فـرقٌ
ضالـة
البهائيـــــــة
* عبد
الكريم رؤوف
مقدمة :
لقد اُبتلي العالم الإسلامي منذ دفع أهل البيت(عليهمالسلام) وأتباعهم عنموقعهم الحقيقي في قيادة الاُمة والسير بها إلى أهدافها
العالمية المتمثلة في هداية البشرية وانقاذها من ظلمات الأهواء وشرور المفاسد إلى
نور الهداية والسعادة اللائقة بالانسان الذي اُبتلي بالجمود الفكري والركون إلى
الدعة وعدم الاحساس بالمسؤولية الملقاة على عاتق كل عضو من أعضاء هذه الاُمة ، ونتيجة
الانقسامات والاختلافات التي عصفت بالاُمة تهيأت أرضيّةٌ مناسبة لنموّ وانتشار
الأفكار والحركات الضالّة والهدّامة من داخل البيت الإسلامي ، والتي لعبت دوراً
كبيراً في تخلف وتأخر المسلمين ومهّدت الطريق سالكةً لاعدائهم الكفرة حتى تمكنوا
من استعمارهم واستضعافهم والسيطرة عليهم ، فساموهم الذلَّ والهوان وجعلوهم في موقع
الخاسر الذي لا حول ولا قوة له ، فأخذ المسلم ينظر إلى نفسه نظرة احتقار وازدراء
بدلاً من أن يعود إلى ذاته ويراجع تأريخه ليعرف العلل والأسباب التي أدّت إلى هذه
الحالة انجذب ببريق الأفكار المستوردة والقوالب الجاهزة التي اُعدّت خصيصاً
للمسلمين .قال مايكل هدسون في كتابه «السياسات العربية والبحث عن
الشرعية»: «إنّه ليست هناك اُمةٌ في العالم تملك من عناصر التوحُّد ما تملكه
الاُمة العربية الإسلامية ومع ذلك فإن ماعاناه المسلمون من تمزّق وانقسام منذ قرنين
وحتى اليوم لا يُقاس به غير ما لاقتهُ بعض الشعوب الصغيرة التي عانت ولا تزال
لوقوعها بين دول كبرى ... ويكاد يجعل المسائل مستعصية على الفهم ذلك للإنحسار
المستمر لثقافة الاُمة الإسلامية ودورها وصورتها عن نفسها في التأريخ والحضارة
والسياسة والعلاقة بالعالم»([1]).الفرقة البهائية
هي واحدة من الحركات الضالّة والطرق الهدّامة التي استطاعت
أن تلعب دوراً مؤثراً في إذكاء نار الفتنة والفرقة داخل الاُمة الإسلامية . ولعل الخصوصية
التي كانت تتمتع بها منطقة نشوء ونمو هذه الحركة بالاضافة إلى الوضع السياسي
السائد لتلك الفترة الزمنية ، كان له الأثر في نشوء ملابسات وتداخلات عقائدية
ومذهبية وسياسية أدت إلى استفحالها ولو لفترة زمنية محدودة جداً من عمر الاُمة
الإسلامية .والفرقة البهائية هي امتداد للحركة البابية التي نشأت في
القرن الثالث عشر الهجري ـ التاسع عشر الميلادي ـ في مدينة شيراز على يد مؤسسها
الميرزا علي محمد الشيرازي الذي أطلق على نفسه (الباب) المولود في شيراز في الأول
من محرم 1235 هـ ـ 1819م من عائلة معروفة وكان قد كفلهُ خاله الذي يعمل في التجارة
بعد وفاة أبيه ، فسلك مسلك خاله ، واشتغل بالتجارة منذ أن شبَّ وأخذ يتنقل بين
البلدان بحكم عمله ، وعندما كان يصل إلى كربلاء يحضر مجالس الدرس والبحث لبعض
العلماء ، وخلال ذلك صار يداوم على حضور درس أحدهم في كربلاء وهو كاظم الرشتي الذي
كان يتمتع بحضور ونشاط علمي وسياسي كبير آنذاك وكان قد ذهب بآرائه مذهب الشيخية
الذي أسسه الشيخ أحمد الإحسائي والذي أطلق عليه أيضاً «مذهب الكشفية»([2])
، فكان يبشّر مريديه بقرب ظهور المهدي الموعود ويذكر أوصافه ، وكان من أوصاف
المهدي التي رددها الرشتي ما تصورهُ علي بن محمد الشيرازي بأنه ينطبق عليه ـ حسب
ما سولت له نفسه ـ فاعتقد أنه هو صاحب الزمان الذي طال على الناس انتظاره ، وعاد
إلى شيراز وهو يعتقد تماماً أنه صاحب رسالة كبرى . في هذه الأثناء ونتيجة انبهار
البعض بأفكار الكشفية واستفحال أثرها السلبي على عقول البعض الآخر ، فإن عدداً من
مريدي السيد كاظم الرشتي قد اعتقدوا أن المهدي قد ظهر ، فتركوا كربلاء وانتشروا في
الأرض بحثاً عنه فوصل بعضهم إلى شيراز والتقى بعلي بن محمد سنة 1844م / 1360 هـ ،
وكان الأخير قد أعلن دعوته وظهر بمقام المهدوية والقائمية وبأنه الباب . وقد خاطب
هذا المدّعي أول شخص آمن به الذي يدعى الملاّ حسين بشروية من خراسان قائلاً
«يامن
هو أول من آمن بي حقاً ، انني أنا باب اللّه وأنت باب الباب ولابد من أن يؤمن بي
ثماني عشرة نفساً من تلقاء أنفسهم ويعترفون برسالتي وسينشدني كل منهم على انفراد
بدون أن يدعوهم أحد أو يُنبّههم إلى ذلك . وعندما يتم عددهم يجب انتخاب أحدهم
لمرافقتي إلى الحج إلى مكة والمدينة وهناك أبلّغ الرسالة الالهية إلى شريف مكة ثم
أرجع إلى الكوفة وفي مسجد تلك المدينة اُظهر الأمر ... وسأُعيّن لكل من الثمان
عشرة نفساً رسالته ومهمته وساُعرّفهم كيفية تبليغ كلمة اللّه واحياء النفوس»([3])
.وكلمة الباب في نظر أتباع هذه الفرقة تعني المُوصِل إلى جنة
الايمان وانه أي الباب هادي العباد إلى العقيدة الحقَّة ، وانه صاحب دين جديد، وهناك
من أتباعه من فسَّر هذا اللفظ بمعنى آخر وقال : إن الباب ليس إلاّ الواسطة بين حجة
اللّه الموعود وبين الناس([4])
، وانه المبشر بظهور المهدي ، وليس المهدي نفسه ، وأيّاً كان الأمر فقد دعا الباب
الناس إلى ترك معتقداتهم والايمان به([5]) .وقد جاء في دائرة معارف القرن العشرين «قصد الميرزا علي
محمد الحج ثم زار مسجد الكوفة وبدا له بعد ذلك تأسيس دين جديد يخلف الإسلام في
بلاده ، وهناك وضع كتابين أحدهما في تفسير سورة يوسف والآخر في وصف رحلته فذهب في
تفسيره مذهباً جديداً في النظر واستنتج من آيات تلك السورة اصولاً لم يستنتجها أحد
قبله ، فطار ذكره بين الناس واحتار به الخلق ، فكان يخطب الناس في المساجد ويوجّه
أشد الملامة والتأنيب إلى قادة الدين ... وإذ ذاك سمى نفسه بالباب مشيراً بذلك إلى
الباب الوحيد الذي يدخل منه الطالب ليصل إلى حضرة الخالق عزوجل ، فأطلق عليه
أشياعه لقباً جديداً وهو (حضرة العلى) وفي هذا الوقت أعلن الباب انه (النقطة) أي منبثق
الحق وروح اللّه وتظهر قدرته وجلالته وتنازل عن لقب الباب لأحد أشياعه المدعو حسين
بشروية من أهل خراسان وهو الذي طبع البابية بطابع عملي قلبهُ إلى حزب سياسي شديد
الخطورة»([6])
.لقد بدأ الباب متذبذباً في إدّعاءاته منذ اللحظة الاولى
التي جاء بها بهذا الأمر وقد صبغ دعوته بصبغة دينية روحانية وأعلن في ابتداء دعوته
أنه جاء ممهّداً لظهور المهدي الموعود ، وبيّن ذلك في التفسير الذي وضعه لسورة
يوسف في أكثر من موضع ، فقال «قل ان اللّه فاطر السموات والأرض من عنده حجته القائم
المنتظر وانه هو الحق واني أنا عبد من عباده قد اُسخِّر الملك لدولته فأسلموا لأمر
اللّه»([7])
، وقال في موضع آخر «ياعباد اللّه اسمعوا نداء الحجة حول الباب ان اللّه ربي قد
أوصى إليّ إنّا قد انزلنا هذا الكتاب على عبدنا ليكون على العالمين على الحق بالحق
نذيراً وبشيراً»([8])
. وطبقاً لتعاليم الكشفية فانه استنتج بأن المهدي الموعود لا يشترط أن يكون هو
الامام الثاني عشر ابن الامام الحسن العسكري(عليهما السلام) ، لهذا فانه استرسل في
غيه وادعى بأنه هو المهدي الموعود الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً
وجورا . وصرح بذلك في الجلسة التي عقدت بحضور كبار العلماء من مجتهدي ذلك الوقت في
منطقة اذربايجان وولي عهد الشاه ناصر الدين ميرزا لمحاكمته ، فحينما سأله أحد
العلماء الحاضرين «من تكون وماهو ادعاؤك وماهي الرسالة التي أتيت بها» ؟ أجاب
ثلاثاً (اني أنا الموعود وأنا الذي دعوتموه مدة ألف سنة وتقومون (تقفون) عند سماع
اسمه وكنتم تشتاقون للقائه عند مجيئه وتدعون اللّه بتعجيل ساعة ظهوره . الحق أقول
لكم ان طاعتي واجبة على أهل الشرق والغرب)([9]) .وقد ادعى في احيان اخرى أنه يدعو إلى دين جديد وانه يوحى
إليه وانه نبيّ جديد جاء بشريعة تنسخ شريعة الإسلام السابقة . ويتضح ذلك عند
الاطلاع على عقائد البابية كما جاء في كتاب البيان الذي وضعه الباب بنفسه باللغة
العربية ومدى تناقضها الصريح مع العقائد الإسلامية الحقة واختلافهما مع الاصول
التي بنيت عليها الشريعة .وفي هذه المرحلة حاول الباب أن يجعل دعوته سريّة وكأنه كان
يترسّم خطى الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) لينشر دعوته بأسلوب مشابه للاسلوب
الذي اتبعه(صلى الله عليه وآله) وكان يتعبّد في خلوته ويدعي أنه يوحى إليه بكلمات
معجزات ، فخرجَ على الناس بكتابه الذي سمّاه (البيان) والذي أراده أن يكون قرآناً
جديداً ، ولكنه كان حافلاً بالأخطاء اللغوية وله اسلوب ركيك ولحنه الأعجمي لا يمكن
أن يحصى لكثرته ومعانيه قليلة . وعندما سُئِل عن سبب ذلك أجاب :
