دراسـات - نظام العبادات فی مدرسة أهل البیت (ع) (4) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظام العبادات فی مدرسة أهل البیت (ع) (4) - نسخه متنی

السید محمد باقر الحکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

دراسـات

نظام العبادات

في مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)

( 4 )

* السيد محمد باقر الحكيم

ثانياً : الصوم

الصوم من العبادات المهمة التي ورد
ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى : (كتب
عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) ،
وهذا يعني أن هذه العبادة لها جذر تاريخي يمتد
مع الرسالات الالهية . وقال تعالى أيضاً : (واستعينوا
بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلاّ على
الخاشعين) ، حيث فسر الصبر في هذه الاية
بالصوم . والصوم فيه واجب ومستحب ومحرم .

الصوم الواجب


أما الصوم الواجب فهو صوم شهر رمضان
وهو أفضله .

ويجب الصوم في الكفارة في قتل العمد
وغيره شهرين متتابعين ، وكذلك في كفارة
اليمين ثلاثة ايام .

ويجب على الحاج الذي لا يجد الهدي أن
يصوم عشرة ايام ثلاثة في الحج وسبعة عند رجوعه
إلى أهله .

ويجب أيضاً الصوم بالنذر والعهد
واليمين والنيابة عن الميت .

وهناك من الفقهاء من يوجب الصوم على من
نام عن صلاة العشاء، حيث يجب عليه أن يصبح
صائماً ذلك اليوم . ويجب على المعتكف الذي
امضى يومين من اعتكافه أن يتم اليوم الثالث من
اعتكافه ، فيلزمه الصوم أيضاً كما سوف نذكره .

وتفصيل احكام الصوم الواجب مذكورة في
الرسائل العملية الفقهية ولابد من التفقه
فيها ومراجعتها .

وقد اهتم اهل البيت بهذه العبادة
اهتماماً بالغاً ، حيث وردت فيها مئات
الروايات التي تناولت تفاصيلها المختلفة .

ويحرم الصوم يومي العيدين وايام
التشريق بمنى ويوم العاشر من محرم
الحرام بعنوان التبرك . وكذلك يحرم صوم الوصال
بأن يصل يوم الصوم باليوم الاخر من دون افطار
وبنية واحدة .

الصوم المندوب


يستحب الصوم في جميع ايام السنة عدا
الايام المحرمة التي سبق ذكرها ، وقد عرفنا
أنه يتأكد استحبابه في شهري رجب وشعبان ، وفي
الايام الثلاثة من كل شهر الخميس الاول
والاربعاء الوسط والخميس الاخر ، فإنه يعدل
صوم الدهر كما ورد في الروايات ، وكذلك في
الايام الاربعة في السنة وغيرها مما ذكرناه
في الابواب السابقة من الفصل السابق .

ويمكن استفادة استحباب الصوم من تظافر
الروايات المطلقة التي وردت في فضل الصوم
وحسنه(1)
. بالاضافة إلى ما ورد في تفسير الاية الكريمة
السابقة .

وهناك بعض المفردات التي يتأكد فيها
استحباب الصوم :

1 ـ يبدو من بعض الروايات والنصوص أن
الصوم في الصيف أكثر فضلاً واجراً ، بل جاء
التعبير في بعضها عن الصوم في الحر بأنه جهاد
، وأن أفضل الجهاد الصوم في الحر(2) .

2 ـ الصوم للشاب الذي لا يستطيع الزواج
، حيث يكون الصوم وجاءً لشهوته ولجاماً لها ،
فقد ورد عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أنه
قال : «من استطاع منكم الباه فليتزوج ، ومن لم
يستطع فليصم ; فإن الصوم وجاؤه » . كما ورد عنه(صلى
الله عليه وآله) أنه قال لعثمان بن مظعون
عندما طرح عليه فكرة أن يختصي : «لا تفعل فإن
اختصاء أمتي الصيام» .

وفي حديث عن الصادق(عليه السلام) قال :
«قال لقمان لابنه : صم صوماً يقطع شهوتك ، ولا
تصم صياماً يمنعك من الصلاة ، فإن الصلاة أحب
إلى اللّه تعالى من الصوم»(3)
.

3 ـ وقد جاء التأكيد في بعض الروايات
المعتبرة لصوم يوم الاربعاء ، معللة
ذلك بأن النار أو العذاب إنما يكون فيه ،
فيكون الصوم جنة من النار . ولكن لا يبعد
أن يكون المقصود من يوم الاربعاء هو الاربعاء
في وسط الشهر كما يشير إلى ذلك بعض هذه
الروايات(4)
.

4 ـ ورد في بعض الروايات استحباب صوم
يوم الجمعة ، على أن يسبقه بصوم يوم أو يومين
قبله الاربعاء والخميس ، ولا يبعد أن يكون
المقصود من هذه الروايات نفي كراهة صومه أو
بيان جوازه ; لتوهم الحظر والحرمة فيه باعتبار
أنه يوم عيد(5)
، وأن هذه الكراهة ـ لو كانت ـ ترتفع بصوم
الاربعاء والخميس .

5 ـ ورد في بعض الروايات استحباب الصوم
عند الشدائد والنوازل والضيق والمصيبة
والزلزال ، وأنه يحسن بالانسان أن يصوم
وخصوصاً الاربعاء والخميس والجمعة ، والدعاء
يوم الجمعة لرفع هذه الشدائد . ويبدو أن
الصوم المقرون بالصدقة يدفع البلاء(6)
.

6 ـ ومن الصوم المستحب صوم الاعتكاف
المستحب وذلك في اليومين الاولين ، وهو عبادة
مقرونة بالصوم يلزم الانسان فيها المسجد
طيلة ثلاثة ايام مع الليلتين المتخللتين
بينها على الاقل ، ويمكن أن يكون أكثر
من ذلك . ويمتنع فيه عن بعض المحللات كالنساء
والطيب وغيرهما مما يذكره الفقهاء في رسائلهم
العملية .

