مـن فـقـه مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)
عقد الصيانة
* الشيخ مرتضى الترابي
بسم اللّهالرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّدوآله
الأطهار .
عقد الصيانة
من المعاملات المستحدثة عقد الصيانة ، والبحث عنه يقع من
ناحيتين:1 ـ حقيقة الصيانة وأنواعها.
2 ـ حكمها من ناحية الشريعة المقدسة.
أهمية الصيانة
الأدوات والأجهزة المستحدثة في حياتنا الفردية والاجتماعية;
كأدوات المنزل ووسائل الانتاج والنقل، ووسائل الحرب، والآلات المهنية المختلفة قد
تحولت من وسائل بسيطة إلى أجهزة معقدة فهي تستوجب المراجعة من قبل المتخصصين
لصيانتها وتعميرها، وربّما تبديل بعض قطعها وكذلك الحال بالنسبة إلى حفظ المشاريع
الصناعية والعمرانية.ولذا كانت فكرة عقد الصيانة من لوازم الاستفادة الصحيحة من
هذه الأجهزة الحديثة والمتطورة ، ومن لوازم حفظ المشاريع الصناعية والعمرانية المهمة
ودوامها ، تجنب حصول العطل فيها بسبب عدم توفّر المتخصص أو قطعة الغيار التي يلزم
تبديلها في وقت الحاجة.تعريف الصيانة
الصيانة هي الاتفاق في عقد مستقل أو في ضمن عقد معيّن بين
الشركة أو المتخصص وبين صاحب المال للقيام بخدمات الإدامة واصلاح المال في مدة
معينة لكي يبقى صالحاً للإستفادة المطلوبة في مقابل اُجرة معينة.أنواع الصيانة
الاتفاق على الصيانة يمكن أن يتحقق بصور مختلفة لكل منها
آثار وأحكام خاصة . فإن الاتفاق على الصيانة كما يمكن أن يتحقق في ضمن شرط في عقد
بيع أو إجارة ، كذلك يمكن أن يتحقق في عقد مستقل .وكذلك الملتزم به كما يمكن أن يكون صرف استعداد المتخصص
للقيام بخدمات الصيانة ، مع كون اُجرة العمل خارجاً عن الاتفاق ، كذلك يمكن أن
يكون مشتملاً على اُجرة عمل الصيانة فيكون الاتفاق على الصيانة ملحوظاً فيه اُجرة
الإصلاح وتبديل قطع الغيار أي لا تكون لهما اُجرة مستقلة.فقبل الدخول في البحث نشير إلى الأشكال المختلفة للاتفاق
على الصيانة ثم نتعرض لأحكامها.الأشكال المختلفة للاتفاق على الصيانة
الشكل الأوّل : الاتفاق على الصيانة كعقد مستقل بين صاحب
المال والشركة أو المتخصص على مجرد عرض خدمات الإدامة ، ويكون الإصلاح وتعويض قطع
الغيار عند اللزوم باُجرة مستقلة عن اُجرة الخدمات المتفق عليها في ذلك العقد .الشكل الثاني : نفس الصورة السابقة مع كون اُجرة الإصلاح
وتبديل قطع الغيار وسائر الخدمات منضماً إلى اُجرة الخدمات في عقد واحد.الشكل الثالث : كون الصيانة شرطاً في ضمن عقد البيع أو
الايجار وكان المشروط به هو الاستعداد لتوفير خدمات الصيانة عند الحاجة مع كون
اُجرة الإصلاح والخدمات وثمن قطع الغيار مستقلة عن هذا العقد.الشكل الرابع : نفس الصورة السابقة مع كون اُجرة الإصلاح
والخدمات داخلة في العقد الأوّل أي عقد البيع والايجار الذي قد اشترط فيه الصيانة.الشكل الخامس : كون عقد البيع أو الايجار مشروطاً بتبديل أو
اصلاح المبيع أو المال المستأجر عليه لو طرأ عليه عيب معيّن إلى مدة معلومة بدون
أخذ الاُجرة أو الثمن على ذلك ، وهو ما يسمى بضمانة الصيانة لمدة معلومة . وتفترق
هذه الصورة عن الصورة السابقة في أن الملحوظ فيه هو التحفظ عن العيوب المخفية أو
العيوب غير المتوقعة في المبيع، ويكون هذا الشرط بنحو شرط النتيجة ، أي كون ذمة
البايع مشغولة بالتبديل أو الإصلاح فيما لو طرأ على المبيع عيب ، وهذا بخلاف
الصورة السابقة فإن الشرط فيه على نحو شرط الفعل ، أي تعهد المشروط عليه بالقيام
بالفعل وهو التعمير والإصلاح بدون أن يكون هناك اشتغال ذمة ـ أي ضمان بشيء وضعاً ـ
والملحوظ فيه هو المحافظة على المبيع بإجراء خدمات الادامة.
