلا نفس الاستقراء
الناقص ، ولكن في حالة تكوين قياس منطقي يستمد
صغراه من الاستقراء ، وكبراه من مبدأ عقلي
قبلي ينفي تكرر الصدفة ، فالتجربة لا تختلف عن
الاستقراء الناقص في نوعية النشاط الذي
يمارسه الإنسان ، وكونه نشاطاً إيجابياً
فاعلاً أو مجرد ملاحظة ; بل تختلف عنه في
اشتمالها على مبدأ عقلي قبلي ينضم إلى
الأمثلة الكثيرة المستقرأة فيتكون من
المجموع قياس كامل» [14]
.

هذا الاتجاه
الأرسطي في تفسيره للدليل الاستقرائي في
نظرية المعرفة يؤمن بأن العقل مصدر لمعرفة
قبلية مستقلة عن التجربة والاستقراء . ولذلك
فبإمكان ذلك المنطق أن يبرّر التعميمات
الاستقرائية ويرجعها إلى قضايا عقلية قبلية
من قبيل المبدأ القائل : «إن الاتفاق لا يكون
دائمياً ولا أكثرياً» .

ويتفق السيد
محمد باقر الصدر مع أرسطو في إيمانه بالمعرفة
العقلية القبلية ، ويتفق معه ـ أيضاً ـ في
نقطة اُخرى وهي أن الاتفاق في الطبيعة لا يكون
دائمياً وأكثرياً . ولكنه يختلف معه بل وينكر
عليه أن يكون هذا القول أو المبدأ مبدأً
عقلياً أولياً ، وذلك «فعلمنا به ليس علماً
عقلياً قبلياً ، بل هو نتاج من نتاجات الدليل
الاستقرائي نفسه ، فلا يمكن أن يشكل الأساس
المنطقي للاستقراء ويقدم له المبرر العقلي
الكافي» [15] .

وتفسيراً
لهذا النص يلقي الشهيد الصدر الضوء على
مشكلات ثلاث تواجه دليل الاستقراء الناقص في
محاولته للانتقال بحمكه من الخاص إلى العام ،
أو ما يسميهاالصدر ـ على حد تعبيره - الطفرة من
الخاص إلى العام.

ويهدف الصدر
من ذلك إلى بيان موقف المنطق الأرسطي من تلك
المشكلات ، ومحاولته تقديم العلاج عن طريق
مصادرات ثلاث يفترضها المنطق الأرسطي بها
يتمكن الدليل الاستقرائي من التعميم .

المشكلة
الاُولى : يجب أن يثبت الدليل الاستقرائي
سببية عامة لكل ظاهرة طبيعية ، وبدون إثبات
ذلك يصبح ـ مثلاً ـ من المحتمل أن يكون تمدد
الحديد غير مرتبط بأي سبب .

المشكلة
الثانية : إذا ثبتت السببية العامة ; لابد وأن
يثبت سبباً بعينه، بمعنى أنه كلما تمدد
الحديد ـ مثلاً ـ لا بد وأن يكون سببه وجود
الحرارة دون غيرها .

والدليل
الاستقرائي هنا يحتاج إلى برهان يثبت به أن
سبب تمدد الحديد هو الحرارة ; لأن مجرد
الاقتران بين التمدد والحرارة في التجربة لا
يصلح برهاناً من الناحية المنطقية على
السببية بينهما ... وبذلك تكون المشكلة في
احتمال وجود الصدفة قائمة .

المشكلة
الثالثة : إذا ثبتت السببية العامة والسببية
الخاصة ; فعلى الدليل الاستقرائي أن يثبت أن
هذه السببية سوف تستمر في المستقبل في كل
الحالات المماثلة التي تشملها التجربة ليكون
التعميم شاملاً [16] .

والمنطق
الأرسطي يعالج المشكلتين الاُولى والثالثة
عن طريق الفلسفة العقلية التي يؤمن بها ويؤمن
معها بوجود معارف عقلية مستقلة عن الحس
والتجربة ، تلك المعارف تتمثل في مقولة : (إن
لكل حادثة سبباً) وهذا مبدأ عقلي مستقل عن
التجربة والخبرة الحسية ، ومقولة : (إن
الحالات المتشابهة من الطبيعة تؤدي إلى نتائج
متماثلة) وهذه قضية عقلية مستقلة عن التجربة ،
ومستنبطة بطريق البرهان من مبدأ السببية .

أما المشكلة
الثانية : فهي التي يرى فيها المنطق الأرسطي
أنها مشكلة حقيقية تقف أمام الدليل
الاستقرائي الذي لا يستطيع وحده التغلب عليها
، لذلك لابد في حلها من افتراض قضية عقلية
قبلية تنفي أن يكون اقتران الظاهرتين مجرد
الصدفة ، بذلك يستطيع الدليل ، الاستقرائي
التعميم .

إذن فالمنطق
الأرسطي يعالج المشاكل الثلاث بافتراض قضية
عقلية قبلية لكل مشكلة . فيفترض مبدأ السببية
لعلاج مشكلة احتمال الصدفة المطلقة ، ويفترض
مبدأ نفي تكرر الصدفة النسبية لعلاج مشكلة
الصدفة النسبية ، ويفترض مبدأ الحالات
المتماثلة التي تؤدي إلى نتائج متماثلة لعلاج
مشكلة احتمال التغير وعدم الاطراد .

