نظام الشعائر و العبادات فی مدرسة أهل البیت (ع) (5) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظام الشعائر و العبادات فی مدرسة أهل البیت (ع) (5) - نسخه متنی

السید محمدباقر الحکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

دراسـات

نظام الشعائر والعبادات

في مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)
( 3 )

النظرية العامة لنظام الشعائر
والعبادت

* السيد محمد باقر الحكيم

يحسن بنا أن نشير إلى الرؤية النظرية
العامة التي يمكن أن نستخلصها من هذا
الاستعراض للايام والليالي ، وهنا تبدو
امامنا عدة قضايا مهمة :

الاولى : أن الليالي الشريفة تتميز
بالاحياء بالعبادة لما في الليل من خصوصية
الخلوة باللّه تعالى للمناجات بالدعاء في
العبادة له تعالى ، كما أن الاتجاه فيها هو
الاهتمام بالطهارة المتمثلة بالغسل .

الثانية : أن الايام الشريفة كالاعياد
تتميز بموضوع النظافة والزينة; لذا جاء
التأكيد ايضاً للغسل والطيب وحسن الثياب ،
والاعمال الاجتماعية العامة بحيث أن الصلوات
فيها تقسم بهذا الطابع ايضاً كما في صلوات
الجمعة والعيدين ، وكذلك التأكيد لاهمية
زيارة الاخوان والانفاق والاحسان وغيرها من
المفردات الاجتماعية .

الثالثة : التعبير عن الولاء والحب
لاهل البيت والارتباط بهم ، وكذلك التمجيد
لاعمالهم والبراءة من اعدائهم ; وعمل هذه
الاعمال يمثل ظاهرة عامة في جميع الليالي
والايام الفاضلة ، ويبدو ذلك واضحاً من خلال
التأكيد لزيارة الامام الحسين والامام علي(عليهما
السلام) فيها، وكذلك الاكثار من الصلوات على
النبي وآله ، بل ارتباط هذه الايام
بمناسباتهم .

الرابعة : أن عبادة الصوم لها خصوصية
في الايام الشريفة ; ففي يومي العيدين تحرم
هذه العبادة ، وأما في الايام الاخرى فهي
مستحبة بدرجة عالية كما في الايام الاربعة ،
وأما في يوم الجمعة فلم يرد تأكيد استحباب
صومه إلاّ في حالات خاصة مثل طلب الحاجة أو
تكميل الصوم للاربعاء والخميس .

الخامس : تقسيم الايام والليالي على
المراسم العبادية في اكثر اشهر السنة ، وهي
رجب ، وشعبان ، ورمضان ، وشوال ، وذو القعدة،
وذو الحجة، وربيع الاول ،فإذا أضفنا إليها
المناسبات الخاصة باهل البيت(عليهم السلام)تصبح
هذه الايام على مدار السنة كلها .

السادسة : أن الكثير من التفاصيل في
هذه الايام والليالي والاختلاف فيها إنما كان
من اجل ملء محتوى هذه الخطوط العامة التي تمثل
اتجاهاً في النظرية ، حيث كان ذلك ضمن المخطط
العام الذي وضعه إئمة اهل البيت للتربية
الروحية والاخلاقية ، وبناء الارادة
والتكامل النفسي ومعالجة الامراض النفسية
والروحية .

السابعة : أن الملاحظ في الايام
والليالي أنها تمثل بمجمل برامجها واعمالها
امتداداً لايام الجمعة والعيدين وليلة
الجمعة والقدر ، بحيث تمثل الاعمال والعبادات
في الايام والليالي التي شرعها الاسلام في
اصل الرسالة الاسلامية ، الاصل الذي تفرعت
عنها بقية الاعمال والعبادات في الايام
والليالي الاخرى ; وبذلك نعرف أن ماجاء عن اهل
البيت(عليهم السلام) بشأن هذه الايام
والليالي إنما هو من علمهم الواسع بتفاصيل
الشريعة ، أو يعبر عن رؤية نظرية اصيلة
وواقعية للشريعة وتشريعاتها ; بحيث يمكن أن
ينفتح ويستنبط منها هذه التفاصيل استنباطاً
صحيحاً يتطابق مع ما روي عن الامام علي(عليه
السلام) من قوله : «علّمني رسول اللّه ألف باب
من العلم ، ينفتح لي من كل باب ألف باب» .

ثالثاً : المساجد والاماكن المقدسة

ومن مفردات الشعائر الاسلامية لدى
الجماعة الصالحة مفردة المساجد والاماكن
المقدسة ; حيث تحظى هذه المفردة بأهمية خاصة
في نظرية أهل البيت(عليهم السلام)، تتميز
بسعتها وشمولها وعمقها ، وذلك إلى جانب مفردة
(الايام المباركة) التي تناولناها بالحديث
السابق .

ومفردة الاماكن المقدسة من المفردات
التي يجمع عليها المسلمون بل أقرتها جميع
الاديان السماوية ; والعنوان العام للمكان
المقدس عند المسلمين هو (المسجد) الذي هو مكان
العبادة لدى المسلمين ، وقد أشير إليه في
القرآن الكريم في عدة مواضع منها : قوله تعالى
(إنما يعمرُ مساجد اللّه من آمن باللّه واليوم
الاخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلاّ
اللّه فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)( 1 )
.

وقوله تعالى : (وأقيموا وجوهكم عند كلّ
مسجد وادعوهُ مخلصين له الدين كما بدأكم
تعودون)( 2 )
.

وقوله تعالى : (وأنَّ المساجد للّه
فلا تدعوا مع اللّه احداً)( 3 )
.

وكذلك في آيات اخرى .

ومصطلح المسجد خاص بالمسلمين في مقابل
مصطلحات اخرى لاهل الاديان السابقة ، تدعى
بها الاماكن المقدسة مثل (الصومعة) للنصارى و (البيعة)
لليهود و (المصلى) للصابئة ; حيث وردت هذه
المصطلحات في قوله تعالى : (ولولا دفع اللّه
الناس بعضهم ببعض لهُدّمت صوامعُ وبيعٌ
وصلواتٌ ومساجدٌ يذكرُ فيها اسمُ اللّهِ
كثيراً ولينصرنَّ اللّهُ من ينصرهُ إن اللّه
لقويٌ عزيزٌ)( 4 )
.

وقد كان للمسجد دور خاص في الاسلام
والشريعة الاسلامية لا يقتصر على العبادة
وحدها ، بل كان له - إلى جانب ذلك - دور في
الثقافة والتعليم والتعبئة السياسية
والروحية العامة ، كما كان يستفاد منه
احياناً ـ ولا سيما في الصدر الاول للاسلام -
في ادارة شؤون البلاد والقضاء وفصل الخصومات
، وبذلك اصبح المسجد مؤسسة عبادية ، ثقافية ،
سياسية ، اجتماعية ، تمارس دورها الفعال في
المجتمعات الاسلامية وتحظى بقدسية واحترام
وتكريم .

ولذلك ايضاً نجد هذا القدر الكبير من
النصوص التي وردت عن النبي(صلى الله عليه وآله)
واهل بيته الكرام(عليهم السلام) تتناول أحكام
المساجد وآدابها وشؤونها ، وكيفية التعامل
معها في تعظيمها وتقديسها واعمارها بالبناء
والعبادة ، وثواب التردد عليها والصلاة فيها
أو الاعتكاف والمكث فيها( 5 )
.

نظرية اهل البيت في الاماكن المقدسة

وفي احاديث ونظرية اهل البيت نجد أن
هذه القدسية - في بعض ابعادها - تمتد إلى
اماكن اخرى ، مثل بيوت النبي واهل بيته
ومشاهدهم الشريفة وبعض الاماكن التي ارتبطت
تاريخياً بالانبياء والصالحين من عباد اللّه
، بحيث صلى فيها هؤلاء الصالحون أو كان لها
علاقة بهم أو بأحداثهم .

هذه النظرية تنطلق من رؤية الاسلام
إلى قضية الاهتمام بالمواقع التي ارتبطت
تاريخياً بالانبياء والصالحين ، والاحداث
التي مرت بها رسالتهم ; حيث يستفاد من بعض
الايات القرآنية والنصوص الاخرى التوجه في
النظرية القرآنية إلى الاهتمام والعناية
بالمعالم والذكريات التاريخية التي تجسد
حركتهم ومواقفهم واعمالهم وشكرهم للّه تعالى
، ولزوم تكريسها وتوظيفها تاريخياً .

ويمكن أن نجد الاساس لهذا الفهم في بعض
الحوادث التي اثبتها القرآن الكريم ، وكذلك
في بعض الشعائر التي اقرها أو وظفها القرآن
الكريم ، أو المفاهيم التي ثبتها لجزء من
معالم الرسالة الاسلامية . وكذلك في السيرة
النبوية المباركة .

ونشير هنا إلى بعض هذه المعالم :

الاول : قضية اهل الكهف التي أشار
القرآن الكريم فيها إلى أن المؤمنين الذين
غلبوا على أمرهم في ذلك العصر ، اتخذوا عليهم
مسجداً تمجيداً لموقف هؤلاء الصالحين الذين
رفضوا الوثنية والطغيان : (إذ يتنازعون بينهم
أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم اعلم
بهم ، قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم
مسجداً)( 6 )
.

الثاني : تمجيد مقام إبراهيم(عليه
السلام) وهو الصخرة التي كان يقف عليها لبناء
الكعبة الشريفة ، حيث ورد في القرآن الكريم
استحباب أو وجوب الصلاة عند المقام بعد
الطواف كما في قوله تعالى : (واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلىً)( 7 )
، وهذا مما يجمع عليه المسلمون .

الثالث : ما ورد في ادخال حجر اسماعيل
في الطواف مع أنه ليس من الكعبة الشريفة
واستحباب الصلاة فيه ; وذلك لانه مدفن أمه
ومجموعة من الانبياء ، وهذا مما يجمع عليه
المسلمون .

الرابع : ما ورد في القرآن الكريم من
التأكيد للسعي بين الصفا والمروة ، وأنه من
شعائر اللّه كما في قوله تعالى : (إنَّ الصفا
والمروة من شعائر اللّه فمن حجَّ البيت أو
اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع
خيراً فإنَّ اللّه شاكرٌ عليمٌ)( 8 )
.

ويذكر تاريخياً وجود ارتباط بين هذا
السعي وسعي هاجر أم اسماعيل لانقاذ ولدها من
العطش ، الذي انتهى بعد ذلك إلى حصولها على
ماء زمزم .

فقد روى الكليني بسند معتبر عن ابي عبد
اللّه الصادق(عليه السلام) قال : « إن
ابراهيم(عليه السلام) لما خلف اسماعيل بمكة
عطش الصبيّ ، فكان فيما بين الصفا والمروة شجر
فخرجت أمه حتى قامت على الصّفا فقالت : هل
بالبوادي من أنيس ؟ فلم يجبها أحد، فمضت حتى
انتهت إلى المروة فقالت : هل بالبوادي من أنيس
؟ فلم تجب ، ثم رجعت إلى الصفا وقالت ذلك حتى
صنعت ذلك سبعاً ،فأجرى اللّه ذلك سنّة ... »( 9 )
.