وبما أن أحكام بعض هذه الأشكال متداخلة ; لذا نعقد البحث في
ثلاث صور :الصورة الأولى :
الاتفاق
على الصيانة في عقد مستقل
كما لو تم بين مالك الجهاز وبين المهندس المتخصص أو الشركة
اتفاق على أن يقوم المهندس أو الشركة بخدمات الادامة في فترات معينة وتبديل قطع
الغيار عند الحاجة في مقابل أخذ اُجرة معينة إلى مدة معلومة.حقيقة هذا الاتفاق وحكمه الشرعي :لمعرفة الحكم الشرعي لهذا النوع من التعاقد الذي هو من
المعاملات المستحدثة لابد من اتباع الطرق الآتية :أولاً : عرض هذه المعاملة على المعاملات الشرعية التي كانت
قائمة في ذلك الوقت والمقارنة بينهما لمعرفة حقيقة هذه المعاملة .ثانياً : تطبيق احدى القواعد العامة على هذا العقد لو لم
نجد ما يماثلها في الإسلام .ثالثاً : وبعد العجز عن الوصول إلى نتيجة عبر هذين الطريقين
يتم الانتقال إلى الاُصول العملية .
عرض عقد الصيانة على
المعاملات الشرعية :
قد يقال: إن هذا الاتفاق إذا تحقق في عقد مستقل هو نوع منالايجار بين صاحب المال كمستأجر ، وبين المتخصص أو الشركة كأجير في مدة معينة
للقيام بخدمات الادامة في فترات معينة ، وكذلك الإصلاح وتغيير قطع الغيار عند
اللزوم كإجارة الخياط نفسه لخياطة الثوب أو الحارس للحراسة عن مال خاص ، فأركان
الإجارة من حيث وجود المستأجر والأجير والمنفعة ، وهي الصيانة التي تكون متعلق
التمليك هنا، متوفرة.لكن التحقيق هو أنه لا يمكن ارجاع بعض أقسام الصيانة كالشكل
الثاني إلى الإجارة الصحيحة ، من جهة عدم وجود التحديد في ناحية المنفعة ، لاشتمالها
على القيام بالاصلاح وتغيير قطع الغيار عند اللزوم بدون أخذ ثمن قطعة الغيار أو
اُجرة الإصلاح مستقلة عن عقد الصيانة ، فعقد الصيانة حينئذ يشتمل على تمليك عين
ومنفعة غير محددة، والحال أنه لابد في عقد الايجار من كون متعلق الاجارة منفعة
محددة.على أن المرجع في تشخيص حقيقة المعاملات هو العرف وكيفية
الإنشاء الرائج بين الناس ، والعرف لا يرى عقد الصيانة داخلاً في باب الاجارة لأن
الاجارة في نظر العرف تتقوم بحصول سلطنة فعلية منجزة على المنفعة والحال أن عقد
الصيانة لا ينتج سلطنة من هذا القبيل .ومجرد الامكان العقلي لإنشاء هذه المعاملة (الصيانة) على
نحو الاجارة أو الصلح لا يغير نظر العرف والواقع في الخارج من عدم وقوع عقد الصيانة
بهذه الصياغة ،إذ العقود أمور اعتبارية يتبع حقيقتها الاعتبار الموجود في الخارج
وكيفية الإنشاء ، وليست لها حقائق منفصلة عن الاعتبار والإنشاء حتى يكون هو الملاك
والموضوع . بل لكل عقد حقيقته الاعتبارية التي لابد لتشخيصها من مراجعة العرف
وكيفية الإنشاء المتعارف عندهم .فمجرد التشابه بين عقدين في بعض الأركان لا يجعلهما يحملان
عنواناً واحداً . فمثلاً عقد النكاح الدائم وإن كان هو تمليك البضع وهي منفعة ،
ولكنها لا تسمّى اجارة شرعاً ولا عرفاً بل هو عقد مستقل له أحكامه الخاصة وكذلك
عقد المزارعة والمساقاة .ومن هنا علم أن ارجاع هذا العقد إلى الجعالة أو الهبة
المعوضة أو الصلح أيضاً لا يخلو من تعسف وذلك لعدم مساعدة العرف وكيفية انشاء
الواقع في الخارج على ذلك .فالصحيح هو أن عقد الصيانة من العقود المستحدثة التي لها
خصوصيات تجعلها متميزة عن العقود الأخرى . فهذا العقد بهذه الصورة ليس بيعاً ولا
إجارة ولا غيرهما وإنما هو عقد مستقل له كيانه الخاص وشروطه وآثاره الخاصة به ،
ولا ينبغي صهره في بوتقة عقد آخر . نعم باعتباره عقداً لابد من توافر أركانه وهي :
العاقدان والمعقود عليه والايجاب والقبول ، وكذلك شروطه العامة . ولابد من البحث
عن حكمها الشرعي كعقد مستقل مستحدث .
