فی ظلال غرر حکم أهل البیت (ع) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فی ظلال غرر حکم أهل البیت (ع) - نسخه متنی

عبداللطیف الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المقرَّبون

الشيخ عبد اللطيف الأسدي ( العراق )

قبل أن أدخل صلب الموضوع لخوض
غماره ; أودّ أن أُطلّ منخلاله على توراة أو
زبور آل البيت صلوات اللّه عليهم أو قرآنهم ،
عبّر ما شئت أن تعبّر عن ذلك ، فكلّها محاور أو
مداخل يجمعها هدف واحد ، ولكنّها تصبّ في
اتجاهات متعددة . أطلّ من خلالها لأحمل منها
مفتاحاً يفتح لي باب الدخول إلى موضوع
المقرّبين عنوان بحثي هذا، حيث يقول(عليه
السلام) في هذا المسار وأقصد بذلك الإمام زين
العابدين : «إلهي نفسٌ أعززتها بتوحيدك كيف
تُذلها بمهانة هجرانك ؟ وضميرٌ انعقد على
مودّتك كيف تحرقه بحرارة نيرانك ؟ إلهي إن كان
قلَّ زادي في المسير إليك ; فلقد حسن ظنّي
بالتوكل عليك . إلهي فاجعلنا من الذين ترسَّخت
أشجار الشوق إليك في حدائق صدورهم ، وأخذت
لوعة محبَّتك بمجامع قلوبهم ، فهم إلى أوكار
الأفكار يأوون ، وفي رياض القُرب والمكاشفة
يرتعون ، ومن حياض المحبَّة بكأس الملاطفة
يكرعون ، وشرايع المصافاة يردون ، قد كُشفَ عن
أبصارهم وانجلت ظُلمة الريب عن عقائدهم
وضمائرهم ، وانتفت مخالجة الشك عن قلوبهم
وسرائرهم ، وانشرحت بتحقيق المعرفة صُدورهم .

إلهي لولا الواجب من قبول أمرك
لنزَّهتك من ذكري إيّاك ، على أنَّ ذِكري لك
بقدري لا بقدرك ، وما عسى أن يبلغ مقداري حتى
أجعل محلاً لتقديسك . إلهي بك هامت القلوب
الوالهة ، وعلى معرفتك جُمعت العقول
المتباينة ، فلا تطمئن القلوب إلاّ بذكراك ،
ولا تسكن النفوس إلاّ عند رؤياك ، أنت
المُسبَّح في كل مكان ، والمعبود في كل زمان ،
والموجود في كل أوان ، والمدعوّ بكل لسان ،
والمعظّم في كل جنان .

واستغفرك من كل لذة بغير ذكرك ، ومن
كل راحة بغير اُنسك ، ومن كل سرور بغير قربك ،
ومن كل شغل بغير طاعتك» .

ما أروع هذه المقاطع في رحاب
الدعاء ! فهي تحمل بين طيّاتها عظمة الخالق
سبحانه ، وتؤكّد هيمنة محبّته على قلوب
المشتاقين ، وتجسّد حب وشوق واعتراف العبد
العارف بربوية هذا المعبود الكبير الغنيّ
بذاته ، فمودّته في قلب عبده المستسلم له
مسيطرة على كل مشاعره وخواطره وأفكاره ،
فحينما يقف بين يديه يدعوه بكل خشوع تام ورهبة
عميقة وخضوع منتظم ; يستسلم لأمره وينقاد
لقضائه وإرادته .

نعم هكذا يعبّر العبد الصالح
المطيع لربه عن طاعته المطلقة له ، وقد أقبل
عليه بكلّه ، يُثني عليه ويُكبّره ، ويُطيل
النظر إلى رحمته ، وملؤه تذلّل وتواضع
وامتنان .

المقرّبون بفتح الراء وتشديدها ،
لم يرتفعوا إلى هذه الرتبة العالية من
العبادة ، ولم يعرجوا في هذا المصعد الكريم
إلاّ بعد أن أخلصوا للّه في عبادتهم وتوجّههم
، وإقبالهم عليه بكلّ قلوبهم ومشاعرهم وحبّهم
وولائهم له ، فهو الذي أفاض عليهم الوجود
ومنحهم القدرة على القيام بين يديه يتضرعون
ويبتهلون ويستغفرون ، فقد حرّروا أنفسهم من
أسر المادة ، وآثار الترف الدنيوي ، حتى صاروا
كما أراد لهم خالقهم عزّوجل .

