من غرر حکم أهل البیت (ع) نسخه متنی

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

من غرر حکم أهل البیت (ع) - نسخه متنی

عبدالقادر فرج الله

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

من غرر حكم أهل البيت(عليهم السلام)

لم يرزق المال من لم ينفقه

عبد القادر فرج اللّه

في
رِحاب الامامةِ الوادعةِ تَفيَّأُ القلوبُ الصَّدِئةُ بأحضانِ الرِّضا ،
وتَنَشَّقُ أنفاسَ الهُدى والسَّكينةِ ، وتُلفي ربيعَ وُجودِها ، وأُنسَ وَحشتِها
وضَياعِها ، فإذا هيَ رَيّا بعد ظمأ ، وخضراءُ بعدَ إقفار ، ومطمئنّةٌ بعد إصحار .

وفي
هذا الباب نستشرِفُ في تلك الرِّحابِ من أضوائِها ما يَهدي سَبيلَنا ، ويُقوّمُ
خَطَراتِ نفوسِنا ، ويُثبتُ على مسالكِ الحقِّ والحقيقةِ خُطانا ، حيث
(يَزيدُ اللّه الّذينَ اهتدَوا هُدىً) و(مَنْ يَهدِ
اللّهُ فَهوَ المُهتدِ ومَن يُضلِلْ فلَنْ تجدَ لهُ وليّاً مرشِداً) . « التحرير »

من
ابرز علائق الانسان بأخيه الانسان ، مواساته إياه بماله ، وبذل المعونة له ممّا جعل اللّه له في ذلك المال من حقّ ، لا ينبغي
صاحبه أن يفرّط فيه ، أو يتهاون في أدائه .

وقد
اهتمت النصوص الاسلامية المطهرّة اهتماماً بالغاً ، بهذا الجانب الحيوي من الجوانب
الانسانية في تكوين البنية الاجتماعية ، ضمن صرح هذا الدين الحنيف ، وجعلته أساساً
لا غناء عنه لقيام المجتمع الصالح المتكامل ، وتوطيد روابط أبنائه ، وشدّها بما
يحفظ لها توازنها ودوامها .

ولم
يكتف الاسلام بطرح هذا المفهوم على إطلاقه ، بحيث يتحقق بأدنى حالاته وأشكاله ،
وإنما بالغ في الحثّ عليه ، إلى الحدّ الذي جعل معه من الايثار مع الاقتار ، سمة
هي من أرقى سمات المؤمن ، وأفضل أخلاقه ، كما يقرّر ذلك قوله تعالى ،
في معرض ثنائه على طائفة من المؤمنين : (ويؤثرون على
أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)(1) . وقد قال الامام امير المؤمنين(عليه السلام)
في هذه الاية : «لا تستأثر عليه بما هو أحوج
إليه منك»(2) ، كما بين الامام الصادق(عليه السلام)
أن الايثار ليس هو أن تقاسم أخاك مالك ، و «إنما
تؤثره إذا أنت أعطيته من النصف الاخر»(3).

وفوق
كل هذا سمّى اللّه سبحانه وتعالى ما يخرجه الانسان من ماله من صدقة حقّاً ، فقال
في أول ما وصف به المصلين : (والذين في أموالهم حقّ معلوم * للسائل والمحروم)(4) . وقد روي عن أبي عبداللّه(عليه السلام)أنه
قال : «الحق المعلوم ليس من الزكاة ، وهو الشي الذي تخرجه من مالك إن شئت كل جمعة(5)
، وإن شئت كل يوم . ولكل ذي فضل فضله»(6) ، كما روي عنه(عليه السلام) قوله :
«هو أن تصل القرابة ، وتعطي من حرمك ، وتتصدق على من
عاداك»(7).

فضل الانفاق :

1
ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : «أرض القيامة نار ما خلا ظلّ المؤمن ، فإن صدقته
تظلّه» .

2
ـ وعنه(عليه السلام) : «من أعطى درهماً في سبيل الله ، كتب الله له
سبعمئة حسنة» .