عرض عقد الصيانة على
القواعد العامة :
الصحيح أن عقد الصيانة وإن كان عقداً مستحدثاً ولكنه عقد شرعي كسائر العقود التي لااشكال في شرعيتها وذلك لأنه عقد مشتمل على الايجاب والقبول وسائر الأركان والشرائط
اللازمة لصحة العقد ، فيكون مشمولاً للعمومات القاضية بالوفاء بالعقد مثل قوله
تعالى :(يا أيها الذين آمنوا اُوفوا بالعقود
...)([1]) .وقول النبي (صلى الله عليه وآله): «المؤمنون عند شروطهم»([2])
«والمسلمون
عند شروطهم»([3]).وكونه عقداً مستحدثاً غير معهود في زمن النبي(صلى الله عليه
وآله) لا يوجب عدم شمول اطلاق وعموم تلك الأدلة لمثل هذا العقد . فإن الظاهر من قوله
تعالى (اُوفو بالعقود) إن الموضوع للوفاء هو كل انشاء امكن اتصافه بكونه عقداً
سواء كان متداولاً أم غير متداول ، فإن قيد التداول أمر زايد يحتاج بيانه إلى
دلالة زائدة ، ومع فقدها يؤخذ بظاهر العموم في كلمة العقود ، ويحكم بصحة كل عقد ما
لم يكن فيه خلل ممنوع شرعاً من قبيل الربا أو الغرر أو نحوه. واحتمال كون اللام في
العقود للإشارة إلى العقود المتعارفة في زمن نزول الوحي خلاف المتبادر منه عند
الإطلاق . على أن النظر في الأدلة الواردة في المعاملات يدلنا على أن الأصل في
المعاملات هو امضاء ما تعارف بين الناس من أصناف المعاملات والتجارات والحكم بصحته
، إلاّ في موارد خاصة مثل استلزامه للربا أو الغرر أو ما شاكل ذلك من المحظورات
الشرعية .ولا يفرق في البين بالنسبة إلى الالتزام بألفاظ خاصة سواء
في الإيجاب أو القبول ولا داعي للاقتصار على لفظ خاص بعد أن كان للمنشىء أن يبرز ما
في نفسه بأي مبرز كان .ولكن قد يشكل في صحة هذه المعاملة من
جهة كونها مشتملة على الغرر والتعليق ،
أما الغرر فلعدم معلومية مقدار الحاجة إلى الإصلاح وتبديل ما ينبغي تبديله من قطع
الغيار . وأما التعليق فلكون التعمير والإصلاح معلقاً على طرو العيب ، فالمعاملة
باطلة من ناحية اشتمالها على ما هو محظور شرعاً من الغرر والتعليق في المعاملة.ولكن التحقيق أن ما ذكر لا يصلح أن يكون موجباً لفساد المعاملة.أما لزوم الغرر فأولاً : إن متعلق العقد ليس هو الصيانة
الخارجية ، بل هو عبارة عن استعداد الشركة أو الشخص للقيام بالخدمات اللازمة
للإدامة وإصلاح الأجهزة وتبديل قطع الغيار عند الحاجة ، وهو أمر معلوم معين ليس
فيه جهالة وخطر في نظر العرف ، نظير استيجار شخص للحراسة ، فإن الحراسة هو القيام
بالحفظ والاستعداد للمواجهة مع اللصوص ، وعدم معلومية وجود لص لا يوجب الجهالة في
متعلق العقد وهو الحراسة عرفاً .وثانياً : النسبة المئويّة لاحتمال طرو العيب في الأجهزة
معلومة أو قابلة للتخمين ، وذلك من خلال التجربة والاحصائيات والاختبارات العلمية
الحديثة ، ومع امكانية كهذه لا يكون الاقدام على عقد من هذا القبيل اقداماً على
أمر مجهول فيه خطر .هذا مع أن الدليل القائم على ممنوعية الغرر في المعاملة هو
الحديث المرويّ عن النبي (صلى الله عليه وآله):
بأنه نهى عن بيع الغرر([4])
. وهو ـ مع ما في سنده من مناقشة ـ مختص بباب البيع ولا مجال للتعدي عن البيع إلى المعاملات
الأخرى ، كما نبه عليه الفقهاء في كتبهم .
اما لزوم التعليق :
فقد ظهر جوابه مما سبق ، وهو أن متعلق المعاملة في ما نحنفيه ليس هو إلاّ الصيانة ، أي استعداد الشركة أو الشخص للقيام بالخدمات اللازمة
عند الحاجة ، وهو أمر منجز غير معلق على شيء مثل الحراسة . نعم القيام بالإصلاح
الذي هو من لوازم الصيانة المنجزة معلق على طرو العيب ، ولكنه ليس متعلق العقد
عرفاً بل هو من لوازم المتعلق .
