عدالة الاجتماعیة فی النظریة الغربیة (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عدالة الاجتماعیة فی النظریة الغربیة (3) - نسخه متنی

السید زهیر الأعرجی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

نقـد


العدالة الاجتماعيّة في النظرية
الغربية


( 3 )

تأملات نقديّة في الجانب التطبيقي


الدكتور السيدزهير الاعرجي( العراق )

الفقر والفقراء في النظام الرأسمالي


تلوم النظرية الرأسمالية الفقراء في
المجتمع الرأسمالي على فقرهموتعاستهم،
وتلزمهم مسؤولية الهبوط الى قعر السلم
الاجتماعي، وتعزي سبب الفقر الى انعدام
المسؤولية الاجتماعية للطبقة الفقيرة; وتزعم
بان انعدام المساواة الاجتماعية بين الافراد
له تبرير عقلائي وهو أن المُجِدّ يفوز بقصب
السبق من الناحية الاقتصادية، والخاسر يعاقب
بالحرمان من الكسب المالي ويجرد من مركزه
الاجتماعي وقيمته الاخلاقية، لانه ليس اهلاً
للتمتع بالثروات الاجتماعية. واذا كانت
الرأسمالية تضفي على مجتمعها الغنيِّ شتى
صفات الحسن والكمال، فانها تقصر عن اضفاء صفة
كريمة واحدة على فقراء المجتمع الرأسمالي.
فالفقير في ذلك المجتمع يعيش في جحيم دنيوي
صنعه له انسان آخر يتمتع بكل ملذات الحياة
ونعمها، ويصمه بوصمة الجهل والامية وانعدام
الحافز والدافع الذاتي الذي يدفع الانسان
السليم نحو الانشاء والابداع. ولا شك أن عدم
اكتراث هذا النظام بالفقر والفقراء دليل على
أن رواد هذه المدرسة الفكرية ليسوا أهلاً
لقيادة وزعامة الانسانية المعذبة بأيّ حال من
الاحوال; فكيف يقود متخمو العالم ملايين
المعذبين الذين يشدون على بطونهم الاحجار
بلسماً لجوعهم وألمهم؟ وكيف يطمئن
المستضعفون على تسليم مفاتيح مجتمعاتهم
لافراد الطبقة الرأسمالية التي لا تملك فهما
للالام والمعاناة الانسانية؟

ومع أن زعماء الرأسمالية يلقون لوم
الفقر على الفقراء، إلاّ أن النظرية التي
يؤمن بها هؤلاء الزعماء تفتقر الى تحليل
وتصنيف واضح لابعاد الفقر وحاجة الفقراء، في
حين أنها تبذل جهداً مضنيا في تحليل أبعاد
الاقتصاد الاجتماعي، ودور رأس المال في
تنشيطه وتنميته. ولكن نتيجة لاستقراء اراء
النظرية الرأسمالية وواقعها العملي في
الولايات المتحدة، فإننا نستطيع تصنيف
الفقراء في النظام الرأسمالي الى ثلاثة اصناف:

الاول: من يملك قوت سنته لسد حاجات
عائلته الاساسية فقط.

الثاني: من لا يملك قوت سنته.

الثالث: من لا يملك قوت يومه.

فالقسم الاول يمثل الملايين من
الافراد الذين يكدحون في سبيل كسب لقمة العيش.
ولكنهم، مقارنة بأفراد الطبقتين الوسطى
والعليا، محرومون من الرفاه الصحي
والاقتصادي الذي ينعم به الاخرون. علماً بأن
جهدهم لا يقل عن جهد أفراد الطبقتين الاخريين.

أما افراد القسم الثاني فيعتمدون
أساساً على المساعدات المالية الحكومية التي
تقيهم غائلة الجوع، لانهم لا يستطيعون توفير
الحد الادنى للعيش الكريم من المأكل والملبس
والملجأ واُجور العلاج الطبي.

والقسم الثالث: نُزلاء الشوارع، وهم
الذين لا ملجأ لهم، يمدون أيديهم للناس،
ويبحثون في القمامة عن فضلات الطعام ليسدّوا
بها رمقهم. ويقدر عددهم اليوم بأكثر من أربعة
ملايين جائع في الولايات المتحدة فقط، ناهيك
عن بعض بلدان أوربا الغربية مهد الحضارة
الرأسمالية الحديثة!

وحتى أن خط الفقر وهو الخط الاحمر الذي
تحدده الحكومة الرأسمالية للكلفة المعيشية
الدنيا للعائلة الواحدة سنوياً، كان ولا يزال
خطاً يعبره ملايين الناس من الطبقة المتوسطة
ليستقرّوا داخل الطبقة الفقيرة. فالعائلة
المكونة من أربعة أفراد مثلاً يكفيها دخل
سنوي بحدود عشرة آلاف دولار، فإذا هبط الدخل
السنوي لهذه الاسرة عن هذا المبلغ انضمّت الى
جيوش الفقراء الذين يشكّلون نحو عشرين
بالمائة من المجتمع الرأسمالي الاميركي.