ويتأكد استحبابه في شهر رمضان وفي
العشر الاواخر منه ، والافضل أن يكون في
المسجد الحرام أو مسجد النبي أو الكوفة أو
البصرة أو المسجد الجامع في البلد ، على تفصيل
مذكور في الكتب الفقهية .

وفي الختام يحسن أن نذكر بعض
الملاحظات العامة حول الصوم المندوب .

الاولى : أنه يحسن كتمان الصوم وعدم
التظاهر به ، فقد روى الكليني بطريق مشهور عن
أبي عبد اللّه قال : «من كتم صومه قال اللّه عزوجل
لملائكته : عبدي استجار من عذابي فأجيروه ،
ووكل اللّه عزوجل ملائكته بالدعاء
للصائمين ، ولم يأمرهم بالدعاء لاحد إلاّ
استجاب لهم فيه»(7)
.

الثانية : أن المؤمن إذا كان قد صام
صوماً مستحباً ودخل على أخيه المؤمن فدعاه
للاكل ، يستحب له أن يفطر ويكون له بذلك
الثواب الافضل من الصوم ، وفي بعض الروايات
أنه يحسن به أن يكتم الصوم فلا يخبر به اخاه
فيمنَّ عليه بإفطاره(8)
.

الثالثة : ورد في مجموعة من الروايات
أن الزوجة لا يصح لها أن تصوم تطوعاً إلاّ
باذن زوجها ، وكذلك نصت بعض هذه الروايات على
أن الولد والضيف لا يحسن بهم أن يصنعوا ذلك
إلاّ باذن الوالد والمضيِّف . وهذه الاحكام
لها مداليل وابعاد اجتماعية واخلاقية
وتنظيمية كما هو واضح(9)
.

ثالثاً : الدعاء

الدعاء من أفضل العبادات ، وقد ورد
الحث عليه في القرآن الكريم في آيات عديدة ،
منها قوله تعالى : (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب
أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي
وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)(10)وقوله
تعالى : (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب
المعتدين)(11)
، وقوله تعالى : (قل ما يعبأ بكم ربي لولا
دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاماً)(12)
، وقوله تعالى : (ادعوني أستجب لكم إن الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)(13
كما نقل القرآن الكريم الدعاء على لسان عدد من
الانبياء والصالحين من المؤمنين في مواقف
حرجة ، وكانت الاستجابة لهم بذلك .

وقد روى الكافي بطريق معتبر عن سدير عن
الامام الباقر(عليه السلام)قال : «قلت لابي
جعفر : أي العبادة أفضل ؟ قال : فقال : ما من شيء
أفضل عند اللّه عزوجل من أن يُسأل ويطلب مما
عنده ، وما احد ابغض إلى اللّه عزوجل ممن
يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده» .

وفي رواية معتبرة رواها الكافي عن
حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه قال : «سمعته
يقول ادع ولا تقل قد فرغ من الامر ; فإن الدعاء
هو العبادة . إن اللّه عزوجل يقول : (إن الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)»(14)
.

وفي رواية معتبرة عن ميسر بن عبد
العزيز عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال
: «قال لي يا ميسر ، ادع ولا تقل إن الامر قد
فرغ منه . إن عند اللّه عزوجل
منزلة لا تنال إلاّ بمسألة ، ولو أن عبداً سد
فاه ولم يسأل لم يعط شيئاً ، فسل تعط . يا ميسر
، إنه ليس من باب يقرع إلاّ يوشك أن يفتح لصاحبه»(15)
.

وكذلك ورد أن الدعاء مفتاح كل رحمة
ونجاح كل حاجة ، وأنه ترس المؤمن ، وأنه مخ
العبادة ، وأنه إذا قل الدعاء نزل البلاء(16)
. كما ورد ايضاً أنه سلاح المؤمن وعمود الدين ،
وأنه يدفع شر الاعداء ويرد البلاء قبل نزوله
وعند نزوله وبعد نزوله(17)
، وأنه شفاء من كل داء(18)
.

اسباب اجابة الدعاء


وقد ورد للدعاء آداب منها :

1 ـ أن يرفع يديه في الدعاء والتضرع
بتقليبهما ، والتعبير بهما بحركات تنبئ عن
التذلل والاستكانة والتبتل(19)
، ومسح الوجه بهما والرأس والصدر بعده .

2 ـ الاقبال بالقلب حال الدعاء وحضور
القلب فيه وحسن النية .

3 ـ المعرفة باللّه وحسن الظن به(20)
.

4 ـ الحمد والثناء والتمجيد للّه تعالى
قبل الدعاء .

5 ـ الصلاة على رسول اللّه وآله
الاطهار ، فإن الدعاء محجوب حتى يصلي الداعي
على محمد وآله(21)
.

6 ـ ختم الدعاء بالصلاة على النبي(صلى
الله عليه وآله) وآله الاطهار ; فإنه ورد في
ذلك أنه من كانت له إلى اللّه حاجة فليبدأ
بالصلاة على محمد وآل محمد ، ثم يسأل حاجته ثم
يختم بالصلاة على محمد وآل محمد ; فإن اللّه
عزوجل اكرم من أن يقبل الطرفين ثم يدع الوسط ;
إذ كانت الصلاة على محمد وآله لا تحجب عنه(22)
.

7 ـ البكاء ، أو التباكي وهو طلب البكاء
ولو بمثل رأس الذبابة(23)من
الدمع .

8 ـ الاقرار والاعتراف بالذنوب
والاستغفار منها(24)
.

9 ـ التوسل إلى اللّه تبارك وتعالى
بمحمد وآله الطاهرين(25)
.

10 ـ الاستغاثة باللّه تعالى بأن يكرر
يا اللّه أو يا رب أو يا سيداه أو يا رحمن يا
رحيم أو يا ارحم الراحمين عشر مرات قبل ذكر
الحاجة ، فإنه ورد أنه ما قالها أحد من
المؤمنين قط إلاّ قال اللّه له : «لبيك عبدي سل
حاجتك»(26)
.