ملاحظة وجواب :
يمكن أن يُشكل في صحة عقد الصيانة بأنّه جُمع فيه بين تمليكمنفعة وعين ، فيكون إيجاراً وبيعاً معاً، وهذا لا يصح لأنه يكون من باب الصفقتين
في صفقة واحدة . وقد روي أنه نهى النبي(صلى الله عليه وآله) عن صفقتين في صفقة وعن
بيع وسلف([5])
.توضيح ذلك إن الصائن يقوم بأمرين :الأوّل : هو
الإصلاح وخدمات الادامة مما يرجع إلى تمليك المنفعة .والثاني : تبديل قطع الغيار ، وهو يرجع إلى تمليك العين
الخارجية فيكون إجارة وبيعاً معاً .ولكن هذه الملاحظة غير تامة ، وذلك لأن الجمع بين تمليك
العين والمنفعة لا يوجب تعدد الصفقة ما لم يوجب تعدد الايجاب والقبول والمثمن والثمن
، بل هو صفقة واحدة بإيجاب وقبول واحد والثمن والمثمن فيها أيضاً متحد([6])
.أما الجمع بين الصفقتين في صفقة واحدة إنما يصدق فيما لو
كان هناك صفقتان لكل منهما ايجاب وقبول وثمن ومثمن ، ولكن ربط أحدهما بالآخر في
مقام الإنشاء ، كأن يبيع أحد المتعاملين شيئاً للآخر على أن يبيع الآخر شيئاً منه
كما يقول : أبيعك لك داري على أن تبيعني دابتك مثلاً. أو أن المراد منه أن يبيع
شيئاً بثمنين أحدهما نقداً والآخر نسيئة بأيهما شاء المشتري أخذ من دون أن يوجب
أحدهما ويجعله قطعياً . وقد ورد النهي عنه في روايات كثيرة . وقد فسر هذا الحديث ـ
نهى النبي(صلى الله عليه وآله)عن صفقتين في صفقة ـ وكذا نهي النبي(صلى الله عليه
وآله) عن بيعين في بيع بأحد هذين المعنيين غير واحد من العلماء([7])
.على أن هذا الحديث أي نهي النبي(صلى الله عليه وآله) عن
صفقتين في صفقة غير ثابت من حيث السند وغير معمول به عند علمائنا([8])
.وقد صرح أكثر فقهائنا بصحة الجمع بين البيع والاجارة في
صفقة واحدة.وقال المحقق(رحمه الله) في شرائع الإسلام «ولو جمع بين
شيئين مختلفين في عقد واحد بثمن واحد . كبيع وسلف أو اجارة وبيع أو نكاح صحّ»([9])
.وقال الشهيد الثاني في ذيل هذا الكلام : «لا خلاف عندنا في
صحة ذلك كله لأن الجميع بمنزلة عقد واحد ، والعوض فيه معلوم بالإضافة إلى الجملة
وهو كاف في انتفاء الغرر والجهالة»([10]) .فتحصل مما ذكرنا أن الصيانة كعقد مستقل من العقود المستحدثة
التي لها مميزاتها الخاصة التي لا توجد في المعاملات المعهودة ، ولكن مع ذلك هو
عقد صحيح ولازم تشمله أدلة الوفاء بالعقود ، وليس فيه خلل يوجب الحكم بالفساد
شرعاً.نعم من ذهب إلى توقيفية العقود وأن المشروع من العقود هي
العقود المتداولة في عصر نزول الوحي ; فله أن يرجع العقود المستحدثة إلى احدى
العقود المعهودة كالصلح مثلاً وأن يوصي المتعاقدين الملتزمين بالأحكام الشرعية أن
يغيروا صياغة الإنشاء لكي يندرج العقد حقيقة في تلك العقود حتى يكون صحيحاً.الصورة الثانية :
الاتفاق على الصيانة كشرط في ضمن البيع أو الاجارة (بنحو شرط الفعل)
كما لو اشترى جهازاً بشرط أن يكون البائع أو وكيله ملزماً
بالقيام بخدمات الادامة والإصلاح إلى مدة معينة (بدون أخذ اُجرة الإصلاح أو ثمن
قطع الغيار مستقلاً أو مع أخذها بنحو شرط الفعل)([11]).الصحيح إن هذه معاملة صحيحة مقترنة بالشرط فتشملها أدلّة
وجوب الوفاء بالعقد والشرط .ولكن قد يُشكل في صحة هذا النوع من التعاقد من جهة توجه نفس
الاشكالات التي ذكرناها في الصورة الأولى أي الغرر والتعليق وكونه صفقتين في صفقة
واحدة . ولكن بما أن بين المقامين فرقاً من ناحية مصبّ الاشكال وبعض الأجوبة نشير
إليها مع جوابها:
الاشكال الأول :