ويلخص السيد
محمد باقر الصدر موقف المنطق الأرسطي
ومصادراته الثلاث التي يفترضها لحل المشاكل
التي تعترض قدرة الدليل الاستقرائي على
التعميم في نقطتين رئيستين :

الاُولى : إن
المنطق الأرسطي يؤمن بأن الدليل الاستقرائي
بحاجة إلى ثلاث مصادرات ، لابد من افتراضها
مسبقاً لكي يتاح للدليل الاستقرائي أن يتغلب
على مشاكله الثلاث ، ويؤدي إلى العلم
بالتعميم المطلوب . وما لم نسلّم بتلك
المصادرات تسليماً مسبقاً ; لا يمكن الاعتراف
بالعلم الاستقرائي والمنهاهج الاستقرائية في
الاستدلال .

الثانية : إن
المنطق الأرسطي يؤمن بأن مبدأ السببية ،
والمبدأ الذي ينفي تكرر الصدفة النسبية ،
والقضية القائلة : إن الحالات المتماثلة تؤدي
إلى نتائج متماثلة ، هي قضايا عقلية قبلية
مستقلة عن التجربة والاستقراء، ومن أجل ذلك
وجد فيها المنطق الأرسطي تلك المصادرات
الثلاث التي يحتاجها الدليل الاستقرائي [17]
.

ويرى الصدر أن
المنطق الأرسطي لم يكن موفّقاً في بحثه عن تلك
المصادرات ، لأن كل مصادرة من تلك المصادرات
الثلاث يمكن إثباتها عن طريق الاستقراء ذاته .
يقول الصدر عن نظريته في إيمانه بالدليل
الاستقرائي أنها «تؤكد أن الاستقراء يؤدي إلى
التعميم بدون حاجة إلى أي مصادرات قبلية ،
وسوف يبدو بوضوح في ضوء تلك النظرية أن
المصادرات الثلاث التي آمن بها المنطق
الأرسطي وربط مصير الدليل الاستقرائي بها ،
يمكن إثباتها جميعاً بالاستقراء نفسه ، كما
نثبت أي تعميم من التعميمات الاُخرى عن طريق
الدليل الاستقرائي» [18]
.

ويستفيض
السيد محمد باقر الصدر بعد ذلك في كتابه «الاُسس
المنطقية» في شرح وتفسير وبيان فكرته تلك ،
محاولاً إثبات فكرة قدرة الدليل الاستقرائي ـ
القائم على حساب الاحتمالات ـ على إثبات وجود
الصانع الحكيم سبحانه وتعالى .

ويعتمد الصدر
في محاولته لإثبات فكرته ـ في إيمانه بالدليل
الاستقرائي كمنتج للتعميمات ـ على مرحلتين
يمر بهما الاستقراء ، ويرى أن طريقته في
تفسيره للاستقراء بهذه الصورة يختلف ويتميز
عن

غيره مما هو
مشهور ومعروف عن الأدلة الاستقرائية :

الاُولى :
مرحلة التوالد الموضوعي (نظرية الاحتمال) .

الثانية :
مرحلة التوالد الذاتي (المذهب الذاتي) .

هاتان
المرحلتان : ناتجتان عن جانبين من جوانب
المعرفة هما : الذاتي والموضوعي ، فمثلاً حين
نعرف أن الشمس طالعة لابد أن نميّز بين عنصرين
:

أ ـ الإدراك
وهو الجانب الذاتي من المعرفة .

ب ـ القضية
التي أدركناها والتي لها واقع مستقل عن
الإدراك . وهذا هو الجانب الموضوعي .

وإذن فتولد
المعرفة موضوعياً لابد أن يكون عن طريق
التلازم بين قضية أو مجموعة من القضايا وقضية
اُخرى ، ومن ثم تنشأ معرفة بتلك القضية من
معرفة سابقة بالقضايا التي تستلزمها ، وتسمّى
هذه العملية بالتوالد الموضوعي ، لأنها نابعة
من التلازم بين الجانب الموضوعي من المعرفة
المولدة ، والجانب الموضوعي من المعرفة
المتولدة . ومثاله : معرفتنا الموضوعية (بأن
خالداً إنسان ، وأن كل إنسان فان) تتولد عنها
معرفة (بأن خالداً فان) فالنتيجة هنا جاءت
ملازمة للمقدمات التي تكون منها هذا القياس .

أما التوالد
الذاتي : فلا يكون هناك تلازم بين موضوعي
المعرفتين بأن تكون هناك معرفة ، ويولد علم
على أساس معرفة اُخرى . والتلازم هنا يكون بين
نفس المعرفتين ، فهنا نجد المبرر لنشوء معرفة
من معرفة اُخرى هو التلازم بين الجانبين
الذاتيين للمعرفة ، وأن هذا التلازم ليس
تابعاً للتلازم بين الجانبين الموضوعيين .

ويرى الصدر أن
المذهب العقلي يمثله المنطق الأرسطي يرجع
المعارف الصحيحة منطقياً إلى نوعين : معارف
عقلية أولية ، ومعارف مستنتجة من تلك المعارف
العقلية الأولية على أساس طريقة التوالد
الموضوعي.

أما المذهب
الذاتي الذي يمثله السيد محمد باقر الصدر
فيذهب إلى النوع الثاني من المعارف والعلوم
التي يعترف بصحتها المنطق الأرسطي مستنتجة من
النوع الأول بطريقة التوالد الذاتي لا
الموضوعي .

