دراسـات
أبو
طالب الصحابي
المفترى عليه
( 3)
لماذا أُتهم ابو طالب ؟
* عزّ الدين سليم( العراق )
منخلال الدراسة الفاحصة لسيرة ابي طالب(عليه السلام)
، نجد أنهذا الرجل الصحابي الهاشمي الذي آوى ونصر ، وثبّت بصموده اركان
الاسلام، قد تعرّض لحملة عدوانية عنيفة ، شملت سيرته في حياته وبعد مماته .وقد
شاركت في هذه الحملة العدوانية فئات سياسية ، ومحدثون ورواة ومفسرون وقصاصون . فما
هي دوافع هذه الحملة العدوانية ؟من
خلال مطالعة لبصمات المخططين لهذة العملية ومنفذيها ، نجد أن الحملة على ابي طالب(عليه السلام)هي جزء من الحملة على الرسالة والرسول(صلى الله عليه وآله) ، ووصيه علي بن أبي طالب(عليه السلام) ، وقد جرت تاريخياً منذ بداية حكم بني
امية الذي ابتدأ بمعاوية بن أبي سفيان .ودوافع
ذلك التحرك الخبيث الذي بلوره معاوية ، ونفذ الجزء الاكبر منه ، تتلخص في مقاطع
هذه الرواية ، فقد حدّث مطرف عن والده المغيرة بن شعبة ، فقال :«دخلت
مع أبي على معاوية ، فكان أبي يأتيه ، فيتحدث معه ، ثم ينصرف أبي فيذكر معاوية
وعقله، ويعجب بما يرى منه ، إذ جاء ذات ليلة فأمسك من العشاء ، ورأيته
مغتماً فانتظرته ساعة ، وظننته أنه لامر حدث فينا ، فقلت : ما لي أراك مغتماً منذ
الليلة ؟ فقال لي : يا بني ، جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم . قلت : وما ذاك ؟ قال
: قلت له وقد خلوتُ به : إنك قد بلغت سناً يا أمير المؤمنين ، فلو اظهرت عدلاً ،
وبسطت خيراً ، فإنك قد كبرت ، ولو نظرت إلى اخوتك من بني هاشم، فوصلت
أرحامهم ، فو اللّه ما عندهم اليوم شيء تخافه ، وإن ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه ،
فقال هيهات هيهات ! أي ذكر ترجو بقاءه ؟ ملك اخو تيم فعدل وفعل ما فعل ، فما عدا أن
هلك حتى هلك ذكره ، إلاّ أن يقول قائل: أبو بكر ، ثم ملك أخو عدي ، فاجتهد وشمّر عشر سنين ، فما عدا أن هلك حتى
هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل : عمر ، وإن ابن أبي كبشة(1) ليصاح به كل
يوم خمس مرات أشهد أن محمداً رسول اللّه فأي عمل يبقى ، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا
أبا لك ! لامر اللّه إلاّ دفناً دفناً»(2) .وقد
بدأ تنفيذ هذا المخطط الوصولي الاسود من خلال خطوات عملية مجرمة ، اعتمدها معاوية
بن أبي سفيان من أجل تنفيذ مشروعه الخطير ذاك .ونذكر
بعض ملامح الخطوات التنفيذية المراد منها تحقيق عموم المخطط الاسود ، الذي كان
يهدف معاوية من ورائه اساساً إلى دفن ذكر رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) ، كما كشف ذلك السر المكتوم لرفيق دربه المغيرة بن شعبة في
غفلة منه .وحيث
إنه لم يكن بوسعه أن يحقق طموحه الخبيث دفعة واحدة ، فليحقق ما يمكن تحقيقه إذن .وهكذا
كرس عشرات الالاف من منابر الجمعة لتعلن امام المسلمين لعن علي بن أبي طالب(عليه السلام) ، والبراءة منه ، وثلبه بمختلف الطعون ،
وهكذا شن معاوية حملة لتزوير حديث رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) ، فغيَّر ما غيَّر ، وبدَّل ما بدَّل ، واحدث على يد حفنة ممن
يستأكلون بالدين ، من أمثال : سمرة بن جندب ، وعمرو بن العاص ، وأبي هريرة الدوسي
، وعروة بن الزبير وغيرهم ، لوضع ما يحلو لمعاوية من حديث على لسان النبي(صلى الله عليه وآله) . وهذه مفردات تفصيلية لتنفيذ
مشروع معاوية كما حفظها تاريخ تلك الحقبة السوداء من تاريخ المسلمين .روى
ابو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الاحداث قال : «كتب معاوية
نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة(3) أن برئت
الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته ، فقامت الخطباء في كل كورة ، وعلى
كل منبر ، يلعنون علياً ويبرؤون منه ويقعون فيه و في أهل بيته ، وكان أشد الناس
بلاء حينئذ أهل الكوفة ، لكثرة من بها من شيعة علي(عليه
السلام) ، فاستعمل عليهم زياد بن سمية ، وضم إليه البصرة ، فكان يتتبع
الشيعة وهو بهم عارف ، لانه كان منهم أيام علي(عليه
السلام) ، فقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وأخافهم ، وقطع الايدي والارجل ، وسمل
العيون ، وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشردهم عن العراق ، فلم يبقَ بها معروف