11 ـ تسمية الحاجة وذكرها ، ففي الحديث
أن اللّه تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا
دعاه ، ولكنه يحب أن تبث إليه الحوائج ، فإذا
دعوت فسمّ حاجتك(27)
.

12 ـ الالحاح بالدعاء والمعاودة فيه ،
فقد ورد أن اللّه يحب الحاح الملحين في الدعاء(28)
.

13 ـ الدعاء بالسر في الامور الخاصة ،
فقد ورد أن الدعوة في السر تعدل سبعين دعوة في
العلن(29)
.

14 ـ أن يستسلم لامر اللّه تعالى في
دعائه ويقول : «ما شاء اللّه ولا حول ولا قوة
إلاّ باللّه»(30)
، فقد ورد أن اللّه تعالى بعد أن يقول العبد
ذلك يقول : «استبسل عبدي واستسلم لامري ،
اقضوا حاجته» .

15 ـ التوبة إلى اللّه تعالى والتقوى له
والورع عن محارمه ، فإنه ورد أن من سره أن
يستجاب له دعوته فليطب مكسبه ، فإن الرجل يرفع
اللقمة إلى فيه فما يستجاب له دعوة اربعين
يوماً (31)
.

16 ـ الاجتماع للدعاء بعدد اربعين أو
اربعة ، فإن الاتفاق بينهم في الدعاء على أمر
يكون من اسباب الاستجابة(32)
. وقد ورد أن الامام الباقر(عليه السلام) إذا
أحزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا
وأمّنوا . وروي عن الامام الصادق(عليه السلام)
أنه قال : «الداعي والمؤمّن شريكان» .

17 ـ التعميم بالدعاء وعدم التخصيص
لنفس الداعي بل يعم به اخوانه المؤمنين ، فقد
ورد عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أنه :
إذا دعا احدكم فليعم فإنه أوجب للدعاء(33)
كما ورد الحث على أن يقول الانسان في دعائه : «اللّهم
اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات» وأن له بذلك ثواباً عظيماً (34)
.

18 ـ عدم تجاوز الحدود في الدعاء ، أو
الدعاء بغير الحق أو الاثم ، فقد ورد أن العبد
يكون مظلوماً فلا يزال يدعو حتى يكون ظالماً (35) .

19 ـ رد مظالم الناس التي في ذمته إليهم
، فقد ورد أن اللّه تعالى يقول : «وعزتي وجلالي
لا أجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ولاحد عنده
مثل تلك المظلمة»(36)
.

20 ـ الطهارة والوضوء حال الدعاء .

21 ـ استقبال القبلة حال الدعاء .

22 ـ التصدق قبل الدعاء .

23 ـ التقدم بالدعاء قبل نزول البلاء .

24 ـ التماس دعاء الاخوان المؤمنين له ،
فقد ورد عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أنه
قال : «ليس شيء اسرع اجابة من دعوة غائب لغائب»
، وورد أن اللّه لا يحجب دعوة المؤمن لاخيه
بظهر الغيب ، بل يقال له : «ولك مثله»(37)
.

25 ـ أن يقدم في دعائه لنفسه الدعاء
لاربعين مؤمناً ، وهذا من التعميم في الدعاء
ولكن باسلوب خاص(38)
.

اسباب اخرى للاجابة


بالاضافة إلى ما مرّ من آداب واسباب
لاجابة الدعاء ، هناك اسباب اخرى ترتبط بوقت
الدعاء أو بمكانه أو بالاحوال التي يكون
عليها الداعي .

أما بالنسبة إلى وقت الدعاء فقد مر
الاشارة إلى بعض ما ورد فيه ، وهذه الاوقات
المباركة هي يوم الجمعة وليلته وآخر ساعة منه
، والثلث الاخير من الليل ، وشهر رمضان ،
وليالي القدر الثلاث منه خاصة ، ويتأكد ذلك في
الليلة الثالثة والعشرين ، وكذلك ليلة عرفة
ويومها ، فإن الدعاء فيه أفضل من الصوم ،
وإنما يستحب الصوم فيه إذا لم يضعفه عن الدعاء
، وكذلك ليلة المبعث ويومه وليلة العيدين
الفطر والاضحى ، وليلة الغدير ويومه ، وليلة
أول رجب وليلة النصف من شعبان ، وليلة النصف
من رجب ويومها ، ويوم مولد النبي(صلى الله
عليه وآله) ، وعند الزوال ، وما بين طلوع الفجر
وطلوع الشمس وكذلك عند غروبها، وعند هبوب
الرياح وزوال الافياء ونزول القطر ، وأول
قطرة من دم القتيل المؤمن ، فإن ابواب السماء
تفتح عند هذه الاشياء(39)
.

وكذلك عند قراءة القرآن وعند الاذان
والتقاء الصفين للشهادة(40)
، وعند دعوة المظلوم فإنه ليس لها حجاب دون
العرش(41)
.

وكذلك عند اقشعرار الجلد وعند فيوض
العبرة ، وإذا كانت الشمس في كبد السماء أو
زاغت ، فإنها ساعة تفتح فيها ابواب السماء
ويرجى فيها العون من الملائكة والاجابة من
اللّه تبارك وتعالى(42)
.

وفي أدبار الصلوات وبين الصلاتين وعند
الافطار(43)
.

اماكن الدعاء


وأما بالنسبة إلى المكان ففي المسجد
الحرام والمشاهد المشرفة في الحج في عدة
مواضع ، عند الميزاب من حجر اسماعيل ، وعند
المقام وعند الحجر الاسود وبين المقام والباب
وجوف الكعبة ، وعند بئر زمزم وعلى الصفا
والمروة وعند المشعر الحرام وعند الجمرات
وعند رؤية الكعبة(44) .