وكل
التعليمات الاستقرائية يعدها الصدر معارف
ثانوية مستنتجة عن طريق التوالد الذاتي . وهو
لم يرد بإثبات ذلك إنكار دور التوالد
الموضوعي في المعرفة ، بل أراد أن يضيف إليه
طريقة أغفلها المنطق الأرسطي ، ولم يؤمن بها .
يقول : «وهكذا نستطيع أن نبرهن لأنصار المذهب
العقلي ـ الذي يمثله المنطق الأرسطي ـ على أن
طريقة التوالد الموضوعي ليست هي الطريقة
الوحيدة التي يستعملها العقل في الحصول على
معارفه الثانوية ، بل يستعمل إلى جانبها
أيضاً طريقة التوالد الذاتي» [19]
.

فالتوالد
الموضوعي يحتاج إلى التوالد الذاتي والعكس
أيضاً ... وهذا ما يؤكد عليه الصدر من أن كل
معرفة ثانوية يحصل عليها العقل عن طريق
التوالد الذاتي تمر بمرحلتين :

ـ مرحلة
التوالد الموضوعي ، والمعرفة هنا تكون
احتمالية «وينمو الاحتمال باستمرار ويسير
نمو الاحتمال في هذه المرحلة بطريقة التوالد
الموضوعي ، حتى تحظى المعرفة بدرجة كبيرة
جداً من الاحتمال ، غير أن طريقة التوالد
الموضوعي تعجز عن تصعيد المعرفة إلى درجة
اليقين، وحينئذ تبدأ مرحلة التوالد الذاتي
لكي تنجز ذلك وترتفع بالمعرفة إلى مستوى
اليقين» [20] .

هاتان
المرحلتان تمر بهما كل التعميمات
الاستقرائية بما يعني أن هناك صلة وثيقة بين
التوالد الموضوعي والتوالد الذاتي .

وهنا تخف حدة
الصدر في معارضته للمنطق الأرسطي في تلك
المسألة ، ويخشى أن يفهم من توجيه ذلك فتح
المجال لاستنتاج أي قضية من أي قضية اُخرى على
أساس التوالد الذاتي دون تقيد بالتلازم بين
القضيتين ، وهذا سيؤدي إلى التوصل إلى
استدلالات خاطئة مثل أن نستنتج أن زيداً قد
مات من أن الشمس طالعة ... وهكذا ، فيرد على ذلك
ويبين عن مقصده بقوله «إن ما نقصده الآن هو أن
جزءاً من المعرفة التي يؤمن بها العقليون على
الأقل لم يتكون على أساس التوالد الموضوعي ...
وإنما يتكون على أساس التوالد الذاتي ، وهذا
يعني أنا ما دمنا نود الاحتفاظ بذلك الجزء من
المعرفة وبطابعه الموضوعي السليم ، فلابد أن
نعترف بطريقة التوالد الذاتي وبأن العقل
ينتهج هذه الطريقة في الحصول على جزء من
معرفته الثانوية» [21] .

وتدلنا نصوص
السيد محمد باقر الصدر على أن ما يعنيه في تلك
القضية هي التعميمات الاستقرائية ، تلك التي
يحاول إثبات صحة استنتاجها عن طريق التوالد
الذاتي ، بل يذهب إلى أبعد من ذلك فيؤكد على أن
القضايا الثانوية المستنتجة بطريقة التوالد
الموضوعي ، نجد أن قضية من هذا النوع تستند في
استنتاجها إلى فئتين من القضايا : الفئة
الاُولى ، قضايا ترتبط بإنتاج تلك القضية
المعينة بالذات ، والفئة الثانية ، قضايا
تقرر ثبوت التلازم بين الفئة الاُولى والقضية
المستنتجة بالتوالد الموضوعي.

ويرى أن قضايا
التلازم عامة بطبيعتها ، ولا تختص بإنتاج
قضية دون اُخرى . ويضرب الصدر لذلك مثالاً : (خالد
إنسان) قضية أولى ; (وكل إنسان فان) قضية ثانية ;
وهاتان القضيتان تعدان من الفئة الاُولى
لأنهما مرتبطان بإنتاج قضية معينة وهي : (إن
خالداً فان) . ولكن لو أضفنا إليهما قضية ثالثة
: (كلما كان شيء عنصراً من فئة وكانت كل عناصر
تلك الفئة تتصف بصفة ; فإن ذلك يستلزم أن يكون
ذلك الشيء متصفاً بتلك الصفة) ، لكانت تلك
القضية من الفئة الثانية لأنها تقرّر تلازماً
عاماً بين شكلين من القضايا مهما كان محتواها
.

ومن هذه
القضايا الثلاث تصح القضية المتولدة منها
بصورة موضوعية وهي : (إن خالداً فان) [22]
.

ويسمّي الصدر
الاستدلال الناقص الذي يثق به بالدليل العلمي
ويعرفه بأنه «كل دليل يعتمد على الحس
والتجربة ، ويتبع منهج الدليل الاستقرائي ،
القائم على حساب الاحتمالات» [23]
.

وقد أراد
الصدر مخالفة الاتجاه الحسي والتجريبي
الخالص بهذا الدليل وهو يرى أن المذهب
التجريبي كان بإمكانه في بحثه عن نظام الكون
أن يقدّم دعماً جديداً للإيمان باللّه تعالى
، إلاّ أنه استخدم من قبل أصحابه «لضرب فكرة
الإيمان باللّه تعالى ، فما دام اللّه سبحانه
ليس كائنا محسوساً بالإمكان رؤيته ، والإحساس
بوجوده فلا سبيل ـ إذن ـ إلى إثباته ، ولم يكن
هذا الاستخدام على يد العلماء الذين مارسوا
الاتجاه التجريبي بنجاح ، بل على يد مجموعة من
الفلاسفة ، ذوي النزعات الفلسفية والمنطقية
التي فسرت هذا الاتجاه الحسي تفسيراً فلسفياً
أو منطقياً خاطئاً» [24]
.

