قواعد اُصول الفقه
5 ـ قاعدة : المشتق
6 ـ قاعدة : استعمال اللفظ في أكثر
من معنى
إعداد : لجنة في مجمع فقه أهل البيت(عليهم
السلام)
نص القاعدة : المشتق [1]
توضيح القاعدة :
ولتوضيح القاعدة تطرح الاُمورالتالية :1 ـ اختلفوا في أنّ المشتق حقيقة في
خصوص المتلبس بالمبدأ فعلاً أو فيما يعمّه
وما انقضى عنه المبدأ بعد اتفاقهم على كونه
مجازاً فيما يتلبس به في المستقبل [2]
.ثمّ إنّ الأقوال في المسألة كثيرة
، فقال بعضهم : إنّ المشتق حقيقة في خصوص
المتلبس مطلقاً ، واختار آخرون كونه حقيقة في
الأعم منه وممن انقضى عنه المبدأ مطلقاً ،
وبين ما كان مأخوذاً من المبادئ المتعدية إلى
الغير فحقيقة في الأعم ، وبين ما كان مأخوذاً
من المبادئ اللازمة فحقيقة في خصوص المتلبس ،
وقال بعضهم : إنّه حقيقة في خصوص المتلبس إن
كان مبدؤه مما يمكن بقاؤه وثباته ، وفي الأعمّ
إن كان ممّا ينصرم . وقال بعضهم : إنّ محل
النزاع ما إذا كان المشتق محكوماً به بعد
الاتفاق على كونه حقيقة في الأعم إن كان
محكوماً عليه [3].2 ـ المقصود من المشتق هنا :إنّ اللفظ الموضوع لمعنى على قسمين
:أ ـ ما يسمّى بالمشتق : وهو ما كان
لكل واحدة من مادته وهيئته وضع خاص مستقل .ب ـ ما يسمّى بالجامد: وهو ما كان
لمجموع مادته وهيئته وضع واحد.وكل واحد منهما على قسمين :أمّا المشتق : فهو إمّا أن يكون
موضوعاً لمعنى يجري على الذات المتصفة
بالمبدأ بنحو من أنحاء الاتصاف ويصدق عليه
خارجاً كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة
وما شاكل ذلك ، وإمّا أن يكون موضوعاً لمعنى
لا يجري على الذات ولا يصدق عليها خارجاً
كالفعل والمصدر .وأمّا الجامد: فهو إمّا أن يكون
موضوعاً لمعنى منتزع عن أمر خارج عن مقام
الذات كعنوان الرق والزوج والحرّ وما شاكل
ذلك ، وإمّا أن يكون موضوعاً لمعنى منتزع عن
مقام الذات كالإنسان والشجر ونحوهما .والمقصود من المشتق هنا: هو
القسمان الأوّلان من المشتق الاصطلاحي
والجامد ، وهو الذي يتوفر فيه شرطان :أ ـ أن يحمل على الذات المتلبسة
بالمبدأ بأن يكون عنواناً لها .ب ـ أن لا تزول الذات بزوال تلبّسها
بالمبدأ ، وتكون الذات باقية بعد انقضائه [4]
.3 ـ تصوير الجامع على الأعم :قال الإمام الخميني«رضوان اللّه
عليه» : لابدّ للقائل بالوضع على الأعمّ من
فرض جامع بين المتلبس والمنقضي عنه ، ومع عدم
تصويره تسقط دعواه من غير احتياج إلى إقامة
برهان ، لأنّ مدعي الأعمي هو الوضع لمعنى عامّ
بنحو الاشتراك المعنوي [5]
.ويظهر من كلام المحقق السيد
البروجردي تصوير الجامع على الأعم حيث قال :
إنّ الأعمي قائل بأنّ صرف وجود الحيثية آناً
ما كاف في صدق المفهوم على المصداق من زمن
وجود الحيثيّة إلى الأبد وإن زال تلبّسه ولم
يتلبس في زمن الصدق ، والظاهر أنّ مراده أنّ
مبدأ المشتق إذا وجد في موضوع يصير سبباً
لتحقق حيثيّة انتزاعية في هذا الموضوع باقية
في جميع الأزمنة وإن زال نفس المبدأ ،
وباعتبار هذه الحيثيّة الانتزاعية يصدق
المفهوم على المصداق لا باعتبار وجود نفس
المبدأ ، فليس «القائم» في «زيد قائم» مثلاً
حاكياً لثبوت القيام لزيد بل لوجود حيثيّة
اعتبارية له ثابتة له من زمن تلبّسه بالقيام
إلى الأبد ، وتلبّسه بالقيام إلى الأبد ،
وتلبّسه بالقيام علّة لحدوث تلك الحيثية
الاعتبارية من دون أن تكون في بقائها محتاجة
إليه ، وهذا المعنى الانتزاعي لا ينفك من زيد
أبداً وإن انفكّ منه القيام [6]
.