وكذلك عند قبر النبي(صلى الله عليه
وآله) وفي مسجده وخصوصاً الروضة وهي بين القبر
والمنبر ، وكذلك الحائر الحسيني والمساجد
المشرفة كمسجد الكوفة .

احوال الداعي


وأما بالنسبة إلى احوال الداعي فدعاء
الصائم فانه لا يرد ، ودعاء المريض ودعاء
الحاج والمعتمر ، وثلاثة نفر اجتمعوا عند أخ
لهم يأمنون بوائقه ولا يخافون غوائله .

والمظلوم على ظالمه ولمن انتصر له ،
فقد ورد عن الصادق(عليه السلام)قال : «كان أبي
يقول : اتقوا دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم
تصعد إلى السماء»(45)
.

والمؤمن المحتاج لاخيه إذا وصله وعليه
إذا قطعه مع استغناء اخيه وحاجته إلى رفده .

والمريض لعائده والسائل لمعطيه
والمسافر ، ودعاء الوالد لولده إذا بره وعليه
إذا عقه ، والامام المقسط والجار لجاره(46)
.

اشخاص لا يستجاب دعاؤهم


وقد ورد في احاديث اهل البيت(عليهم
السلام) أن الدعاء إذا كان على خلاف القواعد
والاصول ، والاسباب الطبيعية أو الشرعية التي
وضعها اللّه تعالى تحت تصرف الانسان لقضاء
حاجته ، وهو قادر بسعيه على تحقيق ما يريده من
اللّه تعالى ، فإن مثل هذا الدعاء لا يستجاب ،
وقد وردت نماذج في الحديث عن مثل هؤلاء
الاشخاص وهم :

1 ـ القادر على السعي للرزق وقد امره
اللّه تعالى بذلك ولكنه يجلس في بيته ويدعو
اللّه أن يرزقه .

2 ـ القادر على طلاق زوجته والخلاص
منها وهي تؤذيه فلا يطلقها بل يدعو عليها .

3 ـ المتساهل في توثيق ديونه بالاشهاد
أو غيره على غرمائه فيترك ذلك فينكره الغرماء
فيدعو عليهم .

4 ـ القادر على تغيير داره فيؤذيه جاره
فلا يغير داره ثم يدعو عليه .

5 ـ المفسد لماله الذي رزقه اللّه
تعالى إياه فيتلف ماله ثم يدعو اللّه ليرزقه .

6 ـ المصرون على المعاصي وآكلوا المال
الحرام وهم قادرون على التوبة والانابة وترك
اكل المال بالباطل ، فإنه لا يستجاب دعاؤهم(47) .

وبهذا يمكن أن نفهم ان تغيير المجتمع
الانساني لما كان له سبب طبيعي هو تغيير ما
بالنفس بقاعدة ان اللّه لا يغير ما بقوم حتى
يغيروا ما بانفسهم . فان ذلك لا يحصل بالدعاء
بل بان يسعى المجتمع بتغيير نفسه وعندئذ يكون
الدعاء مؤثراً لازالة الموانع الاخرى أو
تهيئة الاسباب الخارجة عن قدرة الانسان .

تعليمات خاصة في الدعاء


وقد أدب اهل البيت سلام اللّه عليهم
الجماعة الصالحة بأدب خاص في الدعاء مضافاً
إلى ما سبق . فعلموهم كيف يدعون وماذا يقولون
في دعائهم ، وهناك نصوص كثيرة في هذا المجال
يجدها المتتبع في مواضع عديدة نشير إلى بعضها
:

الاول : الدعاء على الاعداء


لقد كان يبتلى ابناء الجماعة الصالحة
بكثرة الاعداء والحاقدين ، كما كان يبتلى بهم
ائمة اهل البيت(عليهم السلام) ، وكان الدعاء
سلاح المؤمنين عندما تضيق السبل بهم في
مواجهة اعدائهم ، وتتحدث لنا النصوص عن بعض
الموارد التي كان يستخدمها اهل البيت وشيعتهم
في هذا المجال .

عن رجال الكشي ، عن المسمعي قال : «لما
اخذ داود بن علي (العباسي) المعلى بن خنيس حبسه
واراد قتله ، فقال له معلى : اخرجني إلى الناس
فإن لي ديناً كثيراً ومالاً حتى أشهد بذلك ،
فاخرجه إلى السوق فلما اجتمع الناس قال : يا
أيها الناس ، أنا معلى بن خنيس فمن عرفني فقد
عرفني . اشهدوا أن ما تركت من مال عين أو دين أو
أمة أو عبد أو دار أو قليل أو كثير فهو لجعفر
بن محمد . قال : فشد عليه صاحب شرطة داود فقتله .
قال : فلما بلغ ذلك أبا عبد اللّه(عليه السلام)خرج
يجر ذيله حتى دخل على داود بن علي واسماعيل
ابنه خلفه ، فقال : يا داود ، قتلت مولاي واخذت
مالي . قال : ما أنا قتلته ولا اخذت مالك . قال :
واللّه لادعون اللّه على من قتل مولاي واخذ
مالي . قال : ما قتلته ولكن قتله صاحب شرطتي .
فقال : بإذنك أو بغير اذنك ؟ قال : بغير أذني .
قال : يا اسماعيل ، شأنك به . قال : فخرج اسماعيل
والسيف معه حتى قتله في مجلسه . قال حماد :
واخبرني المسمعي عن معتب قال : فلم يزل ابو عبد
اللّه(عليه السلام) ليلته ساجداً وقائماً .
قال : فسمعته في آخر الليل وهو ساجد ينادي :
اللّهم إني اسألك بقوتك القوية وبمحالك
الشديد وبعزتك التي خلقك لها ذليل أن تصلّي
على محمد وآل محمد وأن تأخذه الساعة . قال : فو
اللّه ما رفع رأسه (وذكر نحوه)»(48)
.

