دراسـات - نظام العبادات فی مدرسة أهل البیت (ع) (5) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظام العبادات فی مدرسة أهل البیت (ع) (5) - نسخه متنی

السید محمد باقر الحکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

دراسـات

نظام العبادات في
مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)

( 5 )

السيد محمد باقر
الحكيم

رابعاً : الذكر

نقصد بالذكر مجموع الكلمات
التي يذكر بها اللّه تعالى بالثناء والتمجيد
أو الاستعانة ، من قبيل الحمد للّه وبسم اللّه
وما شاء اللّه واللّه اكبر ولا إله إلاّ اللّه
وسبحان اللّه الخ .

وكذلك يقصد به الاستغفار
واعلان التوبة والانابة للّه من الذنوب
والمعاصي ، وأيضاً الدعاء بالصلاة على النبي
محمد وآله(1) .

والذكر بهذا المعنى الواسع
عبادة من العبادات الاسلامية الواجبة التي حث
عليها القرآن الكريم في كثير من آياته ، أو
جاءت نصوصها في آياته ، قال تعالى : (واذكر اسم
ربك بكرة واصيلاً * ومن الليل فاسجد له وسبحه
ليلاً طويلاً)(2) .

وقال : (إن في خلق السموات
والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي
الالباب * الذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً
وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض
ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب
النار)(3).

وقال : (والذين إذا فعلوا
فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اللّه فاستغفروا
لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلاّ اللّه ولم
يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)(4)
.

وقال : (ولو أنهم إذ ظلموا
أنفسهم جاؤوك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم
الرسول لوجدوا اللّه تواباً رحيماً)(5)
.

وقال : (وأن استغفروا ربكم ثم
توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل
مسمىً ويؤتِ كل ذي فضل فضله)(6)
.

وقال : (إن اللّه وملائكته
يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا
عليه وسلموا تسليماً)(7)
.

وقال : (يا أيها الذين آمنوا
اذكروا اللّه ذكراً كثيراً * وسبحوه بكرةً
وأصيلاً * هو الذي يصلّي عليكم وملائكته
ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين
رحيماً)(8) .

وقد ورد في الحديث المعتبر عن
أبي جعفر الباقر(عليه السلام) أنه قال : "مكتوب
في التوراة التي لم تغيّر أن موسى(عليه السلام)
سأل ربه فقال : يا رب ، اقريب أنت مني فأناجيك ،
أم بعيد فأناديك ؟ فأوحى اللّه عزوجل إليه : يا
موسى ، أنا جليس من ذكرني . فقال موسى : فمن في
سترك يوم لا ستر إلاّ سترك ؟ فقال : الذين
يذكرونني فأذكرهم ويتحابون فيّ فأحبهم ،
فأولئك الذين إذا أردت أن أصيب اهل الارض بسوء
ذكرتهم فدفعت عنهم بهم"(9)
.

وروى الكليني عن أبي عبد
اللّه(عليه السلام) قال : "قال رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) من اكثر ذكر اللّه عزوجل احبه
اللّه ، ومن ذكر اللّه كثيراً كتبت له براءتان
براءة من النار وبراءة من النفاق"(10)
.

وروي أن رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) خرج على اصحابه فقال : "ارتعوا في
رياض الجنّة . قالوا : يا رسول اللّه ، وما رياض
الجنة ؟ قال : مجالس الذكر اغدوا وروحوا
واذكروا . ومن كان يحب أن يعلم منزلته عند
اللّه فلينظر كيف منزلة اللّه عنده ، فإن
اللّه تعالى ينزل العبد حيث انزل العبد اللّه
من نفسه . واعلموا أن خير اعمالكم وازكاها
وارفعها في درجاتكم ، وخير ما طلعت عليه الشمس
ذكر اللّه سبحانه ، فإنه اخبر عن نفسه فقال :
أنا جليس من ذكرني ، وقال سبحانه : فاذكروني
اذكركم بنعمتي واذكروني بالطاعة والعبادة
اذكركم بالنعم والاحسان والرحمة والرضوان"(11)
.

ويحسن بنا تقسيم البحث إلى
ثلاثة أقسام :

الاول : الذكر بالمعنى الخاص .

الثاني : الاستغفار .

الثالث : الصلاة على النبي(صلى
الله عليه وآله) وآله .

الاول : الذكر بالمعنى الخاص

الذكر بالمعنى الخاص هو كل
ذكر للّه تعالى بأسمائه أو صفاته أو الثناء
عليه أو تمجيده وتحميده ، ولكن ورد في النصوص
أن هناك مفردات خاصة للذكر تحظى بأهمية خاصة
في هذا الموضوع . نذكر أهمها وهي :

1 ـ البسملة ، 2 ـ الاستعاذة ، 3
ـ التهليل ، 4 ـ الحمد ، 5 ـ التسبيح ، 6 ـ
التكبير ، 7 ـ الحوقلة ، 8 ـ المشيئة ، 9 ـ
الاسترجاع .

1 ـ البسملة

البسملة آية من القرآن الكريم
، بل هي آية في كل سور القرآن الكريم عدا براءة
. وقد جاء في بعض الروايات أنها أفضل الايات ،
فقد روى الشيخ الطوسي في التهذيب بسند معتبر
عن محمد بن مسلم قال : "سألت أبا عبد اللّه(عليه
السلام) عن السبع المثاني والقرآن العظيم هي
فاتحة الكتاب ؟ قال : نعم ، قلت : بسم اللّه
الرحمن الرحيم من السبع المثاني ؟ قال : نعم ،
أفضلهن"(12) .

وفي حديث آخر عن الباقر(عليه
السلام) قال : "بسم اللّه الرحمن الرحيم
أقرب إلى اسم اللّه الاعظم من ناظر العين إلى
سوادها"(13) .

وفي رواية اخرى : "أن أول
كتاب نزل من السماء بسم اللّه الرحمن الرحيم .
وإذا قرأت بسم اللّه الرحمن الرحيم سترتك
فيما بين الارض والسماء"(14).

البسملة شعار الجماعة
الصالحة

ولاهمية البسملة في نظر اهل
البيت(عليهم السلام) تحولت إلى علامة وشعار
للجماعة الصالحة يمتازون بها عن بقية
المسلمين ، حيث يمكن أن نلاحظ هذا الامر في
الامور التالية :

1 ـ الالتزام بقراءتها في
الصلاة جزءاً من سورة الفاتحة ومن كل سورة .

