قصة «ید من وراء حجاب» نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قصة «ید من وراء حجاب» - نسخه متنی

السید علی الموسوی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فنون وآداب


الفرزدق شاعر الولاء والمواقف الجريئة


* فالح الربيعي(العراق)

ينحدر الفرزدق من أصل رفيع، ومن قبيلة كانت لها مواقف مشرّفة قبل الاسلام، فالمؤرّخون ومنهم (ابن قتيبة) و(البغدادي) وصاحب الاغاني يؤكّدون على أنّه كان شاعراً من النبلاء، وأنّ والده كان جواداً شريفاً، وأمّا جدّه (صعصعة بن ناجية) فقد منع الوئيد (أي الوأد) في الجاهليّة، واشترى أربعمائة موءودة، ووفد على رسول اللّه(صلى الله عليه وآله).

وكانت ولادة الشاعر في البصرة التي كانت سوقاً ناشطة للعلم والادب، وملتقىً للرواة والشعراء وعلماء اللّغة، فكان لهذه البيئة أكبر الاثر في توجيه شخصيّة الفرزدق الادبيّة.

وبالاضافة إلى ذلك فقد ورثت عائلة الفرزدق نفسها حبّ أهل البيت(عليهم السلام)واشتهرت بولائها لهم، وفي هذا المجال تذكر لنا المصادر رواية طريفة تمثّل حادثة كان لها أثر كبير في تشكيل شخصيّة الفرزدق الدينيّة، فقد روى ابن أبي الحديد في «شرح النهج» والبغدادي في «خزانة الادب» الرواية التالية:

«دخل غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال المجاشعي على أمير المؤمنين(عليه السلام) أيام خلافته، وغالب شيخ كبير ومعه ابنه همام الفرزدق وهو غلام يومئذ، فقال له عليّ(عليه السلام): من الشيخ؟ قال: أنا غالب بن صعصعة، قال: ذو الابل الكثيرة؟ قال: نعم، قال: ما فعلت إبلك؟ قال: ذعذعتها الحقوق، وأذهبتها الحملات والنوائب. قال: ذاك أحمد سبيلها، مَن هذا الغلام معك؟ قال: هذا ابني، قال: ما اسمه؟ قال: همّام، وقد روّيته الشعر يا أمير المؤمنين، وكلام العرب،
ويوشك أن يكون شاعراً مجيداً، فقال(عليه السلام): لو أقرأته القرآن فهو خير له»[1].

وكان لهذا اللقاء الذي جمع بين الشاعر، وبين أمير المؤمنين(عليه السلام) أكبر الاثر في تكوين شخصيّة الفرزدق الاسلاميّة حتّى إنّه كان يقول بعد ذلك معبّراً عن مدى تأثّره العميق بوصيّة الامام علي(عليه السلام): «ما زالت كلمته في نفسي» حتى قيّد نفسه بقيد، وآلى ألاّ يفكّه حتى يحفظ القرآن، فما فكّه حتى حفظه[2].

وقد كانت المفاخر والمكرمات التي كانت قبيلة الشاعر تتمتّع بها قبل وبعد الاسلام دافعاً له إلى عدم طأطأة رأسه للامويّين، فقد كان يرى في قومه من المفاخر والفضل ما يتفوّقون به على بني اُميّة، فجاء شعره نتيجة لذلك مفعماً بالفخر، والاعتداد بقبيلته، وحتّى إن أنشد قصيدة في مدح الاُمويين مضطرّاً فقد كان يعدل عن مدحهم ليصبّ مدحه على قومه بحيث يثير غضب و حفيظة الحكام الاُمويين، وقد قيل إنّ (سليمان بن عبدالملك) سأله ذات مرّة: ما أحدثت بعدنا يا
أبا فراس؟ فتململ الفرزدق وأنشد:




  • وركب كأنّ الريح تطلب عندهم
    سروا يخبطون الليل وهي تلفّهم
    إذا أبصروا ناراً يقولون: ليتها
    وقد خصرت أيديهم، نارُ غالبِ



  • لها تِرَةً من جذبها بالعصائبِ
    إلى شُعب الاكوار من كلّ جانب
    وقد خصرت أيديهم، نارُ غالبِ
    وقد خصرت أيديهم، نارُ غالبِ



وما إن سمع (سليمان) الابيات حتى اسودّ وجهه، وغاظه فعل الفرزدق، وكان يظنّ انّه ينشده مديحاً له. وقد عُرف الفرزدق بمثل هذه الابيات الفخرية، وجاء بصور ومعان رائعة تهزّ النفس حتّى أنّ الناس كانوا يردّدونها في منتدياتهم كقوله:




  • وكنّا إذا الجبّار صعّر خدّه
    ضربناه حتّى تستقيم الاخادعُ



  • ضربناه حتّى تستقيم الاخادعُ
    ضربناه حتّى تستقيم الاخادعُ



وقوله:




  • ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا
    وإن نحن أومأنا الى الناس وقّفوا



  • وإن نحن أومأنا الى الناس وقّفوا
    وإن نحن أومأنا الى الناس وقّفوا



وقوله:




  • إنّ الذي سمك السماء بنى لنا
    حُلل الملوك لباسنا في أهلنا
    أحلامنا تزن الجبال رَزانة
    وتخالُنا جِنّاً إذا ما نجهل



  • بيتاً دعائمه أعزّ وأطولُ
    والسابغات إلى الوغى نتسربلُ
    وتخالُنا جِنّاً إذا ما نجهل
    وتخالُنا جِنّاً إذا ما نجهل



ومع ذك فإنّ هذه الشخصيّة التي تتسنّم المعالي في أشعارها، وتملا أسماع الاخرين بمفاخر قومها، تكاد تذوب تواضعاً وحبّاً لاهل البيت(عليهم السلام)، ولا عجب في ذلك، فقد تفتّحت عينا الشاعر وهو صغير على شخصيّة عظيمة كشخصيّة الامام علي(عليه السلام) فنهل منه تلكم النصيحة التي كانت رائداً له في حياته العقيديّة والرساليّة، ثمّ إنّه كان قد نشأ في بيئة شيعيّة، وورث حبّ أهل البيت(عليهم السلام) من والده.

ومع ذلك فإنّنا لا ننكر أنّ (الفرزدق) غرق إبّان مسيرته الشعريّة في مستنقع الهجاء المقذع، ونقائضه التي انشدها في هجاء جرير وقومه مشهورة في هذا المجال، ولكنّنا نرى أنّ الشاعر في السنين الاخيرة من حياته يعدل عن هذا الموقف مكتفياً بهجاء بعض الحكّام الاُمويّين، وفي هذا الصدد تروي لنا كتب الادب رواية طريفة ضمّنوها أبياتاً، أعلن فيها الفرزدق عن توبته، وكفّه عن الهجاء.

إلاّ أنّ ذلك لا يعني أن الفرزدق كان من النوع الفاسق الخارج عن الدين، كما نلاحظ ذلك في شعراء مثل الاخطل والحُطيئة، ثمّ إنّ الشاعر ـ أيّ شاعر كان ـ لا بدّ له لكي يغدو من الشعراء الفحول المشهورين أن يدخل حلبة الهجاء، ولعلّ أفضل وصف لشخصيّة الفرزدق ذلك الذي نجده في «أمالي المرتضى» حيث يقول عنه:

«كان الفرزدق شيعيّاً، مائلاً إلى بني هاشم، ونزع في آخر عمره عمّا كان عليه من القذف والفسوق، وراجع طريقة الدين، على أنّه لم يكن خلال فسقه منسلخاً من الدين جملة، ولا مهملاً لامره أصلاً»[3].

وقد أكّد الفرزدق استقامته على الطريقة، وعدوله عن الهجاء في أبيات

مشهورة يقول فيها:




  • ألم ترني عاهدت ربّي وإنّني
    على حَلْفة لا أشتم الدهر مسلماً
    ولا خارجاً من فيّ زورُ كلام



  • لبين رتاج قائم ومقامِ
    ولا خارجاً من فيّ زورُ كلام
    ولا خارجاً من فيّ زورُ كلام



* ميمية الفرزدق في مدح الامام زين العابدين(عليه السلام)(عليهم السلام)


تعدّ هذه القصيدة من عيون الشعر العربي، وقد طارت شهرتها في الافاق لروعتها، وصدق العاطفة فيها، ومن العجيب أنّ هذه القصيدة على روعتها وجمالها تعتبر من ضمن الاشعار التي ارتجلها الفرزدق، الامر الذي يدلّ على الموهبة الشعريّة العظيمة التي كان هذا الشاعر يتمتّع بها.

