من آفاق القيادة الاسلامية - من آفاق القیادة الاسلامیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

من آفاق القیادة الاسلامیة - نسخه متنی

سید علی خامنه ای

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

من آفاق القيادة الاسلامية

* ولي أمر المسلمين آية اللّه العظمى
السيد الخامنئي «دام ظلّه»

من خطاب ألقاه ولي أمر المسلمين ،
وقائد الثورة الاسلامية سماحة آية اللّه
العظمى السيد علي الخامنئي «مد ظلّه» ،
بمناسبة ذكرى ولادة أبي عبد اللّه الحسين(عليه
السلام) ، وذلك بتاريخ 3 / شعبان / 1418 هـ . ق .

البعد المعنوي في شخصية الامام
الحسين(عليه السلام)

إن لشخصية الامام الحسين(عليه السلام)
الالمعية الباهرة بعدان : بُعد الجهاد
والشهادة والاعصار الذي أحدثه على مدى
التاريخ ، وسيبقى هذا الاعصار ـ بما يتسم به
من بركات ـ مدوياً على مدى الدهر ، وأنتم
مطلعون على هذا البعد الاول . أما البُعد
الاخر فهو بُعد معنوي وعرفاني ، ويتجلى هذا
البُعد في دعاء عرفة بشكل واضح وعجيب . وقلّما
يوجد لدينا دعاء يحمل هذه اللوعة والحرقة
والانسياق المنتظم في التوسل إلى اللّه
والابتهال إليه والفناء فيه . إنه حقاً دعاء
عظيم .

ثمة دعاء آخر ليوم عرفة ورد في الصحيفة
السجادية عن نجل هذا الامام العظيم . كنت في
وقت أُقارن بين هذين الدعائين ، فكنت اقرأ
أولاً دعاء الامام الحسين(عليه السلام) ،
وأقرأ من بعده الدعاء الوارد في الصحيفة
السجادية ، وقد تبادر إلى ذهني مرات عديدة أن
دعاء الامام السجاد(عليه السلام) يبدو وكأنه
شرح لدعاء يوم عرفة ; فالاول ـ أي دعاء الحسين(عليه
السلام) في يوم عرفة ـ هو المتن ، والثاني شرحٌ
له ، وذاك أصل ، وهذا فرع . دعاء عرفة دعاء مذهل
حقاً . وفي خطابه(عليه السلام) الذي ألقاه على
مسامع أكابر شخصيات عصره ، وأكابر المسلمين
التابعين في منى ، تجدون نفس تلك النغمة وذلك
النفس الحسيني المشهود في دعاء عرفة . ويبدو
أن خطابه ذلك كان في تلك السنة الاخيرة ، أو
ربّما في سنة أُخرى غيرها ، لا استحضر ذلك
حالياً في ذهني لكنه مسطور في كتب التاريخ
والحديث .

إذا نظرنا إلى واقعة عاشوراء و أحداث
كربلاء ، مع أنها ساحة قتال وسيف وقتل ، نرى
الحسين(عليه السلام) يتكلم ويتعامل بلسان
الحبّ والرضا والعرفان مع اللّه تعالى ، وفي
آخر المعركة حيث وضع خدّه المبارك على تراب
كربلاء اللاهبة نراه يقول : «إلهي رضاً بقضائك
وتسليماً لامرك» ، وكذا حين خروجه من مكة يقول
: «من كان باذلاً فينا مهجته ، وموطناً على
لقاء اللّه نفسه ، فليرحل معنا» .

لقد اقترن خروجه ذاك بالتوسل
والمناجاة وأمنية لقاء اللّه ، وبدأ بذلك
الاندفاع المعنوي المشهور في دعاء عرفة ، إلى
أن انتهى به المطاف في اللحظة الاخيرة ، إلى
حفرة المنحر حيث قال : «رضاً بقضائك» .

معنى هذا أن واقعة عاشوراء تعد بحد
ذاتها واقعة عرفانية ، مع أنها امتزجت
بالقتال والقتل والشهادة والملحمة ، وملحمة
عاشوراء صفحة رائعة بشكل يفوق التصور ، فإذا
نظرتم إلى عمق نسيج هذه الواقعة الملحمية ،
رأيتم معالم العرفان ، والمعنوية ، والتضرع ،
وجوهرية دعاء عرفة .

إذن فهذا هو البعد الاخر في شخصية
الامام الحسين(عليه السلام) ، وهو ما ينبغي
أن يكون موضع اهتمام إلى جانب البعد الاول
المتمثل بالجهاد والشهادة.