منهم ، وكتب معاوية إلى عماله في جميع الافاق ألاّ يجيزوا لاحد من شيعة علي وأهل
بيته شهادة .وكتب
إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته ، والذين يروون فضائله
ومناقبه ، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم ، واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم
، واسمه واسم ابيه وعشيرته .ففعلوا
ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات
والكساء والحباء والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كل مصر ،
وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملاً من عمال
معاوية ، فيروي في عثمان أو منقبة ، إلاّ كتب اسمه وقربه وشفعه ، فلبثوا بذلك
حيناً .ثم
كتب إلى عماله أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية ، فإذا
جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة الخلفاء الاولين ،
ولاتتركوا خبراً يرويه احد من المسلمين في أبي تراب إلاّ وتأتوني بمناقض له في
الصحابة ، فإن هذا أحبّ إليّ وأدحض لحجة أبي ترب وشيعته ، وأشد عليهم من مناقب
عثمان وفضله .فقرئت
كتبه على الناس ، فرويت اخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجدّ
الناس في رواية ما يجري هذا المجرى ، حتى اشدوا بذكر ذلك على المنابر ، والقي إلى
معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتى رووه وتعلموه
كما يتعلمون القرآن ، وحتى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما
شاء اللّه .ثم
كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البيّنة أنه يحب
عليّاً واهل بيته ، فامحوه من الديوان ، واسقطوا عطاءه ورزقه . وشفع ذلك بنسخة
اخرى : من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم ، فنكلوا به ، واهدموا داره .فلم
يكن البلاء اشد ولا اكثر منه بالعراق ، ولا سيما بالكوفة ، حتى إن الرجل من شيعة
علي(عليه السلام)ليأتيه من يثق به ، فيدخل بيته
، فيلقي إليه سره ، ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الايمان
الغليظة ، ليتمكن عليه ، فظهر حديث كثير موضوع ، وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك
الفقهاء والقضاء والولاة ، وكان اعظم الناس في ذلك بلية القراء المراءون
والمستضعفون، الذين يظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون الاحاديث ليحظوا بذلك
عند ولاتهم ، ويقربوا مجالسهم ، ويصيبوا به الاموال والضياع والمنازل ، حتى انتقلت
تلك الاخبار والاحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان ،
فقبلوها ورووها ، وهم يظنون أنها حق ، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا
بها .فلم
يزل الامر كذلك حتى مات الحسن بن علي(عليه السلام)
، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبقَ احد من هذا القبيل إلاّ وهو خائف على دمه ، أو
طريد في الارض .ثم
تفاقم الامر بعد قتل الحسين(عليه السلام) ، وولي
عبد الملك بن مروان ، فاشتد على الشيعة ، وولى عليهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،
فتقرب إليه اهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة اعدائه وموالاة من يدعي من
الناس أنهم أيضاً أعداؤه ، فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم ،
واكثروا من الغض من علي(عليه السلام) وعيبه ،
والطعن فيه ، والشنآن له ، حتى إن انساناً وقف للحجاج ـ ويقال إنه جد الاصمعي عبد
الملك بن قريب ـ فصاح به : أيها الامير ، إن اهلي عقّوني فسموني علياً ، وإني فقير
بائس ، وأنا إلى صلة الامير محتاج . فتضاحك له الحجاج ، وقال : للطف ما توسلت به
قد وليتك موضع كذا.وقد
روى ابن عرفة المعروف بنفطويه ـ وهو من اكابر المحدثين واعلامهم ـ في تاريخه ما
يناسب هذا الخبر ، وقال : إن اكثر الاحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في
ايام بني امية ، تقرباً إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به انوف بني هاشم(4)
.فمن
خلال هذه الوثائق التاريخية التي تقطر ظلماً وعدواناً ، يتضح لك عمق التخريب الذي
لحق بالثقافة العامة للامة ، ومخاطر هذا التخريب الذي امتد لعموم الناس ، ومختلف