2 ـ الجهر بالبسملة في الصلاة
حتى الاخفاتية منها ، وهذا ما تحدثنا عنه في
بحث الصلاة اليومية .

عن الحكم بن عمير قال : "صليت
خلف النبي(صلى الله عليه وآله) فجهر في الصلاة
ببسم اللّه الرحمن الرحيم في صلاة الليل
وصلاة الغداة وصلاة الجمعة"(15)
.

3 ـ الالتزام بأن البسملة هي
جزء من جميع سور القرآن الكريم عدا براءة ،
كما نصت على ذلك الروايات الواردة عنهم(عليهم
السلام) وعن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) ،
وكما يؤكده الرسم القرآني المتداول بين
المسلمين حيث يكتبون البسملة كما يكتبون
الايات القرآنية الاخرى .

4 ـ الالتزام بذكر البسملة في
مختلف شؤون حياتهم فضلاً عن البدء بها في
الكتابة ، بل يرون البدء بها في جميع أعمالهم
كما ورد ذلك عن ائمتهم . فقد روي عن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله)أنه قال : "كل امر ذي بال لا
يذكر ببسم اللّه الرحمن الرحيم(16)
فيه فهو أبتر" . وفي رواية اخرى : "كل كتاب
لا يبدأ فيه بذكر اللّه فهو اقطع"(17)
.

وقد عرف شيعة اهل البيت(عليهم
السلام) بهذا حتى اصبح الجهر بالبسملة من
علامات المؤمن الخمس ، كما ذكرنا آنفاً في
البحث السابق .

2 ـ الاستعاذة

الاستعاذة هي قول : "أعوذ
باللّه من الشيطان الرجيم" أو "أعوذ
باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم"
أو أي صفة اخرى(18) .

وقد ورد الاشارة إليها في
القرآن الكريم عند البدء بقراءة القرآن
الكريم ، كما في قوله تعالى : (فإذا قرأت
القرآن فاستعذ باللّه من الشيطان الرجيم)(19)
.

وقد ورد في الروايات عن صلاة
بعض ائمة اهل البيت أنهم كانوا يأتون بها في
الصلاة قبل البسملة وعند قراءة القرآن ايضاً .

كما في رواية قرب الاسناد عن
حنان بن سدير قال : "صليت خلف ابي عبد اللّه
فصلّى بإجهار أعوذ باللّه السميع العليم من
الشيطان الرجيم وأعوذ باللّه أن يحضرون ، ثم
جهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم. وفي رواية
التهذيب : تعوّذ باجهار ثم جهر ببسم اللّه
الرحمن الرحيم"(20)
.

وقد ذكر الطبرسي في مجمع
البيان أن الاستعاذة عند التلاوة مستحبة غير
واجبة بلا خلاف في الصلاة وخارجها(21)
.

وقد روى الكليني في الكافي
باسناده ، عن فرات بن أحنف ، عن أبي جعفر(عليه
السلام) قال : "سمعته يقول : أول كتاب نزل من
السماء بسم اللّه الرحمن الرحيم ، فإذا قرأت
بسم اللّه الرحمن الرحيم فلا تبالي(22)
ألاّ تستعيذ"(23) .

3 ـ التهليل

التهليل هو قول "لا إله
الاّ اللّه" ، أو "لا إله الاّ هو" وقد
ورد في القرآن الكريم في عدة مواضع منها قوله
تعالى : (شهد اللّه أنه لا إله إلاّ هو
والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله
إلاّ هو العزيز الحكيم"(24)
.

والشهادة به هو جزء من
الشهادتين اللتين تتكرران في الاذان
والاقامة ، وتجب في الصلاة عند التشهد .

وقد وردت روايات عديدة في
فضله تتضمن أنه ليس شيء اعظم وأفضل وارجح
واثقل من شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، كما ورد
في حديث سلسلة الذهب المعروف عن الامام الرضا
الذي حدّث به الناس في نيسابور عند مقدمه إلى
خراسان أنه قال عن آبائه عن رسول اللّه عن
جبرائيل عن اللّه : "شهادة أن لا إله إلاّ
اللّه حصني ، من قالها مخلصاً من قلبه دخل
حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي" .

وأن هذه الشهادة هي أفضل
الكلام وسيد القول ، وأن من قالها صادقاً
استوجب الجنة ، ومن قالها كاذباً عصمت ماله
ودمه وكان مصيره إلى النار(25)
.

ومن هنا أصبح التهليل شعار
المسلمين في الدنيا وشعارهم أيضاً على الصراط
يوم القيامة ، حسب ما أشارت إليه الروايات(26)
.

وانطلاقاً من ذلك أصبح للجهر
بها ثواب عظيم مضاعف .

فقد ورد عن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) : "ما من مسلم يقول : لا إله
إلاّ اللّه يرفع بها صوته فيفرغ(27)
، حتى تتناثر ذنوبه تحت قدميه كما تتناثر ورق
الشجر تحتها"(28) .

ولا شك أن ضم الشهادة الثانية
لها وهي أن محمداً رسول اللّه يزيد في الاجر
والثواب .

كما ورد في بعض الاحاديث بيان
ثواب الشهادتين أنه كتابة الف الف حسنة ، وأنه
نجاة من النار ويوجب دخول الجنة(29)
.

4 ـ الحمد للّه

الحمد للّه أول ما يفتتح به
العبد صلاته في سورة الفاتحة بعد البسملة .
وقد ادبنا القرآن الكريم به ، كما أنه آخر
دعوى المؤمنين وكلامهم : (وآخر دعواهم أن
الحمد للّه رب العالمين) .

وقد ورد في القرآن الكريم
مكرراً على لسان الانبياء والصالحين ، والحمد
هو أحب الاعمال للّه تعالى .

فقد روى الكليني في الكافي عن
محمد بن مروان قال : "قلت لابي عبد اللّه(عليه
السلام) أي الاعمال أحب إلى اللّه عزوجل ؟ قال
: أن تحمده"(30) .

وقد كان رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) يكثر من الحمد في الصباح والمساء(31)
.

5 ـ التسبيح للّه

ورد التسبيح للّه تعالى في
القرآن الكريم في مواضع عديدة ، وبه افتخر
الملائكة عندما ارادوا لانفسهم أن يكونوا
خلفاء للّه في الارض : (قالوا اتجعل فيها من
يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك
ونقدّس لك) .