هذا مع العلم
بأن الاستقراء ينطوي على كل ألوان الاستدلال
العلمي القائم على التجربة والحس . وأن
الاستدلال العلمي هو نفس المنهج الذي يتخذه
الاستقراء على إثبات الصانع بمظاهر القصد
والحكمة .

الاحتمال
والدليل الاستقرائي :

يستعرض السيد
محمد باقر الصدر تعريفين مشهورين للاحتمال في
مذهب التوالد الموضوعي . ويستخرج منهما
تعريفاً ثالثاً يراه الأنسب لمعنى الاحتمال ،
يعتمد فيه على مفهوم ما سماه بالعلم الإجمالي
، وهو العلم بشيء غير محدد تحديداً كاملاً ،
ويفسر الصدر معنى ذلك أن المعلوم قد يكون
مشخصاً محدداً كأن يعلم المرء أن فلاناً من
أصدقائه سيزوره ، ويعتبر العلم في هذه الحالة
علماً تفصيلياً ، وليس فيه مجال للشك
والاحتمال .

وقد يكون
المعلوم غير محدد ولا مشخص ، كأن يعلم المرء
أن أحداً من أصدقائه الثلاثة سوف يزوره دون
تحديد لأي منهم ، فهذا العلم يعتبر علماً
إجمالياً ، لأن العلم ارتبط مع المعلوم بشيء
غامض غير محدد ، فيحتمل أن يزوره أحمد أو محمد
أو محمود . إذن فالعلم الإجمالي هنا تكَوَّن
من ثلاثة أطراف وهي الزيارات الثلاث ،
ويسميها الصدر : أطراف العلم الإجمالي .
وعلاقة العلم الإجمالي بكل طرف من الأطراف هي
علاقة تستبطن بطبيعتها الاحتمال ، والعلم
الإجمالي النافع في هذه المسألة هو العلم
الذي تكون أطرافه متنافية ، أي لا يحتمل أن
يجتمع اثنان منها في وقت واحد ، فالزيارة
المحتملة هي زيارة واحد من الأصدقاء فقط ،
وليس اثنين.

أما العلم
الإجمالي الذي لا تتنافى آطرافه فمن المحتمل
فيه اجتماع زيارة اثنين مثلاً ، وهذا العلم
يخرج عن مقصوده السيد محمد باقر الصدر ، يقول :
«ونحن هنا نريد بالعلم الإجمالي ـ متى
أطلقناه ـ العلم الإجمالي من القسم الأول
الذي يفرض التنافس بين آطرافه» [25]
.

وصورة العلم
الإجمالي عند الصدر تشتمل على ما يلي :

1 ـ العلم بشيء
غير محدد (كلي) .

2 ـ مجموعة
الأطراف التي يعتبر كل عضو فيها ممثلاً
احتمالياً للمعلوم .

3 ـ مجموعة
الاحتمالات التي يطابق عددها عدد مجموعة
الأطراف .

4 ـ التنافي
بين أعضاء مجموعة الأطراف .

وملخص تلك
الطريقة ـ كما يقول الصدر في «أنها تتطلب
افتراض علم إجمالي على نحو يكون عدد كبير من
أعضائه وأطرافه مستبطناً أو مستلزماً للقضية
الاستقرائية ، فتصبح القضية الاستقرائية
محوراً لعدد من القيم الاحتمالية بقدر ذلك
العدد الإجمالي المفترض مرناً بشكل يزداد فيه
عدد الأعضاء التي تتضمن إثبات القضية
الاستقرائية ، وينمو هذا العدد باستمرار
تبعاً لازدياد عدد التجارب أو الملاحظات في
عمليات الاستقراء ، وبهذا يصبح نمو القيمة
الاحتمالية للقضية الاستقرائية مطرداً مع
نمو الاستقراء وامتداده» [26]
.

بهذا المفهوم
قدم السيد محمد باقر الصدر دراسته في خطوات
ثلاث :

تحديد المنهج
الذي سيتبعه ، وتقييم هذا المنهج وتحديد مدى
إمكان الوثوق به ، وتقييمه في ضوء تطبيقاته
العلمية المعترف بها عند كل إنسان عاقل .

وسوف نعرض هذه
النقاط الثلاث في إيجاز شديد :

1 ـ تحديد
المنهج وخطواته :

يحدد السيد
محمد باقر الصدر منهجه في خمس خطوات :

أ ـ يواجه
المرء ظواهر عديدة في مجال الحس والتجربة .

ب ـ ينتقل بعد
ملاحظة تلك الظواهر وتجميعها إلى مرحلة
تفسيرها ، وذلك عن طريق فروض صالحة لتفسير
وتبرير تلك الظواهر وصلاحها ، بمعنى أنها إذا
كانت ثابتة في الواقع فهي تستبطن أو تتناسب مع
وجود جمع تلك الظواهر التي هي موجودة فعلاً .

جـ ـ إذا لم
تكن الفرضية صحيحة وثابتة في الواقع ; ففرصة
تواجد تلك الظواهر كلها مجتمعة ضئيلة جداً ،
أي تكون نسبة احتمال وجودها جميعاً إلى
احتمال عدمها أو عدم واحد منها على الأقل
ضئيلة كواحد في المائة مثلاً .