وعن سهل بن زياد ، عن اسحاق بن عمار قال
: «شكوت إلى أبي عبد اللّه(عليه السلام) جاراً
لي وما القى منه قال : فقال لي : ادع عليه . قال :
ففعلت فلم ار شيئاً ، فعدت إليه فشكوت إليه
فقال لي : ادع عليه . قال : فقلت : جعلت فداك ، قد
فعلت فلم أر شيئاً . فقال : كيف دعوت عليه ؟
فقلت : إذا لقيته دعوت عليه . قال : فقال : ادع
عليه إذا ادبر وإذا استدبر، ففعلت فلم البث
حتى اراح اللّه منه»(49)
.

وروى الكليني في الكافي ، عن يونس بن
عمار قال : «قلت لابي عبد اللّه(عليه السلام)
إن لي جاراً من قريش من آل محرز قد نوه باسمي
وشهرني ، كلما مررت به قال : هذا الرافضي يحمل
الاموال إلى جعفر بن محمد . قال : فقال لي : فادع
اللّه عليه إذا كنت في صلاة الليل وأنت ساجد
في السجدة الاخيرة من الركعتين الاوليين ،
فاحمد اللّه عزوجل ومجّده وقل : اللّهم إن
فلان بن فلان شهرني ونوه بي وغاظني وعرضني
للمكاره . اللّه اضربه بسهم عاجل تشغله به عني
. اللّهم وقرب اجله واقطع اثره وعجل ذلك يا رب
الساعة الساعة . قال : فلما قدمنا الكوفة قدمنا
ليلاً فسألت أهلنا عنه قلت : ما فعل فلان ؟
فقالوا : هو مريض ، فما انقضى آخر كلامي حتى
سمعت الصياح من منزله وقالوا : قد مات»(50)
.

الثاني : المباهلة

علّم اهل البيت(عليهم السلام) شيعتهم (مباهلة)
الاعداء ، عند الاحتجاج والمخاصمة وعدم
التمكن من هدايتهم بالمنطق والموعظة الحسنة .
وهذا الاسلوب مستلهم من القرآن الكريم في
مباهلة النبي(صلى الله عليه وآله)لنصارى
نجران .

فقد روى الكليني في الكافي ، عن أبي
مسروق ، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال : «قلت
: إنّا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول اللّه
عزوجل : (اطيعوا اللّه واطيعوا الرسول وأولي
الامر منكم) فيقولون : نزلت في امراء السرايا ،
فنحتج عليهم بقوله عزوجل : (إنما وليكم اللّه
ورسوله)إلى آخر الاية فيقولون : نزلت في
المؤمنين ، ونحتج عليهم بقول اللّه عزوجل : (قل
لا اسألكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى)
فيقولون : نزلت في قربى المسلمين ، قال : فلم
ادع شيئاً مما حضرني ذكره من هذه وشبهه إلاّ
ذكرته ، فقال لي : إذا كان ذلك فادعهم إلى
المباهلة . قلت : وكيف أصنع ؟ قال : اصلح نفسك
ثلاثاً ، واظنه قال : وصم واغتسل وابرز انت وهو
إلى الجّبان ، فشبك اصابعك من يدك اليمنى في
اصابعه ثم انصفه وابدأ بنفسك وقل : اللّهم رب
السماوات السبع ورب الارضين السبع عالم الغيب
والشهادة الرحمن الرحيم ، إن كان ابو مسروق
جحد حقاً وادعى باطلاً فأنزل عليه حسباناً من
السماء أو عذاباً اليماً ، ثم رد الدعوة عليه
فقل : وإن كان فلان جحد حقاً أو ادعى باطلاً
فأنزل عليه حسباناً من السماء أو عذاباً
اليماً ، ثم قال لي :فإنك لا تلبث أن ترى ذلك
فيه . فو اللّه ما وجدت خلقاً يجيبني إليه»(51)
.

وفي رواية معتبرة عن أبي جعفر محمد بن
النعمان ، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال :
«قال لي : خاصموهم وبينوا لهم الهدى الذي انتم
عليه وباهلوهم في علي(عليه السلام)»(52)
.

ويؤيد هذا الاسلوب ما ذكرناه سابقاً
في بحث النظام الامني للجماعة الصالحة ونظام
العلاقات ، من أن اصل الدعوة إلى الحق واجب
الهي ، وإنما منع اهل البيت شيعتهم احياناً من
ذلك مراعاة للظروف السياسية الخاصة التي كانت
تواجهها الجماعة .

الثالث : التنبيه على مواطن الاشتباه
في الدعاء


وقد اهتم اهل البيت(عليهم السلام) في
بناء الجماعة الصالحة بالتنبيه على مواطن
الاشتباه في الدعاء ، ومخاطبة اللّه تعالى أو
مناجاته . وقد وردت النصوص تشير إلى بعض
النماذج من هذا التعليم والتنبيه .

فعن صفوان بن يحيى ، عن الكاهلي قال : «كتبت
إلى أبي الحسن(عليه السلام) في دعاء الحمد
للّه منتهى علمه ، فكتب إليّ : لا تقولن منتهى
علمه ، ولكن قل : منتهى رضاه»(53)
.

وعن جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال :
«سمع أمير المؤمنين(عليه السلام) رجلاً يقول :
اللّهم إني اعوذ بك من الفتنة . قال : أراك
تتعوذ من مالك وولدك . يقول اللّه تعالى: (إنما
اموالكم واولادكم فتنة) ولكن قل : اللّهم إني
اعوذ بك من مضلات الفتن»(54)
.