القضية التي أروم الاشارة إليها هي
أنه يمكن القول قطعاً إن معالم الاندفاع
المعنوي ، والعرفان ، والابتهال إلى اللّه ،
والفناء فيه ، وعدم رؤية الذات أمام إرادته
المقدسة ، هي التي أضفت على واقعة كربلاء هذا
الجلال والعظمة والخلود ، أو بعبارة أُخرى إن
البُعد الاول ، أي بُعد الجهاد والشهادة ، جاء
حصيلة ونتاجاً للبُعد الثاني ، أي نفس تلك
الروح العرفانية والمعنوية التي يفتقر إليها
الكثير من المؤمنين ممن يجاهدون وينالون
الشهادة بكل ما لها من كرامة . نفس تلك الروح
العرفانية والمعنوية تجدها في شهادة أُخرى
نابعة من روح الايمان ، ومنبثقة من قلب يتحرق
شوقاً ، وصادرة عن روح متلهفة للقاء اللّه ،
ومستغرقة في ذات اللّه . هذا اللون الاخر من
المجاهدة له طعم آخر ، ويفضي أثراً آخر على
التكوين .

نحن شهدنا في فترة الحرب نفحات من تلك
النسمة المقدسة ، ولم يكن ما سمعتموه من
تأكيدات سماحة الامام(قدس سره) على قراءة
وصايا الشهداء ، تأكيدات صرفة لا يبتغي شيئاً
وراءها ـ حسب ظني ـ ، فهو نفسه كان قد قرأ تلك
الوصايا ، وأثرت في قلبه المبارك تلك الجمرات
المتلظّية ، فرغب في ألاّ يُحرم الاخرون من
هذه الفائدة . كما أنني ـ والحمد للّه ـ كنت
طوال فترة الحرب وما بعدها حتى يومنا هذا
أستأنس بقراءة هذه الوصايا ; ولاحظت كيف أن
بعضها نابع من أعماق روح العرفان .

فالمرحلة التي يبلغها العارف والسالك
على مدى ثلاثين أو أربعين سنة ; يتعبد ويرتاض ،
ويواصل الدراسة على يد الاساتذة ، ويكثر من
البكاء والتضرع ، ويكابد المشاق لاجلها ،
يستطيع أن ينالها شاب في مدة عشرة أيام أو
خمسة عشر يوماً ، أو عشرين يوماً في الجبهة ،
أي منذ اللحظة التي يتوجه فيها ذلك الشاب
إلى الجبهة ، بأي دافع كان ، مع وجود الدافع
الديني الممتزج بحماس الشباب ، ثم يتحول ذلك
الاندفاع لديه بالتدريج إلى عزم على التضحية
والجود بكل وجوده ، وهو من تلك اللحظات حتى
لحظة استشهاده يزداد تحمساً وشوقاً ، ويصبح
سيره أسرع وقربه أدنى ، إلى أن تأتي الايام
الاخيرة ، وتحل الساعات واللحظات الاخيرة ،
فإن يكن قد بقي منه شيء حينذاك ، فهو كجمرة
تتلظى ، تلسع قلوب من يقرأون تلك الوصايا .

يلاحظ المرء بكل وضوح في ذكريات من
استشهدوا نفحة فوّاحة من نفس تلك الروح
الحسينية . إذن فلحادثة كربلاء سند معنوي متين.

هذا الاعصار الخالد على مدى التاريخ ـ
وكانت قصور الظلم تخشاه على الدوام وتتقهقر
أمامه ـ متى ما أطل عبر مختلف الحقب التاريخية
، يأت بفعل شبيه بفعل ذلك اليوم ، كما هو الحال
في ثورتنا. وهذه الواقعة الكبرى التي كان
أثرها ملموساً في كل برهة زمنية على مدى
التاريخ ، قضت على الكثير من سلالات الجور ،
وأكسبت الكثير من الناس الضعفاء العزّة
والمنعة ، ونفخت العزم في قلوب الكثير من
الشعوب المقهورة ، وجهّزت الكثير من الناس
بسلاح الصمود في سبيل اللّه .

وفي عصرنا أيضاً استطاعت هذه الواقعة
، ومن خلال دراية إمامنا الكبير ، أن تهب في
مجتمعنا فجأة ـ قبل انتصار الثورة ـ كهبّة
الاعصار الاول . وإنما يُعزى هذا إلى الدعاء ،
وذكر اللّه ، والابتهال إليه، والارتباط به .
وقد كان الامام(رحمه الله) من أهل هذا النهج ،
كان من أهل الذكر والخشوع والدعاء ، وسر
تألّقه يكمن في هذا المجال ، وتأثيره في
النفوس لابد أن يكون هذا منشأه في الاغلب.