إن هذا الشرط يستلزم الغرر ، والغرر موجب لفساد المعاملة .والجواب :
أولاً : إن ممنوعية الغرر شرعاً الثابت بحديث نهى النبي(صلىالله عليه وآله) عن بيع الغرر ، تختص بالقرار الأصلي المعاملي أي المبادلة بين
الثمن والمثمن، أما الشروط الضمنية فما دامت لا توجب حصول الغرر في المشروط أي
القرار الأصلي في المعاملة ، فلا يشمله هذا النهي .توضيح ذلك: إن الغرر في الشرط قد يؤدي إلى حصول الغرر في
المشروط وقد لا يؤدي إلى ذلك ، مثلاً لو باع الدار بثمن معين واشترط على المشتري
خياطة ثوب ودار أمر الخياطة بين نوعين من الخياطة «كالخياطة بدرز أو درزين مثلاً»
على نحو الاجمال ، فإن الغرر في الشرط بلحاظ اختلاف قيمته لو ثبت ; لا يوجب تحقق
الغرر في البيع نفسه، لأن الاختلاف في قيمة الخياطة يكون ضئيلاً بالنسبة إلى قيمة
الدار ، ولا يلزم من زيادتها أو نقصانها الغرر في أصل المعاملة.فإن شرط الصيانة في المقام وإن كان فيه اجمال من ناحية عدم
معلومية طرو العيب ، ولكن ليس بحدّ يوجب الغرر في أصل المعاملة لعدم وجود أي خطر
عرفاً فيه على المتعاملين .ثانياً : لا غرر في الشرط أيضاً بعد معلومية درجة احتمال
طرو العيب بالتجربة أو الاحصائيات . إذ الصانع يعرف بالتجربة والاحصائيات مقدار
احتمال طرو العيب والاحتياج إلى الإصلاح ، فإقدامه على شرط الصيانة إقدام على أمر
معلوم ليس فيه خطر عرفاً.
الاشكال الثاني :
وقد يُشكل في صحة هذه المعاملة من جهة اشتمال شرط الصيانةفيها على التعليق ، إذ القيام بالصيانة معلق على بروز العيب وليس بمنجز، والتعليق
في العقود يوجب بطلانها.
والجواب :
أولاً : لا نسلم وجود التعليق في مثل هذه الشروط التي يلتزمأحد المتبايعين بالقيام بفعل على تقدير حصول شيء في الخارج ، وذلك لأن الشرط هنا
هو «الالتزام» والالتزام أمر فعلي منجز يعلمان بتحققه ، إنما التعليق في متعلق هذا
الالتزام وهو الفعل في الخارج . كما هو كذلك في الواجب المعلق في التكاليف ،
وببيان آخر أنه وقع هناك التزام مطلق من أحد المتبايعين بحصة خاصة من الفعل لا
الفعل المطلق حتى يكون أصل الالتزام معلقاً([12]).ثانياً : إن الشرط هو عنوان الصيانة مثل الحراسة وهو عنوان
فعلي منجز، وإن كان بعض لوازم هذا العنوان كالقيام بالإصلاح أو تغيير قطعة الغيار
معلقاً على طرو العيب ، فهو كالاجارة على الحراسة ، فإن الحراسة عنوان منجز فعلي
وإن كان بعض لوازمه كدفع اللصّ معلقاً على وجوده.وثالثاً : لا دليل هناك على اعتبار التنجيز في المعاملات
غير الاجماع، والاجماع المدعى على بطلان التعليق يختص بالقرارات المستقلة في
العقود والايقاعات ، ودعوى سريان التعليق من الشرط إلى العقد المتضمن له لأنه جزء
من أحد العوضين أو استلزامه المبادلة بثمنين على تقديرين ، مما لا دليل عليه عرفاً
ولا شرعاً.وتدل على صحة التعليق في الشرط بالإضافة إلى ما ذكر بعض
الروايات الخاصة المنقولة من أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) ، كصحيحة سليمان
بن خالد عن أبي عبدالله(عليه السلام)([13]) قال : سألته
عن رجل كان له أب مملوك وكان لأبيه امرأة مكاتبة قد أدّت بعض ما عليها فقال لها
ابن العبد : هل لك أن أعينك في مكاتبتك حتى تؤدي ما عليك بشرط أن لا يكون لك
الخيار على أبي إذا أنت ملكت نفسك؟ قالت : نعم . فأعطاها في مكاتبتها على أن لا
يكون لها الخيار عليه بعد ذلك ، قال(عليه السلام) : لا يكون لها الخيار ، المسلمون
عند شروطهم([14])
.