الخامس : ما ورد في تمجيد وتعظيم
المسجد الاقصى لانه القبلة الاولى ومحل عبادة
الانبياء السابقين ، ومسرى ومعراج رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) كما اشار إليه القرآن الكريم .

السادس : ما أجمع عليه المسلمون من
احترام مسجد قبا ; حيث كان المسجد الذي بني على
التقوى من أول يوم كما اشار القرآن الكريم ،
ولانه كان الموضع الذي صلى فيه رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) عند قدومه للمدينة قبل أن
يدخلها . وسوف يأتي الحديث عنه .

السابع : ما ثبته القرآن الكريم من
مفهوم البيوت التي اذن اللّه تعالى أن ترفع
ويذكر فيها أسمه ، وهي تلك البيوت التي يسكنها
الصالحون من الناس كما في قوله تعالى : (في
بيوت أذنَ اللّهُ أن تُرفعَ ويُذكرَ فيها
اسمهُ يسبحُ لهُ فيها بالغدو والاصال * رجالٌ
لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر اللّه وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلبُ
فيه القلوب والابصارُ)( 10 ) .

وانطلاقاً من هذا الفهم نجد أن اهل
البيت(عليهم السلام) - بسبب علمهم الواسع
بتاريخ الرسالات الالهية وفهمهم الدقيق
المستوعب للرسالة الاسلامية - قاموا بعمل
تميزوا به ، وهو احياء معالم هذا التاريخ
الالهي - سواء في الرسالات السابقة أو الرسالة
الاسلامية - والدعوة إلى تقديس هذه الاماكن
واحياء تاريخها .

ويحظى المسجد الحرام ومسجد النبي(صلى
الله عليه وآله) في المدينة المنورة ، وكذلك
المسجد الاقصى في القدس الشريف ،بتقديس
واحترام خاصين لدى جميع المسلمين .

وقد روى جمهور المسلمين بشأن فضل هذه
المساجد الثلاثة أنه لا تشد الرجال إلاّ لها( 11 )
، وأنها تختص بهذا الاحترام والعمل الشرعي
دون غيرها من المساجد الاخرى ، كما أن هذه
المساجد ورد الحديث عنها في القرآن الكريم
ولاسيما المسجد الحرام .

ولكن اهل البيت(عليهم السلام) اعطو هذه
المفردة تصوراً واسعاً شاملاً من حيث الكم
والكيف .

أما من حيث الكيف فنجد أن الاحترام
والتقديس من ناحية ، والجذر التاريخي لهذه
المساجد من ناحية اخرى والاعمال المرتبطة
بهذه الاماكن من ناحية ثالثة جاءت شاملة
وواسعة .

وأما من حيث الكم فنجد أن هناك اماكن
اخرى حظيت بهذا التقديس والاحترام اجمالاً
على اختلاف بينها في مستويات ودرجات التقديس ;
ومن هذه الاماكن مسجد الكوفة ومسجد قبا ومسجد
الخيف ومسجد السهلة أو السهيل والحائر
الحسيني ووادي السلام في النجف وحرم امير
المؤمنين علي(عليه السلام) ومسجد براثا وحرم
الامام الرضا في طوس من خراسان ومشاهد أئمة
اهل البيت(عليهم السلام) عامة .

أحكام المساجد

وقبل الحديث عن تفاصيل اهم هذه
المفردات يحسن بنا أن نتحدث قليلاً عن
الاحكام العامة للمساجد في عدة نقاط( 12 ) .

1 ـ يستحب الصلاة في المساجد وافضلها
المسجد الحرام فالصلاة فيه تعدل الف الف صلاة
، ثم مسجد النبي(صلى الله عليه وآله) والصلاة
فيه تعدل عشرة آلاف ، ومسجد الكوفة وفيه تعدل
ألف صلاة ، والمسجد الاقصى وفيه تعدل ألف صلاة
ايضاً ، ثم المسجد الجامع وفيه تعدل مئة ،
ومسجد القبيلة (المحلة) وفيه تعدل خمساً
وعشرين ، ومسجد السوق وفيه تعدل اثني عشر .

ويستحب أن يجعل في بيته مسجداً أي
مكاناً معداً للصلاة فيه ، وإن كان لا يجري
عليه أحكام المسجد ، والافضل للنساء الصلاة
في بيوتهن وافضل البيت المخدع .

2 ـ يستحب الصلاة في مشاهد الائمة(عليهم
السلام) ، وهي البيوت التي أمر اللّه تعالى
أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، بل هي أفضل من بعض
المساجد .

3 ـ يستحب تفريق الصلاة في اماكن
متعددة لتشهد له يوم القيامة، ففي الخبر سأل
الراوي ابا عبد اللّه(عليه السلام) عن الرجل
يصلي نوافله في موضع أو يفرقها ، قال(عليه
السلام) : « لا بل هنا وهنا فإنها تشهد له يوم
القيامة » .

4 ـ يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره
لغير علة كالمطر . قال النبي(صلى الله عليه
وآله) : « لا صلاة لجار المسجد إلاّ في مسجده »
ويستحب ترك مؤاكلة من لا يحضر المسجد وترك
مشاربته ومشاورته ومناكحته ومجاورته .

5 ـ يكره تعطيل المسجد ، فعن أبي عبد
اللّه الصادق(عليه السلام) : « ثلاثة يشكون إلى
اللّه عزّوجل : مسجد خراب لا يصلي فيه أهله ،
وعالم بين جهال ، ومصحف معلق قد وقع عليه غبار
لا يقرأ فيه »( 13 )
.

6 ـ يستحب كثرة التردد إلى المساجد ،
فعن النبي(صلى الله عليه وآله) :« من مشى إلى
مسجد من مساجد اللّه فله بكل خطوة خطاها متى
يرجع إلى منزله عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات
ويرفع له عشر درجات »( 14 )
.

7 ـ يستحب بناء المسجد وفيه اجر عظيم
قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) :« من بنى
مسجداً في الدنيا اعطاه اللّه بكل شبر منه (أو
بكل ذراع منه) مسيرة اربعين الف عام ; مدينة من
ذهب وفضة ولؤلؤ وزبرجد » ، وعن الصادق(عليه
السلام) :« من بنى مسجداً بنى اللّه له بيتاً
في الجنة » .

8 ـ يحرم زخرفة المسجد أي تزيينه
بالذهب ، والاحوط ترك نقشه بالصور .

9 ـ لا يجوز بيع المسجد ولا بيع الاثر
وإن صار المسجد خراباً ، ولا ادخاله في الملك .

10 ـ يحرم تنجيس المسجد وإذا تعرض
للنجاسة وجب ازالتها على المكلفين فوراً ،
ويحرم ادخال ما يوجب هتكه من الاشياء .

11 ـ يستحب للانسان المؤمن أن يسبق
الناس في الدخول إلى المسجد والتأخر عنهم في
الخروج منه .

12 ـ يستحب خدمة المسجد كالاسراج فيه ،
وتنظيفه بالكنس والمسح ، والابتداء في الدخول
فيه بالرجل اليمنى وفي الخروج بالرجل اليسرى
، وأن يلتفت إلى نعله وحذائه لئلا يكون فيه
الاوساخ والنجاسات ، وأن يستقبل القبلة فيه
ويدعو اللّه ويحمده ويصلي على النبي(صلى الله
عليه وآله) ، وأن يكون على طهارة ووضوء .

13 ـ يستحب صلاة التحية في المسجد بعد
الدخول فيه وهي ركعتان ، ويجزي عنها الصلاة
الواجبة أو النافلة أو الصلوات المستحبة
الاخرى .

14 ـ يستحب التطيب للمسجد وأن يلبس
الثياب الفاخرة والنظيفة عند التوجه إليه .

15 ـ يكره للانسان الاستطراق في
المساجد بأن يجعلها طريقاً له ، إلاّ أن يصلي
فيها ركعتين ، وكذا يكره له القاء النخامة
والنخاعة أو النوم فيه إلاّ لضرورة ، أو رفع
الصوت فيه إلاّ في الاذان ونحوه كالوعظ
والارشاد أو الدروس والمحاظرات ، ويكره حذف
الحصى ورميها ، وقراءة الاشعار غير المواعظ
ونحوها من مدائح ومراثي اهل البيت(عليهم
السلام) ، ويكره البيع والشراء والتكلم في
امور الدنيا الشخصية لانه محلّ العبادة
والفائدة العامة ، ويكره اظهار السلاح وجعله
إلى القبلة ودخول من اكل البصل والثوم
ونحوهما مما له رائحة تؤذي الناس والمصلين ،
ويكره ايضاً تمكين الاطفال أو المجانين من
الدخول فيها أو اتخاذها محلاً لعمل الصنائع
،والتعري فيها وكشف العورة حتى مع الامن من
الناظر أو كشف السرة والفخذ والركبة ، واخراج
الريح وغير ذلك من الاعمال التي تعتبر على
خلاف الاداب العامة .

1 ـ المسجد الحرام والبيت الحرام ومكة

المسجد الحرام هو المسجد الذي يحيط
بالكعبة الشريفة التي هي البيت الحرام ، وهو
أول بيت وضع للناس : (إنَّ أول بيت وضعَ للناس
للذي ببكة مباركاً وهدىً للعالمين * فيه آيات
بينات مقامُ ابراهيم ومن دخلهُ كان آمناً
وللّه على الناس حجّ البيت من استطاع إليه
سبيلاً ...)( 15 )
.

وفي المسجد الحرام مقام ابراهيم الذي
ورد النص في القرآن الكريم بالصلاة فيه : (واتخذوا
من مقام ابراهيم مصلى) ; ولذا فالمسجد الحرام
هو اول مسجد عرفته البشرية في تاريخها .

وقد تحدث عنه القرآن الكريم في مواضع
عديدة باسمه الصريح وهو المسجد الحرام ، كما
اشار إليه عندما تحدث عن الكعبة الشريفة
والبيت الحرام وبنائها ، وجعلها من قبل اللّه
تعالى مثابة للناس وأمناً وطهرها للطائفين
والعاكفين والركع السجود ، وكذلك عن الحج
وقيام الناس والصلاة عنده( 16 )
، فإن كل ذلك أنما يمارس في المسجد الحرام.

وقد سبق في الحج أن البيت الحرام كان
يحج إليه قبل آدم بالفي عام ، كما ورد في
الروايات أن اول ما خلق اللّه تعالى من الارض
كان موضع البيت ، وأنه قد دحا الارض من تحته( 17 )
.

كما يبدو من مجموعة أخرى من الروايات
أن تصميم البيت والطواف حوله قد بدأ منذ
القرار الالهي بخلق آدم الذي يتحدث عنه
القرآن الكريم : (وإذ قال ربك للملائكة إني
جاعلٌ في الارض خليفة ... )( 18 )
.

وأن اللّه تعالى جعله في منطقة وعرة (بوادي
غير ذي زرع) كما يعبر القرآن الكريم ، من أجل
أن يختبر طاعة عباده وانقيادهم له في تعظيمه
وزيارته( 19 )
.