د ـ يستخلص من
ذلك صدق الفرضية ، والدليل على ذلك وجود تلك
الظواهر التي أحسّ بوجودها في الخطوة الاُلى .

هـ ـ إن درجة
إثبات تلك الظواهر للفريضة المطروحة في
الخطوة الثانية تتناسب عكسياً مع نسبة احتمال
وجود تلك الظواهر جميعاً إلى احتمال عدمها ...
فكلما كانت هذه النسبة أقل ; كانت درجة
الإثبات أكبر، حتى تبلغ في حالات اعتيادية
كثيرة إلى درجة اليقين الكامل بصحة الفرضية
[27]
.

2 ـ 3 ـ تقييم
المنهج وكيفية تطبيقه لإثبات الصانع :

اعتمد السيد
محمد باقر الصدر في تقييمه لمنهج الاستقراء
على تطبيقه على الحالات الاعتيادية من الحياة
اليومية ، التي يطبق فيها الإنسان بصورة
فطرية مقاييس وضوابط دقيقة لقيمة الاحتمال .
وأيضاً يستدل الصدر عليها بطريقة العلماء في
الاستدلال على النظرية العلمية ، فإذا صدق
المنهج في كلتا الحالتين انتقل إلى بيان
كيفية تطبيق هذا المنهج لإثبات الصانع
الحكميم ، متبعاً في ذلك خمس خطوات نعرضها
بإيجاز :

1 ـ نلاحظ
توافقاً مطرداً بين عدد كبير وهائل من
الظواهر المنتظمة، وبين حاجة الإنسان ككائن
حي ، وتيسير الحياة له ، على نحو نجد أن أي
بديل لظاهرة من تلك الظواهر يعني انطفاء حياة
الإنسان وتوقفها على الأرض ، ويضرب الصدر
لذلك أمثلة كثيرة .

2 ـ هذا
التوافق المستمر يمكن أن يفسر في جميع هذه
المواقع بفرضية واحدة ، وهي : أن نفترض صانعاً
حكيماً لهذا الكون قد استهدف أن يوفر في هذه
الأرض عناصر الحياة ، وسير مهمتها ، وهذه
الفرضية تستبطن كل هذه التوافقات .

3 ـ ننتقل بعد
ذلك إلى الاحتمالات ، فنتساءل إذا لم تكن تلك
الفرضية ثابتة في الواقع ; فما هو مدى احتمال
أن تتواجد كل تلك التوافقات بين الظواهر
الطبيعية ، ومهمة تيسير الحياة دون أن يكون
هناك هدف مقصود ؟

فإن قلنا
بالاحتمال الثاني ، فذلك يعني افتراض مجموعة
هائلة من الصدف وافتراض مشابة الصدفة أو
المادة غير الهادفة للفاعل الهادف الحكيم في
كل الصفات ضئيل وبعيد جداً .

4 ـ إذن نرجح
أن تكون فرضية الصانع الحكيم هي الصحيحة .

5 ـ نربط بين
هذا الترجيح وبين ضآلة الاحتمال التي توصلنا
إليها في الخطوة الثالثة ، الذي تزداد ضآلته
كلما ازداد عدد الصدف التي لابد من افتراضها
فيه ... وهكذا نصل إلى النتيجة القاطعة ، وهي أن
للكون صانعاً حكيماً بدلالة كل ما في هذا
الكون من آيات الاتساق والتدبير [28]
.

ويستدل السيد
محمد باقر الصدر بالآية الكريمة : (سنريهم
آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم
أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد)
[29]
.

ويقول الفخر
الرازي في تفسير هذه الآية :«يعني نريهم من
هذه الدلائل مرة بعد أخرى إلى أن تزول الشبهات
عن قلوبهم ، ويحصل فيها الجزم والقطع بوجود
الإله القادر الحكيم العليم المنزه عن المثل
والضد» [30] .

ويواصل السيد
محمد باقر الصدر إثباته للصانع بالدليل
الاستقرائي برسم خطوات أربع لذلك الدليل ،
يقول : «ونحن حين ندرس الفرضيات المتصورة بشأن
تفسير مجموعة من الظواهر ـ كالمجموعة التي
يتكون منها التركيب الفسيولوجي لإنسان معين (سقراط
مثلاً) يمكننا أن نفترض الفرضيات الأربع
التالية : ـ

أولاً : فرضية
تفسير تلك الظواهر على أساس أنها من صنع ذات
حكيمة .

ثانياً :
فرضية تفسيرها على أساس أنها صدف مطلقة .

ثالثاً :
فرضية تفسيرها على أساس أنها من صنع ذات ليست
حكيمة، قد تصرفت تصرفاً غير واع ولا هادف
فأوجدت تلك الظواهر .

رابعاً :
فرضية تفسيرها على أساس علاقات سببية غير
واعية ولا هادفة يفترض قيامها بين المادة
وتلك الظواهر .

والمطلوب
إثبات الأول من هذه الاُمور الأربعة ، ونفي
الفرضيات الثلاث الأخيرة بالدليل الاستقرائي»
[31]
.

ويبدأ الصدر
باصطناع فرضيات لكل فرضية وإسقاطها عن طريق
الدليل الاستقرائي ، إلى أن يصل إلى إثبات
الفرضية الاُولى ، وهي أن تلك الظواهر من صنع
ذات حكيمة .