«فإن الحروف
والكلمات كانت قد عصت واقترفت خطيئة في الزمن الأول فعوقبت على خطيئتها بأن قيُّدت
بسلاسل الاعراب وحيث أن بعثتنا جاءت رحمةً للعالمين فقد حصل العفو عن جميع
المذنبين والمخطئين حتى الحروف والكلمات فأطلقت من قيدها تذهب إلى حيث شاءت من
وجوه اللحن والغلط»([10])
. وهكذا استمر في غيِّه واختلاقه المبررات لنشر دعوته المضلة فأفسد المعتقدات وبث
الدعاوى الباطلة مستفيداً من عبارات بعض من سبقه من ادعياء العلم الذين شطّوا عن
الطريق السوي وابتدعوا طرقاً بعيدة عن الدين مثل السيد كاظم الرشتي([11])
المذكور . فكان مدعاة لإضلال جمع من العوام وانحراف وانخداع آخرين ممن تأثروا
بسخافاته وشطحاته فاعتبروها تجديداً في التشريع والاعتقاد والتفقّه .نشوء البهاية :
وقد عرفت هذه الحركة بعد هذا بالبهائية وكل من ينتمي إليها
يقال له بهائي كما هو معلوم وهذه التسمية نسبة إلى حسين علي النوري الذي لقَّب نفسه
ببهاء اللّه والذي كان المحرك الثاني للدعوة بعد الباب وقد تزامنت دعوته ونشاطه مع
حركة الباب سنة 1260 هـ . حينما وصله أول كتاب منه عن طريق أحد الأتباع الرئيسيين
للباب وهو الملاّ حسين البشروي (بشروية) وينقل انه عندما استلم الكتاب من الرسول ،
وقرأ ما به بصوت مرتفع إلتفت إلى أخيه وقال له : يا موسى([12])
! ماذا تقول أليس كل من يعتقد بالقرآن ويعترف بمنبعه السماوي لا يسعه أن يتردد ولو
لحظة في أنّ هذه الكلمات قد تجلّت بنفس القوة المحيية للأرواح ، وإلاّ فانه يخطيء
في حكمه ويضلّ عن صراط العدل([13])
؟.وعندما سمع الملاّ حسين البشروي ما نقله الرسول عن قراءة
الكتاب من قبل حسين علي النوري (بهاء اللّه) ومدى تأثره به ، قال للرسول :
«لا
تخبر أحداً بما سمعت وشاهدت فاجعل ذلك سرّاً مكتوماً في صدرك ولا تفشي اسمه لأن
الذين يحسدونه على مقامه سيقومون للإضرار به، واطلب من اللّه القدير في مناجاتك أن
يحفظه فبواسطته يُرفع المستضعفون ويغنى الفقراء ويعزُّ المساكين وسيبقى سرّ الأمر
محجوباً الآن عن انظارنا فعلينا أن نرفع نداء هذا اليوم الجديد وندعو جميع الأمم
والأقوام إلى هذه الرسالة الربانية وسوف يُفدي الكثيرون من هذه المدينة أرواحهم في
هذا السبيل . ومن هذه الدماء ترتوي شجرة اللّه وتنمو حتى تستظل في ظلها جميع
الخلائق»([14])
.لقد أشرنا قبل قليل إلى أن الباب في المراحل الأولى لدعوته
كان يصرّح بأنه جاء مبشراً بالموعود المنتظر وقد استفاد من هذه الدعوى حسين النوري
وادعى بأنه هو المعني بذلك وعليه أن يظهر برسالته . وكان أول ما قام به (بهاء
اللّه) هو نشر تعاليم الباب في موطنه الأصلي (نور) في اقليم مازندران ، وقد أشاع
أتباعه بعض الاشاعات في الأيام الأولى لتحركه أرادوا من خلالها الالقاء في أذهان
الناس بأنه هو المهدي الموعود . ومما اشاعوه وهوّلوا له :
«ان أحد المجتهدين
المشهورين في ذلك الوقت والذي كان في اوج شهرته وعظمته وهو (المجتهد الشهير الميرزا
محمد تقي النوري) والتي وصلت عظمته إلى درجة أن الذين يجلسون عند اقدامه كانوا
يعتبرون أنفسهم من مفسري الشرع ومعلمي الإسلام ، قد أخبر تلاميذه عن رؤيتين رآهما
كان لهما في نظره أهمية كبيرة ، قال عن الأولى: كنت كأني واقف في وسط مجمع من
الناس يشيرون إلى منزل يقولون أن صاحب الزمان سكَنَهُ فأسرعت وأنا مستبشر بذلك
للوصول إلى حضرته ، ولما وصلت إلى المنزل مُنعتُ عن الدخول وقيل لي أن القائم
مشغول في المحادثة مع شخص آخر ولا يمكن الوصول إليه ، واستنتجت من هيئة الحراس
الذين رأيتهم بجوار باب المنزل أن ذلك الشخص هو بهاء اللّه . وأما في الثانية فقد
قال : وجدت نفسي كأني في محل وصولي صناديق عديدة قيل لي انها تتعلق ببهاء اللّه
ولما فتحتها وجدتها مملوءة كتباً وكانت الكتابة والحروف تلمع كجواهر غالية وضوؤها
يأخذ الأبصار وقد أدهشني لمعانها على شأن أيقضني من النوم فجأة»([15])
.في مثل هذه الأجواء المشحونة بالاشاعات والأقاويل استمر (البهاء)
يدعو إلى رسالته الجديدة مستخدماً اساليب ووسائل ملتوية وخادعة استطاع من خلالها
أن يجذب بعض الناس فتأثروا به وأخذوا يرددون ماجاء به ، وكانت كلماته مستمدة من
كتابات الباب ورسائله إلى أتباعه وأصحابه . وقد وصف أحد المؤرخين الغربيين
العبارات التي كان يرددها البهاء بشيء من الاعجاب والاستحسان مما ينبيء عن الرضا
لجليل الخدمات التي أسدتها هذه الدعوة للغرب الكافر ، حيث قال :
«كانت عباراته
(البهاء) كالسيل المتدفق ، فأوجبت سلاسة عباراته ووضوح بياناته أن يجلس أعظم
العلماء تحت اقدامه»([16])
.استمر البهاء يدعو إلى مذهبه تدريجياً ويجمع حوله الاتباع
دون أن يعارض بشكل صريح للإسلام ، وكان يبث سمومه بشكل غير مباشر خوفاً من رد
الفعل ، حتى سنة 1264 هـ حيث دعا بصراحة إلى نسخ الأحكام السابقة (الإسلامية) وأتى
بأحكام مبتدعة لا تمت إلى الإسلام بصلة بل هي من شرائع الدعوة الجديدة ، وكان ذلك
في مؤتمر دعا له البهاء أفراد الحركة البهائية المعتمدين وكان عددهم 81 شخصاً
حضروا في منطقة بدشت وسمي المؤتمر بمؤتمر بدشت ، وحسب الظاهر كانت بدشت قرية من
قرى شاهرود ، وقد استمر هذا الاجتماع عدة أيام ، وفيه سمى حسين علي النوري نفسه
بالبهاء وسمى الآخرين بأسماء جديدة فمثلاً سمى
«قرة العين»([17])
بالطاهرة وسمى أحد الأعضاء الرئيسيين لهذه الحركة بالقدوس وهكذا البقية . وللوقوف
على حقيقة الأمر ننقل هنا عبارات أحد أقطاب البهائية يصف فيها ذلك اليوم الذي
عقدوا فيه اجتماعهم حيث يقول : «وفي كل يوم من أيام ذلك الاجتماع المشهود كان
يُلقى تقليدٌ من التقاليد المعروفة وبذلك خرقت الحُجب الناشئة من تقديس الأحكام
الشرعية (الإسلامية) واُزيلت الأصنام التي كان يعبدها الناس عبادة عمياء ولم يكن
أحد يعرف مصدر هذا التجديد الجريء أو يعين الشخص الذي كان يدير دفة الأمور بكل
مهارة ، ذلك الذي منح كل شخص من المجتمعين في تلك القرية اسماً جديداً ، وكان كل
فرد يعتقد في واحد حسبما يظن ولم يدرك منهم إلاّ القليل بأن بهاء اللّه هو الذي
كان مصدر جميع هذه التغييرات ذات الأثر البعيد وأنه هو الذي حددها بدون خوف ولا
وجل»([18])
.وللحقيقة التاريخية يجب أن نشير إلى أن الكثير ممن تبع هذه
الدعوة لم يكونوا قد وقفوا على حقيقة الأمر في أن هذه الدعوة تدعو إلى هدم الدين وصرف
المسلمين وذلك للأسلوب المراوغ والخادع الذي أتبعه البهاء وأصحابه ، فاصطدم الكثير
منهم بعد بدشت بالحالة الجديدة والتصريحات المرتدّة ، فعرفوا حقيقة الدعوة وانهم
كانوا مخدوعين بالأفكار والآراء الجديدة والتي لم يتصوروا بأنها ستتناقض مع دينهم
ومعتقداتهم السابقة ، ويصف أحد المؤرخين الحالة التي انتابت الجمع في بدشت فيقول
«فاضطربت اركانهم واستولى على أرواحهم الرعب والغضب والدهشة»([19])
. وكان للمرأة الضالّة (قرة العين) دور كبير في تغيير الأحكام
]القديمة[ حيث سعت بنفسها إلى ابراز هذا الأمر ودخلت إلى محل
الاجتماع بدون حجاب وأمام أعين جميع الحاضرين وخطبت في الحاضرين ومما قالته
«أيها
الناس إن أحكام الشريعة الأولى أعني المحمدية قد نُسخت ، وإن أحكام الشريعة
الثانية لم تصل إلينا فنحن الآن في زمن لا تكليف فيه بشيء»([20])
. فأخذت الناس الدهشة ووقف الكل حائرين أمام هذا المنظر غير المنتظر وكانوا يظنّون
أن رؤيتها غير محجبة من أكبر المحال وبأن النظر إلى خيالها وظلها غير جائز ،
«فخبّأ البعض وجوههم بأيديهم ووضع آخرون رؤوسهم تحت عباءاتهم حتى لا ينظروا وجه
الطاهرة (قرة العين) ، فانه إذا كان النظر إلى وجه الأجنبية محرّماً فكيف النظر
إلى وجه الطاهرة ... وانتهى الاحتفال بهياج لا يوصف ووقعت الشتائم على امرأة لا
حياء عندها وظن البعض أنها جُنّت، وقال آخرون : إنها لوقاحة ولم يوافق على عملها
سوى القليل»([21])ويصف
مؤرخهم البهائي حالة الأتباع في ذلك اليوم فيقول
«وهزّهم هذا الظهور الفجائي بدرجة
أن أحدهم المدعو عبدالخالق الاصفهاني قطع حنجرته بيده وفرّ هارباً من وجه المرأة
الطاهرة وهو مغطّى بدمه ويصرخ بهيجان ، وفعل غيره من أقرانهم مثله ، وتركوا اعتقادهم
ونكصوا على أعقابهم وبقي عدد كبير واقفاً أمامها
]قرة العين[ بدون حراك متحيِّرين في أمرهم وبقى «القدوس» ـ أحد أقطاب
البهائية ـ في مكانه قابضاً على سيفه المسلول وعلى وجهه علائم الغضب الشديد وكأنه