ويبدو من بعض الروايات المعتبرة أن حد
المسجد الحرام الذي وضعه ابراهيم(عليه السلام)
كان واسعاً ، بحيث كان يشمل ما بين الحزورة( 20 )
إلى المسعى ، وفي بعضها جاء التعبير أن حده ما
بين الصفا والمروة فيكون اوسع من المسجد
الفعلي( 21 )
.

كما أن الكعبة الشريفة كانت في زمن
ابراهيم تسعة أذرع ، ثم زيدت في زمن قريش إلى
ثمانية عشر ذراعاً ، ثم في زمن الحجاج إلى
سبعة وعشرين ذراعاً( 22 )
.

وحجر اسماعيل ليس من الكعبة وإنما هو
مدفن أمه هاجر وجماعة من الانبياء ، وكان
ادخاله في الطواف من أجل كراهة وطء هذه القبور( 23 ).

وتدل بعض النصوص المعتبرة على أن
الحجر الاسود كان من الجنة ، وأن اللّه تعالى
وضعه في هذا المكان من الكعبة بعد أن التقم
ميثاق الخلق كلهم ، وهو شاهد في يوم القيامة
على من أدى الامانة والميثاق والموافاة ،
ومنه جاء الدعاء عند استلام الحجر : « أمانتي
اديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة
يوم القيامة »( 24 )
.

وللكعبة فضل عظيم عند اللّه تعالى وقد
أعظم حرمتها مع البيت الحرام ، سواء على مستوى
الاثار التكوينية أو الشرعية أو الاجر
والثواب المترتب على تقديسها ، أو الطواف
حولها أو الصلاة في المسجد الحرام .

فقد ورد في القرآن الكريم قصة أصحاب
الفيل الذين رماهم اللّه تعالى بحجارة من
سجيل ، بواسطة الطير الابابيل لانهم قصدوا
هدم الكعبة ; وكان قبل ذلك ما اشارت إليه
النصوص مما اصاب (تبع) عند نيته لهدمها ثم
عدوله عن ذلك وتعظيمه لها( 25 )
. وهكذا شاء اللّه تعالى أن ينزل عقوبته بكل
جبار قصدها بشر ; وقد ورد في الحديث عن امير
المؤمنين أنه قال : « مكة حرم اللّه والمدينة
حرم رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) والكوفة
حرمي لا يريدها جبار إلاّ قصمه اللّه»( 26 )
.

وباعتبار هذه الحرمة الخاصة للبيت
الحرام كانت مصالحه مقدمة على جميع المصالح
الاخرى في مكة ، كما يشير إلى ذلك بعض النصوص( 27 )
.

وقد حرّم اللّه تعالى على المشركين
دخول المسجد الحرام ، كما نص على ذلك القرآن
الكريم( 28 )
.

كما ورد في النصوص المعتبرة أن من أحدث
في الكعبة متعمداً استحق القتل( 29 )
. وقد ورد بطريق معتبر عن ابي جعفر الباقر(عليه
السلام) قال: « لا ينبغي لاحد أن يرفع بناءً
فوق بناء الكعبة »( 30 )
.

وقد ورد في فضل الكعبة روايات كثيرة ،
منها ما روي بطريق معتبر عن أبي جعفر الباقر(عليه
السلام): « إن اللّه عزّ وجل ما خلق بقعة في
الارض أحب إليه منها ، وإن النظر إليها عبادة
»( 31 )
.

كما ورد عن رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) : « إن النظر إليها يهدم الخطايا هدماً »( 32 )
.

وبطريق معتبر عن الصادق : « إن اللّه
تعالى حول الكعبة عشرين ومئة رحمة ، منها ستون
للطائفين واربعون للمصلين وعشرون للناظرين »( 33 )
.

كما ورد في حديث آخر معتبر عن الصادق(عليه
السلام) قال : « من نظر إلى الكعبة فعرف من حقنا
وحرمتنا مثل الذي عرف من حقها وحرمتها ، غفر
اللّه له ذنوبه كلها وكفاه هم الدنيا والاخرة
»( 34 )
.

والصلاة في المسجد الحرام هي افضل
الصلوات ، وقد ورد أنها أفضل من الصلاة بمسجد
رسول اللّه ; حيث تعدل الصلاة في المسجد
الحرام الف صلاة في مسجد رسول اللّه ، والصلاة
في مسجد رسول اللّه تعدل الف صلاة في غيره من
المساجد غير المسجد الحرام ، أو مئة الف صلاة
في غيره( 35 )
من المساجد .

كما ورد في رواية اخرى عن ابي حمزة
الثمالي ، عن ابي جعفر(عليه السلام)أنه قال : «
من صلّى في المسجد الحرام صلاة مكتوبة قبل
اللّه منه كل صلاة صلاها منذ يوم وجبت عليه
الصلاة ، وكل صلاة يصلّيها إلى أن يموت »( 36 )
.

وقد فضل اللّه تعالى مكة المكرمة لفضل
المسجد الحرام والكعبة ; حيث ورد أن افضل
البقاع هي مكة وافضل بقاعها البيت الحرام ،
وافضل بقاع المسجد هو ما بين الركن الاسود
والمقام وباب الكعبة وهو حطيم اسماعيل( 37 ).

وقد ورد في فضلها وفضل العبادة فيها
والعمل الصالح ومجاورتها والعذاب الاليم لمن
ارتكب الاثم فيها نصوص متعددة منها قوله
تعالى : (ومن يُردْ فيه بإلحاد بظلم نذقه من
عذاب أليم)( 38 )
.

كما أن اللّه تعالى جعل حرم مكة حرماً
آمناً لمن دخله إلى قيام الساعة ، ولا يجوز
فيه صيد البر ولا قلع الاشجار إلاّ ما استثني
، ولا ينبغي فيه حمل السلاح ظاهراً وإخافة
الناس وغير ذلك من الاحكام .

ولكل من الحرم ومكة والمسجد الحرام
والكعبة المشرفة آداب ورسوم واعمال اشرنا إلى
بعضها في الحج ، ويحسن الاطلاع عليها من خلال
كتب الحج واحكامه وآدابه ومستحباته .

2 ـ مسجد النبي(صلى الله عليه وآله)

ويأتي في الفضل بعد المسجد الحرام
مسجد الرسول(صلى الله عليه وآله) في المدينة ،
وقد سبق أن فضل الصلاة في مسجد رسول اللّه
تعدل الف صلاة ، وقد ورد في عدة روايات أخرى أن
الصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة( 39 )
.

وتوجد في مسجد النبي روضة من رياض
الجنة ، وهي المكان الذي يقع بين بيت رسول
اللّه الذي هو محل قبره الشريف ومنبره صلوات
اللّه عليه وعلى آله الطاهرين .

فقد روى الكليني في الكافي بسند معتبر
عن معاوية بن وهب قال : « قلت لابي عبد اللّه(عليه
السلام) : هل قال رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) : ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة
؟ فقال : نعم ، وقال : وبيت علي وفاطمة(عليهما
السلام) مابين البيت الذي فيه النبي(صلى الله
عليه وآله) إلى الباب الذي يحاذي الزقاق إلى
البقيع ، قال : فلو دخلت من ذلك الباب والحائط
مكانه أصاب منكبك الايسر ، ثم سمّى سائر
البيوت ، وقال : قال رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) : الصلاة في مسجدي تعدل الف صلاة في غيره
إلاّ المسجد الحرام فهو افضل»( 40 )
.

كما ورد في حديث آخر ان قبره الشريف
على ترعة من ترع الجنة( 41 ).

وقد ورد في عدة روايات وبعضها بسند
معتبر عن الامام الصادق(عليه السلام)أن
الصلاة في بيت فاطمة أفضل من الصلاة في الروضة
.

فقد روى الكليني في الكافي عن يونس بن
يعقوب قال : « قلت لابي عبد اللّه(عليه السلام)
: الصلاة في بيت فاطمة أفضل أو في الروضة ؟ قال
: في بيت فاطمة»( 42 )
.

وفي رواية اخرى أن الصلاة في بيوت
النبي ـ وبيت علي منها ـ مثل الصلاة في مسجد
النبي ، بل هو افضل منها( 43 ) ; وبيت علي
وفاطمة هو ما بين البيت الذي فيه النبي(صلى
الله عليه وآله) إلى الباب الذي يحاذي الزقاق
إلى البقيع( 44 )
.

وحدود مسجد الرسول على ما جاء في رواية
اعتبرها جماعة من كبار العلماء هو ثلاثة آلاف
وستمئة ذراع مكسرة( 45 ) .

قد جاء حد المسجد وحد الروضة في
روايتين صحيحتين ، فعن أبي بصير يعني المرادي
عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال : « حد
الروضة في مسجد الرسول(صلى الله عليه وآله)
الى طرف الظلال ، وحد المسجد إلى الاسطوانتين
عن يمين المنبر إلى الطريق مما يلي سوق الليل
»( 46 )
.

وعن محمد بن مسلم قال : « سألته عن حد
مسجد الرسول(صلى الله عليه وآله)قال:
الاسطوانة التي عند رأس القبر إلى
الاسطوانتين من وراء المنبر عن يمين القبلة ،
وكان من وراء المنبر طريق تمر فيه الشاة ويمر
الرجل منحرفاً وكان ساحة المسجد من البلاط
إلى الصحن »( 47 ) .

واضافة إلى فضل المسجد والروضة وبيوت
النبي وعلي وفاطمة ، توجد في مسجد النبي(صلى
الله عليه وآله) مواقع اخرى لها فضل وفيها
بركة ، وذلك مثل منبر النبي(صلى الله عليه
وآله) ومحرابه الذي كان يصلي فيه .

فقد روى الكليني في الكافي بسند معتبر
عن معاوية بن عمّار قال : « قال ابو عبداللّه(عليه
السلام) : إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبي(صلى
الله عليه وآله) فأت المنبر فأمسحه بيدك وخذ
برمانتيه ، وهما السفلاوان ، وامسح عينيك
ووجهك فأنه يقال : إنه شفاء للعين ، وقم عنده
واحمد اللّه وأثن عليه وسل حاجتك ; فإن رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) قال : ما بين قبري
ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من
ترع الجنة ، والترعة هي الباب الصغير ، ثم
تأتي مقام النبي(صلى الله عليه وآله) فتصلي
فيه ما بدالك »( 48 ) .

ومن هذه المواقع مقام جبرئيل(عليه
السلام) الذي كان يقف فيه مستأذناً النبي(صلى
الله عليه وآله)عند الدخول عليه .

فقد روى الكليني في الكافي بسند معتبر
عن معاوية بن عمار قال : « قال أبو عبد اللّه(عليه
السلام) : ائت مقام جبرائيل(عليه السلام) وهو
تحت الميزاب ; فانه كان مقامه إذا استأذن على
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) فقال : أي جواد
أي كريم أي قريب أي بعيد ، أسألك أن تصلّي على
محمد واهل بيته ، وأن تردّ عليّ نعمتك »( 49 )
.