والسيد محمد
باقر الصدر وهو يحاول إثبات الدليل
الاستقرائي في هذه المسألة ; إنما يعتمد على
القرآن الكريم الذي استخدم هذا الدليل في
كثير من آياته الداعية إلى التأمل والتفكر
واستقراء الواقع بكل ما فيه من آيات كونية
وآيات في الأنفس ، قال تعالى : (إن
في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار
والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما
أنزل اللّه من السماء من ماء فأحيا به الأرض
بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح
والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم
يعقلون) [32] .

هذه الآية
واضحة في تفصيلها لبعض آيات اللّه تعالى في
الكون ، ودعوة أصحاب العقول إلى تأملها
والتفكر فيها ، ليعلموا بأن هذا الاتساق لابد
أن يكون من صنع خالق حكيم . وقد استخلص الرازي
من هذه الآية «ثمانية أنواع من الدلائل التي
يمكن أن يستدل بها على وجوده سبحانه أولاً ،
وعلى توحيده وبراءته عن الأضداد والأنداد
ثانياً» [33] .

ويستدل الصدر
بآية كريمة اُخرى في قوله تعالى : (الذي
خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من
تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع
البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو
حسير) [34] وهذه الآية واضحة
ـ أيضاً ـ في أن المرء إذا أجال بصره وأعاده
وكرّره في السموات وخلقهن ليرى هل هناك
اختلاف أو خلل أو تفاوت ; لم يجد ما يبحث عنه ،
بل يكون في تكراره لتأمله هذا تأكيدٌ لعملية
الاتساق والنظام في الكون . وبذلك يعلم أن هذا
أمره يرجع إلى صانع حكيم . يقول الزمخشري في
تفسير هذه الآية قوله: (خلق
الرحمن) تعظيماً لخلقهن وتنبيهاً على سبب
سلامتهن من التفاوت ، وهو أن خلق الرحمن وأنه
بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق
المتناسب ... ثم قال (فارجع البصر)
حتى يصح عندك ما أخبرت به بالمعاينة ولا تبقى
معك شبهة فيه ... وأمره بتكرير البصر فيهن
متصفحاً ومتتبعاً يلتمس عيباً وخللاً (ينقلب
إليك) أي إن رجعت البصر وكررت النظر لم
يرجع إليك بصرك بما التمسته من رؤية الخلل
وإدراك العيب ، بل يرجع إليك بالخسوء والحسور»

[35]
.

والدليل
الاستقرائي الذي سبر غوره السيد محمد باقر
الصدر ، نجد صورته في الدليل العقلي المشترك
بين الفلاسفة والمتكلمين على وجود اللّه
تعالى ، ونعني به دليل العناية والنظام ، الذي
ضم إليه ابن رشد دليلاً آخر سماه دليل
الاختراع ، وهما دليلان عقليان نبه عليهما
القرآن الكريم في كثير من آياته . ويرى ابن رشد
أن هذه هي الطريقة الشرعية الدالة على وجود
اللّه تعالى ، وهي التي دعا إليها القرآن
الكريم واعتمدها الصحابة رضوان اللّه عليهم ،
وتنحصر تلك الطريقة في جنسين ـ كما يقول ابن
رشد ـ الأول سماه دليل العناية وهو يُعنى
بملاحظة سريان الدقة الكاملة والاتقان
البديع في الكون ، ومبناه : أن جميع الموجودات
متوافقة ومنسجمة مع وجود الإنسان ـ وقد ضرب
ابن رشد أمثلة كثيرة على تلك الموافقات ـ
إضافة إلى أن هذه الموافقة لا يمكن أن تكون من
قبل الصدفة ، بل لابد أن تكون من فاعل قاصد
مريد .

أما الدليل
الثاني: فهو دليل الاختراع، وهو يُعنى
بمبدئين عقليين هما : الأول أن هذه الموجودات
مخترعة مصنوعة، والثاني: أن كل مخترع فله
مخترع [36].

الخاتمة :

نستخلص من
دراسة فكرة نظرية المعرفة عند السيد محمد
باقر الصدر ما يلي :

أولاً : لم يكن
هدف السيد محمد باقر الصدر أن يأتي بنظرية
جديدة تماماً للمعرفة ، ولكنه أراد أن ثبت
اتجاهاً جديداً في تلك النظرية يخالف به
المنطق الأرسطي ، ومن سار على دربه من
الفلاسفة والباحثين المعاصرين الدارسين
للاستقراء . ذلك الاتجاه يتمثل في مرحلتين يمر
بهما الدليل الاستقرائي ، وحين يتحدث الصدر
عن الاستقراء يقصد به الاستقراء الناقص
بمفهوم المنطق الأرسطي ، وليس الاستقراء
الكامل ـ والمرحلتان اللتان يمر بهما هما :
مرحلة التوالد الموضوعي ، وهي مرحلة
استنباطية تتصف بالاحتمالات ، والدليل
الاستقرائي في هذه المرحلة ينمّي قيمة احتمال
التعميم الاستقرائي ويصل به الى درجة عالية
من درجات التصديق ، مستنتجاً تلك الدرجة
بطريقة استنباطية من المبادئ والبديهيات .

وبناء على ذلك
فإن نظرية المعرفة عند السيد محمد باقر الصدر
تعنى بمنهج أساسي أراد من خلاله إثبات
صلاحيته في بلوغ درجة اليقين في المعارف
البشرية ، وعلى الأخص منها معرفة صانع وخالق
هذا الكون ومدبره ، هذا المنهج هو منهج الدليل
الاستقرائي القائم على حساب الاحتمالات ،
الذي لا يؤمن به المنطق الأرسطي ولا غيره من
الفلاسفة ، ولم يتنبه إليه ـ أيضاً ـ الباحثون
المحدثون الذين عالجوا مسألة الاستقراء.