وروى الكليني في الكافي ، عن ابان بن
عبد الملك قال : «حدثني بكر الارقط عن أبي عبد
اللّه(عليه السلام) أو عن شعيب عن أبي عبد
اللّه(عليه السلام) أنه دخل عليه واحد فقال :
اصلحك اللّه ، إني رجل منقطع إليكم بمودتي ،
وقد اصابتني حاجة شديدة ، وقد تقربت بذلك إلى
اهل بيتي وقومي فلم يزدني بذلك منهم إلاّ
بعداً . قال : فما آتاك اللّه خير مما اخذ منك .
قال : جعلت فداك ، ادع اللّه لي أن يغنيني عن
خلقه . قال : إن اللّه قسم رزق من شاء على يدي من
شاء ، ولكن سل اللّه أن يغنيك عن الحاجة التي
تضطرك إلى لئام خلقه»(55)
.

وفي رواية عن الامام جعفر بن محمد(عليهما
السلام) قال : «كان رجل جالساً عند أبي فقال :
اللّهم أغننا عن جميع خلقك ، فقال له أبي : لا
تقل هكذا ، ولكن قل : اللّهم أغننا عن شرار
خلقك ; فان المؤمن لا يستغني عن أخيه المؤمن»(56)
.

وعن الكليني في الكافي ، عن أبي الحسن(عليه
السلام) قال : «نظر أبو جعفر(عليه السلام) إلى
رجل وهو يقول : اللّهم إني اسألك من رزقك
الحلال ، فقال ابو جعفر(عليه السلام) : سألت
قوت النبيين . قل : اللّهم إني اسألك رزقاً
حلالاً واسعاً طيباً من رزقك»(57)
.

الرابع : افضل الدعاء ما جرى على
اللسان


إن الدعاء تارة ينشئه الانسان من نفسه
ليمجّد به اللّه ويثني عليه ، أو ليعبر به عن
عواطفه واحاسيسه وحاجاته من اللّه تعالى ،
واخرى : يدعو بالمأثور من الدعاء الذي ورد في
صيغ مخصوصة عن النبي(صلى الله عليه وآله) واهل
البيت(عليهم السلام) ، أو تضمنه القرآن الكريم
.

وفي الوقت الذي علّم اهل البيت شيعتهم
اساليب الدعاء من خلال النوع الثاني . ولكنهم
لم يكتفوا بذلك بل حثوا شيعتهم والجماعة
الصالحة على ممارسة النوع الاول من الدعاء
ايضاً ; تربية وتعليماً لهم على الابتكار
والابداع في هذا العمل الصالح ، وتأكيداً أن
يكون الدعاء معبراً حقاً عن الحالة الوجدانية
والروحية التي تتفاعل مع مشاعر الانسان
وحاجاته ، رعاية لليسر والسهولة في الدعاء ،
وتلبية للحاجات الانسانية دون التقيد بالحفظ
أو النص المكتوب ومصاحبته .

وفي الوقت نفسه يبقى للدعاء بالمأثور
مرتبته السامية ودوره العظيم في التعليم
والتزكية والتعبير كما ذكرنا وسوف نشير إليه
ايضاً .

فقد روى ابن طاووس عن كتاب الدعاء لسعد
بن عبد اللّه باسناده عن زرارة قال : «قلت لابي
عبد اللّه(عليه السلام) علمني دعاء فقال : إن
أفضل الدعاء ما جرى على لسانك»(58)
.

وقد روى الصدوق في الخصال باسناده عن
محمد بن اسماعيل ، عن أبي جعفر(عليه السلام)
أنه قال : «سبعة مواطن ليس فيها دعاء موقت :
الصلاة على الجنائز ، والقنوت ، والمستجار ،
والصفا والمروة ، والوقوف بعرفات ، وركعتا
الطواف»(59)
.

وتفسر بعض الروايات ذلك باليسر
والسهولة .

فقد روى الكليني في الكافي والشيخ
الطوسي في التهذيب عن بكر ابن حبيب قلت : «أي
شيء أقول في التشهد والقنوت ؟ قال : قل بأحسن
ما علمت ، فإنه لو كان موقتاً لهلك الناس»(60)
.

وفي رواية اخرى له : «لو كانوا كما
يقولون واجباً على الناس هلكوا . إنما كان
القوم يقولون ايسر ما يعلمون»(61)
.

النظرية في الدعاء


ومن خلال هذا الاستعراض للدعاء وشؤونه
يمكن أن نكوّن نظرية عامة عن الدعاء نشير إلى
معالمها باختصار :

1 ـ إن الدعاء هو منهاج للتربية
والتعليم والتزكية والتطهير ، وتشخيص طريقة
مخاطبة الانسان لربه في تمجيده وحمده والثناء
عليه ، واللجوء إليه واستنزال الرحمة الالهية
وطلب الحاجات . وهذا ما يحققه بشكل واضح
الدعاء بالمأثور والتعليمات الصادرة عن اهل
البيت في اسلوب الدعاء ووسائل اجابته .

2 ـ إن الدعاء هو تعبير عن موقف عملي
للانسان تجاه ربه وخالقه ، وهو الايمان
باللّه تعالى ، والالتزام بعبادته ، وكذلك عن
ايمانه بالغيب ودور عالم الغيب في حياة
الانسان المادية وارتباطها به ولذا كان
الدعاء من الواجبات الشرعية .

3 ـ إن هذا الكون الذي خلقه اللّه تعالى
وفق نظام محكم شامل فيه جانب قهري تكويني ،
وفيه جانب اختياري ارادي يرتبط بالانسان
وارادته ومسبباتها ونتائجها وآثارها .

ويدخل في ضمن هذا النظام الشامل
الدعاء عاملاً مؤثراً في هذا النظام ، من خلال
العلاقة بين ارادة الانسان وعمله وسلوكه
والارادة الالهية القادرة والمهيمنة على
جميع هذا الوجود بما فيه الانسان وارادته .
فتصبح هذه الارادة الالهية مستجيبة لارادة
هذا الانسان وندائه وفق شروط وموازين وضوابط .