ومن هذه المواقع الاسطوانات الثلاثة ،
وهي اسطوانة ابي لبابة( 50 )المعروفة
بأسطوانة التوبة ، والاسطوانتان اللتان
تليانها باتجاه مصلى النبي ومقامه ومحرابه ،
حيث استحب لزائر قبر النبي ومسجده أن يقوم
بعمل مخصوص عندها .

فقد روى الكليني في الكافي والشيخ
الطوسي في التهذيب عدة روايات بأسانيد معتبرة
تذكر هذه المواقع والاعمال التي تؤدى فيها .

عن محمد بن الحسن ، عن معاوية بن عمار ،
عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال : «إن كان لك
مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم اربعاء
، وتصلي ليلة الاربعاء عند أسطوانة أبي لبابة
، وهي أسطوانة التوبة التي كان ربط نفسه إليها
حتى نزل عذره من السماء ، وتقعد عندها يوم
الاربعاء ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها مما
يلي مقام النبي(صلى الله عليه وآله) ليلتك
ويومك ، وتصوم يوم الخميس ، ثم تأتي الاسطوانة
التي تلي مقام النبي(صلى الله عليه وآله)
ومصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك ويومك
وتصوم يوم الجمعة، فإن استطعت أن لا تتكلم
بشيء في هذه الايام فافعل إلاّ ما لابدّ لك
منه ، ولا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة ، ولا
تنام في ليل ولا نهار فافعل فإن ذلك مما يعد
فيه الفضل، ثم احمد اللّه يوم الجمعة وأثن
عليه وصل على النبي(صلى الله عليه وآله) وسل
حاجتك ،وليكن فيما تقول : اللّهم ما كانت لي
إليك من حاجة شرعت لنا في طلبها والتماسها أو
لم أشرع ، سألتكها أو لم أسألكها فإني أتوجه
إليك بنبيك محمد(صلى الله عليه وآله) نبي
الرحمة في قضاء حوائجي صغيرها وكبيرها ، فإنك
حري أن تقضى حاجتك إنشاء اللّه تعالى »( 51 )
.

3 ـ المساجد في المدينة المنورة

وتوجد في المدينة المنورة مجموعة من
المساجد الشريفة التي تشرفت بصلاة رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) في مواضعها ، وبنيت عليها
المساجد أو تصدى رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) لبناءها .

واهم هذه المساجد وافضلها هو مسجد (قبا)
الذي وردت الاشارة إليه في القرآن الكريم في
قوله تعالى : (لَمسجد أُسّس على التقوى من أول
يوم أحقّ أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن
يتطهروا واللّه يحب المتطهّرين)( 52 )
.

وقد ورد عن رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) أنه قال : « من أتى مسجدي مسجد قبا فصلّى
فيه ركعتين رجع بعمرة»( 53 ) .

وكذا يوجد مسجد الفضيح ، وهو الموقع
الذي ردت فيه الشمس لامير المؤمين علي بن أبي
طالب(عليه السلام) ، وقد صلى فيه النبي(صلى
الله عليه وآله) .

ومسجد الاحزاب والفتح ، وهو المكان
الذي دعا فيه النبي بالفتح لعلي(عليه السلام)
عندما برز لقتال عمرو بن عبد ود العامري في
معركة الاحزاب .

ومشربة ام ابراهيم حيث كانت مسكن رسول
اللّه ومصلاه في قبا عند وروده إلى المدينة .

ومسجد اُحد وقبور الشهداء فيه ومنها
قبر حمزة بن عبد المطلب عم رسول اللّه وسيد
الشهداء .

فقد روى الكليني في الكافي عن معاوية
بن عمار قال : « قال أبو عبد اللّه(عليه السلام)
: لا تدع إتيان المشاهد كلها : مسجد قبا فإنه
المسجد الذي اُسس على التقوى من اول يوم ،
ومشربة ام ابراهيم ، ومسجد الفضيح ، وقبور
الشهداء ، ومسجد الاحزاب ، وهو مسجد الفتح .
قال : وبلغنا أن النبي(صلى الله عليه وآله) كان
إذا اتى قبور الشهداء قال : السلام عليكم بما
صبرتم فنعم عقبى الدار . وليكن فيما تقول عند
مسجد فتح : يا صريخ المكروبين ، ويا مجيب دعوة
المضطرين اكشف همّي وغمّي وكربي ، كما كشفت عن
نبيك همّه وغمّه وكربه وكفيته هول عدوّه في
هذا المكان »( 54 )
.

وعن عقبة بن خالد قال : « سألت أبا عبد
اللّه(عليه السلام) : إنا نأتي المساجد التي
حول المدينة فبأيّها أبدأ ؟ قال : ابدأ بقبا
فصل فيه واكثر فانه اول مسجد صلى فيه رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) في هذه العرصة ، ثم
ائت مشربة ام ابراهيم فصل فيها فإنها مسكن
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ومصلاه ، ثم
ائت مسجد الفضيح فتصلي فيه فقد صلى فيه نبيك ;
فإذا قضيت هذا الجانب أتيت جانب اُحد فبدأت
بالمسجد الذي دون الحيرة فصلّيت فيه ، ثم مررت
بقبر حمزة بن عبد المطلب فسلّمت عليه ، ثم
مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم فقلت : السلام
عليكم يا اهل الدّيار أنتم لنا فرط وإنا بكم
لا حقون ، ثم تأتي المسجد الذي في المكان
الواسع إلى جنب الجبل عن يمينك ، حتى تأتي
احداً فتصلي فيه فعنده خرج النبي(صلى الله
عليه وآله) إلى احد حين لقي المشركين ، فلم
يبرحوا حتى حضرت الصلاة فصلّى فيه ، ثم مرّ
ايضاً حتى ترجع فتصلّي عند قبور الشهداء ما
كتب اللّه لك ، ثم امض على وجهك حتى تأتي مسجد
الاحزاب فتصلّي فيه وتدعو الله ; فإن رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) دعا فيه يوم
الاحزاب وقال : يا صريخ المكروبين ، ويا مجيب
دعوة المضطرين ، ويا مغيث المهمومين اكشف
همّي وكربي وغمّي فقد ترى حالي وحال اصحابي »( 55 )
.

وعن عمار بن موسى في حديث عن أبي عبد
اللّه(عليه السلام) في مسجد الفضيح، أن قصة رد
الشمس لامير المؤمنين(عليه السلام) كانت في
هذا المسجد( 56 )
.

وهناك مساجد اخرى معروفة في المدينة ،
كمسجد القبلتين الذي يروى أن آية تغيير
القبلة نزلت فيه : (قد نرى تقلّب وجهك في
السماء فلنولّينك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر
المسجد الحرام)( 57 )
.

وكذلك مسجد الغمامة ، وهو الموضع الذي
اضلت فيه الغمامة رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) من حر الشمس ، والمساجد الخمسة المنسوبة
إلى أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وفاطمة ، ومسجد
المباهلة وهو المكان الذي باهل فيه النبي
نصارى نجران ، واشار إليها القرآن الكريم
بقوله تعالى : (فقل تعالوا ندعُ أبناءنا
وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم
ثم نبتهلْ فنجعلْ لعنة اللّه على الكاذبين)( 58 )
، ومسجد سلمان الفارسي( 59 )
.

ومن هذه الاماكن الشريفة في المدينة
معرّس رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، وهو
المكان الذي أقام فيه رسول اللّه عند رجوعه من
مكة إلى المدينة وكان يصلي فيه ، فقد روى
الكليني في الكافي مجموعة من الروايات منها
هذه الرواية المعتبرة عن معاوية بن عمار قال :
« قال ابو عبد اللّه(عليه السلام) : إذا انصرفت
من مكة الى المدينة وانتهيت إلى ذي الحليفة
وأنت راجع إلى المدينة من مكة ، فأتِ معرّس
النبي(صلى الله عليه وآله) ، فإن كنت في وقت
صلاة مكتوبة أو نافلة فصل فيه ، وان كان( 60 )في
غير وقت صلاة مكتوبة فانزل فيه قليلاً ; فإن
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) قد كان يعرّس
فيه ويصلّي فيه »( 61 )
.

وفي الطريق بين مكة والمدينة يوجد
مسجد الغدير ، وهو الموضع الذي اقام فيه رسول
اللّه في غدير خم ونصب فيه علياً(عليه السلام)
للامامة والولاية .

فقد روى الكليني بسند معتبر عن عبد
الرحمن بن الحجاج ، قال : «سألت ابا ابراهيم(عليه
السلام) عن الصلاة في مسجد غدير خم بالنهار
وأنا مسافر ، فقال : صل فيه فإن فيه فضلاً ، وقد
كان أبي يأمر بذلك »( 62 )
.

4 ـ الكوفة ومساجدها

للكوفة في نظر اهل البيت(عليهم السلام)
منزلة خاصة ، سواء في البعد التاريخي أو في
البعد السياسي وموقفها الولائلي لاهل البيت(عليهم
السلام) ، أو في البعد الثقافي ودورها في حمل
رسالة وثقافة اهل البيت(عليهم السلام) ، أو في
بعدها المستقبلي والادوار التي يمكن أن تقوم
بها .

وقد وردت روايات كثيرة تبلغ حد
الاستفاضة إن لم نقل التواتر عن اهل البيت ،
تؤكد هذه المنزلة الخاصة لها إجمالاً وبقطع
النظر عن بعض التفاصيل التي لا يمكن إثباتها
بالطرق العلمية .

ويؤكد هذه الحقائق التي رواها الرواة
عن اهل البيت(عليهم السلام) نتائج بعض
الدراسات العلمية (الاثارية) ، وكذلك بعض
النصوص القديمة الاصلية للكتب الدينية
كالتوراة والزبور( 63 ) .

فعن ابي بكر الحضرمي ، عن ابي جعفر
الباقر(عليه السلام) قال : « قلت له : أي البقاع
أفضل بعد حرم اللّه وحرم رسوله ؟ قال : الكوفة
يا ابا بكر ; هي الزكية الطاهرة ، فيها قبور
النبيين والمرسلين وغير المرسلين والاوصياء
الصادقين ، وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث
اللّه نبياً إلاّ وقد صلّى فيه ، وفيها يظهر
عدل اللّه ، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده
، وهي منازل النبيين والاوصياء والصالحين »( 64 ).

وعن سليم مولى طربال وغيره قال : « قال
ابو عبد اللّه(عليه السلام) : نفقة درهم
بالكوفة تحسب بمئة درهم فيما سواها ، وركعتان
فيها تحسب بمئة ركعة »( 65 )
.

وعن عاصم بن عبد الواحد المديني قال : «
سمعت أبا عبد اللّه(عليه السلام)يقول : مكة حرم
اللّه ، والمدينة حرم محمد(صلى الله عليه وآله)
، والكوفة حرم علي بن أبي طالب(عليه السلام).
إن علياً حرَّم من الكوفة ما حرّم ابراهيم من
مكة وما حرّم محمد(صلى الله عليه وآله) من
المدينة »( 66 ).