أدلّة القول بالوضع لخصوص
المتلبّس :
1 ـ التبادر وهو انسباق خصوصالمتلبس فعلاً إلى الذهن من المشتقات في جميع
اللغات [7] .2 ـ صحة السلب عمّن انقضى عند
المبدأ ، فيقال : زيد ليس بعالم بل هو جاهل إذا
انقضى عنه العلم [8] .3 ـ لا ريب في مضادّة الصفات
المأخوذة من المبادئ المتضادّة كالعالم
والجاهل ، ولو كان المشتق حقيقة في الأعمّ;
لما كان بينها مضادّة، لتصادقها فيما انقضى
عنه المبدأ وتلبّس بالمبدأ الآخر ، فيلزم صدق
العالم والجاهل في زمان واحد على شخص واحد إذا
كان جاهلاً ثم صار عالماً ، وهو باطل قطعاً [9]
.
أدّلة القول بالوضع للأعمّ :
1 ـ التبادر في مثل المقتولوالمضروب ، فإنّه ينسبق إلى الذهن من
أمثالهما ما يعمّ ما انقضى عنه المبدأ [10]
.وقد يشكل فيه بمنع التبادر ، وإنما
استعمال المضروب والمقتول وأمثالهما بلحاظ
حال التلبّس [11] .2 ـ عدم صحة السلب في مثل المقتول
والمضروب عمّن انقضى عنه المبدأ [12]
.وقد يشكل فيه بأنّ عدم صحة السلب
إنّما هو بلحاظ حال التلبّس ، حيث اُريد من
المبدأ معنى يكون التلبس به باقياً [13]
.3 ـ قوله تعالى : (الزانية
والزاني فاجلدوا كلّ واحد منهما مائة جلدة ...)
[14] ، وقوله تعالى : (والسارق
والسارقة فاقطعوا أيديهما ...) [15]
بتقريب أنّ الجلد والقطع إنّما هما ثابتان
للزاني والسارق ، ولولا صدقهما على المنقضي
عنه لا موضوع لإجرائهما [16]
.واستشكل بأنّه لا ينافي إرادة خصوص
حال التلبّس دلالتها على ثبوت الجلد والقطع
مطلقاً ولو بعد انقضاء المبدأ [17]
.
التطبيقات :
قال فخر المحقّقين في مسألة من كانله زوجتان كبيرتان وزوجة صغيرة ، وقد أرضعت
الكبيرتان الصغيرة ما هذا لفظه : تحرم
المرضِعة الاُولى والصغيرة مع الدخول
بالكبيرتين بالإجماع ، وأمّا المرضِعة
الاُخرى ففي تحريمها خلاف واختار والدي
المصنّف(رحمه الله) وابن ادريس تحريمها ، لأنّ
هذه يصدق عليها اُمّ زوجته ، لأنّه لا يشترط
في المشتق بقاء المشتق منه [18]
.
* نص القاعدة : استعمال اللفظ في
أكثر من معنى [19] .