ينتظر فرصة ليضرب الطاهرة الضربة القاضية»([22]) . هذه
مقتطفات من ردود الفعل التي حدثت نتيجة توضيح هوية الدعوة الجديدة حتى من قبل
الذين يعتبرون من الأركان الرئيسية للحركة البهائية مثل «القدوس» وقد احتفل بهذه
المناسبة جمع من بقي في هذا الاجتماع واعتبروا هذا اليوم
«يوم عيد وسرور عام وهو
اليوم الذي فيه تفكّ قيود الماضي» .وكان ذلك اليوم التأريخي والأيام التي تلته قد أثّرت في
أخلاق وعادات من حضر الاجتماع فتغيرت طريقة العبادة تغييراً فجائياً كلياً وطرحت
العبادات القديمة ]الإسلامية[ جانباً ، وكان بعضهم لا يوافق على حصول مثل هذا
التغيير الأساسي وظنّوا أنه عين الكفر وامتنعوا أن ينسخوا ما يعتبرونه من أعظم
أحكام الإسلام . وقيل : بأن الغرض من هذا الاجتماع أنه كان لوضع حدّ بين الإسلام
والأمر الجديد وكذلك لتصحيح خطأ شائع كان الكثيرون يعتقدون به وهو أن القائم
الجديد انما جاء ليتمّم الأحكام الإسلامية ، في حين أن التعاليم الجديدة نسخت
التعاليم الإسلامية ، وحسب اعتقاد البهائية «فإن العالم ابتدأ يدخل في دورة جديدة
دنيوية وعلمية فمن الضروري لها وجود قوانين وأحكام جديدة»([23])
.بالاضافة إلى ردود الفعل هذه وعودة الكثير من المغرّر بهم
إلى الإسلام فقد كان للعلماء والمراجع في حينها دورٌ كبير في اجهاض خطط ومحاولات
دعاة هذه الحركة في المناطق المهمة التي انتشرت فيها واعتبروها مراكز لهم و]لدينهم
الجديد[ مثل مازندران وتبريز وكربلاء ، فأصدروا الفتاوى
بكفر الميرزا على محمد الباب ومن تبعه وطالبوا بإجراء حد المرتدّ عليه وعلى من
يتبعه بعد القاء الحجة عليهم ، وبعد مناقشات ومباحثات لارجاعهم عن غيّهم رجع
الكثير منهم وآبوا إلى الحق حتى أن بعض المدن التي كان لعلماء أهل البيت(عليهم
السلام) فيها دورٌ كبير بتوعية وتوجيه الناس لم تلق أي تجاوب يذكر مع هذه الحركة ،
فمثلاً اُرسل إلى قم من قِبل الباب الملاّ حسين بشروية
]أحد
الأقطاب الرئيسيين[ للفرقة لتبليغ الدعوة الجديدة ولكنه لم يلق
استجابة من أهلها تُذكر ، وذكر صاحب تاريخهم يقول في هذا الشأن :
«ولما وصل إلى بلدة
قم وجد أهلها غير مستعدين لندائه ولم ينبُت البذر الذي بذره فيها»([24])
. أما في اصفهان فقد قرر العلماء وحُماة الدين أن الدعوة هذه هدمٌ لأساس الدين
واختراق لمعاقل الإسلام فعزموا على عقد اجتماع فيما بينهم ، وفيه صدّروا فتوى
وبإمضاء جميع العلماء وحكموا فيها على الباب بالإعدام ، وكان عدد العلماء الذين
حكموا على الباب بأنه كان مرتداً يستحق الإعدام يقرب من سبعين عالماً . وفي مدينة
قزوين وقف أحد علمائها المعروفين وهو الشيخ الملا محمد تقي براغاني موقفاً حازماً
من هذه الدعوة المنحرفة وأصدر الفتاوى وخطب على المنابر موضحاً ضلال هذه الفرقة
وانحرافها عن الإسلام ، وأبطل الدعاوى التي كانت تستند عليها وكفّر أصحابها من
قبيل نظريات وأفكار السيد كاظم الرشتي فاضمر له البابيون شراً وتآمروا على قتله ،
وكانت «قرة العين» العقل المخطط والمحرض لارتكاب هذه الجريمة ، ومع وجود رابطة
وقرابة بين الشيخ الملا محمد تقي البراغاني وقرة العين حيث إنه عمّها فإنها لم
تتورع عن قتله فسخرت مجموعة من أتباعها ورسمت خطة لقتله في أحد أيام سنة 1264 هـ .
ونفّذ أتباعها الجريمة عندما كان الشيخ قائماً يصلي في محراب المسجد ، وكان شيخاً
طاعناً في السن ، وقد وصف أحد المؤرخين هذه الحادثة حيث قال :
«كان من عادة المرحوم
البراغاني أن يذهب كل ليلة إلى المسجد وفي هذه الليلة ذهب كعادته وفيما كان
منشغلاً بصلاة الليل وفي السجدة التي كان مشغولاً فيها بقراءة المناجاة السجادية
المشهورة (الخمس عشرة) هجم عليه مجموعة من تلك الفرقة (البابية) والذين كانوا قد
اتخذوا كميناً لهم في المسجد فطعنوه في رأسه ورقبته ثماني طعنات اصيب على أثرها
بجروح ولكبر سنه لم تمهله هذه الطعنات وبعد يومين انتقل إلى رحمة اللّه»([25])
.وقد سببت هذهِ الجريمة موجة من الاستياء والغضب في قزوين لم
تهدأ وخرج الناس عند سماعهم الخبر كالأمواج المتلاطمة بمسيرات لم يسبق لها مثيل
ينادون بالجهاد ضد هذهِ الفرقة وهم ينادون «الغوث الغوث ، الجهاد الجهاد» فرأت السلطة
ان الوضع سيفلتا من يدها فأصدرت الأوامر بالتدخل والقبض على القتلة ، وفي النهاية
تم ذلك لكن «قرة العين» المنفذ الأول استطاعت أن تهرب إلى طهران وأن تلجأ إلى بيت
بهاء اللّه([26])
. ولشدّة تعلّق أهل قزوين بهذا العالم الزاهد وحبهم له فقد اطلقوا عليه لقب الشهيد
الثالث([27])
.وفي مازندران تصدّى أحد العلماء المشهورين والمعروف بـ
«سعيد العلماء» للدعوة الهدامة الجديدة، وشارك شخصياً في استئصالها من هذه المدينة
وقد جمع الناس في أحد الأيام التي أغار بها البهائيون على المدينة ، ومن جملة
خطابه في المسجد الجامع ما قاله : «تيقّظوا لأن أعداءنا متربّصون ومترصّدون لإنهاء
ونقض كل ما نعتبره مقدساً وطاهراً في الإسلام . وإذا لم نقدر على مقاومتهم فلا
يذرون أحداً يفلت من بطشهم أو قبضة يدهم ، وقد جاء رئيسهم ـ بهاء اللّه ـ إلى مجلس
درسي ذات يوم فلم أعره أي اهتمام ولم أقدم له الاحترام الذي كان يتوقعه فقام
غاضباً ... فما الذي يا ترى يفعله الآن هذا المتمرد الذي يتقدم ومعه طائفة من المتوحشين
، فيجب على سكان «بارفروش» ـ منطقة في مازندران ـ رجالاً ونساءً وشباناً وشيوخاً
أن يتسلّحوا ضد هؤلاء المنحرفين عن الإسلام المحتقرين له وأن يقاوموا حملتهم بكل
ما اوتوا من قوة . وعليكم باكراً في الصباح أن تخرجوا جميعاً لاستئصال شأنتهم
ومحوهم» . فلبَّت الجموع المحتشدة نداءه وأثرت على سكان المدينة أقواله فقاموا
لإعلاء كلمة الدين وطاعة لولاة أمرهم وقاوموا الهجوم الذي شنّه البهائيون على
المدينة ، ونتيجة لهذه الفتوى فقد أرسلت الحكومة عوناً لمقابلة المهاجمين وتم
القضاء على هذه الفتنة في هذه المدينة بعد عدة أيام . وصدر حكم الإعدام في مدينة
تبريز ضد الباب علي محمد الشيرازي ، وقد نُفذ فيه الحكم في سنة 1266 هـ 1850 م في
28 شعبان ، وامضاه جملة من المجتهدين في تبريز منهم الملا محمد المامقاني والحاج
ملا محمود الملقب بنظام العلماء وميرزا علي أصغر شيخ الإسلام([28])
.وبعد اعدام الباب استقل الميرزا حسين علي النوري بالأمر
وأخذ يدعو إلى نفسه ونشط في نشر ادعاءات جديدة فاقت ما كان يدعوا له الباب ونتيجة
للضغط الشعبي العام ، وضغط مراجع الدين على المسؤولين فقد قررت الحكومة محاكمته ، ولأنه
كان من اسرة عريقة كانت مقربة للحكام والسلاطين منذ السابق فقد حوكم بمحضر عدد من
الوزراء وبحضور السفير الروسي ، وقد وقف السفير الروسي إلى جانب حسين علي النوري ،
وكان لهذين العاملين أي كون الأخير من اسرة مقربة من السلطان ولوقوف السفير الروسي
إلى جانبه أثر في إنقاذ رقبته من المشنقة إذ اُكتفي بنفيه خارج البلاد فاختار
العراق منفى له ولمن تبعه . وأنه لأمرٌ ذات مغزى أن يدافع السفير الروسي عن حسين
النوري وأن يكون هو وأتباعه من المشمولين بالحماية الروسية([29])
. وما كاد بهاء اللّه يحصل على حريته ، حتى تسلم أمر الحكومة انه عليه في ظرف شهر
أن يغادر طهران هو وأسرته إلى خارج حدود ايران ، وبمجرد علم السفير الروسي بإجراء
الحكومة هذا عرض عليه أن يأخذه تحت حمايته وطلب منه الذهاب إلى روسيا ولكنه أختار
بدلاً عن ذلك السفر إلى العراق ، فكان خروجه هو وأفراد أسرته وبينهم
]الغصن
الأعظم[ ابنه الملقب بـ (عبدالبهاء) وميرزا موسى كليم
]أخوه[ محروسين بعدد من الحرس الملكي وموظف في السفارة
الروسية ، وسافروا إلى بغداد في الأول من ربيع الثاني سنة 1269 هـ ـ 1853م([30])
.وفي العراق دبّ النزاع بين زعماء هذه الحركة ، وكان النوري
يأمل في أن يتولى القيادة وأن يدير أمر الحركة ، ولكنه صادف مقاومة شديدة من جانب
الزعماء الآخرين المنافسين له وكادوا أن يفتكوا به، ففضّل أن يغادرهم إلى مكان قصيّ
، وذهب إلى مكان يسمى (سركلو) في كردستان أمضى فيه فترة من الزمن يقال : إنه وضع
خلالها كتابه المسمى (ايقان) ، وبعد ذلك قرر العودة إلى بغداد ليضع حداً للنزاع
بينه وبين زعماء الحركة الآخرين ، فادّعى بأنه هو المهدي الحقيقي ، ونسخ الدعوة التي
نادى بها الباب وأعلن بأن الباب كان يهيىء الطريق أمام شخص أعظم منه وأن مؤلفات
وكتابات الباب إنما أوحى هو بها إليه فكان الباب منفّذاً لارادة البهاء ، وحتى