وعن اسحاق بن يزداد قال : « أتى رجل ابا
عبد اللّه(عليه السلام) فقال : إني قد ضربت على
كل شيء لي ذهباً وفضة وبعت ضياعي فقلت : أنزل
مكة ، فقال: لا تفعل فإن اهل مكة يكفرون باللّه
جهرة ، قال : ففي حرم رسول اللّه ؟ قال : هم شرّ
منهم ، قال : فأين انزل ؟ قال : عليك بالعراق
الكوفة ; فإن البركة منها على اثني عشر ميلاً
هكذا وهكذا ، وإلى جانبها قبر ما أتاه مكروب
قطّ ولا ملهوف إلاّ فرّج اللّه عنه »( 67 )
.

وعن أبي أسامة ، عن ابي عبد اللّه(عليه
السلام) قال : « سمعته يقول : الكوفة روضة من
رياض الجنة ; فيها قبر نوح وابراهيم(عليهما
السلام) وقبر ثلاثمئة نبي وسبعين نبياً
وستمائة وصيّ وقبر سيد الاوصياء امير
المؤمنين(عليه السلام) »( 68 )
.

إلى جانب هذه الابعاد نجد مجموعة من
الاماكن المقدسة في الكوفة تزيدها اهمية
وفضلاً وقدسية .

أ ـ المسجد الاعظم في الكوفة

ويأتي المسجد الاعظم في الكوفة في
مقدمة هذه الاماكن المقدسة ; إذ وردت في
قدسيته وفضل الصلاة والعبادة فيه روايات
كثيرة عن اهل البيت(عليهم السلام) نذكر بعضها .

فقد روى الكليني في الكافي والصدوق في
المجالس والامالي والبرقي في المحاسن وابن
قولويه في كامل الزيارات والشيخ الطوسي في
التهذيب بسند عن هارون بن خارجة ، عن ابي عبد
اللّه(عليه السلام) قال : « قال لي : يا هارون بن
خارجه ، كم بينك وبين مسجد الكوفة ، يكون
ميلاً؟ قلت : لا ، قال : فتصلّي فيه الصلوات
كلها ؟ قلت : لا ، قال : أما لو كنت بحضرته لرجوت
أن لا تفوتني فيه صلاة ، وتدري ما فضل ذلك
الموضع ؟ ما من عبد صالح ولا نبيّ إلاّ وقد
صلّى في مسجد كوفان ، حتى إن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) لما أسري به قال له جبرئيل :
أتدري أين أنت الساعة يا رسول اللّه ؟ قال :
أنت مقابل مسجد كوفان . قال : فاستأذن لي ربي
حتى آتيه فاُصلّي ركعتين ، فاستأذن اللّه عزّ
وجل فأذن له ، وإن ميمنته لروضة من رياض الجنة
، وإن وسطه لروضة من رياض الجنة ، وإن مؤخرّه
لروضة من رياض الجنة ، وإن الصلاة المكتوبة
فيه لتعدل بألف صلاة ، وإن النافلة فيه لتعدل
بخمسمئة صلاة ، وإن الجلوس فيه بغير تلاوة ولا
ذكر لعبادة ، ولو علم الناس ما فيه لاتوه ولو
حبواً »( 69 )
.

كما روى الشيخ الطوسي في التهذيب
والصدوق في من لا يحضره الفقيه عن علي بن
مهزيار بإسناد له قال : « قال ابو عبد اللّه(عليه
السلام) : حد مسجد الكوفة آخر السراجين خطه آدم
، وأنا أكره أن ادخله راكباً ، قال : قلت : فمن
غيّره عن خطّته ؟ قال : أمّا أوّل ذلك فالطوفان
في زمن نوح ، ثم غيّره أصحاب كسرى والنعمان ،
ثم غيّره زياد بن أبي سفيان »( 70 ) .

وعن نجم بن حطيم ، عن ابي جعفر الباقر(عليه
السلام) قال : « لو يعلم الناس ما في مسجد
الكوفة لاعدّوا له الزاد والرواحل من مكان
بعيد ; إن صلاة فريضة فيه تعدل حجة، وصلاة
نافلة فيه تعدل عمرة »( 71 )
.

كما روى الصدوق في الفقيه بسند عن امير
المؤمنين(عليه السلام) قال : « لا تشدّ الرحال
إلاّ إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجد
الرسول(صلى الله عليه وآله) ، ومسجد الكوفة»( 72 )
.

وعن الاصبغ بن نباتة أن أمير المؤمنين(عليه
السلام) قال : « يا أهل الكوفة ، لقد حباكم
اللّه عزّ وجل بما لم يحب به أحداً ، من فضل
مصلاّكم بيت آدم وبيت نوح وبيت ادريس ، ومصلّى
ابراهيم الخليل ، ومصلّى أخي الخضر ، ومصلاّي
، وإن مسجدكم هذا لاحد المساجد الاربعة التي
اختارها اللّه عزّ وجل لاهلها ، وكأني به قد
أتي به يوم القيامة في ثوبين أبيضين بتشبّه
بالمحرم ويشفع لاهله ولمن يصلّي فيه فلا ترد
شفاعته ، ولا تذهب الايام والليالي حتى ينصب
الحجر الاسود فيه ، وليأتين عليه زمان يكون
مصلّى المهدي من ولدي ، ومصلّى كل مؤمن ، ولا
يبقى على الارض مؤمن إلاّ كان به أو حنّ قلبه
إليه ، فلا تهجروه وتقرّبوا إلى اللّه عزّ وجل
بالصلاة فيه وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم ،
فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لاتوه من
اقطار الارض ولو حبواً على الثلج »( 73 ) .

وقد جاء في الروايات ترجيحه على
المسجد الاقصى في الفضل والثواب.

فعن محمد بن يعقوب ، عن ابي عبد اللّه(عليه
السلام) قال : « جاء رجل إلى أمير المؤمنين(عليه
السلام) وهو في مسجد الكوفة فقال : السلام عليك
يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته ، فردّ
عليه فقال : جعلت فداك إني أردت المسجد الاقصى
فأردت أن اُسلّم عليك وأودّعك ، فقال له
وأيّ شيء أردت بذلك ؟ قال الفضل جعلت فداك ،
قال : فبع راحلتك وكل زادك وصلّ في هذا المسجد ;
فإنّ الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة
والنافلة عمرة مبرورة والبركة منه على اثني
عشر ميلاً يمينه يمن ويساره مكر، وفي وسطه عين
من دهن وعين من لبن وعين من ماء شراب للمؤمنين
، وعين من ماء طاهر للمؤمنين منه سارت سفينة
نوح ، وكان في نسر ويغوث ويعوق ، وصلّى فيه
سبعون نبياً وسبعون وصيّاً أنا أحدهم ـ وقال
بيده في صدره ـ ما دعا فيه مكروب بمسألة في
حاجة من الحوائج إلاّ أجابه اللّه تعالى وفرج
عنه كربته »( 74 )
.

وفي مسجد الكوفة مقامات الانبياء
وائمة اهل البيت كما أشير إلى ذلك في الروايات
; ففيها أن من معالم المسجد مقام امير
المؤمنين(عليه السلام)عند الاسطوانة السابعة
، ومقام الحسن(عليه السلام) عند الاسطوانة
الخامسة ، ومقام ابراهيم عند الاسطوانة
الثالثة ، ومقام جبرائيل عند الخامسة مما يلي
باب كندة( 75 )
.

وتوجد لمسجد الكوفة اعمال وصلوات
وادعية ومناجاة وردت في كتب الدعاء والزيارة
، منها صلاة الحاجة بركعتين يقرأ في كل منها
بالحمد والمعوذتين والاخلاص والكافرون
والنصر والقدر ، ثم يسبح تسبيح الزهراء بعد
التسليم ويسأل اللّه تعالى حاجته فانها تقضى
إن شاء اللّه ويستجاب دعاؤه فيها( 76 )
.

ب ـ قبر الامام علي(عليه السلام) ووادي
السلام

وفي الكوفة قبر الامام علي(عليه
السلام) الذي يوجد في (ظهر الكوفة) عند الربوات
البيض ، وتسمى هذه المنطقة (بالغري) والنجف ،
وقد كانت خالية من الزرع ويدفن فيها اموات
الكوفة بعد ظهور قبر الامام علي(عليه السلام)
، وقد تأسست مدينة النجف الاشرف حول قبره حتى
اصبحت هي مركز المحافظة والمدينة الام ،
وأصبحت مدينة الكوفة (قضاء) تابعاً لها( 77 )
.

وقد تحدثنا سابقاً عن زيارته وفضلها
واشرنا في ضمن هذا الحديث إلى فضل هذا المكان
المقدس .

فعن نصير الدين الطوسي ، عن محمد بن
محمد بن الفضل ابن بنت داود السرّقي قال : «
قال الصادق(عليه السلام) : أربع بقاع ضجّت إلى
اللّه أيام الطوفان : البيت المعمور فرفعه
اللّه ، والغري وكربلا وطوس »( 78 )
.

وعن محمد بن علي بن الحسن العلوي في
كتاب فضل الكوفة بإسناد رفعه إلى عقبة بن
علقمة ابي الجنوب قال : « اشترى أمير المؤمنين(عليه
السلام) ما بين الخورنق إلى الحيرة في الكوفة
، وفي حديث ما بين النجف إلى الحيرة إلى
الكوفة من الدّهاقين بأربعين الف درهم ،
وأشهد على شرائه . قال : فقيل له يا أمير
المؤمنين تشتري هذا بهذا المال وليس ينبت
حظاً ؟ فقال : سمعت من رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) يقول : كوفان كوفان يردّ أوّلها على
آخرها ، يحشر من ظهرها سبعون الفاً يدخلون
الجنة بغير حساب ، فاشتهيت أن يحشروا من ملكي
»( 79 )
.

وعن بدر بن خليل الاسدي ، عن رجل من اهل
الشام قال : « قال أمير المؤمنين صلوات اللّه
عليه : أوّل بقعة عبد اللّه عليها ظهر الكوفة ،
لما أمر اللّه الملائكة أن يسجدوا لادم سجدوا
على ظهر الكوفة »( 80 )
.

وعن حبّة العرني قال : « خرجت مع امير
المؤمنين إلى الظهر فوقف بوادي السلام كأنه
مخاطب لاقوام ، فقمت بقيامه حتى أعييت ، ثم
جلست حتى مللت ، ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني
أولاً ، ثم جلست حتى مللت ، ثم قمت وجمعت ردائي
، فقلت يا أمير المؤمنين ، إني قد أشفقت عليك
من طول القيام فراحة ساعة ، ثم طرحت الرداء
ليجلس عليه فقال : يا حبّة ، إن هو الاّ محادثة
مؤمن أو مؤانسته . قال : قلت : يا أمير المؤمنين
، وإنهم لكذلك ؟ قال : نعم لو كشف لك لرأيتهم
حلقاً محتبين يتحادثون ، فقلت أجسام أم أرواح
؟ فقال : أرواح ، وما من مؤمن يموت في بقعة من
بقاع الارض إلاّ قيل لروحة : الحقي بوادي
السلام ، وإنها لبقعة من جنّة عدن »( 81 )
.

