دراســــات
خديجة الكبرى مثلٌ أعلى للمرأة المسلمة
( 1 )* عز
الدين سليم (العراق)
مدخل للدراسة :كانت جزيرة العرب وماحولها ظمأى ترهقها الجاهلية بعذاباتها
وسياط طيشها ، حين تفجر ينبوع الاسلام الهادي كنبع من الماء الصافي الرقراق في تلك
الصحارى المجدبة من كل خير من أجل أن يروّي عطش الدنيا إلى الحق والهدى والسلام .لقد جاء الاسلام الحنيف بدعوته إلى الخير والمعروف والعدل
والصلاح بلسماً لجراح المعذبين والمظلومين في الأرض ، وكانت المرأة أكثر عباد
اللّه نصيباً من هذا الخير المنقذ ..فالمرأة قبل الاسلام كانت نهباً للظلم أكثر من سواها . فقد
كانت بعض الحضارات تنظر إلى المرأة كشيطان متلبس في جسم بشر ، كما كانت بعض
المجتمعات تنظر إليها كمخلوق نجس لا يستحق الرحمة ، وترى فيها بعض الأمم حيواناً
في جسم انسان ، أو هي شيء حقير يملكه الرجال من أجل أن يحققوا لذاتهم الجنسية ،
كما هي مصنع لانتاج ذرية الرجل ..وقد زادت الحضارة الاوربية الحديثة الطين بلة حين حولت
المرأة إلى أداة للجنس والمتعة والكسب المادي ، حيث شاعت بناء على ذلك الفوضى
الجنسية ، وضاعت الأنساب في اوربا ومن سار على نهجها من الأمم ، وصارت المرأة سلعة
يتناولها الرجال متى شاؤوا باسم حرية المرأة وحقوقها ، على أن المرأة لم تحظَ في
تاريخ حياتها برعاية مناسبة لطبيعتها المادية والروحية ، كما حظيت به في رحاب الرسالة
الالهية الخاتمة حيث حفظ لها الاسلام حقوقها وكرامتها ومكانتها في جو من العفة والطهر
والعزة ، وفي اطار من الموازنة العادلة بين حقوقها وواجباتها في ضوء القدرات
التكوينية التي حباها اللّه لها ، وفي ضوء المهمة العظمى التي انيطت بها كشريكة
للرجل في اثارة الحياة ، وفي صناعة المجد وبناء الحضارة الانسانية الصالحة ..ولقد أرسى الاسلام الحنيف قواعد تلك الحقوق الفريدة التي خص
بها المرأة من خلال نصوصه الأصيلة :1 ـ فالاسلام يؤكد ، ان المرأة والرجل صنوان يجمعهما أصل
واحد وجوهر واحد وكلاهما ينتسبان لآدم ، وآدم من تراب :(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس
واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء
...)([1])
.(واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من
أزواجكم بنين وحفدة)([2])
، (وهو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها)([3])
.2 ـ ومع تقنين الاسلام ودعواته الصريحة المحددة لمكانة
المرأة في الحياة والواقع الانساني الذي يبنيه تحت رعايته يشن الاسلام حملته على
المظالم والممارسات والأوضاع التي عانت منها المرأة عبر التاريخ، ليدفع عنها الأذى
، ويعيد حقوقها المسلوبة ، فيهاجم عادة وأد النساء عند بعض قبائل العرب ، ويلغي
تكرارها قانونياً وأخلاقياً :(وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت)([4])
.(ولا تقتلوا أولادكم من املاق نحن نرزقكم
واياهم ..)([5])
.ويلغي الاسلام الحنيف عمليات الامتهان والاذى في عشرة
النساء ، ويقنن معاملتهن بالمعروف والحسنى :(وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى أن
تكرهوا شيئاً ويجعل اللّه فيه خيراً كثيراً)([6]) .3 ـ والاسلام لا يعتبر الرجولة والذكورة أساساً للتكريم
والمواقع في الحضارة التي يبنيها ، ولا في الواقع التي يحققها البشر في الآخرة ،
أو ينالها في الحساب الالهي ، وإنما المقياس في رسالة اللّه الخاتمة انما هو
الايمان والعمل الصالح (... إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم)([7])
.فمن عمل وفق أوامر اللّه ونواهيه ، حقق نتائج عمله ، لا فرق
في ذلك بين رجل وامراة في هذه القضية المصيرية :
(ان المسلمين والمسلمات
والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات
والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم
والحافظات والذاكرين اللّه كثيراً والذاكرات أعد اللّه لهم مغفرةً وأجراً عظيما)([8])
.4 ـ ويقنن الاسلام الحنيف مضمون العلاقة الزوجية بين الرجل
والمرأة في اطار من المودة والرحمة : (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)([9])(ومن
آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة..)([10])
.وبناء على هذه المفاهيم الاسلامية الأصيلة ، شهدت الحياة
التي لونها الاسلام بلونه المميز مكانة خاصة للمرأة واحتلت موقعاً إلى جانب الرجل
لم تجد له البشرية مثيلاً من قبل ، سواء في اطار الاسرة والمجتمع، أو في اطار
الدعوة والدولة ..ومن أجل ذلك ، شهد تاريخ الرسالة الاسلامية نساءً مؤمنات
وقفن إلى جانب الدعوة الالهية في بداياتها يبذلن الغالي والرخيص من أجل كلمة اللّه
عزوجل في الأرض ، حتى ارتفعت بعضهن إلى مواقع لم ينلها ملايين الرجال من أمثال :
خديجة بنت خويلد ، وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام) ، وأم سلمة ،
وزينب بنت علي ، وغيرهن من بنات الرسالة ..وفي هذا البحث المتواضع نقدم للقاريء الكريم دراسة لحياة
السيدة الخالدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين الاولى(عليها السلام) ، لتكون نموذجاً
يحتذى من قبل المسلمات في كل عصر وجيل ، وقدوة للمؤمنات الحاملات للحق ، الباذلات
للمعروف والحافظات لحدود اللّه..الهوية الشخصية من هي السيدة خديجة أم المؤمنين ؟
احتلت خديجة زوج النبي(صلى الله عليه وآله) الذروة من قريش
في نسبها وشرفها ، فهي من القوادم في كيان قريش لا من أذنابها .وكانت من عقائل قريش وسيدة نساء مكة ، وهي تلتقي برسول
اللّه محمد بن عبداللّه(صلى الله عليه وآله) من جهة أبيها بالجد الأعلى الشريف
«قصي» ومن جهة أمها بلؤي بن غالب ، فهي قرشية أباً وأماً ، ومن الشجرة الطيبة في
قريش .فمن جهة أبيها هي : خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن
قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن مهر بن مالم بن النضر بن كنانة .وأمها : فاطمة بنت زائدة بنت الأصم (واسمه جندب) بن رواحة