يبقى هو بعيداً عن أيدي الناقمين حتى يتم رسالته([31]) .حاول البهاء أن ينشط في العراق فتصدى له علماء الدين في
النجف وكربلاء وضغطوا على السلطات العثمانية في ذلك الوقت لأن العراق كان تحت
الحكم العثماني ، وحتى لا تُستغل قوة المذهب الشيعي في العراق ويرتفع صيت علماء
أهل البيت(عليهم السلام) ، صدرت الأوامر من الباب العالي إلى والي بغداد بأن يشرف
بنفسه على ترحيل حسين النوري وأتباعه إلى الاستانة([32]) .ولقد كانت دعوة البهاء أوسع نطاقاً من ادّعاءات الباب فبعد
مغادرته العراق أخذ يكتب إلى رؤساء الدول الكبرى داعياً إلى الايمان به وكأنه أراد
أن يترسّم خطى أصحاب الرسالات . في رسائله إلى كل من شاه ايران وإلى السلطان
العثماني وكان يستخدم اسلوباً قرآنياً في مظهره ولكنه كان ركيك العبارة ، وقد
تجاوز في بعض عباراته صفة النبوة إذ استخدم عبارات تنمُّ عن ادعائه الالوهية فيقول
مثلاً : «إنه لا يرى في هيكله إلاّ هيكل اللّه»([33]) .وبينما البهاء يبذر بذور دعوته وعقائده الجديدة في الاستانة
تصدى، له اخوه يحيى وكان من أقطاب الحركة ويعرف باسم صبح الأزل وأدعى أنه هو
المهدي وإن البهاء هو الامام الظاهر وانه هو الامام الباطن الحقيقي وشنّع على
البهاء بأنه غدر به واستولى على صفات لا حقَّ له فيها ، انقسم أتباع الحركة بين
مؤيد لهذا ومؤيد لذاك ، واستمر هذا النزاع بين الأخوين فترة من الزمن ففشلت الدعوة
البابية والبهائية في أن تحصل على تأييد واسع النطاق في العراق وفي الشرق الإسلامي
بصفة عامة . ونورد هنا ما ذكره المعلم بطرس البستاني في دائرة معارفه حول الفشل
الذي لقته الحركة بعد اخراج أتباعها من بغداد ونقلهم إلى الاستانة ، فيقول : «تنفس
صبح أزل ـ يحيى أخو بهاء اللّه ـ واسفر على الناس قائماً بأمر الخلافة داعياً إلى
دين استاذه السيد علي ـ الباب ـ فحسده أخوه وأنكره وأدعى أنه دجال فوقع الشقاق
بينهما وافترق التابعون فئتين ، فئة اقتدت بصبح أزل وأخرى ببهاء ، والاولى تسمى أزلية
والأخرى بهائية والبابية اسم لهما عام ، وبعد مدة احسّت الدولة العثمانية منهم سوء
المقاصد وأوجست منهم شراً فنفت صبح أزل إلى جزيرة قبرص فمات فيها ونفت بهاء إلى
عكا وهو الآن فيها مع جمع من أتباعه([34]) .نبذة موجزة عن بعض عقائد وتشريعات الفرقة البهائية :
عقائد البهائية موجودة في كتبهم وأخصها كتاب البيان الذي
وضعه الباب باللغة العربية وكتاب ايقان الذي وضعه البهاء بعد خلافته للباب ، نذكر
ما ورد فيها باختصار :فعقيدتهم في خالق الكون بأنه إله واحد أزليّ كما يعتقد المسلمون
، ولكن هذا التوحيد يختلف عن التوحيد في الإسلام كل الاختلاف في أصله ومعناه ،
فالخالق في العقيدة الإسلامية ذات بأوسع معاني هذه الكلمة له استقلاليته عن الكون
، ولكن الخالق في العقيدة البابية متوحد بمعنى أن ليس له شريك يشاركه في القدرة
ولكن ليس له استقلالية عن الكون والخلق ، وعليه فإن الخلق في مذهب البهائية هو
مظهر اللّه ذاته فهو يخلق لأنه لا يُدرك حيّاً مؤثراً إلاّ بالخلق ، وأن اللّه ليس
له أسماء ولا صفات ولا أفعال ، وأن كل ما يضاف إليه من أسماء وصفات وأفعال هي رموز
لأشخاص ممتازين من البشر قديماً وحديثاً وهم مظاهر أمر اللّه ومهابط وحيه وآخرهم
وأكملهم هو حسين المازندراني الذي نصب نفسه (بهاء اللّه) ، وبناءاً على ذلك فقد
اعتبر نفسه مظهرا للّه الأكمل وهو الموعود ومجيئه الساعة الكبرى وقيامه القيامة
ورسالته البعث والانتماء إليه الجنة ومخالفته هي النار([35]) . أما في
الإسلام فإن الخلق صادر عن أمر اللّه تعالى وتقديره ، فهو يخلق لأنه أراد أن يخلق
، وقد جاء في البيان بأن مجموع الكائنات هو اللّه نفسه «الحقُ يا مخلوقاتي انكِ
أنا» فيرى الرائي من هذا أن مذهبهم هو مذهب وحدة الوجود بعينه . أما النبوة في
نظرهم فبما أنهم يعتقدون بأن الناس والكون نفسه والطبيعة هي مظهر اللّه ذاته فالنبي
والحال هذه هو مظهر أكمل للّه تعالى ويكون دائم الاتصال بالأصل الالهي الذي نشأ
منه ، وعندهم أن الرسل الأولين إنما بعثوا لينبهوا الطبيعة الانسانية النائمة ،
فوظيفتهم تمهيدية محضة ، فلما تنبهت الانسانية وأدركت ذاتها وجدت ما بين يديها من
الوحي غير كاف لإقامة حياتها فاقتضى الحال أن يقف الرسل بعضهم بعضاً فجاء عيسى بعد
موسى وارسل محمد]9[ بعد المسيح حاملاً للناس شرعاً جديداً ، وان
الديانات السابقة والأنبياء السابقين كانت مهمتهم التبشير بالبهاء وأن ظهوره هو
ظهور جمال اللّه الأبهى ـ لهذا فقد كان أتباع البهاء يدعونه ربنا ـ وعلى هذا فهم
يعترفون بالرسالات السابقة في حدود التبشير برسالة البهاء([36])
. وهم يعتقدون بأنه بظهور الباب دخل الوحي في دور جديد فلم يُقرر بأن زمن الوحي
انقضى بل مدَ ناموس الارتقاء الديني إلى المستقبل ، ولا يُجرم بأن البابية هي آخر
ما سيعطاه الانسان من الوحي الالهي ، بل سيكون بعدها إنزال آخر الوحي ، وحسب هذا
فمن الممكن أن تكون هناك عدة نبوات وأكثر من نبي بعد خاتم الأنبياء «محمد(صلى الله
عليه وآله)» وهم ينكرون اعجاز القرآن الكريم وفي ذلك يقول أحدهم وهو أبو الفضل
الجرفادقاني : عند أكثر علماء الإسلام فصاحة القرآن حجة بالغة ، وبلاغة كلامه
معجزة دافعة ، ولكننا فندنا هذا الرأي في كتب عديدة بما لم يبق شك فيه لأرباب
البصائر والنظر([37])
.وهم يعتقدون في نهايات الأشياء بأن الأتقياء والأخيار
يرجعون إلى اللّه ويعيشون في كمالاته وسعاداته ، وأما الأشرار فيفنون لأن الفناء
هو النهاية الطبيعية لكل شر ، والطبيعة ذاتها لا تشذُّ عن هذه القاعدة ، فلا حساب
ولا كتاب ولا ثواب ولا عقاب . فإذا قامت القيامة رجع الخلق إلى اللّه وفنوا في
وحدته التي صدروا عنها فيتلاشى إذ ذاك كل شيء . وتوجد عقائد أخرى عندهم أشبه
بالأساطير والخزعبلات والخرافات لا نريد أن نخوض فيها حرصاً على عدم الاطالة
والاختصار .أما فيما يخص الأحكام والعبادات ، فعندهم أن الصلاة يُكتفى
منها بمرّة واحدة كل شهر كما ورد في «البيان» كتابهم المقدس وفي كتاب آخر لهم
فانها يكتفى فيها بمرة واحدة كل يوم ، وهي ركعتان فقط وقت الصباح . ولم تعترف ديانتهم
بالنجاسة المعنوية التي يرفعها الوضوء فلم تعطه إلاّ جهة الفائدة العائدة منه على
النظافة والتجمل ، أما قبلتهم فقد اتخذوا مسجداً كبيراً في شيراز وجعلوه كعبة
تُولّى الوجوه إليها في الصلاة وتفسد الصلاة بالانحراف عنها([38])
. وعندهم جُعل الشهر 19 يوماً لأن هذا العدد عندهم مقدَّس والصوم على ذلك تسعة عشر
يوماً في أحد أشهر سنتهم ، ومن الملفت للنظر انهم يحتفلون في أول المحرم من كل عام
بفرح زائد بمولد الباب ، والمعروف أن الأيام العشرة الأولى من المحرم عند الشيعة
أيام حزن وألم([39])
.ومن أحكامهم أنه يجب تخريب جميع البقاع المقدسة كمكّة وبيت المقدس
وقبور الأنبياء والأولياء عند حصول أول سلطة لأحد ممن تبع دينهم([40])
.وفي كتاب البيان فقد أمر الباب أتباعه بلبس الألبسة الفاخرة
والتحلّي بالحرير والذهب والأحجار الكريمة والحُلي ، فقال :
«البسوا أثواب الحرير
في أيام أعراسكم وأن سمحت لكم نساؤكم فلا تلبسوا سوى الحرير»([41])
وفي مكان آخر من البيان يدعو إلى حلق اللحى فيقول
«احلقوا شعر وجوهكم فإنكم تصيرون
أجمل مما أنتم عليه»([42])
.وبالنسبة للمرأة فإن ديانتهم رفعت عنها الحجاب ، فقال الباب
في (البيان) «كل بابي مسموح له أن يرى جميع النساء وأن يتحادثهن وأن يكون مرئياً
منهن»([43])
، وأباح للمرأة أن تُبدي زينتها وأن تتجمل كما تشاء وحرّم الطلاق أحرج تحريم([44])
.ويقال : إنه يجوز نكاح الأخت عندهم([45])
. وقد نسبهم السيد جمال الدين الأسد آبادي إلى الاباحية وهذا من لوازم مذهبهم حيث
أن كل من خالفهم في معتقدهم فدمه وماله هدر([46]) .الفرقة البهائية في أحضان الاستكبار والصهيونية
العالميّة :
تتميز الطبيعة الاستكبارية بأنها تعمل على تسخير كل ما يمكن
من امكاناتها وطاقاتها لغرض استغلال أي حالة شاذة أو حركة متطرفة لتضع منها بؤرة
تستطيع من خلالها مدّ جسور التدخّل أنّى شاءت وذلك في سبيل خدمة مصالحها وإحكام
سيطرتها ، بالخصوص ما يتعلق بما يسمى بدول العالم الثالث وأخصها العالم الإسلامي ،
وهذا لا يعدو التأثيرات السلبية التي خلفتها الحركة البهائية على الأمة الإسلامية واحتضانها
من قبل الاستكبار في العالم . والاستعانة بها في سبيل شق عصا المسلمين من خلال نشر
