دراسات - نظام العلاقات الاجتماعیة العامة فی مدرسة أهل البیت (ع) (1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نظام العلاقات الاجتماعیة العامة فی مدرسة أهل البیت (ع) (1) - نسخه متنی

السید محمد باقر الحکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

دراسات

نظام العلاقات الاجتماعية العامة

في مدرسة أهل البيت (ع)

« القسم الاول »

* السيـد محمد باقر الحكيم

تمهيد

1 ـ التعريف بالعلاقات الاجتماعية :

يمثل نظام العلاقات الاجتماعية
العامة والواجبات والحقوق المترتبة عليها
أحد الاركان الاساسية والدعائم المهمة التي
يقوم عليها المجتمع الانساني في النظرية
الاسلامية.

ونريد بنظام العلاقات الاجتماعية
مجموعة الواجبات والسنن والاداب والحقوق
والالتزامات التي تنظّم العلاقات العامة بين
الناس والجماعة باعتبارهم أفراداً وأعضاء في
الجماعة الانسانية، وكذلك شكل الارتباط
والسلوك الانساني للجماعة بعضها مع البعض
الاخر.

وهذا النظام هو غير النظام الذي ينظّم
العلاقات التي قد تنشأ وتتولّد من عهود
ومواثيق وعقود خاصة حيث تترتّب عليها بطبيعة
الحال اشكال من الحقوق والواجبات
والالتزامات الاخرى خاصة بها، وذلك مثل: عقود
الزواج، والبيع، والاجارة، والولاء وغيرها.
أو الواجبات والحقوق والمسؤوليات التي
يتحملها الانسان من خلال وجوده في موقع معيّن
أو عمل معيّن كالامامة، والولاية، أو البيعة
أو الادارة أو الضمان.

فنظام العلاقات الاجتماعية هو عبارة
عن الحدود والموازين والضوابط التي يعبّر
الانسان من خلالها عن فهمه للحياة الاجتماعية
الانسانية ومسؤوليته التضامنية تجاه الجماعة
وتكاملها.

وبذلك يمثل نظام العلاقات الاجتماعية
الاطار أو القاعدة الاساس التي يمكن أن تستقر
عليها بقية الانظمة الخاصة التي تتولد من
العقود والالتزامات الخاصة أو المسؤوليات
العامة المشخّصة. وبالتالي يمكن لتلك الانظمة
الخاصة أن تؤدي دورها المطلوب في الحياة
الانسانية وتحقيق التكامل لها، لان نظام
العلاقات العامة يعالج موضوع أصل العلاقة
الاجتماعية والرابطة الانسانية.

والاساس التاريخي لنظام العلاقات
الاجتماعية العامة هو علاقة الاُسرة والزواج
التي تطورت إلى علاقة العشيرة والقبائل
والشعوب بعد ذلك، كما يشير القرآن الكريم
بقوله تعالى: (يا أيها الناسُ إنّا خلقناكم من
ذكر واُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائلَ
لتعارفوا إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم إنّ
اللّهَ عليمٌ خبيرٌ)([1]).

وقوله تعالى: (يا أيها الناسُ اتقوا
ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها
زوجَها وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً)([2]).

كما أن الاُسرة في نفس الوقت تمثّل
اللبنة الاُولى والاساس في مجمل النظرية
الاسلامية في بناء المجتمع الانساني الصالح،
وكذلك هي في نظر أهل البيت(عليهم السلام)، حيث
اهتم الاسلام بها ووضع للعلاقات فيها نظاماً
دقيقاً محكماً وشاملاً ينظّم مجموع العلاقات
في الاُسرة بأدق تفاصيلها ومختلف شؤونها.

كما أن نظرية أهل البيت(عليهم السلام)
في الاُسرة وفي العلاقة الزوجية فيها خصوصيات
وامتيازات تجعلها قادرة على مواجهة جميع
المشكلات الاجتماعية ومواكبة جميع التطورات
الاجتماعية.

ولكن مع ذلك لم نتناول موضوع الاُسرة
هنا في هذا البحث لسببين:

الاول : إن هذا الموضوع لاهميته من
الناحية الاجتماعية والانسانية وشموليته
وسعته يستحق بحثاً واسعاً مستقلاً، شأنه في
ذلك شأن النظام الاقتصادي ونظام العقود
والمعاملات ونظام العبادات وغيرها من
الانظمة التفصيلية التي تحتاج إلى بحث خاص.

الثاني : إن بحثنا هنا ـ كما ذكرنا ـ هو
بحث عن نظام العلاقات العامة للجماعة، لان
موضوعنا هو الجماعة الصالحة، فنحن نتناول
الجانب العام للجماعة دون الدخول في التفاصيل
ودون الحديث عن العلاقات الخاصة التي تنشأ من
العقود والعهود.

ولذلك فسوف نؤكد في نظام العلاقات
العامة للجماعة الصالحة على أن أحد اُسسه
وقواعده المهمة هو الالتزام بالعهود
والواجبات وأداء الحقوق، كما أننا سوف نشير
إلى وجود مبدأ المعاملة الخاصة في أبعاد
نظرية العلاقات العامة الاجتماعية الذي يعني
وجود خصوصيات في المعاملة قد تنشأ بسبب الوضع
الانساني الطبيعي كالاُبوة والاُخوة
والشيخوخة، أو بسبب المضمون الانساني
المتميّز كالعلم والجهاد، أو بسبب العقود
والالتزامات كالزواج وغيره.

ولما كانت الاُسرة في النظام الاسلامي
أخذت صيغة متطورة وخاصة من خلال التشريعات
فهي قد خرجت عن حالتها الاُولى الفطرية
والبدائية.

ولكن مع ذلك يجب أن نؤكد هنا أن إحكام
بناء الاُسرة وتقويته وجعلها اُسرة صالحة له
دور كبير في إحكام وتطوّر بناء العلاقات
الاجتماعية العامة. لان النظام الاجتماعي
والعلاقات الاجتماعية بالرغم من أنها مجموعة
من القوانين والتشريعات والواجبات والحقوق
والنشاطات والرسوم والاداب والشعائر، ولكنه
في نفس الوقت يعبّر عن رؤية أخلاقية للسلوك
الاجتماعي وفهم عقائدي للكون والحياة
والانسان والمبدأ والمعاد.

ولعلّ هذا هو الذي يفسّر لنا تناول هذا
الجانب من النظام في بحث الاخلاق والكتب
الاخلاقية. ولكننا سوف نلاحظ بأنه بحث أشمل
وفيه التزامات وواجبات ترتبط بموضوعات مهمة
في الشريعة الاسلامية.

2 ـ منهج البحث في العلاقات
الاجتماعية :

والبحث في هذا الموضوع بحث واسع ومهم
إذا أردنا أن نستوعب فيه النظرية الاسلامية
في العلاقات الاجتماعية، ولكن نحاول هنا أن
نتناوله بشكل يتناسب مع هذا الكتاب والهدف
منه، حيث نتناول فيه النظرية الاسلامية في
العلاقات الاجتماعية بالقدر الذي يشير بشكل
إجمالي إلى تصوّر أهل البيت(عليهم السلام) على
مستوى أبعاد النظرية والقواعد والاسس العامة
لها وبعض المفردات والتطبيقات.

وسوف نلاحظ من خلال هذا البحث التداخل
في العرض بين الاطر الاسلامية العامة
المشتركة بين المسلمين والخصائص التي تميّز
بها أهل البيت(عليهم السلام) في بناء (الجماعة
الصالحة) اجتماعياً. وهذا التداخل أمر طبيعي
لان أهل البيت(عليهم السلام)أرادوا للجماعة
الصالحة أن تكون الاُسوة والقدوة والمثال
الصالح للجماعة المسلمة، واعتمدوا في هذا
البناء على الاسلام الاصيل الكامل الذي ورثوه
وعرفوه عن الكتاب الكريم وجدّهم رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله).

كما سوف نشير إن شاء اللّه في بعض
الاحيان إلى بعض هذه الميزات والخصائص عند
العرض.

ويتناول البحث في العلاقات
الاجتماعية العامة بنظر الاسلام وأهل البيت(عليهم
السلام)جوانب ثلاثة يمكن تقسيم البحث على
أساسها.

الاول : تشخيص وتحديد أبعاد النظرية في
العلاقات في محتواها وأهدافها وآفاقها.

الثاني : القواعد والاُسس العامة التي
تحدد هذه العلاقات وتتحكّم في مسيرتها
ونشاطاتها.

الثالث : البناء الفوقي لنظام
العلاقات الاجتماعية، وهو عبارة عن
التشريعات التي تتناول تفاصيل هذه العلاقات
الاجتماعية وتشخّص نوع السلوك وأشكاله
المختلفة، بحيث تحقق الاهداف وتجسّد القواعد
والاُطر وترسم معالم الابعاد المتعددة
للنظرية.

المبحث الاول : أبعاد النظرية

يمكن تحديد أهم أبعاد النظرية في
العلاقات الاجتماعية في الاُمور التالية،
علماً بأنه سبقت الاشارة إلى بعض هذه الابعاد
في بعض الفصول السابقة من البحث:

1 ـ الانفتاح في العلاقات :

البعد الاول : الانفتاح والتوسّع في
العلاقات والمعاشرة في مقابل الانطواء
والعزلة والرهبنة. حيث إن النظرية الاسلامية
في العلاقات ـ في نظر أهل البيت(عليهم السلام)
ـ تتّجه إلى تأكيد الفطرة الانسانية وترشيدها
نحو الكمال في هذا المجال المهم، شأنها في ذلك
شأن الابعاد الاُخرى للنظرية في مختلف
المجالات الحيوية الاُخرى.

ومن الواضح أن الفطرة الانسانية تدعو
الانسان إلى هذا الاتجاه، وهو المعاشرة مع
الاخرين والارتباط والاستعانة بهم في قضاء
حاجاتهم، والتعرف عليهم. ويمكن أن نفهم ذلك من
القرآن الكريم عندما تحدث عن خلق الازواج
للانسان : (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم
أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة
ورحمة إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون)([3]).

والاوضح من ذلك ما أشار إليه القرآن
الكريم في تقسيم الناس إلى شعوب وقبائل مع
أنهم من أصل واحد من أن الهدف وراء ذلك هو «التعارف»
وإيجاد هذه العلاقات العامة. كما أشارت إليه
سورة الحجرات السابقة (يا أيها الناس إنّا
خلقناكم من ذكر واُنثى وجعلناكم شعوباً
وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم).
وهناك العشرات من الامثلة والموارد القرآنية
التي تؤكّد هذه الحقيقة الفطرية.

ونجد هذا الاتجاه واضحاً في حديث أهل
البيت وتربيتهم لشيعتهم. وقد جاء تأكيد هذا
البعد والاتجاه في نظرية العلاقات
الاجتماعية من قبلهم(عليهم السلام) في مثل ما
ورد عن الامام الصادق(عليه السلام) في حديث
معتبر عن مرازم : «قال أبو عبد اللّه الصادق(عليه
السلام) : عليكم بالصلاة في المساجد وحسن
الجوار للناس وإقامة الشهادة وحضور الجنائز
إنه لابدّ لكم من الناس، إن أحداً لا يستغني
عن الناس حياته، والناس لابدّ لبعضهم من بعض»([4]).

استفادة الاخوان :

وكذلك نجد أئمة أهل البيت(عليهم
السلام) يؤكدون هذا الاتجاه في توجيه شيعتهم
إلى الاكثار من الاصحاب والاصدقاء.

فعن الامام الرضا(عليه السلام) أنه كان
يقول: «من استفاد أخاً في اللّه استفاد بيتاً
في الجنة»([5]).