مصادر التثقيف والتوجيه، خصوصاً المحدّثين والرواة ، وكان شأنهم يومئذ عظيماً ; إذ كانوا يومذاك
مصدر الهام الامة وقاعدة التوجيه فيها .وهكذا
نشأت معلومات ووضعت افكار وتصورات لا أساس لها من الصحة ، وصيغت ثقافات وقيم لا
وجود لها في دين أو واقع ، وكان كثير من تلك المعلومات والافكار قد افتري بها على
النبي(صلى الله عليه وآله) ، لتأخذ بعداً مقدساً
عند الناس ، وتكون ديناً يدين به الخلق .وإذا
اعدنا إلى الاذهان أن السنّة الشريفة قد صدرت قرارات من الخلفاء ، تمنع من نشرها
تدوينها منذ الايام الاولى لخلافة ابي بكر ، حتى خلافة عمر بن عبد العزيز ، الامر
الذي اعطى فرصاً كافية جداً لصياغة سنة ما أنزل اللّه تعالى بها من سلطان ،
وافتعال اخبار واحاديث لم يتفوه بها النبي(صلى الله
عليه وآله) على الاطلاق ، حتى إذا اطلقت يد التدوين للسنة في عصر عمر بن
عبد العزيز ، دونت الاخبار والاحاديث التي رعتها سياسة الخلفاء ، واصرت على
اشاعتها بالترغيب والترهيب . أقول: إذا اعدنا إلى الاذهان هذه الحقائق ،
تتجلى امامنا ضخامة الجريمة الثقافية والعلمية التي ارتكبت بحق هذا الدين ، وحجم
التشويه الذي تعرضت له آثار النبوة . على أننا في المقابل قد ندرك اهمية المعلومات
الايجابية التي بقي التاريخ محتفظاً بها عن اهل البيت(عليهم
السلام) ، رغم ضخامة المؤامرة وحجم الارهاب الذي صبه الحكام الظالمون ، على
حملة الحق ومصادر النور في هذه الامة .فرواية
حديث في فضل اهل البيت(عليهم السلام) ، كان يسوق
صاحبه إلى الموت وهدم الدار وتشتيت الاسرة بواسطة الحكام والولاة ، إذا بلغتهم
وشاية حول هذا الموضوع من صبي مغرر به ، أو خادم مخدوع ، أو امرأة حمقى .لقد
كان ابو طالب ـ باعتباره سيد بني هاشم ، وناصر النبي(صلى
الله عليه وآله)ووالد علي(عليه السلام) ـ
أولى بتوجيه السهام نحوه ، في المخطط الكبير الذي صممته حكومة الطلقاء في الشام ،
ونفذته مؤسسات اعلامية رواة ومؤرخون ومنابر مختلفة ، في دولة تمتد من المحيط إلى
المحيط .وقد
اهتمت سياسة بني امية بتكريس النقاط التالية بشأن ابي طالب :1
ـ التأكيد بمختلف الوسائل على أنه لم يسلم وقد مات مشركاً .2
ـ ابتداع احاديث ونسبتها للرسول(صلى الله عليه وآله)
تؤكد على كفر ابي طالب .3
ـ الاستعانة ببعض الايات النازلة في الكفار ، وتزييف اسباب نزولها ، لتكون مختصة
بأبي طالب.إلى
غير ذلك من صور التضليل والخداع .ولنذكر
امثلة مما ابتدعه بنو امية والمستأكلين بالدين من عملائهم.قال
تعالى : (وهم
ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلاّ انفسهم وما يشعرون)(5) .اخرج
بعض من المفسرين عن سفيان الثوري عمن ذكره ، أن هذه الاية نزلت في أبي طالب ; لانه
كان ينهى عن ايذاء الرسول(صلى الله عليه وآله) ،
ولكنه ينأى عن دخول الاسلام .وقد
اخرج هذه الرواية وامثالها الطبري في تاريخة وغيره ، فقد اخرج الطبري وغيره من
طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عمن سمع من ابن عباس قال : إنها نزلت في
أبي طالب . ينهى عن اذى الرسول(صلى الله عليه وآله)
أن يؤذى ، وينأى أن يدخل في الاسلام»(6) .وقال
القرطبي في تفسيره(7)
حول تفسير هذه الاية ما يلي : «هو عام في جميع الكفار ، أي ينهون عن اتباع محمد(صلى الله عليه وآله) وينأون عنه ، عن ابن عباس والحسن
، وقيل : هو خاص بأبي طالب ينهى الكفار عن اذاية محمد(عليه
السلام) ، ويتباعد من الايمان به ، عن ابن عباس ايضاً . روى اهل السير
قالوا : كان النبي(صلى الله عليه وآله) قد خرج
إلى الكعبة يوماً وأراد أن يصلي ، فلما دخل في الصلاة قال ابو جهل (لعنه اللّه) :
من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته ؟ فقام ابن الزبعري فأخذ فرشاً ودماً فلطخ
به وجه النبي(صلى الله عليه وآله) ، فانفتل
النبي(صلى الله عليه وآله) من صلاته ، ثم أتى
أبا طالب عمه فقال : يا عم ، ألا ترى إلى ما فعل بي؟ فقال ابو طالب : من فعل
هذا بك؟ فقال النبي(صلى الله عليه وآله) : عبد
اللّه بن الزبعري ، فقام ابو طالب ووضع سيفه على عاتقه ومشى معه حتى أتى القوم ،
فلما رأوا أبا طالب قد أقبل جعل القوم ينهضون ، فقال ابو طالب : واللّه لئن قام