ومن هذه الشروط والضوابط :

أ ـ مستوى العلاقة بين الانسان وربه من
خلال عمله وسلوكه وتكامله في انسجامه مع
الارادة التشريعية (الاحكام الشرعية والحدود
الالهية) للّه تعالى . فكلما كان الانسجام بين
الارادة التشريعية الالهية وارادة الانسان
في سلوكه كلما كان استجابة الارادة التكوينية
للّه تعالى منسجمة مع دعاء الانسان وارادته
ورغبته في الشيء .

ب ـ الاقبال من الانسان على اللّه في
موضع الحاجات واحساسه بالفقر واللجوء إلى
اللّه تعالى وحسن الظن باللّه ومعرفته به .

ج ـ بذل الانسان لجميع طاقاته وجهده
المشروع والميسور في سبيل الحصول على حاجته
وانسداد الابواب في طريق الوصول إلى حاجته .
فالدعاء هو طلب اعمال الارادة التكوينية للّه
تعالى في مجال كوني خارج عن ارادة الانسان
وليس تعويضاً للارادة الانسانية بالارادة
الالهية وإلاّ لانتفت الحكمة الالهية في خلق
الانسان مريداً .

د ـ عدم وجود الموانع الارادية
والاختيارية من قبل الانسان في سلوكه وعمله
التي تقتضي حجب الدعاء والاستجابة والعون
والمساعدة .

هـ ـ عدم وجود مصلحة اخرى في تأخير
الاستجابة أو عدم تحققها تتعلق بالانسان نفسه
أو بغيره من الناس الصالحين «ولعل الذي ابطأ
عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الامور» . (وعسى أن
تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً
وهو شر لكم ) .

وقد روى الكليني في الكافي بسند معتبر
عن احمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن
موسى بن جعفر الكاظم(عليه السلام) قال : «قلت
لابي الحسن(عليه السلام) : جعلت فداك ، إني قد
سألت اللّه حاجة منذ كذا وكذا سنة ، وقد دخل
قلبي من إبطائها شيء ، فقال : يا احمد ، إياك
والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنّطك إن
أبا جعفر صلوات اللّه عليه كان يقول : إن
المؤمن يسأل اللّه عزوجل حاجة فيؤخّر عنه
تعجيل إجابته حبّاً لصوته واستماع نحيبه .

ثم قال : واللّه ما أخّر اللّه عزوجل عن
المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خيرٌ لهم
مما عجل لهم فيها ، وأي شيء الدنيا ؟ إن أبا
جعفر(عليه السلام) كان يقول : ينبغي للمؤمن أن
يكون دعاؤه في الرَّخاء نحواً من دعائه في
الشدّة ، ليس إذا أعطي فتر ، فلا تملَّ الدعاء
فإنه من اللّه عزوجل بمكان .

وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم
، وإياك ومكاشفة الناس فإنا اهل البيت نصل من
قطعنا ونحسن إلى من أساء إلينا ، فنرى واللّه
في ذلك العاقبة الحسنة .

إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل
فأعطي طلب غير الذي سأل وصغرت النعمة في عينه
فلا يشبع من شيء ، وإذا كثرت النعم كان المسلم
من ذلك على خطر للحقوق التي تجب عليه وما يخاف
من الفتنة فيها .

أخبرني عنك لو أني قلت لك قولاً أكنت
تثق به منّي ؟ فقلت له : جعلت فداك ، إذا لم أثق
بقولك فبمن أثق وأنت حجة اللّه على خلقه ؟ قال
: فكن باللّه أوثق فإنك على موعد من اللّه ،
أليس اللّه عزوجل يقول : (وإذا سألك عبادي عنّي
فإنّي قريبٌ أُجيب دعوة الدّاع إذا دعان) وقال
: (لا تقنطوا من رحمة اللّه) وقال : (واللّه
يعدكم مغفرة منه وفضلاً) فكن باللّه عزوجل
أوثق منك بغيره ، ولا تجعلوا في أنفسكم إلاّ
خيراً فإنه مغفورٌ لكم»(62)
.

الدعاء بالمأثور


لقد وردت نصوص كثيرة ومختلفة في الطول
والقصر والمضمون والاسلوب عن اهل البيت سلام
اللّه عليهم ، تتضمن روائق وبدائع في الدعاء
والمناجاة للّه تعالى وحمده والثناء عليه
وتمجيده والاعتراف بين يديه والتوسل إليه
واللجوء إلى حماه .

وتعتبر هذه الثروة الكبيرة المعنوية
والادبية والبيانية والروحية من مميزات
مدرسة اهل البيت(عليهم السلام) ، التي تدل
بوضوح على مقامهم السامي وعلو درجاتهم
وامامتهم وفضلهم على الناس .

وقد اشرنا في الفصول والابواب السابقة
إلى عدد كبير منها ، حيث وجدنا أن لهم في كل
موطن وحال ومقام وزمان نصاً مأثوراً ،
وخصوصاً في العبادات والاوقاف المباركة
والاماكن المقدسة ، فضلاً عن الشعائر .

وبالاضافة إلى ذلك كله توجد صحائف
كثيرة ومطولة اشتملت على المأثور من الادعية
عنهم سلام اللّه عليهم .

وقد اشتهر من بين ائمة اهل البيت بشكل
خاص في هذا المجال الامام أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب(عليه السلام) ، والامام علي بن
الحسين(عليهما السلام) ، حيث كانت أدعية
الصباح وكميل والمناجاة الخمس عشرة وغيرها ،
وكذلك الصحيفة العلوية مصداقاً لذلك .

كما توجد الصحيفة السجادية المعروفة
مضافاً إلى دعاء أبي حمزة الثمالي ، وما جمعه
العلماء من دعاء الامام زين العابدين ، فكان
المجموع ست صحف منسوبة إليه سلام اللّه عليه .