ولكن المدرسة الرأسمالية تزعم بأن
الفقر ينتشر بين أفراد المجتمع بشكل عشوائي،
بمعنى أن النظام الطبقي ليس له دخل في نشوء
الفقر، وانتشار الفقراء. وهو افتراض محض لا
يقوم على دليل، حيث إن الفقر في واقع الامر،
ينتشر بشكل منظّم بين ثلاثة مجاميع من
الافراد، كلها من الطبقات الفقيرة:

أولها: العوائل التي تكون فيها
الامهات وليات الامور، كالمطلقات والارامل
وغيرهن اللاتي يعشن مع أبنائهن وبناتهن حيث
يسمح النظام القضائي الرأسمالي للمرأة
بالولاية الشرعية على الاسرة في حالة غياب
الاب. وهذه المجموعة تشكل نصف العوائل
الفقيرة في المجتمع الرأسمالي. ولما كانت
الاسرة تفتقد المعيل، تقوم الام مقام الاب
وولي الامر في ترتيب اُمور العائلة المالية
والاجتماعية. ويرجع سبب انضمام هذه العوائل
الى الطبقة الفقيرة الى عدة أسباب، منها:

أولا: إن اُجور المرأة أقل من اُجور
الرجل لنفس العمل الذي يقوم به.

ثانيا: إن هذه العوائل انكسر تشكيلها
الاساسي بسبب الطلاق أو وفاة الزوج، فتضطر
الام حينئذ الى رعاية أبنائها عن هذا الطريق.

ثالثا: إن «المذهب الفردي» الذي يؤمن
به المجتمع الرأسمالي أدى الى انحلال العوائل
الكبيرة التي يتمّ فيها التعاون الجماعي وقت
الازمات العائلية كالعجز الجسدي، ووفاة
الزوج والطلاق.

ثانيها: الاطفال حسب المقياس
الرأسمالي، أي الافراد الذين لم يبلغوا
الثامنة عشرة من العمر، وهذه المجموعة تعدّ
من أفقر المجاميع الاجتماعية في النظام
الاجتماعي الغربي. فخُمس شباب وأطفال
الولايات المتحدة دون سن الثامنة عشرة
ينضمّون الى هذه الطبقة الفقيرة، وهو دليل
على تحلّل النظام الاُسري الرأسمالي من
الالتزامات الخلقية والدينية برعاية الاحداث
أو من هم دون سن البلوغ الشرعي أو القانوني.
علماً بأن أكثر الاطفال الفقراء الذين يعيشون
مع اُمهاتهم يفتقدون حنان الاب ورعايته
الاجتماعية والاقتصادية.

ثالثها: الاقليات، وهذه المجموعة تشمل
المواطنين الافارقة من ذوي البشرة السوداء،
والافراد من غير بلدان أوربا، كالافراد
المهاجرين من أميركا الجنوبية وآسيا. وهؤلاء
الافراد يشملهم رابط واحد، وهو أن لون بشرتهم
يختلف عن لون بشرة أفراد الجنس الاوربي
البيضاء، فيميز النظام الاجتماعي بينهم وبين
غيرهم في قضايا العمل والاُجرة والمكافأة
الاجتماعية.

ولا شك أن استفحال ظاهرة الفقر
وانتشار الفقراء في المجتمع الرأسمالي دليل
قوي على انعدام انسانية النظام الاقتصادي
القائم على المنافسة الحرة، وفكرة (البقاء
للاقوى) والمذهب الفردي. فعجز الفرد عن القدرة
العملية للانتاج لا يمكن أن يكون سبباً في
تجويعه وسحق كرامته وهدر إنسانيته. فلو
تصورنا أن فرداً عاملاً يعيل عائلة واحدة
مؤلفة من عدة أفراد، ولكنه بسبب حادث ما،
افتقد مهارته الفنية وقدرته الابداعية على
العمل والانتاج. فهل من العدل والانصاف أن
يعاني هذا الانسان وأسرته من الحرمان؟ ألا
يعتبر عمله السابق خدمة كبيرة لافراد
المجتمع؟ فكيف تفسر النظرية الرأسمالية
الفارق الشاسع في المكافأة الاقتصادية بين
هذا الفرد وبين الرأسمالي الذي انقطع عن عمله
لنفس السبب؟ أليس من الحق أن نقول إن على
النظام الاجتماعي أن يضمن لكل منهما حياة
كريمة؟ فلماذا هذا الفارق الشاسع في المكافأة
الاجتماعية بين العامل الفقير والرأسمالي
الثري؟