الهرم ابن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر([11])
.ويحفظ التاريخ من مفاخر أبيها «خويلد بن أسد» أنه تصدى لتبع
ملك اليمن وحال بينه وبين السطو على الحجر الأسود وحمله إلى مملكته في اليمن .ومنذ مطلع حياة السيدة خديجة كانت قريش تتوسم فيها النبل
والطهر وسمو الأخلاق حتى لقبت بالطاهرة([12]) ، كما لقبت
بسيدة قريش بالنظر لعلو شأنها ، وشرف منبتها وكرم أصلها ، وحميد أفعالها .الأمر الذي يفسر السر المكنون بامتناع خديجة من الاقتران
بأي أحد من قريش حتى توفرت ظروف اقترانها برسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، رغم
ما بذل عليه قومها من محاولات لزواجها ، إلاّ انها كانت ترفضهم جميعاً منتظرة
أمراً ما سيحدث في حياتها ، فيكمل شوط مسيرتها نحو الكمال الذي اختاره اللّه عزوجل
والذي عبَّر عنه النبي الصادق الأمين(صلى الله عليه وآله) بقوله :
«حسبك من
نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، وخديجة بن
خويلد وفاطمة بنت محمد»([13])
.ومما تجدر الاشارة إليه ، ان هذه المرأة الجليلة قد ولدت قبل
عام الفيل ببضع سنوات وتزوجها رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وعمرها ثمان وعشرون
سنة كما روى ابن عباس(رحمه الله)([14]) ، وان كان
زواجها في غير هذا السن هو الذي اشتهر خطأ .وهي أول امرأة أسلمت للّه رب العالمين ، وصدّقت برسالة
محمد(صلى الله عليه وآله) . هذا ، ومن الجدير ذكره ، ان السيدة خديجة قد توفيت قبل
فرض الصلاة وقبل([15])
الهجرة الى المدينة بثلاث سنين.وسنتعرض لتفصيل هذه الامور في الأبحاث القادمة ان شاء اللّه
تعالى .لسان
الحق يتحدث عن خديجة
كانت السيدة خديجة رغم نبلها وشرفها ومكانتها في الناس
وسيادتها في بني أسد ونساء قريش وهي صفات كفيلة لوحدها لأن تؤهلها للرعاية والمحبة
والرضا من لدن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، إلاّ انها فوق ذلك، قد وهبت
كل وجودها للّه ورسوله ودعوة الحق التي صدع بها .فقد وهبت رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) كل أموالها ليغطي
بها نفقات الدعوة والدعاة المستضعفين.ولقد عاصرت أشد الظروف قسوة فما نالت من قناتها أبداً ،
وتحدت أصعب الازمات وأكثر المواقف عسراً ، وصبرت على الأذى في جنب اللّه عزوجل ،
وسمت بذلك على نعيمها الدنيوي السابق ، وركلت اخضرار العيش الذي اعتادته برجليها
لتعيش مع النبي(صلى الله عليه وآله)محنته وآلامه التي صبّتها عليه قريش وحلفاؤها
وظلت طوال عشر سنين من المحنة تبث الأمل في قلب الرسول(صلى الله عليه وآله) ، وتشد
من أزره ، وتقوي من عزيمته على مواصلة المسير ، وأنت خبير بما تؤديه مواقف المرأة
المشجعة لزوجها من أثر ايجابي على الاستمرار في الصمود والمواجهة وشد العزيمة .وقد كانت أعظم مواقفها الجهادية في تحديها لمحنة حصار شِعب
أبي طالب الذي فرض على بني هاشم من قبل قريش وحلفائها .فقد كان لمواقف السيدة خديجة المعروفة لإضعاف قبضة الحصار
أثرها الواضح المخلد في التخفيف من اضرار حصار المشركين على الدعوة وأنصارها .ان هذه الظواهر العظيمة التي تفيض ايماناً وصدقاً ، وصبراً
واحتساباً، واخلاصاً للنبي(صلى الله عليه وآله) ودعوته هي التي أهّلت
أم المؤمنين الاولى خديجة بنت خويلد عليها الصلاة والسلام لاحتلال مواقع ودرجات لم
توفق لها أية سيدة من أزواج النبي(صلى الله عليه وآله) على الاطلاق .من أجل ذلك ، راح رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) يكشف عن
تلك المكانة السامقة التي بلغتها السيدة خديجة في موقعها عند النبي(صلى الله عليه
وآله) ، وفي مكانتها عند الرسالة الالهية ، وفي درجتها عند اللّه عزوجل .اللّه
يقرئها السلام ويبشرها
فقد روى أصحاب الصحاح عن أبي هريرة ما يلي : قال : أتى
جبريل(عليه السلام)إلى النبي(صلى الله عليه وآله) ، فقال :
«يارسول اللّه ، هذه
خديجة قد أتت ومعها اناء فيه أدم أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك ، فأقرأ عليها السلام
من ربها ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ، ولا نصب ..فأخبر رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) خديجة بما قال جبريل
، فقالت : اللّه هو السلام ، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام»([16])
.وهكذا ندرك البعد الحقيقي لوعيها وفهمها واستيعابها لمضامين
الرسالة الالهية المباركة .رُزِقتُ
حبها
ولعميق حب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) للسيدة خديجة ،
فانه كان يصرّح بهذه المودة جهاراً طوال حياته ، بل كان يصرّح بحب من يحبها ويكرمه
.وهذا الاعلان النبوي عن حبه لأم المؤمنين الاولى(عليها
السلام) لم تحكمه العاطفة العادية ، فعواطف الرسول(صلى الله عليه وآله) محكومة هي
الاخرى بقيم السماء وضوابط الحق ، ومن أجل ذلك ، فقد أمر اللّه عزوجل الناس أن
يتبعوا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) فيما يشرع ويرشد ، وفيما ينهى ويمنع ما
يقرره في رضاه حق كما يقرره في عضبه : (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
فانتهوا)([17]) (قل ان كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه..)([18]) .ومن هنا ، فان ما يصدر من ثناء نبوي على حدث أو أحد من عباد
اللّه عزوجل ، فهو حق وعدل ، وما يصدر من ذم وعدم رضا عن أمر أو عن أحد من الناس ،
فهو حق لا شك فيه .فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من اصحاب الصحاح والسنن عن
عائشة بنت الخليفة أبي بكر مايلي : «ما غرتُ على أحد من نساء النبي صلى اللّه عليه
وسلم ما غرت على خديجة ، وما رأيتها قط ، ولكن كان يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة
ثم يقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة ، وربما قلت له : كأنه لم يكن في