البدع والأفكار المنحرفة وبالتالي انشغالهم عن المؤامرات والخطط التي تحيكها لهم
الدوائر الاستكبارية ، ومنذ أن أصبح واضحاً لدى الاستكبار مدى تأثير علماء الإسلام
وبالخصوص علماء أهل البيت(عليهم السلام) والقيادات الشيعية ، صار لزاماً أن لا
تترك هذه الفرصة دون الافادة منها ، لأن البهائية كانت بمثابة ارتداد صريح عن
الإسلام وإن كانت مراحل الدعوة الأولى لا تدعو إلى ذلك بشكل مباشر إلاّ أنها بعد
ذلك أصبحت ديانة مستقلة ، مما لم يترك بُداً أمام علماء أهل البيت(عليهم السلام)
من أن يقفوا موقفاً حازماً منها . وأول من أراد أن يجني الفوائد من تحرك الدعوة
البهائية هو روسيا حيث وطّدت علاقاتها مع قادة الحركة منذ البدء عن طريق سفاراتها
في ايران والعراق، وتعاطفت معهم ومدّت الجسور من خلال أحد أتباعها المدعو منوجهرخان
، وكان أرمنياً وقد كان يشغل منصب حاكم اصفهان أيام بروز الباب واعلان دعوته وقد
لعب دوراً في تحريض الباب على علماء الدين ، وخلال فترة تصدّي العلماء لدعوة الباب
لم يدَّخر جهداً في الدفاع عنه أمام الاتهامات الموجّهة إليه وأمام ملاحقة السلطات
له في ذلك الوقت حيث كان في حمايته عندما حلّ في اصفهان([47]) .هذا وقد دفعت السفارة الروسية بعض أتباعها من اليهود الروس
الماسونيين لانقاذه من رصاصات الاعدام ولكنهم لم ينجحوا في مساعيهم .واستمرت هذه الحماية على مستويات أوسع وأرفع حيث تولّت
السفارة الروسية وعلى مستوى السفير الروسي حماية البابيين كل ماأمكنها ذلك
وكلما سنحت الفرصة ، ان من المنعطفات الخطيرة في تاريخ الدعوة البهائية هو محاكمة
الميرزا حسين علي النوري (البهاء) لاتهامه بضلوعه في مؤامرة قتل ناصر الدين شاه ،
حيث لولا وقوف السفير الروسي إلى جانبه والدفاع عنه لكان نصيبه الاعدام ـ حيث أن
السفير الروسي شهد ببراءة البهاء([48]) ـ كما حصل
لجماعته الذين حكموا بنفس التهمة ونُفذ فيهم الحكم . وهذا الموقف الروسي ماهو إلاّ
تقدير للخدمات التي أسداها حسين علي النوري وأتباعه وتنفيذ المخطط الذي كانوا
وضعوه له في الاسيتلاء على الزعامة البابية وضرب الدين الإسلامي والقضاء على وحدة
المسلمين بما كان يتمتع به من خبث ومكر ودهاء، وقد كتب رسالة إلى الامبراطور
الروسي نيكولافيج الكسندر الثاني شاكراً جاء فيها
«قد نصرني أحد سفرائك إذ كنت في
سجن الطاء (طهران) تحت السلاسل والاغلال ، بذلك كتب اللّه لك مقاماً لم يحط به علم
أحد إلاّ هو وإياك أن تبدل هذا المقام العظيم»([49]) .لقد كانت للسفارة الروسية وقنصلياتها في المناطق الرئيسية
التي شهدت هيجاناً من جرّاء الفوضى التي أحدثتها البابية دورٌ في زيادة تأزم
الأوضاع وتفاقمها . يقول العلامة محمد حسين كاشف الغطاء : «كنا قبل سنوات عثرنا
على كتيب صغير بالفارسية لأحد الأفاضل الذين عاصروا الباب وشاهدوا كل تلك الحوادث
مباشرة مع تحليل دقيق ، وملخص ما ذكره : أن رجلاً من روسيا أتى طهران بعد أن انتزع
الروس مملكة القوقاز من الدولة الايرانية وأرادوا اشغالها عن التفكير في استرجاع
ما غصب منها ، فتعلم الفارسية وأتقنها ثم أظهر التدين بالاسلام وتزيا بزىّ أهل
العلم بلحية كبيرة وعمامة كبرى وعباءة وسبحة ولازم صلاة الجماعة ودرس شيئاً من
المباديء واشتهر باسم الشيخ (عيسى) ثم جاء في عواصم ايران كأصفهان وشيراز فوجد
فيها ضالته ، فاجتمع بالباب وكان غلاماً جميلاً ، وبتوسط خاله خلا به مرات عديدة ،
والظاهر أنه هو الذي كان حلقة وصل بين البابيين والحكومة القيصرية الروسية ، حيث زودتهم
بالاسلحة فقاتلوا بها المسلمين ، ولقد كان يحرض الناس على الثورة، يظهر كقائد عسكري
، ويعلم البابيين فنون الحرب والهجوم على الجيش الفارسي([50]) ، وقد كشفت
التقارير الموجودة في السفارة الروسية عن هذا الشيء فقد جاء في أحد التقارير التي
ارسلها السفير الروسي في ايران «دولكوروكى» إلى وزير الخارجية الروسية آنذاك
«انسكروا» سنة 1850م والمرقم (48) ما يلي «جيد جداً إن بدأت الخلافات والصراع بين
الفرقة البابية وعلماء الإسلام تزداد شدّة ، وقد اتهمت البابية علماء الإسلام
بالانحراف»([51])
.ومن هذا يتبيّن أن الحكومة الروسية اتخذت من الميرزا علي
الباب ـ مؤسس الحركة البابية ـ صنيعة لها وذلك للاخلال بالأمن في بلاد ايران
والبلاد الإسلامية المجاورة واشتغال المسلمين بحرب داخلية في مابينهم ، حتى
يخلو لهم الجو لتنفيذ مؤامراتهم وللتمهيد لاحتلال أراضي اسلامية عزيزة . يقول الدكتور
محمد مهدي خان : «إن الحكومة الروسية رأت لتنفيذ أغراضها في ايران تقوية القوم
]البابية[ فأخذت تساعدهم في بلادها وأعطت لهم حرية كاملة
في اظهار دينهم فبنوا لأنفسهم معبدين أحدهما في باكو والثاني في عشق آباد»([52])
.«ولقد سمحت الحكومة الروسية للفرقة البابية ببناء معبد لها
في مدينة عشق آباد للوقوف بوجه الحركة الإسلامية كما ساعدتها في طبع ونشر آثارها ،
وما إلى ذلك من المساعدات الأخرى . ونتيجة لحماية الروس لأعضاء هذه الفرقة فقد
أرسل ميرزا حسين علي رسالة ثناء للقيصر الروسي يذكر فيها خدماته لأسياده الروس
ويشكرهم على حمايتهم للبابية»([53]) .وعندما رأت بريطانيا أن روسيا تعمل على الاستفادة من الحركة
البهائية في سبيل خدمة مصالحها في المنطقة الإسلامية ـ ايران والعراق ـ فانها لم تتوان
عن استغلال الفرصة للاستفادة من الوقت وهذا ما تمليه طبيعة الصراع بين الدول
الاستعمارية في سبيل بسط النفوذ والسيطرة . وكان لقاء القنصل الانجليزي في بغداد
الكولونيل سيرآرنولد باروكيل بالبهاء من المؤشرات الهامة لهذه العلاقة حيث انه
رغَّب الأخير في الالتجاء إلى بريطانيا وطلب العون والحماية من الملكة فكتوريا ،
وحتى أنه وعده بتهيئة الفرصة باللقاء بالملكة([54]) ، سيّما وأن
البهاء كان يمرّ بأزمة وضيق في العراق بعد رحيله عن ايران وذلك بسبب الصراعات داخل
الحركة وكذلك الموقف السلبي الذي قوبل به من قبل النجف وكربلاء اتجاه الدعوة
واعلان الحرب عليه وعلى أتباعه ، ومن الجدير أن نذكر أن علاقة البهائية ببريطانيا
تعود إلى مرحلة متأخرة من قيام هذه الحركة التي نعمت تارة بعطف روسيا وتارة أخرى بعطف
الدولة العثمانية خصوصاً بعد أن تخلت روسيا عن الدعم لهذه الحركة بعد قيام الثورة
البلشفية، وقد تلقفت بريطانيا هذه الحركة ورعتها وقدمت لها الحماية والدعم المالي
واستعملتها لخدمة مصالحها على نطاق واسع حتى أن بعض البهائيين قدموا خدمات جليلة لاستخبارات
الجيش البريطاني مما سهل له خلال الحرب العالمية الأولى السيطرة على فلسطين
والأردن بصورة خاصة وبقية البلدان الإسلامية بشكل عام . واستمرت هذه العلاقة لصالح
بريطانيا ولم يتورع العديد من رموز البهائية المعروفين عن العمل كجواسيس للانجليز
خصوصاً أيام الحرب ، وعلى هذا فان مما لاشك فيه ان حسين علي النوري (البهاء) وابنه
عباس أفندي قد أفادا الانجليز فائدة كبيرة في الاطاحة بالخلافة العثمانية وساعدوا
الانجليز في الاستيلاء على البلاد العربية (الإسلامية) وفلسطين على الوجه الأخص .وقد كانت الخدمات الجليلة التي أسداها عبد البهاء (عباس
افندي) ـ خليفة البهاء ـ لهم ]للانجليز[ مدعاة لمنحه ميدالية البطولة الانجليزية
[Kinghthood] حيث أنه كان يزودهم بالتقارير والمعلومات عن
فلسطين ومصر وتركيا وايران([55])
. وكان عبدالبهاء هذا قد فاق أباه مكراً ودهاءاً ، وأضاف المزيد من الانحرافات
والضلالات إلى التعاليم البهائية الهدامة ، ومن جملة ضلالاته أنه أقرّ ببنوة عيسى
بن مريم(عليه السلام) للّه عزوجل ونادى بالحقيقة المسيحية وقال انها ليست من سلالة
آدم ولكنها بنت اللّه وغير ذلك من الخزعبلات والأوهام .ومن المأثر عن عبدالبهاء هذا انه كان يردد الدعاء الآتي
«اللّهم أيد الامبراطور الأعظم جورج الخامس عاهل انجلترا بتوفيقاتك الرحمانية وادم
ظله الظليل على هذا الأقليم بعونك وصوتك وحمايتك انك أنت المقتدر...» وعند موته
لعنهُ اللّه شارك في تشييع جنازته المندوب السامي البريطاني في فلسطين هيررت
صموئيل الذي كان من أركان المنظمة الصهيونية ومموليها([56]) .ومن خلال بريطانيا ودورها في الحرب الأولى برزت اسرائيل إلى
الوجود وتعهدت بريطانيا بحمايتها وتقويتها ، فاستغلت وجود رأس البهائية في فلسطين
فعملت على تقوية الروابط والعلاقات بين رؤوس الحركة البهائية والصهاينة اليهود لا