يعرفهم الناس من خلال تواضعهم ،
وخوفهم من ربّهم ، وكثرة ورعهم ، وشدّة تقواهم
. يعرفون ربّهم ويهابونه ، ويخافون وقوفهم بين
يدي خالقهم ، يرجون ثوابه ، ويخشون عقابه ،
دأبهم الحنين والشوق إلى معبودهم ، وهمّهم
رضاه عنهم ، فكلّما عملوا من أجل الآخرة ;
ازدادوا تقرّباً من واهب هذا الوجود ، ولكن
باحترام الغير ، وحسن الجوار وإكرام الضيف ،
وبذل الخير في ربوع الأرض ، وإشاعة الأمن بين
الناس ، صادقون في أقوالهم وأفعالهم ، مؤدّون
لأماناتهم ، راعون لعهدهم ، وافون بوعدهم ،
شعارهم الإصلاح والصلاح . سيماهم في وجوههم من
أثر السجود ، لا يخافون في اللّه لومة لائم ،
لا تغرّهم الدنيا بزخارفها ، فهم في رياض
مودّتهم لإلههم يرتعون ومن صافي نمير حبّهم
له يكرعون ، ألسنتهم لهجة بذكر اللّه ،
وقلوبهم وجلة من خشيته . وبعد هذا فهم لا
يحبّون من يمدحهم في علاقتهم بربّهم ، ولا
يفرحون بثناء الناس عليهم ، بل يستغفرون
حينما يُمدحون ، ويتوارون عندما يُطرَوْن ،
وهكذا هم أولياء اللّه تعالى في الأرض .

أجل لقد قرأنا وسمعنا عن مثل هؤلاء
، وإلاّ فكيف خلّد الدهر من استهزأ بهم
المنحرفون ؟ وتلذّذ بتعذيبهم الخاطئون ؟ فهذا
عمّار وأبو ذر وياسر وسلمان ، وحجر وسعيد بن
جبير وميثم وخبّاب وعدي وعبداللّه الطائي ،
وفي عصرنا قوافل الشهداء الأبرار الذين روّوا
بدمائهم الطاهرة الزكيّة تراب الوطن من أجل
الإسلام الخالد ، فهم شموع عالقة على الدرب
دائماً وإلى الأبد ، وهم رموز شاخصة وخالدة
ترفد مسيرة الاُمة بالعزم والإرادة والتصميم
والثبات على المبدأ ، كذلك هم مشاعل وقود
متألقة في كل زمان لإعلان ثورة الحق على
الباطل ، وفي طليعة هذه المسيرة الثورية
المعطاء عبر مراحلها الطويلة الواعية أئمة
الهدى آل رسول اللّه صلوات اللّه عليهم
أجمعين .

فقد علّمونا سلام اللّه عليهم
الصمود بوجه الباطل ، وسياسة الرفض للظلم
مهما طغى ، والوقوف إلى جانب الحق مهما كانت
التضحيات ، فالدفاع عن المبادئ وقيم السماء
وحضارة الإنسان في ظلّ الإسلام العزيز شرع
مقدّس في وجودهم ، فهم العطاء الروحي والفكري
في تعميق الصلة بالخالق سبحانه من خلال
الطاعة الخالصة له ، والعبادة الحقّة ،
والالتزام بمناهج السماء والمحافظة على
الأخلاق الحسنة ، وإشاعة المحبّة بين الناس ،
وبثّ روح الاُخوة بينهم ; من أجل بناء مجتمع
كريم يعيش في ظل طاعة المعبود . فنحن أحوج ما
نكون إلى هذا القرب الطاهر من الخالق الكريم
لنيل رضاه ، والفوز بمغفرته لنا وقبوله عملنا
، فكلّما اقترب العبد من ربه في مناجاته معه ;
يقترب الربّ إليه منه حتى يغمره بواسع رحمته ،
ويفيض عليه من الكمالات والعطاءات ما لا
يتصوره العبد في علاقته مع معبوده .

فالتوجه إلى هذا الربّ الرحيم في
ظلّ الخضوع التام له ، والانشداد القويّ إليه
; يجعل العبد في موضع القرب منه ومحلّ الرضا
عنه . فإذا رضي اللّه سبحانه عن عبده وهو في
حالة الاستسلام له ; فقد فاز ، وأيّ فوز هذا ؟
إنّه فوز كبير وربح تجارة لن تبور .

اولئك هم المقرّبون حقاً ، تسكن
نفوسهم عند رؤية ربّهم ، فقد أخذت محبّته
بمجامع قلوبهم ، فها قد كشف الغطاء عن أبصارهم
، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم وضمائرهم ،
وانشرحت بتحقيق المعرفة صدورهم ، فكلّ منهم
يناجي ربّه وقد استسلم بكلّه إلى خالقه ، يقرّ
بتنزيه الربّ من ذكره لولا الواجب من قبول
أمره ، على أنّ ذكر العبد لربّه بقدره لا بقدر
ربّه ، ثم يتسامى بروح العرفان متواضعاً ،
ويعتلي منصة العبد المتذلل الواثق بربّه
ليحظى بقربه والعارف بحقيقة العبودية ، يعدّد
ما لهذا الربّ العظيم على هذا العبد المعترف
بزلله وخطئه وجرمه يُعدّد نعمه عليه ، فقد
غمره بها ، وأفاضها عليه تكريماً له على سائر
مخلوقاته ، مفضّلاً إياه عليها ليكون خليفته
في آنامه فجعله سيّد أرضه في خلقه ، وعرّفه
طريقة الوصل به والركون إليه ، وعلى العبد ـ
كما وجّهه سبحانه ـ أن يقبل عليه بقلب طاهر
ملؤه شوق إليه ، وكلّه إقبال عليه ، وبنفس
مطمئنة بذكره الجميل ، وغارقة بلطفه البهيّ ،
فنسمعه يقول وهو خاضع متذلل ، معترف بأنّ له
السيادة المطلقة ، والربوبية المحضة ، يقول
مخاطباً ربّه : أنت المسبّح في كل مكان ،
والمعبود في كلّ زمان ، والموجود في كل أوان ،
والمدعوّ بكلّ لسان ، والمعظّم في كل جنان .