رجل لجللته بسيفي ، فقعدوا حتى دنا إليهم ، فقال : يا بني، من الفاعل بك هذا
؟ فقال : عبداللّه بن الزبعري . فأخذ ابو طالب فرشاً ودماً فلطخ به وجوههم ولحاهم
وثيابهم وأساء لهم القول ، فنزلت هذه الاية : (وهم ينهون عنه وينأون عنه) فقال النبي(صلى الله عليه وآله):
ى4ا عم ، نزلت فيك آية . قال : وما هي ؟ قال تمنع قريشاً أن تؤذيني ، وتأبى أن
تؤمن بي . فقال أبوطالب :واللّه
لن يصلوا إليك بجمعهمحتى أوسد في التراب دفينافقالوا
: يا رسول اللّه ، هل تنفع نصرة أبي طالب ؟ قال : نعم . دفع عنه بذاك الغل ، ولم
يقرن مع الشياطين ، ولم يدخل في جب الحيات والعقارب . إنما عذابه في نعلين من نار
يغلي منهما دماغه في رأسه ، وذلك أهون أهل النار عذاباً»(8)
.وتجدر
الاشارة هنا أن نزول الاية المذكورة في أبي طالب(عليه
السلام) لا يمتلك رصيداً من الواقع ، وذلك لعدة اعتبارات علمية وقانونية ،
نذكر منها :1
ـ عدم انطباق الشروط العلمية على سند الرواية ، وذلك لعدة وجوه :أ
ـ أن الرواية مجهولة السند بين حبيب بن أبي ثابت وابن عباس ، كما رأينا ، وهي بهذا
لا تفيد علماً ولا عملاً ، كما اتفق على ذلك علماء المسلمين وائمتهم عبر العصور .ب
ـ أن حبيب بن أبي ثابت انفرد في هذه الرواية دون غيره . وقد عرف العلماء أنهم لا
يركنون إلى الاعتماد على نمط من هذه الروايات .جـ
ـ أن حبيباً الراوي قد شهد اهل العلم بعدم جواز الاعتماد عليه ; لانه كان مدلِساً
كما قال حبّان ، والعقيلي يقول عنه : «غمزه ابن عون ، وله عن عطاء احاديث لا يتابع
عليها» ، وقال ابن خزيمة : «كان مدلّساً»(9).د
ـ أن وجود سفيان الثوري في سند الرواية دليل آخر على تهافتها ، فقد وصفه العلماء
بالتدليس وأنه يكتب عن الكذابين(10) .2
ـ أن ما ثبت عن عبداللّه بن العباس حول سبب نزول هذه الاية بعدة طرق ، يناقض ما
زعمه سفيان الثوري وحبيب في الرواية التي ذكرناها سابقاً ، فقد روى الطبري في
تفسيره ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، من طريق علي بن أبي طلحة ،
وطريق العوفي ، أن الاية نزلت في المشركين الذين كانوا ينهون عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أن يؤمنوا به ، وينأون عنه :
يتباعدون عنه(11)
.وقد
اخرج ذلك الطبري ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وعبد بن حميد ،
من طريق وكيع عن سالم عن أبي الحنفية ، وعن الحسين بن الفرج عن أبي معاذ ، ومن
طريق بشر عن قتادة .واخرج
عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابو الشيخ ، عن قتادة ،
والسدي، والضحاك ، ومن طريق أبي نجيح عن مجاهد ، ومن يونس عن ابن زيد ،
قالوا : «ينهون عن القرآن، وعن النبي(صلى الله
عليه وآله) ، وينأون عنه : يتباعدون عنه»(12) .والمراد
اساساً أن الاية تتحدث عن قطاع الكفار الذين كانوا ينهون عن اتّباع رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)والقرآن الكريم ، وينأون عنه
بالعداوة والصدود ، فأين هذا عن مواقف أبي طالب عم النبي(صلى
الله عليه وآله)وحاميه وناصره ، والذاب عنه كل اذية وسوء ومكروه ؟هذا
، ومما تجدر الاشارة إليه أن سورة الانعام نزلت جملة واحدة بعد سورة القصص بخمس
سور ، كما في اتقان السيوطي ، وكان ابو طالب عند نزول سورة الانعام التي تحمل
الاية المذكورة ، قد رحل إلى ربه الاعلى قبل ذلك بعدة سنين فوفّاه ربه حسابه(13)
.3
ـ أن سياق الايات قبلها وبعدها يعطي انطباعاً واضحاً أن المقصود غير أبي طالب(عليه السلام) . قال تعالى:
(ومنهم من يستمع
إليك وجعلنا على قلوبهم اكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن يروا كل آية لا يؤمنوا
بها حتى إذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلاّ اساطير الاولين * وهم
ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلاّ أنفسهم وما يشعرون)(14).فالايات
صريحة أن المراد بها كفار قريش ، أو قطاع منهم جاؤوا للنبي(صلى الله عليه وآله) فجادلوه ، واتهموه ، ووصفوا القرآن بالاساطير
، ومنعوا عن اتباعه ، فأين مدلول هذه الايات من مواقف أبي طالب(عليه السلام)، الذي أمر العباس وحمزة وجعفراً
باتباع النبي(صلى الله عليه وآله) ، ودعا قريشاً
وبني هاشم للتمسك بالنبوة ؟ وهو الذي رأينا نماذج من أدبه الرسالي الفذ الذي جاء