سيما وان التعاليم التي جاءت بها البهائية كانت تدعو بشكل صريح إلى انشاء وطن لليهود
كما جاء في الكتاب الأخير الذي ألفه البهاء قبل موته والذي سماه (الاقدس)([57])
. وقد حاول البهاء في تعاليمه أن يربط بين مصير اليهود وعودتهم إلى الأرض المقدسة
وبين بروزه وانتشار دعوته ، فمتى ما ظهر المجد المزعوم في هيكل الميرزا حسين
النوري ، يتجمع اليهود ويعودون إلى الأرض المقدسة ، وهذا هو بيت القصيد ولأجله
كانت نصرة اليهود العالمية لهذه الحركة منذ أيام الباب الأولى إلى الآن . بالاضافة
إلى هذا فان اليهود حاولوا بكل ما لديهم من وسيلة لتثبيت مركز الميرزا حسين
(البهاء) ، وبلغ الأمر أنهم استخلصوا من دقائق عبارات العهد القديم وتنبؤات أسفاره
ما ينبيء بظهور بهاء اللّه ، وابنه عبدالبهاء (عباس افندي) وزعموا أن كل آية تشيد
بمجد يهودا تعني ظهور مخلّص العالم في شخص (البهاء) ، كما نسبوا جزءاً كبيراً من
الاشارات والتعليمات التي في الأسفار إلى جبل الكرمل الذي تجلى منه نور اللّه
واضاء الكون وحددوه في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ـ الفترة التي نشأت فيها
البابية والبهائية ـ ، فضلاً عن أنهم لم ينسوا أن يستخرجوا مما يحتويه سفر دانيال
من الرؤى ما ينبيء عن قيام الحركة التي أوجدها الباب وأن يلتمسوا بتأويلها ويدل
على وقت حدوثها .ورداً للجميل الذي قدمه الصهاينة واليهود للحركة البهائية
كان رؤوس الحركة لا يدخرون جهداً في خدمة الصهيونية العالمية فقد قضى الميرزا حسين
النوري حياته في الدعوة للتجمع الصهيوني على أرض فلسطين وبث الدعايات والأقاويل
للايحاء بأن فلسطين لا تنفك أبداً عن كونها الوطن الموعود لليهود. قال في كتابه
الذي زعم أنه وحي ينزل عليه من السماء : «هذا يوم فيه فاز الكليم بأنوار القديم
... هذا يوم فيهأسرع كليم اللّه شوقاً للقائه وصاح
الصهيون قد أتى الوعد ، وظهرماهو المكتوب في ألواح
اللّه المتعالي العزيز المحبوب» . ويقولابنه عبدالبهاء في
الدعوة الماكرة لهذا التجمع الصهيوني العالمي:
«وفي زمان
ذلك الغصن الممتاز وفي تلك الدورة سيجتمع بنواسرائيل في
الأرض المقدسة وتكون اُمة اليهود التي تفرقت فيالشرق
والغرب والجنوب والشمال مجتمعة» ثم يقول في موطن آخر«فانظروا
الآن تأتي طوائف اليهود إلى الأرض المقدسة ، ويمتلكون الاراضي والقرى ويسكنون فيها
ويزدادون تدريجياً إلى أن تصير فلسطين جميعاً وطناً لهم»
ولم تكن هذه نبوءة صدقت
بعد ذلك بقدر ماكانت ترجمة لآمال وأطماع اليهود في
احتلال فلسطين منذ زمن سحيق . وقد أشار جامع الأزهر عندما أصدر البيان الذي اعتبر
فيه هذه الحركة مرتدة عن الإسلام إلى العلاقة الحميمة بين البهائية واليهود حيث جاء
ما نصه «ولقد تزلّف البهائيون إلى اليهود الصهاينة ومالؤوهم على العرب والمسلمين وبشروهم
بأن فلسطين ستكون وطناً قومياًلهم»([58])
.بالاضافة إلى هذا الدعم والتعاون المشترك بين البهائية
واليهود فهناك تعاون من نوع آخر لا يقل خطورة عن ما اسلفنا حيث أن البهائيين في
فلسطين المحتلة كانوا يزودون الصهاينة بالتقارير والمعلومات التفصيلية عن تحركات
المسلمين ضد الاحتلال الصيهوني ، وقد أعلنت الحركة البهائية عن حسن نواياها على
لسان رئيسها شوقي افندي ]ولي أمر
اللّه[ خليفة عبدالبهاء اتجاه الوجود الاسرائيلي في
فلسطين حيث ارسل رسالة إلى السير (اميل سندراسكورم) رئيس اللجنة الخاصة للأمم
المتحدة في قضية فلسطين بعد الاحتلال الاسرائيلي المشؤوم تحدث فيها عن الديانة
البهائية بشكل مفصل وعن تعاونها مع بريطانيا والصهيونية العالمية وترحيبها
بالاحتلال الصهيوني ، وأشار أنه لا فرق هناك إذا كان الحاكم في فلسطين يهودياً
صهيونياً أو مسلماً ، وقد شكر الحكومة الصهيونية على اتاحتها الفرص المناسبة لنمو
وتطور ]الديانة
البهائية[ وفسح المجال أمامها لنشر عقائدها والتبليغ
لآرائها وأفكارها عن طريق الوسائل الاعلامية المختلفة([59]) .وبعد تشكيل دولة اسرائيل التقى شوقي افندي رئيس الفرقة
البهائية مع ]رئيس
الجمهورية الاسرائيلة[ في 29 / ابريل / 1994م لقاءً رسمياً ، وكانت
المباحثات التي جرت بين الطرفين موفقة ، وقد نقل هذا اللقاء كروس آيواس سكرتير
المجلس البهائي العالمي برسالة ارسلها إلى المحفل الوطني البهائي في 3 مايس 1954م شرح
فيها ما جرى مفصلاً في اللقاء الذي جرى بين الطرفين([60]) .وننقل هنا بعض ما جاء في الخطاب الرسمي الذي وجهه شوقي
افندي إلى البهائيين ، والذي شرح فيه رأي الفرقة البهائية بتشكيل دولة اسرائيل حيث
قال : «ان تأسيس دولة اسرائيل جاء مصداقاً للوعد الالهي الذي واعد به ابناء الخليل
وورثة الكليم في هذه الأرض المقدسة التي ستشهد حسن العلاقات والروابط المتينة مع
المركز العالمي للبهائية...»([61])
، هذا واعتبرت هذه الفرقة مؤخراً مدينة عكا بفلسطين المحتلة القبلة التي يتوجه
صوبها جميع البهائيين في العالم ، لذلك فإن النشرات التي تصدرها هذه الفرقة تمجِّد
دائماً بإسرائيل وحقها المزعوم في فلسطين وتخصص سنوياً اموالاً تُجمع من البهائيين
في مختلف دول العالم وتُرسل إلى اسرائيل بحجة أن مركز وقبلة الديانة البهائية فيها([62])
.نشاطات الفرقة البهائية بعد انتصار الثورة الاسلامية في
ايران
لقد نشطت الفرقة البهائية في العقود الأخيرة من هذا القرن
بشكل ملحوظ لا يمكن غض النظر عنه في الكثير من دول العالم ، وأخذت بالظهور رافعةً
شعارات وعناوين شتّى ، مثل السلام العالمي ، التعايش السلمي بين اتباع الأديان
والمذاهب المختلفة في العالم ، توحيد اللّه ، وحدة النوع البشري ، وحدة المذاهب ،
الدفاع عن حقوق المرأة والأطفال والأقليات ، متظاهرة بأنها تتماشى مع قرارات وآراء
منظمة الأمم المتحدة ، وقد كان للبهائيين مخططات كثيرة لأجل اختراق هذه المنظمة
واحتلال مراكز حساسّة فيها وبالتالي السيطرة على مصدر القرارات فيها ، وإن الهدف
الأصلي من رفع هذه الشعارات الجذّابة هو كسب أنصار من دول العالم المختلفة وجذبهم
باتجاه الأفكار والمعتقدات البهائية مما يؤدي إلى اظهار الفرقة بأنها تمتلك أكبر
عدد من الأتباع والمريدين في العالم . وعلى هذا فقد ادّعى زعماء هذه الفرقة بأن
أكثر من خمسة ملايين من أتباعهم يتواجدون في دول العالم المختلفة مثل البرازيل ،
والأرجنتين ، والولايات المتحدة الاميركية ، والمانيا ، والمجر ، وتركيا ، وتشاد ،
وزامبيا ، وناميبيا ، واميركا الجنوبية ، والهند ، واستراليا ، وان كتبهم
ومطبوعاتهم منتشرة بمختلف اللغات الحيّة وبمتناول يد جميع المنتمين والأتباع لهذه
الفرقة ، كما أن جميع شؤون البهائيين في العالم تدار من قبل مركز رئيسي يمثل أعلى
سلطة يطلق عليه «بيت العدل الأعظم» يقع في مدينة حيفا في فلسطين المحتلة، وهذا المركز
يصدر القوانين والتعليمات إلى بقية التشكيلات البهائية المتمثلة بالمحافل الوطنية
في كل دولة يتواجد فيها البهائيون ، وكل محفل يقع تحت اشراف تسعة أفراد يديرون
شؤونه ويجرون ما يصلهم من أوامر وتعليمات من «بيت العدل» .إن من المسائل المهمة والمصيرية التي تهتم بها البهائية هي
مسألة الاعلام والتبليغ لنشر معتقداتها وآرائها حيث أنها تبذل جهوداً كبيرة في هذا
المجال ، وعن طريق مختلف الوسائل الاعلامية مثل القنوات التلفزيونية ومحطات البث
الاذاعي ومؤسسات الطباعة والنشر واقامة معارض مختلفة من قبل الكُتاب . كذلك معارض
الصور والبوستر والأعمال الفنية الأخرى ، وعقد مؤتمرات وندوات ولقاءات مختلفة لبحث
الموضوعات والأحداث المتنوعة ، كذلك عن طريق الارتباط المباشر بالناس عبر انشاء
جمعيات الصداقة والمراكز الثقافية وتأسيس مراكز محو الاُمية والمراكز الطبية
بالخصوص في القرى ، وعند انعقاد المؤتمر العالمي الثاني للبهائية في مدينة نيويورك
اُفتتح برسالة رئيس الجمهورية آنذاك جورج بوش التي جاء فيها تأكيده على الوقوف إلى
جانب البهائيين ودعمهم وتوفير سبل نشر معتقداتهم ، وقد أكد زعماء البهائية في
المؤتمر على تنشيط حركة التبليغ وخاصة في المناطق المحرومة والنائية والبعيدة عن
سبل المعرفة وذلك لكي يتسنى لهم تمرير مخططاتهم الخبيثة وأفكارهم المنحرفة ،
وبالفعل فإن 80 % من نشاطهم يتوزع بين قارة آسيا وافريقيا واميركا الجنوبية
ويتمركز في الهند وناميبيا والبرازيل ، وكذلك الدول المستقلة حديثاً في آسيا الوسطى