الدنيا امرأة إلاّ خديجة ، فيقول : (انها كانت وكانت ، وكان لي منها ولد)
وفي رواية مسلم : (وكان إذا ذبح الشاة يقول : ارسلوا بها إلى أصدقاء خديجة ، قالت
فأغضبته يوماً فقلت : (خديجة ؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
(اني قد
رزقت حبها)»([19]).النبي(صلى
الله عليه وآله) يعدد بعض خصائص خديجة
ولم يكتف النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) بذلك ، وانما
يدخل في بعض التفاصيل التي تدعوه أن يكرم السيدة خديجة(عليها السلام) ويتشبث بودها
واكبارها ـ رغم فراقها ـ .فعن عائشة قالت : «استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على
رسول اللّه ، فعرف استئذان خديجة ، فارتاح لذلك ، فقال :
اللّهم هالة بنت خويلد
!عائشة : فغرتُ ، فقلت :وما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين ، هلكت في
الدهر فأبدلك اللّه خيراً منها !فغضب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وقال :لا واللّه ، ما أبدلني اللّه خيراً منها
.لقد آمنت بي حين كفر بي الناس .وصدقتني حين كذبني الناس .وواستني حين حرمني الناس .ورزقني اللّه ولدها إذ حرمني أولاد النساء»([20])
.ولقد عاشت السيدة خديجة(عليها السلام) تحت كنف النبي(صلى
الله عليه وآله) خمسة وعشرين عاماً، لم يجد منها غير الاكرام والمحبة والصفاء
والطاعة وعرفان الجميل ، فبادلها وداً بود ووفاء بوفاء ، فلم يتزوج عليها حتى توفيت
.ولقد دعا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) عام وفاتها عام
حزن للأمة الخاتمة كلها .ورغم أنه تزوج بضعة من النساء بعد وفاتها ومن مختلف الطبقات
والأعمار والقبائل ، وفيهن الجميلة والرشيدة الودود إلاّ أن رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) بقي قلبه متعلقاً بها ، وفياً لها ، يحفظ لها عواطفها ومشاعرها ،
ويثمّن ودها ودورها العظيم في نصرته طوال أيام محنته مع اعداء الدعوة .لقد كان يذكرها جهاراً ، حتى انه لا يمل من كثرة ذكرها
والثناء عليها ، ويترحم عليها ، ويبكي لفراقها ، حتى غارت منها بعض نسائه وامتلأت
منها حسداً وهي في قبرها .تقول عائشة بنت أبي بكر : «ما رأيت خديجة قط ، ولا غرت على
امرأة من نسائه أشد من غيرتي على خديجة وذلك من كثرة ما كان يذكرها» .وتقول([21])
عائشة أيضاً : «ما غِرتُ على أحد من أزواج النبي ، ما غِرت على خديجة ، وما بي أن
أكون أدركها ، وما ذاك إلاّ لكثرة ذكر رسول اللّه لها ، وإن كان مما يذبح الشاة
يتبع بها صدائق خديجة ، فيهديها لهن»([22]) .وكان(صلى الله عليه وآله) يقول : «اني لأحب حبيبها»([23])
.وعن علي(عليه السلام) قال : «ذكر النبي(صلى الله عليه وآله)
خديجة يوماً وهو عند نسائه فبكى فقالت عائشة : ما يبكيك على عجوز حمراء من عجائز
بني أسد ؟ فقال(صلى الله عليه وآله) : صدقتني إذ كذبتم، وآمنت بي إذ كفرتم ، وولدت
لي إذ عقمتم ...»([24])
، «وروى أن عجوزاً دخلت على النبي(صلى الله عليه وآله) فلاطفها فلما خرجت سألته
عنها عائشة ، فقال : إنها كانت تأتينا زمن خديجة وان حسن العهد من الايمان»
.عن عائشة : «قالت : لم يتزوج النبي على خديجة حتى ماتت ،
قالت ما رأيت خديجة قط ولا غرت على امرأة من نسائه أشد من غيرتي على خديجة ، وذلك
من كثرة ما كان يذكرها»([25])
.عن أبي نجيح عبداللّه بن أبي نجيح قال : اهدي لرسول
اللّه(صلى الله عليه وآله)جزور ولحم ، فأخذ عظماً منها فناوله الرسول بيده فقال له
: اذهب بهذا إلى فلانة فقالت عائشة : لم غمرت يديك ؟ فقال(عليه السلام) :
إن
خديجة أوصتني بها فغارت عائشة من كلامه وقالت : كأنما ليس في الأرض امرأة إلاّ
خديجة ، فقام رسول اللّه مغضباً ، فلبث ما شاء اللّه ثم رجع فإذا أم رومان فقالت :
يا رسول اللّه ! مالك ولعائشة انها لحدثة فقال(صلى الله عليه وآله) :
أليست
القائلة كأنما ليس في الأرض امرأة إلاّ خديجة ، واللّه لقد آمنت بي إذ كفر قومك
ورزقت مني الولد وحرمتيه» .وهكذا([26])
تتجلى مكانة أم المؤمنين الكبرى خديجة بنت خويلد(عليها السلام)كما نطق بها لسان
الحق المقدس .خديجة والحياة الجديدة
1 ـ مقدمة تاريخية ضرورية
:
قبل الحديث عن زواج رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بالسيدةخديجة بنت خويلد(عليها السلام)لابد من التذكير ، ان هذا الموضوع قد تعرض إلى
التشويه إلى حد كبير ، إمّا لعوامل سياسية تاريخية أو لعوامل الغيرة والحسد التي
اتصفت بها بعض أزواج النبي(صلى الله عليه وآله) بصورة غير اعتيادية .وأهم المواضيع التي نالها التزييف والتشويه هو : الادعاء
بأن رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان هو الزوج الثالث لخديجة ، بعد أن كانت قد
تزوجت بأثنين من سائر الناس ، واحد بعد الآخر تسمي الروايات الموضوعة أحدهما بعتيق
ابن عابد المخزومي ويدعى الآخر بأبي هالة هند بن زرارة بن نباش التميمي ، ثم عاشت
بعد وفاة الثاني أيِّماً ، حتى خطبها رسوله الله(صلى الله عليه وآله) .هكذا تصور الاخبار المنسوبة قصة ـ الحياة الاجتماعية ـ
الزوجية لخديجة .ونفس المصادر التي تروي قصة زواجها الأول والثاني تذكر
بإصرار، أن خديجة عقيلة قريش كانت قد خطب ودها سادة القبائل وعظماء قريش ، ولكنها
تعرض عنهم في كل مرة بإباء سمح ، وترغب عنهم مترفعة مع تواضع لا يحط من قدر
الخاطبين .ولقد ذكر المؤرخون ان من جملة من خطبها كان أبا جهل وأباسفيان
وعقبة بن أبي معيط والصلت بن أبي يهاب وغيرهم من سادة القوم وعليتهم .كما تقع المصادر نفسها في تشوش وتناقض شديدين بالنسبة للزوجين
المزعومين . فبعض المصادر تسمي أحدهما أبا شهاب عمرو الكندي ، وتسميه اُخرى مالك
بن النباش بن زرارة التميمي ، واُخرى تسميه هند بن النباش ، واُخرى تسميه النباش
بن زرارة .وأما من دعي بعتيق بن عائذ المخزومي ، وهو الزوج الثاني