وعن صفوان الجمال أنه قال : « خرجت مع
الصادق(عليه السلام) من المدينة أريد الكوفة ،
فلما جزنا بالحيرة قال : يا صفوان ، قلت : لبيك
يا بن رسول اللّه ، قال: تخرج المطايا إلى
القائم وحدّ الطريق إلى الغريّ ، قال صفوان:
فلما صرنا إلى قائم الغري أخرج رشاء معه
دقيقاً قد عمل من الكِنبار ، ثم أبعد من
القائم مغرِّباً خُطاً كثيرة ، ثم مدّ ذلك
الرّشاء حتى إذا انتهى إلى آخره وقف ، ثم ضرب
بيده إلى الارض فأخرج منها كفاً من تراب فشمه
مليّاً ، ثم أقبل يمشي حتى وقف على موضع القبر
الان ، ثم ضرب بيده المباركة إلى التربة فقبض
منها قبضة ثم شّمها ، ثم شهق شهقة حتى ظننت أنه
فارق الدنيا ، فلما أفاق قال : ههنا واللّه
مشهد أمير المؤمنين(عليه السلام) ، ثم خط
تخطيطاً فقلت : يابن رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) ما منع الابرار من اهل البيت من إظهار
مشهده ؟ قال : حذراً من بني مروان والخوارج أن
تحتال في أذاه ، قال صفوان: فسألت الصادق أبا
عبد اللّه(عليه السلام) : كيف تزور أمير
المؤمنين(عليه السلام) ؟ فقال : يا صفوان ، إذا
أردت ذلك فاغتسل والبس ثوبين طاهرين غسيلين
أو جديدين ونل شيئاً من الطيّب ، فإن لم تنل
أجزاك ، فإذا خرجت من منزلك فقل : اللّهم إني
خرجت من منزلي ، وتمم الزيارة وتركتها لطولها»( 82 )
.

جـ ـ مسجد السهلة

ومن جملة الاماكن المقدسة في الكوفة
مسجد السهلة ; إذ ورد في فضله عن الامام الصادق(عليه
السلام) أنه ما من مكروب يأتي مسجد السهلة
ويصلي فيه ركعتين بين العشائين ، ويدعو اللّه
عزّ وجل إلاّ وفرج اللّه كربته .

كما أن الروايات تشير إلى أنه من
المساجد التي صلى فيها الانبياء والصالحون
منذ ابراهيم(عليه السلام) بل قبله .

فقد روى الكليني عن عبد اللّه بن أبان
قال : « دخلنا على أبي عبد اللّه(عليه السلام)فسألنا
: أفيكم أحد عنده علم عمّي زيد بن عليّ ؟ فقال
له رجل من القوم : أنا عندي علم من عمّك ، كنّا
عنده ذات ليلة في دار معاوية ابن إسحاق
الانصاري إذ قال : انطلقوا بنا نصلي في مسجد
السهلة ، فقال أبو عبد اللّه(عليه السلام) :
وفعل ؟ فقال : لا ، جاءه أمر فشغله عن الذهاب ،
فقال : أما واللّه لو استعاذ اللّه به حولاً
لاعاذه ، أما علمت أنه موضع بيت إدريس النبي(عليه
السلام) الذي كان يخيط فيه، ومنه سار ابراهيم
إلى اليمن بالعمالقة ، وفيه سار داود إلى
جالوت ، وإن فيه لصخرة خضراء فيها مثال كلّ
نبيّ ، ومن تحت تلك الصخرة أُخذت طينة كل نبيّ
، وإنه لمناخ الراكب . قيل : ومن( 83 ) الراكب ؟ قال:
الخضر(عليه السلام)»( 84 )
.

وكذلك عن صالح بن أبي الاسود قال : «
قال ابو عبد اللّه(عليه السلام) : وذكر مسجد
السهلة فقال : أما إنه منزل صاحبنا إذا قام
بأهله »( 85 )
.

وعن عبد الرحمان بن سعيد الخزّار ، عن
أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال : « قال :
بالكوفة مسجد يقال له مسجد السهلة ، لو أن
عمّي زيداً أتاه فصلى فيه واستجار اللّه
لاجاره عشرين سنة . فيه مناخ الراكب ، وبيت
ادريس النبي ، وما أتاه مكروب قط فصلّى فيه
بين العشائين ودعى اللّه إلاّ فرج اللّه
كربته »( 86 )
.

5 ـ حرم الامام الحسين (الحائر الحسيني)

لقد تحدثنا في مبحث الزيارات عن
الثواب العظيم والاجر الجزيل والفضل الكبير
لزيارة سيد الشهداء أبي عبد اللّه الحسين(عليه
السلام) التي تحظى بأهمية خاصة ومتميزة من بين
الزيارات ; باعتبار خصوصية واقعة كربلاء
ومداليلها الروحية والثقافية والسياسية
الفرديه والجماعية .

يضاف إلى ذلك أن الحرم الحسيني (الحائر
الحسيني) يختص بفضل كبير أيضا يكاد ألاّ
يضاهيه فضل آخر باعتبار الخصوصيات المشار
إليها آنفاً .

وقد جاء في تحديد الحائر الحسيني
وفضله روايات ، منها ما رواه الكليني والشيخ
ابن قولويه والشيخ الطوسي بأسانيد معتبرة عن
الصادق(عليه السلام) : «إن لموضع قبر الحسين(عليه
السلام) حرمة معروفة من عرفها واستجار بها
أجير ، قلت : فصف لي موضعها ، قال : امسح من موضع
قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعاً من ناحية
رجليه وخمسة وعشرين ذراعاً من ناحية رأسه ،
وموضع قبره من يوم دفن روضة من رياض الجنة ،
ومنه معراج تعرج فيه بأعمال زوّاره إلى
السماء ، وما من ملك في السماء ولا في الارض
إلاّ وهم يسألون اللّه أن يأذن لهم في زيارة
قبر الحسين(عليه السلام) ، ففوج ينزل وفوج
يعرج »( 87 )
.

وعن عمر بن ثابت ، عن أبيه ، عن أبي
جعفر(عليه السلام) قال : « خلق اللّه كربلا قبل
أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين الف عام ،
وقدّسها وبارك عليها ، فما زالت قبل أن يخلق
اللّه الخلق مقدّسة مباركة ولا تزال كذلك ،
وجعلها اللّه أفضل الارض في الجنّة »( 88 )
.

وعن محمد بن سنان ، عمن حدّثه ، عن أبي
عبد اللّه(عليه السلام) قال : « خرج أمير
المؤمنين(عليه السلام) يسير بالناس ، حتى إذا
كان من كربلا على مسيرة ميل أو ميلين تقدّم
بين أيديهم ، حتى إذا صار بمصارع الشهداء قال :
قبر فيها مئتا نبيّ ، ومئتا وصيّ ، ومئتا سبط
شهداء بأتباعهم ، فطاف بها على بغلته خارجاً
رجليه من الركاب وأنشأ يقول : مناخ وكاف
ومصارع شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم ، ولا
يلحقهم من كان بعدهم»( 89 ) .

وقد جعل اللّه سبحانه وتعالى لهذا
الحرم الشريف والبقعة المباركة آثاراً
خارجية وضعية مضافةً إلى قدسيتها والثواب
المترتب عليها ، ومنها تحقق الشفاء بتناول
تربته الشريفة ; ولذا افتى الفقهاء بجواز
تناول القدر القليل من هذه التربة للاستشفاء
بالرغم من فتواهم بحرمة اكل الطين »( 90 )
.

وقد وردت روايات عديدة في استحباب
الاستشفاء بتربته نذكر بعضها.

روى الكليني ، عن يونس بن الربيع ، عن
أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال : « عند رأس
الحسين(عليه السلام) لتربة حمراء فيها شفاء من
كل داء إلاّ السام »( 91 )
.

وعن ابن أبي يعفور قال : « قلت لابي عبد
اللّه(عليه السلام) : يأخذ الانسان من طين قبر
الحسين(عليه السلام) فينتفع به ويأخذ غيره فلا
ينتفع به ، فقال : لا واللّه لا يأخذه أحد وهو
يرى أن اللّه ينفعه به إلاّ نفعه به »( 92 )
.

وعن الطوسي ، عن زيد الشحام ، عن
الصادق(عليه السلام) قال : « إن اللّه جعل تربة
الحسين شفاء من كل داء ، وأماناً من كل خوف ،
فإذا اخذها أحدكم فليقبّلها وليضعها على عينه
، وليمرّها على سائر جسده ، وليقل : اللّهم بحق
هذه التربة ، وبحق من حلّ بها وثوى فيها وبحق
أبيه وأمّه وأخيه والائمة من ولده ، وبحق
الملائكة الحافين به إلاّ جعلتها شفاء من كل
داء ، وبرءاً من كل مرض ، ونجاة من كل آفة ،
وحرزا مما أخاف وأحذر ، ثم يستعملها . قال ابو
أسامة : فإني استعملتها من دهري الاطول كما
قال ووصف أبو عبد اللّه(عليه السلام) ، فما
رأيت بحمد اللّه مكروهاً»( 93 )
.

كما يستحب اتخاذ المسبحة من تربته
الشريفة حيث يكون من آثارها أن يكتب له
التسبيح حتى لو غفل عنه .

فعن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري
قال : « كتبت إلى الفقيه أسأله : هل يجوز أن
يسبح الرجل بطين القبر ؟ وهل فيه فضل ؟ فأجاب
وقرأت التوقيع ومنه نسخت : تسبّح به ، فما في
شيء من السبح أفضل منه ، ومن فضله أن المسبّح
ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له ذلك
التسبيح »( 94 ) .

ومن هذه الاثار استجابة الدعاء تحت
قبته الشريفة

فعن احمد بن فهد قال : « روي أن اللّه
عوّض الحسين(عليه السلام) من قتله أربع خصال :
جعل الشفاء في تربته ، وإجابة الدعاء تحت قبته
، والائمة من ذريّته، وألاّ تعدّ أيّام
زائريه من أعمارهم »( 95 )
.

وعن شعيب العقرقوفي ، عن أبي عبد اللّه(عليه
السلام) قال : « قلت له : من أتى قبر الحسين(عليه
السلام) ماله من الاجر والثواب ؟ قال : يا شعيب
، ما صلّى عنده أحد ودعا دعوة إلاّ استجيب
عاجلة وآجلة ، قلت : زدني ، قال : أيسر ما يقال
لزائر الحسين(عليه السلام) : قد غفر لك فاستأنف
اليوم عملاً جديداً »( 96 )
.

وقد ورد أيضاً في ثواب الصلاة
والعبادة عند قبر الحسين(عليه السلام)روايات
عديدة نذكر بعضها .

فعن جعفر بن محمد بن إبراهيم ، عن أبي
جعفر(عليه السلام) قال : « قال لرجل : يا فلان
، ما يمنعك إذا عرضت لك حاجة أن تأتي قبر
الحسين(عليه السلام) فتصلّي عنده أربع ركعات ،
ثم تسأل حاجتك ؟ فإن الصلاة المفروضة عنده
تعدل حجّة ، والصلاة النافلة عنده تعدل عمرة »( 97 )
.