3
ـ وعنه(صلى الله عليه وآله) : «الخلق كلهم عيال الله ، فأحبهم إلى الله عز وجل
أنفقهم لعياله».

4
ـ قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : «إن إنفاق هذا المال في طاعة الله أعظم نعمة ، وإن إنفاقه في معاصيه أعظم محنة» .

5
ـ وعنه(صلى الله عليه وآله) : «طوبى لمن أنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من كلامه» .

6
ـ وعنه(صلى الله عليه وآله) : «إنكم إلى إنفاق ما اكتسبتم ، أحوج منكم إلى اكتساب ما
تجمعون» .

7
ـ قال الامام الصادق(عليه السلام) : «ملعون ملعون من وهب الله له مالاً ، فلم يتصدّق منه
بشيء» . ما انفقتم من خير فلانفسكم :

إن
ما يقدّمه الانسان في هذه الحياة من قربات وأعمال صالحة ، إنّما يقدّمه لنفسه ،
ويمهّد به لحياته الاخرى التي سيؤول إليها ، فما الحياة الدنيا إلا مزرعة ينال
العبد جنى ما يزرع فيها ، في تلك الحياة الباقية ، فما يَبذُر فيها من شي
فلنفسه ثمره وحصاده . وقد جاء في
بعض مواعظ عيسى(عليه السلام) لاصحابه : «بحق أقول لكم : إن الدنيا خلقت مزرعة ، يزرع فيها
العباد الحلو والمرّ ، والشر والخير . الخير له مغبّة نافعة يوم الحساب ، والشرّ له
عناء وشقاء يوم الحصاد»(8).
ومن
هنا كان ما ينفقه المسلم في طاعة اللّه سبحانه ، مدّخراً له عنده ، بل إنه لا
يُحسب له من ماله إلا ما أنفقه في
هذا السبيل . أما ما يصرفه في معصية ربه ، أو يخلّفه للوارث بعد موته ، فليس له
منه ـ في المفهوم الاسلامي ـ نصيب .

1
ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) لاصحابه :
«أيّكم مال وارثه أحبّ إليه
من ماله ؟ قالوا يا رسول اللّه ، ما منّا أحد إلاّ ماله
أحبّ إليه من مال وارثه . قال : فإن ماله ما قدّم ، ومال وارثه ما أخرّ» .

2
ـ وعنه(صلى الله عليه وآله) أنه ذبح شاة في حجرة
عائشة ، فاطلع عليها فقراء المدينة
، فجاؤوا وسألوا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
، وكان يعطيهم ، فلما دخل الليل لم يبق منها إلا رقبتها ، فسأل عائشة عمّا بقي
منها ، فقالت : «لم يبقى منها إلا رقبتها . فقال(صلى
الله عليه وآله) : قولي : بقي كلّها إلا رقبتها» .

3
ـ قال امير المؤمنين(عليه السلام) : «ليس لاحد من دنياه إلاّ ما أنفقه على أُخراه» .

4
ـ وعنه(عليه السلام) : «إنما لك من مالك ما قدّمته لاخرتك ، وما أخّرته
فللوارث» .

5
ـ وعنه(عليه السلام) : في وصيته لابنه الامام الحسن(عليه
السلام) : «إنّما
لك من دنياك ما أصلحت به مثواك ، فأنفق في حق ولا تكن خازناً لغيرك» .

6
ـ وعنه(عليه السلام) : أيضاً في وصيته : «وإذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك إلى يوم
القيامة ، فيوافيك به غداً حيث تحتاج إليه ، فاغتنمه وحمّله إياه ، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه ، فلعلّك تطلبه فلا
تجده ، واغتنم من استقرضك في حال غناك ، ليجعل قضاءه لك في يوم عسرتك» .