وبالرغم من كل هذا الاجحاف بحق
الفقراء، فإن المدرسة الرأسمالية تزعم بأن
ثلث الفقراء في المجتمع الرأسمالي ينتقلون
سنوياً من الطبقة الفقيرة الى الطبقة
المتوسطة السفلى. ولكن حتى مع افتراض صدق
المدرسة الرأسمالية في زعمها، الا أنها تخفي
وراءها أمراً مهماً، وهو أن الفراغ الذي
يتركه النازحون من الطبقة الفقيرة الى الطبقة
الاعلى يشغله أفراد آخرون، أجبرتهم ظروف
العمل أو البطالة على النزول الى مستوى
الطبقة الفقيرة. فالواقع أن الطبقة الفقيرة
تشهد حركة نشطة ما بين داخل إليها ونازح عنها.
أما الطبقة الرأسمالية، فإنها تشهد
استقراراً وثباتاً ليس في جيل معين بذاته
فحسب، بل تشهد ذلك الاستقرار والثبات في كل
جيل.

ولربّ سائل يتساءل: هل بمقدور النظام
الرأسمالي أن يحل مشكلة الفقر حلاً جذرياً
حاسماً؟ واذا كان الجواب بالايجاب فلماذا لا
يقوم النظام الرأسمالي بذلك؟ والجواب: أن
النظام الرأسمالي يستطيع من الناحية العملية
أن يحد ويخفف من مشكلة الفقر وذلك بحثّ
المجتمع مثلاً على ترك عادة مضرة واحدة
كالتدخين، وتوزيع المال المصروف على تلك
العادة المضرة على الفقراء. ولكن المشكلة أن
هذا الحل لا ينسجم مع تطلّعات الطبقة
الرأسمالية، حيث ينهض رواد النظام الرأسمالي
في نقاشهم لهذه القضية، زاعمين بأنه ليست
لديهم القيمومة على حرية الافراد، لان الفرد
نظرياً ينبغي أن يتمتع بحرية كاملة على
الصعيد الشخصي، فيما يتعلق باللذة الجسدية،
فلا يستطيع الرأسمالي الحاكم أن يمنع فرداً
عن تناول شراب معين، أو استنشاق دخان ينقله
الى عالم خيالي. ولكن هذا المنطق الرأسمالي
يناقض نفسه في أكثر من موقع:

فالموقع الاول: عندما حرّم الكونغرس
الاميركي الخمرة في الثلاثينات من هذا القرن،
ثم عاد ورفع التحريم باعتبار أن التحريم
يتناقض مع الحرية الشخصية المذكورة في
الدستور الاميركي.

والموقع الثاني: عندما حاولت الحكومة
منع بيع وتعاطي المخدرات في الثمانينات. فإذا
كان النظام الرأسمالي لا يؤمن بالقيمومة على
حرية الافراد الشخصية فلماذا يحرّم تعاطي
المخدرات؟ وإذا كان النظام الرأسمالي يؤمن
بتحديد الحرية الشخصية إذا كان الضرر محتما،
فلماذا لا يحرّم المسكرات؟

والمسألة الاخرى: أن النظام الرأسمالي
لا يحثّ الرأسماليين على التبرّع لمساعدة
الفقراء، فالراسماليون يتبرّعون أساساً
لتثبيت اُسس النظام الاقتصادي والسياسي عن
طريق اسناد المرشّحين الانتخابيين لمجالس
النواب والشيوخ والادارات المحلّية مالياً،
أو يتبرّعون لمساندة الجمعيات الخيرية التي
تساند النظام الاجتماعي كالكنائس
والمستشفيات والمراكز الفكرية. وما نشاط
مجاميع المنفعة الاقتصادية التي تمارس
نفوذاً كبيراً على قرار الساسة والمشرّعين
والقضاة، إلاّ دليلٌ على ذلك. وهكذا يبقى
الفقراء فريسة جشع الرأسماليين وطموح
السياسيين، وبذلك يضيع الحق وتفتقد العدالة
المزعومة في ذلك النظام.

وتتحامل المدرسة الرأسمالية على
الفقراء باعتبارهم متسولين محترفين،
يتقاعسون عن العمل ولا يحملون روح الجد
والمثابرة. وهو أمر بعيد عن الواقع، لان أغلب
الفقراء هم من الاطفال والنساء الذين لا معيل
لهم. وأغلب الرجال في الطبقة الفقيرة هم أفراد
يفتقدون المهارة المهنية التي تدفعهم الى
الارتفاع الى طبقة اجتماعية أعلى. ومع أن
روّاد النظام الرأسمالي يتبجّحون بمساعدة
الحكومة الرأسمالية للفقراء مساعدة سخية،
إلاّ أن الواقع يظهر أن المساعدة المزعومة
تبلغ نحو اثنين بالمائة فقط من ميزانية
النظام الرأسمالي السنوية، بينما تصرف
الحكومة الفيدرالية الاميركية اضعاف هذا
المبلغ على قضايا التسلّح وأبحاث الفضاء
والكماليات.