فيه :ألم
تعلموا أنا وجدنا محمداًرسولاً كموسى خط في اول الكتبهذا
، وقد تنبه علماء التفسير إلى تفاهة من يتصور أن الاية نزلت في ابي طالب(عليه السلام) ، فأشاروا إلى أنها مختصة بالمشركين
المكذبين الذين ينأون عن الحق ، ويحولون بين الناسورسول اللّه(صلى الله
عليه وآله)(15).ومن
الجدير ذكره أن مجموعة اخرى من الايات فسرت في أبي طالب(عليه
السلام) ظلماً وعدواناً ، مع أنها نزلت في جماعة المشركين ، من أمثال قوله
تعالى : (ما
كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولي قربى من بعد ما تبين
لهم أنهم اصحاب الجحيم)(16) . وقوله تعالى : (إن لا تهدي من أحببت ولكن اللّه يهدي من يشاء وهو اعلم
بالمهتدين)(17).وهذه
الايات وغيرها إنما فسرها وعاظ البلاط الاموي في أبي طالب(عليه
السلام) ، ارضاء لحكام بني أمية ، ووضعوا الاحاديث بحثاً عن المال والجاه ،
من أمثال أبي هريرة والمغيرة بن شعبة ، وعروة ، وسعيد ابن المسيب ، والزهري ،
وغيرهم ممن فسروا حتى آيات نزلت في المدينة المنورة ، بعد وفاة أبي طالب بعدد من
السنين ، في أبي طالب(عليه السلام)(18)
.لماذا كتم ابو طالب عبادته ؟حفظ
تاريخ الرسالة الاسلامية المطهرة الكثير من مواقف الصمود والدفاع عن الدعوة
الالهية ، والرسول الخاتم(صلى الله عليه وآله) ،
التي وقفها ابو طالب(عليه السلام) ، في اشد ايام
الرسالة قسوة ، وفي اكثر ساعاتها حرجاً كما اشرنا . يظهر ذلك جلياً من سيرته
العملية مع النبي(صلى الله عليه وآله) ، ومن
كلماته الباسلة ، وشعره المقاوم الجريء .بيد
أن تاريخ الرسالة المطهرة لم يسجل حادثة واحدة حول اقامة أبي طالب(عليه السلام) للصلاة اليومية ، التي كانت قد شرعت في
مكة المكرمة دون غيرها من الفرائض ، رغم أن كثيراً من كلمات الرجل كانت تقطر ايماناً
واعتقاداً باللّه واليوم الاخر والحساب والنبي(صلى الله
عليه وآله) .لقد
حدثنا التاريخ عن صلاة علي بن أبي طالب(عليه السلام)
، وخديجة بنت خويلد(عليها السلام) ، وجعفر بن
أبي طالب(عليه السلام) ، وحمزة بن عبد المطلب(عليه السلام) مع رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) في بداية الدعوة ، ولكنهم لم يذكر مصداقاً واحداً عن هذا
الموضوع يختص بأبي طالب(عليه السلام) ، فلماذا
كتم ابو طالب صلاته ، بل اسلامه بشكل عملي ؟ .إن
المتابع لمسيرة النبوة والدعوة الالهية الخاتمة ، في تلك المرحلة المبكرة ، يلاحظ
أن الدعوة المباركة كانت بحاجة إلى عدة مقومات :1
ـ الثقافة التي يمثلها القرآن الكريم بآياته النازلة ، كما تمثل مقومها الاخر
كلمات رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)واحاديثه .2
ـ اللسان الناطق بها ، المعبر عنها ، المرغب فيها ، وكان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ووسائله التعبيرية هو ذلك اللسان
الناطق .3
ـ الدعم المالي ، وكانت ثروة خديجة(عليه السلام)
اهم روافد ذلك الرصيد .4
ـ الدعم الاجتماعي ، وقد مثله أبو طالب(عليه السلام)
بمالَه من زعامة وامتداد وتأثير اجتماعي كبير .5
ـ وهناك مقومات اخرى بعضها معنوي ، وبعضها مادي .لقد
انبثقت الدعوة الالهية التي صدع بها محمد رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) في مكة المكرمة ، قلب الجزيرة العربية ، وكانت الحالة
القبلية والولاء للعشيرة ونظامها هي التي تحكم الجزيرة كلها ، وكانت الكيانات
القبلية ذات بعد سياسي واجتماعي في آن واحد ، في الجزيرة العربية التي ضاقت بها
فكرة القومية يومذاك ، وعجزت عن اقامة كيان سياسي موحد ، إلاّ إن التحالفات بين
القبائل العربية ، وقوة بعض الزعماء ، وفرت حالة من التوازن بين الوحدات
الاجتماعية يومذاك .في
هذا الوضع الاجتماعي بزغت شمس الدعوة المحمدية ، وليس من باب الصدفة أن تجد الدعوة
شخصية اجتماعية واسعة النفوذ في مكة وما حولها مثل أبي طالب(عليه السلام) ، كما ليس من باب الصدفة أن تجد عمقاً
عشائرياً داعماً لها يتمثل بعشيرة الداعية الاول للحق محمد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، تلك هي عشيرة بني هاشم .ولولا
هذا البعد الاجتماعي العميق ، لما كان بوسع الدعوة أن تعلن حقيقة مبادئها
ومفاهيمها ، فضلاً عن أن تعلن مقاومتها للذهنية الوثنية الحاكمة في البلاد ،