كما أن التسبيح للّه تعالى
يمثل ظاهرة كونية تشمل كل الكائنات حسب ما
اكده القرآن الكريم : (تسبح له السموات السبع
والارض ومن فيهن وإن من شيء إلاّ يسبح بحمده
ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً
غفوراً)(32) .

وقد جاء الحث في القرآن
الكريم للنبي والمؤمنين على التسبيح للّه
تعالى : (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين)(33)
.

وقد وردت روايات عديدة في فضل
التسبيح(34) . منها ما
رواه في السرائر عن أبي عبد اللّه الصادق(عليه
السلام) : "ما من كلمة اخف على اللسان ولا
ابلغ من سبحان اللّه ..."(35)
. وكذلك ما رواه الصدوق في ثواب الاعمال عن
الصادق(عليه السلام) قال : "من قال سبحان
اللّه وبحمده سبحان اللّه العظيم وبحمده كتب
اللّه له ثلاثة آلاف حسنة ، ورفع له ثلاثة
آلاف درجة ، وخلق منها طائراً في الجنة يسبح
اللّه وكان أجر تسبيحه له"(36)
.

6 ـ التكبير للّه

لقد ورد الحديث عن التكبير في
القرآن في عدة مواضع ، كما في قوله تعالى : (يا
أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبّر)(37)
.

وقوله تعالى : (ولتكملوا العدة
ولتكبّروا اللّه على ما هداكم ولعلكم تشكرون)(38)
.

وقوله تعالى : (وقل الحمد للّه
الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك
ولم يكن له ولي من الذل وكبّره تكبيراً)(39)
.

والتكبير هو شعار المسلمين
ايضاً ; لانه ورد في الاذان عدة مرات ، وكذلك
في الاقامة للصلاة . وبدء الصلاة والاحرام بها
يكون بالتكبير ، وكذلك الانتقال من فعل إلى
آخر في الصلاة يكون بالتكبير .

وقد ورد في فضله أنه قرن
بالتهليل في الفضل في بعض الروايات ، حيث إنه
ليس شيء احب إلى اللّه تعالى من التهليل
والتكبير ، وأن ثمنه الجنة ، وأنه يكفّر
الذنوب(40) .

والتكبير هو قرين التسبيح
والحمد والتهليل في التسبيحات الاربع
المعروفة التي ورد فيها ثواب وفضل كبيران(41)
، ويعوض الاتيان بها عن الفاتحة في الركعتين
الاخيرتين من الصلاة .

7 ـ الحوقلة

الحوقلة : هي قول لا حول ولا
قوة إلاّ باللّه . وقد وردت الاشارة إليها في
القرآن الكريم في قوله تعالى : (ولولا إذ دخلت
جنتك قلت ما شاء اللّه لا قوة إلاّ باللّه)(42)
.

وقد وردت روايات عديدة تؤكد
أن هذا الذكر له فضل كبير في دفع الهم والحزن
والوسوسة والفقر ، وفي عدة روايات أنها كنز من
كنوز الجنة ، وأن قولها يسقط الذنوب حيث يخرج
الانسان منها كيوم ولدته امه(43)
.

8 ـ المشيئة

المشيئة هي قول ما شاء اللّه ،
وقد ذكرها القرآن الكريم في الاية 39 من سورة
الكهف ، وقد عرفنا فضلها الكثير في بحث الدعاء
، وأنها تعبر عن التسليم للارادة الالهية .
وقد وردت هذه الصيغة في بعض الاذكار الموقتة ،
كما عرفنا ذلك خصوصاً في اعمال شهر رجب .

9 ـ الاسترجاع

الاسترجاع هو قول إنا للّه
وإنا إليه راجعون ، وهو ذكر يقوله الانسان عند
المصيبة كما ورد ذلك في القرآن الكريم في قوله
تعالى : (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا
للّه وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من
ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون)(44)
. وقد ورد في معنى الاسترجاع عن علي(عليه
السلام) أنه قال للاشعث ابن قيس لما سمعه
يسترجع: "أتدري ما تأويلها ؟ فقال الاشعث :
لا ، أنت غاية العلم ومنتهاه ، فقال له : أما
قولك : إنا للّه فإقرار منك بالملك ، وأما قولك
: وإنا إليه راجعون فإقرار منك بالهلاك"(45)
.

كما ورد عن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) في أهمية الاسترجاع وفضله أنه
خصلة وصفة تجعل الانسان في دائرة نور اللّه
الاعظم(46) .

ويبدو من بعض الروايات أن
الاسترجاع من الاداب التي اختص اللّه بها
تعالى الامة الاسلامية الخاتمة . فقد ورد في
تفسير علي بن ابراهيم أن ابا عبد اللّه الصادق(عليه
السلام) سئل : "ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف
؟ قال : حزن سبعين ثكلى باولادها . وقال : إن
يعقوب لم يعرف الاسترجاع ، فمنها قال : وا
أسفاه على يوسف"(47)
.

وللاسترجاع آثار وفوائد
كثيرة تحدثت عنها الاية القرآنية ، واكدتها
الروايات عن اهل البيت(عليهم السلام) ، فان
فيه الصلوات من اللّه تعالى والرحمة الالهية
والهداية كما اشارت إلى ذلك الاية الكريمة .

كما أن فيه المغفرة من اللّه
تعالى وجبران المصيبة وحسن العاقبة والخلف
الصالح . وفي تكرارها عند تذكر المصيبة الاجر
والثواب وكذلك لقولها عند حدوث المصيبة(48)
.

الثاني : الاستغفار

ورد الاستغفار في القرآن
الكريم في عدة مواضع ، سواء بلسان الحث عليه
والترغيب فيه ببيان آثاره وفوائده المادية
والمعنوية ، كما في قوله تعالى : (وأن استغفروا
ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى
أجل مسمىً ويؤتِ كل ذي فضل فضله)(49)
. (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل
السماءَ عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم
ولا تتولوا مجرمين)(50)
.

أو بلسان الدعاء على لسان
الصالحين كما في قوله تعالى : (ربنا اغفر لنا
ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في
قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)(51)
.