وما يجب على كل من يرى في عنقه مسؤولية
إزاء أمانة الاسلام ، وأمانة الثورة ، في حياة
الانسان الحاضرة والمستقبلية ، ويرى لقيم
الاسلام دوراً وأهمية ، أن يعلم أن القضية لم
تقف عند الحد الذي انتهت عنده الحرب ، وأن
المساعي لم تبلغ نهايتها بعد مرور عقد أو
عقدين على انتصار الثورة . وسبب ذلك واضح ، وهو
أن العداء لهذه الحركة ـ حركة الصلاح والفلاح
ـ لم يتوقف ، ولم تنته العناصر المعارضة .

ذوو التدبير من الاعداء لا خصومة لهم
مع شخص ، ومعنى هذا أن الجبهة المعادية قد
تعلمت أنه متى ما عجزت عن مجابهة حركة عظمى،
كالثورة الاسلامية ، ونفدت طاقتها دون
المجابهة وجهاً لوجه ، فعليها أن تنسحب على
وجه السرعة ، وتتوارى خلف خندق المواجهة
ريثما تؤاتيها الفرصة ; وقد مارست هذه اللعبة
تقريباً مع جميع الثورات التي وقعت في القرن
العشرين .

تعلمون أن القرن العشرين كان قرن
الثورات والانتفاضات الشعبية ، التي اندلعت
على أساس المثل والتطلعات والافكار الحديثة ;
حيث افتتحت العقود الاولى من هذا القرن
بالثورة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي ،
واستمر الوضع على هذا المنوال بالنسبة
للحركات اليسارية ، وأيضاً الحركات اليسارية
التي لم تنضو تحت المنهج الماركسي تماماً ،
إلاّ أنها تحمل رؤية مسبقة على كل حال ، إلى أن
وقعت ثورتنا ، وتلتها ايضاً ثورات أُخرى .

لقد سلكوا هذا النهج مع عشرات الثورات
التي اندلعت في مختلف بقاع العالم ، فأطاحوا
الحكومات عسكرياً ، وقامت على انقاضها حكومات
وأجهزة ومؤسسات ; ومعنى هذا أنهم متى ما وجدوا
في أنفسهم القدرة ، كانوا يدخلون الميدان
ويقمعون تلك الثورات منذ بدايتها ; إذ إن
بعضها لم يكن منذ البداية قادراً على الصمود ،
وانتهى بها الامر إلى الهزيمة والاندحار .

أما تلك الثورات التي وجدوا أنفسهم
عاجزين عن مجابهتها ; فإضافة إلى أنهم لم
يتركوا مضايقتها ، والتهجم الاعلامي ، وفرض
الحصار الاقتصادي عليها ، بغية انهاكها ، فقد
اتخذوا لهم مكمناً يتربصون منه لكي ينقضوا
عليها متى ما شعروا بانهيار قواها ، ليسددوا
لها الضربة القاضية . ونجحت ضرباتهم في أكثر
المواقف ، واستطاع الكثير من التيارات
المعارضة لتلك الثورات ، أن يتحرك ـ بعد
العزلة والاندحار ـ ويمسك بزمام الامور ،
ويسيطر على الاوضاع، ويسيّر دفّة البلاد .

والجبهة المعادية عموماً لا كشخص وفرد
، انتهجت هذا الطريق مع ايران منذ انتصار
الثورة ، إلاّ أنهم لم يجدوا على مدى السنوات
الثمانية عشرة التي على هذه الثورة ، ثغرة
واحدة تبعث الامل والارتياح في صفوفهم .

كنت قد التقيت في عهد رئاستي
للجمهورية بزعيم حركة ثورية ـ وهو من الساسة
المعروفين في العالم ـ التقيت به في بلده ،
وكان حينذاك قد جاء بعمل يتنافى مع ادعاءاته
الثورية والشعارات التي ينادي بها ، فسألته
عن المسوغ الذي أباح له القيام بذلك العمل ،
فضحك وقال : هذا تكتيك ، فقلت له : يكون التكتيك
مقبولاً فيما إذا لم يؤدّ إلى تغيير المسير
العام كلياً ، وأنتم قد غيّرتم مسيركم . وهذا
هو الذي حصل ، إذ تغير مسيرهم وتوجههم بالكامل
. كان تبريره أنه يناور ويستخدم التكتيك . أي
تكتيك هذا الذي يؤدي بالمرء للخضوع لسيادة
عدوّه ؟ وهل يسمّى تكتيكاً ما ينتهي بالانسان
إلى التراجع عن كلامه ، وتغيير مسيره كلياً ؟ !
وأمثال هذه الظواهر مشهودة في سجلات تلك
الثورات ، وهي مما يحفز مطامع العدو ويبعث فيه
الامل ; فيمكن لها بالمرصاد ، وكثيراً ما كان
ينجح في خططه ، كما حصل في كل الحالات تقريباً
.