ولكانت في احسن اوضاعها تشبه تحركات الرهبان والاحناف ، التي تبقى حبيسة في اطار
محدود من الناس .وحين
صدع المصطفى(صلى الله عليه وآله) بدعوته ، كان
ابو طالب(عليه السلام) «سيد قريش غير مدافع ،
ورئيسها غير منازع ، وكانوا له ينقادون ، ولامره يطيعون»(19)
، وكان لابي طالب(عليه السلام)حلفاء وانصار ،
اضافة لعشيرته الاقربين من بني هاشم .ومن
هنا رأى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وبتخطيط
منه دقيق ، أن من الحكمة أن يحتفظ أبو طالب(عليه
السلام) بهذه المكانة الاجتماعية ، ويسخرها في الدفاع عن الدعوة والداعية(صلى الله عليه وآله) ، وليس بمقدور أبي طالب(عليه السلام) أن يوظف مكانته الاجتماعية العظيمة
للدعوة ، إذا اعلن اسلامه ، وجهر بايمانه بالرسول والرسالة ، وانحاز علانية إلى
الدعوة ، كما ليس بمقدور الدعوة الالهية المباركة أن تستثمر تلك المكانة
الاجتماعية العظيمة ، إذا هو جاهر بانتمائه للرسالة ; لانه في تلك الحالة ينابذ
قريشاً كلها ، ومكة وما حولها ، فيكونون عليه يداً واحدة .ومن
اجل ذلك كان يخادعهم ، ويتظاهر لهم بالمرونة ، فكان يخالط قريشاً ، ويعاشرها ،
ويشهد مشاهدها ومناسباتها ، حفظاً على سيادته ومكانته فيهم ، حتى يكون بمقدوره أن
ينصر الرسول(صلى الله عليه وآله) من هذا الموقع
ويأخذ بحقه ، ويوقف من يريد به السوء عند حده ، حتى نجح في ذلك نجاحاً باهراً
منقطع النظير ، وهو مع ذلك يشوب علاقاته مع قريش ، ومواقفه منها ومعها ، باظهار
تصديقه بالنبي(صلى الله عليه وآله)ورسالته، وضرورة تصديقه والايمان به من قبل الناس بالطريقة التي يراها ممكنة ،
وغير مثيرة للخصم ، وما ظهر من صور الايمان بالدعوة والرسول(صلى الله عليه وآله) وغيرها في ادبه ومواقفه ، كانت
في هذا الاطار.وهكذا
نجحت مهمة أبي طالب(عليه السلام) في دعم مسيرة
الرسالة ، وحمايتها ، وصد اعدائها ، ولولا هذه الطريقة التي تبناها ابو طالب لرفد
مسيرة النبوة ، لما استثمرت الدعوة الالهية هذه الطاقة العظيمة بشكل مناسب .ولعظمة
المهمة التي اضطلع بها أبو طالب(عليه السلام) ،
وأهمية دوره المبارك ، فأن اللّه عزّ وجل أوحى لرسوله(صلى
الله عليه وآله) بعد وفاة أبي طالب(عليه السلام)،
وأنبأه بواسطة جبريل(عليه السلام) ، أنه «قد مات ناصرك ، فاخرج»
وأمره بالهجرة من مكة إلى المدينة .ومن
اجل ذلك فأنه من السذاجة واللؤم أن يسيء احد الظن بأبي طالب(عليه السلام) بسبب سلوك اقتضته الحكمة ، بينما نجد ـ
رغم اساءة التاريخ وظلمه لابي طالب ـ أن مصاديق ايمان أبي طالب(عليه السلام)برسالة محمد(صلى
الله عليه وآله) ودعوته ، مما لا يمكن تجاهلها ، اضافة إلى مواقف رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) منه ، التي منها
تغسيله ، وتجهيزه ، ودفنه .ومنها
ترحمه عليه ، والاستغفار له ، رغم أن الاسلام الحنيف لا يبيح الاستغفار للمشرك من
قبل المؤمن ، مهما كانت علاقته النسبية به .ومنها
ابقاء رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) لفاطمة
بنت اسد(عليها السلام) في عصمة أبي طالب(عليه السلام) حتى وفاته ، رغم أن الاسلام فسخ عقود
النكاح بين المسلمات والمشركين .فلا
ندري ، ألا يعني اتهام أبي طالب بالشرك والكفر من قبل بعض الجهلة بحقائق الامور ،
اتهاماً لرسول اللّه(صلى الله عليه وآله) واساءة
له ؟ .كلمات الصادقين(عليهم السلام) في تكريم
أبي طالب(عليه السلام) :1
ـ عن امير المؤمنين قال : «قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : هبط عليّ جبرئيل فقال لي : يا
محمد ، إن اللّه عزّ وجل مشفعك في ستة : بطن حملتك آمنة بنت وهب ، وصلب أنزلك
عبداللّه بن عبد المطلب ، وحجر كفلك ابو طالب ، وبيت آواك عبد المطلب ، وأخ كان لك
في الجاهلية ، وثدي أرضعك حليمة بنت أبي ذؤيب»(20).2
ـ عن العباس بن عبد المطلب(رضي الله عنه) ، أنه
سأل رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، فقال:
«ما ترجو لابي طالب ؟ فقال : كل الخير أرجو من
ربي عزّ وجل»(21) .3
ـ عن الامام السبط الحسن بن علي عن والده امير المؤمنين ، أنه كان جالساً في
الرحبة والناس حوله ، فقام إليه رجل فقال له : «ياأميرالمؤمنين ، إنك بالمكان الذي أنزلك اللّه ، وأبوك معذب في النار. فقال له:
مه فضّ اللّه فاك ! والذي بعث
محمداً بالحق نبياً ، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الارض لشفعه اللّه . أأبي
معذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار ؟ والذي بعث محمداً بالحق إن نور أبي طالب
يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلائق إلاّ خمسة أنوار : نور محمد ونور فاطمة ونور
الحسن والحسين ونور ولده من الائمة . ألا إن نوره من نورنا ، خلقه اللّه من قبل
خلق آدم بألفي عام»(22) .4
ـ عن ابي الطفيل عامر بن واثلة ، قال : «قال علي(عليه
السلام) : إن أبي حين حضره
الموت شهده رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)، فأخبرني عنه بشيء خير لي من
الدنيا وما فيها»(23) .5
ـ عن الامام السجاد زين العابدين علي بن الحسين بن علي(عليهم
السلام) ، أنه سئل عن أبي طالب : «أكان مؤمناً ؟ فقال(عليه السلام) :
نعم . فقيل له : إن
هاهنا قوماً يزعمون أنه كافر . فقال(عليه السلام)
: واعجباً كل العجب ! أيطعنون
على أبي طالب أو على رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
؟ وقد نهاه اللّه تعالى أن يقرّ مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن ، ولا يشك أحد
أن فاطمة بنت اسد رضي اللّه تعالى عنها من المؤمنات السابقات ، فإنها لم تزل تحت
أبي طالب حتى مات أبوطالب(رضي الله عنه)»(24).6
ـ عن أبي بصير عن محمد بن علي الباقر(عليه السلام)
أنه قال : «مات أبوطالب بن عبد المطلب مسلماً مؤمناً ، وشعره في ديوانه
يدل على ايمانه ، ثم محبته وتربيته ونصرته ، ومعاداة اعداء رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، وموالاة اوليائه ، وتصديقه
اياه فيما جاء به من ربه ، وأمره لولديه علي وجعفر(25) بأن يسلما ، ويؤمنا بما يدعو إليه ، وأنه خير الخلق ،
وأنه يدعو إلى الحق والمنهاج المستقيم ، وأنه رسول اللّه رب العالمين(26) ، فثبت ذلك في قلوبهما ، فحين دعاهما رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أجاباه في الحال ، وما تلبثا لما
قد قرره أبوهما عندهما من أمره، فكانا يتأملان افعال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، فيجدانها كلها حسنة تدعو إلى
سداد ورشاد»(27) .7
ـ عن يونس بن نباتة عن الامام الصادق(عليه السلام)
قال : «يايونس ، مايقول الناس في أبي طالب ؟
قلت : جعلت فداك يقولون : هو فيضحضاح من نار يغلي منها أم رأسه . فقال :
كذب
اعداء اللّه . إنأباطالب من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وحسن اولئك رفيقاً»(28) .8 ـ عن درست بن أبي منصور أنه سأل أبا الحسن الاول (الامام الكاظم)(عليه السلام) :
«أكان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
محجوباً بأبي طالب ؟ فقال : لا،ولكنه كان مستودعاً للوصايا فدفعها إليه
. فقال : قلت : فدفع إليه الوصايا على أنه محجوج به ؟ فقال :
لو كان محجوجاً به ما دفع إليه الوصية . قال : قلت : فما كان حال أبي طالب ؟ قال :
أقرّ
بالنبي وبما جاء به ، ودفع إليه الوصايا ومات من يومه»(29) .9 ـ اخرج ابو جعفر الصدوق في الامالي باسناده عن سعيد بن جبير عن عبداللّه بن عباس
أنه سأله رجل فقال له : «يابن عم رسول اللّه ، اخبرني عن أبي طالب هل كان مسلماً ؟
قال : وكيف لم يكن مسلماً وهو القائل ؟وقد علموا أن ابننا لا مكذبلدينا ولا يعبأ بقيل الاباطيلإن
ابا طالب كان مثله كمثل اصحاب الكهف حين اسّروا الايمان واظهروا الشرك ، فآتاهم
اللّه اجرهم مرتين»(30)
.ينابيع الحكمة على لسان أبي طالب(عليه السلام)حدث
الامام شمس الدين أبو علي فخار بن معد الموسوي (ت630هـ) بأسانيده عن المهاجر مولى بني نوفل اليماني قال : «سمعت أبا رافع
القبطي مولى النبي(صلى الله عليه وآله) يقول :
سمعت أبا طالب بن عبدالمطلب يقول : حدثني محمد(صلى الله
عليه وآله) أن ربه بعثه بصلة الرحم ، وأن يعبد اللّه وحده ، ولا يعبد معه
غيره ، ومحمد عندي الصادق الامين»(31) .وبإسناد
آخر عن أبي رافع قال : «سمعت أبا طالب يقول : حدثني محمد(صلى
الله عليه وآله) أن اللّه أمره بصلة الارحام ، وأن يعبد اللّه وحده ولا
يعبد معه غيره . ومحمد عندي الصدوق الامين»(32).