الألفاظ الاُخرى للقاعدة : استعمالالمشترك في الأكثر من معنى [20]
.إنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى
واحد يتصور على وجوه :
توضيح القاعدة :
1 ـ أن يستعمل اللفظ في مجموعالمعنيين بحيث يكون المراد من اللفظ هو
المركب منهما .2 ـ أن يستعمل في مفهوم مطلق يصدق
على كل واحد من المعنيين .3 ـ أن يستعمل في معنى عام ويكون كل
واحد من المعنيين فرداً له .4 ـ أن يستعمل في كل واحد من
المعنيين بحياله واستقلاله بأن يكون كل منهما
بشخصه مراداً بحسب الاستعمال مثل ما إذا لم
يستعمل اللفظ إلاّ فيه .ولا يخفى أنّ محل النزاع هو القسم
الرابع دون الثلاثة الاُولى [21]
.واختلف الاُصوليون في جواز
استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد وعدمه ،
والمشهور هو عدم الجواز [22]
.
أدلّة القول بالامتناع :
1 ـ قال المحقّق الخراساني «رضواناللّه عليه» : إن حقيقة الاستعمال ليس مجرد
جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى ، بل جعله
وجهاً وعنواناً له ، بل بوجه نفسه كأنّه
الملقى ، ولذا يسري إليه قبحه وحسنه كما لا
يخفى . ولا يمكن جعل اللفظ كذلك إلاّ لمعنى
واحد ، ضرورة أنّ لحاظه وجهاً وعنواناً لمعنى
ينافي لحاظه كذلك لمعنى آخر ، حيث إنّ لحاظه
كذلك لا يكون إلاّ بتبع لحاظ المعنى ، فانياً
فيه فناء الوجه في ذي الوجه والعنوان في
المعنون، ومعه كيف يمكن إرادة معنى آخر معه في
استعمال واحد مع استلزامه للحاظ آخر غير
لحاظه كذلك في هذا الحال [23]
؟وقد يشكل فيه بأنّ الاستعمال ليس
إلاّ جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى ، ولا
مانع حينئذ من جعله علامة لإرادة المعنيين
المستقلين أو أزيد [24] .2 ـ قال المحقّق الاصفهاني «رضوان
اللّه عليه» : إنّ حقيقة الاستعمال إيجاد
المعنى في الخارج باللفظ ، لأنّ اللفظ وجود
حقيقي لطبيعي اللفظ بالذات، ووجود تنزيلي
للمعنى بالجعل والتنزيل ، وحيث إنّ الموجود
الخارجي بالذات واحد فلا مجال لأن يقال بأنّ
وجود اللفظ وجود لهذا المعنى خارجاً ووجود
آخر لمعنى آخر ، حيث لا وجود آخر ينسب إلى
الآخر بالتنزيل [25] .ويشكل بأنّ هذا أشبه بالخطابة من
البرهان : فإنّ معنى كون اللفظ وجوداً للمعنى
أنه لفظ موضوع له ، ولا يلزم من وضعه للمعنيين
أو استعماله فيهما كونه موجودين وله وجودان .وإن شئت قلت : كون شيء واحد وجوداً
تنزيلياً لألف شيء ممّا لا مانع منه ، ولا
يلزم منه التكثر في الوجود الواقعي .3 ـ إنّ حقيقة الاستعمال ليست إلاّ
عبارة عن ايجاد المعنى باللفظ وإلقائه إلى
المخاطب خارجاً ، ومن هنا لا يرى المخاطب إلاّ
المعنى فإنّه الملحوظ أولاً وبالذات واللفظ
ملحوظ بتبعه وفان فيه ، وعليه فلازم استعمال
اللفظ في المعنيين على نحو الاستقلال تعلق
اللحاظ الاستقلالي بكل واحد منهما في آن واحد
، ومن الواضح أنّ النفس لا تستطيع على أن تجمع
بين اللحاظين المستقلين في آن واحد، ولا ريب
أنّ الاستعمال في أكثر من معنى واحد يستلزم
ذلك ، والمستلزم للمحال محال لا محالة [26]
.وقد يشكل بأنّ النفس تقتدر على
الجمع بين اللحاظين المستقلين في آن واحد
لقيام الضرورة بإمكان تصوّر شيئين معاً ;
وإلاّ لصار التصديق والحكم بكون شيء شيئاً أو
لشيء ممتنعاً [27] .فتحصّل أنّ القول بالامتناع مما لا
وجه له ، هذا مع وقوعه في كلمات الشعراء
والبلغاء [28] .