المفترض! ، فقد سمته بعض المصادر عتيق بن عابد التميمي([27])
إلى غيرذلك .وهكذا تشرّق الادعاءات وتغرّب دون ضابطة صحيحة ولا اشارة منعلم
!ومن حقنا أن نتساءل : كيف يمكن للمصادر التاريخية أن توفق
بين اصرار السيدة خديجة(عليها السلام) على رفض جميع من خطبها بما فيهم وجوه الناس
وأشرافهم ، وبين زواجها من شخصين من دهماء الناس على التوالي لم تضبط الأخبار حتى
اسماءهم ؟ !ان هذا لشيء عجاب !انك لا تكاد تقرأ مصدراً حديثاً ولا قديماً إلاّ وتجد الرفض
القاطع الذي تبديه السيدة خديجة بنت خويلد لكل خاطب لها مهما اعطي من مال أو جاه
ومكانة ، فكيف ترضى الاقتران بذين على ماهما عليه من مغمورية ، وقلة جاه ومكانة ؟ولكي نتخطى سطح المشكلة ، ونواجه الواقع ، لابد من الاشارة إلى
أن السيدة خديجة(عليها السلام) كانت لها أخت تسمى هالة([28]) تزوجت رجلاً
من بني تميم أولدها ذكراً أسماه هندا .وكان للتميمي زوجة أخرى أولدها بنتين احداهما زينب والاُخرى
رقية ، ثم هلك الرجل ، فالتحق هند بعشيرته وأهله في البادية ، والتحقت هالة وزوجة
التميمي الاُخرى والبنتان بالسيدة خديجة التي امتازت بمال وفير وطيب نفس ، فشملتهم
جميعاً برعايتها .وفي هذه الأيام تزوج رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) من
خديجة فصارت زينب ورقية تحت رعاية رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) والسيدة خديجة(عليها
السلام) حتى نسبتا إليهما ، وهو أمر مألوف عند عرب ذلك الزمان([29])
وفق قاعدة التبني التي أبطلها القرآن الكريم بعد ذلك سنين في آية 4 من سورة
الاحزاب.وهكذا تكون قضية هالة بنت خويلد وقصة زواجها قد انسحبت على
سيرة السيدة خديجة وحياتها بسبب ذلك التبني ، حتى بلغت الحال أن تشعبت بقصد وبغيرة
لتكون زينب ورقية ابنتين لرسول اللّه(صلى الله عليه وآله) كما يكون الرجل المخزومي
الذي كان أول زوج لهالة بنت خويلد ثم زوجها الثاني التميمي قد نسبا إلى السيدة
خديجة كزوجين لها قبل زواج رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) منها .وهكذا ، تقحم حياة هالة الزوجية ونتائجها على خديجة(عليها
السلام)وحياتها الشخصية .ومما يعزز صحة هذه الواقعة التاريخية الهامة التي سردناها ما
ذكره ابن شهراشوب المازندراني ، حيث قال : روى أحمد البلاذري وأبو القاسم الكوفي
في كتابيهما والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص : ان النبي(صلى الله عليه
وآله) تزوج بها وكانت عذراء([30])
.هذا ، ومن الجدير ذكره ، ان المصادر التي اعتبرت زينباً
ورقية بنتين للنبي(صلى الله عليه وآله) من السيدة خديجة ، قالت بولادتهما بعد
البعثة ثم تقول ذات المصادر ، ان رقية التي كانت أصغر بنات النبي(صلى الله عليه
وآله)([31])
قد تزوجت عثمان ابن عفان قبل الهجرة إلى الحبشة علماً بأن الهجرة المذكورة قد وقعت
بعد البعثة بخمس سنين .فهل تنسجم العقول مع هذه التقولات الساذجة([32])
التي تناقضت مع نفسها ومع الوقائع التاريخية ؟
وتحقق أمل خديجة !!
كانت حياة السيدة خديجة(عليها السلام) مزيجة بين الرفضالصارم لكل من يطلب يدها من أجل الزواج ، وبين الانتظار والأمل لمن يلبي طموحها
المعنوي من الرجال كزوج وولي أمر .وبينما كاد الرجال يقطعون الأمل من قناعتها بأي منهم ; كانت
سيدة قريش قد تحولت إلى اذن صاغية تتسمع أخبار خير شباب قريش الذي ملأ ذكره الحسن
، والحديث عن شمائله الطيبة في أركان مكة ونواديها حتى أسماه قومه بالصادق الأمين
، وهو لمّا يزل في ريعان شبابه ، ذلك هو محمد بن عبداللّه بن عبد المطلب .فقد كانت تتوسم أن يكون هو القرين المنتظر لها ، وبدأ حدسها
يقترب من اليقين رويداً رويداً كلما تقدمت الأيام .وماذا يمنعها أن تنتظر وهي لا تزال في عز شبابها، وغضارة
جمالها؟فقد تأملت كثيراً في حديث لأحد أحبار اليهود حضر المسجد
الحرام وراح يتحدث عن اقتراب موعد بعثة الرسول الموعود من هذه الديار ، وهو ينوه
بالتهنئة للمرأة التي تكون له زوجة وسكنا([33]) .وجاءت الخطوة الاُخرى لتقرب الأمل المتَّقِد في وجدانها ،
فحيث امتلأ سمعها بجميل ذكر محمد بن عبداللّه(صلى الله عليه وآله) فتى أبي طالب
شيخ الأبطح ، بالنظر لعظيم أمانته ، وكريم صفاته ونبل خصائصه ، وصدق حديثه ومواقفه
، فما بالها ياترى لا تعقد صفقة تجارية معه ، تضاربه ببعض أموالها ليخرج بها
متاجراً إلى الشام ، ومن كمحمد(صلى الله عليه وآله)في صدقه وسلامة سلوكه واستقامته
؟لقد انتفضت من غفلتها عنه ، وكأنها لامت نفسها عن طول هذه
الغفلة عنه ، فبعثت من يعرض عليه هذا المشروع التجاري المربح الذي طالما اشرأبت
إليه أعناق الرجال ، وعرضت عليه من خلال وسيطها أن يكون له من الربح أفضل ما
اعتادت أن تعطيه لمن تضاربه من التجار .ووجد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) حاجةً في نفسه ،
فتداول مع عمه أبي طالب في ذلك ، فلم يجد منه اعتراضاً .وكان هذا الغرس الطيب مدركاً أن عمه قد كبر سنه ، وأثقلته
السنون ، فلابد من استثمار هذه الفرصة لدعم عمه الكريم الذي امتاز بجوده وكرمه
ورعايته للناس رغم كونه أقل سادة قريش مالاً .وخرج المصطفى(صلى الله عليه وآله) في تجارته إلى الشام
يصحبه ميسرة غلام خديجة الذي أنابته عنها في هذا المشروع .وقد كان ميسرة يقوم بمهمتين معاً ، إحداهما : اقتصادية
روتينية تتعلق بالتجارة والمال وما إلى ذلك من شؤون .وثانيتهما : معنوية ، ولعلها كانت هي المهمة المركزية التي
كُلِّف بها من قبل سيدته خديجة !!فقد كان موكولاً إليه أن يرصد محمداً(صلى الله عليه وآله)
عن كثب في هذه السفرة الطويلة نسبياً ، كي يقدّم تقريراً إلى السيدة خديجة حول
أبعاد شخصيته، ليكمل الصورة عن محمد(صلى الله عليه وآله) لديها.ويبدو أن ميسرة كان جديراً بإعطاء الصورة المطلوبة ، ولذا
اختارته سيدته لذلك .وما أن صحب الغلام رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) إلاّ