الإشكال الثالث :
كون المعاملة مع هذا الشرط من الصفقتين في صفقة واحدة ، وهومنهي عنه في الشرع وموجب لبطلان المعاملة .بيان الاشكال : ذهبت الحنفية والشافعية إلى أن كل شرط في
المعاملة لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ، وليس مما ورد في الشرع جوازه ولا مما جرى
به التعامل بين الناس([15])
وفيه منفعة لأحد المتعاقدين موجب لبطلان المعاملة ، فإن اشترى ثوباً مثلاً وشرط أن
يخيطه البائع قميصاً يكون هذا الشرط فاسداً ومفسداً للمعاملة . وذلك لأنه إن كان
بعض البدل بمقابلة العمل المشروط فهو اجارة مشروطة في العقد، وإن لم يكن بمقابلة
شيء من البدل فهو إعارة مشروطة في البيع ، وهو مفسد للعقد([16])
لأنه من الجمع بين صفقتين في صفقة واحدة المنهي عنه شرعاً . حيث روي عن النبي(صلى
الله عليه وآله)أنه(صلى الله عليه وآله) نهى عن بيع وشرط([17])
، وكذلك روي أنه(صلى الله عليه وآله) نهى عن صفقتين في صفقة([18])
وفي رواية أخرى عن بيعتين في بيعة واحدة([19]) .ولكن يمكن الاجابة عن هذا الاشكال بأن الرواية الأولى ـ أي
نهي النبي(صلى الله عليه وآله) عن بيع وشرط ـ وكذلك الرواية الثانية ـ أي نهيه(صلى
الله عليه وآله) عن صفقتين ـ في صفقة منها غير ثابتة عندنا من حيث السند، وغير
معمول به عن علمائنا([20])
فإنه لو تم هذا المعنى وكان المراد هو النهي عن أخذ الشرط في البيع; لشاع هذا
الحكم بين المسلمين، واشتهر عندهم، وصار من الضروريات كالنهي عن الربا لكثرة
ابتلائهم به . إذ من المعلوم أن السيرة العقلائية قد استقرت مدى الأعصار على
التعامل مع الشروط التي تجر نفعاً لأحد المتعاملين، والنهي عن أمر شائع كذلك يحتاج
إلى تأكيد أكثر وتكرار في مختلف الأزمنة ، وكذلك هو موجب لكثرة السؤال عن هذا
الموضوع خصوصاً مع ملاحظة أن مركز ظهور الإسلام أي مكة المكرمة كان مركزاً
للتجارة، ومع فقد هذه الشهرة يطمئن بعدم صدور هذا النهي من النبي(صلى الله عليه
وآله) أو عدم دلالته على هذا المعنى .على أن كون المراد من قوله عن بيع وشرط ، هو أخذ الشرط في
عقد البيع مع كون النهي مطلقاً غير مقيد بشيء يلزم منه تخصيص الأكثر المستهجن
عرفاً في التخاطب، فإن الشروط الجائزة المتفق على صحتها في جميع المذاهب كثيرة
جداً . فالصحيح أن المراد من النهي عن بيع وشرط على تقدير صحته هو النهي عن شرط
خاص كان متداولاً في ذلك الزمان مثل اشتراط زيادة الثمن على تقدير التأخير في أداء
الثمن لا مطلق الشرط([21])
.وأما ما يقال من أنه إن كان بعض البدل بازاء العمل المشروط
فهو اجارة مشروطة في العقد، وإن لم يكن بمقابلة شيء من البدل فهو إعارة مشروطة في
البيع وهو مفسد للعقد([22])،
لأنه من الجمع بين صفقتين في صفقة واحدة فغير تام . وذلك :أولاً : إن أخذ الشرط في المعاملة لا يوجب تعددها وخروجها
عن كونها صفقة واحدة مع عدم تعدد الايجاب والقبول ووحدة الثمن والمثمن .وثانياً : فلما حققه فقهاؤنا من أن الثمن لا يقسط على
الأوصاف والشروط، ولكن مع ذلك الوصف أو الشرط دخيل في ازدياد ثمن أصل المال بنحو الحيثية
التعليلية .
بيان ذلك
إذا باع أحد منّين من أرز بدينارين فإنه هنا يقسط الثمن أيالدينارين على المثمن وهو الارز ، فيقال : إن كل منّ من الأرز هو بدينار فازدياد
الثمن منوط بازدياد الارز قلة وكثرة. فدخل ازدياد مقدار الارز في ازدياد الثمن دخل
تقييدي، ويقال إن هذا الدخل بنحو الحيثيية التقييدية .اما إذا باع المَنين من الأرز من النوع الجيد بثلاثة دنانير
وباع المَنين من الأرز ذي النوع المتوسط بدينارين فأن اتصاف الارز بكون نوعه جيداً