التطبيقات وثمرة النزاع :
إذا ورد لفظ مشترك في نصّ من النصوص:فإن قلنا بامتناع استعمال اللفظ في أكثر من
معنى وكان اللفظ خالياً عن القرينة المعيّنة
لبعض معانيه; فيصبح مجملاً ، وإن قلنا بجواز
الاستعمال في الأكثر من معنى: فإن كان اللفظ
خالياً عن القرينة على إرادة الكل أو البعض
فهو مجمل أيضاً ، وإن كان مع القرينة على
إرادة بعض معين فيحمل عليه ، وإن كان مع
القرينة على إرادة الجميع فيحمل عليه ولا
إجمال .
[1] راجع فوائد
الاُصول 1 : 82 ، ونهاية الاُصول: 65، ومناهج
الوصول 1:187، والمحاضرات 1:227.[2] راجع الكفاية: 38،
وفوائد الاُصول 1:82 ، ونهاية الاُصول: 65،
والمحاضرات 1:227.[3] راجع نهاية
الاُصول : 72 .[4] راجع المحاضرات 1
: 277 ـ 229 ، والكفاية : 38 ، 39 ، ونهاية الاُصول : 65
، 66 ، ومناهج الوصول 1 : 188 ـ 191 ، وفوائد الاُصول
1 : 83 ، 84 .[5] مناهج الوصول 1 :
212 .[6] نهاية الاُصول :
66 .[7] راجع الكفاية : 45
، ونهاية الاُصول : 72 ، ومناهج الوصول 1 : 213 ،
وفرائد الاُصول 1 : 122 ، والمحاضرات 1 : 265 .[8] راجع الكفاية : 45
، وفوائد الاُصول 1 : 122 ، والمحاضرات 1 : 266 .[9] راجع الكفاية : 46
، وفوائد الاُصول 1 : 123 ، والمحاضرات 1 : 267 .[10] راجع الكفاية :
48 ، وفوائد الاُصول 1 : 124 ، والمحاضرات 1 : 215 .[11] راجع الكفاية :
48 ، وفوائد الاُصول 1 : 124 ، والمحاضرات 1 : 215 .[12] راجع الكفاية :
48 ، وفوائد الاُصول 1 : 124.[13] راجع الكفاية :
48 .[14] النور : 2 .[15] المائدة : 38 .[16] راجع مناهج
الوصول 1 : 216 ، وفوائد الاُصول 1 : 125 ،
والمحاضرات 1 : 271 .[17] راجع الكفاية :
50 ، ونهاية الاُصول : 73 ، 74 .[18] إيضاح الفوائد
3 : 52 .[19] الكفاية : 36 ،
ومناهج الوصول 1 : 180 ، والمحاضرات 1 : 216 .[20] نهاية الاُصول
: 59 .[21] نهاية الاُصول
: 59 ، وراجع مناهج الوصول 1 : 180 ، واالمحاضرات 1 :
216 .[22] راجع مناهج
الوصول 1 : 180 ، والمحاضرات 1 : 216 .[23] الكفاية : 36 .[24] راجع
المحاضرات 1 : 219 ، ومناهج الوصول 1 : 183 ، 184 .[25] نهاية الدراية
1 : 152 .[26] راجع
المحاضرات 1 : 217 : نسبه إلى استاذه(رحمه الله) .[27] راجع مناهج
الوصول 1 : 185 ، والمحاضرات 1 : 217 ، 218 .[28] مناهج الوصول 1
: 186 .