(1) في غزوة احد بعد هزيمة المسلمين، اطلق ابو سفيان على الرسول لقب ابي كبشة (إرجع
إلى : البلاذري : انساب الاشراف 1 : 91 و 327، والمقريزي إمتاع الاسماع : 87 و
158.(2) شرح النهج لابن ابي الحديد 5:129 ـ 130 تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، و 1:463
طبعة قديمة، ومروج الذهب 3:454، طـ . دار الاندلس، بيروت، والموفقيات للزبير بن
بكار : 576، طـ.العراق .(3) عام الجماعة هو عام 41 هـ ، الذي تسلم معاوية فيه السلطنة بعد صلحه مع الحسن السبط
(ع)، وسقوط دولة الخلافة الاسلامية في الكوفة.(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11 : 44 ـ 46 .(5) الانعام : 26 .(6) الغدير 8 : 3 نقلاً عن ابن سعد في طبقاته 1:105. وتاريخ الطبري 7:110، وتفسير ابن
كثير 2:127، والكشاف للزمخشري 1: 448، وتفسير الخازن 2:11.(7) الغدير 8:3 ـ 4، نقلاً عن تفسير القرطبي 6 : 406 .(8) م . ن .(9) تهذيب التهذيب 2 : 179 .(10) الغدير 8 : 4 نقلاً عن ميزان الاعتدال 1:396.(11) تفسير الطبري 7:109، والدر المنثور للسيوطي 3:8 .(12) م . ن ، وتفسير الالوسي 7:126.(13) الغدير 8:5 ـ 6.(14) الانعام: 25 ـ 26.(15) مثل الطبري في تفسيره 7:109، والرازي 4:28، وابن كثير 2:127، والزمخشري 1:448،
وغيرهم.(16) التوبة : 113.(17) القصص : 56 .(18)ومن شاء المزيد فليراجع الغدير 8 ، وابو طالب مؤمن قريش لعبداللّه الخنيزي، والحجة
على الذاهب إلى تكفير أبي طالب للامام شمس الدين بن معد الموسوي (ت 630 هـ).(19) الحجة على المذاهب إلى تكفير ابي طالب، الفصل العاشر: 340.(20)الغدير للشيخ الاميني 7 : 387 ، ورواه السيد فخار ابن معد في كتاب الحجة: 8.(21) م . ن 7:386، وكتاب الحجة : 15، والدرجات الرفيعة.(22) م . ن 7 : 387. جاء في المناقب المئة للشيخ أبي الحسن بن شاذان، وكنز الفوائد
للكراجكي : 80 ، وأمالي الشيخ : 192، واحتجاج الطبرسي كما في البحار، وتفسير أبي
الفتوح 4:211، والحجة : 15، والدرجات الرفيعة، وبحار الانوار 9 : 15، وضياء العالمين،
وتفسير البرهان 3 : 794.(23)
م . ن . رواه باسناده السيد فخار بن معد في كتاب الحجة : 23، وذكره الفتوني في
ضياء العالمين.(24) م . ن 7: 389، وراجع ما مرّ ص 380، وكتاب الحجة: 24، والدرجات الرفيعة، وضياء
العالمين.(25) جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم. ابو عبداللّه. ابن عم النبي (ص) وشقيق
الامام علي(ع). من السابقين إلى الاسلام. تشير المصادر إلى أنه صلى مع النبي(ص)
بعد أخيه علي(ع)، وقال النبي(ص) له : «اشبهت خلقي وخلقي». وفي البخاري عن أبي
هريرة قال : «كان جعفر خير الناس للمساكين». هاجر إلى الحبشة فاسلم النجاشي ومن
تبعه على يده، وأقام عنده، ثم هاجر منها إلى المدينة فقدم النبي(ص) بخيبر. يراجع
ايمان أبي طالب، تحقيق السيد محمد بحر العلوم : 141، عن: الاصابة، ت : 1166، وصفة
الصفوة 205:1، وطبقات ابن سعد 22:4. وحلية الاولياء 114:1، ومعجم البلدان، مادة
مؤتة.(26) اخرج الحافظ ابن حجر في الاصابة 4:116، عن علي(ع) أنه لما اسلم قال له ابو
طالب:«الزم ابن عملك»، واخرج ايضاً عن عمران بن حصين أن أباطالب قال لجعفر ابنه
لما اسلم : «صل جناح ابن عمك»، فصلى جعفر مع النبي (ص). العلامة الدحلاني في اسنى
المطالب : 7.(27) ايمان أبي طالب : 140، بأسانيده.(28) الغدير للعلامة الاميني 7:393، عن كنز الفوائد لشيخنا الكراجكي : 80 ، كتاب الحجة
: 17، ضياء العالمين .(29)م . ن : 394، قال الاميني: «هذه مرتبة فوق مرتبة الايمان، فإنها مشفوعة بما سبق عن
مولانا اميرالمؤمنين(ع)، تثبت لابي طالب مرتبة الوصاية والحجية في وقته، فضلاً عن
بسيط الايمان، وقد بلغ ذلك من الثبوت إلى حد ظن السائل أن النبي (ص) كان محجوجاً
به قبل بعثته، فنفى الامام(ع) ذلك، وأثبت ما ثبت له من الوصاية، وأنه كان خاضعاً
بالابراهيمية الحنيفية، ثم رضخ للمحمدية البيضاء، فسلم الوصايا للصادع بها، وقد
سبق ايمانه بالولاية العلوية الناهض بها ولده البار صلوات اللّه وسلامه عليه».(30)م . ن : 396، ورواه السيد ابن معد فيالحجة : 94، 115، وذكره غير واحد من ائمة الحديث.(31)ذكر هذا الحديث ابن حجر العسقلاني الشافعي في الاصابة 4:116، طـ . مصر 1328، وأورده ايضاً الدحلاني في اسنى المطالب
: 6، طـ . مصر 1305، وذكر أنه اخرجه الخطيب بسنده إلى أبي رافع مولى أم هانئ بنت
أبي طالب(ع)، عن ايمان أبي طالب، تحقيق السيد محمد بحر العلوم : 133.(32) ذكر الحديث ابن حجر في الاصابة 4 :116، وزيني دحلان في اسنى المطالب: 6، وروى
الشيخ الاميني في الغدير 7: 368 عن الشيخ ابراهيم الحنبلي في نهاية الطلب عن عروة
الثقفي قال : «سمعت أبا طالب(رضي الله عنه) يقول
: حدثني ابن أخي الصادق الامين ـ وكان واللّه صدوقاً ـ أن ربه ارسله بصلة الارحام،
وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وكان يقول اشكر ترزق، ولا تكفر تعذب». م . ن : 135.