ورأى الأعاجيب مما لم يكن في حسابه ولا في تصوراته ، فرغم طيب المعاشرة ، وحسن
الأخلاق، وصدق المعاملة ، وعظيم الأمانة ، فإن أموراً خارجة عن المألوف تمكن ميسرة
من مشاهدتها عياناً .عن محمد بن اسحاق ، قال : كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة
ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم اياه بشيء تجعله لهم منه ،
وكانت قريش قوماً تجاراً ، فلما بلغها عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)من صدق
حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه وعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجراً إلى
الشام ، وتعطيه أفضل ماكانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له : ميسرة ،
فقبله منها رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ، وخرج في مالها ذلك ، ومعه غلامها
ميسرة حتى قدم الشام ، فنزل رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في ظل شجرة قريباً من
صومعة راهب ، فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال : من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة
؟ فقال ميسرة : هذا رجل من قريش من أهل الحرم ، فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه
الشجرة ؟ إلاّ نبي ، ثم باع رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) سلعته التي خرج بها ،
واشترى ما أراد أن يشتري ، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة ، وكان ميسرة .. قال
(فيما) قال : إذا كانت الهاجرة واشتد الحرّ نزل ملكان يظللانه من الشمس ، وهو يسير
على بعيره ، فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ماجاء به فأضعف أو قريباً ،
وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من تظليل الملكين له([34])
.ان هذه الواقعة وما أحاطت بها من ظروف مادية ومعنوية دفعت
السيدة خديجة(عليها السلام) إلى نهاية الشوط ، فأرسلت اختها هالة أو صديقتها نفيسة
بنت منبه ـ على قول ـ إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وأسرّته ـ فور عودته من
الشام ـ لتعرض نفسها عليه .وذهبت نفيسة مندسةً إلى النبي(صلى الله عليه وآله) وجرى هذا
الحوار التاريخي القصير الحاسم بينهما([35]) :نفيسة : ما يمنعك من الزواج ؟قال : ما بيدي ما أتزوج به ..قالت : فان كفيت ذلك ، ودعيت إلى الجمال والمال ، والشرف
والكفاءة ألا تجيب ؟قال : فمن هي ؟نفيسة : خديجة !قال النبي(صلى الله عليه وآله) : كيف لي بذلك ؟قالت : عليّ ذلك .وأعلن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) قبوله بالعرض .ويبدو أن نفيسة عادت مرة ثانية طالبة من النبي(صلى الله
عليه وآله) أن يحضر مع أعمامه لخطبة سيدة قريش من عمها عمرو بن أسد ، لأن أباها
خويلد كان قد قضى نحبه قبل حرب الفجار ، وحددت نفيسة بإذن خديجة موعد اللقاء في
دارها التي كانت من أوسع دور قريش وأرحبها .واجتمع عدد من أعمام النبي(صلى الله عليه وآله) ورجال قريش
في طليعتهم أبو طالب في دار السيدة خديجة(عليها السلام) ، وحضر من قرباها عمها
عمرو بن أسد وآخرون .وتكلم أبو طالب خاطباً خديجة من عمها([36])
وجاء في حديثه ما يلي :«الحمد للّه الذي جعلنا من ذرية ابراهيم(عليه السلام) وزرع
اسماعيل وضئضيء([37])معد
، وعنصر مضر ، وجعلنا سدنة بيته وسواس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً
، وجعلنا الحكام على الناس .ثم ان ابن أخي هذا محمد بن عبداللّه لا يوزن به رجل إلاّ
رجحه ، وان كان في المال قلاً فان المال ظل زائل وحال حائل ، ومحمد من قد عرفتم
قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي.وهو واللّه بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل»([38])
.ثم ان عمها عمرو بن أسد رد على خطبة أبي طالب رداً ايجابياً
يتجلى في كلماته تأثره بالحنيفية الاولى أو بالكتب السماوية التي ذكر المؤرخون أنه
كان يهتم بقراءتها وهذه كلمات عمها كما ذكرها المؤرخون :«الحمد للّه الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عدّدت ،
فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله ، لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يرد
أحد من الناس فخركم وشرفكم ، وقد رغبنا بالاتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا عليّ
معاشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبداللّه على أربعمائة دينار»([39])
.هذا ، ومن الجدير ذكره ، ان اشارة بعض المصادر إلى وجود
أبيها خويلد ليس صحيحاً ، فقد توفي الرجل المذكور في حرب الفجار أو قبلها، كما أن
الراجح أن يكون عمرو بن أسد هو الذي تولى تزويجها وليس ورقة بن نوفل ـ كما زعمت
بعض المصادر ـ ، اللّهم إلاّ أن يكون ورقة أحد الحاضرين في الزواج ليس غير ، فالعم
أولى من ابن العم في ذلك !وبعد اجراء مراسم العقد ، أعلنت خديجة أن بيتها وما تملك هو
تحت تصرف النبي(صلى الله عليه وآله) .ثم ان أبا طالب أقام على شرف الزوجين والحضور وليمة بعد أن
نحر ناقة وأطعم من كان حاضراً .وهكذا تمت مراسيم الزواج المبارك ، ودخل رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) داره ليقيل مع زوجته السيدة خديجة أم المؤمنين الاولى لتبدأ
المرحلة الجديدة من حياتهما عليهما الصلاة والسلام .هذا ، ومن الجدير ذكره ، أن مراسيم عقد زواج النبي(صلى الله
عليه وآله) من السيدة خديجة(عليها السلام) كان في اليوم التاسع([40])
من ربيع الأول بعد عام الفيل بخمس وعشرين سنة ، علماً بأن المصطفى(صلى الله عليه
وآله) لم يتزوج سواها حتى توفيت([41])رعاية
لمشاعرها واكراماً لمقامها عليها آلاف التحية والسلام .أول
النساء تصديقاً برسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