. ورغم تحديد المناطق المحرومة والنائية لنشر معتقداتهم فإنهم لم يغفلوا العناصر
المتعلمة والمثقفة لما لهم من أثر في الجتمعات المتحضرة . إلاّ أن من الحقائق
المسلّم بها أن انتصار الثورة الإسلامية في ايران قد سدَّ الكثير من الأبواب أمام
المدّ البهائي وأزاح الستار عن كثير من الالتباسات والشبهات عن الإسلام الأصيل
وفضح المخططات العدائية التي تقوم بها الفرقة البهائية ، لذلك فإن هذه الفرقة قد
وحدت نشاطاتها وكثّفت جهودها لغرض الوقوف أمام الصحوة الإسلامية وعودة الوعي
الديني للشعوب ، ويمكن تلخيص آخر النشاطات والفعاليات التي قام بها البهائيون في
العالم بما يلي :تأسيس عدة محافل بهائية :
أعلن المركز العالمي للبهائية المعروف بـ «بيت العدل» عن
تأسيس سبعة محافل جديدة في عدة نقاط من العالم ، منها خمسة محافل في آسيا «كمبودية
وقازاخستان ، ومغولستان ، وطاجاكستان ، وقرقيزستان» ومحفلان آخران في اوربا
«سلوفانيا ، وكرواتيا» . وفي أواخر السنة الميلادية 1993م أعلن هذا المركز عن
نيّته تأسيس محفل بهائي في اوكرانيا وآخر في روسيا البيضاء وكذلك محفل باسم المحفل
الوطني في آذربيجان بالاضافة إلى محفل في روسيا وكرجستان وارمنستان» .النشاط البهائي في دول آسيا الوسطى :
من الجدير بالذكر أن البهائية بدأت تقف على أقدامها في دول
آسيا الوسطى في الآونة الأخيرة وبرز تحركها بشكل ملحوظ في هذه المنطقة الحسّاسة
وذلك عن طريق عقد المؤتمرات والاحتفالات ، وقد ذُكر في هذا السياق أنه قبل مدة
قصيرة عقد في صالة اكاديمية العلوم في قازاخستان مؤتمر شارك فيه عدد كبير من أتباع
البهائية وقد تخلّلت المؤتمر أدعية ومراسم خاصة شارك فيه أفراد قدِموا من مناطق
اخرى من الجمهوريات المستقلة حديثاً في آسيا الوسطى . وقد سبق هذا المؤتمر انعقاد
مؤتمر آخر في طاشقند عاصمة اوزبكستان يحمل نفس الأهداف ، ومن جهة أخرى وبمناسبة
مرور 100 عام على تأسيس هذه الفرقة في تركمنستان اُقيم احتفال ضخم في عشق آباد
عاصمة تركمنستان والتي تعتبر من المراكز المهمة حيث يوجد هناك مركز للبهائية بأسم
المحفل الوطني البهائي يشرف على معظم المحافل الأخرى الموجودة في آسيا الوسطى ،
وكان ضمن الحاضرين مسؤول الأمور الدينية في تركمنستان ، وقد ادلى أحد الأعضاء
البارزين للبهائية بحديث في هذا الاحتفال جاء فيه «إن بهاء اللّه قد تنبأ
لتركمنستان بمستقل مشرق لأن المعبد الأول الذي بُني للبهائية قبل حدود 100 سنة كان
في هذه الدولة([63])
كما اعترف بالبهائية كمذهب مستقل بشكل رسمي. وقد ابدى المحتفلون شكرهم للمسؤولين
في عشق آباد للحرية التي يتمتع بها البهائيون في ممارسة شعائرهم وطقوسهم . ومن
الجدير بالذكر أن النشاط البهائي في دول آسيا الوسطى اتسع بشكل مبرمج ومركّز ،
وذلك للتأثير على شعوب هذه المنطقة والحيلولة دون استجابتها لتأثيرات الثورة
الإسلامية في ايران ، سيّما وان تلك الشعوب تكنُّ حبّاً ووداً للجمهورية الإسلامية
ولشعبها وذلك لوجود الكثير من القواسم المشتركة بين ايران وبين بعض تلك الدول المستقلة
حديثاً . خصوصاً وان الظروف مناسبة وملائمة لتقوية تلك العلاقات بين الشعب
الايراني المسلم وشعوب دول آسيا الوسطى ، لذلك فكان لابد من أن تقوم البهائية
بحملة تبليغية ونشاط مركّز للتأثير على شعوب هذه المنطقة قدر الامكان باتجاه اضعاف
الروابط القائمة وبالتالي الحدّ من المد الإسلامي للثورة الإسلامية في ايران
وانحسار تأثيرها على الشعوب المسلمة في المنطقة .النشاطات البهائية في ماليزيا :
تتميز جمهورية ماليزيا بتعدد المذاهب والأديان ، والإسلام
فيها له أهميةٌ خاصة يتعامل معه الماليزيون بكل احترام واجلال ، ونظراً لحرية
الاعتقاد في هذا البلد فقد نمت بعض الفرق الضالة والمنحرفة وشاعت واكتسبت الشرعية
في ظل القانون الماليزي ، ومن هذه الفرق البهائية التي اُعترف بها رسمياً كأحد
المذاهب المشروعة ، واستغلت هذه الفرقة الفرصة وأخذت بتنظيم تشكيلاتها بشكل مترابط
مستخدمة الاغراءات المالية والعاطفية كأدوات فعّالة من شأنها زيادة تماسك اعضائها وكسب
أتباع جُدد ، وقد بسطت نفوذها داخل هذا البلد من طريق الوسائل الاعلامية الرسمية
وغير الرسمية ، واستطاعت أن تدعو إلى أفكارها الهدّامة بين صفوف المسلمين بالرغم
من أنها ممنوعة من التبليغ والدعاية بين أوساط المسلمين . ومن الجدير بالذكر أن
الفرقة البهائية أعلنت مذهباً معترفاً به في سنة 1992م في هذه الدولة ، على أن عدد
أتباعه يبلغ (الخمسة ملايين) ـ حسب ادعائهم ـ ينتشرون في 300 بلد .إن الإسلام انتشر بين القبائل الصينية والهندية والماليزية
، وازداد أتباعه زيادة كبيرة إلاّ أن ذلك لم يرق إلى المستوى المطلوب وذلك لقلّة
المبلّغين والدعاة الاسلاميين مما ادى إلى ان تستغل البهائية هذا الفراغ فوسعت من
نشاطها ليس فقط بين المسلمين ، بل بين البوذيين والهندوس وبقية الأديان والمذاهب
الأخرى .الاعلام البهائي في تلفزيون استراليا :
استمراراً للإعلام البهائي الواسع على المستوى العالمي فقد
اتخذ هذا الإعلام شكلاً جديداً في تلفزيون استراليا . ففي كل ليلة يُعرض اعلان
يختص بالبهائية حيث تظهر على الشاشة صورة لشجرة كبيرة يتزامن معها اذاعة عبارات
تقول «تتعدد الفروع لكن الشجرة واحدة» وبعد ذلك تظهر أسماء عدد من الأنبياء واحداً
تلو الآخر متزامنة مع ترديد العبارة «الأنبياء كثيرون أما الرسالة فواحدة» وبعد
هذا مباشرةً وبدون توقف تظهر عبارة «مذهب البهائية» وهذا الاعلان يتكرر كل ليلة من
على شاشة التلفزيون . وقد اسس مؤخراً في استراليا معبد من أكبر المعابد البهائية
في العالم .اجراء انتخابات داخلية للبهائيين في الباكستان :
عُقد في يوم الجمعة المصادف 11 / 2 / 1994م وفي مكان يُعرف
باسم (بهائي هاوس) أو (حضيرة القدس) في مدينة الزهور اجتماعٌ فوري لإجراء
الانتخابات الداخلية للبهائيين ، وقد اجريت الانتخابات بمشاركة ما يقارب من 80
فرداً من البهائيين ، وقد اُجريت مثل هذه الانتخابات في 20 بلدة أخرى بالباكستان
مثل «سركودها» دير غازي خان، وجنك صدر ، وسيالكوت ، وملتان ، وكراجي ، وراولبندي ،
وبعض المدن الصغيرة الأخرى) . وقد وزعت بعد الانتخابات اصدارات تحمل عنوان (التجلّي
والترقّي) باللغة الاُردية تضم مقتطفات من أحاديث البهاء وشوقي افندي .البهائية في الأردن وفلسطين المحتلة :
يرجع تاريخ البهائية في الأردن وفلسطين المحتلة إلى ما يقرب
من 100 سنة أي منذ نفي الميرزا حسين النوري إلى مدينة عكا في فلسطين أيام الدولة
العثمانية . ونلاحظ أن معظم أفراد البهائية الموجودين سواءٌ في فلسطين المحتلة أو
الأردن ، هم من تجار الذهب وأصحاب الشركات ورؤوس الأموال والمرتبطين بالشركات
الغربية وتحت حمايتها ، لذلك فالبهائية في هذه المنطقة تعتبر من حيث الامكانات
والموارد المادية ذات أهمية خاصة بالاضافة لوجود المركز الرئيسي للفرقة ، وقد عُقد
في السنين الماضية في الأردن مؤتمر للدفاع عن حقوق البهائيين في المنطقة. وفي كل
سنة يشارك وفدٌ من بهائيي فلسطين المحتلة والأردن في المؤتمر السنوي للبهائية الذي
يقام في اميركا ، وعند العودة تُنشر المقررات ومجريات المؤتمر في أحد الاصدارات
الداخلية وتكون تحت تصرّف البهائيين للاطلاع على القرارات الصادرة .هذا وإن الحرية التي يتحرك بها هؤلاء في فلسطين المحتلة
أوسع مما في الأردن وذلك لأن اسرائيل تحاول أن تُظهر نفسها بمظهر التحرر والاعتدال
، ومنح الفرق المتطرفة ، بالخصوص التي تناصب العداء للاسلام ، الحرية في ممارسة
نشاطاتها وفعالياتها ، لذلك نلاحظ بث برامج كثيرة ومتنوعة عبر شاشة التلفزيون
تتضمن ندوات ومحاضرات وبرامج ثقافية وسياسية واجتماعية تتعلق بالفرقة البهائية
وحتى المراسم والشعائر المذهبية تُعرض في مناسبات مختلفة بالخصوص في مدينتي حيفا وعكا
.وبالنظر للمساعي التي تُبذل من قبل اميركا لفرض الحلول
السلمية بين العرب واسرائيل الغاصبة وجرّ الأردن للمشاركة في هذا السلام ، فقد
تركزت الحملات الإعلامية والتبليغية للغرب في هذا الاتجاه ، وأخذت تطرح مسائل حول
الحريات الثقافية والسياسية والدينية والمذهبية في هذه المنطقة ، مما حدا
بالبهائيين بأن يقوموا ببعض التحركات والنشاطات الاجتماعية وتكثيف التبليغ لنشر
دعوتهم المنحرفة بين المسلمين في الأردن ، ولكن بشكل محدود بالنظر لعدم السماح
رسمياً لهم بممارسة ذلك .