وتتمسك النظرية الرأسمالية ايضاً
بفكرة إعطاء الفرص المتساوية لافراد
المجتمع، وتزعم أن ظاهرة انعدام العدالة بين
افراد المجتمع ظاهرة تكاملية، لانها تمنح
الفرد المجدّ مكافأة تتناسب مع مقدار بذله
للجهد المطلوب. ولكنها تخفي، في واقع الامر،
القيود التي تضعها على الفرد للانتقال الى
المستوى الاجتماعي المتناسب مع جهده وطاقته
الفكرية والبدنية، وهي قيود الطبقية والنسب.
فالطبقة الرأسمالية المتحكّمة لا تفسح
المجال لاي وارد يبحث عن فرص متساوية، مهما
بلغ جهده البدني والفكري مبلغاً. بل إن الطبقة
الرأسمالية تدّعي أنه لما كان الفقراء
يتحمّلون اللوم كاملاً لفشلهم في الحقل
الاجتماعي، فإنهم لا يحتاجون الى يد تمتدّ
لمساعدتهم، وإنما يحتاجون الى من يحرّك فيهم
الدافع الذاتي للعمل والانتاج. وهذا المنطق
مخالف للواقع، لان أغلب الفقراء، كما ذكرنا
سابقاً، هم من الاطفال والنساء والشيوخ
والاقليات المستضعفة.

ولو كان مد يد المساعدة عملاً خاطئاً،
باعتباره يشجّع الفقراء على التقاعس، فلماذا
إذن تمد المؤسسات الرأسمالية يدها لمساعدة
المزارعين للمساهمة في رفع الانتاج الزراعي
وخفض أسعار المنتوجات الزراعية؟ ألا تساهم
هذه المساعدات في تقاعس بعض المزارعين؟
ولماذا تمد المؤسسات الرأسمالية يدها
لمساعدة الطلبة عن طريق المنح والقروض؟
ولماذا تمد المؤسسات الرأسمالية يدها
لمساعدة رجال الاعمال في أزماتهم الاقتصادية
المفاجئة؟ هنا تجيب الرأسمالية بالقول بأن
مساعدة هؤلاء العاملين تدفع عجلة النمو
والاستثمار الاقتصادي، بينما لا تجلب مساعدة
الفقراء أي مردود اقتصادي. وتزعم بأن على
الحكومة الرأسمالية، نظرياً على الاقل،
التهديد بقطع المساعدات المالية عن الفقراء
لدفعهم الى العمل والانتاج حتى تكون مساعدتهم
حقاً مشروعاً. بمعنى أن حثّ الاطفال والنساء
والشيوخ على العمل، حسب الفكرة الرأسمالية،
هو الاسلوب الافضل للتخلّص من الفقر والفقراء!

وهكذا، كما ترى، تفشل النظرية
الرأسمالية في تحديد العوامل الاجتماعية
التي أوجدت الطبقة الفقيرة في المجتمع
الانساني. فالفقر ليس وليد فرد أو خطأ امة،
انما هو نتيجة موضوعية لفشل النظام الاقتصادي
والاجتماعي في تحديد العوامل المتداخلة في
تنظيم التركيبة الاجتماعية. ولا شك أن اكبر
مظالم الفقراء في النظام الرأسمالي، هو وجود
النظام الطبقي المتعدد، واحتماء الطبقة
الرأسمالية تحت مظلّة القانون الذي يسمح
للرأسمالي بتجميع الثروات، ويحرم الفقير من
استلام قوت يومه حتى لو كان طفلاً قاصراً أو
امرأة ضعيفة أو شيخاً هرماً أو شاباً معاقاً.
وليس لدينا أدنى شك بأن المساواة بين
الاغنياء والفقراء لا تتحقق إلاّ بوجود نظام
اجتماعي نزيه يحكم بين الناس بالعدل والقسط
والمساواة.

الطبقية في النظام الرأسمالي
البريطاني


ويعكس النظام الرأسمالي في بريطانيا
أسوأ مثال لتمايز الطبقات وعدم عدالة توزيع
الثروة بين أفراد المجتمع. فهذا البلد، الذي
يعتبر مهد الفكر الرأسمالي ومصنع الحضارة
الغربية الحديثة، مبني على أساس طبقات ثلاث:

الاولى: الطبقة الارستقراطية
الرأسمالية الواسعة الثراء.

والثانية: الطبقة الوسطى.

والثالثة: الطبقة العاملة.

فيشكل أفراد الطبقة الرأسمالية أقل من
واحد بالمائة من افراد المجتمع في الوقت الذي
يلتهم فيه هؤلاء ربع خيرات المجتمع البريطاني.
ومع أن النظام السياسي يدّعي تمسّكه بالفكرة
الديمقراطية، إلاّ أن هؤلاء الافراد يحتفظون
بمقاعدهم في الطبقة الارستقراطية، جيلاً عن
جيل، عن طريق الانخراط في معاهد علمية خاصة
تتيح لهم السيطرة لاحقاً على كل منابع القوة
والثروة في المجتمع.