دخل في ازدياد الثمن، ولكن دخله ليس بنحو يقسط عليه الثمن عرفاً بل يقال : إن
الارز الجيد بدينار ونصف ، فالوصف يكون علة في ازدياد ثمن أصل المال لا أن يقابل
نفسه بمال ، وهذا ما يصطلح عند علمائنا بأن دخل الأوصاف والشروط في ازدياد الثمن
بنحوالحيثية التعليلية لا التقييدية.فعلى هذا لا يصدق كون بعض البدل بمقابلة العمل المشروط حتى
يكون اجارة مشروطة في العقد ، ولا يكون العمل المشترط مجاناً، ومما ليس له دخل في
البدل أصلاً حتى يكون اعارة ، بل له دخل في ازدياد أو نقصان قيمة أصل المال وإن
كان ليس بإزائه مال ، فعلى هذا لا يكون أخذ الشرط في المعاملة موجباً لتعدد الصفقة
أصلاً . أما معنى الصفقتين في صفقة واحدة فليس هو اشتمال المعاملة على شرط يوجب
انتفاع أحد المتعاملين ، بل معناه ـ كما مر الاشارة إليه ـ هو إما أن يبيع شيئاً
بثمنين أحدهما نقداً والآخر نسيئة بأيهما شاء المشتري أخذ من دون أن يوجب أحدهما ،
أو أن المراد منه هو أن يبيع أحد المتعاملين شيئاً للآخر على أن يبيع الآخر شيئاً
منه، وعلى أيّ حال لا ربط لهذا الحديث بأخذ الشرط في العقد أصلاً .الصورة الثالثة :
ضمانة الصيانة لمدة معلومة
في ما إذا كان عقد البيع أو الاجارة مشروطاً بتبديل أو
إصلاح المبيع أو المال المستأجر عليه لو طرأ عليه عيب معين إلى مدة معلومة بدون
أخذ اجرة أو ثمن على ذلك ، والشرط هنا ـ كما مرّت الاشارة إليه سابقاً ـ بنحو شرط
النتيجة لا الفعل ، ولذلك لو لم يقم البائع بتبديل أو إصلاح السلعة المباعة وفقاً للشرائط
المعينة ; يعد مديوناً أي تكون ذمته مشغولة بذلك. فليس هو مجرد وجوب تكليفي فحسب ،
بل إن الشرط هنا هو أولاً وبالذات هو الحكم الوضعي ، أي كون ذمة البائع مشغولة بالتبديل
، والحكم التكليفي يترتب على ذلك ثانياً ، من وجوب القيام بتفرغ الذمة عند طلب من
له الشرط .هذا النحو من الشرط أيضاً صحيح عندنا ، لشمول الأدلة العامة
للوفاء بالعقود والالتزام بالشروط له ، أما الاشكال من ناحية وجود خلل فيه من حيث
الغرر والتعليق فقد ظهر جوابه مما ذكرناه في الصور السابقة .بقي هنا بحث، وهو أنه في هذه الصورة قد يكون البايع هو
الصانع أو وكيله الذي يلتزم بضمان الصيانة أي تبديل السلعة على تقدير ظهور العيب
في السلعة . وهذا لا اشكال فيه . ولكن قد يكون البائع مالكاً للسلعة من دون أن
يكون هو الصانع ، فقد يلتزم بتبديل السلعة عن طرو العيب من قبل الصانع لا نفسه.فإنه يشكل في صحة هذا الشرط بأنه شرط غير مقدور للمشروط
عليه الذي هو البايع ، فيكون باطلاً لأن القدرة على الشرط من شرائط صحة الشروط ،
كما هو واضح .ولكن الصحيح هو أن هذا الاشكال غير وارد، وذلك أن البائع
الذي اشترى من الشركة الأصلية المنتجة لهذه السلعة أو من وكيله قد اشترط عليه في
ضمن أخذ الوكالة عن الشركة لعرض منتجاته بشرط ارتكازي غير مصرح به أو بشرط مصرح
بأن يبدل الصانع السلع أو يقوم بإصلاحها وفق شروط معينة ، فمع هذا الشرط يكون
البائع قادراً على ما اشترطه من تبديل المال أو إصلاحه عند طرو العيب في مدة معينة
ولا اشكال من هذه الناحية أيضاً .فمحصل الكلام في هذا البحث :1 ـ إن الصيانة بنحو عقد مستقل من العقود المستحدثة وارجاعه
إلى العقود المعهودة يخالف الواقع الخارجي وكيفية انشائه.2 ـ عقد الصيانة عقد صحيح شرعا لشمول الأدلة العامة للوفاء بالعقود
له مع عدم وجود خلل فيه شرعا.3 ـ الصيانة إذا كانت شرطاً في ضمن عقد سواء كان بنحو شرط
الفعل أو شرط النتيجة شرط سائغ شرعاً تشمله أدلة الوفاء بالشروط، وليس فيه أي خلل
من ناحية الغرر أو التعليق أو تعدد الصفقة.