وبناء على هذا
المنهج الجديد في الدليل الاستقرائي تصل
المعرفة إلى درجة عالية ـ كما ذكرنا ـ من
التصديق ، ولكنها لا تستطيع أن ترقى لتمام
اليقين ، فتبدأ بعد ذلك المرحلة الثانية ، وهي
ما سمّاه السيد محمد باقر الصدر بمرحلة
التوالد الذاتي التي يصطنعها منهج الدليل
الاستقرائي لتصعيد المعرفة إلى درجة اليقين .

ثانياً : يؤكد
الصدر على تميزه في معالجته للاستقراء في
مرحلتيه فيقول عن المرحلة الاُولى : (التوالد
الموضوعي) وهي المرحلة الاستنباطية ـ وطريقته
فيها : «وطريقتي في تفسير هذه المرحلة
الاستنباطية للدليل الاستقرائي على هذا
الأساس تتميز عن المحاولات التي عالجت هذه
المرحلة من الدليل الاستقرائي ـ وفي حدود ما
اُتيح لي الاطلاع عليه» [37] .

أما المرحلة
الثانية : (التوالد الذاتي) فكأنه يؤمئ في
حديثه عنها إلى أنه اخترع مذهباً ثالثاً
ليعالج به مسألة الاستقراء إلى جانب المذهب
العقلي والمذهب التجريبي ، وهذا ما يتبادر من
قوله : «نريد أن ندرس الدليل الاستقرائي على
أساس مذهب ثالث في نظرية المعرفة ، نطلق عليه
اسم «المذهب الذاتي» تمييزاً له عن المذهبين
العقلي والتجريبي ، ونريد بالمذهب الذاتي
للمعرفة اتجاهاً جديداً في نظرية المعرفة
يختلف عن كل من الاتجاهين التقليديين اللذين
يتمثلان في المذهب العقلي والمذهب التجريبي»

[38]
.

هذا الاتجاه
الجديد للسيد محمد باقر الصدر اتخذه بعد
اكتشافه عجز الاتجاه السائد اليوم في بحوث
كثير من العلماء عن تفسير الاستقراء بوصفه
تطبيقاً خالصاً لنظرية الاحتمال ، الأمر الذي
دعاه إلى ابتداع فكرته الجديدة ، لأن البحوث
السابقة عليه «اتجهت ـ فيما يقول الصدر ـ إلى
القول : بأن الدليل الاستقرائي بحاجة إلى
مصادرات خاصة ، ولا يمكنه أن يمارس مرحلته
الاستنباطية بدون تلك المصادرات» [39] مع
إن هذا الدليل لا يحتاج ـ في المنظور الجديد
الذي قدمه الصدر ـ إلى المصادرات القبلية
كالتي يؤمن بها المنطق الأرسطي ، ويربط مصير
هذا الدليل بها ، بل يؤكد الصدر على أن تلك
المصادرات ذاتها يمكن إثباتها بالاستقراء
نفسه كما نثبت أي تعميم من التعميمات عن طريق
الدليل الاستقرائي الذي يطابق تعريف
الاستقراء الصحيح وهو : (كل استدلال يسير من
الخاص إلى العام) .

ثالثاً :
وليثبت الصدر الاتجاه السائد ; قام بدراسة
شاملة للاستقراء خصها بمؤلف كبير سمّاه «الاُسس
المنطقية للاستقراء» يقول في خاتمته : «إن هذه
الدراسة الشاملة التي قمنا بها كشفت عن
الاُسس المنطقية للاستدلال الاستقرائي ،
الذي يضم كل ألوان الاستدلال العملي القائم
على أساس الملاحظة والتجربة ، واستطاعت أن
تقدم اتجاهاً جديداً في نظرية المعرفة ، يفسر
الجزء الأكبر منها تفسيراً استقرائياً ،
مرتبطاً بتلك الاُسس التي كشف عنها البحث ،
وتبرهن هذه الدراسة في نفس الوقت على حقيقة في
غاية الأهمية من الناحية العقيدية ، وهي
الهدف الحقيقي الذي توخينا تحقيقه عن طريق
تلك الدراسة . وهذه الحقيقة هي أن الاُسس
المنطقية التي تقوم عليها كل الاستدلالات
العلمية المستمدة من الملاحظة والتجربة ، هي
نفس الاُسس المنطقية التي يقوم عليها
الاستدلال على إثبات الصانع المدير لهذا
العالم ، عن طريق ما يتصف به العالم من مظاهر
الحكمة والتدبير» [40] .

بهذا الهدف
السامي أراد السيد محمد باقر الصدر أن يربط
العلم بالإيمان ويزيل الانفصام المصطنع
بينهما من جهة النظر المنطقية للاستقراء ،
وهذا ما يؤكده القرآن الكريم في منهجه الذي
يركز فيه على الاستدلال الاستقرائي ، ويعتني
به عناية خاصة من بين أنواع الاستدلالات
المتنوعة على إثبات الصانع الحكيم ، يقول
السيد محمد باقر الصدر : «فكان من الطبيعي أن
يتجه القرآن الكريم إلى دليل القصد والحكمة ـ
بوصفه الذي يمثل المنهج الحقيقي للاستدلال
العملي ، ويقوم على نفس اُسسه المنطقية ـ
ويفضّله على سائر الصيغ الفلسفية للاستدلال
على وجود اللّه تعالى» [41] .