وأهم أركان هذا النظام التعليمي
الارستقراطي مدرسة «ايتون» الاعدادية،
وجامعتا «اكسفورد» و«كامبردج». ولتوضيح دور
هذه المدارس في ترسيخ دور الطبقة الرأسمالية
في المجتمع فإننا نضرب مثالاً لمدرسة «ايتون»
الاعدادية الارستقراطية: فقد تخرج من هذه
المدرسة على مر السنين طلبة سيطروا على شتّى
مجالات الحياة الاقتصادية والسياسية، منهم
ثمانية عشر رئيس وزراء لبريطانيا خلال العقود
القليلة الماضية. وتمثل جامعتا «اكسفورد» و«كامبردج»
اعلى مراحل التعليم الارستقراطي الرأسمالي
في المجتمع الانجليزي، حيث إن نصف عدد
طلبتهما من الطبقة الارستقراطية التي تشكل
واحداً بالمائة فقط من أفراد المجتمع، كما
ذكرنا ذلك آنفاً. ويتربع خريجو «اكسفورد» و«كامبردج»
على مقاعد أعلى المؤسسات السياسية
والاقتصادية البريطانية، ويسيطرون على
مؤسسات القضاء، والدين، والاعلام، والبنوك،
والوظائف الحكومية المهمة. هذا هو تماما دور
مدرسة «ايتون» الاعدادية الارستقراطية في
إعداد وتأهيل أفراد الطبقة الرأسمالية
الحاكمة في بريطانيا.

وحتى يضفي النظام السياسي صفة رسمية
على هؤلاء الاغنياء من الطبقة الرأسمالية،
فإنه يمنحهم ألقاباً سياسية لها تأثير
اجتماعي واقتصادي واضح، مثل ألقاب: اللورد
والفارس وصاحب الجلالة، وهي ألقاب تعبّر عن
سيادة هذه الطبقة على الطبقات الادنى في
المنزلة الاجتماعية. ولا شك أن الالقاب وحدها
لا تكفي لتمييز هذه الطبقة عن غيرها من
الطبقات الاجتماعية، فيستخدم أفرادها اللغة
الفصحى كوسيلة اخرى لفرض نفوذهم على باقي
الطبقات. فأفراد الطبقة الارستقراطية
يتحدثون بلهجة خاصة نقية تميزهم عن غيرهم من
أفراد الطبقات الاجتماعية. حتى أن موظفي
الخدمات الاجتماعية يعرفون طبقات زبائنهم،
فإذا كان الزبون من الطبقة الارستقراطية فإنه
ينادى بلقب «السيد»، واذا كان من الطبقة
الدنيا فإنه ينادى بلقب «العزيز». والفرق ما
بين السيد والعزيز يمثل الفرق ما بين الطبقة
الارستقراطية والطبقة العاملة.

ولا ريب أن الفكرة الطبقية تناقض أساس
النظرية الديمقراطية في الحكم. فكيف يدّعي
النظام الطبقي الانجليزي ديمقراطيته
السياسية وعدالته الاجتماعية، وهو يجمع كل
سلبيات الرأسمالية من سوء توزيع الثروة بين
الطبقات، واختلاف النظام الاجتماعي من طبقة
الى اخرى، وثبات النظام الطبقي من جيل لجيل عن
طريق العامل الوراثي والمؤسسات التعليمية
الخاصة؟

الاسباب الداعية لاستمرار الظلم
الاجتماعي


وقد يتساءل متسائل: إذا كانت الكثرة من
أفراد المجتمع مظلومة اجتماعياً ومحرومة من
حقوقها الاساسية، فلماذا لا تطيح هذه الكثرة
بالطبقة المتحكمة القليلة العدد؟ ولماذا
يستمر الظلم الاجتماعي لاجيال عديدة وأحقاب
زمنية طويلة دون أن يتزعزع النظام الاجتماعي
الظالم؟

وللاجابة عن هذه التساؤلات نقول: إن
الظالمين وأنصارهم يتمسكون للحفاظ على
نظامهم السياسي بعاملين في غاية الاهمية
والخطورة:

الاول: السيطرة على منابع القوة لحفظ
النظام.

والثاني: ايجاد نظام فكري عقائدي يبرر
للغالبية العظمى من أفراد المجتمع أحقية هذا
النظام في البقاء.