وعن الامام الصادق(عليه السلام) أنه
قال: «أكثروا من الاصدقاء في الدنيا فإنهم
ينفعون في الدنيا والاخرة، أما في الدنيا
فحوائج يقومون بها، وأما في الاخرة فإن أهل
جهنّم قالوا: (ما لنا من شافعين * ولا صديق حميم)»([6]).

وقد ورد تأكيداً لذلك عن الامام
الصادق(عليه السلام) أيضاً أنه قال: «استكثروا
من الاخوان فإن لكل مؤمن دعوة مستجابة» وقال :
«استكثروا من الاخوان فإن لكل مؤمن شفاعة».
وقال: «أكثروا من مؤاخاة المؤمنين فإن لهم عند
اللّه يداً يكافئهم بها يوم القيامة»([7]).

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه
قال :





  • عليك بإخوان الصفاء فإنهم
    وليس كثيراً ألفُ خلّ وصاحب
    وإن عدواً واحداً لكثير




  • عمادٌ إذا استنجدتهم وظهورُ
    وإن عدواً واحداً لكثير
    وإن عدواً واحداً لكثير



التحذير من الانقباض والشحناء :

كما نجد تأكيد هذا الاتجاه في تحذيرهم
من الانقباض عن الناس أو الشحناء معهم
والمراء والخصومة، حيث فسروا هذا التحذير
بأنه يوجد الاختلال في العلاقات الاجتماعية.

فقد روي عن الامام المعصوم أنه قال: «الانقباض
عن الناس مكسبة العداوة».

وقد روي عن أبي عبد اللّه الصادق(عليه
السلام) أنه قال: «قال أمير المؤمنين(عليه
السلام): إياكم والمراء والخصومة فإنهما
يمرضان القلوب على الاخوان وينبت عليهما
النفاق».

كما روي عن أبي عبد اللّه الصادق(عليه
السلام) أنه قال: «قال رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) ما كان جبرئيل يأتيني إلاّ قال: يا
محمد اتّق شحناء الرجال وعداوتهم»([8]
وسوف يأتي مزيد من التوضيح لهذا الموضوع في
قاعدة ضبط العواطف والانفعالات.

المداراة :

كما نجد هذا التوجّه من العلاقات
أيضاً في الامر والتوجيه لمداراة الناس، ففي
الحديث الصحيح عن أبي عبد اللّه الصادق(عليه
السلام) قال: «قال رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله): أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني
بالفرائض»([9]). وسوف يأتي
المزيد من التوضيح لذلك في قاعدة حسن الخلق
والمداراة.

العزلة والرهبنة :

وقد يبدو من بعض الروايات أن العزلة
والابتعاد عن ممارسة العمل الاجتماعي
والعلاقات العامة مع الناس هو المنهج الافضل.
فقد ورد في نص عن الامام الصادق(عليه السلام)
رواه الكليني في روضة الكافي بسند معتبر عن
حفص ابن غياث أنه قال : «إن قدرت أن لا تخرج من
بيتك فافعل، فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب
ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنّع ولا
تداهن... ثم قال: نعم صومعة المسلم بيته، يكفّ
فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه...»([10]).

وورد في تفسير علي بن ابراهيم عن أمير
المؤمنين(عليه السلام) في حديث قال: «طوبى لمن
لازم بيته وأكل كسرته وبكى على خطيئته، وكان
من نفسه في تعب والناس منه في راحة»([11]).

ولكن هذه الروايات يمكن تفسيرها ـ كما
صنع صاحب الوسائل في تعليقته على هذه
الاحاديث ـ بأنها تختص بالحالات الاستثنائية
التي يجد الانسان فيها نفسه ضعيفاً أمام
الضغوط والاغراءات فيحتاط لنفسه بالعزلة حيث
يشق عليه اجتناب مفاسد المعاشرة.

أو تفسيرها على أساس أنها اسلوب من
أساليب التربية والتحذير والتنبيه إلى مخاطر
المعاشرة التي هي أمر ضروري للناس لا يمكن أن
يستغنوا عنه في حياتهم، فلابدّ للانسان أن
يكون حذراً من عواقبها وآثارها كما تشير إليه
الرواية الاولى: «إن قدرت على أن لا تخرج...»
ويؤكد هذا التفسير الرواية السابقة التي تقول:
«ان أحداً لا يستغني عن الناس في حياته،
والناس لابدّ لبعضهم من بعض». وإلاّ فإن اللّه
سبحانه قد خلق الانسان للامتحان والابتلاء
والفتنة ليتكامل من خلال تحمّل المسؤولية
واختيار الحق في مقابل الباطل، والصالح في
مقابل الفاسد، كل ذلك حسب المسار الطبيعي
لحركة الانسان في الكون والمجتمع. والهروب من
الامتحان والفتنة بالهروب من المجتمع
والحياة لا يحقق هذا الهدف التكاملي.

ومع قطع النظر عن هذين الاحتمالين
اللذين يمكن الجمع بهما بين هذه الروايات لا
يمكن الالتزام ـ علمياً ـ بالاتجاه الذي قد
يفهم من مضمون القسم الثاني من هذه الروايات
على عمومه وإطلاقه، حيث إن القسم الاول من
الروايات موافق للقرآن الكريم والسنّة
النبوية. وهو أكثر عدداً وأوثق سنداً وأكثر
اشتهاراً بين علماء الجماعة الصالحة وعليه
العمل والسيرة العامة للعلماء والصالحين. وقد
علّق العلاّمة الطبرسي في مجمع البيان على
هذا الموضوع بقوله: «وقد جاء في الحديث النهي
عن التبتّل والانقطاع عن الناس والجماعات
والنهي عن الرهبانية والسياحة»([12]).

ويؤكده الاية الكريمة: (ورهبانية
ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلاّ ابتغاء رضوان
اللّه فما رعوها حق رعايتها...)([13])
حيث إن الترهب بمعنى الخوف والرهبة والتخشّع
منه تعالى والتعبّد له وإن كانت مكتوبة على
هؤلاء الناس من أتباع المسيح(عليه السلام)ولكنهم
لم يرعوها حق رعايتها فجعلوها انقطاعاً عن
الناس والنساء وتخلّفاً عن الواجبات
والمسؤوليات، وحرفة ومهنة وليست مجرّد
الفرار من أخطار القتل أو الفتنة([14]).

2 ـ تقوية البناء الاجتماعي :

والبعد الثاني في نظرية العلاقات هو
أن الهدف من وراء العلاقات الاجتماعية
بالاضافة إلى التكامل الذاتي في حركة الانسان
نحو اللّه تعالى هو ترسيخ دعائم المجتمع
الاسلامي وتقوية البنية الاجتماعية للسير في
طريق التكامل الاجتماعي، وتحقيق أسباب القوة
والعدل والرفاه والاستقرار، ولمواجهة وحلّ
مختلف المشكلات الاجتماعية والاقتصادية
والسياسية والروحية.

وهذا البعد الذي يمثّل هدفاً عاماً
لنظرية العلاقات الاجتماعية في الاسلام يبدو
واضحاً من خلال ملاحظة محتوى ومضمون العلاقات
الاجتماعية القائمة على أساس «الولاء والحب
والمودّة» كما سوف نشير إلى ذلك وهو يبدو
واضحاً أيضاً عند مراجعة تفاصيل النظرية
وأحكامها.

ويمكن أن نجد موضوع تقوية البناء
الاجتماعي واضحاً في عدة مبادئ أساسية
أكّدتها هذه النظرية في العلاقات، نشير إلى
بعضها بشكل إجمالي:

التناصر والتعاون :

أ ـ منها : مبدأ التناصر والتعاون بين
المسلمين والمؤمنين.

فقد ورد في الحديث الصحيح ـ كما مر ـ عن
أبي عبد اللّه الصادق(عليه السلام)قال: «يحقّ
على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون
على التعاطف والمواساة لاهل الحاجة، وتعاطف
بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم اللّه عزّ
وجلّ رحماء بينهم متراحمين مغتمّين لما غاب
عنهم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الانصار
على عهد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)».

وعن أبي عبداللّه(عليه السلام) أن
النبي(صلى الله عليه وآله) قال: «... ومن سمع
رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم»([15]).

وعن أبي عبداللّه(عليه السلام) قال : «من
لم يهتم باُمور المسلمين فليس بمسلم»([16]).

ب ـ ومنها : مبدأ الامر بالمعروف
والنهي عن المنكر الذي هو من أعظم الواجبات
الالهية وأسمى الفرائض وأشرفها وقد ورد في
الحديث أنه «... سبيل الانبياء ومنهاج الصلحاء.
فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب
وتحلّ المكاسب وتردّ المظالم وتعمر الارض
وينتصف من الاعداء ويستقيم الامر...»([17]).

وسوف يأتي مزيد توضيح لهذا الدور الذي
يحققه الامر بالمعروف من الاستقرار والاحكام.

ج ـ ومنها : مبدأ التكافل الاجتماعي
والحقوق المتبادلة في العلاقة، الذي سبق
الحديث عنه في النظام الاقتصادي، وسوف يأتي
بعض التوضيح له في الحديث عن المفردات.

د ـ ومنها : مبدأ حسن الظن بالاخرين،
وحمل عمل الاخ المؤمن على أفضل وأحسن
الاحتمالات، وغض النظر عن الاخطاء وستر
العيوب الذي يوجب بطبيعة الحال التماسك في
البناء الاجتماعي ويمنع حدوث الخلل فيه.

عن أبي بصير قال : «قال أبو عبداللّه(عليه
السلام) : لا تفتّش الناس فتبقى بلا صديق»([18]).

وعن الضحّاك بن مخلّد قال : «سمعت
الصادق(عليه السلام) يقول : ليس من الانصاف
مطالبة الاخوان بالانصاف»([19]).

وعن أبي جعفر عن أبيه عن جده قال : «قال
أمير المؤمنين(عليه السلام) : ضع أمر أخيك على
أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة
خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير
محملاً»([20]).

هـ ـ ومنها : مبدأ المشورة
والاستفادة من آراء وتجارب الاخرين، وكذلك
ضرورة النصيحة للمسلمين في أداء الاعمال
وانجازها أو في التعامل معهم.

عن أبي هريرة قال : «سمعت أبا القاسم(صلى
الله عليه وآله) يقول : استرشدوا العاقل ولا
تعصوه فتندموا»([21]).

وعن سليمان بن خالد قال : «سمعت أبا
عبداللّه(عليه السلام) يقول : استشر العاقل من
الرجال الورع فإنه لا يأمر إلاّ بخير، وإياك
والخلاف فإن مخالفة الورع العاقل مفسدة في
الدين والدنيا»([22]).

وعن أبي عبداللّه(عليه السلام) قال: «قال
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : مشاورة
العاقل الناصح رشد ويمن وتوفيق من اللّه،
فإذا أشار عليك الناصح العاقل فإياك والخلاف
فإن في ذلك العطب»([23]).

وعن الحلبي عن أبي عبداللّه(عليه
السلام) قال : «إن المشورة لا تكون إلاّ
بحدودها، فمن عرفها بحدودها وإلاّ كانت
مضرّتها على المستشير أكثر من منفعتها له،
فأولها أن يكون الذي تشاوره عاقلاً، والثانية
أن يكون حرّاً متديناً، والثالثة أن يكون
صديقاً مؤاخياً، والرابعة أن تطلعه على سرّك
فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثم يُسرّ ذلك
ويكتمه، فإنه إذا كان عاقلاً انتفعت بمشورته،
وإذا كان حرّاً متديّناً جهد نفسه في النصيحة
لك، وإذا كان صديقاً مؤاخياً كتم سرّك إذا
أطلعته عليه، وإذا أطلعته على سرّك فكان علمه
به كعلمك به تمت المشورة وكملت النصيحة»([24]).