أو بلسان التأكيد لوجود فرصة
التوبة والمغفرة في كل الظروف : (قال يا عبادي
الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة
اللّه إن اللّه يغفر الذنوب جميعاً)(52)
.

إلى غير ذلك من الاساليب
والصيغ مثل صيغة بيان اسباب المغفرة وحصولها
، أو صيغة انقطاع مهلة المغفرة وانسداد
ابوابها ، أو توضيح الطريق لحصول المغفرة
ووقوعها .

وقد ورد في فضل الاستغفار
وآثاره روايات عديدة ، منها أنه خير الدعاء ،
كما ورد فيه ايضاً : "إن للقلوب صدأ كصدأ
النحاس فاجلوها بالاستغفار" وكذلك "إذا
اكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهو
يتلالا(53)"(54)
.

والاستغفار واجب ايضاً لانه
يعبر عن التوبة إلى اللّه تعالى والانابة
إليه من الذنب الذي ارتكبه الانسان(55)
.

والتوبة إلى اللّه تعالى التي
يعبر عنها الاستغفار من الواجبات الشرعية
الالهية ، ولذلك فإن تركها معصية وذنب قد
يحوّل الذنوب الصغيرة إلى ذنوب كبيرة . وفعلها
حسنة يحوّل الذنوب الكبيرة إلى رحمة ومغفرة
إلهية . فقد ورد في الحديث الشريف "لا صغيرة
مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار"(56)
. وقد فسر الاصرار في بعض الروايات بترك
الاستغفار والتوبة(57)
.

ففي رواية عن الامام الصادق(عليه
السلام) عن أبيه الباقر(عليه السلام) عن رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) قال : "أربع من كن
فيه كان في نور اللّه الاعظم : من كان عصمة
أمره شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأني رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) ، ومن إذا اصابته
مصيبة قال : إنا للّه وإنا إليه راجعون ، ومن
إذا اصاب خيراً قال : الحمد للّه رب العالمين ،
ومن إذا اصاب خطيئة قال : استغفر اللّه واتوب
إليه"(58) .

وفي رواية معتبرة عن معاوية
بن وهب قال : "سمعت أبا عبد اللّه(عليه
السلام) يقول : إذا تاب العبد توبة نصوحاً
أجّله اللّه فستر عليه في الدنيا والاخرة .
قلت : وكيف يستر عليه ؟ قال : ينسي ملكيه ما
كتبا عليه من الذنوب ، ويوحي إلى جوارحه :
اكتمي عليه ذنوبه ، ويوحي إلى بقاع الارض :
اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب ، فيلقى
اللّه حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من
الذنوب"(59) .

والتوبة (النصوح) في الروايات
هي أن يكون باطن الرجل كظاهره أو أفضل(60)
.

وقد ورد في اهمية الاستغفار
عن أبي عبد اللّه الصادق(عليه السلام) قوله :
"ما من مؤمن يقارف في يومه وليلته اربعين
كبيرة فيقول وهو نادم : استغفر اللّه الذي لا
إله إلاّ هو الحيّ القيوم بديع السموات
والارض ذا الجلال والاكرام ، واسأله أن يصلّي
على محمد وآله وأن يتوب عليّ إلاّ غفرها اللّه
له ، ولا خير فيمن يقارف في يومه اكثر من
اربعين كبيرة"(61) .

كما ورد فيه ايضاً أنه من
اركان الايمان(62) .

وقد ورد في حديث اهل البيت
تشخيص (الحد) للاستغفار ، وأنه لابد أن يكون
حقيقياً نابعاً من القلب والوجدان ، مقروناً
بالندم على الذنب وبالعزم على تركه . فقد جاء
في تحف العقول في حديث كميل ابن زياد مع امير
المؤمنين علي(عليه السلام) أنه قال : "قلت :
يا أمير المؤمنين ، العبد يصيب الذنب فيستغفر
اللّه منه ، فما حد الاستغفار ؟ قال : يابن
زياد التوبة . قلت : بس ؟ قال : لا . قلت : فكيف ؟
قال : إن العبد إذا أصاب ذنباً يقول : استغفر
اللّه بالتحريك ، قلت : وما التحريك ؟ قال :
الشفتان واللسان يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة ،
قلت : وما الحقيقة ؟ قال : تصديق في القلب
وإضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه .
قال كميل : فإذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين ؟
قال : لا . قال كميل : فكيف ذاك ؟ قال : لانك لم
تبلغ إلى الاصل بعد . قال كميل : فأصل
الاستغفار ما هو ؟ قال : الرجوع إلى التوبة من
الذنب الذي استغفرت منه ، وهي أول درجة
العابدين . وترك الذنب والاستغفار اسم واقع
لمعان ست : أولها : الندم على ما مضى ، والثاني :
العزم على ترك العود ابداً ، والثالث : أن تؤدي
حقوق المخلوقين التي بينك وبينهم ، والرابع :
أن تؤدي حق اللّه في كل فرض ، والخامس : أن تذيب
اللحم الذي نبت على السحت والحرام حتى يرجع
الجلد إلى عظمه ثم تنشئ فيما بينهما لحماً
جديداً ، والسادس : أن تذيق البدن الم الطاعات
كما أذقته لذات المعاصي"(63)
.

كما لابد في الاستغفار من
المبادرة إليه وعدم التأخير ، كما ورد في
القرآن الكريم الاشارة إلى ذلك في قوله تعالى
: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم
ذكروا اللّه فاستغفروا لذنوبهم)(64)
.

كما ورد في الروايات التأكيد
على ذلك ، ففي حديث معتبر عن أبي عبد اللّه
الصادق(عليه السلام) قال : "من عمل سيئة أجّل
فيها سبع ساعات من النهار ، فإن قال : استغفر
اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحي القيوم وأتوب
إليه ثلاث مرات لم تكتب عليه"(65)
.

وفي حديث آخر معتبر عن زرارة
قال : "سمعت أبا عبد اللّه(عليه السلام)يقول
: إن العبد إذا اذنب ذنباً اُجّل من غدوة إلى
الليل ، فإن استغفر اللّه لم تكتب عليه"(66)
.