([1]) المائدة : 1 .([2]) الوسائل الباب 40 من أبواب المهور كتاب النكاح .([3])الوسائل ، الباب 6 من أبواب الخيار. صحيح البخاري مع الفتح كتاب الاجارة 2 : 451،
سنن أبي داود مع عون المعبود 9 : 516 ، الحاكم 2 : 49 .([4]) وسائل الشيعة الباب 40 من أبواب التجارة حديث 3 .([5]) مسند أحمد .([6]) قال الشهيد الثاني في المسالك 3 : 286 : «فإن التعدد في البيع بتعدد البائع وبتعدد
المشتري وبتعدد العقد» .([7]) ذكر المعنيين معاً ابن الأثير في النهاية 1 : 173 وفي مسند أحمد حديث 3595 في ذيل
حديث نهي النبي (ص) عن صفقتين في صفقة واحدة : «قال اسود قال شريك قال سماك الرجل
يبيع البيع فيقول هو بنسأ بكذا وكذا وهو بنقد بكذا وكذا» وقد نقل في فتح القدير 5
: 218 هذا المعنى أبي نعيم أبي عبيد القاسم بن سلام .([8]) نعم حديث نهي النبي (ص) عن بيعين في بيع مروي عندنا بالطريق الموثق وسائل الشيعة
18 : حديث 23085 ، ملاذ الأخبار 11 : 444 ولكنه غير مربوط بالمقام كما هو واضح،
على أن المراد منه أحد المعنيين اللذين ذكرناهما في معنى الحديث أي أن يبيع شيئاً
بثمنين أحدهما نقداً والآخر نسيئةً بأيهما شاء المشتري أخذ ، أو أن يبيع شيئاً
للآخر على أن يبيع الآخر شيئاً منه.([9]) شرائع الإسلام كتاب التجارة ، أحكام العقود .([10])مسالك الإفهام 2 : 280 .([11]) أي كون المشروط عليه (البائع) ملتزماً بالقيام بفعل من دون أن تكون ذمته مشغولة
وضعاً بشيء فيما لم يقم بذلك بالاختيار، أو لمانع إذ شرط الفعل في العقود لا يقتضي
أكثر من الوجوب التكليفي والعصيان عند المخالفة بخلاف شرط النتيجة والغاية من
الفعل، كانعتاق العبد أو كون المال الفلاني لأحد المتعاقدين، فهو اشتراط كون ذمة
المشروط مشغولة بشيء وضعاً على ما يأتي توضيحه في الصورة الآتية. نعم يكون للمشتري
خيار تخلف الشرط على كل حال عند عدم الوفاء به.([12]) قال الشيخ الأنصاري (ره) في دفع ما قيل لاعتبار التنجيز في الشروط:
ويندفع بأن الشرط هو الخياطة على تقدير المجيء (فيما لو باع شيئاً بشرط الخياطة
على تقدير مجيء زيد مثلاً) لا الخياطة المطلقة ليرجع إلى التعليق إلى أصل المعاوضة
الخاصة ، راجع المكاسب : 283 .([13]) وسائل الشيعة 16 : باب 11 ، ابواب المكاتبة ، حديث 1.([14]) وقد استدل المحقق النائيني (ره) بهذا الحديث على نفوذ الشرط مع التعليق (منية
الطالب 2 : 126)، والأمر كما أفاده (ره) حيث تضمنت الصحيحة صريحاً تعليق الشرط ـ
عدم الخيار ـ على حريتها وملكها لأمرها.([15])المراد من هذه القيود والاستثناءات على ما بين في المصادر الفقهية هو كما
يلي :معنى كون الشرط مما يقتضيه العقد هو كل شيء يقتضيه العقد
بلا شرط، كاشتراط تسليم المبيع على البائع وتسليم الثمن على المشتري ، فإن العقد
يقتضي ذلك بصيغته، فإن اشترط ذلك كان صحيحاً. ومعنى كون الشرط ملائماً للعقد كونه
مؤكداً لما يوجبه للعقد، كما لو باع شيئاً بشرط أن يرهن المشتري عنده رهناً فإن
ذلك الشرط يؤكد معنى البيع. وأما ما ورد في الشرع جوازه كشرط الخيار، وأما ما جرى
به التعامل عند الناس كما إذا اشترى جزمة بشرط أن يخيط البائع إزارها فإن الشرط في
ذلك متعارف فيصح. (يراجع: الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري 2 : 226 وشرح فتح القدير
6 : 77 .([16]) يراجع : المبسوط 12 : 199 و 13 : 18 .([17]) مجمع الزوائد 4 : 85 .([18]) مسند أحمد حديث 3595 .([19])سنن الترمذي حديث 1152 ومسند أحمد 6339 .([20])أما الرواية الثالثة وإن كانت تامة من حيث السند، كما صرح بذلك
العلامة المجلسي في ملاذ الاخبار 11 : 444 ولكنّه غير مربوطة بالمقام إذ لا يُتصور
في ما نحن فيه تحقق بيعين في بيعة واحدة على أي تقدير، على أن الحديث لا ربط له
بأخذ الشرط في العقد أصلاً كما يأتي توضيحه.([21]) كما هو المراد من حديث نهي النبي (ص) عن بيع وشرطين، وتدل
على هذا المعنى بعض الروايات الواردة من طريق الأئمة من أهل البيت (ع) ، كرواية
السكوني عن جعفر عن أبيه عن آباائه (ع) «أن علياً (ع) قضى في رجل باع بيعاً واشترط
شرطين بالنقد كذا وبالنسيئة كذا، فأخذ المتاع على ذلك الشرط فقال : هو بأقل
الثمنين وأبعد الأجلين...» تهذيب الأحكام 7 : 64 .([22]) يراجع : المبسوط 13 : 5 ـ 18 .