دخلت السيدة خديجة حياتها الجديدة باقترانها برسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) ، حيث الحبور والرحمة والتلاحم الروحي والعاطفي .وقد عبّر عن هذه الحالة التي توقعها أبو طالب(عليه السلام)
للزوجين بعد وقوع العقد بقوله :«الحمد للّه الذي أذهب عنا الكرب ودفع عنا الغموم»([42])
.وحيث ان الانسجام الروحي والعاطفي بين الرسول(صلى الله عليه
وآله) وسيدة قريش كان ثمرة طبيعية . لأن أحدهما كان توّاقاً لصاحبه ، تتجاذب
روحاهما وتتناغم ، إذ لو لم تقترن خديجة بشخص الرسول(صلى الله عليه وآله) لما مالت
نفسها إلى سواه طوال حياتها ، ولما وجدت كفئاً لها من الرجال أبداً .وهكذا اتسمت حياة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بالحبور
والدعة مع هذه المرأة العظيمة مما لم يتسنَّ لغيرها من أزواجه فيما بعد ، حتى غارت
منها وحسدتها بعض نسائه ، رغم وفاتها(عليها السلام) ، لكثرة ما يثني عليها رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) ويذكرها بخير ويجدد العهد بذكرها الطيب آناً بعد آن .إلاّ ان الأهم من ذلك كله الانسجام الروحي والفكري بين
النبي(صلى الله عليه وآله)وقرينته المكرمة ، الذي بدأ يتعمق منذ دخلت تحت كنفه
ورعايته .ففي الفترة التي تم زواج رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) من
السيدة خديجة(عليها السلام)كان النبي(صلى الله عليه وآله) قد قطع شوطاً بعيداً في
اعداده الالهي ، وتلقيه مبادي الحكمة ، وبوادر الخير والرحمة من عند اللّه تعالى
التي كان يعكسها بدوره بشكل أو بآخر على قلب السيدة خديجة(عليه السلام) وروحها
وسلوكها حتى انصهرت في بوتقة الهدى الرباني .فنحن على علم ان الرسول(صلى الله عليه وآله) كان خاضعاً
لعملية اعداد رباني مخطط ، وبرنامج ملكوتي رفيع ، يصنعه على عين اللّه عزوجل لكي
ينهض بأعظم رسالة عرفها هذا الكوكب ، بل هذا الوجود .ولقد تدرج في عملية الاعداد باتجاه موقع الرسول الخاتم(صلى
الله عليه وآله) ، ومر بمستويات ودرجات كان أبرزها : درجة النبوة ، ثم درجة
الرسالة التي بدأت بما يصطلح عليه بالبعثة ، وما تطلبته من نزول القرآن الكريم
مفرقاً حسب مقتضيات اعداد الأمة ، والنهوض بها إلى مستوى خير أمة اُخرجت للناس
تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر .ولقد كانت فترة النبوة طويلة نسبياً استغرقت حيزاً كبيراً
من عمر النبي الخاتم محمد بن عبداللّه(صلى الله عليه وآله) كان غير مسموح له فيها
بدعوة الناس إلى الحق الذي لديه ، إلاّ انه من المقطوع به أنه(صلى الله عليه وآله)
كان مقتصراً دعوته على أهل بيته وخاصته .وهذه أرقام وشواهد على ذلك :
أ ـ كان نبياً قبل أن يكون
رسولاً :
قضى المصطفى محمد بن عبداللّه(صلى الله عليه وآله) ثلثيعمره الشريف نبياً لم يؤذن له من قبل اللّه عزوجل بدعوة الناس إلى رسالته ، ولم
يعلن عن نبوته المباركة طوال تلك السنين :«اعلم : ان الطائفة قد اجتمعت على أن رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) كان رسولاً نبياً مستخفياً يصوم ويصلي على خلاف ما كانت قريش تفعله مذ
كلفه اللّه تعالى ، فإذا أتت أربعون سنة ، أمر اللّه عزوجل جبريل(عليه السلام) أن
يهبط بإظهار الرسالة ، وذلك في يوم السابع والعشرين من شهر اللّه الأصم»([43]).ولهذه الحقيقة أشار أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه
السلام) في حديث له جاء فيه : «ولقد قرن اللّه به من لدن ان كان فطيماً أعظم
ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم : ليله ونهاره»([44])
.حتى إذا نزل عليه جبريل بمطالع سورة المدثر المباركة في
اليوم السابع والعشرين من رجب المرجب (يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر..)باشر
عملية دعوة الناس إلى عبودية اللّه عزوجل حيث بُعث إلى الناس كافة واُذن له
بالتبليغ .ويلاحظ من حقائق السيرة النبوية المطهرة ، أن النبي(صلى
الله عليه وآله) ـ ولأهداف استراتيجية ـ كان مأموراً أن يطلع ابن عمه وربيبه علي
بن أبي طالب(عليه السلام)على التطورات التي كانت تجري له قبل نزول القرآن الكريم
وبعده أولاً بأول ، وشاركته في ذلك السيدة خديجة ، حيث أشار الامام علي(عليه
السلام) لذلك بقوله :«.. وقد علمتم موضعي من رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره ،
ويكنفني في فراشه ، ويمسني جسده، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ، وما
وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل . ولقد قرن اللّه به ـ (صلى الله عليه وآله) ـ
من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق
العالم ليله ونهاره .ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي
في كل يوم من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة
بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) وخديجة ، وأنا ثالثهما أرى نور الوحي ، وأشم ريح النبوة ، ولقد
سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه(صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول اللّه ما
هذه الرنة ؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته ، انك تسمع ما أسمع وترى ما أرى
، إلاّ انك لست بنبي ، ولكنك لوزير وإنك لعلى خير ..»([45])
.هذا ، وقد بذل المرحوم المبرور الشيخ محمد باقر المجلسي(رحمه
الله)وسعاً من أجل دراسة هذه المسألة العقائدية ـ التاريخية الحساسة ، وساق الكثير
من الأدلة والشواهد المتينة من الكتاب والسنّة على أن رسول اللّه محمد بن
عبداللّه(صلى الله عليه وآله) كان نبياً منذ صغره مؤيداً بروح القدس ، يكلمه الملك
، ويسمع صوته ، ويتعبد بشريعته هو لا بشريعة رسول آخر .حتى إذا بلغ الأربيعن من عمره الشريف جرى له التحول النوعي
الآخر في المهام والأهداف فبعثه اللّه عزوجل رسولاً ، ونزل عليه القرآن الكريم،
وأمره ربه عزوجل بدعوة الناس إلى رسالته([46]) .