3 ـ محتوى العلاقة : المساواة
والاُخوّة

والبعد الثالث في هذه النظرية هو
تقويم أساس هذه العلاقة وتشخيص مضمونها
ومحتواها، الامر الذي يجعل العلاقة
الاجتماعية قائمة على أساس نظرة واقعية
لحقيقة الانسان وقيمته من ناحية، وطبيعة
العلاقة الاجتماعية وتكوّن البنية
الاجتماعية من ناحية اُخرى.

وفي هذا المجال يقيم الانسان أفضل
العلاقات بين الناس على أساس أنهم «متساوون»
و«متكافئون» في الاصل، وأن بعضهم هو نظير
البعض الاخر. فلا يمتاز أحدهم ـ بالاصل ـ على
الاخرين «كلّكم لادم وآدم من تراب»، وانما
تنشأ الاختلافات والامتيازات لعوامل وأسباب
طارئة تنشأ من حركة الانسان والمجتمع. بعضها
حقة وصحيحة مثل الامتياز بـ «التقوى» و«العلم»
و«الجهاد» و«الصفات الارادية»، كالصبر
والاحسان، وبعضها باطلة وغير واقعية مثل
الامتياز بكثرة الاموال والاولاد أو القدرة
والسلطة المادية.

أما طبيعة العلاقة الاجتماعية التي
يجب أن يقوم عليها البناء الاجتماعي ومحتواها
فهي علاقة الاخوة الاسلامية والايمانية، وهي
أيضاً علاقة مساواة بين أبناء المجتمع الذي
يقوم على أساس الاسلام والعقيدة الاسلامية.

فالمسلمون اخوة يتكافأون ويتساوون في
قيمتهم المعنوية، كما أنهم في نفس الوقت تكون
أواصر العلاقة والصلة بينهم شبيهة بالاواصر
والصلات التي تربط بين الناس عندما يكونون من
أب واُم واحدة. وبذلك وضع الاسلام الصلة
والعلاقة في العقيدة اجتماعياً موضع الصلة
والعلاقة النسبية التكوينية (الاخوة) وفي
قيمتها وأهميتها.

فقد ورد في عدة أحاديث معتبرة التأكيد
على هذا المفهوم في موضوع الزواج الذي كانت
العرب وعموم المجتمعات الانسانية تشترط فيه
شروطاً مادية ومعنوية لا علاقة لها بهذا
المفهوم. ومن جملة هذه الروايات المعتبرة ما
رواه الكليني في الكافي من قصة زواج «جويبر»
وهو رجل من أهل اليمامة أسلم فحسن إسلامه،
وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً،
ومن قباح السودان، حيث قال له رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله): «... يا جويبر إن اللّه قد وضع
بالاسلام من كان في الجاهلية شريفاً، وشرف
بالاسلام من كان في الجاهلية وضيعاً، وأعزّ
بالاسلام من كان في الجاهلية ذليلاً، وأذهب
بالاسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها
بعشائرها وباسق أنسابها، فالناس اليوم كلهم
أبيضهم وأسودهم وقرشيهم وعربيهم وعجميهم من
آدم، وإن آدم خلقه اللّه من طين، وإن أحب
الناس إلى اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة أطوعهم
له وأتقاهم ...».

كما ورد فيها أيضاً : فقال له (زياد أبو
البنت المخطوبة) رسول اللّه: «يا زياد، جويبر
مؤمن، والمؤمن كفؤ المؤمنة والمسلم كفؤ
المسلمة فزوّجه يا زياد»([25]).

احترام الانسان في العلاقات العامة :

كما أن الاسلام الذي جعل الايمان
إطاراً للعلاقة الاجتماعية بين المسلمين لم
يغفل في نفس الوقت الجانب الانساني العام في
هذه العلاقة وأخذها بنظر الاعتبار في مجمل
تصوّره النظري كما يمكن أن يفهم ذلك من قول
الامام علي(عليه السلام) في عهده لمالك الاشتر
المروي بطريق معتبر : «وأشعر قلبك الرحمة
للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن
عليهم سيفاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان:
إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق»([26]).

وهذا أمر واضح من خلال ما ورد من الحث
على المجاملة العامة وحسن الخلق مع الناس
جميعاً، مما يعني أن الاصل هو الاحتفاظ
بالعلاقة الاجتماعية على المستوى الانساني
ما لم تطرأ أوضاع استثنائية تفرض موقفاً آخر
كالبراءة أو القطيعة.

عن سماعة عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)
قال : «مجاملة الناس ثلث العقل»([27]).

وعن أبي بصير عن أبي جعفر «أبي
عبداللّه(عليه السلام)» قال: «إن أعرابياً من
بني تميم أتى النبي(صلى الله عليه وآله) فقال
له : أوصني، فكان مما أوصاه : تحبّب إلى الناس
يحبّوك»([28]).

ويؤكد ذلك موقف الاسلام من الكفار
الذي ذكره القرآن الكريم، حيث فصّل القرآن في
العلاقة العامة بين الكفار والاعداء الذين
يتخذون موقفاً سياسياً أو عسكرياً عدوانياً
ضد المسلمين، وبين الكفار العاديّين الذين لا
موقف لهم عدائي. حيث نهى القرآن الكريم ـ كما
جاء في سورة الممتحنة ـ عن ولاء القسم الاول
ومودته، وأجاز البر والقسط للقسم الثاني : (لا
ينهاكم اللّه عن الذين لم يقاتلوكم في الدين
ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا
إليهم إن اللّه يحب المقسطين * إنما ينهاكم
اللّه عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من
دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم ومن
يتولّهم فأولئك هم الظالمون)([29]).

ويشير إلى ذلك أيضاً ما ورد في التأكيد
على أهمية الدعوة للّه والحوار بالاُسلوب
الذي يتّسم بالعقلانية والمحافظة على
العلاقة الانسانية الاجتماعية العامة من
خلال الحكمة والموعظة الحسنة مع الكفار أو
الاخرين من غير المسلمين أو الناس بشكل عام
بدون فرق بين المسلم وغيره.

وكذلك ما ورد في القرآن الكريم
والحديث الشريف من النهي عن سب الكفار وذلك من
أجل تجنّب تصعيد وتشديد الموقف السلبي منهم،
حيث انهم سوف يردون السبّ بمثله بطبيعة الحال.

عن عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي الحسن
موسى(عليه السلام) في رجلين يتسابّان قال : «البادي
منهما أظلم ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يعتذر
إلى المظلوم»([30]).

وعندما يضع الاسلام «الاخوة» كمحتوى
لطبيعة العلاقة الاجتماعية في المجتمع
الاسلامي يريد من ذلك أن يضعها من حيث محتواها
الانساني إلى صف علاقة الاخوة النسبية التي
يمتزج فيها الولاء والنصرة والحقوق
الاجتماعية بالحب والود والمشاعر والعواطف
الانسانية.

4 ـ مستويات العلاقة :

والبعد الرابع في هذه النظرية هو أن
الاسلام بالرغم من نظرة المساواة في أصل
العلاقة الانسانية ومحتواها المتمثل في «الاخوّة»
بين أبناء المجتمع الاسلامي، إلاّ أنه لم
يغفل في هذه النظرة «الواقع الاجتماعي» و«الحقائق
الموضوعية» القائمة في أطراف العلاقة
الاجتماعية. حيث نرى أن الاسلام قد لاحظ في
هذه العلاقة مستويين رئيسين ينطلقان من
الواقع الاجتماعي وتطور العلاقة في ضمن هذا
الواقع بسبب الوضع النفسي والروحي والفكري
لاطراف العلاقة:

أحدهما : العلاقة العامة التي تفرضها
طبيعة وجود الانسان في المجتمع، والتي يحقق
الانسان من خلالها ارتباطه بأفراد المجتمع
الذي يعيش فيه ضمن الاطار العام للعلاقات.

وفي هذا المجال يمثل الاسلام الاطار
العام لهذه العلاقة، والقاسم المشترك بين
أطرافها في نظرته لوحدة المجتمع التي تقوم
على أساس الالتزام بالاسلام والقبول به.

وفي هذا المستوى من العلاقة تحفظ
الدماء والاموال والمواثيق والعهود، وكذلك
المشاركة والمساهمة في المسؤولية الاجتماعية
العامة كالامر بالمعروف، والنهي عن المنكر،
وكذلك الالتزام بالشعائر الاسلامية والاداب
الاجتماعية العامة، مثل حضور صلوات الجماعة
وتشييع الجنائز وعيادة المرضى، والمراسيم
الاجتماعية كالزواج وغيرها.

عن معاوية بن وهب قال: قلت لابي
عبداللّه(عليه السلام) : كيف ينبغي لنا أن نصنع
فيما بيننا وبين قومنا، وفيما بيننا وبين
خلطائنا من الناس؟ قال: فقال: «تؤدون الامانة
إليهم، وتقيمون الشهادة لهم وعليهم، وتعودون
مرضاهم، وتشهدون جنائزهم»([31]).

كما أن أهل البيت(عليهم السلام) لا
يكادون يشترطون إيجاد هذا المستوى من العلاقة
إلاّ بعض الشروط العامة مثل اجتناب مواضع
التهمة، وصحبة أهل البدع والمتجاهرين بالفسق
والفجور، أو بعض المحترفين للمهن المحرمة.

عن الفجيع العقيلي ـ في وصية أمير
المؤمنين(عليه السلام) لولده الحسن(عليه
السلام) ـ أنه قال فيها: «وإياك ومواطن
التهمة، والمجلس المظنون به السوء، فإن قرين
السوء يغرّ جليسه»([32]).

وعن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه(عليه
السلام) أنه قال: «لا تصحبوا أهل البدع، ولا
تجالسوهم فتكونوا عند الناس كواحد منهم، وقال
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): المرء على دين
خليله وقرينه»([33]).

وعن حماد بن عمرو، وأنس بن محمد، عن
أبيه جميعاً عن جعفر بن محمد عن آبائه(عليهم
السلام)، في وصية النبي(صلى الله عليه وآله)
لعلي(عليه السلام) قال: «يا علي، من لم تنتفع
بدينه ولا دنياه فلا خير لك في مجالسته...»([34]).

على أنه لا يبعد أن يكون النهي في هذه
الموارد إما بسبب الخوف من تطور العلاقة
الاجتماعية إلى علاقة الصحبة، ولو بالحد
الادنى لها، أو أن النهي إنما هو عن إيجاد
الحد الادنى من الصحبة.

ثانيهما: العلاقة الخاصة التي يطلق
عليها في الفهم والنظر الاجتماعيين العرفيين
(الصحبة).

وهذا المستوى وإن كان يشارك المستوى
الاول في مجمل الاثار والنتائج، ولكن يمتاز
عنه ببعض الشروط والحقوق والواجبات الاضافية
التي عرفنا بعض ابعادها سابقاً، مثل الحقوق
المالية، وبعض الحقوق الثقافية، كالتفاوض في
أمور الدين وتعلمها وتعليمها، أو الامور
السياسية كتدارس الاوضاع العامة خصوصاً
عندما تكون العلاقة في هذا المجال على مستوىً
عال، كما سوف نوضح ذلك قريباً.

عن خيثمة، عن أبي عبد اللّه(عليه
السلام) قال: «أبلغ موالينا السلام، وأوصهم
بتقوى اللّه والعمل الصالح، وأن يعود صحيحهم
مريضهم، وليعد غنيهم على فقيرهم، وأن يشهد
حيهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم،
وأن يتفاوضوا علم الدين، فإن ذلك حياة
لامرنا، رحم اللّه عبداً أحيى أمرنا...»([35]).