ما أنفقتم من شيء فهو يخلفه:

لقد
بذل التشريع الاسلامي كل جهد ، من أجل أن يرسّخ مفهوم الانفاق في نفوس ابناء
المجتمع المسلم ، ويهيّئها لاحتضانه منهجاً ، وقبوله سلوكاً وعملاً . ومن ذلك ما
وردت به نصوص هذا الباب من أن اللّه سبحانه يخلف بذل الباذل ، ويعوّضه ممّا ينفق
في سبيله من شي. وقد جاء بهذا الوعدُ القرآني في قوله تعالى :
(وما أنفقتم من شي
فهو يخلفه وهو خير الرازقين)(9) .

إن
حبّ المال من غرائز النفس الحاكمة ، التي يلزم لتذليل جماحها ، وتوجيهها في سبل
الخير والصلاح ، وجود ارادة حرّة تفوق في القوة تلك الغريزة ; كي تكون مهيمنة
عليها ، ومسيّرة لها في هذا السبيل .

ومن
وسائل تكوين تلك الارادة وتنشئتها في نفس الانسان ، بثّ اليقين في عقيدته بالخَلَف
ممّا ينفق من ماله ، وتعويض ما يقدّم منه في طاعة اللّه ومرضاته ، سواء كان ذلك في
عاجل دنياه ، أم في آجل آخرته ، بل إن اللّه يضاعف الخلف لمن يشاء من عباده ، كما
تقرر ذلك الاية الكريمة : (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت
سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم)(10) .

يقول
السيد الطباطبائي في تفسير ذيل هذه الاية : «أي يزيد على سبعمئة لمن يشاء ، فهو
الواسع لا مانع من جوده ، ولا محدّد لفضله ، كما قال تعالى :
(من ذا الذي يقرض
الله قرضاً حسناً فيضا عف له أضعافاً كثيرة)(11) ، فأطلق الكثرةَ ولم يقيّدها بعدد معيّن»(12) .

1
ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : «ما نقص مال من صدقة قط ، فأعطوا ولا تجنبوا» .

2
ـ قال امير المؤمنين(عليه السلام) : «من أيقن بالخلف جاد بالعطية» .

3
ـ وعن(عليه السلام) : «ربّ سلف عاد خلفاً»
.

4
ـ قال الامام الصادق(عليه السلام) : «أنفق وأيقن بالخلف»
.

5
ـ وعنه(عليه السلام) : «ينادي ملكان في كل ليلة جمعة : اللهم أعط كل منفق
خلفاً ، وكل ممسك تلفاً» .

6
ـ وعن رجل من أصحابه أنه قال في حديث له معه(عليه
السلام) : «قلت : قوله تعالى : (وما أنفقتم من شي فهو يخلفه) ، فأراني أُنفق ولا أرى خلفاً . قال : أفترى اللّه أخلف وعده ؟ قلت : لا
قال : فممّ ؟ قلت : لا أدري . قال : لو أن أحدكم أكتسب المال
من حلّه ، وأنفق في حقّه ، لم ينفق درهماً إلاّ أخلف
اللّه عليه» .

7
ـ وعنه(عليه السلام) : «ما أحسن عبد الصدقة ، إلاّ أحسن الله الخلافة على
ولده من بعده» .

الايثار مع الاقتار :

لاشك
أن حب النفس هو طبع مركوز في جبلة كل إنسان ، وأنه الحافز الغريزي الاول ، الذي
يدفعه إلى جلب ما يصلحها ، وذبّ ما يفسد شأناً من شؤونها ، وهو أمر مشروع لكل أحد
أن يستشعره ، ويعمل لما يقتضيه من آثار إيجابية ، يحقق بها مصالح نفسه ومطالبها ،
بشرط ألاّ يكون في ذلك تعدّ على أحد ، أو إجحاف بحق أحد ، فإن ذلك هو الحدّ الفاصل
، الذي لا يحق اجتيازه ، أو القفز عليه .

لذا
جاءت نصوص هذا الباب مربّية للنفس الانسانية ، على حذف الانا من داخلها ، ومحاربة
صفة الاَثَرة فيها ، إذا تعلّق الامر بأداء حقوق الاخرين ، لا ما يجب منها فقط ،
وإنما تتّسع دائرة ذلك لتشمل الحق المندوب ، بل إن هذا المعنى إنما يتحقق جلياً
صادقاً إذا وقع تحت هذا العنوان بخاصة .