وقد روى الاصفهاني في أغانيه في سبب إنشاد الفرزدق لهذه القصيدة رواية طريفة تدلّ على جرأته، وتفانيه في حبّ أهل البيت(عليهم السلام) بحيث إنّه عرّض نفسه للحبس بعد فراغه من إنشادها، وإتماماً للفائدة نورد هذه الرواية:

«حجّ هشام بن عبدالملك في خلافة أبيه ومعه رؤساء أهل الشام، فجهد أن يستلم الحجر فلم يقدر من ازدحام الناس، فنُصب له منبر، فجلس عليه ينظر إلى الناس، وأقبل عليّ بن الحسين وهو أحسن الناس وجهاً، وأنظفهم ثوباً، وأطيبهم رائحة، فطاف بالبيت، فلمّا بلغ الحجر الاسود تنحّى الناس كلّهم، وأخلوا له الحجر ليستلمه هيبة وإجلالاً له، فغاظ ذلك هشاماً وبلغ منه، فقال رجل لهشام: من هذا أصلح اللّه الامير؟ قال: لا أعرفه، (وكان به عارفاً، ولكنّه خاف أن يرغب
فيه أهل الشام، ويسمعوا منه) فقال الفرزدق ـ وكان لذلك كلّه حاضراً ـ : أنا أعرفه يا شاميّ، قال: ومن هو؟ فأنشد الفرزدق هذه القصيدة»[4]. ندرج فيما يلي بعض أبياتها:




  • هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
    هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم
    هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله
    وليس قولك من هذا بضائره
    ما قال «لا» قطّ إلاّ في تشهّده
    من معشر حبّهم دين وبغضهم
    مقدّم بعد ذكر اللّه ذكرهمُ
    إن عُدَّ أهل التقى كانوا أئمتهم
    أو قيل مَن خير أهل الارض قيل هم



  • والبيت يعرفه والحلّ والحرمُ
    هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم
    بجدّه أنبياء اللّه قد خُتموا
    العرب تعرف من أنكرت والعجم
    لولا التشهّد كانت لاؤه نعم
    كفر وقولهم منجىً ومعتصمُ
    في كلّ بدء ومختوم به الكلم
    أو قيل مَن خير أهل الارض قيل هم
    أو قيل مَن خير أهل الارض قيل هم



ُ[5]وعلى اثر إنشاد الفرزدق لهذه القصيدة أمر هشام بالقبض عليه وحبسه، فقال الفرزدق يهجوه بأبيات تدلّ على جرأة لا حدود لها، واستبسال في سبيل المبدأ والعقيدة يحسد عليه:




  • أَيحبسني بين المدينة والتي
    يقلّب رأساً لم يكن رأس سيّد
    وعيناً له حولاء باد عيوبُها



  • إليها قلوب الناس يهوي منيبُها
    وعيناً له حولاء باد عيوبُها
    وعيناً له حولاء باد عيوبُها



أضف الى ذلك أنّ هذه الحادثة الشهيرة تدلّ على المكانة العظيمة التي كان يحتلّها الائمّة(عليهم السلام) في قلوب الجماهير، وهي مصداق الحديث المعروف: «التقوى عزّ من لا عزّ له»، فرغم أن الائمّة(عليهم السلام) لم يكونوا يمتلكون من مظاهر الدنيا شيئاً إلاّ أنّهم استطاعوا أن يضفوا على أنفسهم ذلك العزّ، ويحظوا بتقدير الناس وحبّهم بفضل اخلاقهم السامية الرفيعة.

وقد روى المرتضى(رحمه الله) في أماليه أنّ هذه القصيدة بلغت المسامع الكريمة للامام عليّ بن الحسين(عليه السلام)، فبعث إلى الفرزدق بإثني عشر ألف درهم وقال له: «أعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا في هذا الوقت أكثر منها لوصلناك به» فردّها الفرزدق وقال: «يا بن رسول اللّه، ما قلتُ الذي قلت إلاّ غضباً للّه ورسوله، وما كنت لارزأ عليه شيئاً» فردّها إليه، وأقسم عليه في قبولها وقال له: «قد رأى اللّه مكانك وعلم نيّتك، وشكر لك. ونحن أهل بيت، اذا
أنفذنا شيئاً لم نرجع فيه» فقبلها[6].




([1]) شرح النهج للمعتزلي 20:96 .


([2]) المصدر نفسه.


([3]) أمالي الشريف

المرتضى 1 : 6 .


([4]) ابن خلكان، وفيات الاعيان 6 : 95 .


([5]) المصدر: 95 ـ 96 . وأبو الفرج الاصفهاني، الاغاني 21 : 378 ـ 379.


([6]) أمالي الشريف المرتضى 1 : 69 .

/ 1