ثم يتبع هذه الاعترافات الدقيقة
باستغفاره من كل لذة بغير ذكر اللّه ، ومن كل
راحة بغير اُنسه ، ومن كل سرور بغير قربه ،
وأخيراً من كل شغل بغير طاعته .

بعد هذه المقدمة تعال معي قارئي
الكريم لندخل إلى رياض المقرّبين في ظل رحاب
أهل البيت سلام اللّه عليهم ، وبعد أن نضيء
الدرب إلى هذه الآفاق الرحبة بآي من الذكر
الحكيم ، إذ يقول تعالى :

(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا
من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد
ومنهم سابق بالخيرات بإذن اللّه ذلك هو الفضل
العظيم) [1]
.

(والسابقون السابقون * اولئك
المقربون) [2] .

(فأمّا إن كان من المقرّبين * فروح
وريحان وجنة نعيم) [3]
.

(عيناً يشرب بها المقرّبون)
[4]
.

ففي شرح قوله تعالى : (ثم
أورثنا الكتاب ...) إلى
آخر الآية : الظالم يحوم حوم نفسه ، والمقتصد
يحوم حوم قلبه ، والسابق يحوم حوم ربّه [5]
. وفي معنى الحوم والحومان : هو الدوران .
ودوران الظالم لنفسه : حوم نفسه ، اتباعه
أهواءها ، في تحصيل ما يرضيها . ودوران
المقتصد : حوم قلبه ، اشتغاله بما يزكّي قلبه ،
ويطهّره بالزهد والتعبد . ودوران السابق
بالخيرات : حوم ربّه ، إخلاصه له تعالى ،
فيذكره وينسى غيره ، فلا يرجو إلاّ إيّاه ،
ولا يقصد إلاّ إيّاه [6] .

وجاء عن الباقر(عليه السلام) أن
السابق بالخيرات : الإمام ، والمقتصد : العارف
للإمام ، والظالم لنفسه : الذي لا يعرف الإمام

[7]
. وجاء أيضاً في هذا الباب عن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) : «أمّا السابق ، فيدخل الجنّة
بغير حساب ، وأمّا المقتصد فيحاسب حساباً
يسيراً ، وأمّا الظالم لنفسه فيحبس في المقام
، ثم يدخل الجنّة . فهم الذين قالوا : الحمد
للّه الذي أذهب عنّا الحزن» [8] . وفي
قوله تعالى : والسابقون الأوّلون من
المهاجرين والأنصار ، وقوله تعالى :
(والسابقون السابقون اولئك المقرّبون)
. أنزلها اللّه تعالى في الأنبياء وأوصيائهم ،
فيقول(صلى الله عليه وآله) : «فأنا أفضل أنبياء
اللّه ورسله ، وعليّ بن أبي طالب وصيي : أفضل
الأوصياء» [9] .

مكتوب في الإنجيل : طوبى للمصلحين
بين الناس ، اولئك المقرّبون يوم القيامة .

عبادة المقرَّبين :

تتميز عبادة المقرّبين عن عبادة
غيرهم من الناس ; بأنّها ترقى بأصحابها إلى
مصافّ الأنبياء والمرسلين وأوصيائهم صلوات
اللّه عليهم أجمعين ، بل المرسلون والأنبياء
والأوصياء هم المقرّبون الذين تشير الآيات
الكريمة في كلّ مرّة يرد ذكر أسمائهم فيها .
ولكن لمّا كانوا هم القدوة في مسيرة الطاعة
المخلصة ; فلا ريب أن يلحق بركبهم في هذه
الرحاب الصافية المؤمنون المخلصون الصادقون
، فتشملهم الآيات بعنايتها بهم ، إذ يقول(عليه
السلام) : «عليكم بصدق الإخلاص ، وحسن اليقين ،
فإنّهما أفضل عبادة المقرّبين» . وقال(عليه
السلام) أيضاً : «الجود في اللّه عبادة
المقرّبين» [10] .