وعن أبي النمير قال : « قال أبو جعفر(عليه
السلام) : إن ولايتنا عرضت على أهل الامصار فلم
يقبلها قبول أهل الكوفة شيء ، وذلك أن قبر
أمير المؤمنين(عليه السلام) فيه وإن إلى لزقته
لقبر آخر ، يعني قبر الحسين(عليه السلام) وما
من آت أتاه يصلّي عنده ركعتين أو أربعا ثم سأل
اللّه حاجته إلاّ قضاها له ، وإنه ليحفه كل
يوم ألف ملك »( 98 )
.

وقد ورد في بعض الروايات أن الحائر
الحسيني هو احد الاماكن الاربعة التي يخيَّر
فيها المسافر بين القصر والتمام وهي (مكة أو
المسجد الحرام) و (المدينة أو المسجد النبوي) و
(مسجد الكوفة) و (الحائر الحسيني) ، وافتى بذلك
الكثير من العلماء والمجتهدين( 99 )
.

فقد روى حمّاد بن عيسى ، عن ابي عبد
اللّه(عليه السلام) أنه قال : « من مخزون علم
اللّه الاتمام في أربعة مواطن حرم اللّه ،
وحرم رسوله(صلى الله عليه وآله) ، وحرم امير
المؤمنين(عليه السلام) ، وحرم الحسين بن علي(عليه
السلام) »( 100 )
.

وكذلك روى زياد القنديّ قال : « قال أبو
الحسن(عليه السلام) : يازياد ، أحب لك ما
أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي ; أتم الصلاة
في الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين »( 101 )
.

6 ـ بيت المقدس والمسجد الاقصى

المسجد الاقصى هو المكان الذي اسرى
إليه رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)واشار
إليه القرآن الكريم في قوله : (سبحان الذي اسرى
بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد
الاقصى الذي باركنا حوله ...)( 102 )
.

كما يذكر في بعض الروايات أن معراج
رسول اللّه إلى السماء كان من المسجد الاقصى( 103 )
، وفيه صخرة معروفة بأنها هي موضع المعراج .

وقد وردت في فضله روايات معروفة يكاد
يجمع عليها جميع المسلمين، وهي رواية لا تشد
الرحال إلاّ إلى مساجد ثلاث : المسجد الحرام
ومسجد النبي(صلى الله عليه وآله) والمسجد
الاقصى .

وقد جاءت الروايات عن اهل البيت(عليهم
السلام) تؤكد هذا الفضل ، فقد روى أبو حمزة
الثمالي عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : «
المساجد الاربعة المسجد الحرام ، ومسجد رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) ، ومسجد بيت المقدس
، ومسجد الكوفة . يا أبا حمزة ، الفريضة فيها
تعدل حجّة ، والنافلة فيها تعدل عمرة »( 104 )
.

وكذلك روى السّكوني عن جعفر ، عن أبيه
، عن علي(عليه السلام) ، قال : « صلاة في بيت
المقدس تعدل الف صلاة ، وصلاة في المسجد
الاعظم مئة صلاة ، وصلاة في مسجد القبيلة خمس
وعشرون صلاة ، وصلاة في مسجد السّوق اثنتا
عشرة صلاة ، وصلاة الرجل في بيته وحده صلاة
واحدة »( 105 )
.

7 ـ مسجد الخيف

ومن الاماكن المقدسة المعروفة بين
المسلمين مسجد الخيف بمنى، وهو المسجد الاعظم
فيها ; وقد وردت في فضله احاديث عن اهل البيت
كما وردت احاديث اخرى في فضل العبادة فيه وفي
كيفيتها ايضاً .

فقد روى الكليني بسند معتبر عن ابي عبد
اللّه الصادق(عليه السلام) أنه قال : « صلّ
في مسجد الخيف وهو مسجد منى ، ومكان مسجد رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) على عهده عند
المنارة التي في وسط المسجد ، وفوقها إلى
القبلة نحواً من ثلاثين ذراعاً وعن يمينها
وعن يسارها وخلفها نحواً من ذلك ، قال : فتحرّ
ذلك فإن استطعت أن يكون مصلاّك فيه فافعل ;
فإنه قد صلّى فيه ألف نبي ، وإنما سمّي الخيف
لانه مرتفع من الوادي ، وما ارتفع عن
الوادي سمّي خيفاً »( 106 ) .

كما ورد في الصلاة والعبادة فيه ما
رواه الصدوق بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر(عليه
السلام) أنه قال : « من صلّى في مسجد الخيف بمنى
مئة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين
عاماً ، ومن سبّح اللّه فيه مئة تسبيحة كتب له
كأجر عتق رقبة، ومن هلّل اللّه فيه مئة تهليلة
عدلت أجر إحياء نسمة ، ومن حمد اللّه فيه مئة
تحميد عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في
سبيل اللّه عزّ وجل »( 107 )
.

كما روى الكليني ، عن أبي عبد اللّه(عليه
السلام) قال : « صل ستّ ركعات في مسجد منى في
أصل الصومعة »( 108 ) .

8 ـ مسجد براثا

مسجد براثا من المساجد المعروفة في
بغداد ، ويقع في الطريق بينها وبين الكاظمية ،
وقد تحدث عنه الحموي في معجم البلدان ووردت عن
اهل البيت(عليهم السلام) روايات في فضله ، وقد
تناول الحديث عنه وعن فضله بشيء من التفصيل
الشيخ القمي في كتابه مفاتيح الجنان( 109 )
، ونورد هنا رواية الصدوق في من لا يحضره
الفقيه والشيخ في التهذيب عن الصحابي المعروف
جابر بن عبد اللّه الانصاري قال : « صلّى بنا
علي(عليه السلام)ببراثا بعد رجوعه من قتال
الشراة ونحن زهاء عن مئة الف رجل ، فنزل
نصراني من صومعته فقال : أين عميد هذا الجيش ؟
قلنا : هذا ، فأقبل إليه فسلّم عليه ثم قال : يا
سيّدي أنت نبيّ ؟ قال : لا ، النبيّ سيدي قد مات
، قال : فأنت وصيّ نبيّ ؟ قال : نعم ، ثم قال له :
اجلس كيف سألت عن هذا ؟ فقال : إنما بنيت هذه
الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا ، وقرأت
في الكتب المنزلة أنه لا يصلّي في هذا الموضع
بهذا الجمع إلاّ نبيّ أو وصيّ نبي ، وقد جئت
أُسلم فأسلم وخرج معنا إلى الكوفة ، فقال له
عليّ(عليه السلام) : فمن صلّى ههنا ؟ قال : صلّى
عيسى بن مريم وأمّه ، فقال له عليّ(عليه
السلام) : فأخبرك من صلّى ههنا ؟ قال: نعم ، قال
: الخليل(عليه السلام) »( 110 ) .

9 ـ مشهد الامام الرضا(عليه السلام)

لقد وردت روايات مستفيضة في فضل وثواب
واهمية زيارة الامام علي بن موسى الرضا(عليه
السلام) في ارض خراسان ، اشرنا إليها في بحث
الزيارات .

يضاف إلى ذلك أنه وردت روايات ونصوص
تؤكد قدسية هذا المشهد الشريف بالاضافة إلى
ثواب زيارة مرقده .

ومن هذه الروايات عن الصادق(عليه
السلام) قال : « أربع بقاع ضجّت إلى اللّه
تعالى من الغرق أيام الطوفان : البيت المعمور
فرفعه اللّه إليه والغري ، وكربلا ، وطوس »( 111 )
.

كما روى الشيخ الصدوق في الفقيه
والمجالس وعيون اخبار الرضا بسند معتبر عن
الحسن بن علي بن فضال ، عن ابي الحسن الرضا(عليه
السلام)قال : « إن بخراسان لبقعة يأتي عليها
زمان تصير مختلف الملائكة فلا يزال فوج ينزل
من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفتح في الصور ،
فقيل له : وأيّة بقعة هذه ؟ فقال : هي بأرض طوس
وهي واللّه روضة من رياض الجنة ، من زارني في
تلك البقعة كان كمن زار رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) ، وكتب اللّه تعالى له ثواب الف
حجّة مبرورة ، والف عمرة مقبولة ، وكنت أنا
وآبائي شفعاءه يوم القيامة »( 112 )
.

وعن الصقر بن دلف قال : « سمعت سيدي علي
بن محمد بن علي الرضا(عليه السلام) يقول : من
كانت له إلى اللّه حاجة فليزر قبر جدّي الرضا(عليه
السلام) بطوس وهو على غسل ، وليصل عند رأسه
ركعتين ، وليسأل اللّه تعالى حاجته في قنوته ،
فإنه يستجيب له ما لم يسأل مأثماً أو قطيعة
رحم . إن موضع قبره لبقعة من بقاع الجنة لا
يزورها مؤمن إلاّ أعتقه اللّه تعالى من النار
، وأدخله دار القرار »( 113 )
.

10 ـ قم وقبر فاطمة بنت موسى(عليه
السلام)

لبقعة قم في نظر اهل البيت(عليهم
السلام) اهمية خاصة ودور مهم في تاريخ وحياة
الجماعة الصالحة ، ويبدو أنها في بعدها
الثقافي تأتي في المرتبة الثانية بعد الكوفة
، وقد قرن اسمها في كثير من الروايات باسم
الكوفة .

وتعتبر من الناحية العلمية امتداداً
لمدرسة الكوفة والموقع الثاني بعدها، حيث
هاجر إليها الاشعريون من الكوفة ، وتوافد
عليها علماء الجماعة الصالحة في مختلف ادوار
تاريخهم ، وقد تنبأت بعض النصوص أنها سوف يكون
لها الدور الاول في حياة الجماعة الصالحة في
المستقبل( 114 ) .

وقد تحققت هذه النبوءة بعد الظروف
القاسية التي مرت بها مدرسة (النجف) في هذا
العصر ، وبعد هذا الفضل الكبير الذي أنعم
اللّه به على ايران بقيام دولة الاسلام فيها ،
وانطلاق العمل البناء والانجاز العظيم من
مدينة قم وبقيادة عالم رباني هو الامام
الخميني(قدس سره) ، ومشاركة الحوزة العلمية في
قم بهذا الدور والعمل بشكل فعّال .

وقد ادى ذلك إلى حدوث تطور كبير ومهم
في حوزة قم ودورها ومكانتها .

وقد كان لقبر السيدة فاطمة بنت الامام
موسى الكاظم(عليه السلام) دور كبير في تطور
ونمو الحالة العلمية والدينية ، كما ورد في
زيارتها من روايات عن الامام الرضا(عليه
السلام) ، بالاضافة إلى أنها كانت مأوى طبقة
مهمة وعالية من الرواة في بعض الادوار . وقد
اشرنا في الزيارات إلى استحباب زيارة هذا
القبر الشريف ، وأنه من أهم المراقد المعروفة
لاولاد الائمة(عليهم السلام)( 115 )
.


(1)
التوبة : 18.


(2)
الاعراف : 29.