أما بشأن ثورتنا ، فقد كان لوجود
الامام(قدس سره) ، بما يتصف به من رؤية وبصيرة
وحزم في التمسك بأحكام اللّه ، واتخاذ حكم
اللّه وحلاله وحرامه ملاكاً في الامور ،
عائقاً يحول دون ظهور أدنى تمايل صوب العدو
طوال تلك السنوات العشرة . ومن بعد رحيل
الامام انصبّت الجهود على انتهاج نفس ذلك
المسير . ربّما ظهر أحياناً من بعض الاشخاص ما
يوحي للعدو بأنه استطاع الحصول على بعض
الانصار، ولكن سرعان ما ينكشف له أنه وهم باطل
. وبفضل اللّه لم يطرأ حتى الان على معالم
الثورة ما يبعث الامل في قلب العدو ; فما زال
العدو كامناً يتربّص ; وهذا ما ينبغي أن يدركه
الجميع .

إن الشيء الوحيد القادر على سوق
الثورة ، والتوجّه العظيم لهذا الشعب على
الطريق الذي فيه الصلاح والفلاح ، والعزة
ورضا اللّه وسعادة الدنيا والاخرة ، هو الوعي
والاستعداد والاندفاع لحراسة الثورة ; وهذا
الاندفاع رهين بوجود ذلك الجانب المعنوي . وما
تأكيدي على الجوانب المعنوية في لقائي مع
الاخوة اعضاء الحرس الثوري ، ومع الشرائح
الثورية ، ومع الاخوة والاخوات الذين يضطلعون
بمسؤوليات خطيرة في مختلف القطاعات ، إلاّ
لان هذا التوجه والابتهال إلى اللّه والاتصال
القلبي به ، كفيل باقتدار ورسوخ القوى التي
تريد تحدي ومقاومة تلك الجبهة . ولا طريق آخر
سوى هذا .

إذا ضعفت هذه الصلة باللّه ، ووقع
الانسان صريع نزواته ، وصارت توجهاته محكومة
بأهوائه ، تضعف عند ذاك قدرته على مجابهة
العدو . الانسان في معرض الاهواء والرغبات ،
وليس من اليسير صيانة الانسان نهائياً عنها ،
إلاّ أن المهم هو ألاّ يسمح للاهواء النفسية
والمصالح المادية والرغبات التافهة أن ترسم
للانسان مسير حياته ، وتعيّن له النهج الذي
يقتنيه ، ويكون لها دور حاسم وقدرة على
استبدال السبيل الذي يسلكه .

إنّ ما من شأنه تقلى الاضرار في هذا
المجال هو تلك القضايا المعنوية والاخلاقية ،
والدعاء والذكر والتوجه إلى اللّه ، وتهذيب
النفس وبناء الذات وتطهيرها من الرذائل ،
وهذا السلوك على قدر كبير من الاهمية . نعم ،
ما أكثر من الاشخاص الذي يكثرون من الدعاء
والذكر وما شابه هذه الاعمال ، لكنهم لم
ينجحوا في استئصال الرذائل والانانية والكبر
والبخل والحرص والحسد والحقد وسوء الظن
والكيد لهذا وذاك من نفوسهم ، أو إلغاء
تأثيرها على سلوكهم .

وعلى العكس من ذلك تلك الجنّة
الاخلاقية التي أرادها الاسلام للناس ;
فالاسلام أراد للناس أن يتراحموا فيما بينهم
، وأن يهتم كل منهم بمصير الاخر ، ويحرص على
مصالحه ، وأن يشارك الاخرين في معاناتهم
ويسعى في تصحيح أخطائهم ، وأن يدعو أحدهم
للاخر ، وأن يتعاملوا بالمودة والرأفة (وتواصوا
بالمرحمة) . المحبة بين الاخوة ، وبين
الاصدقاء ، وبين الاخوات ، وبين أفراد الامة
الاسلامية، والارتباط العاطفي ، وحب الخير
للاخرين ، صفات فاضلة ونبيلة ، يجب على المرء
أن يعمل للاستزادة منها .