([1]) عن مجلة الاجتهاد :
موضوع اشكاليات التوحد والانقسام في المجال العربي الاسلامي، العدد 19 : 5 السنة
الخامسة .([2]) الكشفية : وتعرف أيضاً
بالشيخية نسبة إلى مؤسسها الشيخ أحمد بن زين العابدين الاحسائي وإليه ينتسب
متبعوها فيسمون بالشيخية أي اتباع الشيخ المذكور، كما يسمون بالكشفية نسبه إلى
الكشف والالهام ودعوى رؤية الأئمة (ع) الذي يدعيه هو ويدعيه له أتباعه، وهي طريقة
تتعارض مع العقل واصول العقيدة والقواعد الشرعية في مدرسة أهل البيت (ع) ظهرت في
تلك الأعصار ويقوم مبناها على التحقيق في ظواهر الشريعة وادعاء الكشف كما دعاه
جماعة من مشايخ الصوفية وهوّلوا وموّهوا به وتكلموا بكلمات مبهمة وشطحوا شطحات
خارجة عما يعرفه الناس ويفهمونه ، وهذا التعمق في ظواهر الشريعة ما لم يستند إلى
نص قطعي من صاحب الشريعة أو برهان جلي قد يؤدي إلى محق الدين، لأن كل انسان يفسِّر
الباطن بحسب شهوة نفسه ويجعل ذلك حجة على غيره ويقول هذا من الباطن الذي
لاتفهمه...» .
عن أعيان
الشيعة للأمين 9 : 589 .([3]) زرندي ، محمد نبيل ،
مطالع الأنوار، تاريخ النبيل عن وقائع الأيام الاولى للأمر البهائي : 50 .([4]) ميرزا جانى كاشاني.
كتاب نقطة الكاف . في مقدمة ادوارد براون : 20 ، طبع مطبعة بريل ، ليدن هولندا
1910 م .([5]) الدكتور نوار،
عبدالعزيز سليمان : الشعوب الاسلامية : 346 طـ بيروت .([6]) وجدي ، محمد فريد ،
دائرة معارف القرن العشرين 2 : 6 .([7]) نجفي، سيد محمد باقر،
كتاب بهائيان باللغة الفارسية : 163، عن كتاب «أحسن القصص» لعلي بن محمد الشيرازي
في تفسير سورة يوسف، من مخطوطات المكتبة الرضوية.([8]) م . ن : 164 .([9]) ندندي، محمد نبيل،
مطالع الأنوار، تاريخ النبيل عن وقائع الأيام الأولى للأمر البهائي : 249 .([10]) البستاني ، المعلم
بطرس ، دائرة المعارف ، 5 : 26 .([11]) والمنقول عن هذا السيد
مذاهب فاسدة وهو الذي أطلق على علي محمد الشيرازي المعروف بالباب الذي يدّعي دعاوى
فاسدة اسم «الباب» وكذا سمى (بنت الحاج ملا صالح القزويني قرة العين، وهي أحد
أقطاب البابية البارزين) وإن لم يعلم رضاه بما ادعاه الباب وقرّة العين بعد ذلك.
عن أعيان الشيعة 9 : 589 .([12]) وكان يلقب بالكليم وهو
أخ بهاء اللّه ومن المدافعين عنه حتى آخر حياته .([13]) زرندي، نبيلي أعظم ،
التأريخ النبيلي : 85 .([14]) نبيلي أعظم ، التاريخ
النبيلي : 85 .([15]) زرندي، محمد نبيل ،
مطالع الأنوار ، تاريخ النبيل عن وقائع الأيام الأولى للأمر البهائي : 89 .([16]) د جيني ، كتاب اتفاق
الاُمم والأديان : 120 .([17]) وهي أول امرأة آمنت
بالباب ودعت إلى دعوته وكانت من تلامذة السيد كاظم الرشتي الذي أتى بذكره وكان
اسمها «زرين تاج» وكانت من الأقطاب المهمة لهذه الحركة والبالغ عددهم 19 فرداً وكل
واحد من هؤلاء يُطلق عليه حرف، وكانت الطاهرة (قرة العين) أحد هذه الحروف وأفراد
هذه المجموعة قد عينهم الباب علي محمد الشيرازي في بداية دعوته واطلق عليهم (حروف
الحي) لذلك فأن الرقم 19 له قدسية خاصة عندهم .([18]) زرندي محمد نبيل ،
مطالع الأنوار عن وقائع الأيام الأولى للأمر البهائي : 234 .([19]) م . ن : 234 .([20]) البستاني ، المعلم
بطرس ، دائرة المعارف 5 : 28 .([21]) من كتاب علي محمد
الباب لنيقولاس : 283 ـ 284 .([22]) زرندي محمد نبيل،
مطالع الأنوار، تاريخ النبيل عن وقائع الأيام الأولى للأمر البهائي : 234 ، وأبو
الفضل كلبايكاني، ميرزا ، في كتاب كشف الغطاء : 187 .([23]) الدكتور جيني ، من
كتاب اتحاد الأديان والأقوام : 101 .([24]) زرندي، محمد نبيل ،
مطالع الأنوار، تاريخ النبيل عن وقائع الأيام الأولى للأمر البهائي : 80 .([25]) سيد محمد باقر نجفي،
كتاب (بهائيان) باللغة الفارسية : 540 ، مترجماً عن كتاب «ريحانة الأدب» لمحمد علي
مدرس 1 : 247 بالعربية، طـ 2 طهران انتشارات خيام .([26]) م . ن : 542 ـ 543
منقول عن كتاب مفتاح باب الأبواب ، لميرزا محمد مهدي زعيم الدولة : 133 طـ3 .([27]) من كتاب ناسخ التواريخ
، محمد باقر بهيودي 3 : 219 طـ طهران ، 1385 هـ .([28]) مقالة سائح حول البابية
والبهائية : 19 .([29]) عبدالعزيز نوار ،
الشعوب الاسلامية : 350 .([30]) زرندي، محمد، مطالع
الأنوار، تاريخ النبيل عن وقائع الأيام الأولى للأمر البهائي : 522 .([31]) اسلمنت : بهاء اللّه
والعصر الجديد : 26
E . G Brown : The Episodo of the Bad Cawbnidge
1891 Brown: Babis of parsia Royal Geag . Soc of houdon rol . xxs . p 931 .([32]) الدكتور عبدالعزيز
نوار ، الشعوب الاسلامية : 353 .([33]) م . ن : 354 .([34]) البستاني ، المعلم
بطرس ، دائرة المعارف 5 : 27 .([35]) من كتاب مقارنة
الأديان 1 : 262 ـ 263 الدكتور احمد شلبي .([36]) د شلبي أحمد ، كتاب
مقارنة الأديان 1 : 363 .([37]) أبو الفضل الجرفادقاني
، الحجج البهية : 115 مطبعة السعادة سنة 1925م .([38]) البستاني ، المعلم
بطرس ، دائرة المعارف 5 : 27 .([39]) نوار ، الدكتور
عبدالعزيز ، الشعوب الإسلامية : 353 .([40]) البستاني ، المعلم
بطرس ، دائرة المعارف 5 : 28 .([41]) وجدي ، محمد فريد، عن
دائرة معارف القرن العشرين 2 : 15 .([42]) م . ن : 2 .([43]) م . ن 2 : 15 .([44]) البستاني ، المعلم
بطرس ، دائرة المعارف 5 : 28 .([45]) م . ن .([46]) م . ن .([47]) نجفي ، محمد باقر،
كتاب بهائيان بالفارسية : 616، عن كتاب تاريخ رجال ايران في القرون (12، 13 ، 14)
4 : 162 .([48]) اسلمنت ، بهاء اللّه
والعصر الجديد : 24 .([49]) نجفي، سيد محمد باقر،
بهائيان بالفارسية : 525 .([50]) د . يماني،
محمد ، البابية : 27 طبع دار القبلة
الثقافية الاسلامية .([51]) نجفي، محمد باقر،
بهائيان باللغة الفارسية، عن الثورة البابية في ايران، سنة 1848 ـ 1852م الصفحة
619 .([52]) حقيقة البابية
والبهائية ، محسن عبدالحميد : 99 ـ 101 .([53]) البهائية في خدمة
الاستعمار (من منشورات منظمة الاعلام الاسلامي) .([54]) نجفي، محمد باقر ،
بهائيان باللغة الفارسية : 648 .([55]) نجفي، محمد باقر،
بهائيان بالفارسية : 671 .([56]) السمان، محمد ،
الاقليات بين العروبة والاسلام : 124 .([57]) الاقدس : هو الكتاب
الثالث من كتب النوري وقد ألّفه قبل هلاكه بوقت قصير بناءاً على الحاح من مؤيديه
الذين اعتقدوا انه إله وطلبوا منه أن يبين لهم فيه كيف يعبدونه، واخطر ما جاء في
هذا الكتاب ادعاؤه بأنه إله واقراره هذه الالوهية واتيانه بأحكام وتعاليم وشرائع يلغي
بها احكام وتعاليم وشرائع القرآن الكريم ويتبنى الدعوة إلى انشاء وطن قومي لليهود.
«عن كتاب الاقليات بين العروبة والاسلام ، محمد السماك» .([58]) د . يماني ، محمد ،
البابية : 23 ـ 25 .([59]) عن مجلة (بهائي نيوز
سبتمبر 1947م، وكتاب بهائيان بالفارسية : 689 .([60]) مجلة اخبار امري
باللغة الفارسية العدد 3 اصدار المحفل الوطني البهائي فيايران.([61]) من مكاتبات ولي أمر
اللّه (ابريل 1945 ـ 1952 عن كتاب بهائيان باللغة الفارسية : 696 .([62]) مجلة اخبار دبى (ابريل
1975م ) : 30، في موضوع تحت عنوان : البهائية حركة صهيونية تعمل في البلاد
العربية.([63]) نجفي، محمد باقر،
بهائيان باللغة الفارسية : 635 .