(3)
الجن : 18، والاية الاولى نص في المسجد
بالمعنى الاصطلاحي المعهود، واما الايتان
الاخريان فيحتمل أن يكون المراد منها مواضع
السجود أو فعله.


(4)
الحج : 40 .


(5)
لقد تناولت كتب الفقه والحديث هذه الابعاد
في مواضع متعددة ، اهمها البحث في مكان
المصلي من كتاب الصلاة.


(6)
الكهف : 21 .


(7)
البقرة : 125 .


(8)
البقرة : 158 .


(9)
الكافي 4:202، ح2.


(10)
النور : 36 - 37.


(11)
التاج الجامع للاصول 1:224، عن الخمسة وهم :
البخاري ومسلم وابن داود والترمذي والنسائي
وسوف نعرف في احاديث اهل البيت ان هذا النوع
من الاحترام لا يختص بهذه المساجد.


(12)
وردت هذه النقاط في العروة الوثقى للسيد
الطباطبائي في بحث مكان المصلي (الاماكن
المستحبة) و(احكام المسجد) 1: 598 - 600 طبعة محمود
الكتابچي واولاده تاريخ 1399 هـ وقد ذكرناها
مع الاختصار والتصرف غير المخل.


(13)
بحار الانوار83: 385، ح 63.


(14)
بحار الانوار83 :367، ح 25.


(15)
آل عمران: 96 ـ 97.


(16)
البقرة : 125 و 127، المائدة : 97، الحج : 26.


(17)
جامع احاديث الشيعة 10:1ـ3، ح1 و2 و4 و5 و6.


(18)
جامع احاديث الشيعة 10 : 5 باب 2 البيت وعلة
بنائه وطوافه.


(19)
جامع احاديث الشيعة 10 : 19 باب 3.


(20)
الحزورة منطقة مجاورة للمسجد.


(21)
جامع احاديث الشيعة 10: 23 ـ 25، ح1 و3 و4 و5.


(22)
جامع احاديث الشيعة 10: 25، ح 8.


(23)
جامع احاديث الشيعة 10: 25، ح 12.


(24)
جامع احاديث الشيعة 10: 27، ح 5 و 6.


(25)
جامع احاديث الشيعة 10: 41.


(26)
جامع احاديث الشيعة 10: 50، ح 19.


(27)
جامع احاديث الشيعة 10: 58، ح 1 و2.


(28)
التوبة : 27.


(29)
جامع احاديث الشيعة 10: 59، باب 11.


(30)
جامع احاديث الشيعة 10: 83 .


(31)
جامع احاديث الشيعة 10: 63، ح6.


(32)
جامع احاديث الشيعة 10: 65، عن المحاسن.


(33)
جامع احاديث الشيعة 10: 64، عن الكافي.


(34)
جامع احاديث الشيعة 10: 66، ح 15، وهو معتبر
برواية ابن ابي عمر عن علي بن عبدا لعزيز.


(35)
وسائل الشيعة 3:536، ح 3 و4 و5 و7 و8 وكذلك بحار
الانوار 97: 146 ـ 148، ح4 و5 و10 عن الكافي
والتهذيب.


(36)
وسائل الشيعة 3: 536، ح1 و2.


(37)
جامع احاديث الشيعة 10 : 69 رواية ميسرة.


(38)
الحج : 25 .


(39)
وسائل الشيعة 3:543، ح2 و3 و4.


(40)
وسائل الشيعة 3:542، ح1.


(41)
وسائل الشيعة3:543، ح4.


(42)
وسائل الشيعة 3:547، ح1.


(43)
وسائل الشيعة3:543، ح4.


(44)
وسائل الشيعة 3: 542، ح1، وقد أزيلت جميع هذه
المعالم، والظاهر أن المقصود منه الباب الذي
يؤدي الان إلى المنطقة الخلفية من الضريح
الموجود فعلاً على قبر الرسول(صلى الله عليه
وآله).


(45)
وسائل الشيعة3:546، ح2.


(46)
وسائل الشيعة 3: 546، ح3 .


(47)
وسائل الشيعة3:546، ح1.


(48)
وسائل الشيعة 10: 270، ح1 .


(49)
وسائل الشيعة 10: 271، ح1 .


(50)
أبو لبابة هو بشير بن عبد المنذر الانصاري
أحد الصحابة . كان ممن استخلفه رسول اللّه
على المدينة في بدر وضرب له بسهم ،
ولاسطوانته قصة هي أن يهود بني قريظة عندما
حاصرهم رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)طلبوا
الصلح ، فأبى رسول اللّه عليهم ذلك وطلب منهم
أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فطلبوا أن
يستشيروا في ذلك أبا لبابة ، إذ كان مناصحاً
لهم ، فأشار عليهم بعدم قبول ذلك لان وراءه
الذبح ، ثم ندم على هذا الموقف وأحسَّ بأنه
خيانة لرسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ،
فتاب وربط نفسه الى هذه الاسطوانة وامتنع عن
تناول الطعام سبعة أيام حتى غُشي عليه ، فنزل
الوحي بتوبة اللّه عليه ، فلما أخبر بذلك طلب
من رسول اللّه أن يفك رباطه . راجع ترجمته في
تنقيح المقال 1:175.


(51)
وسائل الشيعة 10: 274، ح1.


(52)
التوبة : 108.


(53)
وسائل الشيعة 3: 548،ح 3 وكذلك 10 : 278، ح5.


(54)
وسائل الشيعة 10 : 275، ح1.


(55)
وسائل الشيعة10: 276، ح2.


(56)
وسائل الشيعة10: 277، ح4.


(57)
البقرة : 144.


(58)
آل عمران : 61.


(59)
مفاتيح الجنان:334 ـ 335، وكتب الحج والزيارة.


(60)
وفي بعض النسخ «وإن كنت».


(61)
وسائل الشيعة10: 289، ح 1.


(62)
وسائل الشيعة10: 292، باب 22.


(63)
هناك بعض الدراسات قام بها بعض الاخوة في هذا
المجال قد يوفق لنشرها في المستقبل.


(64)
وسائل الشيعة 3: 524، ح10.


(65)
وسائل الشيعة 3:526، ح20.


(66)
بحار الانوار 97:399، ح 43.


(67)
بحار الانوار 97:404، ح60.


(68)
بحار الانوار 97:404، ح61.


(69)
وسائل الشيعة 3:521، ح3.


(70)
وسائل الشيعة 3:523، ح8.


(71)
وسائل الشيعة 3:525، ح14.


(72)
وسائل الشيعة 3:525، ح16.


(73)
وسائل الشيعة 3:526، ح 18.


(74)
وسائل الشيعة 3:528، ح1.


(75)
وسائل الشيعة 3:530، باب استحباب الصلاة عند
الاسطوانة السابعة والخامسة .


(76)
وسائل الشيعة 3:532، ومفاتيح الجنان : 386 ـ 401
حيث يذكر تفاصيل اعمال مسجد الكوفة.


(77)
في بحث الشعائر : قسم الزيارات .


(78)
بحار الانوار 97 : 231، ح22.


(79)
بحار الانوار 97 : 231، ح21.


(80)
بحار الانوار 97 : 232، ح25.


(81)
بحار الانوار 97:234، ح26.


(82)
بحار الانوار 97:235، ح1.


(83)
في رواية «وما».


(84)
وسائل الشيعة 3:533، ح3.


(85)
وسائل الشيعة 3:533، ح4.


(86)
وسائل الشيعة 3:533، ح5.


(87)
وسائل الشيعة 10:400، ح 4.


(88)
وسائل الشيعة 10:404، ح 5.


(89)
وسائل الشيعة 10: 405، ح 6.


(90)
وقد ورد في الحديث عن الامام الكاظم(ع) : «ولا
تأخذوا من تربتي شيئاً لتبرّكوا به ; فإن كل
تربة لنا محرمة إلاّ تربة جدي الحسين بن علي (ع)
، فإن اللّه عزّ وجل جعلها شفاء لشيعتنا
واوليائنا» وسائل الشيعة 10 : 414.


(91)
وسائل الشيعة 10: 408، ح1.


(92)
وسائل الشيعة 10: 408، ح2.


(93)
وسائل الشيعة 10: 409، ح5.


(94)
وسائل الشيعة 10: 420، ح1.


(95)
وسائل الشيعة 10: 421، ح1.


(96)
وسائل الشيعة 10: 422، ح4.


(97)
وسائل الشيعة 10: 406، ح3.


(98)
وسائل الشيعة 10: 406، ح4.


(99)
منهاج الصالحين للامام الحكيم 1:361 المسألة 71،
طـ. دار التعارف 1396، ومنهاج


(100)
وسائل الشيعة 5:543، ح1.


(101)
وسائل الشيعة 5:546، ح13.


(102)
الاسراء : 1 .


(103)
نور الثقلين 3:103، ح 19، عن تفسير علي بن
إبراهيم.


(104)
وسائل الشيعة 3: 55، ح1، باب 64.


(105)
وسائل الشيعة 3: 551، ح2.


(106)
وسائل الشيعة 3: 534، ح1.


(107)
وسائل الشيعة 3: 535، ح1.


(108)
وسائل الشيعة 3: 535، ح2.


(109)
مفاتيح الجنان : 488 ـ 490.


(110)
وسائل الشيعة 3:549، ح1.


(111)
وسائل الشيعة 10:441، ح2.


(112)
وسائل الشيعة 10:445، ح4.


(113)
وسائل الشيعة 10:446، ح2.


(114)
جاء في تاريخ قم عن ابي عبد اللّه الصادق (ع)
أنه ذكر كوفة وقال : ستخلو كوفة من المؤمنين
ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية في جحرها،
ثم يظهر العلم ببلدة يقال لها قم، وتصير
معدناً للعمل والفضل حتى لا يبقى في الارض
مستضعف في الدين حتى المخدّرات في الحجال،
وذلك عند قرب ظهور قائمنا، فيجعل اللّه قم
وأهله قائمين مقام الجنّة، ولولا ذلك لساخت
الارض بأهلها ولم يبق في الارض حجّة، فيفيض
العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق
والمغرب، فيتمّ حجّة اللّه على الخلق حتى لا
يبقى أحد على الارض لم يبلغ إليه الدين
والعلم، ثم يظهر القائم(ع) ويسير سبباً لنقمة
اللّه وسخطه على العباد ; لان اللّه لا ينتقم
من العباد إلاّ بعد إنكارهم حجّة» عن بحار
الانوار 57:213، ح23.


(115)
راجع مفاتيح الجنان: 562، فقد نقل عن الصدوق
أنه روى بسنده كالصحيح عن سعد بن سعد عن
الرضا(ع) أنه قال : «من زارها فله الجنّة»
وبسند معتبر آخر عن الامام الجواد (ع) قال : «من
زار قبر عمتي بقم فله الجنّة» ونقل عن
المجلسي أن الرضا (ع) قال لسعد الاشعري القمي
:«يا سعد، عندكم لنا قبر، قلت : جعلت فداك ،
قبر فاطمة بن موسى بن جعفر (ع) ؟ قال : بلى ، من
زارها عارفاً بحقها فله الجنّة ...» .



/ 1