أقرب الخلق إلى اللّه سبحانه :

وفي ظلّ هذه القربى الدائمة ،
والاتصال المستمرّ مع المحبوب تستمر روح
المؤمن صعوداً في مدارج الكمال الرحبة في
طريقها إلى المولى المطلق سبحانه وتعالى .
فأقرب خلقه إليه ; أحسنهم إيماناً به ،
وأوسعهم خلقاً مع عباده ، وأقولهم للحق وإن
كان عليه ، وأعملهم به وإن كان فيه كرهه ، وفي
مقابل هذه الأوساط الطاهرة من عبادة المتقين
يعيش المترفون المتكبرون ، وهم أبعد الناس عن
الخالق سبحانه ، ولا يدرون أنهم لا يخفون على
ربّهم المنعم عليهم فهم يكتون بلظى البعد عن
خالقهم حتى ولو لم يشعروا بذلك . تساورهم
الهموم ، ويعيشون الفوضى النفسية والعقلية ،
يمخر حياتهم القلق والاضطراب ، فلا قرار لهم
ولا اطمئنان ، ولا راحة ولا سعادة . قد أغواهم
الشيطان ، وأبعدهم عن طريق الحقّ . وقد نسوا
أنهم واقعون تحت رقابة اللّه لهم ، يحصي عليهم
أعمالهم ، ويعدّ عليهم أنفاسهم ، ويرصد
حركاتهم ، ويعلم خائنة أعينهم ، ويعلم كذلك
سرّهم وما يخفى وراءه ، ولكن حينما ينفتح في
ضمائرهم في لحظة ما بصيص إحساس ; يشعرون بلوعة
المعصية تُلهب قلوبهم ، فيكتوون بنار الخطيئة
بل الخطايا التي اقترفوها جراء خوضهم في
الباطل ، يقضّ مضاجعهم ، ولا ينفكّ عنهم ،
يحرمهم من لذّة الطاعة كما لو كانوا طائعين ،
وإضافة إلى هذه الرقابة الإلهية الشاملة
الواعية ; هناك رقابة اُخرى غيرها ، ومن لدن
هذه الرقابة الإلهية وهي رقابة ملكين كريمين
يعلمان ما يفعله الإنسان ، ولا يغفلان عنه
طرفة عين أبداً .
(وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له
يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً إقرأ كتابك
كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً)
[11]
.

نعم ، إن العبادة الخالصة لخالق
هذا الإنسان وما حوله ; تلقي بظلالها الوارفة
دائماً على حياة العبد المطيع ليعيش في ظلّها
حراً كريماً ، ويتنعم من خلالها ببركاتها
ولطائف برّها . إلى جانب حرمان الخاطئين منها .

وتجمع معاني هذا الشرح للقرب من
اللّه سبحانه الأقوال الشريفة التالية :

«أقرب الناس من اللّه سبحانه ;
أحسنهم إيماناً» [12] .

«إنّ أقربكم إلى اللّه ; أوسعكم
خلقاً» [13] .

«أقرب العباد إلى اللّه تعالى ;
أقولهم للحقّ وإن كان عليه ، وأعملهم بالحقّ
وإن كان فيه كرهه» [14] .

«فيما أوحى اللّه عزّوجل إلى داود(عليه
السلام) ، ياداود ! كما أن أقرب الناس من اللّه
المتواضعون ; كذلك أبعد الناس من اللّه
المتكبرون» [15] .

وفي إطار هذا التواضع يكون العبد
أقرب إلى ربّه أثناء سجوده ، فهو يعكس في هذه
الحالة صورة العبادة في أقصى درجات القرب
فيها ، فلا شيء أثمن لدى الإنسان من وجهه في
هيكله ، إذ يضعه على الأرض متواضعاً جدّاً ،
ويرغم أنفه في هذا الوضع الفريد ، يمسح جبهته
على الأرض وخدّيه ، يدعو ربّه ، يسبّحه ويحمده
، ويرجوه ، ويصلّي على نبيّه وآله ، وحينما
يرفع رأسه من سجوده ثم يعود إليه ; يكون قد
أكمل صورة العبودية بأبهى مواقعها ، معترفاً
بأن الدنيا بعدها موت ، وهناك وراءها عالم
جديد ، يختلف بكل أبعاده وخصائصه ومميزاته عن
العالم الدنيوي الذي فنى ، وقد حُفّ بالمخاطر
والمنزلقات وعبادة الشيطان ، هذا الفناء في
الدنيا ينطلق بالإنسان إلى عالم ثان يواجه
فيه عمله الذي ما كان يلقاه لولا موته الذي
انتهى إليه ، فهو أمّا في عليّين إن كان
مقرّباً ، أو في سجّين إن كان خاطئاً .

يقرّر هذا المعنى السالف ما جاء
عنه(صلى الله عليه وآله) ، حيث يقول :

«أقرب ما يكون العبد إلى اللّه وهو
ساجد» [16] . وقول الإمام الصادق(عليه
السلام) : «أقرب ما يكون العبد من ربّه إذا دعا
ربّه ; وهو ساجد» [17] .