ب ـ علي وخديجة أول
المصدقين بالنبوة :
ومنذ فترة متقدمة على نزول مطلع سورة المدثر الآمرة لرسولاللّه(صلى الله عليه وآله)بالدعوة العامة، كان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
يستخفي بدعوته عن الناس دون القرابة القريبة من أهل بيته :«فجعل رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) يذكر ما أنعم اللّه
عليه ، وعلى العباد به ، من النبوة سراً إلى من يطمئن إليه من أهله ..»([47])
.ومن أجل ذلك ، فان الروايات الكثيرة التي تذكر أن رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله)صلى يوم الاثنين، وصلّت السيدة خديجة وعلي(عليه السلام)
يوم الثلاثاء([48])
تشير إلى السياق الزمني الذي مرت به الدعوة الالهية الخاتمة . واستمرت الدائرة
تتسع قليلاً فضمت جعفراً وزيد بن حارثة بعد ذلك . أما دعوة الناس خارج هذا الاطار
فقد بقيت تنتظر وقتها المناسب الذي يحدده رب العالمين .وهذه بعض الأرقام والوثائق المؤكدة التي تعطي انطباعاً
أولياً عن موقع علي وخديجة في سلم الدعوة والرسالة .«عن يحيى بن عفيف عن عفيف قال : جئت في الجاهلية إلى مكة
فنزلت على العباس بن عبد المطلب قال : فلما طلعت الشمس وحلقت في السماء وأنا أنظر
إلى الكعبة أقبل شاب فرمى ببصره إلى السماء ثم استقبل الكعبة فقام مستقبلها فلم
يلبث حتى جاء غلام فقام عن يمينه قال : فلم يلبث حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما فركع
الشاب فركع الغلام والمرأة فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة فخرّ الشاب ساجداً
فسجدا معه فقلت : يا عباس أمر عظيم فقال : أمر عظيم أتدري من هذا ؟ فقلت : لا ،
قال : هذا محمد بن عبداللّه بن عبد المطلب ابن أخي ، أتدري من هذا معه قلت لا قال
: هذا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن أخي أتدري من هذه المرأة التي خلفهما ؟
قلت لا قال : هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي وهذا حدثني أن ربه رب السماء أمرهم
بهذا الذي تراهم عليه وأيم اللّه ما أعلم على ظهر الأرض كلها أحداً على هذا الدين
غير هؤلاء الثلاثة»([49])
.في هذه الوثيقة التي تكررت في تاريخ الطبري مراراً وبأسانيد
مختلفة، يلاحظ أن الوثيقة تصف النبي(صلى الله عليه وآله) بالشاب ، كما
تعطي صفة الغلام لعلي بن أبي طالب(عليه السلام) ، الأمر الذي يشير إلى أن تعبّدهم
للّه تعالى كان قبل الناس بسنين عديدة ، لا سيما ونحن نعلم أن البعثة بالرسالة قد
حدثت ورسول اللّه(صلى الله عليه وآله) قد بلغ الأربعين عاماً أو تخطاها ـ حسب بعض
الروايات .. فأين هو من مرحلة الشباب في هذه الفترة .عن محمد بن مسلم عن الامام محمد بن علي الباقر(عليه السلام)
: «ما أجاب رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أحد قبل علي بن أبي طالب وخديجة صلوات
اللّه عليهما ، ولقد مكث رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بمكة ثلاث سنين مختفياً
خائفاً يترقب ويخاف قومه والناس»([50]) .عن أبي عبداللّه(عليه السلام) قال : «اكتتم رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) بمكة مستخفياً خائفاً خمس سنين ليس يظهر ، وعلي(عليه السلام) معه
وخديجة ثم أمره اللّه أن يصدع بما يؤمر فظهر وظهر أمره» .وعن أمير المؤمنين علي(عليه السلام) قال : «ولقد كان ـ
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ـ يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ،
ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)وخديجة ،
وأنا ثالثهما أرى نور الوحي ، وأشم ريح([51]) النبوة»
.وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) : «ما أعرف أحداً من هذه
الأمة عبد اللّه بعد نبينا غيري، عبدت اللّه قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة تسع
سنين»([52])
.عن عباد بن عبد اللّه قال سمعت علياً يقول : «أنا
عبداللّه وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلاّ كاذب مفتر ، صلّيت
مع رسول اللّه قبل الناس بسبع سنين»([53]) .ان هذه الوثائق التاريخية رغم اختلافها في البعد الزمني
الذي تذكره حول سبق علي والسيدة خديجة(عليهما السلام) لعموم الناس في الالتحاق
بركب الدعوة الالهية الخاتمة ، حيث تتراوح سنوات السبق المذكور بين ثلاث سنوات وتسع
، إلاّ أنها تؤكد الحقيقة القائلة إن علياً والسيدة خديجة(عليها السلام)كانا ضمن
أجواء التغيرات الروحية والفكرية للنبي(صلى الله عليه وآله) ، حتى أنهما لم يفاجئا
بالنبوة ، ولم يفاجئا بالتكاليف الالهية ، وإنما مرّا بحالة تحول نوعي في أداء
التكاليف ليس غير ، ولذا ، فإن علياً(عليه السلام)يذكر أنه حين نزل الوحي(عليه
السلام) ـ حيث ابتدأت البعثة بالرسالة لعموم الناس ـ سمعت الرنة التي أحدثتها هزيمة
الشيطان([54])
في العالم غير المحسوس ، حيث كان هو معه في غار حراء وعلى مقربة من الغار كانت
خديجة([55])
.كما أن بعض الروايات تشير أن علي بن أبي طالب(عليه السلام)
هو ذاته التحق بالنبي(صلى الله عليه وآله) في أداء التكاليف ، ولم يعرض عليه رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله)دعوته ، حيث يذكر هذا النوع من الروايات ان علياً رأى
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)يصلي ـ أول صلاة ـ وكانت هذه العملية نقلة فكرية
وروحية في سلّم الرسالة بطبعها ـ فسأله عما يفعل ، فقال : اصلي ، فصلى علي معه([56])
، ولا نستبعد أن تكون خديجة ذات القلب الرباني الشفاف والروح الالهية المتعلقة
بعالم القدس سلكت غير هذا السلوك ، لأنها وعلياً كانا يصنعان على عين رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله)، تماماً كما كان هو يصنع على عين اللّه عزوجل ، وإن كان
مستوى علي(عليه السلام) من رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) كمستوى هارون من
موسى(عليهما السلام)([57])
ـ كما عبّرت النصوص ـ عن ذلك ، وهو مستوى لم تبلغه السيدة خديجة قطعاً ، إلاّ أنها
تمثل قمة في النساء قطعاً لم تسبقها غير فاطمة ابنتها في هذه الأمة المرحومة ، تلك
المرأة التي حملت بحق وجدارة لقب سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة([58])
كما أخبر الصادق الأمين(صلى الله عليه وآله)بذلك .