وعن ميسرة، عن أبي جعفر(عليه السلام)،
قال : قال لي: «أتخلون وتحدّثون تقولون ما
شئتم؟ فقلت: إي واللّه، فقال: أما واللّه
لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن»([36]).

وقد سعى أهل البيت(عليهم السلام)
لتطوير هذه العلاقة، روحياً ونفسياً لتصل إلى
درجتها العالية، فتصبح متقدمة على الاخوة
النسبية في مضمونها الانساني والاجتماعي
والروحي، حيث يكون الحب والود فيها خالصاً
للّه تعالى ومن أجله، وتتصف في آثارها
ونتائجها بالمساواة للانسان بنفسه، بل وحتى
ايثار أخيه المؤمن على نفسه.

وجاء حديث أهل البيت(عليهم السلام)
معبراً عن هذا الطور التكاملي للعلاقة في
العلاقات الاجتماعية والجماعة الصالحة.

فقد روى الحسن بن محمد الطوسي في
مجالسه بسند معتبر عن أبي جعفر الباقر عن
آبائه(عليهم السلام) عن رسول اللّه(صلى الله
عليه وآله) في حديث قال: «إذا كان يوم القيامة
ينادي مناد من اللّه عزّ وجلّ يسمع آخرهم كما
يسمع أولهم فيقول: اين جيران اللّه جلّ جلاله
في داره؟ فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة
من الملائكة، فيقولون: ما كان عملكم في دار
الدنيا فصرتم اليوم جيران اللّه تعالى في
داره؟ فيقولون: كنا نتحاب في اللّه، ونتوازر
في اللّه تعالى. قال : فينادي مناد من عند
اللّه تعالى : صدق عبادي خلّوا سبيلهم.
فينطلقون إلى جوار اللّه في الجنة بغير حساب»
ثم قال أبو جعفر(عليه السلام): «فهؤلاء جيران
اللّه في داره، يخاف الناس ولا يخافون،
ويحاسب الناس ولا يحاسبون»([37]).

كما روى الكليني في الكافي بطريق
معتبر عن أبي عبداللّه(عليه السلام) أنه قال: «قال
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله): ست خصال من كن
فيه كان بين يدي اللّه عزّ وجلّ وعن يمين
اللّه فقال له ابن أبي يعفور: وما هن جعلت
فداك؟ قال: يحب المرء المسلم لاخيه ما يحب
لاعزّ أهله، ويكره المرء المسلم لاخيه ما
يكره لاعزّ أهله، ويناصحه الولاية إلى أن
قال: إذا كان منه بتلك المنزلة بثّه همه ففرح
لفرحه إن هو فرح، وحزن لحزنه إن هو حزن، وإن
كان عنده ما يفرج عنه فرّج عنه، وإلاّ دعا له
إلى أن قال: قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله):
إن للّه خلقاً عن يمين العرش بين يدي اللّه
وجوههم أبيض من الثلج، وأضوأ من الشمس
الضاحية. يسأل السائل: ما هؤلاء؟ فيقال : هؤلاء
الذين تحابّوا في جلال اللّه»([38]).

ومن الملاحظ في هذه العلاقة الخاصة أن
أهل البيت(عليهم السلام) افترضوا فيها
الاختلاف في مستوى العلاقة بحيث يمكن أن
تنقسم إلى الصحبة العامة والصحبة الخاصة،
ويقوم الاختلاف في مستوى العلاقة على أساس
درجة الالتزام العقائدي والمبدئي، وعمق
ورسوخ القيم والمثل الدينية سلوكياً وعملياً.

وهنا يصبح للايمان والاعتقاد
بولايتهم، والانتساب إلى الجماعة الصالحة
دور مهم في ترسيخ هذه العلاقة، وترتب الحقوق
والواجبات عليها. ويبدو ذلك واضحاً من خلال
الاحاديث السابقة.

إخوان المكاشرة وإخوان الثقة :

كما أن أهل البيت(عليهم السلام) في بعد
آخر للاختلاف في مستوى العلاقة الاجتماعية
يميزون بين صنفين من الناس هما صنف إخوان
المكاشرة، وصنف إخوان الثقة. حيث لابد
للانسان أن يكتفي بالشروط العامة التي أشرنا
إلى بعضها سابقاً مع الصنف الاول منهم، وهم
أولئك الناس الذين يلتقي بهم في الحركة
الاجتماعية العامة، فيصحبهم الانسان، ويقترن
وجوده بوجودهم، ويصبحوا أخلاء له من خلال حسن
المعاشرة والتودد والمعاملة بالحسنى، التي
يعبر عنها أهل البيت(عليهم السلام)
بالمكاشرة، وهي التعامل بحسن الظاهر.

وأما الصنف الثاني من الناس، وهم
إخوان الثقة فهم أولئك الناس الذين لابد له أن
يختارهم بدقة من خلال التجربة والمعرفة
بصدقهم وأمانتهم وحسن أخلاقهم، فيصح له أن
يركن إليهم، ويثق بهم حيث يكونون معه في
السراء والضراء، ويعتمد عليهم في شؤونه
الخاصة ويكونون موضع سره وأمانته.

عن يونس بن عبد الرحمان، عن أبي جعفر
الثاني(عليه السلام) قال: «قام إلى أمير
المؤمنين(عليه السلام) رجل بالبصرة فقال:
أخبرنا عن الاخوان، فقال: الاخوان صنفان:
إخوان الثقة وإخوان المكاشرة، فأما إخوان
الثقة فهم كالكف والجناح والاهل والمال، فإذا
كنت من أخيك على ثقة فابذل له مالك ويدك، وصاف
من صافاه، وعاد من عاداه، واكتم سره، وأعنه
وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل أنهم
أعزّ من الكبريت الاحمر. وأما إخوان المكاشرة
فإنك تصيب منهم لذتك، فلا تقطعن ذلك منهم، ولا
تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما
بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان»([39]).

ويكون الايمان أحد الشروط الاساسية في
هذا الصنف، كما أن الحقوق الخاصة التي أكد
عليها أهل البيت(عليهم السلام) إنما هي حقوق
مترتبة لمثل هذا الصنف من الناس.

ويشير إلى هذا النوع من التصنيف
والاختلاف في درجة العلاقة، والشروط العامة
والخاصة فيها مجموعة من النصوص التي وردت عن
أهل البيت(عليهم السلام)تتحدث عن شروط
ومواصفات أخرى غير الايمان لابد من الاهتمام
بها في درجة العلاقة، سواء كانت الخصوصيات
الايجابية التي تقتضي تأكيد العلاقة
وترسيخها، مثل التقوى والورع والعقل والحكمة
والكرم، أو الخيار من الناس، أو الخصوصيات
السلبية التي تقتضي تخفيف العلاقة أو قطعها
واجتنابها، مثل الحمق والفجور والكذب والبخل([40]).

5 ـ المعاملة الخاصة :

والبعد الخامس في نظرية العلاقات
الاجتماعية العامة في الاسلام، وعند أهل
البيت(عليهم السلام)، هو اختصاص بعض الفئات
والاصناف من الناس بمعاملة اجتماعية خاصة.

فإن الاسلام في نظريته الاجتماعية وإن
كان يؤمن بالمساواة بين الناس في الاخوة
الانسانية، كما أشرنا، فاننا مع ذلك نلاحظ أن
أهل البيت(عليهم السلام) خصوا فئات اجتماعية
بمعاملة خاصة في هذه العلاقات لاسباب موضوعية
مختلفة، تقرها الفطرة الانسانية أو المقاييس
العقلية الواقعية القائمة على أساس المصالح
الاجتماعية العامة.

وهذه الاسباب قد تكون انسانية أو
دينية أو سياسية ترتبط بالابعاد المختلفة
للنظرية الاسلامية العامة، أو بالعلاقات
الاجتماعية بشكل خاص، الامر الذي يجعل الامور
تأخذ نصابها وموقعها الطبيعي في الهيكلية
العامة للمجتمع وأطراف العلاقة الاجتماعية.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه
المعاملة الخاصة في مواضع عديدة، منها قوله
تعالى : (واعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً
وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى
والمساكين والجار ذي القربى والجار الجُنُب
والصاحب بالجَنْب وابن السبيل وما ملكت
أيمانكم إن اللّه لا يحب من كان مختالاً
فخوراً)([41]).

الارحام :

1 ـ فالارحام مثلاً والاقربون منهم
بشكل خاص، والابوان بشكل أخص لهم امتيازات في
التعامل الاجتماعي، حيث يجب الاحتفاظ بأصل
العلاقة الاجتماعية مع الرحم، ولا يجوز
قطيعته، ويجب إكرام الابوين، والبر بهما حتى
لو كان ذلك بالتزام الطاعة لهما، وامتثال
أوامرهما ضمن الحدود الشرعية.

فعن أبي حمزة الثمالي، قال: قال أمير
المؤمنين(عليه السلام) في خطبته: «أعوذ باللّه
من الذنوب التي تعجل الفناء» فقام إليه
عبداللّه ابن الكواء اليشكري فقال : يا أمير
المؤمنين، أو تكون ذنوب تعجل الفناء؟ فقال:
نعم ويلك قطيعة الرحم. إن أهل البيت ليجتمعون
ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم اللّه، وإن أهل
البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم
اللّه وهم أتقياء»([42]).

وعن عنبسة العابد قال: جاء رجل فشكا
إلى أبي عبداللّه(عليه السلام) أقاربه فقال له:
«اكظم غيضك وافعل» فقال: إنهم يفعلون
ويفعلون، فقال: «أتريد أن تكون مثلهم فلا ينظر
اللّه إليكم»([43]).

وفي رسالة الحقوق للامام زين العابدين(عليه
السلام): «وأما حق أمك أن(*)([44])تعلم
أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداً، وأعطتك من
ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً(**)([45]
ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن تجوع
وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك ، وتضحى
وتظلك، وتهجر النوم لاجلك، ووقتك الحر والبرد
لتكون لها. وإنك لا تطيق شكرها إلاّ بعون
اللّه وتوفيقه.

وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك، فإنه
لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك
فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد
اللّه واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلاّ
باللّه.

وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف
إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول
عما وليته من حسن الادب والدلالة على ربه عزّ
وجلّ، والمعونة على طاعته، فاعمل في أمره عمل
من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه، معاقب على
الاساءة إليه.

وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك
وقوتك، فلا تتخذه سلاحاً على معصية اللّه،
ولا عدة للظلم لخلق اللّه، ولا تدع نصرته على
عدوه، والنصيحة له، فإن أطاع اللّه وإلاّ
فليكن اللّه أكرم عليك منه، ولا قوة إلاّ
باللّه»([46]).

وهذا التعامل الخاص مع الارحام ينطلق
من بعد إنساني، باعتبار الرابطة النسبية التي
تمثل امتداداً للانسان في وجوده وحركته
يدركها ويحس بها بشكل فطري، بالاضافة إلى
الجانب الاخلاقي في خصوص رعاية الابوين والبر
بهما، لانه لون من ألوان شكر النعمة ورد
الجميل، واللطف والرحمة بالكبار والضعفاء.

(وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه
وبالوالدين إحساناً إما يبلغنّ عندك الكبر
أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا
تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً * واخفض لهما
جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما
ربياني صغيراً)([47]).

على أن موضوع المعاملة الخاصة مع
الارحام يمثل بعداً اجتماعياً تنظيمياً
مهما، يرتبط بنظرة الاسلام إلى الهيكلية
العامة للمجتمع التي تقوم على أساس افتراض أن
الاسرة هي اللبنة والوحدة الاجتماعية الاولى
والاساسية التي يقوم عليها البناء
الاجتماعي، كما أشرنا إلى ذلك في بداية هذا
البحث.