ويبتعد العبد عن ربّه مقابل قربه
منه ; إذا امتلأ بطنه ، ليكون بغيضاً إليه ،
بعيداً عنه ، وذلك لأن الامتلاء يميت القلب ،
ويقتل الفطنة ، ويُذوي الذكاء ، فيورث ذلك
الهمّ والحزن الشديدين ، وإذا كان الأمر كذلك
; فليس بعده إلاّ الطرد عن رحمة اللّه ،
والالتحاق بركب الشيطان ، إذ لا ينظر اللّه
تعالى إلى عبد همّه بطنه ، وديدنه الشبع ،
فتقلّ عبادته ، وتضعف طاعته لربّه ، وتتساوى
لديه الحسنة والسيئة ، فلا يقيم لأيّهما
وزناً ، وتنعدم لديه الرؤيا فتخونه ذاكرته ،
وتنأى به المعصية فتحرف فطرته ، وتسوء أخلاقه
، ويسيء الظنّ حتى بربّه فضلاً عن غيره ، وهذا
منتهى الخسران ، وغاية الضياع . يقول الإمام
الصادق(عليه السلام) :

«أقرب ما يكون العبد من اللّه إذا
خفّ بطنه . أبغض ما يكون العبد من اللّه إذا
امتلأ بطنه» ويواجهنا مشهد آخر من مشاهد
التقرّب إلى اللّه ، إذ يتميّز الخلق المطيع
في يوم القيامة إلى ثلاثة ، حتى يفزع الناس من
الحساب ، حيث يقول الإمام الصادق(عليه السلام)
:

«ثلاثة هم أقرب الخلق إلى اللّه
يوم القيامة حتى يفزع (الناس) من الحساب : رجل
لم تدعه قدرته في حال غضبه إلى أن يحيف على من
تحت يديه ، ورجل مشى بين إثنين فلم يمل مع
أحدهما على الآخر بشعيرة (بشعرة) ورجل قال
الحق فيما له وعليه» [18] .

والحيف هنا الجور والظلم بأقصى
درجاته ، ولكن لكي يكون العبد قريباً من ربّه
وهو في حال غضبه ; أن لا يستسلم لهذا الغضب
فيجور على غيره ، لأنه يتذكر قدرة اللّه عليه ;
فيجعل العفو عنه إذا عفى شكراً للّه عليه ،
واضعاً نصب عينيه : إذا دعتك قدرتك على ظلم
الناس ; فتذكر قدرة اللّه عليك .

ورجل مشى بين اثنين ، فلم يمل مع
أحدهما على الآخر بشعيرة أو قُل شعرة ، وهذه
كسابقتها صورة مشرقة في حياة المقرّبين ، إذ
تحتاج هذه المرحلة من السلوك المستقيم ،
والتصرف المنضبط إلى تحكيم الإرادة المنسجمة
مع عمق الإيمان بالخالق سبحانه ، والمنطلقة
من ثبات العقيدة في القلب ، فقلّما نجد مثل
هذه الحركة الفاعلة في تحقيق مرضاة اللّه
بأسنى قدرها ، لأن الإمالة إلى جانب عند
حدوثها بين اثنين ولو كانت بمقدار شعيرة
تنحرف بالإنسان عن خطّ الاستقامة ولو كان ذلك
المائل عادلاً . فإذا فعل ذلك حتى ولو لم يعلم
فقد شطّ عن الطريق الحق ، وتنكبّ عن العدل
فمال به إلى الجور ، فإذا زاول الخطأ في هذا
الإطار فقد ينتهي به الأمر إلى الزيغ عن
المبدأ والبعد عن الفطرة ، ويلج متاهات
الشيطان ليكون من أتباعه ، ولو في هذا الجانب
فقط .

ورجل قال الحق فيما له وعليه ، أجل
فالحق ليس مجرّد قول وحسب ، بل هو كذلك ، ولكن
ليكن مقروناً بالعمل في نطاق الحق ، ليصل
الإنسان لا سيّما المقرّب من خلاله إلى أقصى
نقطة يلتقي بها مع المعبود على قاعدة شوقه
إليه ، وتسليمه الكامل لإرادته ليكون موضع
تنفيذها .

وهناك أيضاً في مقام هذا القرب
يلتقي العبد الصالح مع ربّه في زرع الطيب بين
الناس ليكون كنز الأنام في هذه الزراعة ،
بإشاعة المعروف ، وزرع روح الاُخوّة بين
الخلق ، والمحافظة على نظام الجماعة ، وتجنيد
الطاقات الفكرية والجسدية من أجل البناء ،
وتثبيت دعائم العدل والمساواة في المجتمع .
وبهذا السلوك العملي ، والتصرف الواعي الهادف
يدعوهم اللّه يوم القيامة المباركين ، حتى
يكونوا أحسن مقاماً عنده، وأقربهم منزلة منه .
فلنستمع في هذا المجال إلى قول الإمام الصادق(عليه
السلام)حيث يقول : «الزارعون كنوز الأنام ،
يزرعون طيّباً أخرجه اللّه عزّوجل ، وهم يوم
القيامة أحسن مقاماً ، وأقربهم منزلة ،
يُدْعَوْن المباركين» [19] .