إن أقبح ما في الانسان من صفات هو أن
يجعل ذاته ومصالحه المادية محوراً ، ويكون
مستعداً لتدمير وإيذاء أُناس كثيرين في سبيل
إشباع رغباته الخاصة . هذه الصفات ينبغي
معالجتها واجتثاث جذورها من قلوبنا . وهذه
المعاني موجودة في تلك الادعية .

على الرغم مما نُقل إلينا من أدعية
مأثورة عن جميع الائمة(عليهم السلام) ـ على ما
أتصور ـ إلاّ أن المثير في الامور هو أن
أكثرها وأشهرها هو المنقول عن ثلاثة أئمة ،
كانوا قد فضوا أعمارهم في صراعات كبرى ومريرة
. أولهم أمير المؤمنين(عليه السلام) الذي نقل
عنه دعاء كميل ، وأدعية أُخرى فيها معان
ومفاهيم كبيرة ، ومن بعدها الادعية المروية
عن الامام الحسين(عليه السلام) كدعاء عرفة
الذي يزخر حقّاً بمُثُل تثير الدهشة ، ثم من
بعدها أدعية الامام السجاد(عليه السلام) ، ابن
واقعة عاشوراء وحامل رسالتها ، والمجاهد في
قصر الجور ، قصر يزيد . هؤلاء هم الائمة
الثلاثة الذين كان لهم الدور الابرز في
ميادين الصراع ، والادعية المأثورة عنهم هي
الاعمق ، والعبر المستقاة من أدعيتهم هي
الاكثر . تأمّلوا هذه السجايا الاخلاقية
الواردة في الصحيفة السجادية ، وإذا وصفت
بأنها زبور آل محمد(صلى الله عليه وآله) ، فهي
هكذا حقّاً ، فهي زاخرة بالسجع المعنوي ، هي
دعاء ودروس ; دروس في الاخلاق ، وفي علم النفس
، وفي الشؤون الاجتماعية . تأملوا هذه الجملة
الواردة فيها : «اللّهم إني أعوذ بك من هيجان
الحرص وسورة الغضب ، وإلحاح الشهوة» . إنّه
يبيّن لنا ـ بلسان الدعاء ـ كل واحدة من
السجايا المعنوية والاخلاقية ، والجذور
الفاسدة التي تعتمل في نفوسنا .

يجب أن تسألوا اللّه تعالى حين الدعاء
والمناجاة ، الخلاص والنجاة من هذه المشاكل
الداخلية والنفسية . والمجتمع الذي تنشأ
مجموعة كبيرة من أفراده على هذه الخصائص
التربوية لا تؤثر فيه أي من تلك الاساليب
المعادية .

إن مجتمعنا والحمد للّه مجتمع شاب ; أي
إن نسبة الشباب فيه أكبر ، وستبقى هذه الظاهرة
بارزة فيه حتى سنوات عديدة ، والشباب من مظاهر
النعم الالهية على الانسان ; لان الشاب يتّسم
بالنقاء والاخلاص ، إلاّ أن العدو يركز في
خططه على جيل الشباب بسبب بعض نقاط الضعف التي
يتصفون بها ، ولكن نقاط القوّة لدى الشباب
اكثر بكثير من نقاط الضعف .

لو أن الدعاء والتوسل المقرونين
بالمعرفة اتٌّخذا في هذا المجتمع منهجاً
وسلوكاً ـ بأن يكونا عن معرفة وإدراك ، أي
بالمعنى الصحيح الذي أوصانا به القرآن ،
والروايات المنقولة عن الائمة(عليهم السلام)
، لكان هذا المجتمع حينذاك مجتمعاً يخشاه كل
عدو مستكبر ، ويفقد الامل بامكانية احتوائه
أو هضمه . وعليه أن يعلم أنه طالما كانت روح
الاسلام ، ومعنوية الاسلام ، والتعبّد
بالاسلام ، والاعتقاد بالاسلام موجودة في
المجتمع ، يستحيل على أي عنصر أن يميل بهذا
الشعب وهذا المجتمع عن صراط الثورة الاسلامية
المستقيم .

اسأل اللّه أن يوفقكم جميعاً ، وأن
يوفق شبابنا كافة ليستطيعوا بإذن اللّه معرفة
هذا الطريق ، وتعلّم هذه الاحكام والتعاليم
والمعارف النيّرة ، وأن يسيروا على هذا
السبيل وينتفعوا ، وينفعوا ببركاته هذا الشعب
وهذا البلد والاجيال القادمة ، في ظل رعاية
ولي العصر أرواحنا فداه .

والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته .

/ 1