العلماء :

2 ـ والعلماء وأهل الفضل والمعرفة
يخصهم الاسلام بمعاملة اجتماعية خاصة أيضاً،
لاعتبارات اخلاقية موضوعية واجتماعية.

أما الاعتبار الاخلاقي الموضوعي فلان
العلم يمثل قيمة حقيقية في نظر الاسلام تمنح
الانسان درجة من الكمال والسمو (يرفع اللّه
الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)([48]).

(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا
يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب)([49]).

وأما الجانب الاجتماعي فإن للعلماء في
النظرية الاسلامية من خلال رؤية أهل البيت(عليهم
السلام) موقعاً اجتماعياً متميزاً، وهو قيادة
التجربة الاسلامية، والولاية على الامة.

وإنما استحق أهل البيت(عليهم السلام)
هذه الولاية في الامة دون غيرهم ـ كما أكدوا
ذلك في أحاديثهم ـ باعتبار وجود هذه الخصوصية
(العلم) فيهم بدرجة عالية ومتميزة.

كما أن ولي الامر من بعدهم لابد أن
يكون عالماً بالاسلام، ومجتهداً في استنباط
الاحكام الشرعية كما عرفنا ذلك آنفاً في بحث
التنظيم السياسي العام.

فقد روى الصدوق في الخصال عن أمير
المؤمنين(عليه السلام) أنه قال: «من حق العالم
ألاّ تكثر عليه السؤال، ولا تسبقه في الجواب،
ولا تلح إذا أعرض، ولا تأخذ بثوبه إذا كسل،
ولا تشر إليه بيدك، ولا تغمز بعينك، ولا تساره
في مجلسه، ولا تطلب عوراته، وألاّ تقول: قال
فلان خلاف قولك، ولا تفشي له سراً، وتغتاب
عنده أحداً، وأن تحفظ له شاهداً وغائباً، وأن
تعم القوم بالسلام وتخصه بالتحية، وتجلس بين
يديه، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته،
ولا تمل من طول صحبته، فإنما هو مثل النخلة
فانتظر متى تسقط عليك منه منفعته، والعالم
بمنزلة الصائم القائم المجاهد في سبيل اللّه،
وإذا مات العالم انثلم في الاسلام ثلمة لا تسد
إلى يوم القيامة، وإن طالب العلم ليشيعه
سبعون ألف ملك من مقربي السماء»([50]).

وفي رسالة الحقوق للامام زين العابدين(عليه
السلام): «فحقوق أئمتك ثلاثة، أوجبها عليك حق
سائسك بالسلطان، ثم حق سائسك بالعلم، ثم حق
سائسك بالملك»([51]
إلى أن يقول(عليه السلام): «وحق سائسك بالعلم
التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع
إليه، والاقبال عليه، وإلاّ ترفع عليه صوتك،
ولا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي
يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحداً، ولا تغتاب
عنده أحداً، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء،
وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه، ولا تجالس له
عدواً، ولا تعادي له ولياً، فإذا فعلت ذلك شهد
لك ملائكة اللّه بأنك قصدته، وتعلمت علمه
للّه جل اسمه لا للناس»([52]).

الجيران :

3 ـ والجيران يستحقون معاملة خاصة في
العلاقات العامة، ويبدو واضحاً أن البعد في
هذا المعاملة الخاصة إنما هو البعد
الاجتماعي، حيث يراد من خلال ذلك توطيد دعائم
العلاقات الاجتماعية من خلال الواقع
الجغرافي للمجتمع، وتحقيق التعاون في إيجاد
البنية الاجتماعية المحلية السليمة والقوية.

وقد ورد تأكيد أهمية هذه المعاملة
الخاصة في أحاديث أهل البيت(عليهم السلام)حتى
انه ورد في وصية أمير المؤمنين(عليه السلام)
لاولاده عند وفاته الاشارة إلى وصية النبي
الاكرم(صلى الله عليه وآله) في الجيران.

كما ورد في هذا المضمون حديث آخر رواه
الصدوق في من لا يحضره

الفقيه، وكتاب عقاب الاعمال عن الصادق عن
آبائه عن علي(عليهم السلام)، عن رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) قال: «من آذى جاره حرّم اللّه
عليه ريح الجنة، ومأواه جهنم وبئس المصير،
ومن ضيع حق جاره فليس منا، وما زال جبرئيل
يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه...»([53]).

وعن أبي عبداللّه عن أبيه(عليهما
السلام) قال : «قرأت في كتاب علي(عليه السلام)
إن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)كتب بين
المهاجرين والانصار ومن لحق بهم من أهل يثرب،
أن الجار كالنفس غير مضارّ ولا آثم، وحرمة
الجار على الجار كحرمة أمه»([54]).

وعنه(عليه السلام) أنه قال: «اعلموا
أنه ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره»([55]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «قال
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : ما آمن بي من
بات شبعان وجاره جائع»([56]).

وعن معاوية بن عمار عن أبي عبداللّه(عليه
السلام) قال: قلت له: جعلت فداك، ما حدّ الجار؟
قال : «أربعين داراً من كل جانب»([57]).

الضعفاء :

4 ـ والضعفاء من الناس لابد من
معاملتهم معاملة خاصة أيضاً، سواء كان هذا
الضعف بسبب الوضع الطبيعي للتركيبة الجسمية،
مثل الاطفال والنساء والشيوخ، أو كانوا من
قبيل الذين يعرض لهم الضعف، مثل المعوقين
والمتخلفين، حيث يبدو من الواضح البعد
الانساني في هذا الجانب من التعامل.

فعن أمير المؤمنين أنه قال في حديث له:
«وارحموا ضعفاءكم، واطلبوا الرحمة من اللّه
بالرحمة لهم»([58]).

أو كان هذا الضعف بسبب الاوضاع
الاقتصادية، مثل الفقراء والمساكين، وابناء
السبيل وغيرهم من المحتاجين.

فعن أمير المؤمنين(عليه السلام) عن
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) أنه قال في
خطبة له: «وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم،
ووقروا كباركم وارحموا صغاركم، وصلوا
أرحامكم»([59]).

أو كان بسبب الاوضاع الاجتماعية، مثل
اليتامى والمملوكين، أو العمال والمستأجرين
والمستخدمين من الناس، الذين تفرض عليهم
ظروفهم الاجتماعية أن يكونوا تحت إدارة بعض
الاشخاص وولايتهم.

فعن الصادق عن آبائه(عليهم السلام) أن
النبي(صلى الله عليه وآله) قال في وصيته لعلي(عليه
السلام): «يا علي، أربع من كن فيه بنى اللّه له
بيتاً في الجنة: من آوى اليتيم، ورحم الضعيف،
وأشفق على والديه، ورفق بمملوكه، ثم قال : يا
علي من كفى يتيماً في نفقته بماله حتى يستغني
وجبت له الجنة البتة. يا علي من مسح يده على
رأس يتيم ترحماً له أعطاه اللّه بكل شعرة
نوراً يوم القيامة»([60]).

ذرية الرسول :

5 ـ وهناك تأكيد على رعاية ومعاملة
خاصة لذرية رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) من
أولاد علي وفاطمة(عليهما السلام)، وذلك بسبب
انتمائهم إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)،
وإكراماً له، وتقديراً لحقه، وتقديساً لشأنه.

فعن أبي عبداللّه(عليه السلام) قال: «لا
يقبّل رأس أحد ولا يده إلاّ رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) أو من أريد به رسول اللّه»([61]).

وعن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن
الرضا(عليه السلام) قال: «النظر إلى ذريتنا
عبادة قلت: النظر إلى الائمة منكم، أو النظر
إلى ذرية النبي؟ فقال: بل النظر إلى جميع ذرية
النبي(صلى الله عليه وآله) عبادة ما لم
يفارقوا منهاجه، ولم يتلوثوا بالمعاصي»([62]).

المبحث الثاني : القواعد والاسس

الجانب الثاني من البحث في العلاقات
الاجتماعية هو البحث في القواعد والاسس
العامة التي لابد أن تقوم عليها هذه
العلاقات، وتحدد مسارها واتجاهاتها.

وتشكل هذه القواعد والاطر الخطوط
العامة التي توجه مسيرة العلاقات الاجتماعية
باتجاه التكامل الذاتي لحركة الفرد وسلوكه،
والتكامل الاجتماعي لحركة الجماعة وأنشطتها
وفعالياتها.

كما أنها في نفس الوقت تمثل الخلفية
الاخلاقية لهذا السلوك الفردي والاجتماعي،
حيث تؤكد أهمية دور الاخلاق في التكامل
الانساني الفردي والاجتماعي، وتجعل الاخلاق
ذات هدف واضح على صعيد التكامل الفردي
والاجتماعي.

وبدون هذه الضوابط الاخلاقية تتحول
العلاقات الاجتماعية إلى قضية شكلية وآلية (ميكانيكية)
شبيهة بالاعراف والتقاليد، حيث تصبح في معرض
الانهيار، وخطر التفكك عندما تتعرض البنية
الاجتماعية إلى الاهتزاز أو التغير، كما يحصل
ذلك فعلاً في بعض حالات الهجرة والانتقال من
مجتمع إلى مجتمع آخر، أو في حالات تعرض
المجتمع إلى الغزو الثقافي والاجتماعي، أو
تبدل الانظمة السياسية، أو كما نلاحظه في
المجتمعات الغربية التي تحولت فيها الاخلاق
إلى مجرد قوانين وأعراف دون أن يكون لها مضمون
يرتبط بالنفس والروح والوجدان.

ويمكن تلخيص هذه القواعد والاطر
العامة في نظر أهل البيت(عليهم السلام)بالنقاط
التالية:

1 ـ الالتزامات والواجبات الشرعية
والعرفية العامة.

2 ـ ضبط العواطف والانفعالات وتوجيهها.

3 ـ العدل والانصاف كحد أدنى في
الموازنة بين النفس والاخرين.

4 ـ التودد والمجاملة الحسنة في
التعامل العام.

5 ـ الاحسان واليد العليا في التكامل
الاجتماعي.

6 ـ السلوك المتميز والقدوة الحسنة في
الوضع الاجتماعي العام.

وقد جاءت هذه الضوابط ـ كما سوف نلاحظ
ـ منسجمة مع مجموعة الابعاد السابقة للنظرية،
سواء كان ذلك في اتجاهها العام، أو في
أهدافها، أو في شكلها ومحتواها.

ونحتاج أن نتناول كل واحدة من هذه
الضوابط بشيء من التحليل والشرح لتوضيح هذا
الانسجام والارتباط بينها وبين الابعاد
السابقة.

1 ـ الواجبات الشرعية والعرفية:

أما القاعدة الاولى التي تمثل
الالتزام بالواجبات الشرعية والعهود والعقود
العقلائية التي أقرها الشارع المقدس،
والاداب العرفية العامة في مجمل السلوك في
العلاقات الاجتماعية، فهي تعني في الحقيقة
الالتزام الاخلاقي تجاه اللّه الواحد الاحد،
والخالق المنعم على الانسان، لان اللّه
سبحانه وتعالى قد أخذ على الانسان الميثاق
والعهد في التوحيد له، والطاعة والامتثال
لاوامره ونواهيه. فهذا الالتزام بالواجب
الشرعي إنما هو وفاء بالميثاق والعهد، وقبول
بالدين والنظام الاسلامي الذي أنزله اللّه
تعالى على عبده ورسوله محمد(صلى الله عليه
وآله)لهداية البشرية، وإصلاح أمرها، وبناء
المجتمع الانساني الصالح ليكونوا (خير أمة
أخرجت للناس).