وفي غاية التقرّب يقول(صلى الله
عليه وآله) : «قال اللّه عزّوجل ... ما تقرّب
إليّ عبد بشيء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه ،
وإنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتى اُحبّه ،
فإذا أحببته ; كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره
الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده
التي يبطش بها . إن دعاني أجبته ، وإن سألني
أعطيته» [20] .

وما أحسن هذا القرب الذي يجعل
العبد في تقرّبه من ربّه سمعه الذي يسمع به !
وبصره الذي يبصر به ! ولسانه الذي ينطق به !
ويده التي يبطش بها ! وأيّة منزلة هذه التي
يكون العبد فيها من ربّه ، إذا دعاه أجابه ،
وإذا سأله أعطاه ، وإذا توكّل عليه كفاه ؟
إنّها حياة تزخر برضا الربّ ، وتنسجم مع
الفطرة في طهارتها ، ومع الروح في نقائها ،
وهنا تكمن عظمة الطاعة في جانبيها من قبل
العبد المطيع لسيّده ، فهو كما يحافظ على
واجباته المفترضة عليه كذلك نجده يقرن هذه
الطاعة بنوافلها ، حتى يتحقق القرب من المولى
في غمار هذه الحركة المتدفقة رهبة ورغبة ،
وشوقاً وولهاً ، وحبّاً وإذعاناً ، فقد مرّ
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) على رجل يدعو
بيا أرحم الراحمين ، وهو لا يزال
يكرّرها ، فقال(صلى الله عليه وآله) له : اذكر
حاجتك، فقد نظر اللّه إليك. وقال(صلى الله
عليه وآله) يقول اللّه تعالى: «... ما يتقرب
إليّ عبدي بمثل ما افترضت عليه ، ولا يزال
عبدي يبتهل إليّ حتّى اُحبّه . ومن أحببته ;
كنت له سمعاً وبصراً ويداً وموئلاً ، إن دعاني
أجبته ، وإن سألني أعطيته» [21] .

نعم هكذا تفعل العبادة الواعية
فعلها بصاحبها ، يهيم العبد في رحابها وجداً
بمعبوده ، ويتيّمه الشوق إلى محبوبه حتى لا
يرى في الوجود إلاّ وجه ربّه العزيز . فلا يخطو
إلاّ وذكر ربّه الجليل لهجاً به لسانه ، ولا
يتحرّك إلاّ وهو موقن بخالقه ، سيطر عليه حبّ
اللّه حتى شفّه ، وذلّله الشوق حتى أسقمه ،
لأن القرب من فاطره يدنيه إليه خوفاً من جفائه
إن قصّر فيه ، وطمعاً في لقائه ، ولكن الوصول
إلى اللّه عزّوجل سفر شاقّ لا يدرك إلاّ
بامتطاء الليل ، وإلاّ بالوقوف بين يدي جبّار
السماوات والأرض ، فحينما تهجع العيون ،
وتغور نجوم السماء ; يصفُّ هذا المشتاق إلى
حبيبه ، متضرعاً بين يدي محبوبه ، يطلب مغفرته
، ويرجو رحمة ربّه ، تنحدر دموع عينيه خوفاً
من لقائه ، يسبّحه ويحمده ويهلّله ويناجيه
ويكبّره ، ويطلب منه ويرجوه ، مبتغياً بذلك
الوصول إليه ، لأنه يعلم أن الاتصال بالمحبوب
لا يتم إلاّ إذا انقطع عن المخلوق ، فإذا صبر
على ربّه ، وصل إليه ، فهو يناجيه بهذا
الابتهال :

«إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك ،
وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك ، حتى
تخرق أبصار القلوب حُجب النور فتصل إلى معدن
العظمة . وفي المناجاة أيضاً : سبحانك ما أضيق
الطرق على من لم تكن دليله ! وما أوضح الحق عند
من هديته سبيله! إلهي فاسلك بنا سُبل الوصول
إليك ، وسيّرنا في أقرب الطرق للوفود عليك»

[22]
.

وممّا يثير الدهشة ويدعو إلى
التساؤل أن الغني المستغني بذاته عن خلقه
يدعوهم إلى مناجاته ، وكأنّه يتوسل إليهم ،
ليتقربوا إليه ، فهو سبحانه يحثّ عباده على
طاعته ليرضى عنهم ، فيفتح أمامهم أبواب رحمته
ليلجوها فيحظوا بقربه ، وينالوا رضاه عنهم .
فكلّما اقترب العبد من ربه شبراً ; يقترب
الربّ منه ذراعاً ، وما أتاه عبده مشياً حتى
يأتيه هرولة ، فعن يزيد بن نعيم قال : «سمعت
أبا ذر الغفاري(رضي الله عنه) وهو على المنبر
بالفسطاط يقول : سمعت النبي(صلى الله عليه
وآله) يقول : من تقرب إلى اللّه شبراً تقرّب
اللّه إليه ذراعاً ، ومن تقرّب إليه ذراعاً
تقرّب إليه باعاً ، ومن أقبل إلى اللّه عزّوجل
ماشياً أقبل إليه مهرولاً . واللّه أعلى وأجلّ
، واللّه أعلى وأجلّ ، واللّه أعلى وأجل»

[23]
.