1 ـ السيطرة على منابع القوة: وبطبيعة
الحال، فان القاعدة الاقتصادية لاي جماعة من
الافراد تؤثر تأثيراً بالغاً على التركيبة
الاجتماعية والثقافية للمجتمع ككل. بمعنى أن
الجماعة التي لها قوة اقتصادية عظيمة تستطيع
السيطرة على المؤسسات الاجتماعية الاساسية،
كمؤسسات: القضاء، والتعليم، والديانة،
والطب، والحكومة. حيث أن هذه المؤسسات
الاجتماعية تخدم مصالح تلك الطبقة القوية
اقتصادياً، لان المال في النظام الرأسمالي هو
المحرك الاساس لكل المؤسسات الاجتماعية.
فالقانون في ذلك المجتمع يدافع عن الثري ولا
يحمي الفقير. والمؤسسات الدينية في المجتمع
الرأسمالي تدعم النظام الاجتماعي الظالم ولا
تنادي بالاطاحة به. وحتى المؤسسات التعليمية
تمجد حسنات النظام الرأسمالي ولا تنتقد
أخطاءه وسلبياته. وبالتالي فإن الطبقة الغنية
الحاكمة تصبح هي الوطن والعرض والدين، ومن
يهاجمها فإنما يهاجم الوطن والعرض والدين.
وشخص كهذا، بعرفها، إنما هو خارج عن الاجماع
العام الذي تعارف عليه المجتمع الانساني.

وتمتلك الطبقة الرأسمالية شبكة
علاقات اجتماعية منظمة تشابه الى حد كبير
الشبكة التنظيمية للاحزاب السياسية، حيث
تعمل من خلالها للسيطرة على منابع الثروة
والقوة السياسية. لان هذه الشبكة توفر
لاعضائها أحسن فرص التعليم الجامعي، وأفضل
الاعمال التي تدر اجوراً ومكافآت اجتماعية
عالية، وأفضل المواقع السياسية في النظام
الاجتماعي. وبهذا الاسلوب الدقيق، يحتل
الرأسماليون أعلى مواقع العمل السياسي في
الدولة. وهو بلا شك يؤدي الى المحافظة على
ثبات موقع الطبقة الرأسمالية في السلم
الاجتماعي وما يتبعه من نعيم عظيم لافرادها،
وحرمان أعظم لافراد الطبقات الاخرى.

ولا شك أن استمرار حياة النظام
الرأسمالي مرهون ببقاء سيطرة افراد طبقته
العليا على منابع القوة الاقتصادية
والسياسية والقضائية والتشريعية والتعليمية
في المجتمع. فلا يحصل التغيير المنشود في
النظام الاجتماعي ما لم تتضافر جهود الفقراء
والطبقات المحرومة بتجميع رصيدها وقوتها
الاقتصادية والسياسية لانشاء حركة اجتماعية
تزعزع النظام عن طريق الاضرابات والمظاهرات
والعنف، ولكن لم يحصل هذا لحد الان. إنما الذي
حصل في الستينات من هذا القرن أن حركة الحقوق
المدنية وحركة القوى العاملة في المجتمعات
الرأسمالية انتزعت بعضاً من الحقوق المهدورة
عن طريق الاضرابات والمظاهرات، كالمساواة
الظاهرية بين الاجناس المختلفة، ومشاركة بعض
العمال في إدارة مجالس الشركات، وانتزاع حقوق
المرأة في العمل.

والطريق الى الثورة لتغيير النظام
الرأسمالي والسيطرة على منابع القوة ليس
امراً ميسوراً لجيوش الفقراء، لان الطبقة
الرأسمالية تسيطر على وسائل القوة بشكل محكم.
ولكن النظام الظالم يعيش في انحطاط دائم من
الداخل، وعندما تنطلق الشرارة فإن الكثير من
العوامل المنظورة وغير المنظورة تتداخل
وتتفاعل لتولد قوة تدميرية هائلة، كما حصل
للثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر،
والثورة الروسية، والصينية، والاسلامية في
ايران في القرن العشرين على اختلاف اتجاهاتها
الفكرية والعقائدية.

وإذا كانت الثورة وما يتبعها من تغيير
اجتماعي قضية استثنائية، فإن النظام
الرأسمالي يحاول اقناع المستضعفين في
المجتمعات الرأسمالية بالخصوص بقبول حالة
انعدام العدالة، على أساس أنها مسألة
اجتماعية طبيعية وأنها قضية مشروعة. فالنظام
الملكي الاوربي يشجع الفقراء على الهتاف
بالحياة للملك، مع أن الفقير العاقل يتساءل:
من منح الملك ملكية الارض وخيراتها؟ والنظام
الرأسمالي الاميركي يشجع الفقراء بالهتاف «للحلم
الاميركي» الذي يعيش فيه أصحاب رأس المال
وأعضاء الكونغرس والحكومة واقعاً، ولكن
الفقير العاقل يتساءل: أيهما افضل، أن اعيش
جائعا مع حلم قد يتحقق؟ أم بواقع متواضع دون
احلام؟ والنتيجة أن نجاح الثورة والانقضاض
على النظام الظالم لا يتحقق، ما لم يسيطر فيه
المستضعفون على منابع القوة الاقتصادية
والسياسية والعسكرية والتعليمية والقضائية
والصحية، وهو أمر يحتاج الى تخطيط ومتابعة
ووعي لم يتوفر لدى مستضعفي وفقراء العالم
الرأسمالي لحد اليوم.