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن الاحكام
الشرعية، والشرائع الالهية من الاوامر
والنواهي تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية،
ومعبرة عن وجودها الواقعي، سواء في حركة
الانسان الفردية أو الاجتماعية، فيكون
الالتزام بها التزاماً وتحقيقاً لهذه
المصالح، أو اجتناباً وابتعاداً عن هذه
المفاسد والاضرار الموجودة في متعلقاتها.

وهذا مما ينسجم مع البعد الثاني
للنظرية، وهو تقوية البناء الاجتماعي من خلال
تحقيق هذه المصالح، واجتناب الاضرار
والمفاسد.

كما أن الاداب العرفية العامة تعبر عن
الالتزامات الاجتماعية المشروعة التي تواضع
عليها الناس والمجتمع، ويكون الانسجام معها
انسجاماً مع المجتمع والناس انفسهم، وهذا مما
ينسجم في نفس الوقت مع البعد الاول للنظرية.

الواجب والحرام من الالتزامات :

ونجد تجسيد هذه الضابطة والاطار في
مجموعة واسعة من المفردات في البناء الفوقي
للعلاقات الاجتماعية، التي أكدتها النظرية
الاسلامية، سواء في البعد الايجابي منها، أو
البعد السلبي.

أما في البعد الايجابي فنجد ذلك في مثل
الحث على مفردة الوفاء بالمواثيق، أو أداء
الامانة، أو حضور الجنائز وصلوات الجماعة
والاجتماعات العامة، أو في مثل عيادة المرضى،
وغير ذلك مما سوف نشير إليه مستقبلاً.

وأما في بعدها السلبي فنجد ذلك في
مفردات النهي عن إيذاء الناس، أو الاضرار
بهم، أو هتك حرماتهم، أو تتبع عثراتهم، أو
إشاعة الفاحشة بينهم، إلى غير ذلك من الموارد
التي سوف نشير إليها.

2 ـ ضبط العواطف والانفعالات :

أما القاعدة الثانية فهي تمثل
الالتزام في العلاقات الاجتماعية ضبط
العواطف والاحاسيس والمشاعر والانفعالات
التي تطرأ على النفس الانسانية بسبب التفاعل
مع الاحداث ومشاهدتها، وتفاعلات آثارها
ونتائجها.

وتعبر هذه الضابطة في أحد أبعادها عن
التكامل الذاتي في حركة الانسان نحو اللّه
تعالى.

فقد ورد في حديث أهل البيت(عليهم
السلام) التأكيد عاماً على هذه الضابطة في
الوصول إلى هذا التكامل، حيث روى الصدوق في من
لا يحضره الفقيه، وثواب الاعمال عن شعيب
العقرقوفي، عن الامام الصادق(عليه السلام)
قال: «من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب وإذا اشتهى
وإذا غضب وإذا رضي حرّم اللّه جسده على النار»([63]).

وفي حديث آخر رواه الكليني في الكافي
بسند معتبر عن صفوان الجمال قال : قال أبو
عبداللّه(عليه السلام): «إنما المؤمن الذي إذا
غضب لم يخرجه غضبه من حق، وإذا رضي لم يدخله
رضاه في باطل، وإذا قدر لم يأخذ أكثر مما له»([64]).

جهاد النفس وضبط العواطف :

ولا شك أن جهاد النفس هو من أعظم
الاعمال التي يقوم بها الانسان في حركته
التكاملية، حيث جاء التعبير عنه في الحديث
الصحيح المروي عن رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) بأنه «الجهاد الاكبر»([65]).

وهذا الجهاد في الحقيقة إنما هو يعبر
في أحد أبعاده عن ضبط العواطف، والسيطرة
عليها، وتوجيهها بشكل صحيح بما ينسجم مع
الحكم الشرعي، والاهداف الالهية المقدسة.

وأهمية هذه الضابطة في جانبها الذاتي،
إنما تنبع من موضوع تربية الارادة الانسانية،
وتقويتها بشكل يجعلها منسجمة في فاعليتها
واختيارها دائماً مع العقل وحكم الشرع، حيث
أعطى الشارع المقدس أهمية خاصة للعقل، لان
اللّه تعالى جعل للعقل دوراً أساسياً في حركة
الانسان، وتوجيه إرادته نحو الصلاح، وتحقيق
المصلحة النهائية للانسان، وضبط العواطف
والانفعالات له.

وقد ورد في الحديث الشريف أن اللّه
سبحانه وتعالى خلق العقل ثم قال له: «أقبل
فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي
وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إلي منك، ولا
أكملتك إلاّ فيمن أحب. أما إني إياك آمر،
وإياك أنهى، وإياك أعاقب، وإياك أثيب»([66]).

وعن عبداللّه بن سنان قال : «سألت أبا
عبداللّه جعفر بن محمد الصادق(عليهما السلام)،
فقلت : الملائكة أفضل أم بنو آدم ؟ فقال : قال
أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب(عليه السلام):
إن اللّه ركب في الملائكة عقلاً بلا شهوة،
وركب في البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بني
آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من
الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من
البهائم»([67]).

حسن الخلق وضبط العواطف :

ويؤثر هذا الجانب أيضاً على الجانب
الاخر لهذه الضابطة، وهو الجانب الاجتماعي،
حيث إن التكامل الذاتي للفرد يؤثر ـ بطبيعة
الحال ـ على التكامل الذاتي للمجتمع كله،
لانه بالاضافة إلى أن المجتمع يتكون من هؤلاء
الافراد، فإن الفرد الصالح المتميز له تأثير
واضح على بقية أفراد المجتمع إذا كان واقعه
النفسي صالحاً، حيث ينعكس ذلك بالضرورة على
سلوكه الاجتماعي في علاقاته مع الاخرين، ذلك
أن الواقع النفسي للانسان لا يمكن أن ينفك عن
سلوكه الاجتماعي.

ولذلك مدح القرآن الكريم نبي الاسلام
العظيم بقوله : (وإنك لعلى خلق عظيم)تأكيداً
على هذا الجانب الاخلاقي في السلوك.

3 ـ العدل والانصاف ولو من النفس :

وأما القاعدة الثالثة فهي تمثل
الالتزام في العلاقات الاجتماعية بمنهج
العدل والانصاف للناس حتى لو كان طرف هذه
الموازنة هو نفس الانسان، فضلاً عما إذا كان
طرفها الافراد الاخرين أبناء المجتمع.

وتعبر هذه الضوابط وهذا الاساس عن
الخلفية الاخلاقية والعقائدية في النظرية
الاسلامية التي يجب أن تقوم عليها العلاقات
الاجتماعية، باعتبارها أحد الجوانب المهمة
في النظام الاجتماعي، حيث إن الاسلام أقام
نظامه بشكل عام على أساس العدل، سواء في رؤيته
لقيمة الانسان، أو في علاقة الانسان مع اللّه
تعالى، حيث يكون العدل الركن الثاني في هذه
العلاقة بعد الالهية، أو في إنتاج الثروة
وتوزيعها، أو في نظام الحكم وفصل الخصوصات
بين الناس.

ومن هذا المنطلق نجد أهل البيت(عليهم
السلام) يؤكدون على موضوع (العدل) باعتباره
قاعدة وأساساً للنظام الاجتماعي بشكل عام،
وفي العلاقات الاجتماعية بشكل خاص.

وقد جاء هذا التأكيد في عدد من
الاتجاهات.

العدل بين الناس :

أ ـ التأكيد على وجوب العدل بين الناس
بشكل عام في مقام التعامل معهم.

فعن أبي عبداللّه(عليه السلام) قال : «اتقوا
اللّه واعدلوا، فإنكم تعيبون على قوم لا
يعدلون»([68]).

وعنه(عليه السلام) قال : «العدل أحلى من
الشهد، وألين من الزبد، وأطيب ريحاً من المسك»([69]).

رفض الظلم :

ب ـ تحريم ظلم الناس في مقام التعامل
معهم، وهو نقيض العدل، حيث إن الظلم لا يظهر
في المجتمع ـ عادة ـ إلاّ من خلال الاستئثار،
واختلال الموازين الصحيحة في العلاقة
الاجتماعية.

قال الامام الصادق(عليه السلام) : «ما
من مظلمة أشد من مظلمة لا يجد صاحبها عليها
عوناً إلاّ اللّه»([70]).

وعن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) قال :
«ما من أحد يظلم مظلمة إلاّ أخذه اللّه بها في
نفسه وماله، فأما الظلم الذي بينه وبين اللّه
فإذا تاب غفر له»([71]).

وعن أبي بصير قال: دخل رجلان على أبي
عبداللّه(عليه السلام) في مداراة بينهما
ومعاملة، فلما أن سمع كلامهما قال : «أما إنه
ما ظفر بخير من ظفر بالظلم. أما إن المظلوم
يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من
مال المظلوم» ثم قال: «من يفعل الشر بالناس
فلا ينكر الشر إذا فُعل به. أما إنه يحصد ابن
آدم ما يزرع، وليس يحصد أحد من المر حلواً،
ولا من الحلو مراً» فاصطلح الرجلان قبل أن
يقوما([72]).

إنصاف الناس من النفس:

ج ـ الحث على إنصاف المرء للناس من
نفسه، باعتباره يمثل الاساس والقاعدة لقضية
العدل في العلاقات الاجتماعية، وأنه لا يتصف
الانسان المؤمن بصفة الايمان إلاّ من خلال
التعامل على أساس هذا الانصاف.

وتبدو أهمية هذا الاتجاه باعتبار أن
بداية الظلم في العلاقات الاجتماعية تبدأ من
حالة أن يؤثر الانسان حق نفسه ويقدمه على حقوق
الاخرين، ثم يتطور ذلك بتقديم حقوق بعض الناس
على حقوق آخرين منهم. ومن هنا فإن إنصاف الناس
من النفس يعني تحقيق العدل بين الناس جميعاً.

ومن هنا جاء تأكيد أهل البيت(عليهم
السلام) على هذا الاساس الاخلاقي.

فعن أبي عبداللّه(عليه السلام) قال : «قال
رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : سيد الاعمال
إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الاخ في اللّه،
وذكر اللّه على كل حال»([73]).

وعنه(عليه السلام) قال : «قال رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) : من واسى الفقير من
ماله، وأنصف الناس من نفسه فذلك المؤمن حقاً»([74]).

وعن أبي عبيدة الحذّاء، عن أبي جعفر
الباقر(عليه السلام) قال : «ألا أخبرك بأشد ما
افترض اللّه على خلقه؟ إنصاف الناس من
أنفسهم، ومواساة الاخوان في اللّه عزّ وجلّ،
وذكر اللّه عزّ وجلّ على كل حال، فإن عرضت له
طاعة عمل بها، وإن عرضت له معصية تركها»([75]).

وفي هذا الاتجاه ـ مع تطوير وتصعيد
الحالة الاخلاقية في العلاقات الاجتماعية ـ
جاء التأكيد في حديث أهل البيت(عليهم السلام)
على أن يحب الانسان لاخيه المسلم أو للناس ما
يحب لنفسه.

جاء ذلك في وصية أمير المؤمنين لولده
الحسن(عليهما السلام): «فأحبب لغيرك، ما تحب
لنفسك، واكره له ما تكره لها»([76]).