وعن الصادق(عليه السلام) قال :
"لما نزلت هذه الاية : (والذين إذا فعلوا
فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اللّه فاستغفروا
لذنوبهم) صعد ابليس جبلاً بمكة يقال له ثور ،
فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه فقال
: نزلت هذه الاية فمن لها ؟ فقام عفريت من
الشياطين فقال : أنا لها بكذا وكذا ، فقال : لست
لها، ثم قام آخر فقال مثل ذلك ، فقال : لست لها
، فقال الوسواس الخنّاس ، أنا لها ، قال :
بماذا ؟ قال : أعدهم واُمنّيهم حتى يواقعوا
الخطيئة ، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم
الاستغفار ، فقال : أنت لها فوكّله بها إلى يوم
القيامة"(67) .

وفي رواية عن سفيان بن السّمط
قال : "قال أبو عبد اللّه(عليه السلام) : إذا
أراد اللّه عزوجل بعبد خيراً فأذنب ذنباً
أتبعه بنقمة ويذكره الاستغفار ، وإذا اراد
اللّه عزوجل بعبد شراً فأذنب ذنباً أتبعه
بنعمة فينسيه الاستغفار ويتمادي(68)
به ، وهو قول اللّه عزوجل : (سنستدرجهم من حيث
لا يعلمون)بالنّعم عند المعاصي"(69)
.

كما أن افضل الاستغفار ما
يكون مقروناً بالاقرار بالذنب وتسميته
بعنوانه واسمه الخاص أو بعنوانه العام .

روى الكليني ، عن أبي جعفر(عليه
السلام) قال : "واللّه ما ينجو من الذنب إلاّ
من أقر به . قال : وقال أبو جعفر(عليه السلام) :
كفى بالندم توبة"(70)
.

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال
: "لا واللّه ما اراد اللّه من الناس إلاّ
خصلتين : أن يقرّوا له بالنعم فيزيدهم ،
وبالذنوب فيغفرها لهم"(71)
.

والذنب تمرد على اللّه تعالى
وخروج عن طاعته وعبوديته ، ولذلك إذا كان
الذنب جهاراً كان ادعى إلى العقوبة ومستوجباً
لما هو الاشد منها ، وأما إذا تستر به العبد
حياءً من اللّه تعالى ومن الذنب فهو نوع من
ضعف الارادة امام الشهوات ، ولكنه في نفس
الوقت يعبر عن مكنون نفسي في الانسان ينبئ عن
الخشية ويكون داعياً للانابة والرجوع إلى
اللّه تعالى وطلب المغفرة منه .

فقد روي عن الرضا عن رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) أنه قال : "المستتر
بالحسنة يعدل سبعين حسنة ، والمذيع بالسيئة
مخذول ، والمستتر بالسيئة مغفور له"(72).

وبهذا الاستعراض يمكن أن نعرف
اهمية الاستغفار ، وأنه مضافاً إلى دوره في
ذهاب السيئات والذنوب أو المنع عن تثبيتها ،
يعبر عن ركن من اركان الايمان وتكامل في حركة
الانسان .

كما عرفنا أن الاستغفار
باللسان وتكراره لابد أن يكون ذا مضمون قلبي
ووجداني ، وأن يكون معبراً عن التوبة النصوح .

وقد ورد في حديث معتبر عن
الامام الصادق(عليه السلام) قال : "كان رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) يستغفر اللّه عزوجل
في كل يوم سبعين مرة ويتوب إلى اللّه عزوجل
سبعين مرة . قال : قلت : كان يقول : استغفر اللّه
واتوب إليه ؟ قال : كان يقول : استغفر اللّه ،
استغفر اللّه سبعين مرة ويقول : اتوب إلى
اللّه ، اتوب إلى اللّه سبعين مرة"(73)
.

الثالث : الصلاة على محمد
وآله

لقد ورد الامر بالصلاة على
النبي في القرآن الكريم في قوله تعالى : (إن
اللّه وملائكته يصلون على النبي يا أيها
الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً)(74)
. ولذا فان الصلاة عليه وآله من الواجبات
الشرعية لدى جميع المسلمين ولا تكمل الصلاة
اليومية إلاّ بها حيث تجب في التشهد للصلاة .

وهنا نشير إلى بعض النصوص
التي وردت في فضل الصلاة على محمد(صلى الله
عليه وآله) وآثارها وفوائدها وكيفيتها وحكمها
عند ذكر النبي(صلى الله عليه وآله)وهذا الامر
مما يكاد يجمع عليه المسلمون ، وإن كان اتباع
اهل البيت يعيرونه اهمية خاصة ، ويلتزمون به
حتى اصبح احد الشعائر المميزة لهم عن غيرهم .

وقد ورد في فضل الصلاة روايات
عديدة ، منها ما رواه الكليني في الكافي بطريق
معتبر عن أحد الصادقين(عليهما السلام) قال :
"ما في الميزان شيء اثقل من الصلاة على محمد
وآل محمد . وإن الرجل لتوضع اعماله في الميزان
فيميل به فيُخرج الصلاة عليه فيضعها في
ميزانه فيرجح به"(75)
.

وقد ورد هذا المضمون بطرق
متعددة وبيانات مختلفة ، مثل ما روي عن رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) : "أنا عند
الميزان يوم القيامة ، فمن ثقلت سيئاته على
حسناته جئت بالصلاة عليَّ حتى اثقل بها
حسناته" ، ومثل ما روي عنه(صلى الله عليه
وآله) قوله : "لن يلج النار من صلى عليّ ، ومن
نسي الصلاة عليّ فقد اخطأ طريق الجنة" ، "وإن
الصلاة تعدل عند اللّه عزوجل التسبيح
والتهليل والتكبير"(76)
.

فوائد الصلاة على محمد وآله

ومن فوائد الصلاة على النبي
وآله أنها تمحق الخطايا وتهدم الذنوب هدماً ،
فقد روى الصدوق في ثواب الاعمال عن أمير
المؤمنين(عليه السلام) قال : "الصلاة على
النبي(صلى الله عليه وآله) أمحق للخطايا من
الماء للنار" .

وكذلك روى الصدوق في عيون
أخبار الرضا والامالي : "إن الصلاة على
النبي(صلى الله عليه وآله) تهدم الذنوب هدماً"(77)
.

كما أن من فوائدها أنها تذهب
بالنفاق ، فقد روى الكليني بسند معتبر وكذلك
الصدوق عن الامام الصادق عن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) قال : "ارفعوا اصواتكم
بالصلاة عليّ ، فإنها تذهب بالنفاق" .

