خاطرة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خاطرة - نسخه متنی

مصطفی حسن

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فنـون وآداب

خاطرة

« حِراءُ .. مَبعَثُ الخِصْبِ »

* مصطفى حسن

( العراق )

تَستأنسُ جُدرانُ الغارِ بهَمَساتِ
المُتألّهِ السّابح في غِمارِ العُبوديّةِ
للواحدِ الحقِّ ، فيلتحفُ سكونُه الباردُ
بحرارة أنفاسِهِ الوادعةِ المطمئنّةِ ،
وتَنسابُ أحرفُ النّورِ في ثَنايا أحجارِه ،
لتَخترقَ في سَيرِها إلى وَجهِ المعشوقِ
الفَرْدِ كلَّ حواجِزِ المكانِ والزّمانِ ،
مصبوغةً بطَراوةِ الدَّمعِ الشَّغوفِ
برُويةِ الملكوتِ ، وتجلّياتِ اليقينِ ،
وتَزاحَمُ نَبَضاتُ القلبِ المفعَمِ بتوحيدِ
الواجبِ على أعتابِ الشّهودِ ، لتَرقى في
مَعارجِ القُربِ الصَّمَديِّ ، وتَجوبَ
عَوالمَ القُدسِ ، والسَكينةِ ، والكمال.

ـ « يا محمدُ ، أنتَ رسولُ اللّهِ » .

كلماتٌ مُضيئةٌ زلزلَتْ أبعادَ
حِراءَ ، وامتلاَ بها سَمعُ ذلكَ المتحنِّثِ
الوالهِ ، فتَغلغلَتْ في أعماقِ روحِهِ
المُتسربلةِ بالخُشوعِ ، وألبَستْ وُجودَهُ
المستكينَ للّهِ هِزّةَ المُنعطَفِ
المقدَّسِ .

ـ « يا محمدُ ، أنا جَبريلُ ، وأنتَ
رسول اللّهِ » .

تَنجلي رَوعةُ المُفاجأةِ ـ في مرّة
أُخرى ـ عَن ملامحِ الوَعْدِ الالهيّ
المُرتقَبِ ، وتنسَلُّ مِنْ بَينِ رُكامِها
خُيوطُ الحقيقةِ الكُبرى ، لتنسِجَ في وَجْهِ
الزَّمَنِ العاريْ تقاسيمَهُ الحيَّةَ ،
وتُعيدَ إلى عُروقِهِ القاحلةِ دَفقَها
ودَفاءَها .

ـ « اقرأْ » .

ـ « ما أَقرأُ ؟! » .

لم يكُنْ خَلَدُه ليتَمثَّلَ أنَّها
بِدايةُ رِحلةِ السَّماءِ في أحضانِ هذِهِ
الاَرضِ ، وباكورةُ السُّرى الواعدِ
بالرُّشدِ في مهاويْ ذلكَ التِّيةِ النَافذِ
في عُمقِ الاوداجِ .

ـ (اقرأْ باسمِ ربِّكَ الّذي خَلقَ) .

إنّها جَذوةُ البَدْءِ بمُناجزةِ
الخَواءِ في بقايا الفِطرةِ ، عانقَتْها
شَفتاه المُلتهِبتانِ بالرَّفضِ لخَدَرِ
الطِّينِ السّاربِ في أوردتِها ، ناثرةً في
غَبَشِ المَدى رُؤىً يافعةً ، وصاهرةً ضَبابَ
الموتِ المركومَ في هشَيمِ الاحداقِ .

حِراءُ ، ماكان الزَّمنُ ليحتضِنَكَ
بينَ أضلاعهِ لولا أنّك قَبّلتَ تلكَ الخُطى
الهابطةَ مِن رَحمِ السّماءِ ، ولم يكُنْ
لحديثِكَ صَدىً في أغوار النّفوسِ إلاّ أنهُ
امتزجَ بهديرِ ذلكَ اللحنِ المُخضلِّ بعبيرِ
هُداها .

/ 1