ومن
أظهر مصاديق الايثار ، وأروعها عيناً وأثراً ، ما يجري في باب إنفاق المال وإيتائه
; والمواساة به لذوي الاستحقاق من الاخوان ، فإن ذلك ممّا كثرت به النصوص كتاباً
وسنة ، وتأكّد في السيرة العملية لاهل البيت(عليهم
السلام) ، وشيعتهم المخلصين في ولائهم .

هل
صورة إيثار أروع من مشهد إنساني كريم ، ينقله إلينا وحي اللّه سبحانه ، وهو يتحدث
عن علي وأهل بيته المنتجبين(عليهم السلام) ،
حينما تصدقوا بطعام إفطارهم ثلاثة أيام متواليات ، وباتوا ساغبين حتى بدا عليهم من
الضعف وشدة الجوع ما ساء رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) ؟

إنها
صورة مشرقة يخلّدها القرآن الكريم بقوله : (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً *
إنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً)(13).

إن
الايثار على النفس لهو السبيل الرحبة لتحقيق أسمى قيم الخلق الانساني ، وأجمل
مقاصده وأهدافه .

1
ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في وصيته لامير المؤمنين(عليه السلام) :
«يا
علي ، ثلاثة من حقائق الايمان : الانفاق من الاقتار ، وإنصافك الناس من نفسك ،
وبذل العلم للمتعلّم» .

2
ـ جاء رجل إلى النبي(صلى الله عليه وآله) فشكا
إليه الجوع ، فبعث رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)إلى
بيوت أزواجه ، فقلن : ما عندنا إلا الماء . فقال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : من لهذا الرجل الليلة ؟ فقال
علي بن أبي طالب(عليه السلام) : أنا له يا رسول
اللّه . وأتى فاطمة(عليه السلام) فقال لها : ما
عندك يابنة رسول اللّه ؟ فقالت : ما عندنا إلاّ قوت العشيّة ، لكنّا نؤثر ضيفنا .
فقال(عليه السلام) : يابنة محمد ، نوّمي الصبية
وأطفئي المصباح . فلمّا أصبح علي غدا على رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله)فأخبره الخبر ، فلم يبرح حتى أنزل اللّه عز وجل
(ويؤثرون على
أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون) » .

3
ـ قال أمير المؤمنين(عليه السلام) : «من آثر على نفسه بالغ في المروّة» .

5
ـ وعنه(عليه السلام) أنه اشترى ثوباً فأعجبه ،
فتصدق به وقال : «سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)
يقول : من آثر على نفسه آثره اللّه يوم القيامة الجنة» .

6
ـ قال الامام الباقر(عليه السلام) : «للّه عزّ وجلّ جنّة لا يدخلها إلا ثلاثة : رجل حكم في
نفسه بالحق ، ورجل زار أخاه المؤمن في الله ، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله عزّ
وجلّ» .

7
ـ قال الامام الصادق(عليه السلام) في حديث له في
وصف الكاملين من المؤمنين : «هم البررة
بالاخوان في حال العسر واليسر ، المؤثرون على أنفسهم في حال العسر ، كذلك وصفهم
الله فقال : (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم
خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون) . فازوا واللّه وأفلحوا» .


(1) الحشر : 9 .

(2) جامع احاديث الشيعة 8 :369 .

(3) م . ن : 372 .

(4) المعارج : 24 ـ 25. وقد جعل اللّه عزّ وجل ذلك من صفات المتقين في مقام آخر في
قوله تعالى : (وفي
أموالهم حقّ للسائل والمحروم). الذاريات: 19.

(5) الجمعة هنا بمعنى الاسبوع.

(6) مجمع البيان 10:125، طـ . مؤسسة الاعلمي، 1415 هـ.

(7) م . ن .

(8) البحار : 14:314.

(9) سبأ : 39 .

(10) البقرة: 261 .

(11) البقرة : 245 .

(12) الميزان 2:387.

(13) الانسان : 8 ـ 9 .

/ 1