وفي رواية اخرى رواها الكليني
ايضاً عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : "الصلاة
عليّ وعلى اهل بيتي تذهب بالنفاق"(78)
.

كما أن من فوائد الصلاة على
النبي وآله أنها موجبة للشفاعة ، فقد ورد عن
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في وصيته لعلي(عليه
السلام) : "يا عليّ ، من صلى عليَّ كل يوم أو
كل ليلة وجبت له شفاعتي ولو كان من اهل
الكبائر"(79) .

ومن فوائدها أنها تستنزل
الرحمة الالهية والصلاة من اللّه تعالى على
قائلها ، فقد وردت روايات عديدة بهذا المضمون
، منها ما رواه الكليني في الكافي عن أبي عبد
اللّه(عليه السلام) قال : "إذا ذكر النبي(صلى
الله عليه وآله)فاكثروا الصلاة عليه ; فإنه من
صلى على النبي(صلى الله عليه وآله) صلاة واحدة
صلى اللّه عليه الف صلاة في الف صف من
الملائكة ، ولم يبق شيء مما خلقه اللّه إلاّ
صلى على العبد لصلاة اللّه عليه وصلاة
ملائكته ..."(80) .

وكذلك ورد في آثار وفوائد هذه
الصلاة ما ذكره في الجعفريات باسناده عن علي(عليه
السلام) قال : "قال رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) صلاتكم عليّ مجوزة لدعائكم ومرضاة
لربكم وزكاة لابدانكم"(81)
.

كيفية الصلاة على النبي وآله

لقد تم التأكيد في النصوص على
أن كيفية الصلاة على النبي(صلى الله عليه وآله)هي
الصلاة على محمد وآله تشبيهاً لها بالصلاة
على النبي ابراهيم وعلى آله . وقد وردت في ذلك
روايات عديدة وبصيغ متعددة كلها تؤكد هذا
المضمون نشير هنا إلى نصين منها :

الاول : ما رواه الصدوق في
كتابه عيون أخبار الرضا بسند معتبر عن الريان
بن الصلت قال : "حضر الرضا(عليه السلام) مجلس
المأمون بمرو ، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من
علماء اهل العراق وخراسان ، فقال المأمون :
اخبروني عن معنى هذه الاية ]إلى أن قال[ وأما
الاية السابعة فقول اللّه عزوجل : (إن اللّه
وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين
آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً) قالوا : يا
رسول اللّه ، قد عرفنا التسليم عليك فكيف
الصلاة عليك ؟ فقال : تقولون : اللّهم صلى على
محمد وآل محمد كما صليت على ابراهيم وآل
ابراهيم إنك حميد مجيد . فهل بينكم معاشر
الناس في هذا خلاف ؟ فقالوا : لا . فقال المأمون
: هذا مما لا خلاف فيه اصلاً وعليه إجماع الامة"(82)
.

الثاني : ما رواه الشيخ شرف
الدين في الفوائد بسنده عن ابن أبي ليلى
الفقيه المعروف ، يقول : "لقيت كعب بن عجزة
فقال : ألا اهدي لك هدية ؟ إن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) خرج علينا فقلنا : يا رسول
اللّه ، قد علمتنا كيف السلام عليك فكيف
الصلاة عليك ؟ قال : قولوا : اللّهم صلى على
محمد وآل محمد كما صليت على ابراهيم وآل
ابراهيم ، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت
على ابراهيم وآل ابراهيم إنك حميد مجيد"(83)
.

كما ورد ايضاً التأكيد على
إضافة (آل محمد) أو (اهل بيته) في هذه النصوص ،
وأن ترك هذه الاضافة ظلم لحق آل رسول اللّه ،
وأن النبي نهى عن الصلاة دون هذه الاضافة
وسماها الصلاة المبتورة .

فقد روى الكليني في الكافي عن
أبي القداح ، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال
: "سمع أبي رجلاً متعلقاً بالبيت وهو يقول :
اللّهم صل على محمد . فقال أبي : يا عبد اللّه ،
لا تبترها . لا تظلمنا حقنا . قل : اللّهم صل على
محمد واهل بيته"(84)
.

وعن أمير المؤمنين(عليه
السلام) ، عن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)
قال : "لا تصلوا عليَّ صلاة مبتورة ، بل صلوا
إلى اهل بيتي ولا تقطعوهم ; فإن كل نسب وسبب
يوم القيامة منقطع إلاّ نسبي"(85)
.

مواضع الصلاة على النبي وآله

وقد ورد في النصوص الاشارة
إلى استحباب الصلاة على محمد وآله والاثار
الوضعية المترتبة عليها في عدة مواضع :

1 ـ الدعاء ، فقد اشرنا سابقاً
في بحث الدعاء إلى اهمية الصلاة على محمد وآله
في بدايته وختمه حيث إنه يرفع الدعاء بها .

2 ـ التعقيب بعد الصلاة فضلاً
عن وجوب ذكرها في الصلاة عند التشهد .

3 ـ في ليلة الجمعة ويومها ،
وفي شهري رمضان وشعبان ، وغيرها .

4 ـ الصلاة على النبي وآله عند
ذكر اللّه تعالى .

فقد روى الكليني عن عبد اللّه
بن عبد اللّه الدهقان قال : "دخلت على أبي
الحسن الرضا(عليه السلام) فقال لي : ما معنى
قوله : (وذكر اسم ربه فصلى) ؟ قلت : كلما ذكر اسم
ربه قام فصلى . فقال لي : لقد كلف اللّه عزوجل
هذا شططاً . فقلت : جعلت فداك ، فكيف هو ؟ فقال :
كلما ذكر اسم ربه صلى على محمد وآله"(86)
.

5 ـ الصلاة على النبي وآله عند
ذكر أحد من الانبياء .

فقد روى عيسى بن عبيد ، عن
معاوية بن عمار قال : "ذكرت عند أبي عبد
اللّه الصادق(عليه السلام) بعض الانبياء
فصليت عليه ، فقال : إذا ذكرت احداً من
الانبياء فابدأ بالصلاة على محمد ثم عليه .
صلى اللّه على محمد وآله وعلى جميع الانبياء"(87)
.

6 ـ الصلاة على النبي وآله عند
آخر الكلام .