وكذلك ورد في الحديث عن الامام الصادق(عليه
السلام) أنه قال : «أوحى اللّه عزّ وجلّ إلى
آدم(عليه السلام) : إني سأجمع لك الكلام في
أربع كلمات. قال : يا رب وما هنّ؟ قال : واحدة
لي، وواحدة لك، وواحدة فيما بيني وبينك،
وواحدة فيما بينك وبين الناس. قال: يا رب
بينهنّ لي حتى أعلمهنّ. قال : أما التي لي
فتعبدني لا تشرك بي شيئاً، وأما التي لك
فأجزيك بعملك أحوج ما تكون إليه، وأما التي
بيني وبينك فعليك الدعاء وعليّ الاجابة، وأما
التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى
لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك»([77]).

4 ـ حسن الخلق والمداراة :

وأما القاعدة الرابعة فهي حسن الخلق
ومداراة الناس، وهي تمثل في العلاقات الاساس
والقاعدة الاخلاقية لمنهج الانفتاح في هذه
العلاقات، حيث لا يمكن أن يتحقق هذا الانفتاح
والتوسع في العلاقات إلاّ على أساس وجود هذه
القاعدة الاخلاقية في التعامل مع الاخرين.

كما أن المضمون الاخلاقي للعلاقات
الاجتماعية في النظرية الاسلامية هو عبارة عن
الحب والود، فهي ليست مجرد علاقة شكلية
وآلية، أو مجرد علاقة ذات مصالح ومنافع
متبادلة، بل هي علاقة عاطفية ومشاعرية، لان
العلاقات الاجتماعية لا تتكامل من خلال
المصالح الشخصية أو العامة فحسب، وإنما
تتكامل وتستحكم من خلال الحب والولاء والود
بين أطرافها.

ولا شك أن حسن الخلق والتودد
والمجاملة ومداراة الناس تمثل تعبيراً عن هذا
الحب، حيث تمثل الخطوة الاولى المهمة في هذا
الطريق، وتزيل الحواجز والمؤثرات السلبية
التي تمنع عن وجود هذا الحب، والتعبير عنه
عندما تتكامل مقوماته وعناصره الاخرى التي
سوف نشير إليها.

وقد ورد عن رسول اللّه(صلى الله عليه
وآله) ما يؤكد ذلك، فقد روى الكليني بسند صحيح
عن أبي جعفر(عليه السلام) أنه قال : «إن
أعرابياً من بني تميم أتى النبي(صلى الله عليه
وآله) فقال له : أوصني، فكان مما أوصاه : تحبب
إلى الناس يحبّوك»([78]).

وقد ذكر صاحب الوسائل في أحكام العشرة
بابين في حسن الخلق ومداراة الناس(*)([79])أورد
فيها أحاديث عديدة تؤكد هذه الحقيقة أيضاً
بحيث تربط تكامل الايمان بهذا، وذلك لانه ورد
أيضاً ما يشير إلى أن الايمان الحقيقي هو
الحب، وأن الدين هو الحب.

وهنا نشير إلى بعض النصوص المعتبرة
التي تؤكد هذه الحقائق.

عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) قال :
«إن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً»([80]).

وعن أبي عبداللّه الصادق(عليه السلام)
قال : «إن الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث
الشمس الجليد»([81]).

وعنه(عليه السلام) : «إن حسن الخلق يبلغ
بصاحبه درجة الصائم القائم»([82]).

وقال(عليه السلام) : «أكمل الناس عقلاً
أحسنهم خلقاً»([83]).

وقال(عليه السلام) : «إن اللّه تبارك
وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق
كما يعطي المجاهد في سبيل اللّه يغدو عليه
ويروح»([84]).

وعنه(عليه السلام) قال : «قال رسول
اللّه(صلى الله عليه وآله) : أمرني ربي بمداراة
الناس، كما أمرني بأداء الفرائض»([85]).

وقال(عليه السلام) : «قال رسول اللّه(صلى
الله عليه وآله) مداراة الناس نصف الايمان،
والرفق بهم نصف العيش» الحديث([86]).

وعن سفيان بن عيينة قال: قلت للزهري:
لقيت علي بن الحسين(عليهما السلام)؟ قال: نعم
لقيته، وما لقيت أحداً أفضل منه، وما علمت له
صديقاً في السر ولا عدواً في العلانية، فقيل
له: وكيف ذلك ؟ قال : لاني لم أرَ أحداً وإن كان
يحبه إلاّ وهو لشدة معرفته بفضله يحسده، ولا
رأيت أحداً وإن كان يبغضه إلاّ وهو لشدة
مداراته له يداريه([87]).

وعن فضيل بن يسار قال : سألت أبا
عبداللّه(عليه السلام) عن الحب والبغض أمن
الايمان هو ؟ فقال : «وهل الايمان إلاّ الحب
والبغض، ثم تأول هذه الاية (وحبّب إليكم
الايمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر
والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون)»([88]).

وعن صفوان الجمال، عن أبي عبيدة زياد
الحذّاء، عن أبي جعفر(عليه السلام) في حديث
أنه قال له : «يا زياد، ويحك وهل الدين إلاّ
الحبّ ؟ ألا ترى إلى قوله (قل إن كنتم تحبون
اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم
ذنوبكم) أولا ترى قول اللّه لمحمد(صلى الله
عليه وآله): (حبّب إليكم الايمان وزيّنه في
قلوبكم) وقال : (يحبون من هاجر إليهم)فقال :
الدين هو الحب، والحب هو الدين»([89]).

وفي هذه الروايات وإن كان المراد من
الحب هو حب اللّه تعالى، ولكن لا شك أن حب
المسلمين والمؤمنين في اللّه هو شعبة من شعب
حب اللّه، كما ورد ذلك في النصوص.

من ذلك ما رواه سلام بن المستنير عن
أبي جعفر(عليه السلام) قال : «ودّ المؤمن
للمؤمن في اللّه من أعظم شعب الايمان ألا ومن
أحب في اللّه وأبغض في اللّه، وأعطى في اللّه
ومنع في اللّه فهو من أصفياء اللّه»([90]).

كما روي عن أبي عبداللّه(عليه السلام)
قوله : «من أوثق عرى الايمان أن تحب في اللّه،
وتبغض في اللّه، وتعطي في اللّه وتمنع في
اللّه»([91]).

5 ـ الاحسان واليد العليا :

وأما القاعدة الخامسة، وهي الاحسان
إلى الناس والتفضل عليهم فإن الاحسان إلى
الناس يمكن أن نتصوره على قسمين :

الاحسان العام :

الاول : الاحسان إلى الناس بشكل عام
دون أن يكون هناك علاقة خاصة بين المحسِن
والمحسَن إليه، كما هو الحال في مثل الاعمال
العامة التي يقوم بها المحسنون، كإصلاح
الطرق، وحفر الابار، وبناء أماكن نزول الضيوف
والزوار، وإيجاد الاوقاف العامة التي تبذل في
إطعام الطعام، أو مساعدة الفقراء والضعفاء،
أو بناء المدارس العلمية، والمؤسسات
التعليمية والصحية والثقافية(*)،([92])وأمثال
ذلك من أمور المعروف التي تعبر عن الاهتمام
بأمور المسلمين عامة، والتي ينطبق عليها
عنوان «في سبيل اللّه».

فإن هذه الاعمال وإن كانت من أفضل
صنائع المعروف، ومصادر الاحسان، وفيها ثواب
وأجر كبير، وآثار تكاملية للفرد والجماعة،
وقد حث عليها الاسلام، ولكنها من مصاديق
الاحسان والمعروف التي لا ترتبط ـ بشكل مباشر
ـ بموضوع العلاقات الاجتماعية، ولذا فلا نبحث
عنها في هذا الجانب وإن كانت ترتبط بشكل عام
بالنظام الاجتماعي، وأشرنا إليها في بعض
الابحاث السابقة.

الاحسان في العلاقات :

الثاني: الاحسان إلى الفرد والناس
بشكل مباشر في المجتمع الاسلامي، وهذا النوع
من الاحسان يمثل الركن الاساسي الذي تستحكم
به العلاقات الاجتماعية، وتتكامل من خلاله،
لانه بالاضافة إلى ما فيه من تعبير عن المضمون
الحقيقي للعلاقات الاجتماعية، وهو الحب
والود، يكون الوسيلة القوية المؤثرة في كسب
ودّ الاخرين وحبهم، كما يكون أحد الوسائل
لتفادي المشاكل، وامتصاص ردود الفعل السلبية
في العلاقات الاجتماعية، ومعبراً عن المستوى
الاخلاقي العالي للانسان، كما يبدو ذلك
واضحاً في الروايات التي تؤكد على أهمية صنع
المعروف للناس مطلقاً.

فعن أبي عبداللّه(عليه السلام) قال: «اصنع
المعروف إلى من هو أهله، وإلى من ليس من أهله،
فإن لم يكن هو أهله فكن أنت من أهله»([93]).

وعنه(عليه السلام) قال: «اصنعوا
المعروف إلى كل أحد، فإن كان أهله وإلاّ فأنت
أهله»([94]).

الاحسان إلى النفس :

ومن أجل إيجاد الموازنة في هذا المجال
نجد الاسلام قد جعل من الاحسان إلى الاخرين
إحساناً إلى النفس، كما في قوله تعالى: (إن
أحسنتم أحسنتم لانفسكم، وإن أسأتم فلها).

ولذا لم يكتف أهل البيت(عليهم السلام)
في هذا المجال بالتأكيد على الاحسان وحده، بل
طلبوا من أتباعهم أن تكون يدهم هي العليا في
الاحسان، حيث يكون مبدأ التنازل عن الحق لدى
الاخرين، أو الاحسان إليهم يمثل حقاً من
الحقوق في ذمة الانسان المسلم اجتماعياً،
وتكاملاً للفرد في ذاته، ويحقق في الوقت نفسه
التكامل في العلاقات الاجتماعية.

فعن أبي جعفر(عليه السلام) أنه قال : «من
خالطت فإن استطعت أن تكون يدك العليا عليهم
فافعل»([95]).

وعن أبي عبداللّه(عليه السلام) في قول
اللّه عزّ وجلّ : (إنا نراك من المحسنين)قال: «كان
يوسع المجلس، ويستقرض للمحتاج، ويعين الضعيف»([96]).

وقال(عليه السلام): «إذا خالطت الناس
فإن استطعت أن لا تخالط أحداً من الناس إلاّ
كان يدك العليا عليه فافعل، فإن العبد يكون
فيه بعض النقيصة من العبادة، ويكون له خلق
حسن، فيبلغه اللّه بخلقه درجة الصائم القائم»([97]).

كما نجد في أخبار أحكام العشرة
التأكيد على موارد هذا الاحسان في تفاصيل
كثيرة سوف نشير إلى بعضها في المبحث الثالث إن
شاء اللّه.

6 ـ القدوة والسلوك المتميز :

وأما القاعدة السادسة وهي القدوة في
السلوك الاجتماعي على مستوى العلاقات، فهي
تمثل الركن الاساسي الاخر في استحكام
العلاقات الاجتماعية وتكاملها، وإيجاد أفضل
وسيلة لتعليم الاخرين السلوك الاخلاقي في هذا
المجال. وقد تحدثنا عن القدوة وآثارها
النفسية والروحية ودورها الاجتماعي في رسالة
خاصة، لعلنا نوفق لطبعها. كما أشرنا في هذا
الكتاب إلى القدوة في عدة مواضع في الاهداف
والخصائص والمحتوى الروحي والاخلاقي.