رابعاً : لم
يتطرق السيد محمد باقر الصدر في دراسته
لمصادر المعرفة للمصدر الديني (الوحي
والإلهام) ، شأنه في ذلك شأن الكثير من
الباحثين في نظرية المعرفة من الناحية
الفلسفية والعلمية ـ في حصرهم مصادر المعرفة
في الحس والعقل . ولا نرى في ذلك خروجاً من
السيد محمد باقر الصدر على منهجه الذي اتبعه
لإثبات أن لهذا الكون صانعاً حكيماً ، هذا
الإثبات المعتمد على الفلسفة والعلم في
مواجهة المذاهب والفلسفات المادية التي كانت
تستبطن هدفاً أساساً هو هدم فكرة الإيمان بما
وراء الطبيعة أو باللّه تعالى . لذلك لم يكن
لموضوع المصدر المعرفي الديني (الوحي
والإلهام) مجال في دراسة الصدر .

وبالرغم من
ذلك فقد أكد واستدل السيد محمد باقر الصدر على
استعمال القرآن الكريم ـ وهو أساس الوحي ـ
لأنواع الاستدلالات الحسية والعقلية على
وجود الخالق سبحانه وتعالى ، بل وأبان عن
عنايته الكبيرة بالدليل الاستقرائي الذي
يؤمن به السيد محمد باقر الصدر بصورة أكبر .

خامساً : لم
يأت السيد محمد باقر الصدر بفكرته التي توصل
إليها في نظرية المعرفة من فراغ ، بل كان
دارساً عبقرياً وباحثاً متفرّداً للاتجاهات
الفلسفية والنظريات العلمية التي عرضها عرض
الخبير الواعي ، المدرك لكل مقولة ولكل فكرة ،
وقارن وقابل واستنتج ورجح واختار وابتدع ،
ومن ثم طرح فكره ورؤيته لإثبات قضية إيمانية
عقيدية ، تعدّ أساساً تنبني عليه جميع
العقائد الإسلامية ألا وهي (معرفة اللّه
تعالى والإيمان بوجوده) وهذه المحاولة التي
حاولها هذا الفيلسوف العملاق لا يعثر عليها
الباحث عند أي فيلسوف سابق ، ولا يجدها في
قسماتها المتكاملة إلاّ في كتاب «الاُسس
المنطقية للاستقراء» فهو كتاب غير مسبوق في
التراث العقلي .


[1]

فلسفتنا : 162 ـ 166 .

[2]
باقر الصدر ، الاُسس المنطقية للاستقراء : 23 .

[3]
د. جميل صليبا،المعجم الفلسفي 2: 415، وأيضاً
محمد باقر الصدر، المصدر السابق : 13.

[4]
الإشارات والتنبيهات ، تحقيق سليمان دنيا ج 1
طـ 2 ، دار المعارف بمصر ص 367.

[5]
د . رفقي زاهر، المنطق الصوري، مكتبة النهضة
المصرية ، طـ 1 القاهرة 1980م ص 206.

[6]
الاُسس المنطقية : 24 .

[7]
المصدر نفسه : 32 .

[8]
كتاب الشفاء، قسم المنطق، مراجعة وتقديم د .
ابراهيم مدكور، تحقيق سعيد زايد ، القاهرة 1964م
ص 16.

[9]
الاُسس المنطقية : 32 .

[10]
المصدر نفسه : 16 .

[11]
المصدر نفسه : 14 .

[12]
باقر الصدر ، الاُسس المنطقية : 29 .

[13]
معيار العلم ، دار ومكتبة الهلال ، طـ بيروت
1993م ، ص 136 .

[14]
الاُسس المنطقية : 35 .

[15]
المصدر نفسه : 36 .

[16]
الاُسس المنطقية : 25 ـ 27 .

[17]
الاُسس المنطقية : 65 ـ 66 .

[18]
الاُسس المنطقية : 66 .

[19]
الاُسس المنطقية : 129 .

[20]
الاُسس المنطقية : 130 .

[21]
الاُسس المنطقية : 129 .

[22]
الاُسس المنطقية : 124 وما بعدها .

[23]
المرسل الرسول الرسالة ، المصدر السابق : 19 .

[24]
المرسل الرسول الرسالة : 14 .

[25]
الاُسس المنطقية : 176 .

[26]
المصدر نفسه : 228 .

[27]
باقر الصدر ، المرسل الرسول الرسالة : 24 ـ 25 .

[28]
المرسل الرسول الرسالة : 39 ـ 51 .

[29]
فصلت : 53 .

[30]
التفسير الكبير، دار الكتب العلمية، طـ 1
بيروت 1990م 27 : 120 .

[31]
الاُسس المنطقية : 403 ـ 404 .

[32]
البقرة : 164 .

[33]
التفسير الكبير ، المصدر السابق : 160 .

[34]
الملك : 3 ـ 4 .

[35]
الكشاف 4 : 576 .

[36]
الكشف عن مناهج الأدلة ، المكتبة المحمودية
طـ ، القاهرة 1968م ص 65 ـ 66 .

[37]
الاُسس المنطقية : 228 .

[38]
المصدر نفسه : 123 .

[39]
المصدر نفسه : 228 .

[40]
المصدر نفسه : 469 .

[41]
الاُسس المنطقية : 47 .


/ 1