2 ـ النظام الفكري لطبقة الاقوياء:
وليس هناك أدنى شك في أن النظام الفكري
والثقافي لاي مجتمع هو النظام الفكري الذي
تتبناه الطبقة الحاكمة. فطبقة العمال في
المجتمع الشيوعي مثلاً تفرض بكل قوة الفكر
الذي تتبناه وتؤمن به. وعندها، يصبح الفكر
الشيوعي هو الفكر المسيطر على الساحة الفكرية
في المجتمع. والفكر الذي تؤمن به النظرية
الرأسمالية يسيطر على كل توجهات المجتمع
الرأسمالي. وهكذا ترى أن الافكار تابعة
للحكام، كما أن الاحكام تابعة للاسماء في
المصطلح الاصولي. ولتوضيح مقصودنا، نسرد
المثال التالي: إن اخطر كلمة يرهبها النظام
الرأسمالي وأنصاره هي كلمة (العدالة) ولذلك
فإنك لا ترى صدى لهذه الكلمة في الساحة
الاعلامية أو الفكرية أو السياسية
الرأسمالية. بل يحاول النظام بكل جهد استبدال
كلمتي (العدالة الاجتماعية) بـ (الحلم
الاميركي) باعتبار أن الفقراء مدانون على
فقرهم وفشلهم في جني الاموال، ولو حظي
الفقراء بشيء من الذكاء والمهارة ـ بزعم
النظام ـ لما استغرقت رحلتهم من صحراء
الاحلام الى شاطئ الواقع وقتاً طويلاً. ولذلك
فإن الاساس الفكري الرأسمالي ـ بزعم النظام ـ
ينسجم مع طبيعة الانسان في الجد والعمل، وما
الفقير إلاّ فرد متقاعس عن العمل، مستسلم
لقبول الواقع الاجتماعي والاقتصادي. وهذا
الاسقاط النفسي بلوم الفقراء على فقرهم،
وتشجيعهم على الايمان بالحظ والمصير
المكتوب، وحتمية القدر، يخدم النظام
الرأسمالي، لانه يحاول تخدير الفقراء الى أمد
غير محدود. ولذلك، فإن أي حركة فكرية تحاول
إيقاظ الغافلين من غفلتهم ونومهم تواجه بأقسى
وأعنف الوسائل.

والاسلام بكل أبعاده العبادية
والاجتماعية يمثل هذه الحركة الموضوعية التي
تحاول ايقاظ هؤلاء النائمين من نومهم العميق،
ولذلك فإن محاربته تستدعي استخدام اقسى وسائل
البطش والتنكيل. والدليل على ما ذهبنا اليه:
أننا لو اخذنا ديناً آخر كالهندوسية، ودرسنا
موقف النظام الرأسمالي منه للاحظنا أن النظام
لا يمانع من اعتناق أفراد المجتمع الرأسمالي
للهندوسية ولا يعرّض معتنقيها للاضطهاد.
والسبب في ذلك أن الهندوسية تؤمن بتناسخ
الارواح. فروح الفرد الميت تحل بالتناسخ
بأفراد عديدين في أوقات مختلفة، فإذا كان
الفرد مطيعاً للتعاليم الهندوسية حلّت روحه
في جسم أحد أفراد الطبقة العليا في
المجتمع، وإذا كان الفرد عاصياً لتعاليم
دينه، حلّت روحه في جسم أحد أفراد الطبقة
الفقيرة.

وهذا الدين يقدم للفقراء في المجتمع
الرأسمالي سبباً للاعتقاد بأن وجودهم ضمن
الطبقة الفقيرة إنما هو عقاب للارواح
العاصية، ولذلك فإنهم لا يستطيعون الانتقال
بالمرة من الطبقة الفقيرة المحكومة الى
الطبقة الثرية الحاكمة. ويقدم للاغنياء سبباً
اخر للاعتقاد بأن وجودهم ضمن الطبقة
الرأسمالية أمر ينسجم مع طبيعة الخلق
والتكوين، باعتبار أن الغنى والتوفيق متناغم
ومتوافق مع الطاعة والانقياد للدين. ولا شك أن
ديناً كهذا، يسدي للنظام الرأسمالي أعظم
خدمة، لانه يقوم بتخدير الفقراء وابقائهم ضمن
حدود الحرمان في طبقتهم الاجتماعية الدنيا.
وفي نفس الوقت يقدم خدمة عظمى للطبقة
الرأسمالية المتنعمة بالخيرات الطبيعية
والبشرية للاستمرار في ظلمها وسحقها الطبقات
المحرومة في النظام الاجتماعي.