وقد ورد الحديث المؤكد عن أهل البيت(عليهم
السلام) في إرساء هذه القاعدة، وبيان أهمية
دورها في العلاقات الاجتماعية، عندما أوصوا
شيعتهم بالالتزام بها، باعتبارها قضية مهمة،
وعلامة مميزة في بناء الجماعة الصالحة،
ودورها في الامة، كما نلاحظ في الاحاديث
التالية:

فعن أبي عبداللّه(عليه السلام) في وصية
له لشيعته قال: «فإن الرجل منكم إذا ورع في
دينه، وصدق الحديث، وأدى الامانة، وحسن خلقه
مع الناس قيل هذا جعفري، فيسرني ذلك، ويدخل
عليّ منه السرور، وقيل هذا أدب جعفر، وإذا كان
على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره، وقيل هذا
أدب جعفر. واللّه لحدثني أبي(عليه السلام) أن
الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي(عليه
السلام) فيكون زينها آداهم للامانة، وأقضاهم
للحقوق، وأصدقهم للحديث. إليه وصاياهم
وودائعهم. تسأل العشيرة عنه فتقول: من مثل
فلان؟ إنه آدانا للامانة، وأصدقنا للحديث»([98]).

وعن كثير بن علقمة قال: قلت لابي
عبداللّه(عليه السلام): أوصني، فقال: «أوصيك
بتقوى اللّه، والورع والعبادة، وطول السجود،
وأداء الامانة، وصدق الحديث، وحسن الجوار،
فبهذا جاءنا محمد(صلى الله عليه وآله). صلوا في
عشائركم، وعودوا مرضاكم، واشهدوا جنائزكم،
وكونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شينا.
حبّبونا إلى الناس، ولا تبغضونا إليهم.
فجرّوا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل شرّ»([99]).

وعنه(عليه السلام) قال: «كونوا دعاة
للناس بالخير بغير السنتكم. ليروا منكم
الاجتهاد والصدق والورع».


([1])
الحجرات : 13.

([2])
النساء : 1.

([3])
الروم : 21.

([4])
وسائل الشيعة 8 : 399، ح5، باب أحكام العشرة ب 1.

([5])
وسائل الشيعة 8 : 407، ح 1، ب 7.

([6])
وسائل الشيعة 8 : 407، ح 5، ب 7.

([7])
وسائل الشيعة 8 : 408، ح 6، ب 7.

([8])
وسائل الشيعة 18: 406، ح1، وص: 567، ح2، وص: 569، وفي
باب 135 و136 ما ينفع في المقام.

([9])
وسائل الشيعة 18:540، ب 121، ح 1.

([10])
وسائل الشيعة 11: 283، ح1. وفي الهامش بقية نص
الحديث.

([11])
وسائل الشيعة 11 : 283، ح5. وفي نفس الباب احاديث
اخرى بهذا الاتجاه.

([12])
وسائل الشيعة 11 : 285.

([13])
الحديد : 27.

([14])
راجع : تفسير الطبرسي في تفسير هذه الاية
الكريمة، حيث يشير إلى حديث ابن مسعود الذي
يذكر فيه النبي أن «رهبانية امتي : الهجرة
والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة».

([15])
وسائل الشيعة 11:559، 560، ب18، ح3.

([16])
وسائل الشيعة 11:559، ب18، ح1.

([17])
وسائل الشيعة 11: 395، ب1، ح6.

([18])
وسائل الشيعة 8 : 458، ب 56، ح2.

([19])
المصدر نفسه ح3.

([20])
البحار 75: 196، ب62، ح11.

([21])
وسائل الشيعة 8 : 409، ب9، ح 1.

([22])
وسائل الشيعة 8 : 426، ح5.

([23])
وسائل الشيعة 8 : 426، ح 6.

([24])
وسائل الشيعة 8 : 426 ـ 427، ح8 .

([25])
الكافي 5 : 339 ـ 343. ففي هذه القصة مواعظ وحكم
رائعة، وكذلك في قصة زواج حبيب مثل ذلك. كما
أن في هذا الباب وما بعده قضايا اُخرى تؤكد
هذا المفهوم يحسن الاطلاع عليها.

([26])
نهج البلاغة : الكتاب 53.

([27])
وسائل الشيعة 8 : 434، ب30، ح1.

([28])
وسائل الشيعة 8 : 433، ح1.

([29])
الممتحنة : 8 ـ 9.

([30])
وسائل الشيعة 8 : 610، ح2.

([31])
وسائل الشيعة 8 : 398، أبواب أحكام العشرة، ب1،
ح1.

([32])
وسائل الشيعة 8 : 422، أبواب أحكام العشرة، ب19،
ح4.

([33])
وسائل الشيعة 8 : 430، أبواب أحكام العشرة، ب27،
ح1.

([34])
وسائل الشيعة 8 : 431، أبواب أحكام العشرة، ب28،
ح1.

([35])
وسائل الشيعة 8 : 400، أبواب أحكام العشرة، ب1،
ح 7.

([36])
وسائل الشيعة 8 : 410، أبواب أحكام العشرة،

ب10، ح2.

([37])
وسائل الشيعة 11: 434، أبواب الامر والنهي ب15 ح15.

([38])
وسائل الشيعة 8 : 542، أبواب أحكام العشرة، ب 122،
ح3.

([39])
وسائل الشيعة 8 : 404، أبواب احكام العشرة، ب 3،
ح1.

([40])
راجع الوسائل: 8، ابواب احكام العشرة 8 و9 و11 و15
و16 و17 و 18 ص 409 ـ 432، حيث يبدو من الروايات في
هذه الابواب أن أئمة أهل البيت(عليهم السلام)يشترطون
في العلاقة الخاصة (الصحبة) بمستوييها
شروطاً معينة ترتبط بالاساس الذي أشرنا إليه
آنفاً، بالاضافة إلى البحار 103: 503، ح 8 .

([41])
النساء : 36.

([42])
الاصول من الكافي 2 : 348، كتاب الايمان
والكفر، باب قطيعة الرحم، ح7.

([43])
وسائل الشيعة 8 : 593، أبواب احكام العشرة،

ب 149، ح3.

(*)
هكذا في المصدر، والذي في مكارم الاخلاق
للطبرسي «وأما حقك أمك فأن تعلم» وهو الصواب
لوجوب الفاء في جواب أما.

(**)
في تحف العقول «وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا
يطعم أحد أحداً».

([46])
وسائل الشيعة 11 : 135، أبواب جهاد النفس، ب 3، ح1.

([47])
الاسراء : 23 ـ 24.

([48])
المجادلة : 11.

([49])
الزمر: 9.

([50])
وسائل الشيعة 8 : 551، أبواب أحكام العشرة، ب 123،
ح2.

([51])
وسائل الشيعة 11 : 131، أبواب جهاد النفس، ب3،
الهامش.

([52])
وسائل الشيعة 11:134، أبواب جهاد النفس، ب3، ح1.

([53])
وسائل الشيعة 8 : 488، أبواب أحكام العشرة، ب 86،
ح5.

([54])
وسائل الشيعة : 8 : 487، أبواب أحكام العشرة، ب 86،
ح2.

([55])
وسائل الشيعة: 8 : 489، أبواب أحكام العشرة، ب87
، ح5.

([56])
وسائل الشيعة : 8 : 490، أبواب أحكام العشرة، ب 88،
ح1.

([57])
وسائل الشيعة : 8 : 492، أبواب أحكام العشرة، ب 90،
ح3.

([58])
البحار 78 : 83 ، كتاب الروضة، ب 16، ح85 .

([59])
البحار 96 : 356، كتاب الصوم، ب 46، ح25.

([60])
وسائل الشيعة : 11 : 560، أبواب فعل المعروف، ب 19،
ح1.

([61])
وسائل الشيعة 8 : 565، أبواب أحكام العشرة، ب 133،
ح3.

([62])
وسائل الشيعة 8 : 620، أبواب أحكام العشرة، ب 165،
ح1.

([63])
وسائل الشيعة 11: 123، أبواب جهاد النفس، ب1، ح8 .

([64])
وسائل الشيعة 11 : 286، أبواب جهاد النفس، ب 53، ح1.

([65])
وسائل الشيعة 11: 122، أبواب جهاد النفس، ب1، ح1.

([66])
راجع الكافي 1: 10، كتاب العقل والجهل، ح1،
الوسائل 11: 160، أبواب جهاد النفس، ب8، ح1.

([67])
علل الشرائع 4، ط. الحيدرية (النجف).

([68])
وسائل الشيعة 11 : 233، أبواب جهاد النفس، ب37، ح1.

([69])
وسائل الشيعة 11 : 233، أبواب جهاد النفس، ب 37، ح3.

([70])
وسائل الشيعة 11 : 338، أبواب جهاد النفس، ب77، ح1.

([71])
وسائل الشيعة 11 : 338، أبواب جهاد النفس، ب77، ح3.

([72])
الكافي 2: 334 ح22.

([73])
وسائل الشيعة 11: 225، أبواب جهاد النفس، ب 34، ح2.

([74])
وسائل الشيعة 11 : 225، أبواب جهاد النفس، ب 34، ح5.

([75])
وسائل الشيعة 11 : 226، أبواب جهاد النفس، ب34، ح10.

([76])
نهج البلاغة 397، ك 31، الصالح.

([77])
الكافي 2 : 146، كتاب الكفر والايمان، باب
الانصاف والعدل، ح13.

([78])
وسائل الشيعة 8 : 233، أبواب أحكام العشرة، ب 29،
ح1.

(*)
راجع الوسائل 8 : 503، 539، أحكام العشرة : 104 و 121،
بالاضافة إلى روايات أخرى تؤكد على التودد
للناس ومجاملتهم في البابين 29 و 30 من الكتاب
نفسه.

([80])
وسائل الشيعة 8 : 503، أبواب أحكام العشرة، ب104،
ح1.

([81])
وسائل الشيعة 8 : 504، أبواب أحكام العشرة، ب104،
ح6.

([82])
وسائل الشيعة 8 : 504، أبواب أحكام العشرة، ب104،
ح4.

([83])
وسائل الشيعة 8 : 504، أبواب أحكام العشرة، ب104،
ح9.

([84])
وسائل الشيعة 8 : 505، أبواب أحكام العشرة، ب104،
ح15.

([85])
وسائل الشيعة 8 : 504، أبواب أحكام العشرة، ب121،
ح1.

([86])
وسائل الشيعة 8 : 540، أبواب أحكام العشرة، ب121،
ح5.

([87])
وسائل الشيعة 8 : 542، أبواب أحكام العشرة، ب121،
ح10.

([88])
وسائل الشيعة 11 : 435، أبواب الامر والنهي، ب 15،
ح 16.

([89])
وسائل الشيعة 11 : 435، أبواب الامر والنهي، ب 15،
ح 17.

([90])
وسائل الشيعة 11 : 431، أبواب الامر والنهي، ب 15،
ح3.

([91])
وسائل الشيعة 11 : 431، أبواب الامر والنهي، ب 15،
ح2.

(*)
يمكن أن نجد الحث على هذه الاعمال والثواب
المترتب عليها، وآثارها من كتاب وسائل
الشيعة في الابواب التالية من الجزء الحادي
عشر : 16 و 18 و 19 و 20 من أبواب المعروف، وكذلك في
ابواب الصدقات والزراعة والوقف.

([93])
وسائل الشيعة11: 528، أبواب فعل المعروف، ب 3، ح
1.

([94])
وسائل الشيعة11: 528، أبواب فعل المعروف، ب 3، ح
2.

([95])
وسائل الشيعة 8 : 401، أبواب أحكام العشرة، ب 2،
ح 1.

([96])
وسائل الشيعة 8 : 401، أبواب أحكام العشرة، ب 4،
ح1.

([97])
وسائل الشيعة 8 : 504، أبواب أحكام العشرة، ب 104،
ح 7.

([98])
وسائل الشيعة 8 : 398، أبواب أحكام العشرة، ب 1،
ح 2.

([99])
وسائل الشيعة 8 : 400، أبواب أحكام العشرة، ب 1،
ح 8 .

/ 1