([1]) النساء : 1 .([2])
النحل : 72 .([3])
الاعراف : 189 .([4])
التكوير : 4 ـ 5 .([5])
الأنعام : 151.([6])
النساء : 19 .([7])
الحجرات : 13.([8])
الاحزاب : 35 .([9])
البقرة : 187 .([10])
الروم : 21 .([11])
يراجع ابن المغازلي الشافعي أبا الحسن بن علي بن محمد بن محمد الواسطي الجلالي ت
483 في مناقب علي بن أبي طالب(ع) طـ 2 عام 1402 هـ طهران ص 329 ـ 330. كما يراجع
نسبها في سيرة ابن هشام : 187 ـ 189 والسير والمغازي لابن اسحاق : 82 وغيرها.([12])
ترجمة خديجة في الاستيعاب لابن عبدالبر وأبو نعيم في حلية الأولياء.([13])
ابن المغازلي الشافعي/ المصدر السابق ص 363 نقلاً عن الترمذي في جامعه الصغير 5 :
367 و ابن عبدالبر في الاستيعاب والحاكم في المستدرك 3 : 157 بطريق ابن حنبل
وغيرهم.([14])
كشف الغمة في معرفة الائمة، أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي ت 693 هـ
2 : 135 طـ دار الاضواء بيروت وبحار الانوار، المرحوم الشيخ محمد باقر المجلي
16:12 وغيرهما.([15])
م . ن : 134 و 11 نقلاً عن عروة بن الزبير بن العوام.([16])
صحيح البخاري (باب تزويج النبي (ص) خديجة وفضلها رقم 3821) وصحيح مسلم (باب فضائل
خديجة أم المؤمنين 4 : 1887) والترمذي وغيرها، والقصب هنا: الجوهر المجوف.([17])الحشر : 7 .([18])
آل عمران : 31 .([19])
البخاري رقم (3818) في مناقب الانصار باب تزويج النبي(ص) خديجة وفضلها. فتح الباري
7:133. مسلم رقم (2435) في فضائل الصحابة باب فضائل خديجة أم المؤمنين 4 : 1888.
الترمذي رقم (3875) في المناقب باب فضل خديجة 5 : 659.([20])
صحيح البخاري رقم 3821 باب تزويج النبي (ص) خديجة(ع). وصحيح مسلم باب فضائل خديجة
وابن حنبل في المسند والطبراني. وتوجد اختلافات لفظية بسيطة بين الرواة هؤلاء :
فعرف استئذان خديجة = صوت هالة كصوت خديجة، فذكر الرسول (ص) بصوت هالة صوت خديجة.
حمراء الشدقين: سقطت أسنانها لكبرها فأحمرت لثتها.([21])
مستدرك الصحيحين 3 : 186.([22])
ابن سعد، اسد الغابة 5 : 438 .([23])
الاصابة 4 : 275 .([24])
كشف الغمة في معرفة الائمة للعلامة المحقق أبي الحسن علي بن عيسى ابن أبي الفتح
الاربلي 2 : 131.([25])
مقتل الحسين للخوارزمي 1 : 27 .([26])
م . ن ، وأم رومان : والدة عائشة .([27])
لمعرفة التناقض راجع البحار 16 : 22 والصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) العلامة السيد
جعفر مرتضى العاملي 1 : 121 ومابعدها، وفقه السيرة، محمد سعيد البوطي : 61.
والاستغاثة، أبو القاسم الكوفي المتوفى عام 352 هـ ومابعدها.([28])
انظر مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري طـ الكويت 2 : 204 حديث 1674.([29])
تراجع هذه القضية في كتاب الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي المتوفى 352 هـ ص 82
ومابعدها.([30])
راجع مناقب آل أبي طالب 1 : 159.([31])
الاصابة 4 : 304.([32])
للتفاصيل يراجع الشيخ محمد حسن آل ياسين، النبوة هامش ص 65 كما يراجع الاستغاثة :
80 ومابعدها والصحيح من سيرة النبي(ص)، السيد جعفر مرتضى العاملي 1 : 121 ومابعدها.([33])
بحار الأنوار للعلامة المجلسي 16 : 4 نقلاً من مناقب آل أبي طالب.([34])
بحار الأنوار للعلامة المجلسي 16 : 9. وابن هشام في السيرة النبوية 1 : 203
باسناده عن ابن اسحاق.([35])
حياة محمد(ص)، محمد حسنين هيكل طـ 1354 هـ القاهرة : 84 .([36])
وردت في كلام أبي طالب (ع) اختلافات بين المصادر في بعض الألفاظ.([37])
ضئضيء : الأصل.([38])
بحار الأنوار للعلامة المجلسي 16 : 16 و 17 عن : من لا يحضره الفقيه : 413. واخرج
نحوه اليعقوبي في تاريخه 2 : 15 والوفا بأحوال المصطفى لأبي الفرج عبدالرحمن
الجوزي 1 : 145 مع اختلاف في الألفاظ.([39])
بحار الأنوار 16 : 19 وقد ذكرته مختلف المصادر التاريخية.([40])
جنة المأوى للامام محمد حسين آل كاشف الغطاء : 95 .([41])
العقد الفريد لابن عبد ربة الاندلسي 5 : 6 وسواه من المصادر.([42])
السيرة النبوية لابن دحلان بهامش السيرة الحلبية 1 : 106.([43])
روضة الواعظين للشهيد الفتال النيسابوري: 62 منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات .([44])
نهج البلاغة خطبة رقم 192.([45])
م . ن .([46])
راجع هذا البحث القيم الموثق في بحار الأنوار 18 : 271 ـ 281.([47])
سيرة ابن هشام 1 : 259 مصطفى الحلبي واولاده بمصر 1926م والطبري 2 : 53.([48])
بحار الأنوار 18 : 179 نقلاً عن تفسير القمي، وتاريخ الطبري 2: 55 برواية جابر بن
عبداللّه الانصاري(رحمه الله) وص 59 عن زيد بن أرقم.([49])
تاريخ الطبري 2:56 .([50])
بحار الأنوار 18 : 188 .([51])
نهج البلاغة خطبة رقم 192.([52])
خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للامام الحافظ احمد بن شعيب النسائي ت 303 هـ
ص 3 طـ مصر.([53])
تاريخ الطبري 2 : 56 والكامل لابن الأثير الجزري 2 : 57 .([54])
نهج البلاغة خطبة القاصعة ص 301 طـ بيروت.([55])
يستفاد ذلك من المصدر السابق ومن تاريخ الطبري 2 : 48 وفي ظلال القرآن لسيد قطب
مجلد 6 تفسير سورة المزمل .([56]))
بحار الأنوار 18 : 184 نقلاً عن المحدث الثقة علي بن ابراهيم القمي وهناك مصادر
ذكرت ذلك بشكل أو بآخر .([57])
كما هو حديث «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» المشهور .([58])
كما في أحاديث مشهورة عند عموم المسلمين .