ولكن حذار من الإدبار عن اللّه !
لأنّ الإدبار عن اللّه يعقبه إدبار اللّه عن
العبد ، ويقابله إقبال اللّه على من يقبل عليه
. حيث يقول الإمام الباقر(عليه السلام) : «إنّكم
إن أقبلتم على اللّه ; أقبلتم ، وإن أدبرتم عنه
; أدبرتم» [24] .

فما هي إذن الأسباب الرئيسة التي
تفضي بالعبد إلى ساحة رضا ربّه عنه ، وتجعله
قريباً منه ، وتضعه في مقام الذلّ لديه ؟ ففي
مقدّمتها البرّ والعقل والعلم والإخلاص
بالنيّة ، وأداء الفرائض ، وبمسألة العبد إلى
ربّه، وإلى الناس بتركها ، وبالخشية من اللّه
، والبكاء من خوفه ، وبالورع عن المحارم ،
وبالزهد يستغني العبد عن غيره إلاّ عن اللّه .

ففيما ناجى اللّه نبيّه موسى(عليه
السلام) على الطور ، «أن يا موسى : أبلغ قومك
أنّه ما يتقرّب إليّ المتقرّبون بمثل البكاء
من خشيتي ، وما تعبّد المتعبدون بمثل الورع عن
محارمي . وفي مناجاة اُخرى ، ما تقرّب إليّ
المتقرّبون بمثل الورع عن محارمي ، فإنّي
أمنحهم جنّات عدني ، لا اُشرك معهم أحداً ،
ولا تزيّن إليّ المتزيّنون بمثل الزهد في
الدنيا عمّا بهم الغنا عنه» [25] .

وفي وصيّة لقمان لابنه : «يا بنيّ !
أحثّك على ستّ خصال ، ليس منها خصلة إلاّ
وتقرّبك إلى رضوان اللّه عزّوجل ، وتباعدك عن
سخطه :

الاُولى : أن تعبد اللّه لا تشرك به
شيئاً . الثانية : الرضا بقدر اللّه فيما أحببت
أو كرهت، والثالثة : أن تحبّ في اللّه وتبغض في
اللّه ، والرابعة : تحبّ للناس ما تحبّ لنفسك ،
والخامسة : تكظم الغيظ ، وتحسن إلى من أساء
إليك . والسادسة : ترك الهوى ، ومخالفة الردى»

[26]
.

وفي وصيّته(عليه السلام) لولده كما
جاء في نهج البلاغة : «إعلم أنّ ما قرّبك من
اللّه يباعدك من النار ، وما باعدك من اللّه
يقرّبك من النار» [27] .

وفي نهاية هذا المطاف الروحي
والعاطفي أيضاً من حديث المقرّبين نلتقي
بطائفة اُخرى من الوصايا والمواعظ والحكم
القيّمة التي توجّه الإنسان حيث يريد اللّه ،
وتحضّه على الابتعاد عمّا يسخط عليه الربّ ،
إذ هو المنعم عليه ، والواقع تحت تأثير سلطانه
ومراقبته له ، لا يخرج عن دائرة هيمنته ،
ولكنه يتوب عليه إذا رجع وتاب ، ويقبل عذره إن
اعتذر ، يفتح له أبواب رحمته لتشمله ، وهو
سبحانه بعد ذلك يحذّره معصيته لئلا يقع فيها
بعد توبته ، فذنب يفعله العبد بعد التوبة
يساوي سبعين ذنباً قبلها . وتتجسد تلك المعصية
في اتجاهات متعددة ، ومن مفرداتها رجلان :
يجالس أحدهما الأمراء ، فما قالوا من قول
صدّقهم عليه ، والآخر معلّم الصبيان لا يواسي
بينهم ، ولا يراقب اللّه في اليتيم ، وأبعد ما
يكون العبد من اللّه عزّوجل إذا لم يهمّه إلاّ
بطنه وفرجه [28] .

وإليك قارئي الكريم هذه الطائفة من
الوصايا والمواعظ والحكم القيّمة، وهي من
أقوال الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله)
والأئمة الأطهار صلوات اللّه عليهم أجمعين :

أكمل الناس عقلاً أخوفهم للّه ،
وأطوعهم له ، وأنقص الناس عقلاً أخوفهم
للسلطان وأطوعهم له .

سادة الناس في الدنيا الأسخياء ،
وفي الآخرة الأتقياء .

مَن خاف القصاص كفّ عن ظلم الناس .

مَن كساه العلم ثوبه ; اختفى عن
الناس عيبه .

الاستغفار مع الإصرار ذنوب مجدّدة
.

من حاول أمراً بمعصية اللّه كان
أفوت لما يرجو ، وأسرع لما يحذر .

طوبى لمن شغله خوف اللّه عن خوف
الناس .

طوبى لمن أنفق الفضل من ماله ،
وأمسك الفضل من قوله .

طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم
يره .

