مع النبي و آل البيت (ع)
الصاحب بن عباد هو أبو القاسم إسماعيل بن عبّاد بن العبّاس الطالقاني. ولد سنة 326 ه، و كان وزيراً لمؤيد الدولة بن بويه، ثم لأخيه فخر الدولة. لقّب بالصاحب لصحبته مؤيد الدولة منذ صباه، كما لقّب بكافي الكفاة. كان من نوادر الدهر علماً و فضلاً و أدباً و تدبيراً و جودة رأي. شعره بسيط خال من التعقيد اللفظي، كثير الصور و المعاني، و لا سيّما أشعاره في أهل البيت(ع). له تصانيف جليلة متعدّدة. توفي في الريّ سنة 385 ه، و نقل إلى أصفهان فدفن فيها. قالها في الرسول الأكرم (ص) و أهل بيته الطاهرين (ع).
و أخلص مدحي للنبي محمد
و أوصى إلى خير الرجال ابن عمه
تجمّع فيه ما تفرّق في الورى
فسابقة الإسلام قد سلّمت له
و قد جاهد الأعداء بدءاً و عودةً
هو البدر في هيجاء بدر و غيره
و كم خبر في خيبر قد رويتم
و في أحد ولّى رجالٌ و سيفه
و يوم حنين حنّ للفرّ بعضكم
عليّ عليّ في المواقف كلّها
عليّ أخو خير النبيّين فاخرسوا
عليّ له في الطير ما طار ذكره
عليّ له في هل أتى ما تلوتم
و بات على فرش النبي تسمّحاً
و ما عرف الأصنام و القوم سجّدٌ
و صيّره هارونه بين أهله
تولّى أمور الناس لم يستقلهم
و لم يك محتاجاً إلى علم غيره
و لا ارتجعت منه و قد سار سورةٌ
و لا سدّ عن خير المساجد بابه
و زوجته الزهراء خير كريمة
و بالحسنين المجد مدّ رواقه
هم الحجج الغرّ التي قد توضّحت
و هم سرج اللّه التي ليس تخمد
و ذريّة منها النبي محمد
و إن ناصب الأعداء فيه فما هدوا
من الخير فاحصوه فإني أعدّد
سوى أمة من بغضه تتقدّد (1)
و كان سواه في القتال يعرّد (2)
فرائصه من ذكرة السيف ترعد
و لكنّكم مثل النعام تشرّد (3)
يسوّد وجه الكفر و هو مسوّد
و صارمه عضب الغرار مهنّد (4)
و لكنّكم قد خانكم فيه مولد
أو استبصروا فالرشد أدنى و أقصد (5)
و قامت به أعداؤه و هي تشهد (6)
على الرغم من آنافكم فتفرّدوا
بمهجته إذ أجلبوا و توعّدوا
لها و هو في إثر النبيّ يوحّد
كهارون موسى فابحثوا و تأيّدوا (7)
ألا ربّما يرتاب من يتقلّد (8)
إذا احتاج قومٌ في القضايا فبلّدوا (9)
و غضّوا لها أبصاركم و تبدّدوا (10)
و أبوابهم إذ ذاك عنه تسدّد
لخير كريم فضلها ليس يجحد
و لولاهما لم يبق للمجد مشهد
و هم سرج اللّه التي ليس تخمد
و هم سرج اللّه التي ليس تخمد
(1) سابقة الإسلام : إشارة إلى سبق الإمام علي (ع) للإسلام و هو فتىً. تتقدّد : تتمزق
من حقدها و بغضها. (2) بدءاً : في بداية الأمر و ظهور الإسلام. عودة : في خلافته. (3) خيبر : الحصن الذي فتحه علي (ع). (4) عضب الغرار : قاطع الحدّ. مهنّد : سيف مطبوع من حديد الهند، و كان أفضل السيوف. (5) أقصد : أقرب و أهدى. (6) إشارة إلى حديث الطائر الذي رواه أنس و غيره. (7) تأيّدوا : تقوّوا. (8) لم يستقلهم : أي لم يطلب منهم الإقالة، كما طلبها الخليفة أبو بكر بقوله : «أقيلوني
فلست بخيركم». (9) بلّد : كان عاجز الرأي ضعيف الهمة. (10) إشارة إلى أخذ سورة براءة من أبي بكر طائها لعليّ (ع) لكي يبلّغها للناس في الحج
.