ولكن اهل البيت(عليهم السلام) هم من
نور واحد ، ولذلك نجد بعض الادعية الاخرى لهذا
الامام أو ذاك مما يعبر عن هذه الحقيقة ، كما
نجد ذلك في دعاء الامام الحسين في عرفة ،
ودعاء البهاء للامام الباقر ، ودعاء الافتتاح
المنسوب للحجة الامام المهدي(عليه السلام) ،
والزيارة الجامعة المنسوبة للامام الهادي(عليه
السلام) ، وغيرها من النصوص الاخرى .

واستقصاء الحديث عن المأثور وذكر
عناوينه يحتاجان إلى الكتب المطولة ، ولذلك
نجد أن علماء الجماعة الصالحة خصوصاً في
العهود الاولى كتبوا كتباً مطولة اختصت بهذا
الامر خارج كتب الحديث المعروفة ، ويمكن
الرجوع إليها .

ولكن هنا نشير إلى بعض العناوين
المعروفة من هذه الادعية ، والتي يمكن أن
يجدها المؤمن في كتاب مفاتيح الجنان المنتشر
بين الناس ، ففضلاً عن كتب مصباح المتهجد
للشيخ الطوسي أو المصباح للكفعمي أو الاقبال
للسيد ابن طاووس أو غيرها .

ومن هذه الادعية المعروفة دعاء كميل
ودعاء السمات ودعاء العشرات ودعاء الصباح
ودعاء الجوشن الكبير ودعاء الجوشن الصغير
ودعاء المشلول ودعاء المجير ودعاء يستشير
والمناجاة الخمس عشرة ودعاء الافتتاح ودعاء
البهاء ودعاء أبي حمزة الثمالي ودعاء السحر
والمناجاة الشعبانية ودعاء مكارم الاخلاق .

وهناك ادعية عرف تداولها ولم تنسب إلى
الائمة ، مثل دعاء الندبة .

إن هذه النصوص بمجموعها تمثل مدرسة
ومنهاجاً عملياً تطبيقياً يعيشه الانسان في
تفاصيل حياته ، تربيه على مخاطبة اللّه
وتعرفه صفات اللّه واخلاقه ونعمه وعطاياه ،
وتحثه على الورع والتقوى وعلى التوبة
والانابة ، وعلى مكارم الاخلاق ومعالجة شهوات
النفس ونوازعها ومجاهدة هذه الشهوات
والانحرافات ، وتبين له مواطن الخلل في سلوكه
، وتعرفه الاعمال الصالحة والسلوك الشرعي
الراقي، وتكشف له وسائل الشيطان ومداخله التي
يدخل منها إلى الانسان ، إلى غير ذلك مما
يحتاجه الانسان في حياتيه الدنيا والاخرة.



(1)
جامع احاديث الشيعة 9 : 378، باب استحباب الصوم
تطوعاً في جميع ايام السنة .

(2)
م . ن : 381 ، ح 16 و 17 وغيرهما .

(3)
م . ن : 386 ـ 387 ، ح 6 و 4 و 7 .

(4)
م . ن : 413 ، ح 3 .

(5)
كما يفهم ذلك من رواية التهذيب ، راجع جامع
احاديث الشيعة 9 : 414 ، ح 2 ، وكذلك بقية احاديث
هذا الباب.

(6)
جامع احاديث الشيعة 9 : 482 ، باب 21 .

(7)
م . ن : 483 ، ح 1 .

(8)
م . ن : 488 ، باب 24 .

(9)
نفسه : 484 ، باب 23 .

()
البقرة : 186 .

(11)
الاعراف : 55 .

(12)
الفرقان : 77 .

(13)
غافر : 60 .

(14)
جامع احاديث الشيعة 15 : 187، ح 1 و 4 .

(15)
م . ن :188، ح 5 .

(16)
م . ن : 184، ب 1 .

(17)
م . ن : 201، ب 3 .

(18)
م . ن : 213، ب 4 .

(19)
م . ن : 214، ب 5 .

(20)
م . ن : 220، ب 6 ، ح 1 و 6 و 7 و 9 .

(21)
م . ن : 236 ، ب 10.

(22)
م . ن : 243 ، ح 26 عن الكافي.

()
م . ن : 224 ، ب 7 .

(24)
م . ن : 277 ، ب 8 .

(25)
م . ن : 244 ، ب 11 .

(26)
م . ن : 257 ، ب 12 .

(27)
م . ن : 197 ، ح 1 .

(28)
م . ن : 263 ، ب 14 .

(29)
م . ن : 273 ، ب 16 .

(30)
م . ن : 274 ، ب 17 .

(31)
م . ن 294 ، ب 24 .

(32)
م . ن : 298 ، ب 25 .

(33)
م . ن : 301 ، ب 26 .

(34)
م . ن : 314 ، ب 29 .

(35)
م . ن : 325 ، ب 34 .

(36)
م . ن : 345 ، ب 45 .

(37)
م . ن : 304 ، ح 9 .

(38)
م . ن : 317 ، ب 30 .

(39)
م . ن : 277 ، ح 1 .

(40)
م . ن : ح 2 .

(41)
م . ن : ح 3 .

(42)
م . ن : ح 8 .

(43)
م . ن : 279 ، ح 12 .

(44)
م . ن : 80 .

(45)
م . ن : 302، ح1 .

(46)
م . ن : ب 27 .

(47)
م . ن : 321، ب 33.

(48)
م . ن : 327، ب 35، ح2.

(49)
م . ن : ح 7 .

(50)
م . ن : ح 11 .

(51)
م . ن : ب 36، ح1.

(52)
م . ن : ح 4 .

(53)
م . ن : ب37، ح1.

(54)
م . ن : ب 38، ح1.

(55)
م . ن : ب40، ح1.

(56)
م . ن : ح3 .

(57)
م . ن : 319، ح4 .

(58)
م . ن : 337، ح1 .

(59)
م . ن 3 : 321، ح 5 .

(60)
م . ن 5 : 334، ح21، ومثله الحديث 22 .

(61)
م . ن : 335، ح26.

(62)
الكافي 2: 448، ح1، باب من أبطأت عليه الاجابة.




/ 1