فقد روى محمد بن عمر بن محمد
بن مسلم بن البراء الجعابي قال : "حدثني أبو
محمد الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن العباس
الرازي التميمي قال : حدثني سيدي علي بن موسى
الرضا(عليه السلام) قال : حدثني أبي موسى بن
جعفر قال : حدثني أبي جعفر بن محمد قال : حدثني
أبي محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن الحسين
قال : حدثني أبي الحسين بن علي قال : حدثني أبي
علي بن أبي طالب(عليه السلام)قال : قال رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) : من كان آخر كلامه
الصلاة عليَّ وعلى علي دخل الجنة"(88)
.

7 ـ الصلاة على النبي وآله عند
نسيان شيء حيث تكون سبباً لاضاءة القلب
والتذكر .

روى أبو هاشم داود بن قاسم
الجعفري ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر(عليهما
السلام) قال : "أقبل أمير المؤمنين(عليه
السلام) ذات يوم ومعه الحسن بن علي(عليهما
السلام) وسلمان الفارسي(رضي الله عنه) . ]إلى أن
قال[ : وأما ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان فإن
قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق ، فإن صلى الرجل
عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف
ذلك الطبق عن ذلك الحق ، فأضاء القلب وذكر
الرجل ما كان نسي ، فإن هو لم يصل على محمد وآل
محمد أو نقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق
على ذلك الحق فاظلم القلب"(89)
.

النظرية ومواقع الذكر

ويبدو من الايات الشريفة أنه
لا يوجد وقت خاص للذكر ، وإن كان وقتا الصبح
والمساء (البكرة والاصيل أو الغدوّ والعشي)
هما الافضل لانها تمثل البداية في اوقات
الانسان المقسمة على الليل والنهار .

ولكن مع ذلك نصت الايات
الكريمة والروايات الشريفة على الاطلاق في
وقت الذكر . فمن الايات التي تدل على الاطلاق
قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اذكروا
اللّه ذكراً كثيراً)(90)
.

وقد جاء في الروايات ما يؤكد
ذلك . فقد روى الكليني عن أبي القداح عن الامام
الصادق(عليه السلام) أنه قال : "ما من شيء
إلاّ وله حد ينتهي إليه ، إلاّ الذكر فليس له
حد ينتهي إليه . فرض اللّه عزوجل الفرائض فمن
اداهن فهو حدهن ، وشهر رمضان فمن صامه فهو حده
، والحج فمن حج فهو حده ، إلاّ الذكر فإن اللّه
عزوجل لم يرض منه بالقليل ولم يجعل له حداً
ينتهي إليه . ثم تلا هذه الاية : (يا أيها الذين
آمنوا اذكروا اللّه ذكراً كثيراً * وسبحوه
بكرة واصيلاً)فقال : لم يجعل اللّه عزوجل له
حداً ينتهي إليه ، قال : وكان أبي(عليه السلام)
كثير الذكر . لقد كنت أمشي معه وإنه ليذكر
اللّه ، وآكل معه الطعام وإنه ليذكر اللّه ،
ولقد كان يحدّث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر
اللّه ، وكنت أرى لسانه لازقاً بحنكه يقول : لا
إله إلاّ اللّه ، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر
حتى تطلع الشمس ، ويأمر بالقراءة من كان يقرأ
منا ، ومن كان لا يقرأ منا امره بالذكر .
والبيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويذكر اللّه
عزوجل فيه ، تكثر بركته وتحضره الملائكة
وتهجره الشياطين ويضيء لاهل السماء كما يضيء
الكوكب الدري لاهل الارض ، وإن البيت الذي لا
يقرأ فيه القرآن ولا يذكر اللّه عزوجل فيه ،
تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين
..."(91) .

ولكن مع ذلك كله شُخّصت في
الروايات والنصوص(92)
مواقع واوقات للذكر ، يبدو من خلالها أن الذكر
فيها يكون أفضل وآكد بسبب الزمان أو الحال أو
المكان أو الاستحقاق ، ومنها الصباح والمساء .
وهذا الاطلاق من ناحية والتخصيص من ناحية
اخرى يوضح لنا ابعاد النظرية الاسلامية في
الذكر .

حيث يكون الذكر العامل
الملازم للانسان باستمرار في جميع احواله
واوقاته ، والمؤثر في تحقيق اهدافه في
التكامل الدنيوي والاخروي سواء في جانب
العلاقة مع اللّه تعالى أو في الجانب الروحي
والنفسي والمحتوى الداخلي له أو في جانب
الارادة وصفاتها وقوتها في مقاومة الهوى
والضغوط أو في جانب العمل والسلوك .

فان الذكر بهذا المعنى الواسع
الذي ذكرناه وعرفناه :

أ ـ يؤكد علاقة الانسان
باللّه تعالى ويقوى رابطته به عزوجل فيحصل
بذلك اعلى الدرجات وافضل الثواب .

ب ـ يكون الذكر علاجاً لامراض
النفس وشفاء لما في الصدور وتطهيراً للقلوب
من الدنس وجلاءً لها من الصدأ .

ج ـ كما أن الذكر يكون تربية
للارادة على الصبر والثبات والتسليم والرضا
والسلوة في المحن والالام .

د ـ وفي الوقت نفسه يكون الذكر
رادعاً للانسان عن المعصية وامراً له بالطاعة
وضماناً للتقوى والورع والتزاماً بمنهج الحق
في السلوك والعمل وفي القول والفعل وذلك
عندما يتذكر الانسان حضور اللّه تعالى وعلمه
بكل حركاته وسكناته ويلتفت إلى ثوابه وعقابه .

(1) الظاهر
أن الاستغفار والصلاة على الانبياء من الدعاء
وليس من الذكر ، ولكنها تذكر لمشابهتها الذكر
في البناء اللفظي في جمل قصيرة (استغفر اللّه
ربي واتوب إليه) و (اللّهم صل على محمد وآل
محمد) ، وأيضاً لانه ورد في استحبابها تكرارها
في بعض المواضع مرات عديدة ، شأنها في ذلك شأن
الذكر ، ولذا يتم الحديث عنها في هذا الباب ،
كما أنه ورد في بعض الروايات أن الصلاة على
النبي(صلى الله عليه وآله) تعوض عن ذكر اللّه
وتسبيحه .

(2) الانسان
: 25 ـ 26.

(3) آل عمران
: 190 ـ 191.

(4) آل عمران
: 135 .

(5) النساء :
64 .

(6) هود : 3 .