والنظام الكنسي النصراني في القرون
الوسطى قدّم هو الاخر خدمة عظمى للنظام
الاقطاعي السائد في أوربا. فطالما كان الملك
مفوضاً من قبل الله سبحانه وتعالى بالتصرف
بأرواح وأموال وأعراض الناس فإن الجرائم
المنسوبة للطبقة الحاكمة انّما هي نتيجة
طبيعية للارادة الالهية والعمل الربّاني،
وليس للافراد دخل في تغييرها أو إدانتها! إذن
ليس غريباً أن نجد أفراداً عاشوا آثار تلك
الافكار مثل كارل ماركس وغيره، آمنوا ـ بعد أن
رأوا بأم أعينهم فظائع سلوك رجال الكنيسة ـ
بأن الدين أفيون الشعوب. وليس هناك شك بأنهم
كانوا يقصدون النصرانية في ذلك. لانهم رأوا
آثار أحكام بابويّة القرون الوسطى القائلة
بأن النظام الاجتماعي الظالم لا يجوز تغييره
أو إدانته عن طريق العنف لانه نظام إلهي.
فأجبر عندئذ الفقراء من فلاحين وعمال على
قبول ذلك النظام الطبقي باسم الدين والكنيسة.
ولا تزال الكنيسة النصرانية في المجتمعات
الغربية الى هذا اليوم تساند بكل قوة النظام
الرأسمالي الطبقي. حيث تعتبر (خصوصا عقيدة
البيوريتنز أو الانقياد) الغنى، توفيقاً
إلهياً للعبد المطيع، والفقر سخطاً ربّانياً
على العبد العاصي. في حين أن كل الدلائل
الموضوعية ترفض هذا المنطق، لان الغنى والفقر
مسألة نسبية، يتعلق جزء منها بالانسان والجهد
الانساني، والجزء الاخر بالله سبحانه وتعالى
عن طريق التوفيق.

وحتى أن فكرة الاستعمار الاوربي
للمناطق الامنة في إفريقيا وآسيا لنهب ثروات
العالم الاسلامي في القرون الاربعة الاخيرة
صوّرت من قبل الطبقة الرأسمالية على أنها من
أنبل قضايا الرجل الابيض. وكان هدفها بالاصل
بزعمهم رفع غائلة البدائية والمرض والفقر عن
رجال المجتمعات المتخلفة، ورفع علم الحضارة
والتقدم في ثنايا تلك المجتمعات. وربما اعتقد
فقراء المجتمع الرأسمالي في الماضي أن
ادّعاءات الرجل الاوربي الابيض فيما يتعلق
بفقراء العالم صحيحة، ولكن تبين لهم فيما بعد
أن الذي استعبدهم لقرون طويلة لا يمكن أن يعدل
مع أفراد آخرين يختلفون عنه في الجنس واللغة
والدين. فطمع الرأسمالي يطغى على كل القيم
الانسانية، وعلى كل الاخلاق والاعراف
الشريفة.

وأخيراً فإن فحول المدرسة الرأسمالية
الحديثة، يؤمنون بأن انعدام المساواة عامل
مهم في حفظ حيوية المجتمع الرأسمالي، باعتبار
أن الحياة ربح وخسارة، فالرابح يحصل على
جائزته، والخاسر لا يحصل على شيء، بل عليه أن
يتنازل بشيء من جهوده للفرد الرابح. ومع ذلك
فإن للافراد جميعاً بادعاء النظرية فرصاً
متساوية لتحسين وضعهم الاجتماعي، فكل فرد
يملك فرصة مناسبة ليصبح غنياً وينتقل صعوداً
الى الطبقة الرأسمالية. ولكن الحقيقة المرة
التي لا تعترف بها النظرية الرأسمالية هي أن
الكثير من الافراد في المجتمع الرأسمالي
يبذلون جهدهم ويصبون عرقهم، ولكنهم لا يصلون
الى مستوى الطبقة الرأسمالية. بل تبقى
الاكثرية ضمن طبقتها الاجتماعية التي حددها
لها النظام سابقاً. أما الذين لا يصلون الى
شاطئ الحلم الاميركي، فإن النظام يعلّمهم
بلوم أنفسهم والعتب على حظهم العاثر.
والحقيقة الناصعة هي: أن عليهم لوم النظام
الرأسمالي لفشله في استيعاب طموحات كل
الافراد ضمن طبقة واحدة تجمعها العدالة
والمساواة الاجتماعية، أو على الاقل ضمن
طبقات يتقلّص فيها البون الشاسع في الاُجور
والمكافات. ولا شك أن هذا الفكر الذي يريد به
الرأسماليون السيطرة على عقول الافراد في
المجتمع الرأسمالي يخدع الكثير من الافراد،
خارج النطاق الرأسمالي، بعباراته البراقة
وثوبه الجميل، المليء بالالوان ومواد
الاثارة.

/ 1