إن اللّه يحبّ الجواد في حقّه .

العبادة سبعة أجزاء أفضلها طلب
الحلال .

من أكل ما يشتهى وليس ما يشتهي وركب
ما يشتهى ; لم ينظر اللّه إليه حتّى ينزع أو
يترك .

حسن الخلق يثبت المودة .

من حرم الرفق فقد حرم الخير كلّه .

من طلب رضا المخلوق بسخط الخالق ;
سلّط اللّه عزّوجل عليه ذلك المخلوق .

يأتي على الناس زمان لا يبالي
الرجل ما تلف من دينه إذا سلمت له دنياه .

احترسوا من الناس بسوء الظّن .

خير من الخير معطيه ، وشر من الشر
فاعله .

الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات
المتقين .

مَن كان ظاهره أرجح من باطنه خفّ
ميزانه .

مَن لم تكن فيه ثلاث خصال لم ينفعه
الإيمان : حلم يردّ به جهل السفيه ، وورع يحجزه
عن المحارم ، وخلق يداري به الناس .

تعطروا بعطر التوبة قبل أن تفضحكم
روائح الذنوب .

إذا كان الجاهل عدوّ نفسه ; فكيف
يكون صديق غيره ؟

من شهد أمرأ فكرهه ; كان كمن غاب عنه
، ومن غاب عن أمر فرضيه ; كان كمن شهده.

لا تمار فيذهب بهاؤك ، ولا تمازح
فيجترأ عليك .

ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة
تذلّه !

يا عيسى كلّما يقرّبك مني قد دللتك
عليه ، وكلما يباعدك مني قد نهيتك عنه فارتد
لنفسك .

إنكم لا تدركون ما تأملون إلاّ
بالصبر على ما تكرهون ، ولا تبتغون ما تريدون
إلاّ بترك ما تشتهون .

وبذلك أكون قد أنهيت توضيح بعض
أبعاد موضوع المقرّبين بما استطعت إليه ،
وبتوفيق اللّه تعالى تاركاً لقارئي العزيز
مقطعاً شريفاً من المناجاة الثامنة للإمام
زين العابدين سلام اللّه عليه وعلى آبائه
أجمعين ، وهي مناجاة المريدين ، حيث يقول : «فأنت
لا غيرك مرادي ، ولك لا لسواك سهري وسُهادي ،
ولقاؤك قُرّة عيني ، ووصلك مُنى نفسي ، وإليك
شوقي وفي محبّتك ولهي ، وإلى هواك صبابتي ،
ورضاك بُغيتي ورؤيتك حاجتي ، وجوارك طلبي ،
وقُربك غاية سُؤلي ، وفي مناجاتك روحي وراحتي
، وعندك علّتي وشفاء غُلَّتي ، وبردُ لوعتي
وكشف كربتي .

فكن أنيسي في وحشتي ، ومقيل عثرتي ،
وغافر زلّتي ، وقابل توبتي ، ومجيب دعوتي ،
ووليَّ عصمتي ومغني فاقتي ، ولا تقطعني عنك ،
ولا تبعدني منك ، يا نعيمي وجنّتي ، ويا
دُنياي وآخرتي» .

« يا أرحم الراحمين »

[1] فاطر : 32 .

[2] الواقعة : 10 ـ 11 .

[3] الواقعة : 88 ـ 89 .

[4] المطفّفين : 28 .

[5] الإمام الصادق، معاني الأخبار :
103 .

[6] الميزان 17 : 50 .

[7] اُصول الكافي 1 : 124 .

[8] مجمع البيان 8 : 408 .

[9] نور الأبصار 5 : 211 .

[10] غرر الحكم .

[11] الإسراء : 13 .

[12] الإمام علي(عليه السلام) ، غرر
الحكم .

[13] الإمام زين العابدين(عليه
السلام) ، فروع الكافي 8 : 69 .

[14] الإمام علي(عليه السلام) ، غرر
الحكم .

[15] الإمام الصادق(عليه السلام) ،
الكافي 2 : 124 .

[16] كنز العمال خ 18935 .

[17] فروع الكافي 3 : 323 .

[18] الخصال : 81 ، الكافي 2 : 145 ، وسائل
الشيعة 11 : 234 .

[19] وسائل الشيعة 13 : 194 .

[20] عن الإمام الصادق(عليه السلام)،
اُصول الكافي 2 : 352، بحار الأنوار 70 : 23، سنن
أبي داود في معناه .

[21] بحار الأنوار 70 : 16، علل الشرايع
.

[22] الإمام زين العابدين ، بحار
الأنوار 94 : 147 .

[23] الترهيب والترغيب 4 : 104، رواه
أحمد والطبراني .

[24] غرر الحكم .

[25] الإمام الصادق(عليه السلام)،
بحار الأنوار 70 : 308، مشكاة الأنوار .

[26] مستدرك الوسائل 2 : 28 .

[27] نهج البلاغة ، كتاب 76 .

[28] الإمام الصادق(عليه السلام) ،
الكافي 2 : 319 .


/ 1