(7) الاحزاب
: 56 .

(8) الاحزاب
: 41 ـ 43 .

(9) جامع
احاديث الشيعة 15 : 350، ح1 .

(10) م . ن : ح
19 .

(11) م . ن ،
ح 6 .

(12) نور
الثقلين 1 : 8 ، ح 24، بحث بسم اللّه الرحمن
الرحيم .

(13) م . ن : ح
21 .

(14) م . ن : ح
14 .

(15) الدر
المنثور 1 : 8 .

16ـ في البحار 76: 305 و92:242 : "لا
يذكر بسم اللّه ..."، وهو الصواب. التحرير.

(17) جامع
احاديث الشيعة 5 : 378 ، ح 4 و 5 .

(18) نور
الثقلين 3 : 83 ، ح 217 ـ 222 .

(19) النحل :
16 .

(20) م. ن: ح220
و221.

(21) مجمع
البيان 3: 385.

22ـ كذا في المصدر، وصوابه
"فلا تبالِ" بالجزم. التحرير.

(23) نور
الثقلين 3 : 84 ، ح 217 .

(24) آل
عمران : 18 .

(25) جامع
احاديث الشيعة 15 : 407 ، باب 19 .

(26) م.ن: 419،
ح44 .

27ـ كذا في المصدر، ولعل
الصواب "فيفزع". التحرير.

(28) م . ن :
422، ب21.

(29) م .ن: 423،
ب22./

(30) م. ن: 380،
ح1.

(31) م. ن:380،
ح6 و7.

(32)
الاسراء : 44 .

(33) الحجر :
98 .

(34) م. ن: 393،
باب 16.

(35) م . ن: 397
، ح11.

(36) م . ن :
396، ح 9.

(37) المدثر
: 1 ـ 3 .

(38) البقرة
: 185 .

(39)
الاسراء : 111 .

(40) جامع
احاديث الشيعة 15 : 431، باب24.

(41) م . ن :
399 ، باب 17 ، خصوصاً الرواية الاولى وهي معتبرة
السند ، وكذلك باب 18 ، والظاهر أن هذه
التسبيحات هي افضل الذكر على الاطلاق لما
اشتملت عليه من الاشكال الاربعة للذكر ولانها
تأتي عوض الفاتحة وهي افضل سورة في القرآن
الكريم مضافاً ما ورد في فضلها واللّه اعلم .

(42) الكهف :
39 .

(43) جامع
احاديث الشيعة 15 : 424، باب23 .

(44) البقرة
: 156 ـ 157 .

(45) نور
الثقلين 1 : 144 ، ح 455 عن اصول الكافي ، وكذلك ورد
هذا المضمون في نهج البلاغة عن علي(عليه
السلام) .

(46) م . ن: ح
451 .

(47) م . ن: ح
456 .

(48) م . ن : ح
453 و454 و458.

(49) هود : 3 .

(50) هود : 52
.

(51) الحشر :
10 .

(52) الزمر :
53 .

53ـ كذا في المصدر، وصوابه
"وهي تتلالا"، كما في البحار 93:284.
التحرير.

(54) جامع
احاديث الشيعة 15 : 493 ، ح 1 و 3 و 11 .

(55) الذنوب
التي يرتكبها الانسان أو يشعر بها ويستغفر
اللّه منها لها درجات ومراتب ، حيث قد يكون
ذنباً كبيراً أو حتى شركاً باللّه تعالى
خفياً أو ظاهراً ، فيرجع عنه الانسان إلى
اللّه تعالى ، وقد يكون ذنباً صغيراً من اللمم
كما يعبر القرآن الكريم، وقد يكون غفلة
ونسياناً أو تركاً لما هو اولى وافضل فيشعر
الانسان الصالح الطاهر أنه قد اساء واذنب ،
وقد يكون تقصيراً بإزاء اللّه تعالى في شكر
نعمة أو اداء واجب أو وظيفة ، أو في مواساة
فقير او اخ في اللّه أو في ترك مودة مؤمن أو
فعل مكروه وغير ذلك . وبعض هذه العناوين ـ وإن
لم يطلق عليها اسم الذنب في الاصطلاح الفقهي ـ
يكون مورداً لطلب المغفرة ايضاً خصوصاً من
اصحاب الدرجات العالية في الكمالات
الانسانية .

(56) وسائل
الشيعة 11 : 268 ، ح 3 .

(57) م . ن ،
ح 4 .

(58) م . ن ،
356، ح 18.

(59) م . ن :
357، ح1 .

(60) م . ن :
361، ح1 و2.

(61) م . ن :
264، ح3 .

(62) م . ن : ح
9 .

(63) تحف
العقول : 197، ط. مؤسسة النشر الاسلامي .

(64) آل
عمران : 135 .

(65) وسائل
الشيعة 11:351، ح2.

(66) م . ن ،
ح4 .

(67) م . ن ،
ح7.

68ـ كذا في المصدر، وصوابه
" يتمادى"، كما في طبعة مؤسسة آل البيت(ع):
16: 68. التحرير.

(69) م . ن : ح10.

(70) م . ن :
347، ح1 .

(71) م . ن : ح
2 .

(72) م . ن :
350، ح1.

(73) جامع
احاديث الشيعة 15 : 496 ، ح 19 .

(74)
الاحزاب : 56 .

(75) جامع
احاديث الشيعة 15 : 462 ، ح 1 .

(76) م . ن : ح
3 و 5 و 8 .

(77) م . ن :
463، ح 6 و 8 .

(78) م . ن : ح
13 و 14 .

(79) م . ن :
465 ، ح 18 .

(80) م . ن :
468، ح32.

(81) م . ن :
466، ح22.

(82) م . ن :
478، ح67 .

(83) م . ن :
476 ، ح 62 ، يراجع ايضاً ح 61 و 63 ـ 70 .

(84) م . ن :
488، ح97 .

(85) م . ن : ح
98 .

(86) م . ن :
491، ح1.

(87) م . ن :
489، ح1 .

(88) م . ن :
491، ح1 .

(89) م . ن :
490، ح1 .

(90)
الاحزاب : 41 .

(91) م . ن :
359، ح42 .

(92) يراجع
جامع احاديث الشيعة 15: 365، ح4، 367، ح2، 368، ح 8 ، 371،
باب6، 372، باب7، 373، ح1، 374، باب9، 374، ح2 .


/ 1